دراسة و بحث حول التغرير بالمضاربة اوراق مالية في القانون

أ / أيمن عاطف

بسم الله الرحمن الرجيم

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ لـه، ومن يضلل فلا هادي لـه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد :
فمما لا شك فيه أن الشركات المساهمة قد تبوأت مكاناً عريضاً في الأسواق العالمية , ولا تزال تلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد المعاصر , وبسبب أن رأس مالها مقسم إلى حصص صغيرة متشابهة, كلّ حصة منها تسمى سهماً , فقد مكَّنت الجميع من المساهمة فيها , وبسبب التقنية الحديثة, ودخول الحاسوب في الأسواق المالية , وانتشار البرامج الآلية , التي تمكّن المساهم من البيع والشراء عن طريق جهازه الحاسوبي وهو في بيته , ومكتبه , ومتجره , وبسبب قلة الفرص الاستثمارية وضعف أمانة بعض المتعاملين في توظيف الأموال , ودخول الكذب , وخراب الذمم , كل ذلك وغيره , جرّأت كثيرين للدخول في أتون تلك الأسواق , فطغت المضاربة والمتاجرة على فروق الأسعار , فلم يقف التعامل في الأسهم اليوم على المساهمين المؤسسين للشركة , بل أصبحت كورقة تجارية مالية تتداول بين الناس وبسبب قلة خبرة المتعاملين في تلك الأسواق , وضعف القدرة على معرفة العوامل المؤثرة على السهم , أستغلّ أصحاب الأموال الكبيرة والثروة الضخمة , غفلة صغار المستثمرين والمضاربين, فبدأوا يتلاعبون في أسعار الأسهم , ويتحايلون عليهم بأنواع الحيل , وانواع التغرير ولا شك أن من أعظم الضرر أن تتحول الأسواق إلى سوق مضاربة , ويصبح الاستثمار بقصد الاحتفاظ بالسهم, والاستفادة من عوائد السهم وأرباح الشركة هو الاستثناء .
والمفترض في أسواق الأوراق المالية أن تعبّر وبحق عن المركز المالي الحقيقي للشركة مصدرة الورقة المالية, وعن الظروف السائدة وعن الطلب والعرض الطبعييّن.

ورغبة في الحدّ من موجة المضاربة المحمومة , وتنوير المتداولين للأسهم بألاعيب المضاربين وحيلهم ومعرفة الحكم الشرعي في تغرير المتعاملين بالأسهم وأثر ذلك على عقد البيع أو الشراء .
كانت هذه المشاركة, التي هي بداية لبحوث أكثر عُمْقاً , وأبعد غوراً لأهم التجارات في المجتمع المعاصر , وقد دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع عدد من الأسباب أبرزها :
1- ما سبقت الإشارة إليه من الحاجة إلى معرفة الحكم الشرعي لصور التغرير وألاعيب المضاربين , وأثر ذلك على عقد البيع , وتنوير المتداولين بألاعيب المضاربين .
2- عدم وجود دراسة شرعية وافية بالغرض فيما يتعلق بالموضوع .
3- معرفة الباحث والفائدة التي سيجنيها من دراسة هذا الموضوع , وهي الاطلاع على أساليب المضاربين للتحذير منها ومن عواقبها .

خطة البحث :

أما عن خطة البحث , فيتكون البحث من ستة مباحث وخاتمه , وهي كالآتي :
المبحث الأول : تعريف التغرير في اللغة والاصطلاح .
المبحث الثاني : تعريف المضاربة في الأوراق المالية .
المبحث الثالث : تعريف بورصة الأوراق المالية، وتحته ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تعريف البورصة .
المطلب الثاني : تعريف الأوراق المالية .
المطلب الثالث : تعريف بورصة الأوراق المالية .
المبحث الرابع : صور التغرير في بورصة الأوراق المالية .
المبحث الخامس : حكم التغرير في المضاربة في الأوراق المالية .
المبحث السادس: أثر التغرير على عقد بيع الأوراق المالية، وتحته مطلبان :
المطلب الأول : إذا كان التغرير من مالك السهم .
المطلب الثاني : إذا كان التغرير من الوسيط المضارب ونحوه، وتحته فرعان :
الفرع الأول : إذا كان بعلم مالك السهم .
الفرع الثاني : إذا كان بغير علم مالك السهم .
الخاتمة : وفيها بعض بيان أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث .
الفهارس : وتشمل : أ – فهرس للآيات .
ب – فهرس للأحاديث والآثار.
ج – فهرس لأهم المصادر والمراجع .
د – فهرس للموضوعات .

وقد بذلت جَهدي في هذا البحث , متّبعاً في ذلك المنهج العلمي المتعارف عليه في البحوث الأكاديمية , ذاكراً أقوال المذاهب الفقهيّة الأربعة المعروفة , ومذهب الظاهرية , وموثّقاً الأقوال من مصادرها المعتمدة , ومخرّجاً للأحاديث والآثار , ومناقشاً للأدلة , ومُرَجحاً في كل مسألة حسب ما ظهر لي , وقد حاولت التجديد وإظهار البحث بصورة حسنة , معتمداً على المصادر والمراجع المعتمدة .
وأحمده سبحانه على نعمائه, وأشكره على فضله وإفضاله, فهو صاحب الفضل والمنة على إتمام هذا البحث المتواضع, وأسأله المزيد من فضله الكريم, وأسأله أن يجعل هذا البحث خالصاً لوجه الكريم , وأسأله التوفيق والسداد والعون والرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

المبحث الأول تعريف التغرير في اللغة والاصطلاح

التغرير فى اللغة: يقال: غرّه , يَغُرُّه غرّاً , وغروراً، وغِرَّة بكسر المعجمة، فهو مغرور وغرير , أي : خَدَعه وأطعمه بالباطل، وهو تزيين الخطأ بما يُوهم أنه صواب.
والغُرور بالضم: ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا، وفى التنزيل العزيز فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ( ) يقول: لا تَغُرَّنكم الدنيا , فإن كان لكم حظٌّ فيها ينقُص من دينكم ؛ فلا تؤثرِوا ذلك الخطَّ ولا يَغرنكم بالله الغَرور، والغَرور: الشيطان يَغُرَّ الناس بالوعد الكاذب والتَّمْنية، وقال الأصمعي: الغَرُور الذي يَغرُّك.
والغُرور، بالضم : الأباطيل، كأنها جمع غَرٌّ مصدر غَرَرْتُهُ غَرًّاً.
وكذا في التنزيل قوله تعالى: مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ( )أي ما خدعك وسوَّل لك حتى أضعْت ما وجب عليك , وقال بعضهم: ما غّرك أي ما خدعك بربّك , وحملك على معصيته، والأمن من عقابه ؛ فزيَّن لك المعاصي والأماني الكاذبة ؛ فارتكبت الكبائر، ولم تَخفْه، وأمنت عذابه( ) .
والتغرير ؛ يقال: غرّر بنفسه تغريراً : عرّضها للهلاك( ).
وعلى هذا فالتغرير، والغرور واحد إلا أن أكثر الفقهاء يستعملون “التغرير” أكثر( ).
والتغرير فى الاصطلاح الفقهي له عدة تعاريف ؛ فمن أهمها:
الأول: “إظهار الشيء بمظهر غير حقيقي , مع إعطائه صفةً ليست له ؛ لكي يستثير رغبة الطرف الآخر، فيُقْدم على إبرام العقد” ( ).
الثاني :” أن يفعل فى المبيع فِعْلاً ؛ يظن به المشتري كمالاً ؛ فلا يوجد كذلك “( ).
الثالث: ” الإغراء بوسيلة قولية ,أو فعلية كاذبة، لترغيب أحد المتعاقدين فى العقد، وحمله عليه “( ) .
مناقشة التعاريف:
يلاحظ أن بعض هذه التعاريف غير جامعة لصور التغرير وأقسامه , مما يجعل هذه الحدود قاصرة عن استيفاء التغرير.
ويظهر ذلك في التعريف الثاني ؛ لأنه لم يذكر إلا التغرير الفعلي , وهو قوله : ” أن يفعل فى المبيع فعلاً….. “.
أما التعريف الأول ، وإن كان أحسن من الثاني , غير أنه ربما يكون أظهر لتعريف التغرير القولي منه للتغرير الفعلي ؛ لأن قوله : ” مع إعطائه صفةً ليست له ” تظهر أن هذا الفوات المقصود إنما نشأ نتيجة ظن بإغراء قولي ؛ لولاه لما دخل العاقد فى العقد .
ولعلّ أحسن هذه التعاريف، وأقلها اعتراضاً هو التعريف الثالث وهو:” الإغراء بوسيلة قولية أو فعلية , كاذبة لترغيب أحد المتعاقدين في العقد , وحمله عليه “.
إلا أن هذا التعريف ربما يلاحظ عليه، أنه حصر الوسيلة الإغرائية في القول والفعل مع أن القول أو الفعل ربما لا يكون هو السبب الحقيقي, ولهذا سوف نرى ضمن طيات البحث أن الحنفية والشافعية لا يثبتون الخيار بالتغرير القولي، لأنها ليست وسيلة كافيةٍ فى الدخول والإغراء بخلاف التغرير الفعلي فى بعض صوره .
ثم إن كل هذه التعاريف تجعل مناط التغرير من قبل أحد المتعاقدين ؛ مع العلم أن التغرير ربما يكون من غيرهما ؛ كما فى الوسيط , والدلال , والوكيل , والشركات الإعلانية , وشركات الوساطة المالية.
وعليه فالتعريف المختار الجامع لقسمي التغرير هو أن يقال :
” إغراء أحد المتعاقدين أو غيره الآخرَ في المعقود عليه بخلاف الواقع ؛ للدخول فى العقد, بوسيلة قولية أو فعلية، لو علم به لامتنع من التعاقد عليه “.

شرح التعريف:

فقولنا : ” إغراء أحد المتعاقدين…. ”
أي خداع وتمنى وتسلية أحد المتعاقدين، بأن يخدع البائع المشتري ويصف السلعة بصفات كاذبة أو موهمة وخادعة .
وقولنا في التعريف ” أو غيره … ” أي غير أحد المتعاقدين، فالتغرير قد يحصل من غير المتعاقدين، كما يحدث من السماسرة , والدلالين , وأصحاب شركات الوساطة المالية، ووسائل الإعلام والدعايات الإعلانية الخادعة .؟
وكذا بعض المحللين الماليين والفنيين ؛ الذين ربما أغروا وخدعوا المساهمين ؛ بناءً على تحليلات كاذبة للسهم ، بحيث يُرَغِّبون الناس فى شراء الأسهم بطرق عديدة , وأساليب ملتوية..
وقولنا ” بوسيلة قولية أو فعلية…. ” يعنى أن الخداع , والغش , والتمويه ,والتدليس على أحد المتعاقدين قد يحصل : إما بوسيلة قولية , كأن يقول البائع للمشتري : إن السهم له محفّزات قوية , وأخبار فى زيادة رأس المال، أو اندماج الشركة مع شركة أخرى , أو أن السهم يستعد لانطلاقة جديدة , بسبب تغيُّرات جوهرية فى سياسة الشركة ؛ لأنها سوف تقوم بتشغيل بعض المصانع التى تدرّ عليها عائداً مجزياً .
وإما بوسيلة فعلية، والوسيلة الفعلية فى الخداع حاصلة فى تصرية الحيوان، وتحمير وجه الجارية، أو تلطيخ يد العبد , ونحو ذلك مما ذكره الفقهاء فى كتبهم .
وكذا بفعل حركات وهمية للسهم، بحيث يظن الناظر لتعامل مضارب السهم , أنه يقوم بعملية تجميع السهم , فيظن أنه سوف ينطلق، ثم يفاجأ بعد الدخول فى السهم ، فإن العملية لا تعدو أن تكون خديعة فعلية ؛ لإغراء المساهمين فى الدخول.
وقولنا “لامتنع من التعاقد عليه” يعنى : لولا وجود هذا التغرير بأنواعه – من تغرير قولي أو فعلي – لما أقدم أحد المتعاقدين على التعاقد عليه.

المبحث الثاني تعريف المضاربة في الأوراق المالية

تختلف المضاربة في بورصة الأوراق المالية عن المضاربة في الفقه الإسلامي , والتي تُعْرف في لغة أهل الحجاز بالقراض والمقارضة ( )والتي تُعَّرف بأنها : ” دفع مالٍ معينٍ معلوم قَدْرهُ , لمن ينَجَّز ؛ فيه بجزء معلوم من ربْحه “. ( )
فالمضاربة في الفقه الإسلامي تعتمد على دفع مالٍ لمن يضارب بهذا المال , فيشتري سلعاً ويستلمها ثم يبيعها بعد وقت , فما زاد عن رأس المال المدفوع , فهو بينهما على ما شرطاه.
أما المضاربة في أسواق المال فهي عمليات بيع وشراء , يقوم بها أشخاص ؛ لا بقصد تسلُّم وتسليم السلعة , أو تسلم السهم لمحتواه , ولا بقصد شراء السهم رغبةً في الاشتراك في موجودات الشركة للانتفاع بما يعود عليه من ربح من أعمال الشركة ( ) , وإنما لجني ربح من الفروق التي تحدث في أسعار الأسهم بين وقت وآخر .
ثم إن المضاربة في الأوراق المالية إنما تتم في مكان معيَّنَ مخصَّص لإبرام صفقات تجارية كما سبق أن ذكرنا ذلك عند ذكرنا لاختلاف سوق الأوراق المالية عن الأسواق العادية ,
والمضاربة في البورصة هي ترجمة للكلمة الإنجليزية (speculation) , والواقع أن هذه الكلمة تعني : التنبؤ أو التخمين , وليست بمعنى المضاربة , ويفضل بعض الاقتصاديين استعمال كلمة المجازفة بدلاً من المضاربة في البورصة( ) .
ولا يوجد تعريفٌ محددٌ للمضاربة في أسواق المال ؛ متفق عليه عند الاقتصاديين بناءاً على الخلفية المسبقة عند بعضهم , في اعتبار بعض التداولات من أعمال المضاربة المشروعة , أو غير المشروعة .
ومن تلك التعاريف :

1- المضاربة في الاقتصاد :”عملية بيع أو شراء , يقوم بها أشخاص خبيرون بالسوق؛ للانتفاع من فروق الأسعار ,ويقال : ضارب في الأسواق : اشتر في الرخص , وتربّص حتى يرتفع السعر ليبيع , وقد يهبط فتحدث الخسارة ” ( ).
2- ومن التعاريف أنها :” عملية بيع أو شراء , يقوم بها أشخاص , بناءاً على معلومات مسبّبة للاستفادة من الفروق الطبيعية لأسعار السلع , سواء كانت أوراقاً مالية , أو بضائع ” ( ) .
3- ومن التعاريف أيضاً أنها :”عملية بيع وشراء صوريين ؛ للاستفادة من فروق الأسعار”( ).
4- ومنها :”بيع أو شراء صوريين ؛ لا بغرض الاستثمار , ولكن الاستفادة من التغيرات التي تحدث في القيمة السوقية للأوراق المالية في الأجل القصير جداً , حيث ينخفض بشدة معدل الارتباط بين القيمة السوقية للأوراق المالية من ناحية , وبين القيمة الاسمية والدفترية من ناحية أخرى ” ( ).
ويلاحظ على هذه التعاريف :

أولاً : أنها اتفقت على أن كلَّ من يقتني السهم ؛ للانتفاع والاستفادة من فروق أسعار الأسهم – دون أن تكون لـه الرغبة في الإفادة من العائد على السهم – فإنه يكون مضارباً , ويسمى عمله مضاربة .

ثانياً : أن في التعريف الأول والثاني قَيْدٌ , وهو أن الذي يقوم بهذه العملية أشخاص لهم خبرتهم ومعلوماتهم المسببة لنزول السهم أو ارتفاعه ؛ اعتماداً على تقديرهم للعوامل المؤدية لصعود الأسعار أو هبوطها , وقدرتهم الشخصية على تمحيص تلك العوامل , وتحليل نتائجها من الاسترشاد بالتجارب الماضية , والاعتبارات النفسية ( ) .
وهذا ما يسمى بالمضارب المحترف , الذي يتعامل في الأوراق المالية بناءً على معلومات مسبّبة ( ) .
ولم يُذكر هذا القيد في التعريف الثالث أو الرابع .

ثالثاً : أن في التعريف الثالث والرابع قيد الصوريّة , ولعلّهم ذهبوا إلى أن عمليات تداول الأسهم – بيعاً أو شراءاً من أجل المضاربة – عمليات غير حقيقية , فيوجد صورة العقد ومظهره الخارجي ولا يوجد مقصوده وحقيقته( ) .
فكأن إرادة الطرفين في بيع وشراء الأسهم ؛ ليس المقصود منه استلام المشتري ما اشتراه , ولا تسليم البائع ما باعه , وإنما القصد الحقيقي هو دفع الفرق بين سعري الشراء أو البيع ( ) .

رابعاً : ويظهر في التعريف الثالث والرابع ؛ أيضاً أن البحث عن الأرباح من فروق أسعار الأسهم إنما هو من خلال الاعتماد المحض على الحظ والمصادفة , بصرف النظر عن ماهية الشركة وعملها , والقوائم المالية لديها , وأرباحها وخسائرها , بل وليس لديهم القدرة على تمحيص وتحليل العوامل المؤدية لصعود الأسعار أو هبوطها , وهذا هو غالب تعامل جمهور المضاربين مع الأسف , مما جعل بعض الاقتصاديين يرون ” أن المضاربة قد تحيد عن غرضها الأصلي ؛ فتنقلب إلى مقامرة , إذا كان القائم عليها لا يعتمد على مسببات حقيقية , بل اعتمد على مجرد الحظ , فالمضاربة عملية محكومة بقانون خاص , لا يجب أن يكون للصدفة أي دخل فيها , فدراسة الأمور السياسية , والاقتصادية والمالية أمر لا بد منه , حتى تكون مضاربةً سليمةً مسببة , وإلا كانت مقامرة “( ) .
والواقع أن التفريق بين المضاربة والمقامرة – أو بين المضارب والمقامر – ليس بذاك الوضوح الذي ذكره بعض الاقتصاديين , لأننا إذا قلنا : إن السهم حصة مشاعة من صافي موجودات أو مكونات الشركة ( ), فإذا اشترى المرء سهماً – لأنه يرى إن ثمنه قليل ويتوقع ارتفاعه – أو باع سهماً يغلب على ظنه أنه سيهبط , فمثل هذا لا يُعدَّ قماراً عند الفقهاء ؛ لأن القمار هو: أن يدخل بين الغُرْم المتحقق والغنم المتوقع ( ) .

ثم إن التفريق بينهما ليس مبنياً على طبيعة عقد البيع أو الشراء الذي يبرمه المضارب أو المقامر , وإنما لوجود الشبه بين الذي لا يعتمد في اتخاذ قرار البيع أو الشراء على دراسة الأمور الاقتصادية والمالية , وبين المقامر , بجامع الإقدام لكلٍّ منهما على التعامل الخطر الكبير , وهو إما الربح و إما الخسارة ( ).

ومع هذا التشابه البسيط إلا أن ثمة فرقاً بينهما ؛ إذ أن المقامر يغلب على الظن غرمه وخسارته , وأما المتعامل بالحظ والتخمين في سوق المال – إذا كان السوق مستقراً فإنه إما أن يربح وإما أن يخرج بلا خسارة ولا ربح .
و مع ذلك فإن بعض الباحثين لا يرى ثمة فرقاً بين المضاربة والمخاطرة (المقامرة) بالمصطلح الاقتصادي ؛ لأن ” التوظيف مهما كان ثابتاً , فهو لا يخلو من عنصر المخاطرة , التي هي أساس عمليات المضاربة ” ( ).

التعريف المختار للمضاربة :

نلاحظ أن بعض هذه التعاريف أظهرت جانباً من تعامل المضاربين , وحقيقة المضاربة , وأغفلت جانباً آخر.
ولعلّنا نذكر تعريفاً جامعاً لغالب تعاملات المضاربين وأغراضهم , ولم نشأ أن نذكر تعريفاً بناءً على التصور الشرعي للمضاربة في أسواق المال ؛ لأن هذا سيكون له حديث آخر في بحث مستقل ( ) , ولأن ذلك لا علاقة له بماهية المضاربة , وتعامل المضاربين.
وعليه فيمكن تعريف المضاربة بأنها : “عملية بيع أو شراء , يقوم بها أشخاص ؛ بناءً على معلومات مسبّبة أو على مجرد الحظ والتخمين والتنبؤ ؛ لا بغرض تسلُّم السهم لمحتواه, والانتفاع بما يعود عليه من ربح , وإنما الاستفادة من فروق الأسعار بين وقت وآخر”.

المبحث الثالث تعريف بورصة الأوراق المالية

وتحته ثلاثة مطالب :

المطلب الأول: تعريف البورصة:

عُرِّفت البورصة بتعريفات , كلها بمعنى واحد فى الجملة ؛ إلا إن بعضها ربما يكون أكثر توصيفاً من بعض، بمقدار ما يذكر فيها من تفصيلات .
وقد جاء تعريفها فى قانون التجارة الفرنسي مادة (71) :”بأنها مجتمع التجار، وأرباب السفن، والسماسرة، والوكلاء بالعمولة، تحت رعاية الحكومة”. ( )
وعرفت أيضاً بأنها “مجموعة العمليات التى تتم فى مكان معين , بين مجموعة من الناس لإبرام صفقات تجارية حول منتجات زراعية، أو صناعية , أو أوراق مالية، سواء أكان محل الصفقة حاضراً، أو غائباً عن مكان العقد , أو حتى لا وجود له أثناء التعاقد، لكن يمكن أن يوجد”. ( )
وتوجد عدة أنواع من البورصات، مثل بورصة الأوراق المالية , وبورصة العملات , وبورصة البضائع، وبورصة العقود , وهي التي يجري التعامل فيها ببيع وشراء المنتجات الزراعية والصناعية، مثل السكر , والقطن، والقمح , والمطاط، والبترول , والنحاس ونحو ذلك ( ).

المطلب الثاني:تعريف الأوراق المالية:

هي الصكوك التى تصدرها الدول أو الشركات ؛ من أسهم وسندات قابلة للتداول بالطرق التجارية ( ), وتمثل حقاً للمساهمين أو المقرضين ( ) .

المطلب الثالث:تعريف بورصة الأوراق المالية:

عرِّفت بورصة الأوراق المالية بأنها:سوق منظمة , تقام فى مكان ثابت ، يتولى إدارتها والإشراف عليها هيئة لها نظامها الخاص، تحكمها لوائح وقوانين وأعراف وتقاليد، يؤمها المتعاملون فى الأسهم والسندات من الراغبين فى الاستثمار، وناشدي الاستفادة من تقلبات الأسعار، تنعقد جلساتها فى المقصورة يومياً، حيث يقوم الوسطاء الماليون بتنفيذ أوامر البائعين والمشترين ( ).
وعرفت أيضاً بأنها : “سوق مستثمرة ثابتة المكان، تقام فى مراكز التجارة والمال فى مواعيد محددة يغلب أن تكون يومية , يجتمع فيها أصحاب رؤوس الأموال , والسماسرة , ومساعدوهم ؛ للتعامل فى الأوراق المالية وفقاً لنظم ولوائح محددة ” ( ) .

المبحث الرابع صور التغرير في بورصة الأوراق المالية

هناك صور وممارسات وألاعيب , يقوم بها بعض المضاربين المحترفين في بورصة الأوراق المالية , من شأنها إحداث تغيّر وتحرّك في أسعار الأسهم , ويكون هذا التغيّر في السعر مستقلاًّ عن إنتاجيّة وربحيّة واحتياطي ونمو أصول الشركة ذات الورقة المالية .
وقد وجدت المضاربة في البورصة , عندما ظهرت طبقة من المتعاملين في البورصة يشترون الأوراق المالية بقصد إعادة بيعها عند ارتفاع أسعارها , والحصول على فارق السعر كربح رأسمالي. ( )
وبما أن معرفة هؤلاء بفروق الأسعار أمر تقديري , سواء كان عمل المضارب مبنياً على معلومات مسبّبة لصعود الأسعار أو هبوطها أو كان مبنياً على الحظ والمجازفة والتخمين , فقد دفعهم هذا الأمر إلى ابتكار عمليات في سوق المعاملات الآجلة والعاجلة ( ) ؛ كالتغطية
(hedging) ( ) , وعقود الاختيارات (options) ( ) , والقصد من ذلك تقليل مخاطر انخفاض أسعار الأوراق المالية التي يملكها المضاربون .
وابتكروا لزيادة عدد الصفقات وكمية الأوراق المالية المتعامل بها أساليب التمويل النقدي الجزئي للمشتريات , والبيع على المكشوف ( ) , ولزيادة سرعة تلك الصفقات وإيجاد فروق لأسعار الأوراق المالية لجؤوا إلى أساليب ملتوية لحث الآخرين على التعامل معهم , مثل ترويج الإشاعات الكاذبة , والتأثير على حركة التداول عبر اتفاقيات ثنائية , أو جماعية بين مضاربين محترفين , تسير الأسعار وفق ما يحقق لهم من الأرباح ( ).
وتُعَدُّ هذه الأساليب من التغرير والخداع أشد أنواع الجرائم ذكاءً , وفهماً للمتغيرات الاقتصادية , وتأثيراً بالمكسب والخسارة , خاصة أن الذي يرتكبها وينتهجها هم رجال الأعمال الذين يمتلكون من النفوذ والثروة ما يمكِّنهم من القيام بهذا الدور , ويطلق عليهم ” صنّاع السوق “, أو ” الهوامير ” بالمصطلح الدارج عند المتداولين في أسواق المال .
ولعل أقرب مثال على أثر ذلك التلاعب الذي يتركه في سوق رأس المال , هو الانهيار التاريخي الكبير للأسهم في الولايات المتحدة عام 1929م , فلقد كشفت التحقيقات عن ممارسات غير أخلاقية انطوت على غش , وخداع , وتضليل , من قبل فئة من المتعاملين في تلك الأسواق , وساهمت بدور فعّال في تعميق الأزمة ( ).
وكذا ما قام به الملياردير اليهودي جورج سورس من ممارسات أدّت إلى انهيار أسواق المال في دول النمور الآسيوية , وأدى بدوره إلى انهيار العملات الوطنية لهذه الدول , وبالتالي وقعت فريسة انهيار اقتصادي ما زالت آثاره إلى اليوم ( ).
وصور التغرير , والسلوكيات اللاأخلاقية عند المضاربين كثيرة , ففي كلِّ يوم يتجدد ؛ تتجدّد معه أساليب خداع , وتغريراتٌ وإقناع , تجعل كثيرين يقعون فريسة هذا اللون من الألاعيب والدهاء .

ومن أبرز تلك الصور التي تتم داخل الأسواق المالية :

1- البيع الصوري :

ويقصد بهذا العمل خلقُ تعامل مظهري نشط على سهم ما , لإيهام المضاربين بأن السهم عليه حركة , أو يخبئ خبراً أو محفزاً لهذا السهم , ولا يعدو الأمر مجرد مضاربة بحتة, ولا توجد أخبارٌ , ولا محفِّزات البتة .
ومن صوره :

‌أ- أن يقوم المضارب بالبيع على نفسه بكميات كبيرة , من خلال تعدد المحافظ التي باسمه -إن كانت اللوائح أو الأنظمة لا تمنع ذلك – أو بأسماء أصدقائه , أو أفراد أسرته , أو بأسماء مجموعات متفق فيما بينها على هذا الأساس , ثم تقوم هي نفسها بالبيع على البائع الأول , وإعادة هذا السهم وذات الورقة المالية إليه بسعر أكبر – إذا أريد للسهم الصعود , أو أقل إذا أريد للسهم النزول – ويتم ذلك في الغالب بوضع أوامر البيع أو الشراء لهذه الأسهم مشروطة ببيعها أو شرائها كاملة , والغالب أن مثل هذه الطلبات يكون فيها نوع اتفاق متبادل بين الطرفين لعدم استطاعة الأفراد شراء مثل هذه الكميات من الأسهم , فتتأثر العروض والطلبات جرّاء ذلك التلاعب , والهدف من ذلك كما سبق إيهام المتعاملين بأن تغيّرات سعريّة حدثت لذلك السهم , وأن هذا السهم يحمل في طياته أخباراً إيجابية , ووعوداً نرجسيّة ( ), وهذه العملية من المضاربات يسميها بعض المضاربين “بعملية التدوير” .

‌ب- ومن صور البيع الصوري أن ينتهز المضارب أو المستثمر المخادع فرصة ارتفاع في القيمة السوقية لأسهمٍ يمتلكها , فيقوم بالاتفاق مع أشخاص آخرين ببيعها عليهم صوريّاً , بسعر أعلى من السعر الجاري في السوق , ثم يقوم هؤلاء الأشخاص في نفس اليوم بإعادة بيعها له بسعر أعلى , أو يقوم المضارب نفسه بالبيع ثم يعرض بسعر أعلى, ثم يقوم بالشراء وهكذا . فمثل هذا المبايعات والتداولات للسهم من شأنها أن تفرض حالة من الركون والاطمئنان لدى المضاربين بإبقاء أسهمهم , لكثرة وتزايد التعامل على تلك الأسهم , وهو ما يعتبره بعض المضاربين , والذين لا يملكون أسهماً من هذه الشركة المساهمة , أن مثل هذا التداول مؤشراً على تحسنٍ في ظروف المنشأة المصدّرة لها, خاصة إذا كان مثل هذا التداول قبيل انعقاد الجمعية العمومية للشركة ؛ مما قد يشجع بعضهم على الدخول لشراء هذه الأسهم , والنتيجة مزيدٌ من الارتفاعات في قيمتها السوقية , ثم بعد ذلك يقوم المضارب المحترف – والذي يملك أسهماً كثيرة في هذه الشركة – ببيع ما يملكه منها بالسعر المرتفع , ويجني أرباحه , والنتيجة الحتمية عند تشبع السهم في البيع أن يتدهور وينهار سعره السوقي إلى هاوية ما لها من قرار ( ) . ويطلق على هذه الطريقة اسم : “الغلاية” ” bouilloire” , وهذا مصطلح فني يعرفه أهل التحليل الفني والمضاربة( ) .
ويسمي بعض المضاربين هذه الطريقة طريقة التصريف بطريقة التجميع.

والتصريف معناه بيع الأسهم التي يمتلكها , والتجميع شراء هذه الأسهم , بحيث يقوم المضارب بالشراء من نفسه , ورفع قيمة السهم السوقية من خلال تعدد المحافظ التي يديرها, لجذب الانتباه , ولزيادة قيمة السهم ؛ للتسابق عليه قبل إقفال السهم على النسبة اليومية لـه, وهي في سوقنا في المملكة العربية السعودية (10%) , فيقوم المتعاملون بالشراء كي يظفروا ببعض الأرباح قبل الأقفال , فيقوم بالبيع والتصريف عليهم , ولزيادة في التغرير قد يلامس السهم النسبة القصوى لليوم أكثر من مرة , ثم يتدهور السهم بالنزول ثم يقوم بزيادة الشراء على نفسه حتى يرتفع , ثم يقوم بالتصريف وهكذا حتى نفاد الكمية التي لديه .
فإذا أراد للسهم بعد ذلك النزول ليأخذه بأسعار متدنِّية , يقوم بالتقاط أسهمه بطريقة محترفة , بحيث لا تثير اهتمام المتعاملين والمضاربين , حتى إذا استحوذ على كمية يستطيع من خلالها إرباك صغار المضاربين على السهم ؛ يقوم بطريقة يسميها بعض المضاربين طريقة (التجميع بطريقة التصريف), وهي أن يقوم بالرش والبيع المكثَّف على السهم , وهي عمليات العرض المفاجئة بالكميات الكبيرة ؛ للضغط على ملاّك السهم , وتخويفهم حتى يرسم في أذهانهم لوحة سوداء ؛ بأن لدى السهم أخباراً سيئة من شأنها أن يتدهور سعر السهم عن سعر السوق الحالي , فيقومون بالبيع وهذا الأسلوب من المضاربة يسميها بعضهم بأسلوب إحداث الصدمات السِّعْريه , وغالباً ما يتم ذلك باتفاق بين عدد من الأشخاص على القيام بمضاربات واسعة على سهم ليحطموا نظرية العرض والطلب , وتدفع ملاّك السهم للبيع بكميات كبيرة , ولكثرة العرض بالبيع يتدهور السهم تلقائياً , حتى يصل إلى أسعار متدنّية يرتضيها المضارب المحترف , فيقوم بعد ذلك بالتجميع والشراء ثم ينطلق السهم بعد ذلك بنحو الطريقة الأولى إلى الصعود والتلاعب والغش والتغرير , فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون .

ولا شك أن هذا البيع الصوري نوع من أنواع التغرير والخداع والنجش المُجمَع على تحريمه , والنجش هو الإضرار بأحد المتعاقدين على سبيل الخديعة , بزيادة في السلعة ومدحها, أو ذمّها( ), وسواء كان الناجش والمخادع في السعر شخصاً لا يريد السهم , فيزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها , أو كان البائع نفسه , وذلك لأن المقصد الأكبر في النهي عن التغرير في السعر هو الإضرار , وإن كان الغالب في تعاريف الفقهاء أن يذكروا الإضرار والنجش ممن لا يريد الشراء ( ).
ونصَّ العلامة ابن قدامة رحمه الله على أنه : “لو قال البائع: أُعطيتُ بهذه السلعة كذا وكذا , فصدّقه المشتري , واشتراها بذلك , ثم بان كاذباً , فالبيع صحيح,وللمشتري الخيار – أيضاً -لأنه في معنى النجش ” أ.هـ( ).

وقد نصَّ على أنها في معنى النجش أيضاً ابن شاس المالكي – رحمه الله – في كتابه عقد الجواهر الثمينة( ) . ولا شك في دخول هذه الصورة في معنى النجش , لما في ذلك من الخديعة والتغرير والختل في سعر السهم , فالبائع يخدع المشتري ويثيره للبيع أو الشراء.
وقد جاء الوعيد الشديد على مَنْ فعل مثل هذا , فعند البخاري من حديث عبد الله بن أبي أوفى  : (أن رجلاً أقام سلعة له في السوق , فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يُعْطه , ليوقع فيها رجلاً من المسلمين , فنزل قول الله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ))( ) .

2- ومن صور التغرير أيضاً ما يفعله بعض المضاربين من احتكار لبعض الأسهم مع البيع الصوري حتى يرتفع السهم , فيقوم بعد ذلك بالبيع والتصريف على الناس , حيث يقوم المضارب بالتجميع في سهم معين لفترة طويلة حتى يقلّ العرض (وهو البيع) من الناس , وكلما وجد عرضاً من العروض قام بالشراء بصورة لا تثير متابعي الأسهم والمضاربين في العادة , وبعد أن يرتفع السعر بفوارق سعريّة جيدة , إما لكثرة الطلب عليه , وإما لوجود خبر أو محفّز (من زيادة رأس المال , أو منحة في توزيع الاحتياطي) فيزداد طمع المضارب في التجميع أكثر وأكثر, فيقوم بالضغط على السهم , بعرض كمياته التي اشتراها أصلاً بسعر متدنًّ وكسر مقاومات السهم الفنيّة – والتي يرتكز عليها عامة المضاربين المحترفين – حتى يملّ ملاّك السهم , والمضاربون , فيضطروا للخلاص من هذا السهم إلى سهم آخر يضاربون فيه , فيبيعونه بخسارة , فيقوم المضارب الكبير بالشراء منهم , حتى إذا خلا له الجو , قام بالشراء من نفسه لنفسه أو بالاتفاق مع آخرين معه , قبل صدور خبر المحفّز لهذا السهم , أو قبيل انعقاد الجمعية العمومية , ليستفيد هو وزمرته من الفارق السعري الجديد عبر المحافظ التي يديرها , , معتمدين في ذلك على ضخامة رأس المال الذي يملكونه , وعدم خبرة المتعاملين في السوق وضعف الرقابة والإشراف , وقوة النفوذ , ومعرفة أخبار مجالس إدارة الشركات المساهمة , فيقوم بعد ذلك بعملية البيع الصوري والتغرير بالسعر بالطرق التي سبق أن ذكرناها في الفقرة الأولى .
والاحتكار أعم من أن يكون في جنس معين من الأقوات – كما هو مذهب بعض الفقهاء ( )- لأن الاحتكار في الاقتصاد الإسلامي هو جمع أو حبس الباعة السلعة التي يحتاج إليها الناس , ليبيعها بثمن مرتفع , أو لخلقِ نوعٍ من الندرة , وعدم الاستقرار في السوق التجاري , مما يؤدي بالتالي إلى تحكم فرد أو مجموعة بعرض السلعة المحتكرة وفرض السعر الذي تراه لنفسها( ).
وهذه الطريقة من التعامل بالأسهم تتعارض مع المنافسة الحرّة , وتضر بالأفراد والمجتمع, ولأجل ذلك نهى الشارع الحكيم عن الاحتكار , وقال  : (من احتكر فهو خاطئ) ( ) ؛ لأن ذلك قائم على فرض سلطان الأقوياء ممن يملكون ضخامة في رأس المال على المستضعفين من المضاربين , والذين لا يدركون نوايا هؤلاء وطرائقهم .

3- ومن صور التغرير أيضاً : العروض الوهمية .
وهذه الطريقة تتم قبل افتتاح السوق المالي للتداول بساعة أو نصف ساعة تقريباً , حيث يقوم مضارب السهم , والذي يملك أسهماً كثيرة في سهم ما بعرض عروض بيع , بصفقات مختلفة ؛ ليوهم المضارب غير المحترف بأن هذه العروض من أشخاص كُثُر.
وهدف هذه الطريقة الإيهام بأن السهم عليه تصريف , أو لديه خبر سئ , فيقوم ملاّك السهم بعرض عروضهم للبيع بسعر أقلّ من سعر مضارب السهم المحترف , حتى يغتنموا فرصة البيع أولاً , حتى إذا لم يبق لافتتاح السوق إلا دقائق معدودة أو ثوانٍ محسوبة , قام بإلغاء أوامر العرض , ثم سحب عروض ملاّك الأسهم المخدوعين , فاشتراها منهم , ثم يبدأ السهم بالصعود تدريجياً ليصل أحياناً قريباً من النسبة اليومية , وقد يلامسها , فيقوم الملاك بشرائها مرّة ثانية , ثم يقوم المضارب ببيعها عليهم بفارق سعري عالٍ وجديد .

وإذا علم أن السهم لديه أخبارٌ سيئة , وسلبيّة , أو أن طلب الشركة المساهمة ذات الورقة المالية المتداولة في زيادة رأس المال , أو طلب منحة قد رفُض من هيئة سوق المال , قبل إعلان هذا الخبر في سوق المال أو انتشاره , فيقوم بعرض طلبات لشراء السهم بأسعار متفاوتة وبصفقات مختلفة , ليوهم المضاربين بأن السهم يحمل محفّزاً أو خبراً جيّداً , فيسارع الناس بعرض طلباتهم بسعر أعلى , وهكذا حتى يصل سعر السهم بكثرة الطلبات إلى أسعار عالية , إلى أن تصل إلى المستوى الذي يُرضي مطمع المضارب , فإذا لم يبق على افتتاح السوق إلا ثوانٍ معدودة , قام بإلغاء جميع طلباته , فما أن يفتتح السوق إلا ويقفز سعر السوق إلى الأعلى , فيغتنم فرصة هذا الصعود ليعرض جميع أسهمه للبيع , ويقوم بالتصريف عليهم حتى نفاد الكمية التي لديه .

4- ومن صور التغرير أيضاً , ما يقوم به بعض كبار المضاربين من عرض كمية طلب (شراء) كبيرة تحت سعر معين , وعرض كمية بيع كبيرة فوق سعر معين , وإنما يصنع المضارب المحترف ذلك لضبط التذبذب السعري للسهم مع فارق سعري محدد , يتحكّم من خلاله بالمضاربة على فوارق بسيطة قد لا تفيد صغار المضاربين , ويقوم بالمضاربة على السهم بنفسه .
ولكي نتبين خطورة هذا التصرف والتلاعب , نفترض أن القائم بهذا الفعل يمتلك أسهم شركة من الشركات المساهمة (س) مثلاً . ويقدّر نسبة ما يملكه من أسهم المضاربة مثلاً (15%) من أسهم الشركة , موزعة على محافظ عدّة , حتى لا يظهر أو ينكشف أمره .
فيضع صانع السوق للطلب سعراً معيناً , ولنفترض (45) ريالاً , وكمية عدد الأسهم (100.000) , ويضع للعرض سعراً عالياً يرتضيه كي يضارب في ما بين هذين السعرين , ولنقل مثلاً (50) , وبكمية أسهم (250.000) على النحو الآتي :
طلب عرض
السعر الكمية السعر الكمية 46 100 47 200
46 500 48 100
45 1000 49 1000
45 100.000 50 250.000
فإذا خشي من تدهور السهم وضع طلبه بسعر(45) وبكمية (100.000) , فيرتفع السهم بالصعود شيئاً فشيئاً , حتى إذا زاد قيمة سعر السهم وخاف زيادة سعره , عرض بسعر
(50) وبكمية (250.000) فيبدأ السهم بالنزول والتدهور , وهكذا بحيث يضبط تذبذب سعر السهم , وهذا غش وتغرير , والله المستعان .
وقد بادرت هيئة سوق المال – مشكورة – لاستصدار لائحة سلوكيات السوق -الصادر عن مجلس هيئة السوق المالية بموجب القرار رقم 1-11-2004 وتاريخ 20/8/1425هـ الموافق 4/10/2004م بناءاً على نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/30 وتاريخ 2/6/1424هـ .
وقد ذكرت اللائحة بعض سلوكيات وتغريرات المضاربين , فمن ذلك ما جاء في الباب الثاني في منع التلاعب بالسوق , وقد نصت المادة الثانية على منع التصرفات أو الممارسات التي تنطوي على تلاعب أو تضليل .
1- يحظر على أي شخص القيام أو المشاركة في أي تصرفات أو ممارسات تنطوي على تلاعب أو تضليل , فيما يتعلق بأمر أو صفقة على ورقة مالية , إذا كان ذلك الشخص يعلم طبيعة ذلك التصرف أو الممارسة , أو إذا توفرت أسسٌ منطقية تتيح له أن يعلم بطبيعة ذلك التصرف أو الممارسة .
وذكرت في المادة الثالثة بند (أ) ما يدخل ضمن هذه الفقرة من طرق وأساليب للتلاعب فذكرتها بما نصه .
‌أ- تدخل في الأعمال والتصرفات التي تعدّ من أنواع التلاعب , أو التضليل التصرفات الآتية:
1) إجراء صفقة تداول وهمي .
2) تنفيذ صفقة تداول على ورقة مالية , لا تنطوي على تغيير الملكية الحقيقية لها .

ب- يحظر على أي شخص القيام بشكل مباشر وغير مباشر بإدخال أمر , أو تنفيذ صفقة على ورقة مالية , بهدف تكوين أيٍّ مما يلي :
1) انطباع كاذب أو مضلل بوجود نشاط تداول في الورقة المالية , أو اهتمام بشرائها أو بيعها .
2) سعر مصطنع لطلب أو عرض أو تداول الورقة المالية , أو أي ورقة مالية ذات علاقة.
وقد ذكرت في المادة الثالثة من هذه اللائحة الأعمال والتصرفات التي تعد من أنواع التلاعب أو التضليل بهدف تكوين انطباع كاذب , أو مضلل , بوجود نشاط , أو اهتمام بشراء أو بيع السهم , أو بهدف تكوين سعر مصطنع لطلب أو عرض أو تداول ورقة مالية وهي كالآتي:
1) إدخال أمر أو أوامر لشراء ورقة مالية , مع العلم المسبق بأنه تم أو سوف يتم إدخال أمر أو أوامر مشابهة ومقاربة , من حيث الحجم , والتوقيت , والسعر لبيع تلك الورقة المالية .
2) إدخال أمر أو أوامر لبيع ورقة مالية , مع العلم المسبق بأنه تم أو سوف يتم إدخال أمر أو أوامر مشابهة ومقاربة , من حيث الحجم , والتوقيت , والسعر لشراء تلك الورق المالية
3) شراء أو تقديم عروض لشراء ورقة مالية بأسعار تتزايد بشكل متتابع , أو بنمط من الأسعار متتابعة التزايد .
4) بيع أو تقديم عروض لبيع ورقة مالية بأسعار تتناقص بشكل متتابع , أو بنمط أسعار متتابعة التناقض .
5) إدخال أمر أو أوامر لشراء , أو بيع ورقة مالية بهدف :
– وضع سعر مسبق التحديد للبيع , أو العرض , أو الطلب .
– تحقيق سعر إغلاق مرتفع , أو منخفض للبيع , أو العرض , أو الطلب .
– إبقاء سعر البيع أو العرض أو الطلب ضمن مدى مسبق التحديد .
– إدخال أمر أو سلسلة من الأوامر على ورقة مالية دون وجود نية لتنفيذها .

5- ومن صور التغرير أيضاً : نشر الشائعات والأكاذيب , والترويج للأخبار , وتسريب معلومات خاطئة عن شركة من الشركات المساهمة , والمتداول أسهمها في سوق المال , والقيام بعمليات تداول تصاحب هذه الأخبار والشائعات , وما من شك أن مثل هذه الشائعات والمعلومات الخاطئة , سوف تترجم عملياً إلى اتخاذ مواقف بيع أو شراء من قبل ملاّك هذا السهم , على حسب نوع هذه الأخبار , ويقوم صانعو السوق في غيبة الرقابة الذاتية والرقابة النظامية , بتسريب تلك الأخبار المضللة في الصحف , وفي وسائل الإعلام , وفي المنتديات الاقتصادية , وربما شراء ذمم بعض مَنْ لا خلاق لهم من بعض الذين يدّعون التحليل الفني ليقوم بالتغرير في رسم بعض الشارات الموافقة لتلك الشائعات سلباً أو إيجاباً بطريق خفي مقصود ؛ ليدفعوا صغار المستثمرين لبيع أسهم شركة معينة , فتنخفض أسعار أسهمها , فيغتنم صانعو السوق والمضاربون المضللون هذا النزول وهذا التدهور , فيقومون بشراء تلك الأسهم بأسعار ربما لم يحلموا بها , ثم بعد زمن تظهر الأخبار الصحيحة , من زيادة في رأس المال أو منحة في أسهم , أو إبرام صفقة تعود على الشركة بمستقبل زاهر , وحينئذٍ تتجه الأسعار إلى الصعود , فيبادر الجمهور إلى الشراء بعد أن باعوها بخسارة , وتواصل الأسعار سيرتها الصعودية إلى أن تصل إلى المستوى الذي يرضي مطامع المضاربين , فيصفون محافظهم بالبيع , ولا تلبث الأسعار أن تتدهور بسبب كثرة الطلب , والنتيجة مزيداً من الخسائر على صغار المستثمرين , وقد يعمل صانعو السوق بتسريب معلومات خاطئة وكاذبة عن سهم شركة معينة , تتسبب في ارتفاعه ارتفاعاً حادًّا مفاجئاً , فيبيع عليهم إذا وصل إلى سعر سوقي يرتضيه ( ) , وهذه الطرق تبدو بجلاء أنها طرق احتيالية , تهدف إلى خلق فارق سعري مصطنع , وعرقلة الأداء الطبيعي للعرض والطلب , وقد يكون الهدف أحياناً هو السيطرة على السوق عن طريق الشراء المكثف للاستحواذ على الغالبية العظمى من ورقة مالية معينة في وقت معين , حتى يصبح التلاعب بالسعر هو الحائز الرئيسي لهذه الورقة وبهذا يستطيع عن طريق التحكم في عرضها مع وجود المنافسة , أن يقتضي سعراً أغلى وهو ما يسمى بالاستحواذ (accaparement) والذي يهدف أولاً إلى تحطيم المنافسة أو الحد منها عن طريق الشراء المكثف ثم الهدف النهائي هو الوصول إلى سعر احتكاري( ). وهذه الصورة وهي ذم تلك الشركة ذات الورقة المالية المتداولة في سوق المال , وتعيُّبها , ليقوم الناس ببيع أسهمهم , أو مدح السهم وذكر الأخبار الكاذبة ليرغب الناس في شرائه , صورتان من صور التغرير التي أشار الفقهاء رحمهم الله إليهما .
وقد ذكر النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم : عن بعض علماء اللغة أنه فسر النجش بالمدح والإطراء , ثم قال : ” وعلى هذا معنى الحديث ” لا يمدح أحدكم السلعة ويزيد في ثمنها بلا رغبة “( ) .
وقد فسر علاء الدين الحصكفي الحنفي رحمه الله النجش ” بأن يزيد ولا يريد الشراء أو يمدحه ويزيد بما ليس فيه ليروجه” ( ) .
وقد فسر النضر بن شميل – وهو من علماء اللغة – النجش بأنه :” أن تمدح سلعة غيرك ليبيعها , أو تذمها لئلا تنفق عنه ” ( ) .
وهذه الطريقة تجعل البائع يظن قيمتها الحقيقية هي ما أوصلها الذامُّ , فيبيعها برخص , ومما يؤيد ذلك أن معنى النجش في اللغة : الإثارة والختل والخديعة , فذم المضارب أو غيره السهم حتى يخدع بذلك جمهور المضاربين , داخلٌ في معنى النجش الذي هو إثارته حتى يبيعها بثمن بخس .

6- ومن صور التغرير أيضاً : تغرير أحد أعضاء مجالس إدارة بعض الشركات المساهمة , أو أحد الرؤساء , أو المديرين , ويحصل ذلك في أمور منها :
‌أ- التغرير في الإعلان للشركة , فأحياناً يقوم بعض أعضاء مجلس إدارة شركة ما , بنفي أخبار حقيقية عن الشركة , إذا ما رأت صعوداً للسهم للحدِّ من ارتفاعه , كي يقوم بعض أصحاب النفوذ بالتجميع في السهم , وبعد مضي أسابيع أو شهور , يصدر من الشركة نفسها ما يخالف الإعلان السابق , فمثلاً تنفي الشركة وجود تقديم لهيئة سوق المال لزيادة رفع رأس مال الشركة بطريقة احترافية فيذكر الإعلان ” أنه لم يكن لزيادة رأس مال الشركة ذكر في اجتماعها , ولن يكون له ذكر في اجتماع الجمعية العمومية العادية ” , وبعد انتهاء الاجتماع ومضي بعض الأسابيع , يصدر قرارٌ بطلب هذه الشركة من هيئة سوق المال الموافقة على زيادة مال رأس الشركة , فتأخذ القيمة السوقية للأسهم في الارتفاع فيسارع المتلاعبون والداخلون في التنظيم من ممارسة سلسلة من البيوع الصورية بأسعار أعلى , مما يؤدي إلى ارتفاع مضطرد في سعر السهم حتى يصل إلى أقصاه .
وقُلْ مثل ذلك في نفي أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة وجودَ خسائر مالية في القوائم المالية السنوية , ثم بعد صدور تلك القوائم يُفاجأ جمهور المتعاملين بالسهم من وجود خسائر حقيقية , والقصد من ذلك هو بيع أحد أعضاء مجلس إدارة تلك الشركة غالب أسهمه عند سعر معين , من قبل بعض مدراء المحافظ .

‌ب- ومن أساليب التغرير أيضاً : إشاعة وجود محفِّز لشركة معينة , فتتوالى النسب في الصعود , ويرتفع سعر السهم لمدة طويلة , وعندما يتورَّط الكثيرون , وتقوم بعض المحافظ الكبار بتصريف أسهمها , يتم الإعلان بأنه لا مبرر لارتفاع السهم ؛ لعدم وجود محفِّز , فيتدهور السهم في الانحطاط والنزول .
‌ج- ومن أساليب المكر والتغرير أيضاً : ماهو شبيه بما يسمى باتفاقية الاختيار(pool option) في البورصة , حيث تقوم شركة ما بإبرام عقد اندماج مع شركة أخرى أو بيع بعض أراضيها مثلاً , إلى أحد المستثمرين في سوق المال , بعدما يمتلك أسهماً من تلك الشركة في سريّة وهدوء تامّين , ولا يترك أثراً على السهم , على أن يكون للشركة حق الاختيار في فسخ العقد ؛ إذا لم يلتزم المشتري ببنود الاتفاقية , ويبدأ أعضاء التنظيم من العاملين في الشركة صاحبة الشأن في نشر معلومات عن بيع بعض أراضيها , وأثر ذلك في زيادة أرباح الشركة , وكنتيجة لهذه الجهود المكثَّفة يزداد الطلب , وتبدأ القيمة السوقية للسهم في الارتفاع , فيسارع أعضاء التنظيم والمجموعات الداخلة في هذا التلاعب في إجراء المزيد من عمليات البيع الصوري أو المظهري ( ) , وعندما تصل القيمة السوقية للسهم إلى أقصاها , تسعى هذه المجموعات إلى التخلص مما يملكونه من تلك الأسهم , بنفس الهدوء والسريّة التي اشتروها بها , وبشكل لا يترك أثراً عكسياً على السعر , حتى يتم التخلص مما تبقّى من تلك الأسهم,ولا يُضير بعد ذلك أن تمت صفقة بيع الأرض أو الاندماج مع شركة أخرى.

وقد ذكرت لائحة سلوكيات السوق – الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية في المادتين السابعة والثامنة من الباب الرابع – الصورتين الأخيرتين من صور التغرير في المضاربة في الأسهم ونصها :
” المادة السابعة : حظر التصريح ببيانات غير صحيحة .

يحظر على أيّ شخص التصريح – شفاهة أو كتابةً – ببيان غير صحيح يتعلق بواقعة جوهرية أو إغفال التصريح ببيان ملزم بالتصريح عنه بمقتضى النظام أو اللوائح التنفيذية , أو قواعد السوق أو مركز الإيداع , إذا كان التصريح بالبيان , أو إغفال الشخص التصريح بالبيان المطلوب , بهدف التأثير على السعر , أو قيمة ورقة مالية , أو حث شخص آخر على شراء أو بيع ورقة مالية , أو حثه على ممارسة حقوق تمنحها ورقة مالية , أو الإحجام عن ممارستها .”
“المادة الثامنة : الإشاعات:
‌أ- يحظر على أي شخص الترويج بشكل مباشر أو غير مباشر لبيان غير صحيح , يتعلق بواقعة جوهرية , أو لرأي بهدف التأثير على سعر أو قيمة ورقة مالية , أو أي هدف آخر ينطوي على تلاعب .
‌ب- ينطبق الحظر المنصوص عليه في الفقرة (أ) من هذه المادة على الترويج لبيان صرح به الشخص نفسه , أو على الترويج لبيان صرح به شخص آخر.”

7- يحدث في أحيانٍ كثيرة عندما تتدهور أسعار الأسهم , ويحدث انهيار لأسواق المال , أن تهبط الأسعار إلى أقل من القيمة الدفترية ( ) للسهم , ويفقد غالب المضاربين والمستثمرين ثقتهم بسوق المال , ويسارعون إلى بيع أسهمهم , ولو بأقل من القيمة الحقيقية للسهم , فإذا كان أحد المستثمرين في السوق , والذي يملك أسهماً كثيرة في شركة معينة , وعلى يقين بأن عوائد الشركة وأرباحها السنوية مجزية , وأن الظروف التي أحلّت بالسوق , هي التي جعلت سعر السهم بهذه القيمة التي هي أقلّ من ثمن المثل , فهل يجوز له أو لأحد من صنّاع السوق , المضاربة بصورة البيع الصوري , أو المظهري ؛ بأن يقوم ببيع تلك الورقة المالية – صوريّاً – لابنه أو أحد أفراد أسرته , أو قيام ذات الشخص بشراء وبيع ذات الورقة في نفس اليوم , لشخص يتفق معه على ذلك , ويقوم المشتري بإعادة بيع ذات الورقة إلى ذات الشخص الذي سبق أن اشتراها منه وبنفس اليوم , وبسعر أكبر.
الواقع أننا نجد بعض الفقهاء رحمهم الله قد قيّدوا تحريم التغرير بالسعر في بيع النجش , بأن تكون الزيادة المذكورة في النجش فوق ثمن المثل حتى يكون عاصياً بفعله , وهذا مذهب الحنفية , وظاهر كلام الإمام مالك , واختيار ابن عبد البر , وابن العربي وغيرهم .

قال المرغيناني الحنفي (ت:593هـ): ” النجش هو أن يزيد في الثمن ولا يريد الشراء ليرغب غيره “( ) .
قال ابن الهمام في شرحه لهذه العبارة : ” أي أن يزيد في الثمن …. بعدما بلغت قيمتها, فإنه تغرير للمسلم ظلماً , فأما إذا لم تكن قد بلغت قيمتها فزاد القيمة لا يريد الشراء فجائز ؛ لأنه نفع مسلم من غير إضرار بغيره , إذا كان شراء الغير بالقيمة “( ) , بل جعل ابن عابدين الحنفي أن تصرفه في هذه الحال محمود ( ) .
وقد فسّر ابن عرفة المالكي قول مالك رحمه الله في تعريفه للنجش : “بأن تعطيه في سلعته أكثر من ثمنها , وليس في نفسك اشتراؤها , ليقتدي بك غيرك” ( ) .

ففسّر قول مالك” أكثر من ثمنها “بأن المراد بالثمن القيمة ( ) .
وهو اختيار ابن العربي المالكي حيث قال رحمه الله : “ولو أن رجلاً رأى سلعةَ رجلٍ تباع بدون قيمتها , فزاد فيها لينتهي إلى قيمتها لم يكن ناجشاً عاصياً بل يؤجر ذلك على نيته “( ) .
علماً بأن الداعي للمضاربة الصورية في الأسهم هو بعث الثقة والطمأنينة لملاّك الأسهم , بالمحافظة على أسهمهم, والوصول بها إلى القيمة الحقيقية لئلا يتضرر ملاك السهم , وليرغب المساهمون بإبقاء أسهمهم , وعدم بيعها بخسارة , لأن مثل هذا البيع الصوري يخلق انطباعاً جيداً لدى جمهور المضاربين , بأن تغيرات سعرية سوف تحدث للسهم , فيفضِّلون إمساك أسهمهم وعدم بيعها, فيتحسّن تداول السهم , ويبدأ بالصعود إلى القيمة الحقيقية العادلة .
وهذا التفسير لابن عرفة وغيره لكلام الإمام مالك رحمه الله ليس مسلّماً عند المالكية , فقد فسّر الخرشي المالكي ,وصاحب الشرح الكبير أبو البركات الدرديري , قول مالك :” أكثر من ثمنها “بحمل الثمن في كلام الإمام مالك على الثمن الذي وقع في المناداة ؛ لا القيمة ( ) .

والقول الثاني في المسألة وهو مذهب جماهير أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة( ) أن النهي في الزيادة مطلقٌ , سواءً بلغت قيمتها , أو لم تبلغ ؛ لأن غرض هذا هو الخديعة , وهو قاصد للتغرير , ولا يبعد أن يقلّ سعر السهم أكثر من ذي قبل , فلولا هذا التعامل الصوري من المضارب , لكان مالك السهم قد باع سهمه بسعر أحسن حالاً من سعره السوقي بعد ذلك .
ثم إن قولهم : إن ذلك من النصيحة ليس بظاهر – أيضاً – إذا لم تتعين النصيحة وتحقّق في أن يوهم غيره بزيادة الطلب على السهم .
والذي يريد النصيحة , له مندوحة عن هذا التصرف بأن يعلم المضاربين عبر وسائل الإعلام أو المنتديات بأن قيمة السهم أعلى مما هي عليه الآن , ثم المضاربون لهم الاختيار بعد ذلك ( ),
وقال الحافظ ابن حجر : ” ويحتمل أن لا يتعين عليه إعلامه بذلك حتى يسأله للحديث الآتي : ” دعوا الناس ,يرزق الله بعضهم من بعض,فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه” ( ) ( ) .
ومما يؤيد ذلك ما رواه عبد الرزاق وابن حزم وغيرهما أن عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – بعث عبيد بن مسلم يبيع السبي , فلما فرغ أتى عمر فقال له : “إن البيع كان كاسداً , لولا أني كنت أزيد عليهم وأنفقه ” فقال عمر :” هذا نجش , والنجش لا يحل , ابعث منادياً : أن البيع مردود , وأن النجش لا يحلّ ” ( ) .

المبحث الخامس حكم التغرير في المضاربة في الأوراق المالية

لقد أوجب الله سبحانه في المعاملات خاصةً – وفي الدين عامة – النصيحةَ والبيان، وحرَّم الخلابة والتغرير والكتمان، ولقد حاربت الشريعة الغراء كل أنواع الحيل , ومظاهر التحايل تحت أي اسم كان، من التغرير والغرور والغش والخيانة، والمداهنة والخديعة، والتمويه والتضليل والتدليس والتلبيس ( ) .
ولم تقف محاربة الإسلام للتغرير عند باب النصيحة والتوجيه فحسب , بل تعدّى ذلك إلى أن رتَّب عليه آثاراً وأحكاماً، من الحرمة والإثم إلى إيقاع العقوبة والتعزير , حتى تستقيم الأمور على أحسن حال، وأقوم سلوك، ولقد أمر بالصدق والأمانة، والصراحة والسماحة عند التعامل فقال : (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى) ( ) . وقـال : (التاجر الصدوق الأمين , مع النبيين والصديقين والشهداء) ( )، وجعل الكذب ولا سيما الكذب الذي يقتطع به مال امرئ مسلم بغير حق ، إحدى الكبائر والمهلكات ( ) .
ولا أدَلَّ على اهتمام القرآن الكريم بأمر التغرير من ذكره سبحانه للغرور ومشتقاته
(28) مرّةً، والخيانة ومشتقـــاتها (16) مرّةً، والخدعة ومشتقاتها (5) مرات( ) .
والتغرير والغرور من الغش البيّن , والمحرّم في شريعتنا بالكتاب والسنة والإجماع وبيانها كالتالي .

أولاً: من الكتاب:

(1) قوله تعالى :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ( ).
وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى قد حرّم أكل أموال الناس بالباطل , إلا إذا كان عن علم وتراضٍ بينهما ولا شك أن التغرير والتلاعب بالأسعار وتمويه المتعاملين في سوق المال بأنواع الحيل من أعظم الخديعة بالمسلم , ومن أكل ماله بغير رضى منه ().
(2) قوله تعالى: وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ( ) .
وجه الدلالة: “إن البخس في لسان العرب هو النقص بالتعييب والتزهيد، أو المخادعة عن القيمة، أو الاحتيال في التزيد في الكيل , أو النقصان منه …”( ).
والتغرير داخل في هذا كله , ومنهيٌّ عنه ضمناً، والنهي يقتضي التحريم.

ثانياً: من السنة:

لقد تكاثرت الأحاديث الدالة على تحريم التغرير والتدليس والغش والتلبيس فمنها:
(1) عن أبي هريرة  أن رسول الله  مرَّ على صُبْرة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟) فقال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟! من غشّ فليس مني )( ) .
(2) عن عقبة بن عامر  قال: سمعت رسول الله  يقول: (المسلم أخو المسلم، ولا يحلُّ لمسلم باع من أخيه بيعاً، فيه عيبٌ إلا بيَّنه له) ( ) .
(3) وعن قيس بن سعد بن عبادة قال: سمعت رسول  يقول: (الخديعةُ في النار)( ) .
وجه الدلالة من هذه الأحاديث:
تُبيِّن هذه الأحاديث وغيرها حرمة التغرير والخديعة والتدليس وكتمان العيوب، وأن فاعله متوعد بالنار، وخارج من دائرة الإيمان الكامل( )، وقد جاء هذا النص عن بضعة عشر صحابياً لتأكيده في نفوس المسلمين ( ).
وأوجب على العــاقدين تأكيداً لذلك أن يبيّنا كل ما في المعقود عليه، وأن هـــذا من واجب الأخوة والنصيحـــة بين المسلمين، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم فِعْل صاحب الطعام بالصبرة حين جعل ظاهر المبيع خيراً من باطنه من الغش والتغرير والخديعة بالمسلمين , فدلّ ذلك على تحريم كلِّ من أظهر المبيع على صفة كمال , ليس موجودة فيه , سواء كان ذلك بالفعل أو بالقول ( ) . ومن باع سهماً على غيره وهو يعلم خبراً سيئاً أو سلبيّاً , ولا يبينه لمشتري السهم كان كاتماً للعيب , فكيف إذا كان ذلك بتغرير وخداع من البائع لكي يستثير رغبة الطرف الآخر , فيُقدم على البيع أو الشراء , ظانّاً أن ذلك في مصلحته وليس كذلك فإن العقوبة أشنع , والمقت أفظع .
(4) عن حكيم بن حــزام  قــال: قــال رسول الله  : (البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحِقَت بركةُ بيعهما) ( ).
قال الحافظ ابن حجر في قوله -عليه الصلاة والسلام -: (محقت بركة بيعهما) قال: “يحتمل أن يكون على ظاهره، وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركته، وإن كان الصادق مأجوراً والكاذب مأزوراً” ( ).
وهذا الأمر موجود فيمن يتلاعب بأسعار الأسهم بأنواع التغرير , فإن محق البركة وشؤم التغرير حاصل عليه لا محالة ولو بعد حين , وما ربك بظلاّم للعبيد , والواقع خير شاهد, ولا ينبئك مثل خبير.
(5) ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : “نهى رسول الله  عن النجش ” ( ) .
وجه الدلالة :
أن النبي  نهى النجش , والنجش يشمل ذم السلعة وتعييبها أو مدحها بالقول
, أو الفعل , فدل ذلك على تحريم كلِّ مخادعة وتغرير , عن طريق القول بالثناء على السلعة , أو الفعل عن طريق التلاعب بالأسعار وتمويه المضاربين( ) .

ثالثاً: من الإجماع:

اتفق الفقهاء على أن الغش والخديعة والتغرير حرام، سواءً كان بالقول أو بالفعل، وسواءً كان بكتمان العيب في المعقود عليه أو الثمن , أو بالكذب والخديعة، وسواءً كان في المعاملات أو في غيرها من المشورة والنصيحة ( ).
قال ابن بطال رحمه الله : ” أجمع العلماء على أن الناجش عاصٍ بفعله ” ( ).
ولا شك أن ما يفعله المضاربون في المضاربة في سوق المال من أعظم التغرير والنجش , وقد قال الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه : ( الناجش آكل الربا خائن )( ), وقال البخاري : ” وهو – أي النجش – خداع باطل لا يحل ” ( ) .
وقد رجّح أكثر الفقهاء القول بأن التغرير والغش والخداع كبيرة، وصرّح بعضهم بأنه يفسق فاعله وتُردّ شهادته، وقد علل ابن عابدين هذا الترجيح بقولـه: “لأن الغش من أكل أموال الناس بالباطل” ( ) .
وشدد ابن رشد الجد فقال : “من استحل التدليس بالعيوب، والغش في البيوع وغيرهما, فهو كافر حلال الدم , يستتاب، فإن تاب وإلا قُتِل” ( ).
وقد جعل العلاّمة ابن القيم -رحمه الله- ” أن معظم ولاية الإمام وقاعدتها الإنكار على هؤلاء الزَّغَليَّة ( )، وأرباب الغش؛ لأنهم يُفسِدون مصالح الأمة، والضرر بهم عام لا يمكن الاحتراز منه، فالواجب على الإمام أن لا يهمل أمرهم، وأن يُنَكِّل بهم وأمثالهم، ولا يرفع عنهم عقوبة، فإن البليّة بهم عظيمة، والمضرة بهم شاملة “( ) .
وقد باشر النبي  الإنكار بنفسه على بعض المدلسين المغررين بالناس، يظهر ذلك حينما مرّ على صُبْرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: (يا صاحب الطعام، ما هذا؟). قال: أصابته السماء يا رسول الله. فقال: (أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غش فليس مني) ( ) . فإدخال يده – عليه الصلاة والسلام – في الطعام يدل على مراقبته للأسواق ومنعه مما يقع فيها من غش وتدليس .
وعندما ظهرت في الأسواق بعض المخالفات في عهده -عليه الصلاة والسلام- استعمل عمر بن الخطاب  على سوق المدينة، واستعمل سعيد بن العاص على سوق مكة ( )، ثم اقتدى به خلفاؤه من بعده بعد وفاته، فباشروا الحُسبة بأنفسهم تارة كما ولَّوْها غيرهم تارة أخرى( ) .
فكل هذا ، وغيره مما لم يُذكر ( ) يدل دلالة واضحة على حرص الإسلام والمسلمين وأهل العلم على منع كلِّ تحايل، وسدِّ كلِّ تطاول , كي تستقيم أسواق المسلمين , وتعم البركة فيها .
وإذا كان التجسس في شريعتنا ممنوعاً ؛ فإن بعض أهل العلم قد نصُّوا على جواز التجسس لمعرفة الغاش في بيعه، ومن ذلك ما نصَّ عليه بعض الفقهاء بقوله : “إن على المحتسب أن يتفقد سوقَهم، ويتجسس عليهم، فإن عثر على من رابى , أو فعل في الصرف ما لا يجوز في الشريعة عزّره , وأقامه من السوق” ( )، كلُّ ذلك لأجل صفاء الأسواق من التغرير والغش والخديعة بالمسلمين، فرحمهم الله رحمة واسعة ( ) .

المبحث السادس أثر التغرير على عقد بيع الأوراق المالية

وتحته مطلبان:

المطلب الأول: إذا كان التغرير من مالك السهم :

يقصد بهذا المطلب ما لو قام بالتغرير في سعر السهم مالك الأسهم نفسه , بحيث يغرر المضاربين بأنواع الحيل الخفية والموهمة، لتدفعهم إلى شراء أسهمه , أو بيع أسهمهم .
والفقهاء – رحمهم الله- يختلفون في أثر التغرير بالسعر، فليسوا على طريقة واحدة, ففي بعض الصور يثبتون للمغرور والمخدوع الخيار، كما لو حصل التغرير والكذب في الثمن، كما في التصرفات القائمة على الأمانة ، مثل بيع المرابحة والتولية والوضيعة، والقول بثبوت الخيار هو قول الحنفية( )والمالكية ( )والشافعية ( )الحنابلة في رواية ( ) وهذا هوالقول الأول .
والقول الثاني : وهو المذهب عند الحنابلة : أنه لا خيار للمشتري , ولكن تُحطُّ قدر الخيانة( ).
وبعض الصور من التغرير القولي يختلفون فيه ، كما في مسألة تلقي الركبان , فنجد أن الحنفية والمالكية في قول( ) لا يثبتون للمتلقي الخيار , أما الشافعية ( )والحنابلة ( ) فيرون إثبات الخيار للركبان .
والقول الثالث : في المسألة هو بطلان عقد متلقي الركبان ؛ لأن النهي يقتضي الفساد, وهذا القول رواية عند الإمام أحمد وبعض أصحاب الأمام مالك، وهو ظاهر قول البخاري في صحيحه ( )، مع صراحة النص في إثبات الخيار وهو قوله  :”لا تلقّوا الجلب، فمن تلقّاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار” ( ).
ومن التغرير القولي النجش , وقد وقع فيه بين العلماء خلاف مشهور
والسؤال الذي يطرح نفسه : التغرير في بيع الأوراق المالية ، وما يحصل فيها من خداع وتلاعب في الأسعار، وزيادة في السعر بطريقة صورية أو عن طريق نشر الشائعات والترويج للأخبار الكاذبة ؛ هل يثبت للمشتري أو البائع المغرّر به الخيار أم لا ؟ وهل يأخذ حكم بيع النجش أم لا ؟
لم نجد كلاماً واضحاً لأصحاب المذاهب في ذلك، إلا أنهم جعلوا من صور النجش في البيع ؛ الخديعة بزيادة في ثمن السلعة، أو مدحها ليزيد ثمنها أو بذمّها ليقلّ ثمنها .
ولهذا ذكر الإمام علاء الدين الحصكفي من صور النجش:” أن يمدح السلعة بما ليس فيها ليروجها” ( ) .
وقد سبق أن ذكرنا أن تعريف النجش هو: ” الإضرار بأحد المتعاقدين على سبيل الخديعة بزيادة في ثمن السلعة , أو مدحها , أو ذمّها ” .
إذا ثبت هذا ؛ فإن المغرِّر بالسهم والمخادِع أشدّ وأقوى دخولاً في عدم لزوم العقد من النجش لأن النجش فيه نوع تقصير من المشتري، بخلاف ما لو كان فيه خداع وتمويه ، فإن معرفته لحقيقة العقد ومنفعته ربما تكون فيه صعوبة وعُسْر , كما في التغرير ببيع الأوراق المالية.
وعلى هذا فيمكن أن يكون في المسألة ثلاثة أقوال:

القول الأول : أن العقد باطل

وهذا مذهب مالك في رواية اختارها القاضي عبد الوهاب ( ) , وأحمد في رواية اختارها أبو بكر ( )، ونقله ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث ( ).
القول الثاني: أن العقد صحيح نافذ , ولا خيار للمغرّر به .
وهذا مذهب الحنفية ( ) والمالكية ( ) والشافعية( )في قول عندهما .
القول الثالث: أن العقد صحيح لكنه غير لازم , وللمغرر به الخيار بين الرد والإمساك. وهذا القول هو المُفْتَى به عند الحنفية رفقاً بالناس ( ) , ونصره الزيلعي وغيره ( ) , وهذا هو مشهور مذهب المالكية ( )، لأن الراجح عندهم أن الغرور بالقول لا يضمن إلا إذا تضمن عقداً, فإنه يكون غروراً بالفعل .
قال العدوي :”وحل عدم الضمان في الغرور القولي , ما لم ينضم لـه عقد , وإلا فيضمن كأن يقول : هي سليمة , ويتولى العقد عليها , فهو كالفعل”( ) .
وذهب إليه الشافعية في قول عندهم( )، والحنابلة في المشهور عنهم ( ) وابن حزم ( ), إلا أن الحنفية والحنابلة خصَّوا ذلك بما إذا صاحب هذا التغرير من البائع أو غيره غبن فاحش , بينما أثبت المالكية الخيار سواء حصل غبن فاحش أم لا ( ) .
وقد اختار هذا القول من المتأخرين الشوكاني حيث قال : “يثبت الخيار لمن خُدع , فإن كان مع شرط الخداع فلا ريب في ذلك , وأما إذا لم يشترط ؛ فالبيع الذي وقع ليس بيع المسلم إلى المسلم, بل مشتمل على الخبث والخداع والغائلة , فللمخدوع الخيار , لكونه كشف عن عدم الرضا المحقَّق الذي هو المناط ” ( ).
أدلتهم :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة منها:

الدليل الأول:

الأحاديث الصحيحة السابقة التي تدل على أن النبي  نهى عن النجش ( ) , والنهي يقتضي التحريم والفساد ؛ ما لم يكن هناك صارفٌ، ولا صارفَ في النهي عن النجش.

الدليل الثاني:

قالوا: ولأن أكل البائع الزيادة بلا عوض ربا، والربا باطل ولا يصح، وقد حكم الصحابي عبدالله بن أبي أوفى بأن الناجش آكلٌ للربا، فقال : “الناجش آكل ربا خائنٌ” ( )، قال الحافظ ابن حجر: “وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش؛ لمشاركته لمن يزيد في السلعة، وهولا يريد أن يشتريها في غرور الغير، فاشتركا في الحكم لذلك، وكونه آكل ربا بهذا التفسير” ( ), فدل ذلك على أن كلَّ من أخذ أموال الناس بأي نوع من أنواع التحايل والخداع والتغرير عن طريق العقود ؛ فهو فاسد وباطل .
المناقشة:
أولاً: لا يُسلّم أن مطلق النهي يدل على الفساد مطلقاً، ولو سُلِّم بذلك؛ فإن النهي لم يوجه إلى العقد مطلقاً، وإنما وجه نحو النجش، وهو غير العقد ( ).
قال الشافعي – رحمه الله – مبيناً أنَّ نهي الرسول  لا يدل على الفساد هنا: “لأن البيع جائز , لا تفسده معصية رجل نجش عليه؛ لأن عقده غير النجش، ولو كان بأمر صاحب السلعة؛ لأن الناجش غير صاحب السلعة، فلا يفسد البيع إن فعل الناجش ما نُهي عنه، وهو غير المتبايعَين، فلا يفسد على المتبايعَين بفعل غيرهما، وأمر صاحب السلعة بالنجش معصية منه، ومن الناجش معصية” ( ). اهـ.
ثانياً: إن دليلهم الثاني لا يدل على أكثر من التحريم , وهذا مسلَّم به، ولو فرض جدلاً أن هذا يدل على البطلان فهو اجتهاد صحابيّ، وهو قابل للإصابة أو الخطأ، فلا يكون حجة، كما أن قوله : “الناجش آكل ربا” لا يستلزم منه التشابه الكامل بين هذا العقد الذي فيه النجش وبين الربا من كل النواحي، بل يكفي أن يكون وجه الشبه هو الحرمة فقط، ذلك لأن الربا في الشرع غير متحقق تماماً في النجش.
ثالثاً: إن قولهم : إن فيه مضرّةً على الناس , وإفساداً لمعايشهم …. فيقال: إن النهي إنما هو لحق الآدمي ، فلم يفسد العقد ، كتلقي الركبان وبيع المعيب , وفارَقَ ما كان لحق الله تعالى؛ لأن حق الآدمي يمكن جبره بالخيار بين الإمضاء والفسخ( )، ولهذا قال ابن العربي –رحمه الله-: “الفسخ – أي بطلان العقد – خروجٌ عن طريق النظر..” ( ).
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها :
الدليل الأول: قالوا: إن العقد قد تمّ بأركانه وشروطه، وإن النهي الوارد فيه يعود إلى الناجش لا إلى العقد ذاته ولا إلى وصفه، فلا يؤثر فيه ( )، قال ابن حزم: “والبيع غير النجش , وغير الرضا بالنجش، وإذ هو غيرهما فلا يجوز أن يُفْسَخ بيعٌ صح بفساد شيء غيره، ولم يأتِ نهيٌ قط عن البيع الذي ينجش فيه الناجش” ( ). اهـ.
الدليل الثاني: قالوا: لأن هذا ليس بعيب في نفس المبيع كالمصرّاة المدلس بها، وإنما هو كالمدح وشبهه، والزيادة إنما زادها المشتري باختياره، وقد كان يجب عليه التحفظ، والتأمل، والاستعانة بمن يميّز ويعرف ثمن المبيع، إذن لابد أن يتحمل مسؤولية ما أقدم عليه وجزاء تسرُّعه وعدم تأنّيه ( ).
المناقشة:

يمكن أن نناقش هذه الأدلة بأنها : لا تدل على أكثر من أن العقد صحيح، وهذا ما لا ننكره، أما على كون المشتري ليس لـه الخيار؛ لأنه لم يتحفظ ولم يستفسر …. فغير مسلّم به؛ ذلك لأن الشرع المطهّر لا يكلف العبد ما لا يطيق، ووجود التغرير والخديعة في العقد أمرٌ لا طاقة للحصيف بمعرفته إلا بكلفة ومشقة، ولو قلنا ذلك لما قيل بثبوت الخيار في أي تدليس.
أدلة القول الثالث :
استدل أصحاب القول الثالث القائلون بصحة العقد وثبوت الخيار بما استدل به أصحاب القول الثاني ؛ عدا ما يدل على عدم ثبوت الخيار، وقالوا: إن رسول الله  جعل لمشتري المصرّاة الخيار إذا علم بعيب التصرية، ولم يقض بفساد البيع، ومعلوم أن التصرية تغريرٌ وغش ومكر وخديعة، فكذلك التغرير في بيع وشراء الأوراق المالية يصح فيه البيع، ويكون المبتاع بالخيار من أجل ذلك قياساً ونظراً، والله أعلم ( ).

القول الراجح:

بعد هذا العرض لأدلة كلِّ فريق وما ورد عليها من مناقشة ؛ يظهر أن القول الراجح هو القول الثالث ؛ لقوة أدلته ووجاهتها؛ وذلك لأن التغرير يؤدي إلى إلحاق ضرر بأحد المتعاقدين، ولا يمكن أن يقال : لا خيار للمشتري مع صحة العقد – كما ذهب إليه أصحاب القول الثاني – لأن رفع الضرر عن المتضرِّر متعينٌ وواجب , ورفعه إما بفسخ العقد وبطلانه بالكلية -كما ذهب إليه أصحاب القول الأول- وإما بمنح العاقد المتضرِّر حق الخيار ليتدارك به ما فاته من نفع، أو ليتلافى ما لحقه من ضرر، أو لإزالة الضَّيْم الذي أصابه بسبب التغرير والخديعة.
وفسخ العقد بالكلية يُشْكِل عليه أن الشارع صحّح عقوداً وقع فيها مكر وخديعة – كمتلقي الركبان وبيع المصرّاة – ولكن جعل للمتضرر الخيار، فالتغرير بالسعر عن طريق التحايل والتلاعب كذلك ؛ لأن الشرع لا يفرِّق بين المتماثلات، وما دام أن هذا الضرر يمكن جبره بالخيار فيثبت له. والله أعلم ( )
لكن يبقى السؤال مطروحاً , وهو : هل يمكن إثبات هذا الخيار في مثل تعاملات الناس اليوم في الأوراق المالية ؟ لا سيما مع عدم وضوح من يمارس التغرير والتلاعب بالأسعار , لأن غالب من يقوم بذلك مجموعات تتفق فيما بينها على ذلك , معتمدين على ضخامة رأس المال الذي يملكونه ؟!

والجواب عن هذا السؤال يمكن أن يخرّج على أمور منها :
1- القول ببطلان العقود( ) , وإلغاء جميع الصفقات التي تمت على هذا السهم المعين , في وقت معين , لأن المتضررين كُثُر , ويصعب أن يطالب كلّ واحد بعينه , فمن باب السياسة الشرعية , نقول بإلغاء الصفقات , وإعادة الأموال والأسهم إلى محافظها الاستثمارية, وهذا مبنيٌّ على أن السلطان وولي أمر المسلمين يتولى ذلك حماية لأموال الناس , والقيام نيابة عنهم , ولأن إبقاء تعامل المضاربين على هذا النحو لحين مطالبة المتضررين , فيه تمادٍ للمتلاعبين , واستمرار لضررهم وتجاوزهم , والقاعدة الفقهية المقرّرة عند أهل العلم تقول : ” إن الضرر يزال “( ) .
2- صحة العقد وإبطال الخيار مع بقاء المطالبة بقيمة الغبن وذلك لأن القول ببطلان العقود , مع عدم وضوح من يمارس التغرير بالأسعار , وتنوّع الداخلين في مثل هذا التعامل , كالدخول في التوصيات على الأسهم التي تنتجها بعض المنتديات الاقتصادية ؛ فيه عُسْر وصعوبة , ويمكن – مع صعوبة إثبات الخيار للمغرور- أن تُجعل صورة المسألة شبيهة بمن اشترى معيباً , ولم يعلم بعيبه إلا بعد بيعه وزوال ملكه له , فإن المضارب أحياناً يتخلّص من جميع أسهمه التي تلاعب فيها, ويتخلّص المتضررون من أسهمهم أيضاً , فالقول بإثبات الخيار وبقاء حقِّهم في الرد , قد لا يتصوّر في ظل تعامل المضاربين , وعدم الاحتفاظ بأسهمهم التي غرروا فيها. وقد اتفق الفقهاء على أن المشتري لو لم يعلم بعيب المبيع إلا بعد بيعه وزوال ملكه له, فإنه لا يستحق الرد على بائعه في الحال ( )ولكن هل يرجع على بائعه بأرش العيب , أو بقيمة الغبن أم لا؟
اختلف أهل العلم في ذلك على قولين :

القول الأول: لا يرجع على البائع المغرِّرِ المخادع بشيء:

وهذا قول أبي حنيفة( )، ومالك( )، والشافعي( )، ورواية في المذهب الحنبلي( ).
حجتهم:
قالوا : لأن امتناع الرد كان بفعله، فأشبه ما لو أتلف المبيع ، ولأنه استدرك ظُلامته ببيعه، فلم يكن له أرش( ).
ويمكن مناقشة هذا التعليل:
بأن يقال: إن امتناع الرد، وإن كان بفعله إلا أنه لم يعلم بتغرير البائع أو المشتري إلا بعد زوال ملكه، فلم يرض بالغبن،والغبن باقٍ لا يذهب بزوال ملكه .

القول الثاني: يرجع على بائعه بقيمة الغبن .

وهذا هو المذهب عند الحنابلة( )، وقول ابن حزم الظاهري( )، واختيار ابن سريج من الشافعية( ).
حجتهم:
قالوا: لأن البائع قد غرّر به , فلحقه ضرر بتغريره ؛ كبيع المصّراة , ومتلقي الركبان , فإن أرش العيب ونقص ثمن المبيع ثابت للمتلقَّى مع زوال ملكه , ثم إنه لم يوجد منه الرضا به ناقصاً، ولا سبيل إلى رد الصفقة، فالواجب الرجوع بما لم يرض به المشتري من الغبن ؛ لأن من غُبن في بيعه، فإنه يرجع بقيمة الغبن( ).
الترجيح:
الراجح –والله أعلم- هو القول الثاني لقوة حجتهم، ومناقشة حجة أصحاب القول الأول، وأنها لا تنهض للأخذ بهذا القول.
وأيّاً كان ذلك فإن لولي أمر المسلمين أن يُلْزم المضارب المتلاعب المغرِّر بالأسعار بغرامةٍ مالية تتناسب وتغريره , وأكله أموال الناس بالباطل .
وعقوبة الغرامة أثبتها , وعاقب بها النبي  من سرق من غير حرز، كالحريسة التي تؤخذ من مراتعها ، فقضى بها النبي  أن : “فيها ثمنها مرتين، وضرب نكال”( )، وكما في الثمر المعلَّق أن : “من خرج بشيء منه، فعليه غرامة مثليه والعقوبة..”( ).
ومن أقضية الصحابة رضي الله عنهم في التغريم عقوبةً ما رواه مالك في موطأه عن يحيى ابن عبدالرحمن بن حاطب( ) قال: “إن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فرفع ذلك لعمر بن الخطاب ، فأمر عمر كثير بن الصَّلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: أراك تجيعهم، ثم قال عمر: والله لأغرمنك غُرماً يشق عليك ، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك، فقال المزني: كنت والله أمنعها من أربعمائة درهم، فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم”( )، فهذا الأثر يدل على أن عمر بن الخطاب ضاعف قيمة الناقة على حاطب بن أبي بلتعة ؛ لأنه تسبب في تجويع غلمانه حتى فعلوا ما فعلوا ( ).
فهذه الأحاديث والآثار تدل على جواز عقوبة المغرِّر بأسعار الأسهم بتغريمه شيئاً من ماله ؛ وعقوبة له على تغريره .
وإذا تقرر هذا ، فإنه ليس للغرامة حد أعلى ولا أدنى ، وليس في الشريعة ما يمنع من تحديد الغرامة مقدماً، إذا رأى ولي الأمر ذلك، سواء كانت حدّاً أدنى أم أعلى، والقاضي لـه أن يختار أي العقوبتين يمكن أن تكفي لردع الجاني , وزجره على فعله، والتصرف بالرعية منوط بالمصلحة ( ).

المطلب الثاني: إذا كان التغرير من الوسيط المضارب ونحوه:

في سوق الأوراق المالية في أحيانٍ كثيرة يقوم الوسيط ( ) المضارب بإدارة أموال كبار المتداولين، ويتولى بنفسه مع طاقمه الإداري والفني، عملية المضاربة والتداول، إما عبر محافظ ملاّك الأسهم، وإما عبر محفظته , فيقوم هو بالخداع والتمويه والتلاعب بالأسعار , أو بنشر الشائعات من غير علم ملاّك الأسهم ، أو بعلمهم في أحيانٍ قليلة. فإذا غرّ الوسيط المضارب، جمهورَ المتعاملين في أسواق المال ، فهل يثبت لهم الخيار؟
لا يخلو الأمر من حالين، إما أن يكون التلاعب بعلم رب المال , أو بغير علمه . ولنجعل لكل حالٍ فرعاً مستقلاً.

الفرع الأول: إذا كان بعلم مالك السهم.

إذا غرّ الوسيط – بأي نوع من أنواع التغرير – جمهورَ المتداولين، وكان ذلك بعلم مالك السهم ورضاه وتواطئه، فإن المخدوع حينئذٍ يثبت له الخيار، ويرجع على مالك السهم نفسه- وهو صاحب المحفظة التي تمّ فيها التلاعب – ولا ضمان على الوسيط , ويبقى الأمر في عقوبته التعزيرية من ولي الأمر ؛ إذا رأى ذلك حفاظاً على الصالح العام .
وهذا القول هو ظاهر كلام أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة، وإليك بعض نصوصهم في ذلك:
قال ابن عابدين الحنفي – رحمه الله-:” إن للمشتري الرد بخيار الغبن الفاحش بتغرير الدلال” ( ), والوسيط المضارِب والدّلال بينهما تشابه من حيث إذنُ المالك لهما بالبيع .
وقال ابن فرحون المالكي –رحمه الله-:” وإذا اشترى رجل من السمسار سلعة، فاستحقت من يد المشتري ، أو ظهر بها عيب ، فلا عهدة على السمسار، والتِّباعة على ربِّها ؛ فإن لم يعرف كانت مصيبة على المشتري” .
وقال ابن أبي زمنين : ” فإذا سئل السمسار عن رب السلعة فقال : لا أعرفه ؛ حلف أنه ما يعرفه، كذا رأيت من أشياخنا، قال : وينبغي على أصولهم إن نكل عن اليمين، واسترابه السلطان، أن يعاقب بالسجن على مايراه” ( ).
وجاء في كشاف القناع:” (ولو) كانت زيادة من لا يريد شراء ( بغير مواطأة من البائع) لمن يزيد فيها، (أو) كان البائع (زاد) في الثمن (بنفسه) والمشتري لا يعلم ذلك، لوجود التغرير (فيخيّر) المشتري (بين رد) المبيع (وإمساكه)” ( ).
أي : أن للمغرور الخيار على مالك السهم (الموسِّط) ولا عهدة على الوسيط , إلا أن المغرور في شراء أو بيع السهم , إذا عجز عن ردّ ما غُبن فيه على مالك السهم إما لعدم معرفته , أو لأن المضارب يختلف مالك السهم ؛ معه بين فترة وأخرى , ويصعب بالتحديد معرفة ذلك؛ فإنه يرجع على الوسيط المضارب الذي تلاعب وغرّر بالأسعار، ويتحمل معرّة تلاعبه وخداعه, وقد أفتى بنحو هذا بعض المالكية كما نقل ذلك الونشريسي ( ).

الفرع الثاني : إذا كان بغير علم مالك السهم :

الأقرب – والله تبارك وتعالى– أعلم أن المغرور يرجع على مالك السهم , لأن الأسهم أسهمه , والوسيط وإن كان التغرير منه , إلا أنه يتصرف بالنيابة عن مالكه , وما يصدر منه فكصدوره من المالك , إلا إن عجز المغرور في ردّ ما غرِّر به على المالك فيرجع على الوسيط , لأن الوسيط ليس غريباً عن العقد , ولأننا أثبتنا الخيار للمشتري لوجود الغرر الحاصل عليه بالتغرير , وهذا الأمر ثابت له , وهذا القول هو ظاهر مذهب الحنفية( )والحنابلة ( ).
والواجب على الوسيط والموسَّط أن يتقوا الله في تعاملاتهم , وأن يتقي الله مالك السهم في اختياره مَنْ يتولى المضاربة بماله , ولا يرغب بالعاجلة الفانية , على الآخرة الباقية , وأن يكون اختياره على الأمانة والصدق والنزاهة , من غير دخول في مجموعات أو توصيات , فإن غالب هذه المجموعات تتعامل بالمضاربات غير المشروعة , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

الخاتمة

وفي نهاية هذا البحث أسجل أهم ما توصلت إليه من خلال دراسة مباحثه وهي كالآتي:
1- أن التعريف المختار الجامع لقسمي التغرير هو أن يقال : ” إغراء أحد المتعاقدين أو غيره الآخر فى المعقود عليه بخلاف الواقع للدخول فى العقد بوسيلة قولية أو فعلية، لو علم به لامتنع من التعاقد عليه “.
2- أن البورصة عُرِّفت بتعريفات كلها بمعنى واحد فى الجملة إلا أن بعضهم ربما يكون أكثر توصيفاً من بعض، بسبب التفصيلات التى تذكر فى التعريف. ومن تلك تعريفها :” بأنها مجموعة العمليات التي تتم في مكان معين بين مجموعة من الناس لإبرام صفقات تجارية , حول منتجات زراعية , أو صناعية , أو أوراق مالية ….. ” .
3- أن الأوراق المالية هي الصكوك التى تصدرها الدول أو الشركات من أسهم وسندات قابلة للتداول بالطرق التجارية , وتمثل حقاً للمساهمين أو المقرضين .
4- تعريف بورصة الأوراق المالية هي :” سوق منظمة تقام فى مكان ثابت،يتولى إدارتها والإشراف عليها هيئة لها نظامها الخاص، تحكمها لوائح وقوانين , وأعراف وتقاليد، يؤمها المتعاملون فى الأسهم والسندات من الراغبين فى الاستثمار، والناشدون الاستفادة من تقلبات الأسعار “.
5- أن التعريف المختار للمضاربة بأنها : ” عملية بيع أو شراء يقوم بها أشخاص بناءً على معلومات مسبّبة أو على مجرد الحظ والتخمين والتنبؤ لا بغرض تسلم السهم لمحتواه والانتفاع بما يعود عليه من ربح وإنما الاستفادة من فروق الأسعار بين وقت وآخر “.
6- أن من صور التغرير في أسعار الأوراق المالية ما يلي :
‌أ- البيع الصوري : ويقصد بهذا العمل خلق تعامل مظهري نشط على سهم ما , لإيهام المضاربين بأن السهم عليه حركة , أو يخبئ خبراً أو محفزاً لهذا السهم ولا يعدو الأمر مجرد مضاربة بحتة , ولا توجد أخبارٌ ولا محفِّزات البتة , وله صور متعددة .
‌ب- ما يفعله بعض المضاربين من احتكار لبعض الأسهم مع البيع الصوري حتى يرتفع السهم , ثم يقوم بعد ذلك بالبيع والتصريف على الناس . حيث يقوم المضارب بالتجميع في سهم معين لفترة طويلة حتى يقلّ العرض (وهو البيع) من الناس , وكلما وجد عرضاً من العروض قام بالشراء بصورة لا تثير متابعي الأسهم والمضاربين في العادة , وبعد أن يرتفع السعر بفوارق سعريّة جيدة , إما لكثرة الطلب عليه , وإما لوجود خبر أو محفّز (من زيادة رأس المال , أو منحة في توزيع الاحتياطي) , فيطمع المضارب في التجميع أكثر وأكثر , فيقوم بالضغط على السهم , بعرض كمياته التي اشتراها أصلاً بسعر متدني وكسر مقاومات السهم الفنيّة – والتي يرتكز عليها عامة المضاربين المحترفين – حتى يملّ ملاّك السهم , والمضاربون , فيضطروا للخلاص من هذا السهم إلى سهم آخر يضاربون فيه , فيبيعونه بخسارة , فيقوم المضارب الكبير بالشراء منهم , حتى إذا خلا له الجو , قام بالشراء من نفسه لنفسه قبل صدور خبر المحفّز لهذا السهم أو قبيل انعقاد الجمعية العمومية , ليستفيد هو وزمرته من الفارق السعري الجديد عبر المحافظ التي يديرها , وإما بالاتفاق مع آخرين , معتمدين في ذلك على ضخامة رأس المال الذي يملكونه , وعدم خبرة المتعاملين في السوق وضعف الرقابة والإشراف , وقوة النفوذ , ومعرفة أخبار مجالس إدارة الشركات المساهمة , فيقوم بعد ذلك بعملية البيع الصوري والتغرير بالسعر بالطرق التي سبق أن ذكرناها في الفقرة الأولى .
‌ج- العروض الوهمية : وهذه الطريقة تتم قبل افتتاح السوق المالي للتداول بساعة أو نصف ساعة تقريباً , حيث يقوم مضارب السهم , والذي يملك أسهماً كثيرة في سهم ما يعرض عروض بيع بصفقات مختلفة ليوهم المضارب غير المحترف بأن هذه العروض من أشخاص كُثُر.
‌د- ما يقوم به بعض كبار المضاربين من عرض كمية طلب (شراء) كبيرة تحت سعر معين , وعرض كمية بيع كبيرة فوق سعر معين , لضبط التذبذب السعري للسهم الذي يريده .
‌ه-
هـ – نشر الشائعات والأكاذيب , والترويج للأخبار , وتسريب معلومات خاطئة عن شركة من الشركات المساهمة والمتداول أسهمها في سوق المال , والقيام بعمليات تداول تصاحب هذه الأخبار والشائعات .
‌و- تغرير أحد أعضاء مجالس إدارة بعض الشركات المساهمة أو أحد الرؤساء أو المديرين ويحصل ذلك في أمور منها :
– التغرير في الإعلان للشركة .
– إشاعة وجود محفِّز لشركة معينة كي تتوالى النسب في الصعود ولا يعدو الأمر مجرد تغرير وتلاعب .
– ومن أساليب المكر والتغرير أيضاً ما هو شبيه بما يسمى باتفاقية الاختيار(pool option) في البورصة.
‌ز- يحدث في أحيانٍ كثيرة عندما تتدهور أسعار الأسهم , ويحدث انهيار لأسواق المال , تهبط الأسعار إلى أقل من القيمة الدفترية للسهم , ويفقد غالب المضاربين والمستثمرين ثقتهم بسوق المال , ويسارعون إلى بيع أسهمهم , ولو بأقل من القيمة الحقيقية للسهم. فهل يجوز المضاربة بصورة البيع الصوري وإيهام المضاربين بوجود تداول على سهم ما؟ وذكرنا أن الراجح ترك ذلك .
7- أن التغرير والغرور من الغش البيّن والمحرّم في شريعتنا بالكتاب والسنة والإجماع.
8- وقد ذكرنا في المبحث السادس أثر التغرير على عقد البيع : أن مالك السهم لو قام بالتغرير , فاحتال على جمهور المضاربين بأنواع الحيل أن للمغرور الخيار , وذكرنا أنه ربما يصعب إثبات الخيار في مثل تعاملات الناس اليوم في أسواق المال , لا سيما مع عدم وضوح مَنْ يمارس التغرير والتلاعب بالأسعار .
وذكرنا أنه يمكن الإجابة عن هذا الإشكال بأحد أمرين :
الأول :القول ببطلان هذه العقود , ومن باب السياسة الشرعية .
الثاني : القول بجعل صورة المسألة كمسألة إذا لم يعلم المشتري بالمبيع إلا بعد بيعه وزوال ملكه له , فإنه لا يستحق الرد على بائعه ولكن له أن يرجع على بائعه بقيمة الغبن .
9- وذكرنا أن لولي أمر المسلمين أن يُلْزم المتلاعب بالأسعار والمغرِّر بالمضاربين غرامة مالية تتناسب وتغريره وتلاعبه .
10- وذكرنا أن التغرير إذا كان من الوسيط المضارب ونحوه , فسواء أكان بعلم مالك السهم أم بغير علمه , فيثبت كما لو كان التغرير من مالك السهم نفسه .

فهرس الآيات
الآية رقم الآية الصفحة
سورة آل عمران
إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 77 17
سورة النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ  29 30
سورة الأعراف
وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ 85 30
سورة فاطر
فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا 5 3
سورة الانفطار
مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ 6 3

فهرس الأحاديث والآثار

طرف الحديث أو الأثر الصفحة
“من احتكر فهو خاطئ ” 19
“لا تلقّوا الجلب، فمن تلقّاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار”
“الناجش آكل ربا خائنٌ”
“أن رجلاً أقام سلعة له في السوق , فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يُعْطه …” 17
“دعوا الناس , يرزق الله بعضهم من بعض , فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه” 28
“إن البيع كان كاسداً , لولا أني كنت أزيد عليهم وأنفقه … ” 28
“رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى” 29
“التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء” 29
“من غشّ فليس مني ” 30، 33
“المسلم أخو المسلم، ولا يحلُّ لمسلم باع من أخيه بيعاً، فيه عيبٌ إلا بيَّنه له” 31
“الخديعةُ في النار”
“البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحِقَت بركةُ بيعهما”
“نهى رسول الله  عن النجش ”
” الناجش آكل الربا خائن ”
“لا تلقّوا الجلب، فمن تلقّاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار” 36
أن النبي  نهى عن النجش 38
“فيها ثمنها مرتين، وضرب نكال…” 43
“إن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، …” 44
“الناجش آكل ربا خائنٌ” 38
“إن رسول الله  جعل لمشتري المصرّاة الخيار إذا علم بعيب التصرية” 40

فهرس لأهم المصادر والمراجع :

1- أحكام الأسواق المالية . الأسهم والسندات.لمحمد صبري هارون , دار النفائس , الأردن , الطبعة الأولى ,1219هـ .
2- أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة , للدكتور / مبارك سليمان آل سليمان , كنوز اشبيليا ,الرياض , 1426هـ .
3- أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة , للدكتور / مبارك سليمان آل سليمان , كنوز اشبيليا , الرياض , 1426هـ .
4- الأحكام السلطانية، لعلي بن محمد المارودي،، دار الكتب العلمية.
5- أحكام القرآن، لأبي بكر محمد بن عبدالله بن العربي، تحقيق/ علي محمد البجاوي، طبعة دار المعرفة – بيروت – 1407هـ.
6- أحكام المعاملات الشرعية، للشيخ علي الخفيف، مطبعة أنصار السنة المحمدّية.
7- إحياء علوم الدين، للإمام محمد بن محمد أبي حامد الغزالي، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ.
8- الاختيار لتعليل المختار، لعبدالله بن محمود الموصلي الحنفي، تحقيق/ زهير الجعيد، دار الأرقم بن أبي الأرقم.
9- إدارة البنوك وصناديق الاستثمار وبورصات الأوراق المالية , للدكتور/ محمد سويلم دار الهاني للطباعة
10- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1405هـ.
11- الاستثمار بالأسهم في السوق السعودي , للدكتور / عيد الجهني , مطابع الشريف .
12- الاستيعاب في أسماء الصحابة، لأبي عمر يوسف بن عبد البر طبعة دار الجيل بيروت – الطبعة الأولى 1412هـ.
13- أسنى المطالب شرح روض الطالب، للشيخ زكريا الأنصاري، الناشر: المكتبة الإسلامية.
14- أسواق الأوراق المالية , لسمير عبد الحميد رضوان , المعهد العالمي للفكر الإسلامي , القاهرة , الطبعة الأولى ,1417هـ .
15- أسواق الأوراق المالية وآثارها الإنمائية في الاقتصاد الإسلامي , للدكتور / أحمد محي الدين أحمد , مجموعة دلة البركة , قسم الدراسات والبحوث الشرعية , الطبعة الأولى , 1415هـ .
16- الأسواق المالية وبورصات الأوراق المالية , للدكتور / هشام البساط , اتحاد المصارف الإسلامية .
17- الأسواق والبورصات , للدكتور / مقبل الجميعي , مدينة النشر والطباعة , الاسكندرية .
18- الأشباه والنظائر، لابن نجيم الحنفي، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت 1400هـ.
19- إصلاح المال لأبي بكر الدنيا , تحقيق مصطفى الزرقا .
20- أعلام الحديث شرح صحيح البخاري، للإمام أبي سليمان حمد الخطابي تحقيق د/محمد بن سعد آل سعود , جامعة أم القرى , مركز إحياء التراث , الطبعة الأولى , 1409هـ .
21- الاقتصاد السياسي , لزكي عبد المتعال , مطبعة العلوم , 1933.
22- الألفاظ الكتابية، للعلامة عبد الرحمن الهمداني، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1400هـ.
23- الأم للشافعي، طبعة دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1393هـ.
24- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، لعلاء الدين المرداوي الحنبلي، تحقيق د. عبدالله التركي، وعبدالفتاح الحلو، دار هجر للطباعة، الطبعة الأولى 1414هـ.
25- أوجز المسالك إلى موطأ مالك، لمحمد زكريا الكاندهلوي، طبعة دار الفكر، 1410هـ.
26- الأوراق التجارية في النظام السعودي، للدكتور/ عبدالله العمران، مطبعة الإدارة العامة، معهد الإدارة سنة 1419هـ.
27- الأوراق المالية وأسواق المال , للدكتور / منير إبراهيم هندي , منشأة المعارف , الاسكندرية , 2006م .
28- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، للإمام علاء الدين أبي بكر الكاساني،
دار الكتب العلمية، بيروت.
29- بداية المجتهد ونهاية المقتصد، للعلامة محمد بن أحمد بن رشد الحفيد، تحقيق/ محمد صبحي حلاّق، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1415هـ.
30- البناية في شرح الهداية، لأبي محمد محمود بن أحمد العيني، طبع دار الفكر،
الطبعة الثانية، 1411هـ.
31- البورصات , لحسن حبيب, وعيسى عبده , وسامي وهبة , المطبعة الأميرية , القاهرة , 1947هـ .
32- بورصات الأوراق المالية والقطن بالقاهرة والإسكندرية , الطبعة الأولى , 1960م .
33- بورصة الأوراق المالية , لعلي شلبي , مكتبة النهضة المصرية , القاهرة , الطبعة الأولى , 1962 م .
34- بورصة الأوراق المالية من منظور إسلامي , لشعبان محمد اسلام البرواري , دار الفكر , دمشق, الطبعة الثانية , 1426هـ
35- التاج والإكليل لمختصر خليل، لأبي عبدالله محمد بن يوسف الموّاق دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ.
36- تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، للقاضي إبراهيم بن محمد بن فرحون المالكي، طبع دار الكتب العلمية.
37- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، للعلامة عثمان بن علي الزيلعي طبع دار الكتاب الإسلامي، مصوّر.
38- تحبير التحرير في إبطال القضاء بالفسخ بالغبن الفاحش بلا تغرير،
للعلامة محمد أمين الشهير بابن عابدين، ضمن وسائل ابن عابدين، مطبعة أستانة 1325هـ.
39- تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، للحافظ محمد بن عبد الرحمن المباركفوري مطبعة الفجالة، القاهرة، الطبعة الثانية 1385هـ.
40- تحفة المحتاج في شرح المنهاج، للعلامة أحمد بن محمد ابن حجر الهيتمي،
طبعة دار صادر، بيروت.
41- تذكرة الحفاظ، للحافظ أبي عبدالله الذهبي، تصوير دار إحياء التراث العربي عن طبعة وزارة المعارف الحكومية بالهند.
42- التراتيب الإدارية، للعلامة الشيخ عبد الحي الكتّاني، الناشر حسن جعنا، بيروت.
43- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض اليحصبي، تحقيق/ الدكتور أحمد بكير محمود، نشر الحياة ببيروت، ومكتبة دار الفكر بليبيا، 1387هــ.
44- التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام، والمختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام، للإمام محمد بن محمد بن الحسين بن الفرّاء، الشهير بالقاضي أبي الحسين بن شيخ المذهب القاضي أبى يعلى. تحقيق د/ عبدالله الطيار و د/ عبد العزيز الحجيلان. دار العاصمة، الطبعة الأولى 1414هـ.
45- تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر العسقلاني، اعتناء إبراهيم الزيبق وعادل مرشد، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1416هـ.
46- الجامع لأحكام القرآن، للإمام أبي عبدالله محمد بن أحمد القرطبي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ.
47- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير، للعلامة محمد بن عرفة الدسوقي طبع دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي.
48- حاشية الشيخ علي العدوي على شرح الخرشي على مختصر خليل، دار الفكر.
49- حاشيتا عبد الحميد الشرواني وابن القاسم العبادي على تحفة المحتاج،
طبعة دار صادر، بيروت.
50- حاشيتا قليوبي وعميرة، للشيخ شهاب الدين القليوبي، والشيخ عميرة، على شرح العلامة جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين للنووي، طبعة عيسى البابي الحلبي بمصر سنة 1394هـ.
51- الحاوي الكبير، للإمام أبي الحسن الماوردي، تحقيق / د. محمود مطرجي ، دار الفكر سنة 1414هـ.
52- الحسبة في الإسلام، لأبي العباس ابن تيمية، طبع دار الكتب العلمية، سنة 1387هـ.
53- الحسبة في الماضي والحاضر بين ثبات الأهداف وتطور الأسلوب، للدكتور علي بن حسن القرني، طبعة مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1415هـ.
54- الحسبة في الماضي والحاضر بين ثبات الأهداف وتطور الأسلوب، للدكتور علي بن حسن القرني، طبعة مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1415هـ.
55- الحماية الجنائية للمعلومات غير المعلنة للشركات المقيدة بسوق الأوراق المالية , للدكتور / عمر سالم , الطبعة الأولى .
56- الدر المختار في شرح تنوير الأبصار، للإمام محمد علاء الدين الحصكفي، دار الكتب العلمية، بيروت.
57- درر الأحكام في شرح مجلة الأحكام، لعلي حيدر، تعريب: المحامي فهمي الحسيني، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1401 هـ.
58- دقائق أولي النهي شرح المنتهى أو شرح منتهى الإرادات، للعلامة منصور بن يونس البهوتي، طبعة دار الفكر .
59- دليلك إلى البورصة والاستثمار ,لحسن حمدي , دار الكتاب العربي , دمشق , الطبعة الأولى ,1427هـ .
60- رد المحتار على الدر المختار، للعلامة محمد أمين ابن عابدين، دار الكتب العلمية، بيروت.
61- روضة الطالبين وعمدة المفتين، للإمام شرف الدين النووي، المكتب الإسلامي بيروت، دمشق، الطبعة الثانية، 1405هـ.
62- الروضة الندية شرح الدرر البهيّة، للعلامة محمد صدِّيق حسن خان، دار الندوة الجديدة، بيروت، الطبعة الثانية، 1988 م – 1408هـ.
63- الزواجر عن اقتراف الكبائر، لأبي العباس أحمد بن حجر الهيتمي، دار المعرفة – بيروت – لبنان، 1408هـ.
64- سنن الترمذي المسمى الجامع الصحيح , للإمام لأبي عيسى محمد الترمذي،
تحقيق/ أحمد شاكر وكمال الحوت، ومحمد فؤاد عبدالباقي، دار الكتب العلميّة
بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1408هـ.
65- سنن الدارمي، للإمام الحافظ عبدالله بن عبد الرحمن الدارمي، تحقيق/ فواز أحمد زمزلي وخالد السبع العلمي، دار الريّان للتراث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1407هـ.
66- السنن الكبرى، للإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
67- السياسة المالية في الإسلام ,لعبد الكريم الخطيب , دار المعرفة , بيروت , الطبعة الثانية , 1975م .
68- السيرة الحلبية، للإمام علي برهان الدين الحلبي، طبعة مصطفى البابي، الطبعة الأولى، 1384هـ.
69- شرح الخرشي على مختصر خليل للشيخ محمد الخرشي، دار الفكر، بيروت.
70- شرح الزركشي على مختصر الخرقي، لمحمد بن عبد الله الزركشي المصري الحنبلي تحقيق / د.عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.
71- شرح السنة، للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق/ شعيب الأرنؤوط، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، الطبعة الثانية، 1403 هـ.
72- شرح المحلي على منهاج الطالبين للنووي، للعلامة جلال الدين المحلي، طبعة عيسى البابي الحلبى بمصر سنة 1394هـ.
73- شرح صحيح مسلم، للإمام شرف الدين زكريا النووي، دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1349هـ.
74- صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، لأبي العباس أحمد بن علي القلقشندي نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية.
75- صحيح البخاري , للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري, المكتبة الإسلامية , استانبول .
76- صحيح مسلم، للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق/ فؤاد عبد الباقي، دار الحديث القاهرة، الطبعة الأولى 1412هـ.
77- صيغ العقود في الفقه الإسلامي , للدكتور / صالح عبد العزيز الغليقة , كنوز اشبيليا , الرياض .
78- طرح التثريب في شرح التقريب، لزين الدين أبي الفضل العراقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
79- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، للعلامة ابن قيم الجوزية ط.دار البيان بدمشق سنة 1410هـ.
80- عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة،لعبد الله بن نجم بن شاس،
تحقيق د/ محمد أبو الأجفــان، و أ/عبد الحفيظ منصـــور، دار الغـــرب الإســــلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1415هـ.
81- العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، لمحمد أمين بن عابدين طبعة دار المعرفة، بيروت، الطبعة 1300هـ.
82- عمل الشركات الإسلامية في السوق العالمية , لأحمد محي الدين أحمد , بنك البركة الإسلامي للاستثمار , البحرين , الطبعة الأولى ,1417هـ ,
83- الغرر وأثره في العقد، للدكتور الصديق محمد الأمين الضرير، دار الجيل، الطبعة الثانية 1410هـ.
84- الغش وأثره على العقود , للباحث الدكتور / عبد الله ناصر السلمي , كنوز اشبيليا , الطبعة الأولى ,1425هـ
85- فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 1410 هـ
86- فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر، ترتيب محمد المغراوي،
طبعة مجموعة التحف والنفائس الدولية، الطبعة الأولى 1416هـ.
87- فتح العزيز بشرح الوجيز، للإمام عبد الكريم الرافعي، الموجود مع المجموع شرح المهذب، دار الفكر.
88- فتح القدير شرح الهداية، للإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن الهمام، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1317هـ.
89- القاموس المحيط، للعلامة مجد الدين محمد الفيروزآبادي، مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية 1407هـ.
90- قرارت وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي , مجمع الفقه الإسلامي .
91- قوانين الأحكام الشرعية المسمى بالقوانين الفقهية، للعلامة محمد بن أحمد ابن جزي المالكي، عالم الفكر، دار الأقصى، الطبعة الأولى 1405هـ.
92- كشاف القناع عن متن الإقناع، لمنصور بن يونس البهوتي، عالم الكتب، بيروت.
93- الكليات، لأبي البقاء الحسيني الكفوي، تحقيق/ د. عدنان درويش، محمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ.
94- لسان العرب، للعلامة محمد بن مكرم بن منظور، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى 1410 هـ.
95- المارسات غير الشرعية في بورصة الأوراق المالية , للدكتور / صالح البربري , الطبعة الأولى , 2001م .
96- مبدأ الرضا في العقود – دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي، للدكتور علي محيي الدين القره داغي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى، 1406هـ.
97- المبسوط، للإمام شمس الأئمة السرخسي، دار المعرفة، بيروت، سنة 1406هـ.
98- مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي, جامعة الملك عبد العزيز بجدة عدد(1) مجلد (2) ص22 . كما هي نظرة د / سيف الدين إبراهيم في مقال : نحو نموذج إسلامي لسوق الأسهم.
99- مجلة الاقتصاد الإسلامي , لمحمد عبد الحليم عمر , العدد (202-205) 1418.17هـ .
100- المجموع شرح المهذب، للإمام محيي الدين النووي، ومعه تكملة المجموع للإمام السبكي والتكملة لمحمد بخيت المطيعي، دار الفكر.
101- مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع الشيخ عبدالرحمن بن قاسم، دار عالم الكتب للطباعة والنشروالتوزيع، الرياض، 1412هـ.
102- المحرر في الفقه، للمجد أبي البركات عبدالسلام ابن تيمية، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثانية، 1404هـ.
103- المحلى بالآثار، للإمام أبي محمد بن حزم، دار الآفاق الجديدة، بيروت.
104- المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى الزرقاء، دار الفكر، بيروت، الطبعة التاسعة 1967م.
105- المدونة الكبرى، للإمام مالك بن أنس، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ.
106- المسائل الفقهية من الروايتين والوجهين، للقاضي أبي يعلى الحنبلي،
تحقيق/ د. عبدالكريم اللاحم، مكتبة المعارف، الريا ض، الطبعة الأولى، 1405هـ.
107- المستدرك على الصحيحين في الحديث، للحافظ أبي عبدالله محمد النيسابوري المعروف بالحاكم، مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الهند، وبذيله تلخيص المستدرك للحافظ الذهبي.
108- المسند، للإمام أحمد بن حنبل، المطبعة الميمنية بمصر، سنة 1313هـ.
109- مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، للعلامة مصطفى السيوطي الرحيباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1380هـ.
110- معالم القربة في طلب الحسبة، لمحمد بن أحمد القرشي، طبعة دار الفنون، كمبردج.
111- المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي , للدكتور محمد عثمان شبير , دار النفائس , الأردن , الطبعة الولى ,1420هـ ..
112- المعجم الأوسط، للحافظ أبي القاسم سليمان الطبراني، تحقيق/ طارق عوض الله وعبدالمحسن الحسيني، الناشر دار الحرمين للطباعة، الطبعة الأولى، 1415هـ.
113- معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء، للدكتور نزيه حماد، نشر الدار العالمية للكتاب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1415هـ.
114- المعجم الوسيط، قام بإخراجه: إبراهيم مصطفى، أحمد الزيات، حامد عبد القادر محمد النجار، طبعة مجمع اللغة العربية، القاهرة.
115- المعونة على مذهب عالم المدينة، للإمام القاضي عبد الوهاب البغدادي،
تحقيق/ حميش عبدالحق، الناشر المكتبة التجارية، مكة المكرمة.
116- المعيار المعرب، للإمام أحمد بن يحيى الونشريســي، أشــرف على تخريجــه د. محمد حجي، دار الغرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
117- المغني، لابن قدامة، تحقيق/ د. عبدالله التركي وعبدالفتاح الحلو، طبع دار هجر للطباعة، القاهرة، الطبعة الثانية، 1412هـ.
118- المقدمات والممهدات، لمحمد بن أحمد بن رشد الجد، القرطبي، ضمن المدونة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ.
119- المقنع، للموفق ابن قدامة، تحقيق/ د. عبدالله التركي، هجر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1415هـ.
120- المنهج الأحمد في تراجم أصحاب أحمد، لمجير الدين عبد الرحمن الحليمي، مطبعة المدني، القاهرة، الطبعة الأولى، 1384هـ.
121- المهذب، للفقيه أبي إسحاق الشيرازي، طبعة عيسى البابي الحلبي، سنة 1379هـ.
122- مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، لأبي عبدالله محمد بن محمد المغربي الحطّاب، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1416هـ.
123- الموسوعة العربية العلمية , مؤسسة إعمال الموسوعة , السعودية , الطبعة الأولى , 1416هـ .
124- الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، يصدرها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، القاهرة.
125- الموسوعة الفقهيّة الكويتية، لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، الطبعة الثانية، 1407هـ.
126- الموطأ , للإمام مالك، تحقيق/ بشار عواد ومحمود خليل، مؤسسة الرسالة،
الطبعة الأولى 1412هـ.
127- نحو سوق إسلامية , من مجلة ودراسات اقتصادية إسلامية العدد(1) (ص14) للدكتور محمد القرني
128- النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري الشهير بابن الأثير، تحقيق/ طاهر الزاوي ومحمود الطناحي، المكتبة العلمية – بيروت.
129- الوساطة التجارية في المعاملات المالية، للدكتور عبد الرحمن الأطرم، طبعة مركز الدراسات والإعلام، دار إشبيليا، الطبعة الأولى، 1416هـ.

فهرس الموضوعات
المقدمة :………………………………………………….………1
المبحث الأول : تعريف التغرير في اللغة والاصطلاح : ………………………..4
المبحث الثاني : تعريف المضاربة في الأوراق المالية : …………………………..7
المبحث الثالث : تعريف بورصة الأوراق المالية : ………………………………12
المطلب الأول : تعريف البورصة : …………………………………………12
المطلب الثاني : تعريف الأوراق المالية : …………………………………….13
المطلب الثالث : تعريف بورصة الأوراق المالية : …………………………….13
المبحث الرابع : صور التغرير في بورصة الأوراق المالية :………………. ……….14
المبحث الخامس: حكم التغرير في المضاربة في الأوراق المالية : ……………………30
المبحث السادس: أثر التغرير على عقد بيع الأوراق المالية :……………………….36
المطلب الأول : إذا كان التغرير من مالك السهم : …………….. …………….36
المطلب الثاني : إذا كان التغرير من الوسيط المضارب ونحوه :……………………..45
الفرع الأول : إذا كان بعلم مالك السهم:…………………………………….45
الفرع الثاني : إذا كان بغير علم مالك السهم :…………………………………46
الخاتمة :…………………………………………………………………48
فهرس الآيات :…………………………………………………………..51
فهرس الأحاديث والآثار:…………………………………………………..52
فهرس لأهم المصادر والمراجع :…………………………………………. ….54
فهرس الموضوعات:…………………………….. ………………………..65