دراسة وبحث قانوني هام عن الثمن في عقد البيع

مقدمة׃

نحن نعلم ان للعقد اركان ثلاث و هي׃ الرضا , المحل, السبب و ركن الشكلية في العقود الشكلية فبانعدام احدهما ينعدم العقد . ففي هذا البحث ما يهمنا هو المحل اذن في عقد البيع محلان رئيسيان هما المبيع و الثمن و هذا الاخير يعد من اهم الالتزامات المشتري. و هو بذلك شكل لقياس في صورة صحيحة لعقد البيع شروط و اسس الا ان هذا لا يمنع من وجود اثار قد تؤثر على الثمن في حالة عدم التزام المشتري. ففي هذا الصص يمكن طرح الاشكالية التالية׃ متى يمكن اعتبار الثمن محلا لالتزام المشتري ;و ما هي الاثار الترتبة عند الاخلال به

المبحث الاول ׃ مفهوم الثمن

المطلب الاول ׃ تعريف الثمن و تمييزه عن السعر و القيمة

الفرع الاول ׃ تعريف الثمن ׃

الثمن في عقد البيع هو عبارة عن مبلغ نقدي يلتزم المشتري بدفعه للبائع مقابل نقل ملكية الحق المبيع اليه و يتضح من خلال تعريف عقد البيع في المادة 351 ق.م.ج

الفرع الثاني ׃ تمييز الثمن عن السعر و القيمة
_ الثمن هو ما يكون مقدر باتفاق المتبايعين
_القيمة هي العرض الذي يساويه جميع الشي المبيع بين الناس في الاسواق اي ثمن المثل الذي يمكن شراء به المبيع عادة يحسب الاسعار العامة
فقد يكون الثمن المتفق عليه بين المتعاقدين مساويا للقيمة او اكثر او اقل منها
_ السعر ׃ هو قيمة الوحدة القياسية من الاشياء . فاذا كان الشئ يقاس عادة بالوزن او بالحجة او بالطول او بالمساحة او بالعدد فالسعر هو قيمة الوحدة منه مثال يبلغ ثمن 50م من القماش 1500.000 دج على اساس ان سعر المتر الواحد هو 100.000 دج.

المطلب الثاني ׃ شروط الثمن

الفرع الاول ׃ ان يكون الثمن نقدا ׃

يشترط في الثمن في عقد البيع ان يكون نقدا مثلما ورد النص على ذلك في تعريف البيع في المادة 351 ق .م .ج و لا يشترط فيه ان يكون معجلا بل قد يكون مؤجلا. كما قد يكون مقسطا او ارادا مؤبدا او لمدى حياة البائع . و لا يصح ان يكون الثمن اوراقا مالية كاسهم او سندات. اما اذا حدد الثمن نقدا ثم اشترط ان يدفع المشتري الثمن عينا او اسهما او سندات. كان التصرف بيعا و هذا باتفاق الطرفين المتعاقدين و يجوز ان تحل محل النقود الاوراق التجارية من شيك و و سيفتحه و يسند لامر من الوفاء بالثمن . و لا يصح ان يكون الثمن سبائك ذهبية كانت او فضية حتى لو امكن معرفة قيمتها نقدا لان التصرف حينئذ مقايضة لا بيع

الفرع الثاني ׃ان يكون الثمن معينا او قابلا للتعيين.

الثمن باعتباره محل التزام المشتري يجب ان يكون مقدار او على الاقل قابلا للتقدير و الا كان العقد باطلا
و الاصل ان يقوم المتعاقدين بتقدير الثمن و لا يصح ان يترك تقدير الثمن لاحداهما سواء كان البائع او المشتري لانه قد يضحى الذي يترك له الامر منهما بمصلحة الطرف الاخر و اذا لم يكن الثمن مقدرا على النحو السابق فانه يكفي ان يكون قابلا للتقدير و يكون اسس قابلية للتقدير

1_ الاسس التي اخذها المشرع الجزائري و هما
تقدير الثمن على اساس سعر السوق ׃قد يتفق المتعاقدين ان يكون الثمن هو سعر السوق و في هذا المعنى تنص المادة 356 ق.م .ج ” لا يجوز ان يقتصر ثمن المبيع على بيانات الاسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعده و اذا وقع الاتفاق على ان ثمن هو سعر السوق وجب عند الشك الرجوع الى سعر السوق الذي يقع فيه تسليم المبيع المشتري في الزمان و المكان فاذا لم يكن في مكان التسليم سوق وجب الرجوع الى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف ان تكون اسعاره هي السارية.
اما مكان تسليم الشي المبيع فيؤخذ بالمكان المتفق عليه و الا فمكان وجود المبيع المعين بالذات او موطن البائع او مركز مؤسسته.

2_ تقدير الثمن بواسطة السعر المتداول في التجارة او الذي جري عليه التعامل׃و قد ورد هذا الاساس في المادة 357 ق.م.ج و التي تنص “اذا لم يحدد المتعاقدين ثمن البيع فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى من الضرف قد نوبا على الاعتماد على السعر المتداول في التجارة او السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما”

3_ الاسس التي لم ياخذ بها المشرع الجزائري
_ تقدير الثمن بولسطة اجنبي عن العقد ׃لا يوجد هذا الاساس انه في القانون المدني الجزائري و لكن جدي العمل به . و مفاد هذا الاساس انه قد يترك تحديد لشخص اجنبي يتفق عليه المتعاقدين و هو ما يسمى بالمفوض حيث يتفق المتعاقدين على تعيينه ليتولى هو تحديد الثمن و قد يتفقان على ان يتولى القاضي تعيينه و متى قدر هذا الاجنبي اي المفوض ثمنا للمبيع التزم به كل من البائع و المشتري و انعقاد البيع يتم منذ اتفاق المتعاقدين لا من تقدير المفوض للثمن.
*اما اذا اقتصر الاتفاق على ان يتم تقدير الثمن بواسطة مفوض يعيناه في المستقبل فالبيع لا ينعقد هنا لان الثمن ليس مقدرا طالما ان هذا المفوض لم يعين بعد . اما اذا اتفقا على ان يتم تعيين المفوض في اتفاق لاحق فلا ينعقد البيع عند حصول هذا الاتفاق اللاحق و الاعن مسؤولا مسؤولة عقدية نظرا للاخلال بالعقد غير المسمى الذي يلتزم به الطرفان بالوصول الى اتفاق نهائي لتعيين المفوض.
*و يعتبر الاتفاق المعقود بين الطرفين و المفوض بقصد تحديد الثمن عقدا غير مسمى و ليس المفوض هو الوكيل لا يكون الا في التصرفات القانونية.
*و ليس المفوض محكما لان التحكيم يفترض وجود نزاع بينما لا يوجد نزاع بين المتعاقدين * كذلك لا يعتبر المفوض خبيرا لان راي الخبير غير ملزم بينما تحديد الثمن بواسطة المفوض يعتبر ملزم للطرفين طالما انه لم يقع في غلط او تدليس.

4_تقرير الثمن بما اشترى به البائع׃قد يكون الثمن كما اشترى به البائع و هذا يجب معرفة هذا الثمن لان سعر البيع يتحدد بواسطته و هذه الصورة موجوده في الفقه الاسلامي و يشمل 4 صور
المرابحة يعني البيع فمثل ثمن الشراء مع اضافة ربح معلوم
التولية ׃يعني البيع فمثل ثمن الشراء دون زيادة او نقصان
الاشتراك ׃يعني البيعجزء من المبيع بما يقابله من الثمن دون زيادة او نقصان الوضيعة ׃ يعني البيع مع خفض الثمن في الثمن ليتحمله البائع

المبحث الثاني ׃دعوى الغبن في بيع عقار

يقصد بالغبن عدم التعادل بين ما يعطيه احد المتعاقدين و ما ياخذه فهو بذلك مظهر خارجي للاستغلال(1) و هو عيب في محل العقد لا في الادلرة. اما الاستغلال فهو فهو استغلال احد الطرفن حالة ضعف يوجد فيها المتعاقد المغبون و استغلها الطرف الاخر كحالة الطيش البين او الهوى الجامح. فالمشرع الجزائري اخذ بالغبن غير الاستغلالي و هو ذلك الغبن الذي يترتب عليه خللل اقتصادي في العقد و لكن ليس بسبب اسغلال ضعف نفسي و الغبن غير الاستغلالي لا يعيب العقد فالغبن ان لم يكن نتيجة استغلال لا يعتد به الا اذا و جد نصخالص.

ومن بين المسائل التي وجد فيها نص خاص هو بيع العقار فسنتناول في المطلب الاول الشروط الواجبة لتوافرها للطعن بالغبن و في المطلب الثاني الجزاء المترتب على شروط تحقق دعوى الغبن.

المطلب الاول ׃ الشروط الواجبة توفرها للطعن بالغبن في العقار

تنص المادة 358 من القانون المدني الجزائري ׃
“اذا بيع عقار بغبن يزيد عن الخمسة فللبائع الحق في طلب تكملة الثمن الى تربعة اخماس ثمن المثل و يجب لاقدير ما اذا كان الغبن يزيد عن الخمس ان يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع”
و تنص المادة 360 من نفس القانون ׃

” لايجوز الطعن في بيع تم بطريق المزاد العلني بمقتضى القانون”
فمن نص المادتين 385 و 360 (ق.م.ج) نستنتج ان للاخذ بالغبن في بيع العقار يجب توافر الشروط التالية׃

الفرع الاول ׃ ان يكون العقد بيعا لعقار

فيجب ان يرد العقد على عقار او حق عيني عقاري (1) فلا يجوز الطعن بالغبن اذا ورد البيع على حق
شخصي مثال لا يجوز لمستاجرعقار الطعن بالغبن اذا باع حقه في الاستئجار لانه حق شخصي كما لا
يجوز الطعن بالغبن في حق عيني وارد على منقول سواء كان مادي اومعنوي

يستوي ان يكون للبائع حق ملكية على العقار او ان يكون حقا عينيا اخر كحق انتفاع ببيت او حق ارتفاق
كما يدخل ضمن مفهوم العقا ر في حساب الغبن العقار بالتخصيص و اذا اشتمل عقد البيع على عقار اومنقول بثمن واحد فان دعوى الغبن لا تقبل الا للعقار دون المنقول(2) .

الفرع الثاني ׃ لا يكون البيع قد تم بطريق المزاد العلني

و هذا الشرط اقتضته المادة 360 (ق.م.ج) فلقبول دعوى الغبن الفاحش يشترط ان يكون العقار قد بيع بطريقة رضائية (3) , لان البيع بطريق المزاد العلني يسمح للبائع الحصول على اعلى ثمن ممكن, فاذا رسا المزاد بثمن يقل عن قيمة العقار باكثر من الخمس فهذا يعني ان العقار لم يجد مشتري يدفع فيه اكثر, و الحكمة من عدم جواز الطعن في البيوع عن طريق المزاد ان ذلك سيؤدي الى احجام المشتري من دخول المزاد.

الفرع الثالث ׃ ان يصل الغبن الى اكثر من خمس قيمة العقار

يشترط القانون ان يزد الغبن على الخمس 1/5 , و هذا يعني انه لا يجوز الطعن بالغبن في بيع العقار الا اذا بيع العقار باقل من اربعة اخماس 4/5 من قيمته الحقيقية
و العبرة في تقدير الثمن تكون بالنظر الى قيمة العقار و قت البيع اي لا عبرة بقيمته و قت التسليم او وقت رفع الدعوى

و مسالة تقديرما اذا كانت قيمة العقار تفوق الثمن باكثر من الخمس(1) اولا هي من اختصاص قاضي الموضوع و له الاستعانة بخبير.

فمن هذا الشرط يتبين ان المشرع قد اعتمد على معيار مادي و ليس على معيار شخصي كما في الاستغلال(2).

مثال1׃كيفية تعيين مقدار الغبن
بيع مسكن ب 140 مليون سنتيم قيمته وقت البيع 200 مليون سنتيم
مقدار الغبن= القيمة الحقيقية – الثمن
مقدار الغبن = 200-140
مقدلر الغبن = 60 مليون سنتيم
مثال 2׃
قيمة مسكن 2.5 مليون تم بيعبيعه ب 1.97مليون
هل يحق للبائع رفع دعوى الغبن
1_ تقدير مقدار الخمس 1/5
القيمة * 1/5 = مقدار الخمس
205 * 1/5 = 0.5 مليون
2_القيمة الحقيقية – الثمن = مقدار الغبن
2.5 – 1.97 = 0.53
* نقارن بين قيمة الخمس
0.5<0.53

مقدار الغبن اكبرمن قيمة الخمس فيحق للبائع رفع دعوى الغبن
_ ما هو المبلغ الوجب تكنملته من طرف المشتري
1_ تقدير مقدار اربعة اخماس 4/5
القيمة * 4/5 = قيمة اربعة اخماس
2.5 *4/5 =2 مليون
2_ تعيين الثمن الواجب تكملته من طرف المشتري
قيمة اربعة اخماس – الثمن = المبلغ الواجب تكملته
2 – 1.97 = 0.03 مليون

الفرع الرابع׃ شهر دعوى الغبن في العقار
اذا رفع البائع دعوى الفسخ في حالة رفض المشتري تكملة الثمن فانه يجي عليه ان يشهر دعواه(1) , اذ تنص المادة 85 من المرسوم76_63المؤرخ في 25 مارس 1976 المتعلق بتاسيس السجل العقاري “ان

دعاوي القضاء الرامية الى النطق بفسخ او ابطال او الغاء او نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم اشهاره
ا مسبقا …..”

فلكي تقبل دعوى البائع الرامية الى فسخ العقد في حالة عدم تكملة الثمن, يجب ان تشهر هذه الدعوى بالمحافظة العقارية الكائن بدائرة اختصاصها العقار المباع و يقوم المحافظ العقاري بالتأشير على البطاقة الخاصة بذلك العقار و يسلم البائع شهادة اﻺدلاء بها .
“… و اذا تم اثبات هذا الاشهار بموجب شهادة من المحافظ او تقديم نسخة من الطلب الموجودة عليه تاشيرة المحافظ…”
فطالما بيع العقار يكون قد اشهر انتقال الملكية الى المشتري , فان فسخه كذلك يجب ان يتم شهره , فتشهر دعوى الفسخ مسبقا ثم يشهر الحكم بالفسخ لاعادة المتعاقدين الى ما قبل التعاقد.

المطلب الثاني ׃الاثار المترتبة على تحقق الغبن في العقار

الفرع الأول ׃ دعوى تكملة الثمن

اذا توافرت الشروط السابق ذكرها يحق للبائع رفع دعوى على المشتري يطالبه فيها بتكملة الثمن الى حد ازالة الغبن , و اذا لم يقم المشتري بتكملته فالبائع ان يطلب الفسخ.
الجزاء الذي قرره المشرع في حالة الغبن في البيع (العقار) هو تكملة الثمن و ليس الابطال.
نص المادة 358 و للبائع تكملة الثمن الى اربعة اخماس الممثل
الملاحظ , ان تكملة الثمن لا تصل الى الثمن كاملا , اي لا تصل الى قيمة العقار الحقيقية.
انما تقتصر على الوصول الى الحد الذي يرفع الغبن عن البائع , و هو تكملة الثمن الى 2/4 فالمشرع اعتبر 1/3 فارق يسير.
– في حالة تخلف المشتري عن دفع هذه التكملة يحق للبائع طلب الفسخ لان عدم تكملة الثمن يعد اخلال من طرف المشتري بالتزامه.

– الفرع الثاني ׃ دعوى الفسخ في حالة عدم تكملة

– اذا رفع البائع دعوى الفسخ فانه يجب عليه ان يشهر هذه الدعوى بالمحافظة العقارية الكائن بدائرة اختصاصها العقار المباع.
– و يقوم المحافظ العقاري بالتاثير على البطاقة الخاصة و بذلك العقار و سلم للبائع شهادة الادلاء بها.
فطالما بيع العقار يكون قد اشهر لانتقال الملكية الى المشتري , فان فسخه كذلك يجب ان يتم بشهره فتشهر دعوى الفسخ مسبقا ثم يشهر الحكم بالفسخ لاعادة المتعاقدين الى ما قبل التعاقد , م 359/03 . مدني ” و لا
يلحق هذه الدعوى ضررا بالغير حسب النية اذا السبب حقا عينيا على العقار المبيع …”
و نفهم من هذا النص انه اذا حكم بفسخ البيع فانه ׃
_يجب ان لا يلحق هذا الفسخ ضررا بالغير من اكتسب حقا عينيا على العقار و كان حسن النية وقت اكتسابه ذلك.

_و اذا كان الفسخ يقتضي اعادة الحال الى ما كانت عليه قبل التعاقد ففي بعض الاحيان قد يرتب المشتري حقوق للغير قبل ان يشهر البائع دعوى الفسخ , و مثل هذه التصرفات تكون صحيحة لان المشتري يكون مالكا و له الحق في التصرف .
مثلا ׃
فرع 3 ان لا تلحقها ضررا بحسن النية

الخاتمة

من خلال دراستنا توصلنا الى ان على المتعاقدان التفاق صراحة او ضمنيا على تحديد ثمن او على جعله قابلا للتحديد ببيان الاسس التي يحدد بمقتضاها و الا كان البيع باطلا لفقدانه لركن من الاكانه و هوالمحل

كما انه تبين لنا من البحث اعتماد المشرع الجزائري على المعيار المادي في تقدير الغبن في العقار نظرا لاهميته الاقتصادية ففي حالة اختلال الالتزامات فيما يخص بيع العقار او احد الحقوق العقارية فيمن للبائع الرجوع على المشتري بدعوى الغبن حتى يتم الموازنة بين الالتزامات