البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال في التشريع الجزائر

محمد الطاهر سعيود
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
الملخص:

يتناول موضوع المقال البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال في التشريع الجزائري، وبالخصوص ما تضمنه القانون 05/01 المعدل والمتمم بالأمر 12/02 المؤرخ في 13 فبراير 2012 والقانون 06/22 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية، فيما يتعلق بالآليات المكرسة للبحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال، من خلال واجب الإخطار بالعمليات المشبوهة للمصالح المعنية وأساليب البحث والتحقيق الخاصة والمستحدثة بخصوص جريمة تبييض الأموال.

مقدمة:

أدى تنامي ظاهرة العولمة وما رافقها من ثورة تكنولوجية في مجال الاتصالات والمعلومات إلى ظهور نوع جديد من الجرائم لم يكن معروفا من قبل، مستفيدا في ذلك من سهولة انتقال رؤوس الأموال عبر الدول، بما فيها أموال المنظمات الإجرامية، إنها جريمة تبييض الأموال التي تعتبر أخطر جرائم عصر الاقتصاد الرقمي، بل إنها التحدي الحقيقي لمدى قدرة القواعد القانونية على تحقيق فعالية مواجهة الأنشطة الإجرامية المتطورة.

وحرصا من المشرع الجزائري على الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الجزائر، لم يكتفي بالتجريم فقط لمواجهة عمليات تبييض الأموال، وإنما لجأ إلى إصدار القانون 05/01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما الذي تضمن العديد من الآليات الكفيلة بمكافحة جريمة تبييض الأموال.

كما وضع مجموعة من الآليات المتعلقة بالبحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال من بينها إصدار المرسوم التنفيذي 06/348 المؤرخ في 05 نوفمبر 2006 المتعلق بالتقسيم القضائي بموجبه أنشأت محاكم ذات اختصاص موسع تختص في معالجة هذه الظاهرة، وتعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 06/22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006، والذي جاء في إطار إصلاح المنظومة التشريعية والقضائية، وضمانا لفعالية وسرعة التحقيق في القضايا المتعلقة بالجريمة المنظمة ومنها جريمة تبييض الأموال.

ومن منطلق أن جريمة تبييض الأموال ترتكب من قبل عصابات إجرامية وشبكات منظمة، وفي غالب الأحيان ترتكب على أقاليم مختلفة ومتباعدة، تطرح الأهمية البالغة لمعرفة ما هي الآليات القانونية المكرسة للبحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال والقادرة على جعل السلطات المختصة بذلك تقوم بدور فعال في التصدي لعمليات تبييض الأموال؟

وعليه، وقصد الإلمام بكافة جوانب موضوع “البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال في التشريع الجزائري”، ومن تم معالجة الإشكالية المطروحة، فإننا نرتكز في هذه الدراسة على نقطتين رئيسيتين؛

تتعلق الأولى في التعرف على جريمة تبييض الأموال من خلال التطرق إلى مختلف التعريفات المتعلقة بها وخصائصها (المبحث الأول). أما الثانية، فترتكز على دراسة مختلف الآليات القانونية المكرسة لتحقيق الغاية المرجوة وهي كشف وملاحقة مرتكبو جريمة تبييض الأموال.

المبحث الأول: مفهوم جريمة تبييض الأموال

تبييض الأموال مصطلح جرى تداوله على نطاق واسع في كافة المحافل الدولية والإقليمية والمحلية المهتمة بالجرائم المالية والأمن الاجتماعي والاقتصادي، على أساس أن عمليات تبييض الأموال ترتبط إلى حد كبير بأنشطة غير مشروعة عادة ما تكون بعيدة عن يد القانون المناهضة للفساد المالي[1].

إن اعتبار مصطلح تبييض الأموال من المصطلحات الحديثة نسبيا، أدى إلى اختلفت الآراء بشأن تحديد المقصود به، ولم يقتصر هذا الخلاف بين الفقهاء فقط، بل امتد ليشمل التشريعات سواء الوطنية أو الدولية وهو ما انعكس على الصياغة النهائية لهذه النصوص.

المطلب الأول: تعريف جريمة تبييض الأموال

لقد حظي موضوع جريمة تبييض الأموال باهتمام كبير سواء من جانب الدول والحكومات أو من جانب الفقهاء، إلا أن ذلك لم يمنع من تعدد وجهات النظر بخصوص تعريف جريمة تبييض الأموال، ويرجع الأمر في ذلك إلى اختلاف المنظور الذي يرى منه كل جانب هذه الجريمة[2].

ونتناول تعريفات جريمة تبييض الأموال من خلال التطرق للتعريفات الفقهية (الفرع الأول)، ثم نتطرق للتعريفات التشريعية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: التعريفات الفقهية لجريمة تبييض الأموال

اختلف الفقه القانوني والاقتصادي بخصوص إيجاد تعريف جامع لجريمة تبييض الأموال، نظرا لحداثتها وسرعة تطورها التي سايرت التطورات التكنولوجية، وتعدد الأساليب المستعملة في ارتكابها.

ولما كان الأمر كذلك، ارتأينا ذكر بعض التعريفات التي نعتبرها أكثر تعبيرا عن مفهوم جريمة تبييض الأموال.

عرف أحد الفقهاء جريمة تبييض الأموال بأنها: “كل فعل أو امتناع ينطوي على تعاملات مالية، تفضي إلى إضفاء المشروعية على أموال أو عوائد ذات مصدر جنائي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بحيث تصبح والحال كذلك أموالا ذات أصل شرعي وقانوني”[3].

ونرى بأن هذا التعريف وإن كان توسع في ما يتعلق بالأموال محل جريمة تبييض الأموال التي تشمل جميع العوائد المترتبة عن أية جريمة كانت، إلا أنه قصر السلوك الإجرامي على إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال من خلال القيام بمجموعة من العمليات المالية فقط، في حين أن السلوك الإجرامي لجريمة تبييض الأموال من الممكن أن يشمل عدة صور.

وعرف دليل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي جريمة تبييض الأموال بأنها: “نقل أو تحويل الملكية بتمادي شخص يعرف أنها متأتية من جريمة تهريب المخدرات، أو المشاركة في ارتكابها لغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات، أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب مثل هذه الجرائم على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله”[4].

وفي منظورنا، فإن هذا التعريف بالرغم من توسيعه لمجال التجريم الذي يشمل الشخص الذي قام بنقل أو تحويل الملكية وكل من يشاركه أو يساعده في ذلك، إلا أنه قصر مصدر الأموال غير المشروعة محل جريمة تبييض الأموال في العوائد المتأتية من جريمة تهريب المخدرات دون غيرها من الجرائم الأخرى التي تشكل عوائدها مصدرا لارتكاب جريمة تبييض الأموال.

كما عرفت جريمة تبييض الأموال بأنها: “كل فعل غير مشروع يمنعه القانون أو امتناع عن فعل يأمر به القانون، تقترفه منظمة أو شخص أو مجموعة أشخاص مباشرة أو من خلال وسيط بغية اكتساب أموال، مع العلم أنها متأتية من جريمة أو عائدات لتلك الجريمة والعمل على إخفاء مصدرها الأصلي أو الحيلولة دون اكتشافها، بإدماجها في الدورة الاقتصادية العادية”[5].

ونرى بأن هذا التعريف أشمل من التعريفات السابقة لأنه وسع من نطاق الجريمة الأولية مصدر العوائد المالية التي تكون محلا لعمليات تبييض الأموال، كما لم يقصر جريمة تبييض الأموال على مجرد إخفاء الأموال المتحصل عليها من إحدى الجرائم، بل وسع من مفهومها ليشمل إضفاء صفة المشروعية على هذه الأموال من خلال إدخالها في الدورة الاقتصادية لتبدو وكأنها أموال ذات مصدر مشروع.

من جهتنا، وانطلاقا مما سبق ذكره من تعريفات والانتقادات الموجهة لها، يمكننا تعريف جريمة تبييض الأموال بأنها: “كل فعل يتم ارتكابه بصفة مباشرة أو عن طريق وسيط، بقصد نقل أو تحويل الأموال التي يتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة إلى شكل من أشكال الاحتفاظ بالثروة أو التصرف فيها أو استثمارها، من خلال القيام بمجموعة من العمليات المالية المتداخلة التي تتم داخل الدولة أو خارجها لإخفاء حقيقة الأموال أو طمس مصدرها وإظهارها في صورة أموال محصلة من مصادر مشروعة، مع العلم بأن تلك الأموال مترتبة من إحدى الجرائم التي يعاقب عليها القانون”.

الفرع الثاني: التعريفات التشريعية لجريمة تبييض الأموال

إن تهديد جريمة تبييض الأموال للمصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدول جعل مسألة تجريم ومواجهة هذه الظاهرة تحظى بالأهمية لدى السلطات التشريعية والقانونية على نطاق دولي، وهو ما تجلى في تبني العديد من الدول لتشريعات مستقلة لتجريم ومكافحة أنشطة تبييض الأموال، ورغم ذلك لا يزال تعريف جريمة تبييض الأموال محل تباين بين مختلف التشريعات في مختلف دول العالم.

ونتناول التعريفات التشريعية لجريمة تبييض الأموال في الاتفاقيات الدولية والإقليمية (أولا)، ثم في القوانين الداخلية لبعض الدول وفي مقدمتها الجزائر (ثانيا).

أولا: تعريف جريمة تبييض الأموال في الاتفاقيات الدولية والإقليمية

تعددت وتنوعت الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي ألزمت الدول المصادقة عليها بإدراج تجريم عمليات تبييض الأموال في تشريعاتها بما يتناسب مع قوانينها وأنظمتها الداخلية، وكذا بما يتناسب والظروف الاقتصادية لهذه الدول.

ومن أبرز الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تناولت جريمة تبييض الأموال وأعطت لها تعريفا خاصا نذكر:

1- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية[6] : جرمت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، الأعمال أو الأنشطة التي من شأنها تحويل الأموال أو نقلها مع العلم بأنها مستمدة من أية جريمة من جرائم المخدرات، أو من فعل من أفعال الاشتراك في مثل هذه الجريمة أو الجرائم بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال قصد مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب هذه الجريمة على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله.

إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها، مع العلم بأنها مستمدة من جريمة أو جرائم منصوص عليها في الفقرة الفرعية (أ) من المادة الثالثة، أو مستمدة من فعل من أفعال الاشتراك في هذه الجريمة أو الجرائم[7].

وعليه يمكننا القول أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988، عرفت جريمة تبييض الأموال من خلال تجريم جميع التحويلات المتعلقة بالأموال ذات المصدر غير المشروع الناتجة عن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية ويرجع ذلك إلى اعتبار هذه الأخيرة الأكبر حجما والأكثر اتساعا، فالمخدرات ليس لها وطن معين فهي تجول في كافة أرجاء العالم عن طريق ما اصطلح عليه في الفقه بالمهربين[8].

ورغم أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية قصرت التجريم على الأموال المحصل عليها بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة من ارتكاب أية جريمة من جرائم المخدرات المنصوص عليها في المادة الثالثة الفقرة الأولى من نفس الاتفاقية دون غيرها، إلا أنها وسعت العقاب ليشمل أي شخص سواء كان مساهما في الجريمة التي نتجت عنها الأموال، أو لم يساهم فيها، متى كان على علم بمصدر الأموال غير المشروع وقت ارتكاب فعل التبييض.

2– الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب[9]: عرفت الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب جريمة تبييض الأموال بأنها: “ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا لما نصت عليه القوانين والنظم الداخلية لكل دولة طرف وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر”[10].

ومن وجهة نظرنا، فإن هذا التعريف بالرغم من اتساعه لمعاقبة أي شخص سواء يرتكب أفعال تبييض الأموال أو يشرع فيها، إلا أنه قصر السلوك الإجرامي على إخفاء أو تمويه أصل الأموال التي يتم اكتسابها باستعمال أساليب غير مشروعة، في حين أن الغاية من ارتكاب جريمة تبييض الأموال هي إضفاء الصفة المشروعة على الأموال، وإعادة توظيفها في أنشطة مشروعة.

3- إعلان لجنة بازل للرقابة المصرفية: تختص لجنة “بازل” بالإشراف على البنوك في مختلف دول العالم، من خلال مجموعة من المبادئ المتعلقة بضرورة التدقيق في مصدر الأموال المودعة استنادا إلى قاعدة “اعرف عميلك” التي أثبتت فائدتها في خفض نسبة جريمة تبييض الأموال المرتكبة من خلال البنوك والمؤسسات المالية.

عرف إعلان المبادئ الخاص لمنع استعمال القطاع المصرفي في تبييض الأموال الموضوع من طرف لجنة بازل في ديسمبر 1988 جريمة تبييض الأموال في مقدمته بأنها: “جميع العمليات المصرفية التي تهدف إلى إخفاء المصدر الإجرامي للأموال”[11].

ويلاحظ أن هذا التعريف بالرغم من توسعه في تعريف تبييض الأموال ليشمل جميع الجرائم التي ينتج عنها أموال غير مشروعة، إلا أنه حصر أساليب ارتكاب جريمة تبييض الأموال في العمليات المصرفية، وهو ما ينفيه الواقع خاصة مع التطورات التكنولوجية التي استفاد منها مرتكبو جريمة تبييض الأموال للإفلات من الرقابة المصرفية.

كما اعتبر أن الهدف من جريمة تبييض الأموال هو إخفاء المصدر الإجرامي لها، وبذلك تكون جريمة تبييض الأموال إحدى صور جريمة الإخفاء، في حين أن الهدف من جريمة تبييض الأموال يتعدى الإخفاء إلى إضفاء المشروعية على الأموال.

4- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية[12]: عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية جريمة تبييض الأموال بأنها: “تحويل الممتلكات أو نقلها، مع العلم بأنها عائدات جرائم، بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات أو مساعدة أي شخص ضالع في ارتكاب الجرم الأصلي الذي أتت منه على الإفلات من العواقب القانونية لفعلته.

إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأنها عائدات جرائم.

اكتساب الممتلكات، أو حيازتها، أو استخدامها مع العلم وقت تلقيها بأنها عائدات جرائم.

المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة، أو التواطؤ، أو التآمر على ارتكابها ومحاولة ارتكابها والمساعدة والتحريض على ذلك، وتسهيله وإسداء المشورة بشأنه”[13].

من خلال هذا التعريف، يتضح لنا أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية قد وسعت من الجريمة الأولية المتأتية منها الأموال المراد تبييضها، بحيث لم تقتصر على جرائم المخدرات كما هو الشأن بالنسبة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية السابقة الذكر.

ثانيا: تعريف جريمة تبييض الأموال في التشريعات الداخلية

تضمنت التشريعات الداخلية للدول التي صدرت حديثا تعريفات متعددة لجريمة تبييض الأموال مركزة في ذلك على ما جاءت به اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988، وبذلك أصبحت جريمة تبييض الأموال جريمة مستقلة بذاتها معاقب عليها قانونا.

ومن أبرز التشريعات التي تبنت تجريم عمليات تبييض الأموال وحاولت إعطائها تعريف يتماشى والهدف المتوخى من التجريم نذكر ما يلي:

1- التشريع الجزائري: ترجمت الجزائر مصادقتها على الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة بتجريم تبييض الأموال، من خلال إعادة النظر في تشريعاتها بغرض مطابقتها مع الالتزامات الدولية خاصة القانون 05/01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، المعدل والمتمم بالأمر 12/02، الذي عرف جريمة تبييض الأموال بقوله: “يعتبر تبييضا للأموال:

تحويل الأموال أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات مباشرة أو غير مباشرة من جريمة، بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية التي تحصلت منها هذه الأموال، على الإفلات من الآثار القانونية لأفعاله.

إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع علم الفاعل أنها عائدات إجرامية.

اكتساب الأموال أو حيازتها أو استخدامها مع علم الشخص القائم بذلك وقت تلقيها أنها تشكل عائدات إجرامية.

المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا لهذه المادة أو التواطؤ أو التآمر على ارتكابها، أو محاولة ارتكابها والمساعدة أو التحريض على ذلك وتسهيله وإسداء المشورة بشأنه”[14].

ونرى بأن المشرع الجزائري، سواء في قانون العقوبات أو القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، لم يأت بتعريف محدد لجريمة تبييض الأموال، إنما اكتفى بتحديد الأفعال التي تشكل جريمة تبييض الأموال، فاعتبر كل العائدات الإجرامية الناتجة عن جناية أو جنحة والتي يكون الغرض منها إخفاء أو تمويه ذلك المصدر غير المشروع جريمة تبييض للأموال، بشرط توافر عنصر العلم بالمصدر غير المشروع للأموال.

وفي تقديرنا الخاص، يمكن تبرير ذلك بمسايرة المشرع الجزائري نصوصا دولية في هذا الشأن لاسيما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، وكذلك رغبة المشرع في ترك مهمة تعريف جريمة تبييض الأموال للفقه.

2- التشريع المصري: عرف المشرع المصري جريمة تبييض الأموال بموجب القانون رقم 80 لسنة 2002 بأنها: “كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال، أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها، إذا كانت محصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون، مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال”[15].

ونرى بأن المشرع المصري ضيق من نطاق الجرائم الأصلية التي تكون محلا لجريمة تبييض الأموال، حيث حصرها في الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من قانون مكافحة تبييض الأموال المعدل بالقانون رقم 181 لسنة 2008، وبذلك يكون قد تبنى التعريف الضيق لجريمة تبييض الأموال.

3- التشريع الفرنسي: يعتبر القانون 87/1157 المؤرخ في 31 ديسمبر 1987 المتعلق بتجريم تبييض الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات أول تشريع يجرم تبييض الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات في فرنسا.

ثم صدر القانون 90/614 المؤرخ في 12 يونيو 1990 المتعلق بمساهمة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات، الذي أوجبت المادة الثانية منه على كل شخص بحكم مهنته أو وظيفته عندما يقوم بعملية رقابة أو يقدم استشارة تتعلق بحركة رؤوس الأموال أن يخطر وكيل الجمهورية بالعمليات التي تكون فيها الأموال متأتية من تجارة المخدرات أو الجرائم التي لها علاقة بها، دون أن يعرف جريمة تبييض الأموال.

وفي 13 مايو 1996 أصدر المشرع الفرنسي القانون 96/392 المعدل لقانون العقوبات الذي عرف جريمة تبييض الأموال بأنها: “تسهيل التبرير الكاذب بأي طريقة كانت لمصدر الأموال أو الدخول لمرتكب جناية أو جنحة حققت له ربحا مباشر أو غير مباشر.

كما يعتبر من قبيل تبييض الأموال المساهمة في عمليات توظيف أو إخفاء أو تحويل المال المتحصل عليه بشكل مباشر أو غير مباشر من جناية أو جنحة”[16].

وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد تبنى المنظور الواسع في تحديد نطاق الجرائم التي تكون عوائدها محلا لجريمة تبييض، لتشمل كافة العوائد الناتجة عن الجرائم دون حصرها في الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات كما هو الحال في القانون 90/614 المتعلق بمساهمة المؤسسات المالية في مكافحة تبييض الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات.

المطلب الثاني: خصائص جريمة تبييض الأموال

تتسم جريمة تبييض الأموال باعتبارها من جرائم الأموال[17]، ومن الجرائم الاقتصادية انطلاقا مما هو مستقر عليه حول مفهوم الجريمة الاقتصادية ذاتها، ولارتباطها بالبنوك والمؤسسات المالية، فعمليات تبييض الأموال غالبا ما تتم من خلال عمليات بنكية.

الفرع الأول: ارتباط جريمة تبييض الأموال بالجريمة المنظمة

جريمة تبييض الأموال جريمة معقدة تحتاج إلى جهود شبكات إجرامية منظمة على درجة عالية من التخطيط والانتشار، وبالتالي فجريمة تبييض الأموال من أنماط الجريمة المنظمة لأن خطرها يتعدى الحدود الوطنية للدول، وتقوم بها تنظيمات إجرامية تتوافر لديها القدرة على استغلال اختلاف النظم القانونية بين الدول لاختراق الحدود الوطنية وارتكاب الجريمة[18].

أولا: تعريف الجريمة المنظمة

تعد الجريمة المنظمة في وقتنا الحاضر أحد أهم التحديات التي تواجه سلطات الدول، حيث أن خطرها تعدى خطر الجريمة العادية، فعصابات الجريمة المنظمة تسعى من خلال أنشطتها المختلفة إلى تحقيق غايات وأهداف تتمثل أساسا في تحقيق الربح وهي من أجل ذلك تستخدم أساليب متنوعة وتستهدف ميادين مختلفة.

لقد بدلت العديد من المحاولات من أجل وضع تعريف خاص بالجريمة المنظمة يميزها عن غيرها من الجرائم حتى يسهل التعامل معها، غير أن أغلبية الباحثين أجمعوا على صعوبة إيجاد تعريف جامع مانع لها، وجاءت تعريفاتهم متباينة، ومن التعريفات التي قيلت في الجريمة المنظمة بأنها مشروع إجرامي قائم على أشخاص يوحدون صفوفهم من أجل القيام بأنشطة إجرامية، على أساس دائم ومستمر، من خلال كيان أو تنظيم ذو بناء هرمي تحكمه نظم ولوائح داخلية صارمة، ويستخدم في سبيل تحقيق أغراضه العنف والابتزاز والرشوة، لإفساد مسئولي القانون وأجهزة العدالة الجنائية بوجه عام، وفرض سطوتهم عليهم لتحقيق أقصى استفادة من القيام بالنشاط الإجرامي، سواء بوسائل مشروعة أو غير مشروعة[19].

كما عرفت الجريمة المنظمة بأنها: “تلك الجريمة التي ترتكب من تنظيم إجرامي هيكلي يتكون من شخصين فأكثر تحكمه قواعد معينة من أهمها قاعدة الصمت ويعمل هذا التنظيم بشكل مستمر لفترة غير محدودة، ويعبر نشاطه حدود الدول، ويستخدم العنف والإفساد والابتزاز والرشوة في تحقيق أهدافه ويسعى للحصول على الربح المادي ويلجأ لعملية تبييض الأموال لإضفاء الشرعية على عوائد الجريمة”[20].

ثانيا: علاقة جريمة تبييض الأموال بالجريمة المنظمة

إذا نظرنا إلى جريمة تبييض الأموال باعتبارها من الجرائم الدولية الخطيرة، نجد أن من سماتها أنها جريمة منظمة، فهي تفترض تعدد الجناة فلا يمكن تصور ارتكابها إلا بوجود شبكة متصلة من الأفراد أو المنظمات، التي تقوم بمجموعة من الأنشطة التي من شأنها أن تضفي على العوائد غير المشروعة المستمدة من مصادر إجرامية صفة المشروعية، من خلال دمجها في الأنشطة التجارية المشروعة واستثمارها أسواق المال للتخلص من الشبهة التي تدور حولها[21].

كذلك تعتبر جريمة تبييض الأموال من الأنشطة المساعدة في الجريمة المنظمة، حيث أنها تتم بمراحل متلاحقة وبسرية تامة من طرف عصابات منظمة تهدف إلى تحقيق الربح ويمزجون بين الأنشطة المشروعة وغير المشروعة، تلك الصفات كلها منطبقة على الجريمة المنظمة لذلك تعتبر جريمة تبييض الأموال من أخطر الجرائم المنظمة[22].

لذلك يمكننا القول أن تجريم ومكافحة جريمة تبييض الأموال من شأنه المساهمة في الحد من انتشار الجريمة المنظمة من خلال حرمان التنظيمات الإجرامية من الانتفاع بعوائدهم الإجرامية بإخفاء مصدرها غير المشروع وإدخالها في أنشطة مشروعة تحقق لهذه التنظيمات المزيد من القوة والسيطرة على الدوائر المالية، فضلا عما تسببه من اضطرابات في النظام الاقتصادي للدولة بسبب حركة الأموال غير العادية والتي تمارس دون مراعاة للاعتبارات الاقتصادية.

الفرع الثاني: الطابع الاقتصادي والاجتماعي لجريمة تبييض الأموال

تمتد مخاطر جريمة تبييض الأموال لتشمل زعزعة الاقتصاد المحلي والدولي، فالأموال المبيضة تستهدف الدخول في دواليب الدورة الاقتصادية والاحتماء بالغطاء الاجتماعي للقيام بأعمالهم الإجرامية الأصلية، والتصرف في متحصلات وعوائد جرائمهم بأعمال ونشاطات توحي أنها نافعة للمجتمع.

أولا: الطابع الاقتصادي لجريمة تبييض الأموال

تعددت التعريفات الخاصة بالجريمة الاقتصادية، فهناك من يرى أنها نوع من الجريمة تقع على مخالفة التشريعات والقوانين الجنائية والاقتصادية التي تنظم مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، كما أن هناك من يعرفها بكونها اعتداء مباشر على مصلحة اقتصادية يحميها القانون كالجرائم المتعلقة بالمعاملات المصرفية، والاستيراد والتصدير، والمنافسة غير المشروعة، …[23].

ولما كان لجريمة تبييض الأموال آثار سلبية على الدخل الوطني، والادخار، والاستثمار وقيمة العملة الوطنية نتيجة إدخال الأموال غير المشروعة في الدورة الاقتصادية الرسمية للدولة، وبما أن أغلب جرائم تبييض الأموال تتم عن طريق النظام المصرفي وتستعين بالعاملين في البنوك[24]، فإنه يمكن القول بأن جريمة تبييض الأموال تعتبر من أخطر أشكال الجريمة الاقتصادية التي أخذت أبعادا جديدة في ظل العولمة مستفيدة في ذلك من التقنية الحديثة في التحويل المالي السريع.

كما تعتبر جريمة تبييض الأموال جريمة اقتصادية كذلك، لكونها تؤدي إلى المساس بالنظام الاقتصادي والمالي الوطني والدولي نتيجة ارتباطها بمخالفة أحكام السياسة الاقتصادية للدولة، إذ يرى البعض أن عمليات تبييض الأموال تزداد مع تحرير القطاعات الاقتصادية المختلفة وما يعنيه ذلك من تحرير للمعاملات الاقتصادية والمالية وكذلك تحرير الأسواق العالمية حيث ذكر البنك الدولي في تقريره لسنة 1996، أن نمو القطاع الخاص يزداد معه احتمال فتح مسالك جديدة للإجرام الخاص وما تؤدي إليه من تبييض الأموال.

ثانيا: الطابع الاجتماعي لجريمة تبييض الأموال

توصف جريمة تبييض الأموال بأنها جريمة اجتماعية وذلك بالنظر إلى الهدف الذي تحققه، كونها تساهم في إضفاء الشرعية الاجتماعية على هذه الأموال لصالح الجماعات الإجرامية، ويتم ذلك عن طريق تبييض الأموال غير المشروعة من خلال بعض المشروعات والأعمال الخيرية كبناء المستشفيات ورعاية الأيتام التي تستقطب اهتماما جماهيريا قد يرقى إلى التأييد السياسي خاصة في الحملات الانتخابية.

كما تؤثر جريمة تبييض الأموال في المجتمع من ناحية ارتباطها بالجرائم الاجتماعية حيث تمثل نوعا من الإدمان للحاصلين على الدخول غير المشروعة الناتجة عن تجارة المخدرات أو التهرب الضريبي وغيرها من الجرائم.

الفرع الثالث: جريمة تبييض الأموال جريمة تبعية

جريمة تبييض الأموال جريمة تبعية، أي أنها تفترض ابتداء ارتكاب جريمة أولية نتج عنها أموال غير مشروعة، وأجمعت التشريعات المقارنة التي تجرم تبييض الأموال على وجود جريمة سابقة يسعى مبيضو الأموال إلى إخفاء متحصلات تلك الجريمة وإضفاء صفة المشروعية عليها. لذلك يعد تبييض الأموال نشاطا مكملا لنشاط رئيسي سابق أسفر عن تحصيل كمية من الأموال من أنشطة غير مشروعة كالاتجار بالمخدرات، الرشوة، الاحتيال،… الخ، والتي تشكل مصدرا للأموال التي تقع عليها عناصر السلوك المادي لجريمة تبييض الأموال[25].

و نذكر على سبيل المثال لا الحصر أهم النشاطات الإجرامية التي تعتبر عائداتها مصدرا لارتكاب عمليات تبييض الأموال.

أولا: الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية: يحتل الاهتمام بمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية الصدارة في اهتمام الدول، نظرا لما تمثله هذه الظاهرة من حيث أنها أكثر المشكلات خطورة على جميع الدول في العالم، وتزداد خطورة عند زيادة حجم الاتجار فيها وتداولها، مما ينتج عنه تحمل الدول أعباء كبيرة في الإنفاق على مكافحته هذه الظاهرة. وبالمقابل فإن الجماعات الإجرامية أصبحت تعتمد على إمكانيات ضخمة ومتطورة وتلجأ إلى وسائل متعددة للتغطية على جرائمها.

ولقد عمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها المنعقدة في ديسمبر 1988 بعرض اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية[26]، والتي تهدف إلى النهوض بالتعاون بين الدول من أجل التصدي بمزيد من الفعالية لمختلف مظاهر جريمة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية.

ولما كانت جريمة تبييض الأموال ليست جريمة عادية يمكن ارتكابها بصورة عشوائية وغير مدروسة، لكنها جريمة يخطط ويدبر لها بدقة من جانب العناصر الإجرامية، فقد ألزمت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية الدول الأطراف بتجريم الأفعال المتعلقة بالأموال المستمدة من جرائم الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو الاشتراك فيها، والتي تهدف إلى إخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال وهو ما تطابقت بشأنه أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1993[27].

ثانيا:الرشوة

تعتبر الرشوة مصدرا من مصادر الأموال المراد تبييضها لكونها أكثر الجرائم التي يمكن أن تؤدي إلى الحصول على أموال غير مشروعة، خاصة وأنها نوع من اتجار الموظف العام في أعمال الوظيفة للاستفادة بغير حق عن طريق الاتفاق بين الموظف وصاحب الحاجة على قبول ما عرضه الأخير من فائدة مقابل عمل متعلق بالوظيفة أو الخدمة العامة أو الامتناع عن عمل من الأعمال التي تدخل في نطاق الموظف أو دائرة اختصاصه[28].

عرفت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الرشوة في نص المادة 15 بأنها: “وعد موظف عمومي بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص، أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما، أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية.

التماس موظف عمومي أو قبوله، بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما، أو يمتنع عن القيام بفعل ما، لدى أدائه واجباته الرسمية”.

جرم المشرع الجزائري الرشوة بموجب القانون 06/01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم، من خلال المادة 25 التي نصت على أنه: “يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشرة سنوات وبغرامة مالية من 20000دج إلى 100000دج :

– كل من وعد موظفا عموميا بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء كان ذلك لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم بأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته،

– كل موظف عمومي طلب أو قبل، بشكل مباشر أو غير مباشر، مزية غير مستحقة سواء لنفسه أو لصالح شخص آخر أو كيان آخر، لأداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته”.

من خلال نص المادة السابقة الذكر، فإن المشرع الجزائري لم يعطي تعريفا لجريمة الرشوة، وإنما اكتفى بالنص على صفة الجاني (الموظف العمومي ومن في حكمه) والأفعال التي تتحقق بها جريمة الرشوة، بالإضافة إلى جمعه لصورتي الرشوة الإيجابية والسلبية في نص واحد تحت عنوان رشوة الموظفين العموميين متبنيا نظام ثنائية التجريم وهذا على غرار المشرع الفرنسي.

ثالثا:الاتجار بالأشخاص

تشكل جريمة الاتجار بالأشخاص شكلا من أشكال الرق المعاصر حيث تقوم عصابات الإجرام المنظم، ومافيا الاتجار بالأشخاص والوسطاء التابعين لهم بانتهاك حقوق المستضعفين من البشر واستغلالهم استغلالا سيئا وصل حد القهر والاسترقاق، وكأن الإنسان لدى هؤلاء المجرمين بمثابة سلعة يباع ويشترى على أيدي فئة مريضة وذلك بالمخالفة للديانات السماوية والتشريعات الوضعية.

كما أصبحت جريمة الاتجار بالأشخاص بصورها ومظاهرها المختلفة تشكل النشاط الأبرز لعصابات الجريمة المنظمة في العالم، ومن الثابت أنه بالإضافة إلى الأضرار النفسية والاجتماعية والسياسية في المجتمع فإن هذا الأمر نجم عنه انعكاسات سلبية بالغة الخطورة على الصعيد الأمني والاقتصادي للدول باعتبار أن الاتجار بالأشخاص عملية اقتصادية متكاملة يكون الإنسان هو سلعتها الأساسية وتخضع لقوانين العرض والطلب وأنظمة السوق[29]. فهذه العصابات تمارس أنشطتها الإجرامية كمهنة، تهدف من ورائها إلى توليد تدفقات مالية ضخمة وسريعة الحركة، تسعى إلى تحويلها إلى أموال مشروعة عن طريق تبييضها بأساليب مختلفة.

من أجل ذلك، قامت الأمم المتحدة بوضع بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، الذي اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15 نوفمبر 2000، الذي عرف جريمة الاتجار بالأشخاص بأنها: “تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء”[30].

المبحث الثاني: آليات البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال

قصد تحقيق الفعالية المرجوة لمكافحة جريمة تبييض الأموال، سارع المشرع الجزائري إلى تبني آليات مستحدثة في التشريع خاصة بالبحث والتحقيق في بعض الجرائم ومنها جريمة تبييض الأموال، ويتجلى ذلك في التعديلات المتتالية لأحكام قانون الإجراءات الجزائية بهدف جعلها أكثر ملائمة واستجابة لخصوصيات الظاهرة الإجرامية في مكافحتها من جهة، وأيضا مطابقتها مع ما جاءت به المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجزائر من جهة أخرى من خلال إنشاء محاكم متخصصة تعتمد على وسائل بحث وتحقيق مستحدثة.

المطلب الأول: جهات البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال

تعتبر الجزائر من الدول المعنية بظاهرة تبييض الأموال، وتداركا لخطورة هذه الظاهرة فقد وضعها المشرع الجزائري موضع التجريم بالنص الصريح كما أعطى لها أهمية لارتباطها بالجريمة المنظمة، بل عمل على استحداث محاكم ذات اختصاص موسع في خطوة اعتبرت سابقة من نوعها في القانون الجزائري، خطى بموجبها القضاء نحو التخصص في المعالجة القضائية لطائفة من الجرائم[31].

إن فكرة إنشاء محاكم ذات اختصاص موسع ظهرت كنتيجة لاتجاه المشرع الجزائري نحو سياسة تجريمية قصد الحد من أفعال أصبحت تضر بالمصالح الحيوية للمجتمع وتصب في اتجاه التزامات الدولة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والجرائم الماسة بالمعالجة الالكترونية للمعلومات وجريمة تبييض الأموال وغيرها من الجرائم التي تستوجب كفاءة مهنية عالية، وتقنيات تحري خاصة تتطلب وسائل مادية وبشرية ذات نوعية.

وعلى هذا الأساس صدر القانون 04/14 المتضمن تعديل قانون الإجراءات الجزائية[32]، حيث أسس لإمكانية توسيع الاختصاص المحلي لكل من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق وضباط الشرطة القضائية إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى تحدد عن طريق التنظيم[33].

ونظرا لما تتمتع به هذه المحاكم من خصوصية في تنظيمها وسيرها عن باقي المحاكم العادية الأخرى، وهذا لانفرادها بخصوصية وسائل البحث والتحقيق في الجرائم التي تختص بالنظر والفصل فيها ومنها جريمة تبييض الأموال، فإننا سنتناول هذا المطلب بالدراسة ضمن فرعين الأول يتعلق بتنظيم المحاكم ذات الاختصاص الموسع والثاني نتناول من خلاله سير هذه المحاكم.

الفرع الأول: تنظيم المحاكم ذات الاختصاص الموسع

خول المشرع الجزائري المحاكم ذات الاختصاص الموسع صلاحية النظر في بعض الجرائم الخطيرة وذلك بموجب المواد 37، 40، 329 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم التي نصت على تمديد الاختصاص المحلي للمحكمة ولوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق المعينين بها إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى.

أولا: تحديد المحاكم ذات الاختصاص المحلي الموسع

إن توجه الدول نحو التخصص القضائي، يهدف إلى إنشاء تشكيلات قضائية من قضاة متخصصين على مستوى النيابة، التحقيق والمحاكمة، تستأثر بالاختصاص في القضايا ذات الصلة بالجرائم الخطيرة على غرار الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وجريمة تبييض الأموال …الخ، في شكل أقطاب متخصصة توضع لدى بعض المحاكم التي يتم توسيع اختصاصها المحلي ليشمل اختصاص محلي لمحاكم أخرى على امتداد مناطق ذات بعد جغرافي[34].

بالإضافة إلى ذلك، تمتاز الجرائم المعنية بالمحاكم ذات الاختصاص الإقليمي الموسع بالخطورة الشديدة والتعقيد وسرعة تحركها في داخل الإقليم وخارجه، بالنظر إلى عدة اعتبارات لعل أهمها خطورة العناصر الإجرامية والوسائل المستخدمة في التخطيط وارتكاب الجريمة والآثار التي تخلفها على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

حدد المرسوم التنفيذي 06/348 المؤرخ في 05 أكتوبر 2006 الجهات القضائية ذات الاختصاص الإقليمي الموسع في أربعة محاكم على المستوى الوطني، ويتعلق الأمر بكل من محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة، محكمة قسنطينة، محكمة وهران ومحكمة ورقلة.

1- محكمة سيدي أمحمد (الجزائر): تقع محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة ويمتد اختصاصها المحلي بأجهزتها وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق إلى محاكم المجالس القضائية لـكل من الجزائر ،الشلف، الأغواط، البليدة، البويرة، تيزي وزو، الجلفة، المدية، المسيلة، بومرداس، تيبازة وعين الدفلى.

2- محكمة قسنطينة: تقع بمدينة قسنطينة ويمتد اختصاصها المحلي بأجهزتها وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق إلى محاكم المجالس القضائية لكل من قسنطينة، أم البواقي، باتنة، بجاية، بسكرة، تبسة، جيجل، سطيف، سكيكدة، عنابة، قالمة وبرج بوعريريج.

3- محكمة ورقلة: تقع بمدينة ورقلة ويمتد اختصاصها المحلي بأجهزتها وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق إلى محاكم المجالس القضائية لكل من ورقلة، أدرار، تمنراست، إيليزي، تندوف وغرداية.

4- محكمة وهران: تقع بمدينة وهران ويمتد اختصاصها المحلي بأجهزتها وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق إلى محاكم المجالس القضائية لكل من وهران، بشار، تلمسان، تيارت، سعيدة، سيدي بلعباس، مستغانم، معسكر، البيض، تيسمسيلت، النعامة، عين تيموشنت وغليزان.

وقد حرص المشرع الجزائري على توفير الضمانات القانونية من أجل أن لا تتحول هذه المحاكم إلى ما يشبه المحاكم الخاصة أو الاستثنائية، لاسيما في المادة الجزائية، الأمر الذي يمكن معه أن يمس بمبدأ الحق في محاكمة عادلة المكرس دستوريا، وذلك بحصر مسألة تحديد تشكيلة هذه الأقطاب المتخصصة وإحالة الاختصاص النوعي لها وإجراءات التقاضي أمامها مع كل ما توفره من ضمانات، في نصوص قانون الإجراءات المدنية والإدارية ونصوص قانون الإجراءات الجزائية[35].

ثانيا: تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم ذات الاختصاص الموسع

يقصد بالاختصاص النوعي للمحاكم بصفة عامة الولاية القضائية لجهة معينة للنظر في قضايا محددة أو في جرائم معينة بنص القانون.

وفيما يتعلق بالاختصاص النوعي للمحاكم ذات الاختصاص الموسع، فلقد حصرها المشرع الجزائري في مجموعة من الجرائم الحديثة نوعا ما التي تشكل تهديدا خطيرا على الأمن والاقتصاد الوطني[36]، ويتعلق الأمر بجرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنشطة المعالجة الآلية للمعطيات والجرائم المتعلقة بمخالفة التشريع الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال وجريمة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

إن جريمة تبييض الأموال والتي هي موضوع دراستنا الحالية، قد حصرها المشرع الجزائري ضمن الجرائم النوعية والخطيرة التي ولى اختصاص البحث والتحقيق فيها إلى المحاكم ذات الاختصاص الموسع، إلا أن المشرع خصها بالوصف الجنحي وذلك من خلال طبيعة العقوبات المقررة لها التي تراوحت ما بين التبييض البسيط والتبييض المشدد.

تكون المتابعة في جريمة تبييض الأموال وفق إجراءات خاصة نصت عليها المواد من 40 مكرر 1 إلى 40 مكرر 5 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث يتعين على ضابط الشرطة القضائية متى رأى أن الملف المكون من طرفه في مرحلة البحث والتحري يشكل جريمة تبييض أموال أن يخبر فورا وكيل الجمهورية لدى المحكمة الكائن بها مقر ارتكاب الجريمة ويقدم له أصل الملف مرفق بنسختين، ثم يقوم وكيل الجمهورية فورا بإرسال النسخة الثانية إلى النائب العام لدى المحكمة المختصة ذات الاختصاص الموسع، وبعد اطلاع النائب العام على الملف واعتباره ضمن اختصاص المحكمة ذات الاختصاص الموسع (أي ضمن الجرائم السالف ذكرها) يحيله إلى هذه الأخيرة ليتلقى ضباط الشرطة القضائية التعليمات المباشرة من وكيل الجمهورية للمحكمة ذات الاختصاص الموسع بمباشرة التحريات.

الفرع الثاني: سير المحاكم ذات الاختصاص الموسع

إن التعديلات الواردة على قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004، تقترح جملة من الأحكام التي تحدد قواعد الاختصاص المحلي لكل من وكيل الجمهورية، قاضي التحقيق وضباط الشرطة القضائية ليشمل اختصاص محلي لجهات قضائية أخرى عندما يتعلق الأمر بجرائم مذكورة على سبيل الحصر.

أولا: توسيع الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية

يمثل وكيل الجمهورية النيابة العامة على مستوى المحكمة ويمارس مهامه في إطار إقليم اختصاصه[37] الذي ينعقد طبقا للمادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية بتوافر أحد العناصر التالية:

– أن تقع الجريمة موضوع البحث في دائرة اختصاص المحكمة المعين بها.

– أن يكون محل إقامة المشتبه فيه أو المتهم موجودا بدائرة اختصاص المحكمة.

– أن يتم إلقاء القبض على المتهم في دائرة اختصاصه.

وقد وسع المشرع الجزائري الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية ليشمل اختصاص محاكم أخرى على أن يكون ذلك بموجب التنظيم، ويكون ذلك كلما تعلق الأمر بالتحري والتحقيق بشأن الجرائم المحددة في قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 37 من هذا الأخير على: “يجوز تمديد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى، عن طريق التنظيم، في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف”.

ولتفادي انتشار معلومات غير كاملة أو غير صحيحة أو لوضع حد للإخلال بالنظام العام، أعطى المشرع للنيابة العامة مهمة إعلام الرأي العام عن التحريات والتحقيقات الجارية بشرط أن تخضع هذه التصريحات للموضوعية وأن تحترم مبدأ سرية التحقيق[38].

ثانيا: توسيع الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق

إن قاضي التحقيق مختص بالتحقيق في الجرائم التي يعاقب عليها طبقا لقواعد قانون العقوبات والقوانين المكملة له. وأن التحقيق في الجرائم الموصوفة كجناية يكون إلزاميا فلا يجوز إحالة المتهم بارتكابها مباشرة للمحاكمة. أما في مواد الجنح والمخالفات فهو اختياري يخضع لتقدير النيابة العامة في طلب التحقيق أو إحالة القضية مباشرة إلى المحاكمة[39].

وإذا كانت الجريمة من نوع أحد الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 40 من قانون الإجراءات الجزائية لا يمنع قاضي التحقيق من إجراء التحقيق فيها ما لم يطلب منه كتابيا النائب العام لدى المجلس القضائي التابعة له المحكمة ذات الاختصاص الموسع بالتخلي عنها لفائدة زميله قاضي التحقيق بالقطب الجزائي المختص.

حدد المشرع الجزائري في المادة 40 من قانون الإجراءات الجزائية قواعد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق. حيث يتبين من هذا النص أن الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق يتحدد بمكان ارتكاب الجريمة أو المكان الذي يقيم فيه المتهم أو المكان الذي ألقي القبض فيه عليه ولو حصل هذا القبض لسبب آخر.

وبموجب التعديل الذي أجري على قانون الإجراءات الجزائية بمقتضى القانون 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004، قام المشرع الجزائري بتوسيع الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق المعين بالمحكمة ذات الاختصاص الموسع إلى اختصاص محاكم مجالس قضائية أخرى من خلال الفقرة الثانية من المادة 40 التي نصت على: “يجوز تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى، عن طريق التنظيم، في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف”.

ثالثا: توسيع الاختصاص المحلي للضبطية القضائية

عدلت المادة 6 من القانون 06/22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث أصبح اختصاص ضابط الشرطة القضائية يمتد إلى كامل إقليم التراب الوطني إذا تعلق الأمر ببحث ومعاينة جرائم المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف. على أن يعمل تحت إشراف النائب العام لدى المجلس القضائي المختص إقليميا ويعلم وكيل الجمهورية المختص إقليميا بذلك في جميع الحالات.

1- تحديد ضباط الشرطة القضائية: جاءت المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية لتحدد الأشخاص الذين يتمتعون بصفة ضباط الشرطة القضائية، حيث نصت على أنه: “يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية:

– رؤساء المجالس الشعبية البلدية،

– ضباط الدرك الوطني،

– محافظو الشرطة،

– ذوو الرتب في الدرك ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني، بعد موافقة لجنة خاصة،

– مفتشو الأمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل وعينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجماعات المحلية، بعد موافقة لجنة خاصة،

– ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر بين وزير الدفاع ووزير العدل.”

من خلال دراسة نص المادة 15 من نفس القانون، يتضح أنها تتضمن فئتين من الأشخاص الذين منح لهم القانون صفة ضباط الشرطة القضائية، فئة تعين بقوة القانون مباشرة (فئة الضباط المعينة بقوة القانون)، وفئة تعين بموجب قرار وزاري مشترك (فئة الضباط المعينة بقرار وزاري مشترك).

2- الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية: يقصد باختصاص عناصر الضبطية القضائية تلك الصلاحيات التي خولها القانون لجهاز الضبط القضائي من أجل مباشرة إجراءات البحث عن الجرائم وضبطها بالتقصي عن المجرمين، جمع الأدلة والمعلومات التي يستعان بها في التحقيق والدعوى وتحرير محاضر بذلك[40].

يتحدد الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية تحت سلطة وكيل الجمهورية[41] الذي يدير عملهم في مرحلة جمع الاستدلالات، بمكان ارتكاب الجريمة أو مكان توقيف المشتبه فيهم أو مكان إقامتهم، غير أنه وبناء على المواد 16 و16 مكرر و40 مكرر1 و40 مكرر2 و40 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية، فإن الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية، يتسع ليشمل اختصاص محلي لمحاكم أخرى غير المحكمة التي يباشرون مهمتهم في دائرة اختصاصها ليشمل دائرة اختصاص المحكمة المختصة الموسع اختصاصها المحلي وفقا لأحكام المرسوم التنفيذي 06/348 السابق الذكر.

كما قد يمتد اختصاصهم إلى كامل التراب الوطني، وهذا في حالة ما إذا تعلق الأمر بالتحريات في جرائم معينة، حصرتها المادة الفقرة 7 من المادة 16 في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف وجرائم الفساد، بالإضافة إلى ذلك أشارت المادة 16 في الفقرة 6 إلى الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية التابعين لمصالح الأمن العسكري، إذ يمتد اختصاصهم المحلي إلى كافة الإقليم الوطني في جميع الأحوال[42].

وقد ورد في المادة 24 مكرر1 فقرة 2 من القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، المعدل والمتمم، أن ضباط الشرطة القضائية التابعين للديوان المركزي لقمع الفساد، يمتد اختصاصهم المحلي في جرائم الفساد والجرائم المرتبطة بها إلى كامل التراب الوطني[43].

المطلب الثاني: أساليب البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال

إن جريمة تبييض الأموال كغيرها من الجرائم النوعية ذات الخطورة والتعقيد التي ارتبطت بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، ومن ثم تستدعي ملاحقتها عن طريق إحداث وسائل جديدة للبحث والتحقيق تتعدى فعاليتها الأساليب المعهودة، وهو الأمر الذي تبناه المشرع الجزائري من خلال نص قانون الإجراءات الجزائية الذي تضمن أساليب جديدة لم تكن معروفة من قبل على مستوى البحث والتحقيق القضائي.

لذا سوف نتناول في هذا المطلب أساليب البحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال من خلال التدابير الخاصة في مجال الاستخبار المالي (الفرع الأول)، ثم الأساليب الخاصة المستحدثة للبحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال (الفرع الثاني).

الفرع الأول: اتخاذ تدابير خاصة في مجال الاستخبار المالي

عمدت الجزائر إلى تأكيد التزامها بالجهود الدولية في الوقاية من جريمة تبييض الأموال بتبنيها لمجموعة من التدابير بهدف الكشف والتحري عن عمليات تبييض الأموال، لاسيما من خلال إنشاء وحدة التحريات المالية، المتمثلة في خلية معالجة الاستعلام المالي (أولا)، مع إلزام البنوك والمؤسسات المالية وجهات أخرى بالإخطار عن العمليات المالية المشتبه في ارتباطها بتبييض الأموال (ثانيا).

أولا: إنشاء خلية معالجة الاستعلام المالي

في إطار تنفيذ الالتزامات الدولية التي انضمت إليها الجزائر تم إنشاء خلية معالجة الاستعلام المالي بموجب المرسوم التنفيذي 02/127 المؤرخ في 07 أبريل 2002 المعدل والمتمم[44].

تتميز خلية معالجة الاستعلام المالي بالصبغة المختلطة لكون المشرع الجزائري أخذ بالنموذج المختلط، إذ جمع بين نموذج الهيئة الإدارية ونموذج هيئة الملاحقة[45]، فهي تتولى مكافحة جريمتي تبييض الأموال وتمويل الإرهاب فقط على خلاف بعض وحدات الاستعلام المالي الأجنبية كالفرنسية مثلا، التي تهدف إلى مكافحة جميع الجرائم المالية دون استثناء.

وما يلاحظ على المشرع الجزائري، أنه سارع إلى إنشاء خلية معالجة الاستعلام المالي سنة 2002 قبل تجريم فعل تبييض الأموال سنة 2004 بموجب القانون 04/14، حيث تم تعديل قانون العقوبات بإدراج القسم السادس مكرر بعنوان “تبييض الأموال” ضمن الفصل الثالث من قانون العقوبات، المتعلق بالجنايات والجنح ضد الأموال[46].

تتولى خلية معالجة الاستعلام المالي المهام التالية[47]:

– تتلقى التصريحات بالشبهة عن كل العمليات المتعلقة بتمويل الإرهاب وتبييض الأموال التي ترسلها إليها الهيئات والأشخاص الذين يعينهم القانون.

– تعالج تصريحات الاشتباه بكل الوسائل أو الطرق المناسبة.

– ترسل عند الاقتضاء الملف إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا، كلما كانت الوقائع المعاينة قابلة للمتابعة الجزائية.

– تقترح كل نص تشريعي أو تنظيمي يكون موضوعه مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، كما تضع الإجراءات الضرورية للوقاية من كل أشكال تمويل الإرهاب وتبييض الأموال وكشفها.

– إصدار خطوط توجيهية وتعليمات وخطوط سلوكية بالاتصال مع المؤسسات والأجهزة المتمتعة بسلطة الضبط والمراقبة و/أو الرقابة في إطار الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

ومن أجل القيام بهذه المهام يمكن لخلية معالجة الاستعلام المالي:

– طلب كل وثيقة أو معلومة ضرورية لإنجاز المهام المسندة إليها من الهيئات والأشخاص الذين يعينهم القانون.

– الاستعانة بأي شخص تراه مؤهلا لمساعدتها في إنجاز مهامها.

– اتخاذ إجراءات تحفظية ولمدة أقصاها 72 ساعة على تنفيذ أي عملية بنكية لأي شخص طبيعي أو معنوي يشتبه في قيامه بعملية تبييض الأموال، ولها أن تطلب التمديد من رئيس محكمة الجزائر.

– التوقيع على بروتوكولات اتفاق وتبادل المعلومات مع السلطات المختصة كما هي محددة في المادة 04 من القانون 01/05 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما.

ثانيا: الإخطار عن العمليات المشبوهة

أعطى القانون 05/01 المعدل والمتمم، المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما خلية معالجة الاستعلام المالي صلاحية تلقي الإخطارات من قبل الخاضعون لواجب الإخطار بالشبهة وفقا لأحكام المادة 20 المعدلة بالمادة 10 من الأمر 12/02 التي نصت على: “دون الإخلال بأحكام المادة 32 من قانون الإجراءات الجزائية، يتعين على الخاضعين، إبلاغ الهيئة المتخصصة بكل عملية تتعلق بأموال يشتبه أنها متحصل عليها من جريمة أو يبدو أنها جريمة موجهة لتبييض الأموال و/أو تمويل الإرهاب”.

أوكلت المادة 4 من المرسوم التنفيذي 06/05 المؤرخ في 9يناير 2006 المتضمن شكل الإخطار بالشبهة ونموذجه ومحتواه ووصل استلامه[48] مهام إعداد الإخطار بالشبهة للهيئات الواردة في المادة 19 من القانون 05/01 المعدل والمتمم، وتختص بإعداد وصل استلام الإخطار بالشبهة خلية معالجة الاستعلام المالي دون سواها.

يحتوي الإخطار بالشبهة على البيانات الإلزامية الواردة في المادة 5 من المرسوم التنفيذي 06/05 السالف الذكر، ويجب أن يرفق بكل الوثائق الجازمة المتعلقة بالعملية المعنية.

ألزمت المادة 19 من القانون 05/01 المعدل والمتمم، جملة من الهيئات والأشخاص بواجب الإخطار بالشبهة وهي:

– البنوك والمؤسسات المالية والمصالح المالية لبريد الجزائر والمؤسسات المشابهة الأخرى وشركات التأمين ومكاتب الصرف والتعاضديات والرهانات والألعاب والكازينوهات.

– كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم في إطار مهنته بالاستشارة و/أو إجراء عمليات إيداع أو مبادلات أو توظيفات أو تحويلات أو أية حركة لرؤوس الأموال، لاسيما على مستوى المهن الحرة المنظمة وخصوصا مهن المحامين والموثقين ومحافظي البيع بالمزايدة وخبراء المحاسبة ومحافظي الحسابات والسماسرة والوكلاء الجمركيين وأعوان الصرف والوسطاء في عمليات البورصة والأعوان العقاريين ومؤسسات الفوترة وكذا تجار الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة والأشياء الأثرية والتحف الفنية.

– كما ألزمت المادة 21 من القانون 05/01 السالف الذكر، المفتشية العامة للمالية ومصالح الضرائب والجمارك وأملاك الدولة والخزينة العمومية، وبنك الجزائر، بصفة عاجلة إرسال تقرير سري إلى خلية معالجة الاستعلام المالي فور اكتشافها، خلال قيامها بمهامها الخاصة بالمراقبة والتحقيق ، وجود أموال أو عمليات يشتبه أنها متحصل عليها من جريمة أو يبدو أنها موجهة لتبييض الأموال و/أو تمويل الإرهاب.

يلاحظ في هذا الإطار أن المشرع الجزائري فسح المجال أمام كل الأشخاص المعنوية والطبيعية للإخطار بشبهة تبييض الأموال، وهذا رغبة منه في تشديد الخناق على مبيضي الأموال الذين قد يستعينوا بأي شخص لمساعدتهم في عملية تبييض الأموال.

الفرع الثاني: الأساليب الخاصة للبحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال

أدى الانتقال من الجرائم التقليدية إلى الجرائم النوعية إلى جعل التعامل معها محفوفا بالمخاطر، كما جعل عمل الشرطة القضائية للبحث وجمع الأدلة ضد مرتكبي هذه الجرائم أصعب مما سبق، وهو ما استلزم تدخل المشرع الجزائري باستحداث أساليب تحري وتحقيق لها من الخصوصية ما يتناسب مع متطلبات ضبط الوجه الجديد للإجرام ولم يستثني من ذلك جريمة تبييض الأموال.

تتمثل أساليب التحري والتحقيق الخاصة لجمع الأدلة الخاصة بالشرطة القضائية في عمليات التسرب، واعتراض المراسلات، وتسجيل الأصوات والتقاط الصور، والتسليم المراقب للعائدات الإجرامية، وهي أساليب لم تكن معهودة من قبل تم استحداثها في التشريع الجزائري إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات وجرائم الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وجرائم الفساد وجرائم مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وجريمة تبييض الأموال.

أولا: عملية التسرب

أعطى المشرع الجزائري بموجب المادة 65 مكرر11 من قانون الإجراءات الجزائية لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية الصلاحية بأن يأذن تحت رقابته حسب الحالة بمباشرة عملية التسرب، عندما تقتضي ضرورات التحري أو التحقيق في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 65 مكرر 5 من نفس القانون[49].

يقصد بعملية التسرب قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية، بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكاب جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف[50].

ولهذا الغرض أجازت المادة 65 مكرر13 لضباط وأعوان الشرطة القضائية المرخص لهم بإجراء عملية التسرب والأشخاص الذين يسخرونهم لهذا الغرض، دون أن يكونوا مسئولين جزائيا، القيام باقتناء أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو وثائق أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو مستعملة في ارتكابها، واستعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي هذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي وكذلك وسائل النقل أو التخزين أو الإيواء أو الحفظ أو الاتصال.

ونظرا لخطورة إجراء التسرب، فقد أخضعه المشرع الجزائري لشروط وضوابط، فلا يمكن القيام بعملية التسرب إلا عندما تقتضي ضرورات التحري أو البحث في بعض الجرائم، وبمفهوم المخالفة فإن وجود أدلة كافية تعزز الاشتباه أو الاتهام فأنه لا داعي للمخاطرة بإجراء عملية التسرب[51]، كما أوجبت المادة 65 مكرر 15 من قانون الإجراءات الجزائية تحت طائلة البطلان أن يكون الإذن بعملية التسرب مكتوبا ومسببا، على أن لا تتجاوز مدة عملية التسرب أربعة أشهر مع إمكانية تجديدها حسب مقتضيات التحري أو التحقيق ضمن نفس الشروط الشكلية والزمنية.

بعد انتهاء عملية التسرب تتمكن جهات البحث والتحري في جريمة تبييض الأموال وعلى رأسها وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق من الوقوف على التفاصيل الأساسية لارتكاب الجريمة، وكذا تحرير محاضر تشكل أدلة تخدم الدعوى وتعطي نظرة عميقة حول ما يحدث داخل العصابات الإجرامية، كما تطرح أمام جهات الحكم بما لديها من حرية في تقدير ما يعرض عليها من أدلة مختلف المحاضر المحررة بطرق احترمت فيها الشروط الشكلية والموضوعية[52].

ثانيا: اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور

تم إدراج اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور كأسلوب للتحري إذا تعلقت الوقائع المعروضة أمام قاضي التحقيق بإحدى أنواع الجرائم التالية: جرائم المخدرات والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال أو الإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف وجرائم الفساد المنصوص والمعاقب عليها في القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد، ضمن الفصل الرابع المتمم للباب الثاني من الكتاب الأول بمقتضى القانون 06/22 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية، ويشمل المواد من 65 مكرر5 إلى 65 مكرر10.

قد تضطر الشرطة القضائية لاستعمال كاميرات خفية أو أجهزة تصنت لكن يجب أن يكون ذلك في إطار احترام الشرعية الإجرائية حفاظا على كرامة الحياة الخاصة بالإنسان، كما يمكن لضابط الشرطة القضائية تسجيل المكالمات أو الأحاديث الخاصة بعد إذن مسبق من طرف الجهات القضائية المختصة وفق ما نصت عليه أحكام المادة 46 من الدستور التي نصت على: “لا يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة، وحرمة شرفه، ويحميها القانون.

سرية المراسلات والاتصالات الخاصة بكل أشكالها مضمونة.

لا يجوز بأي شكل المساس بهذه الحقوق دون أمر معلل من السلطة القضائية. ويعاقب القانون على انتهاك هذا الحكم.

حماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي حق أساسي يضمنه القانون ويعاقب على انتهاكه”.

إن سير مفعول هذه المادة ليس مطلقا بل ترد علية بعض الاستثناءات عن طريق تشريع قواعد إجرائية من أجل حسن سير التحريات والتحقيقات القضائية، كل هذه القواعد نظمها القانون 06/22 حيث منح للشرطة القضائية حق اعتراض المراسلات التي تتم عن طريق وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية[53] ووضع ترتيبات تقنية دون موافقة المعنيين من أجل التقاط الصور وتثبيت وبث وتسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن عامة أو خاصة[54].

تنفذ هذه الإجراءات بموجب إذن من وكيل الجمهورية ويخص فقط التحري في الجريمة المتلبس بها أو التحقيق الابتدائي بالجرائم المتعلقة بالمخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وجرائم المعالجة الآلية للمعطيات وجريمة تبييض الأموال تمويل الإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع المتعلق بالصرف وكذا الجرائم المتعلقة بالفساد.

يسمح الإذن الممنوح من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق لغرض وضع الترتيبات التقنية بالدخول إلى المحلات السكنية أو غيرها خارج المواعيد القانونية (قبل الساعة الخامسة صباحا وبعد الساعة الثامنة مساءا)[55] وبغير علم ورضا الأشخاص الذين لهم الحق على تلك الأماكن وذلك تحت المراقبة المباشرة لوكيل الجمهورية المختص أو قاضي التحقيق في حالة فتح تحقيق قضائي.

يؤهل الإذن الممنوح من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق ضابط الشرطة القضائية تسخير كل عون مؤهل لدى مصلحة أو وحدة أو هيئة عمومية أو خاصة مكلفة بالمواصلات السلكية واللاسلكية للتكفل بالجوانب التقنية للعمليات، وكذا مترجم لترجمة المكالمات التي تتم باللغات الأجنبية كما يلزم القانون ضابط الشرطة القضائية المأذون له بإجراء هذه العمليات تحرير محضر عن كل عملية اعتراض وتسجيل المراسلات ووضع الترتيبات التقنية والالتقاط والتثبيت والتسجيل الصوتي أو السمعي البصري كما بجب على ضابط الشرطة القضائية وصف أو نسخ المراسلات أو الصور أو المحادثات المسجلة والمفيدة في إظهار الحقيقة على محضر يودع بملف القضية[56].

ولما كانت عمليات اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور تشكل مساسا بالحق في الحياة الخاصة للإنسان، فقد أولى المشرع العقابي الجزائري موضوع حماية الحياة الخاصة عناية أكيدة، إلا أن تجسيدها في الواقع جاء متأخرا مقارنة بالمقارنة مع كثير من الدول التي سبقت تشريعاتها في تكريس وحماية هذه الحماية مبكرا[57]. هكذا أعلن المشرع الجزائري عن حماية هذا الحق بصدور القانون 06/23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 المعدل والمتمم لقانون العقوبات. وقد نص عليها تحت عنوان الاعتداءات على شرف واعتبار الأشخاص وعلى حياتهم وإفشاء الأسرار، حيث نصت المادة 303 مكرر على أنه: “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 50.000 دج إلى 300.000 دج، كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص، بأية تقنية كانت وذلك:

– بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة، أو سرية، بغير إذن صاحبه أو رضاه،

– بالتقاط أو تسجيل أو نقل صورة لشخص في مكان خاص، بغير إذن صاحبها أو رضاه”.

ثالثا: عمليات التفتيش

التفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق، يهدف إلى السعي لكشف الحقيقة عن طريق البحث بمناسبة جريمة وقعت فعلا ويجري التحقيق بشأنها، وليس من إجراءات البحث والتحري عن الجرائم التي لم يتم التأكد من وقوعها[58].

تسمح عملية التفتيش بدخول المساكن التابعة لأشخاص يظهر أنهم ساهموا في الجناية أو أنهم يحوزون أوراقا أو أشياء لها علاقة بالأفعال الجنائية المرتكبة بعد الحصول على إذن مكتوب صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الاستظهار بهذا الأمر قبل الدخول إلى المنزل أو الشروع في التفتيش[59].

يكون الأمر كذلك في حالة التحري في الجنحة المتلبس بها أو التحقيق في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين 37 و40 من قانون الإجراءات الجزائية، المتمثلة في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف[60].

خولت المواد من 79 إلى 81 من قانون الإجراءات الجزائية قاضي التحقيق سلطة الانتقال إلى الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة، سواء كانت تلك الأماكن تقع في دائرة اختصاصه أو دوائر المحاكم المجاورة للدائرة التي يباشر فيها وظيفته[61].

ويجوز لقاضي الحقيق إذا تعذر عليه شخصيا القيام بعملية التفتيش أن يرخص لضابط الشرطة القضائية للقيام بهذه العملية نيابة عنه، وذلك بموجب إنابة قضائية متضمنة الإذن بالتفتيش، تحمل بيان ساعة وتاريخ صدورها واسم من أصدرها واسم المأذون بالتفتيش والمهمة المقصودة من وراء التفتيش والمهلة المحددة لإجرائه.

الخاتمة:

من خلال هذه الدراسة يتضح لنا أن جريمة تبييض الأموال من الجرائم الخطيرة، وهي مرتبطة بأنواع الإجرام المنظم باعتبار أن عوائدها هي مصدر تبييض الأموال، وهنا تكمن خطورتها لأنها تضفي المشروعية على تلك الأموال باستثمارها في مشاريع مشروعة.

وبالنظر لهذه الاعتبارات، فقد أرسى التشريع الجنائي عدة آليات للبحث والتحقيق في جريمة تبييض الأموال تتماشى والأساليب التي تتبعها الجماعات الإجرامية والتي تستعمل خطط معقدة بالغة الدقة والسرعة في التنفيذ مستفيدة في ذلك من التطور التكنولوجي لاسيما في مجال الاتصال الإلكتروني وما يرتبط بالعمليات المصرفية الحديثة المرتبطة بحركة رؤوس الأموال.

ورغم الجهود الواضحة والجلية للجزائر في سبيل كشف وملاحقة مرتكبي جريمة تبييض الأموال، إلا أن التشريع لم يخلو من بعض الثغرات القانونية التي تصطدم بواقع ممارسة وسائل البحث والتحقيق المستحدثة، والتي يتعين سدها من خلال :

– توسيع إسهام البنوك والمؤسسات المالية في عملية مكافحة تبييض الأموال عن طريق توسيع صلاحيات أجهزة الرقابة الداخلية بتوفير الآليات القانونية اللازمة والإمكانيات المادية والتقنية والبشرية من ذوي الاختصاص والخبرة.

– الاهتمام ببرامج التكوين والتأهيل للأجهزة المكلفة بمكافحة جريمة تبييض الأموال على القطاع المالي وعلى مستوى أجهزة الشرطة والتحقيق المكلفة بوضع الآليات الجديدة للبحث والتحقيق حيز التطبيق.

– تعزيز وتفعيل التعاون القضائي الدولي والتوسيع من مجاله عن طريق إبرام معاهدات مع الدول التي تولي أهمية لمكافحة جريمة تبييض الأموال، والاستفادة من خبرات الدول المتطورة

[1] حمدي عبد العظيم، غسيل الأموال في مصر والعالم، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة،1997، ص5.

[2] علي لعشب، الإطار القانوني لمكافحة غسل الأموال، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009، ص15.

[3] محمد علي العريان، عمليات غسل الأموال وآليات مكافحتها، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2009، ص40.

[4] Guide de références sur la lutte contre le blanchiment de capitaux et contre le financement de terrorisme, la banque mondiale et le fond monétaire international, 2eme édition, 2006, p18.

[5] علي لعشب، مرجع سابق، ص25.

[6] صادقت الجزائر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 بموجب المرسوم الرئاسي 95/41 المؤرخ في 28 يناير 1995.

[7] الفقرة (ب) من المادة 03 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988.

[8] نصر الدين ميروك، جريمة المخدرات في ضوء القوانين والاتفاقيات الدولية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2010، ص17.

[9] صادقت الجزائر على الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بموجب المرسوم الرئاسي 14/250 المؤرخ في 08 سبتمبر 2014.

[10] الفقرة 8 من المادة الأولى من الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

[11] خالد سليمان، تبييض الأموال جريمة بلا حدود، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2004، ص20.

[12] تسمى كذلك باتفاقية “باليرمو” نسبة إلى المدينة الإيطالية التي تم التوقيع فيها على الاتفاقية خلال المؤتمر الدولي المنعقد في الفترة من 12 إلى 15 ديسمبر سنة 2000 بحضور عدد كبير من الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، صادقت الجزائر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بموجب المرسوم الرئاسي 02/55 المؤرخ في 05 فيفري 2002.

[13] الفقرة (أ) من المادة 06 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

[14] المادة 02 من القانون 05/01 والمعدلة بالمادة 02 من الأمر 12/02 المؤرخ 12 فبراير 2012.

[15] المادة الأولى، الفقرة (ب) من القانون رقم 80 لسنة 2002 المتضمن أحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بتاريخ 22 مايو 2002.

[16] المادة 324 من القانون 96/392 المعدل لقانون العقوبات الفرنسي.

[17] وهو ما أخذ به المشرع الجزائري بموجب القانون 04/15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات، الذي أدرج الأحكام المجرمة لعمليات تبييض الأموال ضمن الفصل المعنون “الجنيات والجنح ضد الأموال”.

[18] شريف سيد كامل، الجريمة المنظمة في القانون المقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص03.

[19] أحمد إبراهيم مصطفى سليمان، الإرهاب والجريمة المنظمة، دار الطلائع للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006، ص110-111.

[20] محمد جهاد بريزات، الجريمة المنظمة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان، 2005، ص45.

[21] باسل عبد الله الضمور، غسل الأموال في المصارف، الطبعة الأولى، مكتبة القانون والاقتصاد، الرياض، 2013، ص18.

[22] أديبة محمد صالح، الجريمة المنظمة: دراسة قانونية مقارنة، منشورات مركز كردستان للدراسات الإستراتيجية، السليمانية، 2009، ص133.

[23] عبد المولى سيد شوربجي، مواجهة الجرائم الاقتصادية في الدول العربية،الطبعة الأولى، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2006, ص11-12.

[24] محمد عبد الله حسين العاقل، النظام القانوني الدولي للجريمة المنظمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010، ص453.

[25] بدر الدين خلاف، جريمة تبييض الأموال في التشريع الجزائري (دراسة مقارنة)، رسالة دكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2010/2011، ص28.

[26] سبقتها في ذلك الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة بباريس سنة 1961 المعدلة ببروتوكول سنة 1972 التي ألغت كل الاتفاقيات السابقة وحلت محلها كاتفاقية موحدة، وكذلك اتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971.

[27] تقرير التطبيقات عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وغسل الأموال، مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 2011، ص28.

[28] ماهر عبد شويش الدرة، شرح قانون العقوبات(القسم الخاص)، المكتبة القانونية، بغداد، دون سنة نشر، ص48.

[29] رامية محمد شاعر، الاتجار بالبشر (قراءة قانونية اجتماعية)، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي القانونية، بيروت، 2012، ص16-17.

[30] الفقرة (أ) من المادة 3 من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

[31] محمد بكرارشوش، الاختصاص الإقليمي الموسع في المادة الجزائية في التشريع الجزائري، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد الرابع عشر، جانفي2016، ص306.

[32] القانون 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 يعدل ويتمم الأمر 66/155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية.

[33] المرسوم التنفيذي 06/348 المؤرخ في 05 أكتوبر 2006، يتضمن تمديد الاختصاص المحلي لبعض المحاكم ووكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق.

[34] محمد بكرارشوش، مرجع سابق، ص313.

[35] عبد السلام ذيب، قانون الإجراءات المدنية والإدارية ترجمة للمحاكمة العادلة، الطبعة الثالثة، إيتاك، الجزائر، 2012، ص31.

[36] جباري عبد المجيد، دراسات قانونية في المادة الجزائية على ضوء أهم التعديلات الجديدة، الطبعة الثانية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2013، ص72.

[37] محمد بكرارشوش، مرجع سابق، ص320.

[38] المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[39] محمد حزيط، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، الطبعة التاسعة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2014، ص141.

[40] نصر الدين هنوني، الضبطية القضائية في القانون الجزائري، الطبعة الثانية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2011، ص47.

[41] نصت المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: “يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء والضباط والأعوان الموظفون المبينون في هذا الفصل.

ويتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي. وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذات المجلس …”.

[42] أنشأ المشرع الجزائري في سنة 2014 وبموجب المرسوم الرئاسي 14/183 المؤرخ في 11 يونيو 2014 مصلحة التحقيق القضائي لمديرية الأمن الداخلي بدائرة الاستعلام والأمن، حيث حددت مهامها في ضبط الإجراءات اللازمة لجمع الأدلة المرتبطة بالجنح والجرائم المتصلة بأمن الإقليم، الإرهاب، التخريب والجريمة المنظمة. أنظر: المواد 4، 5، 6 و8 من نفس المرسوم الرئاسي.

[43] تم إنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد بموجب المادة 03 من القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، المعدل والمتمم بالقانون 10/05 بغرض إضفاء المزيد من الفعالية في قمع الفساد. يعتبر مصلحة مركزية عملياتية للشرطة القضائية، تكلف بالبحث عن الجرائم ومكافحتها في إطار مكافحة وإحالة مرتكبيها على الجهات القضائية المختصة. أنظر: المرسوم الرئاسي 11/246 المؤرخ في 08 ديسمبر 2011، يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد وتنظيمه وكيفية عمله.

[44] أنظر المرسوم التنفيذي 08/275 المؤرخ في 06 سبتمبر 2008؛ المرسوم التنفيذي 13/157 المؤرخ في 15 أبريل 2013.

[45] اختلفت التشريعات الوطنية للدول عند إنشائها لوحدة الاستعلام المالي في الأخذ بالنموذج الذي يتفق مع الأوضاع الداخلية الخاصة بها، وعلى العموم توجد ثلاث نماذج هي:

– نموذج الهيئة الإدارية: حيث تكون وحدة التحريات المالية وفقا لهذا النموذج مرتبطة إما بهيئة أو تنظيم أو هيئة إشراف كالبنك المركزي أو وزارة المالية أو تكون عبارة عن هيئة إدارية مستقلة.

– نموذج تنفيذ القوانين: حيث تكون وحدة التحريات المالية بقوات الشرطة سواء العامة أو المتخصصة.

– نموذج هيئة الملاحقة: حيث تكون وحدة التحريات المالية مرتبطة بمكتب المدعي العام أي هيئة قضائية

[46] المواد من 389 مكرر إلى 389 مكرر7 من قانون العقوبات 66/155 المعدل والمتمم.

[47] المادة 04 من المرسوم التنفيذي 02/127 المتضمن إنشاء خلية معالجة الاستعلام المالي تنظيمها وعملها المعدل والمتمم،

[48] المرسوم التنفيذي 06/05 المؤرخ في 9 يناير 2006، يتضمن شكل الإخطار بالشبهة ونموذجه ومحتواه ووصل استلامه.

[49] تتمثل الجرائم الواردة في المادة 65 مكرر5 من قانون الإجراءات الجزائية في جرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات أو جرائم تبييض الأموال أو الإرهاب أو الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف أو جرائم الفساد.

[50] المادة 65 مكرر12 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[51] زوزو هدى، التسرب كأسلوب من أساليب التحري في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد 11، جوان 2014، ص 118.

[52] زوزو هدى، نفس المرجع، ص122.

[53] نصت الفقرة 21 من المادة 8 من القانون 2000/03 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد وبالمواصلات السلكية واللاسلكية على أنه يقصد بالمواصلات السلكية واللاسلكية: “كل تراسل أو إرسال أو استقبال علامات أو إشارات أو كتابات أو صور أو أصوات أو معلومات مختلفة عن طريق الأسلاك أو البصريات أو اللاسلكي الكهربائي أو أجهزة أخرى كهربائية مغناطسية”.

[54] المادة 65 مكرر5 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[55] المادة 47 من نفس قانون.

[56] المادة 65 مكرر9 و65 مكرر 10 من نفس القانون.

[57] صفية بشاتن، الحماية القانونية للحياة الخاصة (دراسة مقارنة)، رسالة دكتوراه في الحقوق، جامعة تيزي وزو، الجزائر، 2012، ص398.

[58] نجيمي جمال، إثبات الجريمة على ضوء الاجتهاد القضائي (دراسة مقارنة)، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2011، ص387.

[59] الفقرة 01، المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم، مرجع سابق.

[60] الفقرة 02، المادة 44 من نفس القانون.

[61] محمد حزيط،، مرجع سابق، ص170.