بحث ودراسة تحليلية حول قضاء المظالم في الفقة و القانون

أ.د. محمد وليد العبادي/ كلية الدراسات الفقهية والقانونية – جامعة آل البيت

ملخص

إقامة العدل بمفهومه الموضوعي والشمولي يعتبر أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، فالعدل مأمور به شرعاً في تعامل الفرد مع الفرد أو الجماعة، وتعامل سلطة الحكم مع المحكومين. وهذا كله يحتاج إلى قواعد عامة ومجردة واجبة التطبيق يرضخ لها الكافة حكاماً ومحكومين.
ومن هنا تأتي الرقابة القضائية على شرعية ما يصدر عن سلطات الحكم وأدواته لاتصافها بالموضوعية والجرأة. وهذا ما جسده قضاء المظالم الذي يعتبر قمة الرقابة في الدولة الإسلامية لما امتاز به من تجسيد للعدل وقمع للظلم سواء أتى من الحكام أو المحكومين، وهذا ما سنفصله في هذا البحث.

تمهيد

اعتبرت الشريعة الإسلامية إقامة العدل بمفهومه الموضوعي والشمولي من أهم مقاصدها، فالعدل مأمور به شرعاً في تعامل الفرد مع افرد أو الجماعة وتعامل سلطة الحكم مع المحكومين، ولكن هذا يحتاج إلى قواعد تتصف بالعمومية والتجريد وواجبه التطبيق بعدل موضوعي يرضخ له الكافة من حكام ومحكومين ومؤسسات بشخصياتها الطبيعية والمعنوية وهو ما يعبر عنه بمبدأ المشروعية.
ولما كانت الرقابة القضائية على شرعية ما يصدر عن سلطات الحكم وأدواته أعلى ما يمكن أن تكون عليه هي لما تتصف به من تجرد وموضوعية وجرأة، والسؤال المطـروح: هل عُرفت الرقابة القضائية على أعمال الإدارة في الدولة الإسلامية؟ وهل تمثلت هذه الرقابة بقضاء المظالم؟
وهذا ما سيجيب عليه هذا البحث.

المقدمة

يعتبر القضاء الإسلامي الذي عُرف بأداء دوره بكفاءة تتفق مع أهدافه في تحقيق العدل قام بدوره الفاعل في المجتمع الإسلامي بما يتفق وأهداف الشريعة على رفع الظلم فعمل على إنشاء مؤسسة قضائية خاصة لكي تعمل على رفع الظلم وإحلال العدل محله، وقد تمثلت هذه المؤسسة بديوان المظالم وقد اضطلع دوره في مسألة العدل في إرساء قواعد الرقابة القضائية على أعمال الإدارة والوصول إلى إلغاء القرار الإداري والتعويض عن آثاره الضارة وتأديب أشخاص الإدارة.
وانطلاقاً مما سبق سوف نقسم هذا البحث إلى مبحثين:
المبحث الأول: يتعلق بالأصول العامة لقضاء المظالم.
المبحث الثاني: ويتعلق بمقارنة قضاء المظالم وما يشابهه من نظم.
نظراً لأن نظام ولاية المظالم يعد من مفاخر النظام القضائي الإسلامي فقد تأثرت به إلى حد كبير الكثير من النظم القضائية المعاصرة، حيث إن النظام القضائي الإسلامي قد أرسى قواعد القانون الإداري من خلال ما حققه العلماء المسلمين في القرن الخامس الهجري بإرساء فكرة قواعد القانون العام أمثال الماوردي والفراء وغيرهم حيث عمل هؤلاء العلماء على لم شتات موضوعات ما يسمى اليوم القانون العام من كتب الفقه والتي تسمى الأحكام السلطانية.
وعليه سنحلل قضاء المظالم من حيث نشأته وسنده التشريعي، ومكونات هذا القضاء واختصاصه.

المبحث الأول الأصول العامة لقضاء المظالم

نشأة قضاء المظالم وسنده التشريعي وتكييفنا له

لما كان قضاء المظالم قد وجد أصلاً لحماية الحقوق العامة والخاصة للأفراد والجماعات من تعسّف أشخاص الإدارة بها وتعدياتهم عليها وإهدارها، فإن ذلك يلزم على الدولة القانونية أن تعمل على إنشاء القواعد التي تتصف بالعمومية والتجريد ولها قوة الإلزام على الكافة بحيث يخضع لها الجميع وتدور تصرفاتهم ضمن إطارها فلا تخرج عليها ومن ثمّ فإنه لا بد من قيام جهة ذات صلاحية بمراقبة هذا الانضباط والقيام بدور إيجابي في ذلك.
فمؤسسات الإدارة قادرة بما لها من سلطات على ضبط الأفراد والجماعات وليس العكس ومن هنا كان لا بد من قيام سلطة ما بدور رقابي فعال على انضباط مؤسسات الإدارة وأشخاصها، ومن ثم عدم تجاوزها على حقوق الأفراد والجماعات وإهدارها وإلحاق الأضرار بهم.
فتأكيد سيادة هذه القواعد يستدعي قيام سلطة ذات صلاحية بالدور الرقابي على أن تتركز في هذه السلطة قدرة على ردع الإدارة وأشخاصها عن تجاوز هذه القواعد بإلغاء التصرف المتجاوز والتعويض عن الضرر الناشئ عن ذلك ومساءلة من يقوم به وهذا يستدعي أيضاً أن تتمتع هذه السلطة باستقلال لتأكيد قوتها وأن تكون على مستوى عالٍ من التجرّد والنزاهة.
ولقد أدى التطور الذي أصاب ولاية القضاء الإسلامي إلى إيجاد نوع من القضاء يضطلع بالدور الرقابي والقضائي على أعمال الإدارة، وإذا أجاز لنا استعمال هذا التعبير في هذا المقام وهو قضاء المظالم فهذا القضاء إنما وجد أصلاً لإنصاف من يتظلم من أفعال وتصرفات ذوي النفوذ والسلطة من رجال الدولة، وأصحاب مراكز القوى ممن يستمدون قوتهم من الاتصال بسلطة الحكم أو أشخاصها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهو أداة لرفع الظلم وإحلال العدل وهذا يستهدف أن تكون السيادة للشريعة على الكافة من حكّامٍ ومحكومين على السواء.
وللوقوف على حقائق هذا الدور القضائي لا بد من الوقوف حول الأصول العامة لقضاء المظالم من حيث التعريف به وبسنده التشريعي ومكوناته ونطاق اختصاصاته الزمنية والمكانية وكذلك من حيث تعين قاضي المظالم وأخيراً عن نطاق اختصاص قضاء المظالم والمعايير المميزة بينه وبين القضاء العادي.
هذه الحقائق بمجملها تعكس مدى التطور التاريخي والقانوني الذي وصل إليه القضاء الإسلامي من خلال قضاء المظالم ودوره الفعال في تطبيق مفهوم العدالة.
وسنبحث ذلك من خلال الفروع التالية:

الفرع الأول: نشأة قضاء المظالم وسنده التشريعي.
يرجع البعض أصل نشأة قضاء المظالم إلى ملوك الفرس الذين كانوا يرون أن رد المظالم من قواعد الملك وقوانين العدل الذي لا يعم الصلح إلا بمراعاته، ولا يتم التناصف إلا بمباشرته([1]) إلا أن أصحاب هذا الرأي لم يقدموا دليلاً واحداً أو مثالاً على قيام ملوك الفرس بذلك. لذا فإننا نرجح أن نشأة ولاية المظالم إنما يرجع إلى حلف الفضول الذي عقد في الجاهلية بين زعماء الجزيرة العربية وذلك عندما انتشرت بينهم حمى الرئاسة وتعددت وشاهدوا من التغالب والتجاذب ما لم يكفهم عنه سلطان قاهر عقدوا بينهم حلفاً لإنصاف المظلوم ورد المظالم([2]) وقد عقد هذا الحلف في دار عبد الله بن جدعان بن تيم بحضور زعما أكبر القبائل وهم بنو هاشم، بنو عبد المطلب، بنو أسد، بنو زهرة، وبنو تيم، واتفقوا جميعهم على ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن يدخلونها وجدير بالذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم شهد هذا الحلف قبيل الرسالة المحمدية وأقره بعد الرسالة وقال: “لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلف الفضول ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت وما أحب أن لي به حمر النعم” ([3]) وقد حرم الإسلام الظلم تحريماً قاطعاً وأوجب رد الحق لكل مظلوم وتوقيع العقاب على الظالم والسند التشريعي بذلك واضح في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى:(ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ)[182: آل عمران] وقوله تعالى:(وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) [76: الزخرف] وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات” وهذا كله يدل بوضوح على أن الإسلام إنما يؤكد على إقامة العدل وينهى عن الظلم وتحتم الأخذ على يد الظالم وإنصاف المظلوم والعمل على إيجاد القضاء والقضاة الذي يقضون بالحق فيكون المصدر التشريعي لقيام قضاء المظالم قد اتضح في الشريعة الإسلامية وهو الذي يمثله اليوم ما يسمى بالقضاء الإداري وهكذا نشأ قضاء المظالم (القضاء الإداري الإسلامي) وأخذ مداه طيلة قيام الدولة الإسلامية.

الفرع الثاني: التعريف بقضاء المظالم وتكييفنا له.
الظلم لغة: وضع الشيء في غير موضعه([4])، واصطلاحاً: يقصد به التعدي من الحق إلى الباطل قصداً أو الانتقاص بحقوق الغير في الملك أو الأمن أو الحرية أو النشاط أي أن الظلم بإيجاز هو الاعتداء على الناس في أموالهم وممتلكاتهم بصفة عامة.
أما في الاصطلاح الإداري فقد عرفه ابن خلدون([5]) في المقدمة بأنه: “وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة ونصفة القضاء ويحتاج الوالي فيها إلى علو يد وعظيم رهبة تقمع الظالم من الخصمين وتزجر المعتدي” وعلى ذلك يمكنني أن أعرف قضاء المظالم بأنه نوع خاص من القضاء منفصل عن القضاء العادي ويقوم إلى جانبه بفصل في التظلمات والخصومات التي يكون أحد طرفيها أو كلاهما من ذوي القوة والجاه والنفوذ سواء استمد ذلك من عمله الوظيفي الذي يقوم به أو بسببه أو بأي سبب آخر في حين القضاء الإداري المعاصر اليوم والذي هو من صنع قضاء المظالم بالأمس يعرف بأنه نوع من القضاء مستقل عن القضاء العادي ينظر بصورة عامة وعلى الرأي الراجح في الدعاوى والخصومات ذات الصلة بالسلطة الإدارية وعلاقتها بالأفراد عند قيامها بإصدار قراراتها الإدارية أو إدارة مرفق عام بوسائل القانون العام([6]).
وتتنوع المظالم إلى نوعين:
الأول: ما يتعلق بظلم القائمين على أمور الأفراد أي شاغلي الوظائف العامة.
الثاني: ظلم الأفراد العاديين بعضهم البعض.
ومن هنا نلاحظ أن هناك تشابهاً بين القضاء الإداري وقضاء المظالم في الموضوع إلا أن قضاء المظالم أكثر شمولاً وأوسع اختصاصاً فهو يشمل الدعاوي والخصومات التي تقوم ما بين الأفراد وجهات الإدارة العامة إلى جانب الخصومات التي يكون أحد طرفيها جهة أو شخصاً ذا قوة ونفوذ وتسلط بحيث أن القضاء العادي لا يستطيع أن يردعه عن ظلمه أو يوقفه عند حده.
والقضاء الإداري اليوم كما قلنا هو من صنع قضاء المظالم تجسده هيئة يطلق عليها اسم مجلس الدولة وهو ترجمة حرفية للاسم الفرنسي لهذه الهيئة (coseil detat) والدولة العثمانية سابقاً كانت تطلق عليها اسم شواري الدولة وعرف هذا المجلس في الدولة العربية باسم مجلس شورى الدولة وفي عام 1918 عندما انفصلت سورية عن الدولة العثمانية سمت هذا المجلس باسم مجلس الشورى العربي وخلفه بعد الاحتلال الفرنسي مجلس شورى الدولة ولا يزال حتى يومنا هذا في لبنان ما يسمى بهذا المسمى ويختصرونه بـ مجلس الشورى أما في سورية ومصر فيطلق عليه اسم مجلس الدولة.
وحتى تكتمل صورة هذا النوع من القضاء الذي يسير والقضاء العادي جنباً إلى جنب في جميع البلاد الإسلامية، فإننا سوف نتناول مكونات هذا القضاء، ونطاق اختصاصاته. ونقصد بذلك تشكيل المجلس وتعين واليه أو رئيسه والشروط التي يجب أن تتوافر فيه، وطالما أن ثمة قضاءً عادياً إلى جانب قضاء المظالم فنذكر بما يختلف أحدهما عن الآخر، وما هي المعايير المميزة بينهما، وهذا ما سنتناوله من خلال النقاط التالية:

أولاً: تشكيل مجلس قضاء المظالم وانعقاد جلساته واختصاصه.
ديوان المظالم هي الهيئة التي تتولى فحص ودراسة المظالم ويرأس الديوان إما الخليفة الحاكم أو أحد الأفراد ممن تتوافر فيهم صفات معينة ومن ثمَّ فإن المجلس يتكون من صاحب الديوان “رئيس الديوان” وهو والي المظالم وقد يكون الخليفة ذاته أو أحد الوزراء أو شخصاً معيناً بذاته، وشروطه كما بينها الماوردي أن يكون جليل القدر نافذ الأمر عظيم الهيبة طاهر العفة قليل الطمع كثير الورع لأنه يحتاج إلى سطوة الحماة والجمع بين صفات الطرفين وأن يكون بجلالة القدر نافذ الأمر بين الجهتين([7]).
أما مساعدو رئيس الديوان، فهم القضاة والفقهاء والكتاب والحماة والأعوان والشهود.
وتنعقد جلسات المجلس زمنياً ومكانياً بمعنى أن لهذا المجلس اختصاصاً زمنياً ومكانياً حيث أجاز الفقهاء أن يتضمن عهد التولية زمناً محدداً بذاته لنظر النزاع كيوم بذاته أو يوم معين من أيام الأسبوع أو أكثر من ذلك فإذا كان التقليد ليوم واحد انتهت الولاية بانتهاء ذلك اليوم، أما إذا كان ليوم معين في الأسبوع أو لأيام فإن الولاية لا تنتهي بإنتهاء ذلك اليوم المعين أو الأيام وإنما تبقى ليوم أو للأيام المماثلة في الأسبوع الثاني([8]). ومع ذلك نلاحظ أن التظلم القضائي بلغ ذروته في العصور العباسية المتلاحقة فأصبحت ولاية القضاء العادي تخضع لإدارة قاضي القضاة وإشرافه ورقابته، وأصبح التخصيص الزمني واضح المعالم وأخضع للدراسات الفقهية. أما ولاية المظالم فقد أصبحت في هذه الفترة ولاية متميزة مستقلة وأصبح قاضي المظالم الخاص يباشر النظر في المظالم طيلة أيام الأسبوع بمكان متميز وهو قبة المظالم أو دار المظالم أو دار العدل أو دار نيابة العدل وبحدود الاختصاص النوعي لاختصاصه، أما إذا كان منتدباً لذلك فإنه يحدد أياماً معينة من الأسبوع يتفرغ للنظر بالمظالم([9]).
وبالنسبة للاختصاص المكاني فهو تقليد قاضي المظالم النظر بما يُدعى من مظالم ضمن إقليم معين، أو مكان معين، فهو ينظر كافة المظالم ضمن هذا الإقليم وبحدود اختصاصه النوعي، سواء أكان ينظر بالمظالم بالاستناد إلى ولايته العامة أم بتقليد خاص ولا يكون له أن يتجاوز ذلك إلى نظر المظالم الواقعة في مكان آخر. أما مقر ديوان المظالم فهو عاصمة الخلافة أو السلطنة، أما بالنسبة للولايات فكان الولاة أو الأمراء إذا كانت إمارتهم عامة يكون من ضمن اختصاصهم الجلوس للمظالم في مركز أو حاضرة الولاية وإذا كانت خاصة([10]) فلا تشمل قضاء المظالم فكان الخليفة يوكل أمر المظالم إلى الوالي نفسه بتفويض خاص أو يعين قاضياً.

ثانياً: تعيين قاضي المظالم والشروط التي يجب توافرها فيه.
معلوم أن القضاء من ضمن الوظائف المحفوظة لصاحب الإمامة الكبرى (الخليفة) ([11]) فما يلزم القيام به كما قال الماوردي (قطع الخصام بين المتنازعين حتى تعم النصفة فلا يعتدي ظالم ولا يضعف مظلوم…) وأن (يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة) ([12]).
فالقضاء من وظائف الخليفة بحكم ولايته العامة، وبالاستناد إلى ذلك يباشر الخلفاء نظر المظالم بأنفسهم على النحو المعروف والمقرر لديهم ومن ثمّ فهو يباشر ذلك دون انتخاب أو تكليف وهذه الوظيفة تكون أيضاً لوزراء التفويض والأمراء باعتبار أن أياً من هؤلاء يملك الأمور العامة فلا يحتاج إلى تقليد خاص([13]).
وقد عمل أصحاب الولاية العامة على وضع شروط خاصة وذلك بتعيين قضاة يتمتعون بصفات وخصائص تمكنهم من القيام بهذه الوظيفة إذا توافرت هذه الشروط ويصدر له بذلك كتاب تولية أو تقليد من الخليفة أو السلطان، وهو ما نسميه اليوم إن صح التعبير مرسوماً أو قراراً([14]) والشروط الواجب توافرها في تعيين قاضي المظالم فهي كما بينها الماوردي أن الناظر في المظالم يكون جليل القدر نافذ الأمر عظيم الهيبة طاهر العفة قليل الطمع كثير الورع لأنه يحتاج في نظره إلى سطوة الحماة وتثبت القضاة([15]).

ثالثاً: اختصاص قضاء المظالم.
حُددت الاختصاصات الوظيفية والنوعية لهؤلاء القضاة بحيث أصبحت هذه الولاية القضائية تنظر النزاعات التي تقوم بين الأشخاص والجماعات من جهة والدولة وأشخاصها من جهة ثانية، وقد كانت هذه النزاعات تشكل الأسباب الموجبة لتخصيص هذا القضاء لنظر المظالم التي تنشأ عن التصرفات الجائرة الصادرة عن ولاة الجور وممارساتهم الظالمة والمجاهرة بها مع قدرتهم على هذه الممارسات([16]).
والتصرفات محل الشكاوي ما هي إلا تلك التي كانت تشكل خروجاً على الشرعية، بمعنى تجاوز حدود الشريعة والقواعد المعتمدة للعمل بها المستخلصة أصلاً من القواعد الإسلامية. هذه التصرفات التي تصدر على هذا النحو ترتب آثاراً ضارة بالأفراد أو الجماعات، مما يترتب لهؤلاء معها الحق في التظلم بطرح النزاع أمام قاضي المظالم سواء أكان القاضي المخصص لنظر ذلك يباشر بالاستناد إلى عهد التولية أم بحكم وظيفته إذا كان من أصحاب الولاية العامة حتى إذا ما ثبت له صحة التظلم وفقاً للأصول المعمول بها أمام قضاء المظالم توجب إصدار الحكم العادل بذلك ومن ثم تنفيذه.
وبحكم طبيعة الولاية القضائية نجد أن هناك أنواعاً من المظالم يتصدى لها قاضي المظالم بمجرد وقوفه عليها دون حاجة للتقدم بشكوى إذ إنه مكلف شرعاً بدفع الظلم. كما نجد أنواعاً أخرى لا يباشر النظر بها إلا بناءً على شكوى المتظلم وقد استطاع الماوردي في القرن الخامس الهجري استخلاص هذه الاختصاصات وذلك في فئات ثلاث([17]):
الفئة الأولى: وتتشكل من اختصاصات يتصدى قاضي المظالم بموجبها إلى ما يصدر عن الدولة وأشخاصها، فينظر المظالم بناءً على شكوى، أو تصدياً دونما انتظار شكوى كما أنه وجهة رقابية ومالية ورقابة على موافقة القواعد المعمول بها للشريعة أو خروجاً عنها من جهة أخرى، وتندرج تحت هذا الاختصاص مجموعتان:
أ) ما يباشره دون شكوى بل يتصدى لنظره ويقع في دائرته وهي:
1. تعديات الولاة على الناس بالعسف والقهر.
2. الجور في الضرائب والجباية.
3. تصرفات كتاب الدواوين.
4. مشارفة الوقوف العامة (الخيرية).
5.المظالم الناشئة عن الغصوب السلطانية واستغلال النفوذ.
ب) ما ينظره بناءً على شكوى ويقع في دائرته وهي:
1. تظلمات الموظفين والمستخدمين.
2. غصب المتنفذين للأملاك الخاصة.
3. تظلمات أصحاب الوقوف الخاصة (الذرية) بمواجهة المشرفين عليها.
الفئة الثانية: وتشمل الاختصاص بنظر بعض ما يدخل في اختصاص القضاء العام ويقع في دائرته:
1. النظر بين المتشاجرين.
2. تنفيذ الأحكام القضائية.
الفئة الثالثة: وهي اختصاصات تخرج عن ولاية القضاء أصلاً وتدخل في أعمال أصحاب ولايات أخرى ويقع ضمن دائرته:
1. ما يعجز عنه المحتسب.
2. العمل على مراعاة العبادات.

رابعاً: المعايير المميزة لقضاء المظالم.

يستنتج بصورة عامة من خلال ما كتبه الإمام الماوردي عن ديوان المظالم وبخاصة ما ذكره في اختصاص والي المظالم من أن هذا النوع من القضاء يختص في الظلامات أي القضايا التي يكون أحد طرفيها أو كلاهما إما([18]):
1. من ذوي القوة والنفوذ والجاه بحيث لا يردعه عن ظلمه وغيه إلا أقوى الأيدي وأنفذ الأوامر، والأمر الذي يجعل هذا النوع من الخصومة يستلزم هذا النوع من القضاء الذي تمتزج فيه قوة السلطة بإنصاف القضاء.
2. وإما من الولاة المعتدين على الرعية وأخذهم لهم بالعسف في السيرة، أو العمال الجائرين في تصرفاتهم ضد الناس وأموالهم ومخالفتهم للقوانين العادلة في دواوين الأئمة، فيلزمون الناس بتنفيذ ما يصدرونه إليهم من أوامر ونعني بذلك ما يسمى اليوم التنفيذ المباشر لأوامر جهة الإدارة.

ونستخلص مما تقدم وبتعابير هذا العصر أن هذا المعيار هو المعيار العام لقضاء المظالم لأنه يختص بالنظر في القضايا التي يكون أحد طرفيها أو كلاهما إما من ذوي القوة والنفوذ أو ممن يعملون في دواوين الدولة ومرافقها العامة ذات المدلول القانوني المعاصر.

الفرع الثالث: تكييفنا لقضاء المظالم.
قبل تكييفنا لقضاء المظالم، هل هو قضاء إلغاء أم تعويض أم الاثنين معاً؟ فلا بد من إلقاء الضوء على تحديد مدلول هذه الاصطلاحات باعتبارها اصطلاحات حديثة لم تكن معروفة سابقاً تحت هذه المسميات.
أما مدلول قضاء الإلغاء فيقصد به إصدار حكم بدعوى يرفعها صاحب مصلحة إلى محاكم القضاء الإداري يطلب إعدام أو إلغاء قرار إداري مخالف للقانون، فهذه الدعوى من هذا المنطلق هي مجرد أداة لتحقيق مبدأ المشروعية وفقاً لأحكام مبادئ القانون الإداري، فضلاً عن أنها أداة رقابة على إلزام الإدارة بتطبيق هذا المبدأ فإذا ما حادت عنه فإنها تعرف مسبقاً أن القضاء لها بالمرصاد([19])، وهذا النوع من القضاء هو من صنع مجلس الدولة الفرنسي.
ودعوى الإلغاء هذه تتطلب بالضرورة إذن أن يكون ثمة قرار إداري مستوفي لجميع شرائطه وأركانه وصادر عن جهة إدارية وأن يكون القرار نهائياً وتوافر المصلحة لرافع الدعوى يترفعها ضمن المواعيد والإجراءات المحددة وخلال ستين (60) يوماً.
ويتم إلغاء القرارات الإدارية إذا كان قد شابها عيب في ركن أو أكثر من أركانها وهي عيب الاختصاص وعيب الشكل وعيب مخالفة القانون وعيب إساءة استعمال السلطة أو ما يسمى بعيب الانحراف وعيب السبب فإذا ما أصيب القرار الإداري بأحد أو أكثر من هذه العيوب فإنه يصبح غير مشروع وبالتالي يصبح عرضة لطلب إلغاؤه من قبل الجهات المتضررة منه.
فإذا صدر حكم بإلغاء القرار فإن جهة الإدارة ملزمة بأن تلغيه وأن تعيد الوضع إلى ما كان عليـه كأن هذا القرار لم يصدر([20]).
أما بالنسبة لقضاء التعويض فهو يعتبر مكملاً لقضاء الإلغاء، فإذا حدث أن نفذت الإدارة قراراً معيباً ثم صدر حكم بإلغائه فإنه يتعين إلغاء جميع الآثار الضارة الناتجة عن هذا القرار وكذا التعويض للمتضرر من جراء صدوره.
وهكذا فإن المبدأ المقرر هو مسؤولية الدولة عن تصرفاتها واستثني من ذلك أعمال السيادة والقرارات الإدارية التي نص المشرع على حصانتها فالأساس القانوني للتعويض هو الالتزام القانوني العام المنصب على عاتق السلطات العامة في أن تدير المرافق العامة وفق قواعد معينة فإذا ما خالفتها وسببت أضراراً للأفراد فهي ملزمة بالتعويض.
وأخيراً فالقضاء الكامل هو الذي يجمع بين قضائي الإلغاء والتعويض، بمعنى أن من شأنه الحكم بإلغاء القرار المعيب وكذا الحكم بالتعويض لذي المصلحة المتضرر من جراء إصدار الإدارة لقرارها المعيب.
وبعد التعريف بمفهوم كل من قضاء الإلغاء والتعويض والقضاء الكامل وهي أساليب القضاء الإداري المعاصر لإلزام جهة الإدارة بالسير في جادة المشروعية وعدم الحيدة عنها بعد ذلك نتساءل: عما إذا كانت الدولة الإسلامية قد عرفت مبدأ المشروعية وطبقته؟ وعما إذا كانت ثمة سوابق قضائية ظهر فيها إلغاء القرارات المعيبة والتعويض عن الأضرار التي أصابت أصحاب العلاقة؟
يمكننا القول بأن الفقه والقضاء الإداريين الإسلاميين عرفا كل هذه الأمور في مختلف العصور، وطبقت الدولة الإسلامية مبدأ المشروعية منذ أول يوم تأسست فيه لأن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة واكبا الدولة الإسلامية منذ لحظة تواجدهما وكانا يرسمان القواعد التشريعية والقانونية حسب الحاجة إليهما وهي قواعد عامة مجردة لها صفة الديمومة والاستمرار مقترنة بالجزاء لمن يخالفها.

فقضاء المظالم نعتبره قضاء إلغاء حيث اتجه قضاء المظالم في الإلغاء باتجاهين رئيسين يقعان تحت أصل كبير هما إلغاء لقواعد التشريعية الصادرة خلافاً للشريعة الإسلامية، وإلغاء آثارهما وتصرفات وقرارات وأعمال وممارسات لأشخاص الإدارة التي تقع خلافاً للشريعة ومقتضياتها، فعملية إلغاء القواعد التشريعية الصادرة خلافاً للشريعة تعتبر وجهاً من أوجه الرقابة الدستورية للقضاء الدستوري يمارسه قضاة المظالم ويدخل في اختصاصاته وفقاً للأصول العامة. ورقابة القضاء هنا تأتي على الأحكام التي مصدرها الاجتهاد وليس على ما كان من المصادر الأصلية الكتاب والسنة ولا على الإجماع([21]). ثم إن إلغاء تصرفات وقرارات لأشخاص الإدارة الواقعة خلافاً لمقتضيات الشريعة، هو المعيار لصحة العمل الإداري، أي الاتفاق مع الشريعة وقواعدها الصادرة وفق أصولها الدستورية بالمفهوم الذي عليه الوضع التشريعي في الدولة التي تقوم على أن السيادة للشريعة، واستناداً إلى ذلك وحتى يمكن اعتبار هذه الأعمال يقتضي أن تكون على هذه الحالة، فإذا ما خرجت عن هذه الضوابط فإنها تتعرض أعمالها للإلغاء إما بتصدي قاضي المظالم أو شكوى الفرد أو الجماعة.
وأخيراً نؤكد على أن قضاء المظالم هو قضاء تعويض وذلك لأن ديوان المظالم في الدولة الإسلامية قد طبق فكرة الخطأ المصلحي قبل أن يُعرف مدلوله القضاء الإداري المعاصر، وقد كان ذلك عندما تحمل بيت مال المسلمين الخطأ نتيجة حادثة القائد خالد بن الوليد عندما قتل أفراداً من بني جذيمة ظناً منه أنهم يخادعونه ولم يسلموا فعوّضهم الرسول صلى الله عليه وسلم عما افتقدوه من متاع من أموال بيت المال([22]).

خلاصة القول نجد أن الدولة الإسلامية طبقت مبدأ المشروعية بكامل أبعاده على جميع التصرفات التي تصدر عنها وعن مرافقها العامة إذا حاد أحد الخلفاء أو الولاة ومن والاهم من موظفين والعاملين منهم واعتدوا على حقوق الناس وحرياتهم فإن القضاء لهم بالمرصاد.
فقضاء المظالم هو أول من رسم الخطوط العريضة لقضائي الإلغاء والتعويض بشكل عملي وكان ينسجم والأوضاع السائدة في تلك العصور. وعليه فإن قضاء مجلس الدولة الفرنسي وفقهه لم يأتيان بجديد في هذا المجال من حيث المضمون وجوهر الموضوع، بل كان قضاء المظالم وفقهه الإداري كان السباق في إقرار هذا المبدأ وبخاصة فيما يتعلق بقضاء التعويض خلافاً لما يدعيه بعض فقهاء القانون الإداري المعاصرون بأن القضاء الإداري هو فرنسي المصدر والنشأة.

المبحث الثاني مقارنة بين قضاء المظالم وما يشابهه من نظم

سنحاول عقد مقارنة بين قضاء المظالم وكلاً من القضاء الإداري الفرنسي ونظام (الامبودسمان) السويدي وذلك من خلال فرعين:
الفرع الأول: يتعلق بقضاء المظالم والقضاء الإداري الفرنسي.
الفرع الثاني: ويتعلق بقضاء المظالم وقضاء (الامبودسمان) السويدي.

الفرع الأول: قضاء المظالم والقضاء الإداري الفرنسي([23]).
نشير في البداية إلى أن فرنسا من الدول التي تأخذ بمبدأ ازدواجية القضاء فهناك قضاء عادي وقضاء إداري ولكل واحد منهم محاكمه الخاصة به أما أهم أسباب نشأة القضاء الإداري فيها كما يدعيه مؤرخوه، أن أموراً سياسية وعوامل اجتماعية تمخضت عنها أحداث ثورة عام 1789 الفرنسية كان من أهمها أنهم كانوا يحملون أسوأ الذكريات عن المحاكم القديمة والتي كانت تسرف في التدخل في أعمال الإدارة وبقي ذلك الأمر على حاله حتى أسس مجلس الدولة الفرنسي والمحاكم الإدارية الإقليمية أيام نابليون عام 1799م الذي أرسى أولى دعامات مجلس الدولة الذي كان له بادي الأمر الصفة الاستشارية ثم أعطي لمجلس الدولة صلاحية البت النهائي في الأحكام وأصبح قضاؤه باتاً في ذلك ومفوضاً لا يحتاج إلى تصديق رئيس الدولة.
ظل الوضع كذلك حتى يناير عام 1954 حيث صدرت عدة تشريعات كان لها الأثر الكبير على مجلس الدولة والذي أصبح بموجبها محكمة إدارية ذات اختصاصات محددة يمارس اختصاصات استشارية واختصاصات قضائية. فالاختصاصات الاستشارية تتمثل بالإفتاء وصياغة مشروعات القوانين والمراسيم واللوائح. أما الاختصاصات القضائية فأصبحت هي الأساس يتقاسمها مجلس الدولة والمحاكم الإدارية الإقليمية، وتتمثل بـ اختصاصات قضائية، كإلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة، ودعاوي تفسير وفحص المشروعية. ومجلس الدولة هنا له دور واسع حيث يعتبر كمحكمة استئناف ونقض لجميع المنازعات الإدارية.
ونعتقد أن المحاكم الإدارية الفرنسية أخذت من حيث المبدأ والتطبيق بما كان عليه نظام قضاء المظالم حيث كان ثمة والٍ للمظالم في العاصمة مركز الخلافة، وكانت ثمة دواوين في الأقاليم وكان يطعن في أحكام دواوين الأقاليم أمام الخليفة واختصاصات هذه المحاكم تتشابه إلى حد كبير مع اختصاصات ديوان المظالم فتنظر هذه المحاكم في:
1.القضايا المتعلقة بالهيئات المحلية وانتخابات مجلس المديريات.
2. القضايا المتعلقة بالضرائب المباشرة والأشغال العامة وبيع أموال الدولة ومخالفات الطرق.
3. المنازعات الفردية المتعلقة بالموظفين في هذه الهيئات.
4. منازعات العقود الإدارية التي تبرمها هذه الهيئات.
5. المنازعات المتعلقة بالمناجم.
وعلى ذلك لا بد من التأكيد على الحقيقة القانونية التي يتمتع بها مجلس الدولة الفرنسي في تأكيده على مبدأ المشروعية وسيادة القانون، فقد كان المجلس شديد الحرص على الموازنة ما بين المصلحة العامة والخاصة، فضلاً عن دوره الفعّال في حماية الحريات الفردية ضد عسف السلطات وجبروت الدولة وإنصاف المواطنين والموظفين تجاه تسلط الدولة.
أما بالنسبة للقضاء الإداري المصري والسوري والأردني، فقد سار على نهج القضاء الإداري الفرنسي وأخذ معظم اختصاصات هذا القضاء والتي من حيث المبدأ والتطبيق تشبه إلى حد كبير قضاء المظالم.

الفرع الثاني: ديوان المظالم في المملكة العربية السعودية([24]).
لقد نشأ في المملكة العربية السعودية قبل نحو أربعين عاماً ديوان المظالم كجهة رسمية تقدم إليها التظلمات المختلفة وتتولى التحقيق فيها قبل عرضها على ولي الأمر وقد تطور وضع الديوان من هذه البداية البسيطة إلى أن أصبح جهة قضائية تمارس أنواعاً مختلفة من الاختصاصات القضائية.
وقد عملت المملكة العربية السعودية على الأخذ بنظام القضاء المزدوج فيوجد فيها القضاء الشرعي صاحب الولاية العامة في الفصل بالمنازعات، كما يوجد ديوان المظالم يتولى الفصل في المنازعات الإدارية وبعض المنازعات الأخرى. وديوان المظالم في وضعه الحالي كما نص عليه نظام إنشائه هو هيئة قضاء إداري مستقلة، كما يوجد إلى جانب هاتين الجهتين القضائيتين بعضاً من الهيئات واللجان التي ناط بها النظام اختصاصات قضائية.
فديوان المظالم من أهم الجهات التي لها ولاية قضائية محددة في المملكة وترجع هذه الأهمية إلى السلطات الواسعة التي يتمتع بها الديوان، ففضلاً عن ذلك فقد اكتسب الديوان الكثير من الاستمرار والثبوت بخلاف الجهات ذات الولاية القضائية المحددة الأخرى وسنحاول التطرق باختصار إلى نشأة هذا الديوان وتنظيمه واختصاصه في النقاط التالية:

أولاً: نشأة ديوان المظالم وتنظيمه([25]).
تم إنشاء ديوان المظالم سنة 1373ه حيث انشئ على هيئة إدارة عامة تتبع مجلس الوزراء وذلك بناءً على نظام شعب مجلس الوزراء الصادر في 12 رجب 1373ه الذي تحدث في الباب الرابع فيه عن ديوان المظالم ونص في المادة (17) منه على أن “يشكل بديوان مجلس الوزراء إدارة عامة باسم ديوان المظالم يشرف على هذه الإدارة رئيس يعين بمرسوم ملكي وهو مسؤول أمام جلالة الملك وجلالته المرجع الأعلى له”.
ثم صدر نظام ديوان المظالم في 17-9-1374ه ونصت المادة الأولى منه على أن “يشكل ديوان مستقل باسم ديوان المظالم ويقوم بإدارة الديوان رئيس من درجة وزير يعين بمرسوم ملكي وهو مسئول أمام جلالة الملك وجلالته المرجع الأعلى له”.
ويتكون ديوان المظالم من الرئيس ونائبه وعدد من المستشارين والمحققين الشرعيين والقانونيين والماليين والفنيين وغيرهم وبالديوان قسمان([26]):
– قسم الرئاسة ويتكون من الرئيس ونائبه.
– الشعبة القضائية وتتكون من:
– لجنة تدقيق القضايا.
– الهيئة الاستشارية.
– هيئة التحقيق.

ثانياً: اختصاصات ديوان المظالم([27]).
أشارت المادة الثامنة من نظام ديوان المظالم تنوع الاختصاصات القضائية التي يزاولها الديوان.
فبعض هذه الاختصاصات في مجال القضاء الإداري والتأديبي والجزائي، وقد أضيف مؤخراً إليها عنصر رابع وهو القضاء التجاري، كما أن هناك اختصاصات أخرى أشير إليها في المادة الثامنة أو ألحقت بالديوان عن طريق أوامر ومراسيم ملكية وقرارات مجلس الوزراء ويمكن أن نعتبرها عنصراً خامساً وسوف نتناول هذه الاختصاصات بإيجاز:
أ- اختصاصات تدخل في مجال القضاء الإداري بالمعنى الدقيق ونلاحظ أن القضاء الإداري هو المحور الأساسي لاختصاص ديوان المظالم وهي:
1. الدعاوي المتعلقة بالحقوق المقررة.
لقد أقر النظام في المادة الثامنة فقرة (أ) أن ما يختص الديوان بنظره هو: “الدعاوي المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم”.
ويعتبر هذا الاختصاص الأصيل للديوان من حيث الفصل بين الحكومة والأفراد.
2. الطعن في القرارات الإدارية:
نصت الفقرة (ب) من المادة الثامنة على اختصاص الديوان النظر في “الدعاوي المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب الشكل أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة. ويعتبر في حكم القرار الإداري رفض السلطة الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للأنظمة واللوائح”.
وبهذا الاختصاص نجد أن الديوان قد حقق رقابته على أعمال الإدارة والتأكد من مشروعية القرارات الإدارية.
3. دعاوى التعويض:
لم يقتصر ديوان المظالم في السعودية على الحكم بإلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة، بل عمل أيضاً على تحقيق وتطبيق فكرة القضاء الكامل وقد ورد النص على هذا النوع من القضاء في الفقرة (جـ) من المادة الثامنة “دعاوي التعويض الموجهة من ذوي الشأن إلى الحكومة والأشخاص ذوي الشخصية العامة المستقلة بسبب أعمالها”.
4. دعاوي منازعات العقود الإدارية:
على غرار القضاء الإداري الفرنسي والمصري والسوري واللبناني وعلى عكس القضاء الإداري في الأردن والذي أعلن عدم اختصاص محكمة العدل العليا الأردنية النظر في منازعات العقود الإدارية([28]) فإن قضاء ديوان المظالم قد أكد على اختصاص ديوان المظالم بالنظر في منازعات العقود الإدارية التي تبرمها الإدارة مع أشخاص القانون الخاص في سبيل تسير المرافق العامة.
وهذا ما نصت عليه الفقرة (د) من المادة الثامنة بقولها: “الدعاوي المقدمة من ذوي الشأن في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية طرفاً فيها”.
5. الدعاوي التأديبية التي ترفع من هيئة الرقابة والتحقيق.
تنص الفقرة (ه) من المادة الثامنة من نظام ديوان المظالم على اختصاص الديوان بـ”الدعاوي التأديبية التي ترفع من هيئة الرقابة والتحقيق”.

الفرع الثالث: قضاء المظالم ونظام (الامبودسمان) السويدي([29]).
أوجدت بعض الدساتير الحديثة نسبياً نوعاً خاصاً من رقابة السلطة التشريعية تكتسي طابع الرقابة الإدارية وهذا مطبق في السويد وسنقوم بتحليله من حيث تعريفه ونشأته واختصاصاته وتقييمه والفرق بينه وبين ديوان المظالم وذلك من خلال النقاط التالية:

أولاً: تعريف نظام (الامبودسمان) ونشأته.
كلمة (الامبودسمان) كلمة سويدية الأصل ويقصد بها الوسيط Intermediaire. و(الامبودسمان) في الواقع ليس إلا جهاز منبثق من البرلمان يختص بحماية حقوق المواطنين وحرياتهم ويحفظ لنفسه بامتيازات الرقابة على الإدارة يمارسها في أوسع نطاق ممكن وبكل الوسائل في إطار الشرعية، ويطلق البعض على (الامبودسمان) لفظ المفوض البرلماني([30]) إلا أننا نرى أن هذا المسمى ليس معبراً تعبيراً حقيقياً على مدلول النظام ووظائفه، ومن ثم نفضل تسميته بالمحامي أو المدافع عن حقوق المواطنين وحرياتهم. نشأ هذا النظام لأول مرة في دولة السويد سنة 1809م وهو تاريخ صدور أول دستور لها بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالسلطة الحاكمة وقتذاك، وطالب بوضع دستور للبلاد يحقق فيه الاستقرار السياسي للدولة ويضع ضمانات لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم الأفراد، وقد نص الدستور على نظام الامبودسمان كوسيلة للحد من تعسف الملوك ورجال السلطة من استعمال ما منح لهم من سلطات ولضمان حماية أكبر قدر من حقوق وحريات الأفراد. ونظراً لما لاقاه من نتائج إيجابية فلقد أخذت به دول كثيرة مثل النروج والدنمارك وألمانيا الاتحادية والمملكة المتحدة وكذلك نيوزلاندا ومن البلاد العربية السودان عام 1918م وتنزانيا في أفريقيا عام 1975 والهند عام 1968([31]).

ثانياً: اختصاصات (الامبودسمان).
أخذت السويد كما سلف القول بهذا النظام منذ أن صدر أول دستور لها عام 1809 وبالإضافة إلى ما ورد بالدستور من نصوص تتعلق بالامبودسمان فقد صدر القانون رقم (928) في 29 ديسمبر لسنة 1967 متضمناً القواعد القانونية المنظمة لوظائف واختصاصات الامبودسمان.
ويباشر الامبودسمان سلطاته الرقابية على جميع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، وأعضاء الهيئات القضائية، والعاملين بوحدات الإدارة المحلية ابتداءً من سنة 1957، ويخرج من نطاق اختصاصه الملك وأعضاء البرلمان والوزراء. وتستهدف هذه الرقابة بالدرجة الأولى ضمان التأكد من تطبيق القانون تطبيقاً سليماً على جميع المواطنين بدون تمييز، بالإضافة إلى حماية حقوق المواطنين وحرياتهم إذا ما تعسفت الدولة في استعمال ما منح لها من سلطات إزاء الأفراد، وعليه فالامبودسمان يباشر الاختصاصات التالية:
أ- الرقابة على كل من السلطتين التنفيذية والقضائية.
ب- رد الحقوق إلى أهلها ورفع ما وقع على المواطنين من غبن([32]).
ويمارس (الامبودسمان) هـذه السلطات والاختصاصات عن طريق الشكاوي المقدمة من الأفراد، ضد الوزارات والمؤسسات العامة، بما في ذلك القضاء، وكذلك عن طريق التفتيش والتحقيق تمهيداً للوصول إلى الحقيقة وله الحق في توجيه الملاحظات إلى جهة الإدارة. وتعتبر الصحافة مصدراً أساسياً للأمبودسمان لكي يستقي منها المعلومات اللازمة للقيام بوظائفه.
ج- يقدم تقريراً سنوياً إلى البرلمان عن النتائج المتعلقة بأعماله وملاحظاته ويعتبر من العوامل الرادعة لجهة الإدارة.
د- صلاحية تفسير النصوص التشريعية.
ه- مراقبة المشروعية والملاءمة.

ثالثاً: تقييم هذا النظام.
ونلاحظ من وظائف واختصاصات (الامبودسمان) على أعمال السلطتين التنفيذية والقضائية وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم ورفع الظلم. فإن هذا النظام نجح نجاحاً كبيراً في السويد. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن القانون المنظم للامبودسمان اشترط صفات شخصية، فيمن يتولى هذا المنصب لا يحابي أي شخص سواء كان طبيعياً أو معنوياً لأي إنسان كما يقوم بدراسة كل حالة وكل شكوى تصله ويتولى الرد عليها بالتفصيل وهذا أعطى له هيبة كبيرة عند السويديين. فالمواطن السويدي أصبح من خلال هذا النظام مطمئناً بأن أي إساءة تصيبه من موظفي الدولة سوف يحتج عليها وذلك بأن يقوم بإبلاغ الجهة المختصة بذلك وتقوم الجهة المختصة بالبحث عن الأسباب ورفع الظلم عنه من جراء هذا العمل غير القانوني. وأخيراً يمارس (الأمبودسمان) دوراً فعالاً في مجال الإصلاح السياسي والإداري من خلال ما يضمنه في تقريره السنوي المقدم للبرلمان، وآرائه في مجال الإصلاح الإداري والسياسي.

رابعاً: الفرق بين نظام المظالم و(الامبودسمان).
من خلال الدراسة والبحث نجد أن كلا النظامين يتفقان في أن هدفهما واحد يتمثل في تحقيق سيادة القانون وحماية حقوق الأفراد، وردع الظالم ورد المظالم لأهلها، كما أنّ كلاً من والي المظالم والامبودسمان يعينان من قبل الهيئة الممثلة للشعب والخليفة الذي بايعه الأفراد في نظام المظالم والهيئة التشريعية الممثلة للشعب في نظام الامبودسمان.
ولكن يختلفان في أن اختصاص والي المظالم أعم وأشمل في رد المظالم، فلا يوجد أي شخص بعيد عن الرقابة في ظل نظام المظالم حتى الخليفة نفسه حيث يمكن مقاضاته أمام والي المظالم.
أما نظام (الامبودسمان) فيخرج من نطاق اختصاصاته الملك والوزراء وأعضاء البرلمان. كما أنه لا يملك حق توقيع العقوبة على الموظف المخطئ وكل ما يملكه إحالة الموظف للمحاكم التأديبية أو الجنائية بينما يملك والي المظالم كل السلطات بما فيها توقيع العقاب على الموظف المخطئ.
و(الأمبودسمان) لا يملك إصدار أوامر للإدارة أو إصدار قرار بدلاً منها بينما والي المظالم يملك ذلك بجانب سلطة التنفيذ كذلك.
وهكذا نرى أن نظام المظالم الإسلامي أعم وأشمل من نظام (الامبودسمان) وأكثر تفصيلاً ورقابة على كل نواحي الحياة من اختصاصات([33]) في حين نرى أن نظام (الامبودسمان) البرلماني يبدو هزيلاً جداً مع نظام المظالم الإسلامي ومن ثمَّ فهي مقارنة مع الفارق.
وأخيراً يمكننا القول بأن قضاء المظالم يعتبر نظاماً نموذجياً بالنسبة لنظام الامبودسمان وغيره من الأنظمة المعاصرة التي درسناها سابقاً والذي ما زال مطبق في بعض الدول الإسلامية كالمملكة العربية السعودية وبهذا يتضح لنا أن الدولة الإسلامية لها الفضل الكبير في إرساء فكرة الرقابة الدقيقة على أعمال الإدارة وعلى أشخاصها وعمالها مما يكفل للمواطنين حماية حقوقهم وحرياتهم الأمر الذي لم تصل إليه الدول الأوروبية إلا في وقت متأخر بكثير عن العصر الإسلامي.

الخاتمة

في بداية هذا البحث طرحنا سؤالاً رئيسياً اعتبرنا أن الإجابة عنه وما يتفرع عنها تأتي من أسباب الاهتمام بالبحث وهو هل عُرفت الرقابة القضائية على أعمال الإدارة في الدولة الإسلامية؟ وهل تمثلت هذه الرقابة بقضاء المظالم؟
لقد استطعنا من خلال البحث معالجة مشروعية قضاء المظالم وأسباب قيامه، وتطوره، والبحث في اختصاصاته وسنده التشريعي وما هو قضاء المظالم والتكييف الدقيق له ومكونات قضاء المظالم وانعقاد جلساته زماناً ومكاناً، واختصاصاته والشروط الواجب توافرها لتعيين قضاة المظالم ونطاق اختصاص قضاء المظالم والمعايير المميزة لقضاء المظالم وهل قضاء المظالم قضاء إلغاء؟ أم تعويض؟ أم هما معاً؟
وقد تمت الإجابة على هذه الإشكاليات ثم تناولنا بالمقارنة والتحليل بين قضاء المظالم والأنظمة المشابهة له. وتوصلنا إلى النتائج التالية:
أولاً: إن قضاء المظالم العربي الإسلامي كان أمثولة في تحقيق العدالة اقتدت به كثير من الدول.
ثانياً: هناك تجاهل بالتطرق لقضاء المظالم وخصوصاً من بعض أصحاب الاختصاص في القانون الإداري وحاولنا سد هذا النقص ولو بالجزء اليسير الذي أوردناه.
ثالثاً: نتمنى على المشرع في دولنا العربية والإسلامية التي أخذت بنظام القضاء المزدوج أن تضمن بعض تشريعاتها وقوانينها بعض مبادئ قضاء المظالم. لكي تسد هذا النقص في تشريعاتها وقوانينها وأنظمتها الإدارية لكي تكتمل الحلقة المفقودة في قضائها.

(*) منشور في “المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية”، المجلد الخامس، العدد (1)، 1430ه‍/ 2009م.

الهوامش:

([1]) راجع في هذا: أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، طبعة 1386ه، 1966م، ص78.
([2]) الماوردي، مرجع سابق، ص78.
([3]) الماوردي، مرجع سابق، ص79.
([4]) لسان العرب، المجلد 12، ص373.
([5]) ابن خلدون، المقدمة، ص222.
([6]) لمزيد من التفاصيل انظر:
– د.سليمان الطماوي، الوجيز في القضاء الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1985م، ص44 وما بعدها.
– د.محمد وليد العبادي، الوجيز في القضاء الإداري، دراسة قضائية تحليلية مقارنة، الطبعة الأولى، دار المسار للنشر والتوزيع، المفرق، 2004م، ص5 وما بعدها.
([7]) الماوردي، مرجع سابق، ص77.
([8]) لمزيد من التفاصيل انظر: المادتين (21،22) من قانون استقلال القضاء الأردني رقم (49) لسنة 1972، منشور في الجريدة الرسمية، عدد (2383) تاريخ 10/10/1972م، ص 1827. ونجد أن المشرع الأردني تدخل بموجب هذه النصوص بأن حدد مدة لبقاء القاضي في منصبه ضمن الدائرة المكانية والاختصاص الزمني له.
([9]) الماوردي، مرجع سابق، ص100.
([10]) الماوردي، مرجع سابق، ص32.
([11]) ابن خلدون، مرجع سابق، ص275.
([12]) الماوردي، مرجع سابق، ص18.
([13]) لمزيد من التفاصيل انظر: د.سليمان الطماوي، السلطات الثلاث في الدساتير العربية وفي الفكر السياسي الإسلامي، الطبعة الرابعة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1999م، ص34.
([14]) انظر: الماوردي، مرجع سابق، ص22-77.
([15]) الماوردي، مرجع سابق، ص97.
([16]) الماوردي، مرجع سابق، ص98.
([17]) انظر: الماوردي، مرجع سابق، ص101-104.
([18]) انظر: الماوردي، مرجع سابق، ص80-81.
([19]) راجع تفصيلاً:
– د.سليمان الطماوي، الوجيز في القضاء الإداري، مرجع سابق، ص259-264.
– د.محمد وليد العبادي، الوجيز في قضاء الإلغاء، مرجع سابق، ص209-211.
([20]) لمزيد من التفاصيل حول العيوب التي تصيب القرار الإداري انظر:
– د.محمد وليد العبادي، الوجيز في القضاء الإداري، مرجع سابق، ص290-356.
– د. أحمد الغويري، قضاء الإلغاء في الأردن، الطبعة الأولى، 1989م، مطبعة الدستور، عمان، ص324-332.
([21]) انظر: منير البياني، الدولة القانونية في النظام السياسي الإسلامي، الطبعة الأولى، الدار العربية للطباعة، بغداد، 1979م، ص408.
([22]) محمد حسين هيكل، حياة محمد صلى الله عليه وسلم، بدون طبعة، ص430-431.
([23]) للتوسع في هذا الموضوع راجع:
– د.سليمان الطماوي، الوجيز في القضاء الإداري، مرجع سابق، ص31.
– د.محمود حافظ، القضاء الإداري في الأردن، منشورات الجامعة الأردنية، عمان، الطبعة الأولى، 1987م، ص 122 وما بعدها.
– د.محمد وليد العبادي، الوجيز في القضاء الإداري، مرجع سابق، ص39 وما بعدها.
– د.محمود حلمي، القضاء الإداري، الطبعة الثانية، منشورات دار الفكر العربي، القاهرة، 1997م، ص27 وما بعدها.
([24]) للتوسع ومراجعة هذا الموضوع بالتفصيل راجع:
– حميدان بن عبد الله بن محمد الحميدان، ديوان المظالم في المملكة العربية السعودية تأصيله الشرعي وتنوع اختصاصاته القضائية، مجلة جامعة الملك سعود، المجلد (7)، العلوم الإدارية (1)، ص171-219.
– حامد محمد أبو طالب، النظام القضائي في المملكة العربية السعودية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984م.
– فؤاد محمد موسى عبد الكريم، القرارات الإدارية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية، دراسة مقارنة، فهرست مكتبة الملك فهد الوطنية، 1424ه، 2003م.
– محمد شتا أبو سعد، قواعد المرافعات والإجراءات في الدعوى الإدارية أمام ديوان المظالم، مجلة الإدارة العامة، العدد (68)، ربيع الآخر، 1411ه، أكتوبر 1990م.
([25]) حامد أبو طالب، مرجع سابق، ص98 وما بعدها.
([26]) انظر تفصيلاً:
– د.محمد عبد الجواد محمد، التطور التشريعي في المملكة العربية السعودية، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1978م، ص 14 وما بعدها.
– حميدان بن عبد الله، مرجع سابق، ص182 وما بعدها.
([27]) راجع بتوسع:
– فؤاد محمد موسى، مرجع سابق، ص179 وما بعدها.
– حميدان بن عبد الله، مرجع سابق، ص182 وما بعدها.
([28]) انظر في هذا:
– د.محمد وليد العبادي، الوجيز في القضاء الإداري، مرجع سابق، ص193-194.
– عدل عليا رقم 11/95، مجلة نقابة المحامين لسنة 1997م، ص662.
– تمييز حقوق رقم 771/87، مجلة نقابة المحامين لسنة 1988م، ص760.
– تمييز حقوق رقم 810/86، مجلة نقابة المحامين لسنة 1990م، ص260.
– تمييز حقوق رقم 229/87، مجلة نقابة المحامين، ص88.
– تمييز حقوق رقم 1068/90، مجلة نقابة المحامين لسنة 1991م، ص204.
([29]) لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع كلاً من:
– د.ليلى تكلا، الامبودسمان، دراسة تحليلية مقارنــة بنظام المفوض البرلماني، مكتبة الأنجلو المصريـة،1971م، ص209-217.
– د.حمدي عبد المنعم، نظام الامبودسمان أو المفوض البرلماني، مقال منشور في مجلة العدالة الصادرة عن وزارة العدل الإماراتية، العدد (23)، السنة الرابعة، أبريل (نيسان) 1980م.
– د.عبد الملك عودة، الإدارة العامة والسياسة، دراسات في البيروقراطية والاشتراكية، دون ناشر، 1963م، ص207-221.
([30]) انظر تفصيلاً:
– د. عبد الملك عودة، مرجع سابق، ص229.
– د. ليلى تكلا، مرجع سابق، ص11.
([31]) د.ليلى تكلا، مرجع سابق، ص19-20.
([32]) د.ليلى تكلا، مرجع سابق، ص20 وما بعدها.
([33]) رجع في هذا: د.حمدي عبد المنعم، مرجع سابق، ص272.