بحث قانوني علمي حول انظمة السجون

أ/ أحمد أبو الزين

المقدمــــــــــة

وجدت ظاهرة الإجرام منذ بدء الخليقة وإن اعتداء الفرد على فرد آخر من أفراد المجتمع إضافة لكونه يشكل اعتداءً على هذا الفرد إلا أنه يشكل اعتداءً على أمن المجتمع كله واعتداءًَ على القيم والقواعد المستقرة في المجتمع والي تمثل مبدأ العدالة بحد ذاته ولا بد من رفع هذا الاعتداء ومنع وقوعه مستقبلاً.

والجريمة تشكل ظاهرة اجتماعية وحتمية في المجتمع وإحتمالية في الفرد

وقد سعت كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية منذ القدم إلى مكافحة الجريمة ووضع أساليب معالجتها والوقاية منها.

والجريمة في الشريعة الإسلامية هي محظورات شرعية يعاقب مرتكبيها بحد أو تعزير أما الحد فهو العقوبة المقدرة أي محددة ومعينة ما أورده النص بها في القرآن الكريم أو أقرتها السنة المشرفة وما التعزير فهو التأديب ومتروك تقديره للقاضي ويترتب على جميع الجرائم التي لم يرد النص في القرآن الكريم أو في السنة على تعين عقوبات خاصة بها .

وإن أخطر ما تملكه الدولة من الحقوق في مواجهة الأفراد ومكافحة الجريمة هو حق العقاب، وهو حق تقتضيه ضرورة المحافظة على المجتمع وحمايته من الأفعال والتصرفات الضارة به أو التي تهدد كيانه ونظمه .

وعلى كال حال فمباشرة الدولة لحق العقاب يقتضي غاية الشارع من الناحية الموضوعية بأمور جوهرية ثلاثة وهي:
– بيان الأفعال أو التصرفات التي يقدر أنها تستوجب العقاب ويقال لها “جرائم”
– تحديد من يكون من الأشخاص مجرماً ، مستحقاً للعقاب، إذا ارتكب إحدى الجرائم .
– بيان الأجزية التي تقابل الجرائم ويقال لها بصفة عامة ” العقوبات “

ويسعى علم العقاب إلى إيجاد الوسائل الناجعة التي يتوسل بها لمكافحة الجريمة سواءً بالوقاية منها أو بمعاقبة مرتكبها وفي مقدمة هذه الوسائل والسجن الذي يهدف إلى عزل المجرم عن المجتمع إلى حين إصلاحه وعودته إلى المجتمع سليماً معافى إضافةً إلى أهداف أخرى تحققها عقوبة السجن.

ولعقوبة السجن ولحبس مزايا عدة ولها مسالب كثيرة أيضاً وقد حاول المشرعون والباحثون معالجة هذه المسالب أو الحد منها ونبين في هذا البحث أنظمة وأنواع السجون المختلفة في العالم إضافةً إلى مزايا السجن وعيوبه وآثاره السلبية وكيفية معالجتها والحد منها.

الفصل الأول :أنظمة السجون في العالم
أولاً- فلسفة العقوبة وأهدافها :
ثانياً- موقف الشريعة الإسلامية من عقوبة السجن.
ثالثاُ- التطور التاريخي للسجون في العالم .
رابعاً- أنواع وأنظمة السجون.

****************

الفصل الثاني: أنظمة السجون في سوريا
أولاً- نبذة عن نظام السجون في سوريا.
ثانياً- أنواع دور التوقيف.
ثالثاُ- المحظورات والممنوعات على السجناء .
رابعاً- الواجبات المفروضة على السجين.
خامساً- الإجراءات الوقائية والتنظيمية .
سادساً- العمل في السجن .

الفصل الثالث:طرق الإصلاح والتأهيل.

أولاً- الجرائم والمخالفات التي يرتكبها السجين.
ثانياً- عيوب السجن ووسائل معالجتها

****************
الفصل الرابع:مقترحات تطوير أداء دور التوقيف في سوريا
أولاً- تخفيف الازدحام في السجون.
ثانياً- الفصل بين السجناء
ثالثاُ- التأهيل والإصلاح والرعاية .

******************

الخـــــــــــــــــاتمــــــــة

الفصل الأول : أنظمة السجون في العالم

أولاً – فلسفة العقوبة وأهدافها :

إن إيقاع العقوبة على الجاني يحقق عدة وظائف وأهداف أهمها :

أ‌- الوقاية والعبرة بزجر الآخرين من ارتكاب الجرم وإيقاع الألم بالمجرم كعقاب له.

ب‌- إصلاح المجرم أثناء تنفيذ العقوبة وتشجيعه على أن يجعل من نفسه إنساناً شريفاً يستطيع معاودة العيش الشريف في المجتمع الذي أساء إليه أو القضاء عليه نهائياً في حالة استحالة إصلاحه حينما يتمكن الشر والانحراف من نفسه الضعيفة تمكناً مطلقاً .

ت‌- الوظيفة الأخلاقية إذ إنّها بمثابة تدبـير تكفيري ترضي الحاجة إلى العدالة وتحل محل الانتقام الفردي الذي يؤدي إلى إطفاء جذوة الحقد والألم التي تتمثل في نفس المضرور من الجريمة .

ثانياً– موقف الشريعة الإسلامية من عقوبة السجن :

1- لم يرد السجن في الشرع الحنيف كعقوبة لأي جريمة من جرائم الحدود والقصاص ، وقد ورد لفظ ” السجن ” في القرآن الكريم في إطار قصصي لبعض الأنبياء .
كما كان عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوصف بأنه ” مجتمع بلا سجون ”
فالسجن ليس عقوبة أساسية في التشريع الإسلامي . وجاء في سنن الترميزي أن النبي صلى عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة ثم خلى عنه ، وقيل كانت التهمة كذب المتهم في أداء شهادة فحبسه صلى الله عليه وسلم ليعلم صدق الدعوى بالبينة فلما عجز المدعي عن إقامه البينة خلى سبيله .

2- وتم إنشاء أول سجن في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما اشترى نافع بن الحارث داراً للسجن في مكة وتم وضع أول نظام للسجون في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقد كتب الخليفة العادل إلى أمراء البلدان تعميماً ويمكن تفصيله في القواعد التالية :
أ‌- التفقد والنظر وسرعة البت في قضايا المسجونين ومن ثبت عليه حق منهم قيام الحد ولا يسجّن.
ب‌- من كانت قضيته مشكلة فعليه رفع الأمر إلى الخليفة لينهي قضيته .
ت‌- المحافظة على المجرمين والفساق لأنّ الحبس لهم نكالاً فلا يتمكنوا من الهروب.
ث‌- عدم التعسف والجور في استعمال التأديب.
ج‌- العناية بصحة السجناء ، بالتفقد المستمر لأحوال المرضى ، وخاصة من لا حال له ولا قريب .
ح‌- تصنيف السجناء وفصلهم .

خ‌- عزل النساء عن الرجال.
د‌- الإهتمام بموظفي السجن والتحري عن سلوكهم واشتراط الثقة والعدالة فيهم .
ذ‌- إمدادهم بالطعام .
ر‌- مراعاة حال السجين المسلم وتمكينه من تأدية العبادة كاملة فلا يقيد بقيد إلا من كان مطلوباً بدم .
ز‌- معاملة السجين معاملة مستقيمة خيرة .

3-–نظام السجون في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد :

وضع الفقيه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة نظاماً للسجون في كتابه الخراج يمكن تفنيدها كالتالي:
أ‌- صرف مرتبات شهرية للسجناء مقدره بعشرة دراهم لكل واحد وكانت كافية لطعامهم وشرابهم ويتم الصرف عن طريق ثقاة ووفقاً لسجلات .
ب‌- تحديد الكسوة للرجال والنساء مناسبة للظروف الجوية .
ت‌- الرفق بالمذنبين وتفقد أمورهم والإهتمام بقضاياهم لأن ابن آدم لا يخلو من ذنب .
ث‌- الإهتمام بإقامة الحدود ليقل عدد السجناء وسرعة البت في قضايا السجناء.
ج‌- رعاية أهل السجين .
ح‌- التقيد بالورع والعدل في التأديب والتحذير من الضرب.

ثالثاً– التطور التاريخي للسجون في العالم :

عرفت السجون منذ القديم وإن لم تعرف الأبنية الخاصة بالسجون وأنظمة السجون إلا في العصور الحديثة فقد كان يخصص في العصور القديمة والوسيطة للسجن قلعةَ أو حصنا أو برجاً أو أي مكانٍ آخر يمكن أن يحجز فيه المتهمون والمحكوم عليهم لمنعهم من الهرب.

وفي بداية القرن الثالث عشر بدأت الكنسية أول حركة إصلاحية في نظام السجون حيث أنشأت سجوناً كنسية اعتبرتها بمثابة أماكن للتوبة وطبقت فيها نظام التعليم والتهذيب ومعاملة عقابية بعيدة عن القسوة وأول سجن في التاريخ أعد ليكون سجناً هو سجن ( برايدول) سنة 1553 في لندن وكان يطلق عليه اسم ( دار الإصلاح ) وأول سجن خصص للأحداث أنشأه البابا ( كلميان الحادي عشر عام 1703 في ملجأ سان ميشيل في روما).
وما إن بدأ القرن التاسع عشر وتحت ضغط المفاهيم العقابية الجديدة وحركات إصلاح السجن حتى عمت السجون الحديثة أكثر دول العالم كما بدأت بعض الدول بتجارب حول أنظمة السجون وأساليب المعاملة العقابية انتهت بأنظمة إصلاحية مقيدة .

رابعاً– أنواع وأنظمة السجون:

ويقصد بنظام السجون الكيفية التي يعيش فيها السجناء لجهة عزلتهم أو إتصالهم بـبـعضهم البعض أو أسلوب تطبيق البرامج الإصلاحية عليهم ، ويلعب نظام السجون دوراً هاماً في حسن تنفيذ العقوبة وفي تحقيق الغايات المرجوة منها وأشهر هذه النظم:

1- النظام المشترك ” السجون المغلقة”
وهو النظام الراهن لدينا وفيه يعيش السجناء حياةً مشتركةً ليلاً و نهاراً ويوجب القانون تفريق الذين يتجاوز مدة عقوبتهم الثلاث سنوات عن الذين تقل مدة أحكامهم عن هذه المدة .

وميزة هذا النظام هي :قلة نفقاته وسهولة تنفيذه ويسر تنظيم الأعمال فيه وبساطة الإجراءات في إنشاء السجن وإدارته وفي تنظيم العمل والتعليم والتهذيب.
وأقل الأنظمة إضرارً بالصحة العقلية والنفسية للمسجونين .

ومساوئ هذا النظام :عديدة ومجملها ناجم عن اختلاط السجناء بكافة فئاتهم وأصنافهم وهذا ما سنبينه عند بحثنا في مساوئ السجن وطرق معالجتها .

2- نظام العزلة :
ويرجع إلى أصول كنسية فقد طبقته الكنسية في عام (1790) في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا في أمريكا الشمالية لذا عرف بأسم نظام بنسلفانيا لأنه طبق أول مرة في هذه الولاية ، وأساس هذا النظام أن المجرم ارتكب خطيئة وعليه التكفير عنها وتطهير نفسه ، وهذا لا يتم إلا في مكان منعزل وفيه يوضع كل سجين في زنزانة صغيرة ويمنع من الاتصال بالسجناء الآخرين .

غير أنّه يجوز له أن يستقبل أناساً من خارج السجن تخلصاً من مساوئ السجن الحجروي المطلق .\

فقد ثبت أن العّزلة التامة عن السجناء وعن غيرهم كانت سبباً من أسباب الانتحار والجنون والشلل. ومن منافع هذا النظام أن المعزول يفكر بجريمته دوماُ ولا بد أن يندم على ما ارتكبت يداه .

ومن منافعه أيضاً إرهاب الآخرين ، وتمكين إدارة السجن من ملاحظة كل سجين حتى يكون رأيها فيه صحيحاً وحتى تتمكن من إشادة وتشجيع صلاحه.

ولكن نفقات الإنشاء باهظة لكثرة الحجرات والأبنية وتنظيم العمل عسير لاسيما حين يكون عدد السجناء كبيراً .

ومن سيئاته : أيضاً عدم تربية السجين ليكون صالحاً لحياة اجتماعية حين الإفراج عنه .

وتعرض السجين إلى اضطربات عصبية مرهقة ، ولاسيما إذا كانت مدة العزل طويلة .

ونظراً لهذه المساوئ فقد تم هجر هذا النظام من قبل العديد من الدول وهجرة سجن بنسلفانيا نفسه.

3- النظام المختلط:
لم يخل نظام العزل النسبي من محاذير شتى، لذلك اقترحوا مزج النظام المشترك مع نظام العزلة لجمع مزاياهما ، وتفادي مساوئهما ويطبق النظام الجديد بفصل المساجين ، بعضهم عن بعض في الليل فصلاً تاماً وبتشغيلهم معاً في النهار تحت قاعدة الصمت ، وبذلك يؤمنون مصلحة السجناء الشخصية بعدم حرمانهم من كل حياة اجتماعية .

ولكنهم لا يسمحون لهم بنقل الأفكار الخطرة إلى من يجهلها بعد من النـزلاء وقد طبق هذا النظام في سجن أو جران في ولاية نيويورك لأول مرة حوالي عام (1816) ومنها أخذ ينـتشر شرقاً وغرباً .

4- نظام التدرج ” الشبه مغلق”
ويعرف أيضاً بالنظام الايرلندي ، لأنه طبق في أول عهده في ايرلندا وهو مركب تركيباً علمياً من الأنظمة السابقة ، وينفذ على ثلاث مراحل الأولى ومدتها قصيرة يطبق فيها نظام العزلة ليلاً ونهاراً .

الثانية – مدتها طويلة يطبق فيها نظام مختلط فيعزل السجين ليلاً ويعمل مع بقية المساجين نهاراً وهم سكوت.

الثالثة- تبدأ قبل نهاية العقوبة ويسمح فيها للسجين الخروج من السجن والبحث عن عمل فإذا استمر سلوكه حسناً أصبح إخلاء سبيله تحت شرط أمراً معقولاً ويظل كذلك حتى يفرج عنه نهائياً.

5- السجن المفتوح

لكن هذه الأنظمة كلها لم تعد وافية بالغرض لأنها تخضع السجين إلى نظام من الحياة لا يؤهله إلى الحياة الحرة الشريفة حتى يتم الإفراج عنه ولذلك ارتأى الباحثون الاجتماعيون ضرورة تنظيم الحياة في السجن بصورة تقترب كثيراً من نظام الحرية على أنّ يحول بين المساجين وبين الفساد وذهبت بعض الاتجاهات الحديثة إلى ضرورة إنشاء ، سجون مفتوحة قوامها الثقة في السجين وإشعاره بالمسؤولية .

والسجون المفتوحة هي أماكن عادية في بنائها وأبوابها أو على شكل معسكرات تخلو من الأسوار وهي تقام عادة في الريف أو قرب مناطق صناعية للاستفادة في تشغيل النـزلاء وهي تخصص عادة للمجرمين غير الخطرين والمحكوم عليهم بعقوبات قصيرة المدة.

وقد نشأت هذه المؤسسات لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر ولكن تطبيقها لم ينتشر إلا بعد الحرب العالمية الثانية وهي مطبقة اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا وبلجيكا وهولندا وسويسرا والسويد وقد أوصى بها عدد من المؤتمرات الدولية مثل المؤتمر الدولي للعقوبات والسجون المنعقد في لاهاي عام (1950) وحلقة دراسات الشرق الأوسط لمكافحة الجريمة ومعاملة المسجونين المنعقد بالقاهرة عام (1953) .

وتقوم مبادئ السجن المفتوح على ما يلــي:
أ‌- ترسيخ ثقة السجين بنفسه بمراقبته مراقبة تحول بينه وبين الهرب ، لذلك أرتأوا إزالة أسوار السجن وجعل السجين يشعر أنّ المرغبات الأدبية خير من الموانع المادية على أنه إذ أساء إلى هذه الثقة فإنه يعاد إلى السجون العادية .

ب‌- إقناع السجين أنّ هذا النظام موضوع لمصلحته الشخصية لكي يتاح له الاندماج في المجتمع بعد انتهاء مدة عقوبته .

ت‌- أن يكون هذا السجن المفتوح مستقلاً عن السجن العادي أو على الأقل أن يكون ملحقاً به .
وينظم العمل فيه في الزراعة أو الصناعة وتعليم السجين حرفةً من الحرف التي يعتاش منها عندما ينتهي من مدة عقوبته.

ث‌- حسن اختيار السجناء الذين يوضعون في السجن المفتوح والآراء متفقة نوعاً ما على أن يكونوا من المحكوم عليهم لمددٍ قصيرة ٍ وأن يكونوا من المجرمين المبتدئين الذي لا سوابق لهم ،أو الذين تكون جرائهم من الجرائم غير الخطيرة .

وعيوب هذه المؤسسات أنها تغري السجناء بالهرب وتلغي الوظيفة الرادعة للعقوبة .

نبذة عن نظام السجون في سوريا:

يرجع نظام السجون إلى عام (1929) ، أي إلى ما قبل ثمانين سنة وضعت ومن المعلوم أن النظام الإداري الذي كان سائداً على البلاد في أوان صدور نظام السجون هو ” قانون الولايات العمومية ” الصادر بإرادة السلطان العثماني محمد رشاد بتاريخ 17/ ربيع الآخر / عام 1331 .
وقد أوجب هذا القانون في المادة (45) منه على أن يعتني المتصرف ” المحافظ حالياً” بتنفيذ أحكام نظام السجون بتمامه
وحين صدور نظام السجون في ظل هذا القانون ، نص في بنوده على اختصاصات المتصرف وواجباته العديدة ، تأسيساً على أن السجون كانت إدارة مدنية مرتبطة بالمتصرف ارتباطاً مباشراً ، وأن موظفي السجون ، من مدير ورئيس خفراء وخفراء وكتاب ومحاسبين وعمال ، كانوا من الموظفين المدنين الذي يعينهم المتصرف ويعزلهم ، ولم يكن على ( الدرك) وقتها سوى واجب الخفارة الخارجية لمباني السجون بقصد منع هرب السجناء ، وذلك دون أن يحق لرجالها التدخل بما يجري في داخل هذه السجون ، إلا بناء على أمر خطي من مدير السجن ، ولغاية تهدئة ثورة السجناء وتمردهم أو قمع جرائم ، أو ما هو من هذا القبيل …
وحين صدور ” النظام الإداري” في عام (1932) برقم /1451/ مكرر المؤرخ /12/ نسيان ، لم يختلف في أحكامه عن القانون السابق له اختلافاً جوهرياً
وفي عام /1933 كلف ( الدرك) بإدارة سجون الأقضية فقط بموجب المرسوم رقم /1381/ تاريخ 6/7/1933 ، ثم في عام 1934 صدر المرسوم ذو الرقم /2151/ تاريخ 26شباط وألغى نظام موظفي السجون السابق.

وبصدور هذا المرسوم ،دخلت السجون في مرحلة جديدة ، وغاب عن أجوائها الطابع المدني ، لتتولى إدارته هيئة جديدة ، ذات صبغة عسكرية .
وبعد عامين من هذا التغير ، صدر ” نظام إدارة المحافظات ” بالقرار رقم (5/ل/ر) تاريخ 10/1/1936 .
واقتصرت بموجبه واجبات المحافظين ، في مجال السجون ، على حق الإشراف فقط بينما كانت واجباتهم في القوانين السابقة التنفيذ.
وهكذا كان الحال مع قانون التنظيمات الإدارية ذي الرقم /496/ تاريخ 21/12/1957 المعمول به حالياً .
الذي أورد في المادة /27/ منه العبارة التالية :
(( للمحافظ تفتيش الإدارات العامة والسجون ))

كما نصت المادة ” 59″ منه وفي باب اختصاصات مدير المنطقة على واجب مراقبة تنفيذ أحكام السجون فقط .

ويستخلص من مجمل ما تقدم ، أن بعض النصوص الواردة في نظام السجون والمنظمة لأموره تحت الإدارة المدنية ، أصبحت ملغاة ، بعد نقل هذه الإدارة إلى هيئة الدرك العسكرية ،وإن الصلاحيات الممنوحة للمحافظين بموجب هذه النصوص ، قد انتقلت حكماً إلى من عنتهم المواد الخاصة في المرسوم التشريعي رقم (67) تاريخ 24/3/1965، والقرار التنظيمي رقم /84/ تاريخ 31/5/1965 اللذين حددا اختصاصات وصلاحيات مختلف الوحدات التابعة لقوى الأمن الداخلي .

هذا ما يتعلق بالصلاحيات …..
أما بالنسبة للتسميات الخاصة بالوظائف والموظفين ، فقد ورد في صلب نظام السجون تسميات كانت متوافقة مع الأنظمة المعتبرة آنئذ…

الفصل الثاني : نظام السجون في سوريا

يعتمد نظام السجون في سوريا أسلوب النظام المشترك وقد وضعت بعض القرارات التنظيمية لإصلاح الحالة أملاً بتحقيق الغاية المرجوة من العقوبات الإصلاحية ، وأهما القرار (1222) المؤرخ في 2/ حزيران 1929 المتضمن نظام السجون ، والمرسوم التشريعي رقم/139/ تاريخ 31/4/1941 والقرار رقم /340/ تاريخ 30/5/1951 .

أولاً – أنواع دور التوقيف:

نص القرار /1222/ على تقسيم السجون إلى ثلاث أنواع من المؤسسات العقابية :
1- مؤسسة مركزية للعدل والإصلاح ، وهي لم تنشأ بعد.
2- مؤسسة للتوقيف والعدل في مركز كل محافظة.
3- مؤسسة للتوقيف في كل منطقة .
وتوضع النساء المسجونات في جناح خاص، ويناط أمر مراقبتهن بنساء يكلفن بنفس الوظائف المسندة إلى الحراس ” المادة 22″
وأجاز قرار وزير الداخلية رقم /340/ تاريخ 3/5/1951 تنفيذ عقوبات الحبس لمدة (15) يوماً أو أقل في مخافر الشرطة التي تبعد عن أقرب سجن ، مسافة (8) ساعات مشياً على الأقدام ( وهذه أيضاً غير مطبقة من الناحية العملية ).

ثانياً – المحظورات والممنوعات على السجناء:

يحظر على المحكومين أو الأظناء الأمور التالية :
1- الصراخ والغناء والنداء بصوت مرتفع أو تشكيل التجمعات ” مادة 53″.
2- تعاطي الميسر والهبات أو الإتجار والمبادلة ” مادة 54″
3- حيازة أي مادة ممنوعة وخصوصاً أمواس الحلاقة ” مادة 58″
4- تعاطي المشروبات الروحية أو الخمر ” المادة 80″
5- حظر التبغ على المحكومين والموقوفين الأحداث ” المادة81″ وهذا المنع غير مطبق من الناحية الواقعية .
ويجب على المحكومين أن يرتدوا اللباس الجزائي إلا إذا كانت عقوبتهم أقل من ثلاثة أشهر ، فهم مخيرون ” المادة83″ ، وهذا الأمر غير مطبق أيضاً من الناحية الواقعية.

ثالثاً– الواجبات المفروضة على السجين:

1- إطاعة الأنظمة والأوامر .
2- الترتيب والتنظيف.
3- النظافة البدنية.
4- الحلاقة.

رابعاً – الإجراءات الوقائية والتنظيمية :

ينص القانون السوري على عدة إجراءات وقائية وتنظيمية منها:
1- نصت المادة (58) من قانون العقوبات على وجوب تفريق الزمر التالية من المساجين بعضهما عن البعض.
أ‌- المحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة.
ب‌- المحكوم عليه باعتقال المؤبد والمؤقت
ت‌- المحكوم عليه بالحبس مع التشغيل.
ث‌- المحكوم عليه بالحبس البسيط.
ج‌- المحكوم عليه بالحبس التكديري.

ويتم تفريق الأقسام المذكورة كافة في غرف النوم والمشاغل والطعام وساحات النزهة ومن الناحية الواقعية حالياً يوجد فصل جزئي بين المواقيف حسب أنواع الجرائم والفئات وخاصة في المنامة .

2- التفتيش عند الدخول إلى السجن وفي كل مرة يخرجون فيها للمحاكمة أو الاستجواب وتفتيش مفاجئ ” مادة 46″ من قرار تنظيم السجون.
حظرت المادة “30” على جميع موظفي وعمال الحراسة استعمال الشدة بحق الموقوفين وتلقيبهم بألقاب محقرة أو مخاطبتهم بلسان بذيء أو ممازحتهم.
حرص الشارع على توجيه العناية إلى الديانة والى التعليم وأوجب أن تنظم في السجن المركزي وفي السجون الأخرى ، بناء على قرار من وزير الداخلية دائرة التعليم الابتدائي ” المادة114″
والتعليم الابتدائي إجباري للموقفين الأحداث ، وللموقوفين الذين لم يبلغوا الأربعين من عمرهم ، والمحكومين بالسجن أكثر من ثلاثة أشهر “المادة115″
وحـضور جلسـات القـراءة والمحاضرات إجـباري للمحكـومـين ” المادة 116″

خامساً– العمل في السجن:

1- نصت الأنظمة النافذة على وجوب تأسيس مصانع في السجن المركزي وفي جميع السجون السورية وهذه المصانع تدار إما رأساً من قبل الدولة أو تحال إلى متعهدين وينظم العمل بصورة لا تسمح لمحكوم ما بالبطالة ” المادة 93″.
2- أجاز المرسوم التشريعي رقم /139/ تاريخ 31/7/1935 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم /37/ تاريخ 9/2/1942 استخدام السجناء المحكومين في أعمال البناء وزراعة الأشجار وأعمال التنظيم والإصلاح في أملاك الحكومة والبلديات ، وأعمال الأثاث للدولة وتعليم رفاقهم الأميين ويتقاضون على هذه الأعمال أجرة تحدد وفقاً للقوانين أو بتخفيض مدة سجنهم ، يوم واحد كل أسبوع عمل ، ويشترك المستفيد من هذه المنح ألا يكون خطراً على الأمن ومن هؤلاء المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أكثر من عشر سنوات ويصدر بهذه المنحة مرسوم جمهوري يقترحه وزير الداخلية ويوافق عليه وزير العدل ، وهذا الأمر غير مطبق من الناحية العملية .
ويقسم المحصول بين المحكوم عليه ذاته ، لينفقه على نفسه و بين الأشخاص الذين يعولهم – خارج السجن – وبين المدعي الشخصي وللتعويض عليه عما ألحق به من ضرر وبين الدولة ولاستيفاء الغرامات والنفقات القضائية ونفقات إدارة السجن.

أما النسبة فتحدد بإشراف النيابة العامة المكلفة تنفيذ الحكم ، ولكن الشارع رأى أن يخصص سلفاً ، حد أدنى لا يجوز النزول عنه لعائلة المحكوم عليه .

وفي هذا إنسانية واضحة وللمدعي الشخصي .
وفي هذا عدل وإنصاف .
وهذا الحد الأدنى هو ثلث المحصول الشهري لكل من الجهتين ، ويوزع الثلث الأخير على الجهات الأخرى .
فإذا استوفى المدعي الشخصي تعويضه زيدت حصة المحكوم عليه وحصة عائلته زيادة مطردة ، بقدر صلاحه .

هذا هو تنظيم حياة السجين من الناحية القانونية ولكن من الناحية العملية فإن العديد من هذه الأحكام ورغم قدم النصوص القانونية التي تحكمها ، لا يمكن تنفيذه وخاصة لجهة الأعمال الزراعية أو غير ذلك من المسموحات والمحظورات .

الفصل الثالث : طرق الإصلاح والتأهيل:

أولاً – الجرائم والمخالفات التي يرتكبها السجين:

الجرائم التي قد يرتكبها السجين أثناء تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه هي نفس الجرائم التي يرتكبها وهو خارج أسوار السجن مثل – القتل- الاعتداء بالعنف- السرقة – تعاطي المخدرات – وغيرها من الجرائم – عدا الجرائم التي لا يمكن ارتكابها لظروف السجن .
وأكثر الجرائم المرتكبة من قبل المساجين ولا يمكن ارتكابها من غيرهم هي جريمة الهروب من السجن أو محاولة الهروب وقد نص عليها المشرع في المادتين /59-415/ من قانون العقوبات .
أما المخالفات التي يرتكبها السجين أثناء تنفيذ العقوبة هي مخالفة الأنظمة والقوانين المعمول بها داخل السجن وهي لا تدخل ضمن الجرائم ويتعرض مرتكب هذه المخالفات إلى عقوبات تأديبية وقد نص عليها المشرع في المواد /71و72و73/ من قرار تنظيم السجون وتخص كل فئة من فئات السجناء موقوفين – محكومين .

وتستمد العقوبات التأديبية أهميتها من وجوب سيادة النظام داخل المؤسسة العقابية وهذه العقوبات تتلخص في التالي:
1 – التكدير ( غير مطبقة من الناحية العملية )..
2- الحرمان من الشراء ما عدا الخبز ( غير مطبقة من الناحية العملية )..
3- الحرمان من المراسلة( غير مطبقة من الناحية العملية )..
4- الحرمان من الزيارات.
5- الحرمان من القراءة( غير مطبقة من الناحية العملية )..

6- الحرمان من الطعام عدا الخبز لمدة ثلاثة أيام على الأكثر( غير مطبقة من الناحية العملية )..
7- الوضع في غرفة التأديب.
8- الوضع في حجرة العقاب مع التشديدات التالية أو بدونها:
أ‌- الحرمان من الفراش أو قسم منه.

ب‌- التكبيل بالحديد.

ج- غلق النافذة بشباك خشبي .

وهذه العقوبات يقررها مدير السجن أو رئيس قسم الحراسة.

ثانياً – عيوب السجن ووسائل معالجتها :

إذا كان للسجن مزايا عدة تتلخص في التأديب والتهذيب والإصلاح إلا أنّ له عيوب عديدة بالنسبة للسجين ويجب أن يتم معالجة هذه الآثار السلبية .

وتتمثل مساوئ السجن فيما يلي:

1- إنعـزال السجين عن المجتمع :
وهي أخطر آثار السجن ويتم تخفيف هذه القضية إلى أدنى حد ممكن بكافة السبل وتبدأ أول خطوة على هذا الطريق بإقناع السجين بكل الطرق وفي كافة المواقف بأن المجتمع أودعه السجن لإصلاحه وتهذيبه وليس للإنتقام منه .

ويتم علاج هذه العزلة عن طريق العمل وإشغال وقت السجين بأمور مفيدة كالمحاضرات الثقافية والندوات والعمل وغيرها….

وإن للعمل قيمة في حد ذاته ويجب أن يتعود السجين على تقبل العمل كقيمة للفرد والمجتمع على السواء ويكسب الفرد النشاط والنظام والتعاون وتحمل المسؤولية وأيضاً يعود على السجين بفائدة اقتصادية .

2- الحرمان الجنسي:
ويمكن معالجة هذا الضرر بتدابير وإجراءات وقائية وإصلاحية ففي بعض الدول ومنها (السعودية وبعض الدول الأجنبية) تسمح إدارة السجن بزيارة زوجات النزلاء للنزلاء أو السماح للنزلاء بزيارة زوجاتهم في العطل بشرط العودة للسجن أما الأساليب الوقائية فهي منع كل ما يؤدي إلى الإثارة مثل الكتب والمجلات والبث التلفزيوني العام وغير ذلك حيث يتوجب أن يكون البث داخل السجن موجها وهادفاً.

3-الأضرار الاقتصادية :
وتتمثل في حرمان أسرة السجين من قسم من مواردها الاقتصادية أوكلها وتتم معالجة هذه المشكلة عن طريق عمل السجناء في السجن وتأمين الرعاية لأسرته وهذا الأمر مطبق حالياً ، ولكن يخضع لإرادة السجين الراغب بالعمل وضمن الأعمال التي يمارسها السجناء ( مثل الأشغال اليدوية أو أعمال الصيانة وغيرها من الأعمال التي تمارس داخل السجن….)

4- انهيار أسرة السجين :
إذ أنّ ارتكاب السجين لجرمه يؤدي إلى إلحاق العار بأسرته لذا ففي أغلب الأحوال يؤدي دخول السجين إلى السجن وخاصة إذا كان جرمه شائناً إلى وقوع الطلاق كما أنّ أولاده يشعرون بالعار نتيجةً لهذه الوصمة ونظرة المجتمع لهم على أنهم أولاد مجرم وتستمر هذه النظرة حتى بعد أن يخرج السجين من سجنه ، فلا يجد أمامه سبيلاً للعمل الشريف لأنه سجين سابق رغم تعلمه مهنة أو حرفة داخل السجن .

وحل هذه المشكلة يكون عن طريق الرعاية اللاحقة التي تشمل السجين بعد خروجه من السجن كما أن برامج الرعاية الإجتماعية يجب أن تشمل أقصى الضمانات والتدابير التي تحميهم من الإنحراف.

1- التعرض للاستهواء:

وهي ناتجة عن الاختلاط في السجن بين كافة فئات المجرمين وأصنافهم ومعالجة هذه الحالة يكون عن طريق تفريد العقاب بمعنى أن يمنح كل سجين العلاج والمعاملة الخاصة التي تناسب حالته الفردية .
وكذلك فصل السجناء وتصنيفهم من حيث الأعمار والجرائم .

الفصل الرابع : مقترحات حول تطوير أداء دور التوقيف في سوريا:

إن تحويل نظام السجون في سوريا من نظام مشترك ( مغلق) إلى نظم أخرى يتطلب تكاليف ضخمة جداً من جهة ومن جهة أخرى يتطلب تعديل العديد من القوانين ( العقوبات – أصول المحاكمات الجزائية – نظام السجون وغيرها…) كما أن لكل نظام من نظم السجون مساوئه ومحاذيره.
وإن المطالبة بتغير نظام السجون ( بخطوطه العريضة) المعمول به لدينا يعتبر مستحيل التنفيذ للعديد من الاعتبارات ، كما أنّ لكل مجتمع خصوصيته ، فلا يمكن أن يتم استيراد نظام سجون من مجتمع أو دولة أخرى وتطبيقه في مجمعتنا دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مجتمع.
إلا أنه يمكن تطوير أداء السجون في سوريا دون تكاليف إضافية كبيرة.

وألخص هذه المقترحات بالتالي:

أولاً – تخفيف الازدحام في السجون:

والذي يشكل مشكلة أساسية في الوضع الحالي للسجون ويؤدي إلى تقليل فعالية برامج الإصلاح والتأهيل التي يمكن تطبيقها على النزلاء.

ويتم تخفيف الإزدحام بالوسائل التالية :
1- التقليل من حالات التوقيف الاحتياطي بالتعاون مع وزارة العدل وذلك عن طريق تطبيق التدابير الاحترازية التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية مثل الرقابة القضائية أو منع السفر لحين انتهاء التحقيقات وغير ذلك من التدابير التي تكفل سير العدالة باعتبار أنّ التوقيف الاحتياطي ليس سوى تدبير احترازي يتم اللجوء إليه من اجل ضرورات التحقيق .

2- وضع أسس وقواعد للتوقيف الاحتياطي وفق القانون وعدم اللجوء إليه إلا في حال ضرورات التحقيق أو في حال وجود أدلة على ثبوت الجرم على المتهم .

3- وجوب الإسراع في فصل القضايا الجزائية وإيقاع العقوبة على المجرم لما في ذلك من أثر ردعي اجتماعي بليغ من جهة ومن جهة أخرى يخفف من الموقوفين الذين يمكن أن يقرر القضاء براءتهم مما نسب إليهم بعد مدد توقيف طويلة.

4- توسيع السجون لتستوعب أكبر عدد ممكن من السجناء.

5- تأمين دور توقيف في أقسام الشرطة ومراكز النواحي لتنفيذ أحكام الحبس قصيرة المدة ولنوعية معينة من الجرائم وخاصة الجرائم غير المقصودة أو المخالفات البسيطة وهذا يخفف العبء على السجون المركزية من جهة ، ويخفف العبء على ذوي السجين في الزيارات وغيرها من جهة أخرى ، كما أنهّ يمنع اختلاط السجناء الذين يرتكبون بعض المخالفات بالصدفة بالمجرمين ممن ارتكب جرائم كبيرة

ثانياً– الفصل بين السجناء:

وهذا الفصل يشمل ما يلــي:
1- الفصل بين السجناء حسب العمر والجنس ( أحداث – بالغين – نساء…)

2- الفصل بين السجناء لجهة الأحكام والجرائم ( عسكرية – مدنية – أو نوع التوقيف حكم – توقيف احتياطي…..)

3- توقيف مدمني المخدرات في المصحات والمنشأة المعدة لعلاج الإدمان بعد تأمين الحراسة اللازمة فيها أو تزويد السجون بالأطباء المختصين لمعالجة الإدمان .

ثالثاً– التأهيل والإصلاح والرعاية :

ويقصد بذلك مساعدة السجين على التكيف مع الحياة داخل السجن وتأهيله للعودة مجدداً للمجتمع عضواً صالحاً فيه وهذا يتم بالوسائل التالية:

1- تأمين فحص السجين من الناحية النفسية والبيولوجية والعقلية و الإجتماعية من قبل اختصاصين لمعرفة طبيعة شخصيته ووضع البرنامج التأهيلي الخاص به من أجل العمل على إصلاح السجين .
وهذا الأمر موجود من الناحية النظرية فقط ويجب تفعيله وتزويد السجون بمختصين وباحثين اجتماعين للوقوف على حالة كل سجين على حداه وتقديم الاقتراحات اللازمة لإصلاح السجين وعودته عضواً فاعلاً في المجتمع .

2- إنشاء شبكة تلفزة داخلية في السجن تبث البرامج والأفلام الموجهة والهادفة وذلك عن طريق ربط أجهزة التلفزة الموجودة في السجن بجهاز فيديو وجهاز بث تلفزيوني يمكن توجيهه ومنع البث التلفزيوني العام دون رقابة .
ولهذا الأمر تأثير كبير على شخصية السجين وتوسيع مداركه وهي تشكل لبنة أساسية في توجيه السجناء وإصلاحهم كون هذا البث (الموجه) يشكل صلة السجين الوحيدة مع الخارج ويتم تجنب كافة المشاهد أو أفلام المثيرة للعنف أو النزعات الإجرامية ( مثل مشاهد والأفلام العنف وغيرها من المشاهد أو الأفلام)

3- الإهتمام بالثقافة والتهذيب :

ويشمل ذلك :

أ‌- التعليم العام: وهو المنظم من قبل الدولة مثل محو الأمية والابتدائية والإعدادية والثانوية وترغيب السجناء بالتحصيل العلمي ومنح المثابرين منهم المكافآت.

ب‌- التعليم الفني: ويتم عن طريق إنشاء ورشات في السجن لتعليم السجناء مهن شريفة تؤهلهم للاندماج في المجتمع بعد إطلاق سراحهم

ت‌- النشاط الثقافي والرياضي والفني:ويتم إكمال التعليم العام والفني بإلقاء المحاضرات وإنشاء مكتبة في السجن تضم مختلف الكتب المنتقاة في الأدب والتاريخ وعلم النفس والاجتماع والقانون والأخلاق.

ث‌- التهذيب الديني”26″: ويتضمن تعليم السجين القواعد الدينية ومبادئ الدين من صدق ومحبة وأخلاق حميدة ويتولى مهمة التهذيب الديني رجال دين يكونون على دراية بأغراض التنفيذ العقابي وبظروف المسجونين التي ساهمت في دفعهم إلى السلوك الإجرامي.

ج‌- التهذيب الخلقي: وهو عملية غرس القيم الأخلاقية في نفس السجين .

4- تنظيم أوقات فراغ السجين وملئها بكل ما هو مفيد ويصب في مصلحة السجين ويخدم إعادة دمجه مع المجتمع

5- تأمين الرعاية لأسرة السجين خلال فترة توقيفه وذلك خشية على أسرته من التفكك أو الإنحراف نتيجة توقيف رب الأسرة

——————–
“26” -كتاب علم الإجرام والعقاب للدكتور عبود السراج ص(183)

الخـــــــــــــــــاتمــــــــة

إن إيقاع العقوبة بحق من يرتكب جرم هو ضرورة تفرضها الحياة الاجتماعية في المجتمع وتقضيها ضرورة الحفاظ على أمن المجتمع وعدم تعدي الأفراد على بعضهما البعض، وتقدير مقدار العقوبة يجب أن يتناسب مع خطورة الجرم من جهة ومع ظروف ارتكابه الأسباب النفسية الكامنة لدى المجرم.

ولكي تحقق العقوبة أهدافها في ردع الآخرين من ارتكاب الجرائم وفي منع المجرم من تكرار جرمه وإصلاحه إن أمكن، يجب أن يتم تنفيذها بطريقة علمية بحيث تحافظ على أثرها الردعي وتحتوي مضامين إصلاحية وتأهيليه.

وبناء على ما أكدته الدراسات العلمية المختلفة لطوائف المجرمين يتعين أن يصاحب عقوبة الحبس طويل المدة بوجه خاص برنامج علمي يتفق مع سمات شخصية المحكوم عليه من أجل علاجه إذ كان يحتاج لعلاج أو تربيته أو تهذيبه ثم تأهيله لإعادته إلى المجتمع صالحاً وإيجابياً بعد ذلك .

ولكن يجب ألا يفقد السجن صفته العقابية والردعية إذ أنهّ عندما يتم توفير كافة وسائل الراحة في السجن بحيث تصبح الحياة فيه أحياناً أفضل من الحياة التي كان يحياها المجرم وفي هذه الحالة يزداد معدل الجريمة باستمرار وهو ما يحدث في كثير من الدول المتطورة .
وإن الاقتصار على أسلوب العقاب والردع فقط ليس هو الأسلوب الأنجح لتعديل السلوك واكتساب الخبرات وأثبتت الدراسات أن تعديل السلوك يتم بصورة أفضل بإتباع أسلوب المكافأة والعقوبة .

ويجب أن تحقق عقوبة الحبس هدفها الإصلاحي حتى يخرج المحكوم إلى المجتمع وقد تخلص تماماً من الخطورة الإجرامية التي دفعته إلى الإجرام وهي لا تتحقق إذا ما نفذت بطريقة سلبية أي مجرد منع حركة وحرية المحكوم عليه إذا أن السجين يخرج في أغلب الأحوال بخطورته الإجرامية كما هي إذ لم يلق المعاملة العقابية العلمية الملائمة لشخصيته.