بحث قانوني هام عن الاركان العامة للشركات التجارية

الــخـطـة

مقـدمة
المبحث الأول: الأركان الموضوعية
مطلب أول : الأركان الموضوعية العامة
فرع 01: الرضا . فرع 02 : الأهلية . فرع 03: المحل .فرع 04: السبب
مطلب ثاني : الأركان الموضوعية الخاصة
فرع 01: تعدد الشركاء . فرع 02: توزيع الحصص. فرع 03: النية الشركاء
فرع 04: اقتسام الأرباح والخسائر .
المبحث الثاني: الأركان الشكلية
مطلب أول: الكتابة
مطلب ثاني: الشهر
المبحث الثالث : الجزاء على مخالفة أركان الشركة
مطلب أول: البطلان المؤسس على مخالفة أركان الموضوعية العامة
مطلب ثاني: البطلان المؤسس على مخالفة أركان الموضوعية الخاصة
مطلب ثالث: تصحيح وتقادم دعوى البطلان
الخـاتمة

مقدمة :

كما هو معلوم فقد تناولنا في البحث السابق موضوع عقد الشركة والذي بمقتضاه يلزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم بتقديم حصة من المال أو تقديم عمل وينشأ عنهما او عن المشروع من ربح او خسارة .
وتقتضي المادة 418 /1 مدني بان هذا العقد يجب أن يكون مكتوبا وإلا كان باطلا ولئن كان عقد الشركة يقوم على الأركان العامة للعقود وهي الرضا والاهلية والمحل والسبب إلا أن المشرع لم يكتف بهذه الأركان بل تدخل في تنظيم الشركة وتدخل فيه بنصوص أمرة لتحقيق أغراض تتعلق بالنظام العام .
فهنا يتراعى لنا التسائل التالي هو ما مدى تدخل المشرع في تنظيم عقود انواع الشركات ؟
وهل اكتفى المشرع بالشروط العامة للعقد ؟
وهل رتب لذلك جزاءات لمخالفتها ؟
ولمعالجة ذلك تناولنا في موضوعنا هذا الخطة التالية .

المبحث الأول: الأركان الموضوعية

المطلب الأول : الأركان الموضوعية العامة :

إن الأركان الموضوعية العامة الواجب توافرها في عقد الشركة هي نفس الأركان التي تقوم عليها كافة العقود الأخرى وتتمثل هذه في الرضا ، الأهلية، المحل والسبب

الفرع الأول : الرضا

أن يكون صحيحا خاليا من العيوب كالفظ والإكراه والتدليس. وكما هو معروف الرضا هو التعبير عن إرادة المتعاقدين المتمثلة في الإيجاب والقبول، وبإنعدام الرضا يترتب عن ذلك عدم قيام الشركة ، اتفاق الشركاء على تقدير الحصص، او على حل الشركة أو على نية الإشتراك .

الفرع الثاني:الأهلية

لا يكفي وجود الرضا لإبرام عقد الشركة، بل لابد أن يكون هذا الرضا صادرا من ذي الأهلية أي أن الشريك يجب أن يكون أهلا للتصرف، ولم يحجر عليه لعته أو سفه أو جنون ذلك لأن عقد الشركة يعتبر من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر، سن الأهلية يتحدد بـ: 19 سنة طبقا لنص المادة 40 قانون مدني.

الفرع الثالث:المحل

هو موضوع الشركة الذي يتمثل في المشروع المالي الذي يسعى الشركاء إلى تحقيقه ، ويجب أن يكون هذا المحل ممكنا ومشروعا، وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة .

الفرع الرابع:السبب

وهو الباعث الدافع على التعاقد، ويتمثل هذا الباعث في تحقيق غرض الشركة المتمثل في استغلال مشروع مالي معين، يمكن الإختلاف بين المحل والسبب كون محل الشركة أي موضوعها هو المشرع المالي ، أما السبب هو استغلال المشروع بغرض تحقيق الربح شريطة أن يكون مشروعا في جميع الأحوال

المطلب الثاني : الأركان الموضوعية الخاصة

لا يكفي لإبرام عقد الشركة توافر الأركان الموضوعية العامة فحسب بل لابد أيضا من توافر الأركان الموضوعية الخاصة والتي تميز هذا العقد عن سائر العقود وتتمثل هذه في :

فرع 01 : تعدد الشركاء

يستخلص ركن تعدد الشركاء من نص المادة 416 ق.م التي تقضي بقولها ” الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر …” لذا فإن الشركة هي توافق إدارتين فأكثر، نلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع قد تبنى كقاعدة عامة وحدة الذمة بالنسبة لجميع الشركات التجارية والذي يؤكد على ذلك ماجاء في المادة 188 ق.م ” أموال المدين جميعها ضامنة لوفاء ديونه وفي حالة عدم وجود حق أفضلية مكتسب طبقا للقانون فإن جميع الدائنين متساوون تجاه هذا الضمان ”
غير أنه أورد استثناء تضمنه الأمر رقم 96-27 الصادر في 09/12/1996 فأجاز تكوين شركة الرجل الواحد التي تعرفها بعض التشريعات كالتشريع الإنجليزي والألماني، إذ تعرف هذه التشريعات مبدأ تجزئة الذمة والذي بمقتضاه يستطيع الشخص أن يقتطع جزءا من ثروته ويخصصه لإستغلال مشروع معين.
وفي هذه الحالة لا يجوز لدائنيه التنفيذ على أمواله إلا تلك المخصصة للمشروع فبالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة نهج المشرع الجزائري نفس النهج وأطلق عليها تسمية (مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة ) فجعل مسؤولية هذا الشريك محدودة بإطار المؤسسة التي أنشأها، فيسأل فقط في حدود الموال التي حصصها للمشروع .
وركن تعدد الشركاء ليس قاعدة مطلقة بل يرد عليها استثناء إذ نجد في مجال الشركات ذات المسؤولية المحدودة قد وضع المشرع الجزائري حدا أقصى لقيامها وذلك في نص المادة 590 ق.ت التي توضح ضرورة وجود عدد معين من الشركاء في هذا النوع من الشركات بحيث لا يجوز أن يتعدى عشرين شريكا وإلا تعرضت للانحلال في حالة ما إذا لم تقم بنسوية وضعيتها في خلال سنة كاملة، ونجد المشرع الجزائري قد أيضا حدا أدنى في شركات المساهمة وذلك في المادة 592 ق.ت بقولها
” ولايمكن أن يقل عدد الشركاء عن سبعة ” أما بالنسبة لشركات التوصية بالأسهم فيشترط المشرع أن لا يقل عدد الشركاء الموصين فيها عن ثلاثة وهذا ما أكدته الفقرة 2 من المادة 715 ق.ت.

فرع 02 : تقديم الحصص

يلزم كل متعاقد أي شريك بتقديم حصته للشركة سواء كانت الحصة نقدية أو حصة عينية أو حصة عمل، ومن مجموع هذه الحصص يتكون الضمان العام لدائني الشركة.
1)الحصة النقدية: لكون الشركة دائنا في حاجة إلى مال لمواصلة نشاطها لذا غالبا ما تتمثل حصة الشريك في تقديم مبلغ من المال، فبالتزامه وجب عليه تقديم الحصة النقدية في الميعاد المحدد لها، وإذا لم يقدمها أو تأخر في دفعها إلتزم بالتعويض، وهذا ما قضت به المادة 421 من ق.م .
2)الحصة العينية :قد تكون حصة الشريك متمثلة في مال معين غير النقود كان يقدم الشريك عقارا أو منقولا ماديا كآلة مثلا أو منقول معنوي كبراءة إختراع أو علامة تجارية او محل تجاري أو دين له في ذمة الغير….إلخ وتقدم الحصة على سبيل التمليك كما جاء في المادة 419 من ق.م بالتالي تخرج تلك نهائيا من ذمة صاحبها لتنقل إلى ذمة الشركة فتكون جزء من الضمان العام المقرر لدائنيها وبتقديم تلك الحصة، وجب تطبيق القواعد العامة المتعلقة بالبيع لاسيما إجراءات نقل الملكية وتبعه الملاك وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية، فإذا كانت عقار وجب إتخاذ إجراءات الشهر والتسجيل وانتقال الملكية إلى الشركة، أما إذا كان منقول مادي وجب تسليمها أما المنقول معنوي وجب اتباع إجراءات المتعلقة بنقل الملكية هذا المنقول المعنوي، أما إذا كانت الحصة العينية للشريك دين له في ذمة الغير، وجب إتباع إجراءات حوالة الحق ولا ينقضي إلتزامه إلا إذا تحصلت الشركة هم هذه الديون ويبقى كذلك مسؤولا عن تعويض الضرر إذا لم توف الديون عند حلول أجلها، وهذا ما قضت به المادة 424 من ق.م . وهذا كله من أجل تمكين الشركة من جمع رأس مالها الفعلي حتى تستطيع النهوض بالمشروع، فضلا عن إجتناب ما قد يقع من غش في تقدير الحصص تتمثل في ديون قبل الغير يستحيل استيفاءها .
3)الحصة من العمل: كما قد تكون حصة الشريك في الانضمام إلى الشركة متمثلة في عمل يؤديه لها، ويقصد بالعمل في هذا المجال هو العمل الفني، كالخبرة في مجال الإتجار أو التخطيط أو التسيير الإداري …..إلخ .
لكن رأس مال الشركة يتكون من مجموع الحصص النقدية والعينية ولا تدخل في الاعتبار الحصص من العمل لكون الحصص النقدية والعينية هي التي تكون الضمان العام للدائنين نظرا لقابليتها للتنفيذ الجبري عليها .

فرع 03 : نية المشاركة

يستخلص هذا الركن من المادة 417 من ق.م ومقتضاه بذل الجهود والتعاون بين الشركاء على تحقيق غرض مشترك يتمثل في تحقيق الربح وإقتسامه بين الشركاء، وقوام هذه النية يتمثل ثلاثة عناصر:
1-إن الشركة لا تنشأ عرضا أو جبرا وإنما تنشأ بين أفراد لهم الرغبة في إنشاء هذا الشخص المعنوي، فهي حالة إدارية قائمة على الثقة قصد تحقيق الهدف المنشود .
2- وجود تعاون إيجابي بين الشركاء من خلال إتخاذ المظاهر قصد تحقيق غرض الشركة كتقديم الحصص، وتنظيم إدارة الشركة والإشراف عليها ومراقبة أعمالها، وقبول المخاطر المشتركة التي قد تعترض المشروع.
3- المساواة بين الشركاء في المراكز القانونية، فلا تكون بينهم علاقة تبعية بحيث يعمل أحدهم لحساب الآخر كما هو الحال في علاقات العمل إذ نجد تابع ومتبوع، بل يتعاون الجميع في العمل على قدم المساواة قصد تحقيق الهدف المنشود من خلال الشخص المعنوي.
وركن نية المشاركة هو الذي يميز عقد الشركة عن بقية العقود الأخرى .

فرع 04 : اقتسام الأرباح والخسائر

يتمثل هذا الركن في رغبة الشركاء في جني الأرباح عن طريق إستغلال المشروع وقابلية كل شريك في تحمل نصيب من الخسائر الذي قد ينتج عن استغلال المشروع، وتخضع كيفية تقسيم الأرباح والخسائر إلى اتفاق الشركاء شريطة ألا يدرج العقد التأسيسي للشركة حرمان أحد الشركاء من الأرباح أو إعفائه من الخسائر .

المبحث الثاني :

المطلب الأول : الكتـابة

إن عقد الشركة من العقود المستمرة لفترات طويلة لذلك خص المشرعون ومن بينهم المشرع الجزائري على اشتراط الكتابة لصحة عقد الشركة لإثبات ما تضمنه من بيانات تهم الغير الذي يتعامل مع الشركة كما يهم الشركاء أنفسهم فنص المادة 418/1م ينص على وجوب كتابة عقد الشركة وإلا كان باطلا حتى وإن عدل العقد لابد من كتابة التعديلات ” .
وأوجب في المادة 545/1 تجاري بأن تثبت الشركة بعقد رسمي ولا كانت باطلة .
وأوجبت المادة 548 تجاري إيداع العقود التأسيسية والعقود المعدلة التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري وتنشر حسب الأوضاع الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات ولا كانت باطلة واشترطت المادة 449 تجاري القيد في السجل التجاري حتى تتمتع الشركة بالشخصية وفي حالة لإنحلال أوجب القانون نشر هذا الإنحلال حسب نفس الشروط .
الكتابة بالنسبة للشركات التجارية هي شرط للإثبات ولا يجوز للشركاء ان يحتجوا على الغير بهذا البطلان الناتج عن عدم الكتابة ولا يكون له أثر فيما بينهم لا من اليوم الذي يقوم فيه أحدهم بطلب البطلان م 418/2 م وكذلك فإنه يجوز أن يقبل من الغيرإثبات وجود الشركة بجميع الوسائل عند الاقتضاء م 545/3 تجاري فبمجرد انعقاد العقد تكون الشركة غير أن هذه الشخصية لا تكون حجة على الغير لا بعد استيفاء إجراءات الشهر التي ينص عليها القانون وإذا لم تقم بذلك فإنه يجوز للغير أن يتمسك بتلك الشخصية باعتبارها شركة فعلية ، إن تفسير نص المادة 545/1 تجاري ينص على أن تثبيت الشركة بعقد رسمي ولا كانت باطلة الأمر الذي يوحي في ظاهره ان الكتابة شرط انعقاد لا شرط إثبات كما في الشركات المثبتة لأن لا ثبات في هذا النص مناطه العقد الرسمي ولا ضقاء الرسمية على عقد الشركة لابد ان تفرغ شروطه في ورقة رسمية يثبت فيها موطف عام ما تلقاه من ذوى الشأن.
لم يحدد القانون المدني البيانات التي يجب أن يتضمنها عقد الشركة الأمر الذي ترك لإدارة المتعاقدين مالم يخالفوا الآداب العامة او النظام العام فالمتعاقدون يدرجون البيانات الجوهرية كنوع الشركة ومقدار رأس المال واختصاص المديرين وقواعد توزيع الأرباح والخسائر أما المشرع التجاري فأوجب تحديد شكلها مدتها، عنوانها، إسمها، مركزها وموضوعها ومبلغ رأسمالها .

المطلب الثاني : الشهــر

استلزم المشرع في الشركات التجارية الرسمية والشهر حيث أوجب أن تودع العقود التأسيسية والعقود المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري وتنشر حسب الأوضاع الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات إلا باطلة م 548 م والشهر في الشركات التجارية من الأهمية بمكان حيث يهم أمر المتعاملين مع الشركة وتختلف وسائل الشهر كما يختلف جزاء إهماله بإختلاف نوع الشركة وهذا ما سنراه لاحقا في موضوع أنواع الشركات .

المبحث الثالث : الجزاء على مخالفة شروط الشركة (البطلان)

بتوافر الأركان الموضوعية العامة والخاصة والشكلية لعقد الشركة أعتبرت شركة تخضع لنظام القانوني للشركات حسبما ينص عليه العقد ولما يقرره المشرع .
ويترتب على تخلف أحد أركانها اللازمة لصحة عقد الشركة بطلانه والأصل أن البطلان يعني إنعدام أثر العقد بالنسبة إلى المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير كذلك .

المطلب الأول: البطلان المؤسس على مخالفة الأركان الموضوعية العامة :

الفرع 01:عيب الرضا ونقص الأهلية

إذ انساب رضا أحد الشركاء عيب كغلط او إكراه او تدليس أو كان ناقص الأهلية في وقت تكوين الشركة وقع العقد باطلا والبطلان هذا بطلان نسبي فلا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر لمصلحته و لايجوز للمحكمة تقضي به من تلقاء نفسها ويزول حق إبطال العقد بالاجازة الصريحة او الضمنية وفي حالتها حكم ببطلان العقد أو إبطاله فالقواعد العامة توجب أن يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد فغن كان مستحيلا جاز الحكم بتعويض عادل، في حالة البطلان (الحكم بالبطلان) هل يترتب إنهيار عقد الشركة تماما أم يقتصر أثر البطلان على الشريك الذي طلبه وقضى له به ؟
فهذا الأمر يتوقف على نوع الشركة فإذا كانت شركة تضامن ترتب على الحكم بالبطلان إنهيار العقد، إلا بالنسبة إلى الشريك الذي كان رضاؤه معيبا وإنما بالنظر إلى الشركاء جميعا لن الشركة تقوم على الاعتبار الشخصي ويعتمد كل شريك على وجود الشركاء الأخرين بسب التضامن الذي يسودهم .
أما إذا تعلق المر بشركة ذات مسؤولية محدودة او مساهمة فلا تبطل الشركة برمتها نظرا لعدم قيامها على الاعتبار الشخصي 733 ق تجاري .
لا يحصل بطلان شركة أو عقد معدل للقانون الأساسي إلا بنص صريح في هذا القانون أو القانون الذي يسري على بطلان العقود، وفيما يتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة أو الشركات المساهمة فإن البطلان لا يحصل من عيب في العقول أو فقد الأهلية إلا إذ شمل هذا العيب كافة الشركاء المؤسسين .

الفرع 02 : البطلان المؤسسي على عدم مشروعية المحل والسبب :

إذا ثبت أن الشركة قامت مستوفاة الأركان ولكن قامت من أجل تحقيق غرضا مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا والبطلان في هذه الحالة بطلان مطلقا، فيجوز لكل ذي مصلحة التمسك به كالشركاء أنفسهم والغير وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء ذاتها .
ولا يزول البطلان بالاجازة ولا تسقط دعوى البطلان إلا بمضي 15 سنة من وقت العقد .

المطلب الثاني : البطلان المؤسس على مخالفة الأركان الخاصة :

فرع 01 : البطلان بسبب عدم إكتمال النصاب القانوني لعدد الشركاء:

يفترض في عقد الشركة أيا كان نوعها أن يكون الشركاء إثنين على الأقل غير أن المشرع الجزائري لإعتبارات رآها اشترط في الشركات ذات المسؤولية المحدودة ألا يزيد عدد الشركاء على عشرين، أما في الشركات المساهمة فإستوجب ألا يقل عدد الشركاء عن 09 شركاء، ومن هذا نجد في النصوص أن في شركات التضامني والمسؤولية المحدودة يلزم وجود شركين على الأقل وإلا كانت باطلة ويكون البطلان مطلقا. أما إذا زاد عدد الشركاء عن 20 أصبحت شركة مساهمة في أجل سنة واحدة، واوجب المشرع ألا يقل عدد الشركاء عن 09 شركان فإذا قلت عن هذا النصاب تكون الشركة باطلة بطلان مطلقا .

فرع 02 : البطلان بسبب عدم تقديم الحصص :

يترتب على عدم تقديم الحصص بطلان الشركة لأن الحصص هي بمثابة الضمان العام للمتعاملين مع الشركة، ويجب الإلتزام بالحد الأدنى لرأس المال المنصوص عليه في القانون حسب نوع الشركة .

فرع 03 :البطلان المؤسس على انتفاء نية المشاركة وتقسيم الأرباح والخسائر

تحوي نية المشاركة هي المساواة في الاشتراك في الإدارة وتوزيع الأرباح والمساهمة في الخسائر وعلى ذلك إذا انتفت هذه النية لم تكن بصدد عقد شركة وعلى ذلك فتكون الشركة باطلة بطلانا مطلقا . المادة 426 مدني /1 إذا وقع الاتفاق على أحد الشركاء لاسهم في أرباح الشركة ولا في خسائرها كان عقد الشركة باطلا.
والجزاء المترتب على مخالفة لنية المشاركة وتقسيم الأرباح والخسائر هو البطلان، والبطلان في هذه الحالة من نوع البطلان المطلق وللمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ولكل ذي مصلحة التمسك به ولا يصحح بالإجازة .

فرع 04 :البطلان بسبب عدم توافر الأركان الشكلية لعقد الشركة البطلان الخاص

418 ق.م يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا ويكون باطلا كل ما يدخل على العقد من تعديد إذ لم يكن له نفس الشكل الذي يكتسبه ذلك العقد .
أوجب المشرع الجزائري الكتابة سواء كانت مدنية او تجارية وأيا كانت طبيعة نشاطها وشكلها وفضلا عن الكتابة التي استلزمه في سائر عقود الشركان استلزم إتحاذ إجراءات الشهر بالنسبة للشركات التجارية كإيداع العقود التأسيسية والعقود المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري وتنشر حسب الأوضاع الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات وإلا كانت باطلة .

المطلب الثالث : تصحيح البطلان وتقادم دعوى البطلان :

تصحيح البطلان: رغبة من المشرع الجزائري في المحافظة والبقاء على الشركة دعما منه للائتمان التجاري نص في المادة 735 على انقضاء دعوى البطلان إذا انقطع سبب البطلان في اليوم الذي تتولى فيه المحكمة النظر في الأصل ابتدائيا إلا إذا كان هذا البطلان مبنيا على عدم قانونية موضوع الشركة
ومفاد هذا النص أنه إذا رفع أحد الشركاء أو الغير ذي المصلحة مع الشركة دعوى يطلب بطلان الشركة لأي سبب بخلاف حالات البطلان بسبب عدم مشروعية محل الشركة فإن كان مخالفا للآداب أو النظام العام فإنه يمكن تصحيح البطلان بإزالة السبب فإذا عقد الشركة غير مكتوب أو لم يتخذ الشركاء إجراء تشهيره او لم يكتمل النصاب القانوني للشركاء أو بسبب عدم تقديم الحصص، أو تضمين عقد الشركة شرطا من شروط الأسد فإنه يجوز لهم تصحيح البطلان بالكتابة وإتخاذ إجراءات الشهر وتصحيح البطلان أيا كان سببه فإذا تم هذا التصحيح حتى يوم نظر دعوى الموضوع فعلى القاضي أن يحكم بإنقضاء دعوى البطلان لزوال سببه .
جواز هذا التصحيح: سبب فني مناطه زوال سبب البطلان المرفوع من أجله فمتى زال السبب انقضت الدعوى سبب مصلحي اقتصادي فحواه أن المشرع لا يلتمس الأخطاء للشركة في تحكم ببطلانها بل يشجعها دعما منه للائتمان التجاري وتنشيط التجارة .وهذا رغبة من المشرع الأكيدة في إزالة اسباب البطلان حتى يضمن بقاء الشركة واستمرارها .
تصحيح البطلان بسبب عيب من عيوب الرضا أو نقص الأهلية :
من نص م 738 أراد المشرع الجزائري إلا بقاء على الشركة حتى إذا ما شاب رضاء أحد الشركاء عيب أو نقص الأهلية وقت تأسيسها أو إصابة عارض أثر على أهلية في هذه الحالة أجاز المشرع لكل شخص يهمه الأمر ان ينذر كلا من الشركة والشخص المعني (الذي شاب رضاء عيب) تصحيح هذا العيب وإلا فإن له الحق في رفع دعوى البطلان خلال 06 أشهر من تاريخ الإنذار .
تصحيح البطلان بسبب إجراءات الشكل:
تنص المادة 739 ت على أنه إذا حدث بطلان لأعمال أو مداولات لاحقه لتأسيس الشركة مبنيا على نفس قواعد النشر فلكل شخص يهمه أمر تصحيح العمل لأن ينذر الشركة بالقيام بهذا التصحيح في أجل 30 يوما، ويجوز لكل شخص يهمه الأمر أن يطلب من القضاء تعيين وكيل يكلف بالقيام بهذا الإجراء

فرع 02 : تقادم دعوى البطلان :

تنقضى دعوى بطلان الشركة بالتقادم بانقضاء 03 سنوات من يوم العلم بسبب البطلان، مع مراعاة الفترة التي نصت عليها الفقرة الأولى من المادة 738 وهي 06 شهور من تاريخ الإنذار بطلب تصحيح البطلان .
أما بالنسبة لدعاوى المسؤولية الناجمة عن إبطال الشركة فيسري التقادم اعتبارا من التاريخ الذي إكتسب فيه حكم البطلان قوة الشيء المقضى ولمدة 03 سنوات وهذا ما قضت به المادة 743 ت بأنه لا يحول زوال سبب البطلان دون الحق في رفع دعوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن عيب كان يشوب أحد الشركاء أو الشركة او العمل الذي قامت به، وتتقادم هذه الدعوى بمرور 03 سنوات اعتبارا من تاريخ كشف البطلان .

الخـاتمة:

في الأخير يتضح لنا مما سبق ذكره خلال عرضنا لهذا البحث ، أن بتوافر الأركان الذي ذكرناه تتكون الشركة ، وبتخلف أحد أركانها تنعدم الشركة، وفي حالة قضاء بالبطلان نحوها تناول البطلان مستقبل العقد فحسب، أما بالنسبة للماضي فتعتبر الشركة موجودة ولكن وجودها ليس له كيان قانوني وإنما كيان فعلي واقعي، وهذا ما يعرف بنطاق نظرية الشركة الفعلية ويشترط لتطبيقها أن تكون الشركة قد باشرت أعمالا قبل الحكم بالبطلان، أما إذا صدر الحكم بالبطلان قبل أن تباشر الشركة أعمالها فلا يكون لها كيان في الواقع، ويرجع إستناء القضاء لإقامة نظرية الشركة الفعلية إلى فكرة حماية الأوضاع الظاهرة تحقيقا لإستقرار المراكز القانونية