بحث و دراسة حول إعداد مشروع قانون للمالية

المبحث الأول: السلطة صاحبة الاختصاص في إعداد مشروع قانون المالية.

اتفقت معظم التشريعات على منح الاختصاص للسلطة التنفيذية في إعداد مشروع قانون المالية، ويرجع هذا المنح إلى عدة مبررات سنحاول الإحاطة بها في المطلب الأول، كما سنعرض لدور الوزارة المكلفة بالمالية في عملية تحضير الميزانية وذلك في المطلب الثاني.

المطلب الأول: مبررات اختصاص الحكومة في عملية إعداد مشروع قانون المالية:

أولت التشريعات كما أسلفنا مسألة تحضير وإعداد قانون المالية، إلى السلطة التنفيذية – الحكومة- وذلك المسؤولية الحكومة عن تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الملقاة على عاتقها[5] فكان لابد من ضرورة حصول الحكومة على الوسائل اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، وأهم هذه الوسائل هو حق الحكومة في إعداد مشروع القانون المالي السنوي، ووضع التقديرات اللازمة لتنفيذ برنامجها، كما أن امتلاك الحكومة لأجهزة إدارية وفنية قادرة على إعداد الميزانية العامة بشكل يتلاءم مع الواقع، بالإضافة إلى امتلاك سلطة تنفيذية تمكنها من مباشرة مهامها بصفة مقننة.

وفي المغرب فقد أوكل المشرع مسألة تحضير الميزانية العامة إلى الحكومة إذ نص الدستور الجديد على أنه “يتداول مجلس الحكومة في مشاريع القوانين ومن بينها مشروع قانون المالية، قبل إيداعها لدى البرلمان من أجل التصويت عليها، كما ينص على أنه يتداول المجلس الوزاري في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية[6] وجاء كذلك في الوثيقة الدستورية على أنه يصدر قانون المالية الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب للتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي.

وإذا رجعنا إلى القانون التنظيمي للمالية 98-07 فإنه يقول بتولي الوزير المكلف بالمالية بتحضير مشاريع قوانين المالية تحت سلطة الوزير الأول.

المطلب الثاني: دور الوزارة المكلفة بالمالية في تحضير قانون المالية.

تهيمن وزارة المالية ببلادنا على إعداد وتحضير قانون المالية، إذ يعود لها هذا الاختصاص بموجب المادة 32 من القانون التنظيمي للمالية 98-07 إذ تنص على مايلي: «يتولى الوزير المكلف بالمالية تحضير مشاريع قوانين المالية تحت سلطة الوزير الأول..» كما ينص الفصل الأول من المرسوم رقم 2.78.532 في ما يخص اختصاص وتنظيم وزارة المالية على أنه يتولى وزير المالية إعداد السياسة المالية والنقدية، وسياسة القروض والمالية الخارجية للدولة ويتتبع تنفيذها».

والجدير بالذكر أن هذه الاختصاصات الممنوحة لوزارة المالية، لا تعني الضرورة أن الوزارة هي الجهة الوحيدة التي تختص بعملية الإعداد، فهذه الأخيرة هي عملية مشتركة بين جميع الوزارات ووزارة المالية[7].

تقوم وزارة المالية بإبلاغ جميع الوزارات عن طريق دورية يذكر فيها جميع القواعد الشكلية والجوهرية المتعلقة بالتحضير وتعطي هذه الدورية الماما شاملا عن الخطوات العريضة للسياسة المالية للحكومة[8]، وفور توصل الوزراء المعنيين بها ترسل نسخة منها –الدورية-إلى المدراء المركزيين والمسؤولين عن المصالح الخارجية، قصد دراسة الحاجيات المالية فيما يخص المصالح التي تخضع لهم.

وتعمل كل وزارة على حدة على جمع الاقتراحات، وتتقدم باقتراح شامل لمجموع الاعتمادات التي ترسل إلى وزارة المالية تحت مسؤولية الوزير، مصحوبة بالإيضاحات اللازمة، وفور توصل وزارة المالية باقتراحات الوزارات الأخرى تعمل مديرية الميزانية على دراسة هذه الاقتراحات، وأثناء الدراسة تقع اتصالات شبه رسمية بين موظفي وزارة المالية المكلفين بهذه الدراسة، وموظفين عن الوزارات المعنية لتسوية المشاكل التي تنجم عن المقترحات السالفة[9].

وبعد دراسة كل المقترحات المالية تتكون لجان مهمتها محاولة حل المشاكل التي تتم تسويتها على مستوى الموظفين، تضم هذه اللجان ممثلين عن وزارة المالية وممثلين عن الوزارات الأخرى، وعند استعصاء الحل تعرض مرة أخرى على الوزراء الذين يهمهم الأمر، وإذا لم يتم الفصل في المشاكل المطروحة، يتم عرضها على رئيس الحكومة، الذي يمارس السلطة بمقتضى الدستور[10].

رغم السلطة التي يتمتع بها رئيس الحكومة في الدستور الجديد يبقى وزير المالية وفق القانون التنظيمي للمالية الذي جرى العمل به في الدستور القديم- هو المسؤول الأول عن إعداد مشروع قانون المالية، لأنه يملك من خلال الإطار الوظيفي في وزارة المالية، القدرة الفنية والإدارية التي تسهل طريقة التنسيق مع بقية الوزارات.

وتبرز هيمنة وزارة المالية من خلال مجموعة الإدارات المتدخلة في عملية التحضير، وخاصة مديرية الميزانية، والمديريات المتخصصة.

أولا: مديرية الميزانية.

تعد من بين الإدارات الأربعة عشر التابعة لوزارة المالية ولها عدة اختصاصات في مجال المالية العمومية نص عليها مرسوم 22 نونبر 1978 المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة المالية وهي كالأتي:

تحضير مشاريع القوانين والأنظمة فيما يتعلق بالميزانية والسهر على تنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية في هذا الميدان.
تحضير مشاريع قوانين المالية والسهر على تنفيذها
تحضير مشروع قانون التصفية ووضع الحساب العام للملكة القيام بالاتصال مع الوزارات التي يهمها الأمر بإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالعوائد الناتجة عن الضرائب وأملاك الدولة والسهر على تنفيذ هذه النصوص.
إجراء المراقبة على مالية الجماعات المحلية وهيئاتها.
إجراء مراقبة الدولة المالية على المؤسسات العامة ذات الصبغة الإدارية وعلى وكالات الجماعات المحلية.
إبداء الرأي في مشاريع ميزانية المؤسسات العامة قبل المصادقة عليها.
تتبع حركات الحسابات الخصوصية للخزينة
ونافلة القول فإن مديرية تمارس وظائف متعددة تسري من بلورة السياسة المالية إلى مراقبة رواتب الموظفين[11].

ثانيا: المديريات المتخصصة:

إذ كانت مديرية الميزانية تهتم بتحضير القوانين المالية، فهي لا تمارس مهمتها منعزلة بل تستعين بإدارات أخرى قصد إتمام عملها، وتعمل هذه الإدارات تحت إشراف وسلطة وزير المالية ويمكن حصرها بالأساس في كل من:

مديرية الدراسات والتقديرات المالية: يعهد إليها بتحليل المعلومات الاقتصادية والمالية قص إعداد التقديرات التي قد يستنير بها وزير المالية في اختياراته في ميداني السياسة المالية والنقدية وميدان المالية الخارجية.

مديرية الخزينة والمالية الخارجية:[12] تتولى مهمة تحقيق توازن المالية العامة، وتعبئة جميع المساعدات الداخلية والخارجية اللازمة لهذا الغرض، تباشر عمليات الخزينة، وتقوم بإصدار الافتراضات وتوظيفها وتشرف على تسيير الدين العام الداخلي والخارجي….

الخزينة العامة للمملكة: تسهر على تنفيذ الميزانية، أي تحصيل الموارد العامة ودفع النفقات العامة، كما تلعب دورا هاما في التحضير الجيد لتقديدرات مشروع القانون المالي من خلال تجميع ومركزة الحسابات المتعلقة بتنفيذ القانون الجنائي.

مديرية الضرائب[13]: ويعهد اليها بتحضير مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضرائب المباشرة والرسوم المماثلة لها والضريبة على القيمة المضافة وحقوق التسجيل والتمبر، فهي تمارس دورا هاما في الميدان الجبائي.
إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة:[14]ويعهد إليها بدراسة وإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالجمارك والرسوم الداخلية على الاستهلاك ، وتعمل على تطبيق القوانين والأنظمة في ميدان مراقبة التجارة الخارجية والصرف والضرائب على المنتجات والخدمات مما يؤهلها للمساهمة في تقدير الموارد الجمركية التي يتضمنها القانون المالي.

مديرية المؤسسات العامة والمساهمات: تهتم بكل ما يتعلق بمشاريع إحداث المؤسسات العامة وبميزانيتها وبدراسة إسهام الدولة وتسيير مساهماتها.

مختلف هذه الإدارات توفر إذن الأدوات اللازمة لوزارة المالية كي تباشر تقدير موارد الدولة وإمكانيتها، وهو دور يناط بها لوحدها عكس النفقات التي تتدخل في تحديدها مختلف الوزارات كل في مجال نشاطها، غير أن هذا لا يعني البتة أن دور وزارة المالية عمل فني محض يقضي فقط بجمع الاقتراحات وادراجها في مشروع قانون المالية، بل يتعدى دورها ذلك، حيث تتدخل للرفع من بعضها أو الحد منها والتنسيق فيما بينها، وهنا تبرز هيمنة وزارة المالية[15].

هذا ويزيد هاته الهيمنة وضوحا وبروزا الدور الذي أناطه المشرع لوزير المالية، حيث انه بالرجوع إلى نص الفصل الأول من مرسوم 22 نونبر 1978 المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة المالية نجده ينص صراحة على أنه:«يتولى وزير المالية إعداد السياسة المالية والنقدية وسياسة القروض والمالية الخارجية للدولة، ويتتبع تنفيذها وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها ولهذا الغرض يعهد إليه على الخصوص بما يلي:

تحضير مشاريع قوانين المالية والسهر على تنفيذها، وإعداد السياسة الجبائية والجمركية وتنفيذها.
القيام بتحصيل المواد العامة وأداء النفقات العامة وكذا تسيير الخزينة العامة.
مراقبة جميع عمليات قبض الموارد ودفع النفقات العامة.
التأشير على مشاريع النصوص التي يمكن أن يترتب عليها اثر مالي مباشر أو غير مباشر[16].
مراقبة الشؤون المالية للجماعات المحلية وهيئاتها
ممارسة الوصاية على الأبناك والهيئات المالية وهيئات القرض والاسواق المالية.
كما يمارس وزير المالية سلطات هامة ومتنوعة فهو المسؤول عن مالية الدولة وهو أمينها وبنكها[17]. وهو مسؤول على السياسة النقدية والجبائية والاقتصادية، وهو وصي على المؤسسات والإدارات التي تهتم بتحديد السياسة المالية للدولة الأنف ذكرها، مع إضافة المفتشة العامة للمالية والمراقبون الماليون وهي أجهزة تمكن وزارة المالية من الاطلاع عل قضايا الأمور في كل وزارة مما يؤدي الى هيمنة حقيقة وفعلية ترقى إلى درجة أن نتكلم عن دولة داخل الدولة[18].

غير أنه بالرغم من أهمية الدور المناط بوزير المالية في مسطرة إعداد المالية في كل من النظام المغربي والفرنسي، فإن هاته الهيمنة محدودة بالمقارنة مع النظام الانجليزي حيث يبدو تفوق وزير المالية في انجلترا جليا، إذ يختص وحده بتحضير قانون المالية ما يمكنه تغيير اقتراحات الوزراء الآخرين دون أن يشاورهم في الأمر، وعندما يتقدم بمشروع المالية أمام الحكومة لا تدخل على هذا الأخير إلا تغييرات طفيفة[19].

المبحث الثاني: هيكلة الميزانية العامة وقوتها.

لا تنتهي مهمة وزارة المالية عند مجرد إتمام مسطرة الإعداد، بل يعهد إليها كذلك بمهمة تقدير نفقاتها وإيراداتها كما هو الحال بالنسبة لباقي الوزارات، حتى يكتمل مشروع قانون المالية ويتمم. وتتكون الميزانية من إيرادات عامة ونفقات عامة (مطلب أول) تخضع في تقديرها لطرق دقيقة (مطلب ثاني)

المطلب الأول: هيكلة الميزانية العامة.

أولا: الإيرادات العامة:

تشتمل موارد الميزانية العامة على الضرائب، والرسوم وحصيلة الغرامات، والأجور عن الخدمات المقدمة والاتاوي، وأموال المساعدة و الهبات والوصايا، إضافة إلى حصيلة بيع المنقولات والعقارات، وحصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة، وكذا المبالغ المرجعة من القروض والتسبيقات والفوائد المترتبة عليها، وحصيلة الاقتراضات، والحصائل المختلفة، ودخول أملاك الدولة[20].

ثانيا: النفقات العامة.

تشتمل على نفقات الميزانية العامة، ونفقات ميزانية الدولة الميسرة بصورة مستقلة، إضافة إلى نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة[21].

أ-نفقات الميزانية العامة:

تتكون من نفقات التسيير ونفقات الاستثمار.

نفقات التسيير: وهي كنفقات الموظفين والأعوان والمعدات لتسيير المرافق العمومية، ومخصصات السلطات العمومية والنفقات الطارئة، وكذا النفقات المختلفة المتعلقة بتدخل الدولة في المجالات الإدارية والثقافية والاجتماعية[22]

نفقات الاستثمار: وهي المخصصات المرصودة للنفقات الناتجة عن تنفيذ مخططات موافق عليها من لدن البرلمان، وتدخل أيضا ضمن نفقات الاستثمار تلك النفقات الغير مقررة في مخطط التنمية والمبرمجة في قانون المالية للحفاظ على الثروات الوطنية وإعادة تكوينها أو تنميتها[23].

نفقات الدين العمومي:

يشتمل هذا الصنف من النفقات على فوائد وعمولات، ونفقات استهلاك الدين المتوسط والطويل الأجل[24].

ب- نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة.

مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، هي تلك المصالح الغير متمتعة بالشخصية المعنوية، وتعطي بمواردها بعض النفقات، ويجب أن يهدف نشاط المصالح المذكورة إلى إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل دفع اجر. وتحدث هذه المرافق بمقتضى قانون المالية، وتقرر عمليات ميزانياتها، ويؤذن فيها[25]، وتنفذ طبق نفس الشروط المتعلقة بعلميات الميزانية العامة، ما عدا في حالات استثنائية.

ج-الحسابات الخصوصية للخزينة:

تحدث الحسابات الخصوصية للخزينة، بقانون المالية، وينص على مداخل هذه الحسابات ويحدد المبلغ الأقصى للنفقات التي يمكن إن تقتطع منها، ويجب عرض هذه الحسابات على البرلمان من اجل المصادقة عليها في اقرب قانون للمالية.

وتشتمل على:

حساب الانخراط في الهيئات الدولية التي تبين فيها المبالغ المدفوعة والمبالغ المرجعية برسم مشاركة المغرب في الهيآت الدولية.
حسابات العمليات النقدية التي تبين حركات الأموال ذات الاتصال النقدي
حسابات النفقات من المخصصات التي تبين عمليات متعلقة بصنف خاص من النفقات، تمول من مخصصات الميزانية[26].

المطلب الثاني: توقع الميزانية العامة.

إن تقدير النفقات و الموارد العامة المتوقعة في العام القادم، مرحلة من أهم مراحل إعداد وتحضير الموازنة العامة، لذلك كان من الواجب مراعاة الدقة والتركيز لتكون هذه التقديرات مطابقة للواقع وملائمة له[27].

أولا: طرق تقدير النفقات العامة:

لا توجد طرق محددة لتقدير النفقات العامة، إذ تخضع لطريقة التقدير المباشر ووفقا للحادات المنتظرة، ويطلق عليها أيضا لقب اعتمادات، ويجب أن تكون هذه الاعتمادات صدقة، والأصل فيها أنها اعتمادات تحديدية، إذ لا يجوز تجاوزها، أو نقل اعتمادات وزارة إلى وزارة أخرى[28].

ثانيا: طرق تقدير الإيرادات العامة.

يصعب تقدير الإيرادات العامة، لكونها تتأثر بالعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتقلبة، وهناك ثلاث طرق شائعة لتقديرها[29].

أ‌- طريقة حسابات السنة قبل الأخيرة (التقدير القاسي):

في هذه الطريقة يتم تقدير إيرادات السنة المالية المقبلة على أساس الإيرادات التي تحققت فعلا في أخر سنة مع إدخال بعض التعديلات (كإلغاء ضريبة، أو فرض ضريبة جديدة…)

ويؤخذ على هذه الطريقة أن الظروف في السنة المقبلة يمكن أن تتغير عما كانت عليه في السنة قبل الأخيرة[30]، وهذا ما يؤدي إلى عدم دقة تقدير الإجراءات العامة.

ب-طريقة الزيادة السنوية:

يؤخذ بعين الاعتبار نسبة الزيادة التي حصلت في الإجراءات، خلال فترة زمنية سابقة، ويؤخذ المعدل الوسطي، ويعتبر رقما تقديريا بالإيرادات. وهذه الطريقة لقيت هي الأخر حظها من الانتقاد لكونها لا تؤدي إلى نتائج مطابقة للواقع (لا تراعي سنوات الازدهار والركود)[31].

ج- طريقة التقدير المباشر:

بموجب هذه الطريقة يترك للسلطة حرية كبيرة في الاسترشاد بما جاء في الطريقتين السابقتين، بالإضافة إلى مراعات المتوقع حدوثها في كل الميادين.

خاتمة

أمام تعدد الاكراهات التي تواجه المالية العامة، أصبحت المنهجية التقليدية للتدبير المالي غير قادرة على مسايرة التحولات الدولية أو الوظيفية، وقد تعززت حتمية الإصلاح بعد اعتماد فرنسا لإصلاح جوهري للمساطر المالية، على اثر إصدار قانون تنظيمي للمالية جديد سنة 2001، تمحور حول تحديث التدبير العمومي[32]، وتوازن صلاحيات الحكومة والبرلمان في المجال المالي، وقد لجأت وزارة المالية في المغرب إلى الترويج لمقاربة جديدة لتدبير الميزانية منذ سنة 2002 تقوم على أساس مجموعة من الآليات، أهمها التركيز المبني على النتائج، والتركيز المالي أساس مجموعة من الآليات، أهمها التركيز المبني على النتائج، واللاتركيز المالي ودعم علاقات الشراكة مع الجماعات المحلية والمجتمع المدني، وتحسين البرمجة المتعددة السنوات، وتوجيه المراقبة المالية إلى مراقبة النجاعة[33].

ومن المؤكد أنه تم اقتباس أهم آليات هذه المراقبة من الإصلاح الفرنسي، غير أن هذا الاقتباس اقتصر على المضمون، دون إتباع نفس المسطرة المؤدية إلى الإصلاح الآنف الذكر، وبالفعل فإنه في الوقت الذي ارتكز فيه هذا الإصلاح في فرنسا على قانون تنظيمي للمالية جديد، فإنه في المغرب تم الاقتصار على تعديل بعض النصوص التنظيمية وإصدار وزير المالية لبعض القرارات والمناشير[34]، وهو ما يحد من الأبعاد القانونية والسياسية للمقاربة المذكورة، الأمر الذي يستدعي مراجعة القانون التنظيمي للمالية ببلادنا، قبل اعتماد تلك المقاربة ، إضافة إلى ضرورة اعتماد إصلاح يلائم خصوصيات الواقع المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد[35]، عوض اقتباس تجارب جاهزة تهيأت في مناخ مخالف، وتطبق في بيئة مغايرة تتميز بنضج الممارسة الديمقراطية.

قائمة المراجع العامة:

مصطفى الكثيري: تأملات في التغيير والإصلاح بالمغرب، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2002.
عسو منصور، قانون الميزانية العامة، مطبعة دار النشر المغربية، عين السبع الدار البيضاء، 0472-2005
سيدي محمد ولد سيد أب- محاضرات في مادة المالية العامة –كلية العلوم القانونية والاقتصاد- جامعة نواكشوط 2007-2008.
فهمي محمود شكري: الموازنة العامة، ماضيها وحاضرها ومستقبلها في النظرية والتطبيق، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
تيعلاتي عبد القادر: محاضرات في مادة المالية العامة، الميزانية (الميزانية) كلية الحقوق بوجدة
عدنان عمرو، المالية العامة، دراسة مقارنة، مطبوع كلية الحقوق بالرباط.
المصادر التشريعية

دستور المملكة المغربية 2011
القانون التنظيمي رقم 14.00القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 7.98 لقانون المالية