بحث قانوني متميز عن تجربة مجلس وزراء الصحة العرب في إعداد التشريعات الصحية

دكتور/ حمدي عبداللاه أحمد

المستشار القانوني لوزير الصحة ـ الإمارات العربية المتحدة

ورقة عمل من مؤتمر “تجارب الدول العربية في إعداد وصياغة

مشروعات القوانين مقارنة بالاتجاهات الدولية الحديثة”

دبي: 12-14 ديسمبر 2010

مركز العدالة للتحكيم والاستشارات القانونية

مقدمة:

§ من أهم عناصر تقدم الأمم والمجتمعات الحديثة ورقيها استكمال بنائها المؤسسى على أسس تشريعية ثابتة تتفق وأحكام الدستور وذلك لن يتأتى إلا من خلال خلق منظومة تشريعية حديثة تتواكب مع ملامح وأطر وأهداف استراتيجياتها وتلبى احتياجاتها من قواعد قانونية تضبط حركتها وتنظم مسارها دون عوائق أو عقبات تعطل مسيرتها أو تنقص من كفاءتها.

§ وتعتمد الدول المتحضرة في بناء منظومتها التشريعية على مبادئ أساسية مستوحاه من الحقوق الطبيعية وقواعد العدالة وحقوق الانسان، وتتبنى كل دولة من هذه المبادئ مايلائم أهدافها ومايلبي طموحاتها ومايتوافق مع قيمها وعاداتها وتقاليدها وصياغة كل ذلك في وثيقة أساسية تكون مرتكز ومحور ومرجع لما تصدره من تشريعات وتسمى هذه الوثيقة بالدستور أو بالقانون الأساسي.

§ ويتضمن الدستور المبادئ والخطوط الرئيسية العامة لتكون الدوله ولبنائها المؤسس والدعامات الاجتماعية والاقتصادية للدولة، والحريات والحقوق والواجبات العامة، والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتوزيع الاختصاصات بين هذه السلطات وغير ذلك من المبادئ الأساسية.

§ والدستور هو أعلى القواعد القانونية مرتبة وأسماها ويتمتع بالاحترام والقدسية فلا يجوز خرق مبادئه أو تجاوزها أو الخروج عنها لذلك فإن تعديل الدستور يستلزم من الإجراءات والشروط المعقدة التي تجعل من الصعوبة بمكان الإقدام على تعديله سواء في النظم التي تتبع الدساتير الجامدة أو التي تتبع الدساتير المرنة.

ويترتب على سمو الدستور تقيد السلطات في تصرفاتها بنصوصه وأحكامه وأن تأتي التشريعات والأنظمة الصادرة عن هذه السلطات في ضوء أحكامه كما يرتب المسئولية السياسية والدستورية في حالة الخروج عنه.

§ لذلك أنشئت في معظم الدول أجهزة أو مؤسسات عليا مهمتها مراقبة توافق التشريعات والأنظمة المختلفة مع أحكام الدستور وإلغاء مايتعارض معه أو يخالف ماجاء به من مبادئ أساسية.

§ وفى ظل التكتلات الاقتصادية والسياسية وإنشاء الكيانات التي تجمع عدة دول نتيجة روابط مشتركة بينها أدركت هذه الكيانات أهمية توحيد التشريعات لتتوافق السياسة التشريعية العامة بين هذه البلدان توحيداً لرؤى وتوجهات هذه البلدان وتسهيلاً لعملية التعاون فيما بينها وتعتبر تجربة مجلس وزراء الصحة العرب المنبثق عن جامعة الدول العربية تجربة رائدة في هذا المجال على النحو الذي سيرد تفصيلاً في هذا البحث الذي سوف يتضمن مطلبان:

الأول: نتناول فيه نظرة عامة حول صياغة التشريعات وسنعرض فيه بإيجاز ماياتى:

ü تعريف الصياغ القانونية

ü اسباب عدم جودة الصياغة القانونية

ü مظاهر النص غير الجيد

ü الأليات اللازمة للصياغة الجيدة

الثانى: تجربة مجلس وزراء الصحة العرب في إعداد التشريعات الصحية

ü نبذه تاريخية

ü اللجنة الصحية الدائمة لجامعةالدول العربية

ü إنشاء مجلس وزراء الصحة العرب

ü اللجنة المختصة بإعداد التشريعات الصحية بمجلس وزراء الصحة العرب

المطلب الأول: نظرة عامة حول صياغة التشريعات

أولآ: تعريف:
يمكن تعريف الصياغة القانونية بأنها تحويل المادة الأولية التي يتكون منها القانون إلى قواعد عمليه صالحه للتطبيق الفعلي على نحو يحقق الغايه التي يفصح عنها جوهرها ويتم ذلك عن طريق اختيار الوسائل والادوات الكفيله بالترجمه الصادقة لمضمون القاعدة واعطائها الشكل العملى الذي تصلح به للتطبيق[1]. ويطلق الشراح مصطلح الفن التشريعى أو الصياغة القانونية على وضع قواعد سهلة الفهم ميسورة التطبيق تكون متفقة مع مقتضيات العصر الاجتماعية[2].

ثانيا: أسباب عدم جودة الصياغة القانونية :
هناك أسباب عدة تؤدى بالمشرع إلى وضع نصوص غير جيده بل وأحيانا مشوهه تثقل كاهل المتعاملين معها للوصول إلى الفهم الصحيح لها ومن هذه الأسباب.
1. عدم الإحاطة الكاملة بالأهداف والأغراض التي تغياها المشرع عند وضع هذه النصوص.
2. نقص أو قصر المعلومات التي اعتمد عليها المشرع عند إعداد القانون
3. عدم الالمام بقواعد ومفردات اللغه التي يصاغ بها القانون.
4. غموض الفكره. الدوافع الذاتيه للضرر أو الكسب.
5. قصد التمييع بحيث يحتمل التفسير اكثر من وجه.
6. عدم الاستعانه بالمشتغلين بموضوع القانون أو بالخبراء المتخصصين.
7. عدم الالمام بالنصوص الدستورية وبالقوانين الأخرى.

ثالثاً: مظاهر النص غير الجيد:

1. اللبس والغموض: من أكثر المظاهر شيوعا في التشريعات غير الجيدة اللبس والغموض الذي يكتنف النصوص إما لكونها قد صيغت بعبارات غير دقيقة أو لكونها تضمنت كلمات لها مرادفات عدة دون أن تتبعها كلمات اخري تشير إلى المعنى المقصود كان يصياغ النص على النحو التالي. ” على أن يقدم التظلم خلال شهر من تاريخ العلم اليقيني بالقرار” فكلمة شهرتثير التساؤل حول المقصود بها أهى شهر ميلادي ام شهر هجري وهل يقصد به 30 يوم ام 31 يوم” أو لورود النصوص في عبارات مختصره حيث أن الاختصار المخل بالمعني يصيب النص بالغموض كان ياتي النص على نحو” يحظر التدخين في الأماكن العامة ” دون أن يعرف ماهية هذه الاماكن العامة ومواصفاتها.

2. مخالفة النص التشريعي لنص دستوري: تعد مخالفة النص التشريعي لنص دستوري من أهم أسباب بطلان هذا النص المخالف وقد تأتي هذه المخالفة اما للجهل بالمبادئ الأساسية للدستور واحيانا نتيجة اللامبالاه وعدم الاكتراث بالنص الدستوري والمخالفة الدستورية قد تكون نتيجة مخالفة لنص صريح في الدستور أو للمبادئ العامة التي يتضمنها الدستور كمبدأ تكافو الفرص ومساواه المواطنين امام القانون، كأن ينص قانون التوظف على بعض أنواع التعيين الاستثنائى أو أن يضع شروطا للتعيين تنطوى على التمييز بين الأفراد بعيدا عن العمومية والتجرد.

3. تجزئة وتداخل النصوص: إن النظرة الضيقة للأمور لدى واضع النص التشريعى تدفعه إلى أن يضع النصوص لمعالجة فكرة محددة فيستصدر بها تشريعا وبعد فترة وجيزة من الوقت تعرض له فكرة أخرى في نفس الموضوع فيستصدر بها تشريعا معدلا لماقبله بالاضافة أو بالحذف ثم تعرض فكرة اخرى فيستصدر تشريعا اخر وهكذا نجد الموضوع الواحد قد صدرت له عدة تشريعات متفرقة نرهق أصحاب الشأن والمشتغلين بها بالبحث والتفتيش على الأحكام التي لزاما عليهم تطبيقها والا وقعوا تحت طائلة القانون وفقاً للقاعدة الأصولية التي تقضى بان الجهل بالقانون ليس بعذر خاصة بالنسبة لمن يتولون الوظائف العامة وتعهد اليهم مسئوليات مالية وادارية يلزم أن يجتهدوا في البحث عن الأحكام التي يقومون بتنفيذها ومخالفتها تعرضه للعقاب التأديبى وقد يكون العقاب الجنائى إذا انطوت المخالفة على جريمة جنائية.

4. تداخل النصوص: تجزئة النصوص ذات الموضوع الواحد وتفرقها قد يؤدى إلى تداخل النصوص والتعارض فيما بينها بما يسبب اشكالية في التطبيق ويضطر المشتغلون بالقانون إلى اللجوء إلى القواعد الأصولية للوصول إلى أي النصوص واجبة التطبيق كاللاحق يجب ما قبله أو الخاص يقيد العام وغيرها.

رابعاً: الأليات اللازمة للصياغة الجيدة.

1. الدقه والوضوح: يدرك الكثيرون وخاصة المشتغلون بالقانون مدي أهمية الدقة والوضوح في صياغة النص التشريعي فالتجربة أثبتت من خلال الإعداد للعديد من التشريعات أن النص التشريعي الجيد يجب أن لايكون متزيدا فيه بما يصيبه بالترهل وضياع الفهم الصحيح والا يكون ناقصا مبتوراً يؤدي إلى اختلاف التفسير والاجتهاد في التأويل بل ويجب أن يتسم بالوضوح والقابلية للفهم من المخاطبين باحكامه ولا يثير المشاكل عند التطبيق فعلى الصائغ أن يتجنب استخدام الكلمات الغامضة أو المثيرة للالتباس حتى لا يؤدي إلى توسيع السلطة التقديرية لصاحب السلطة أو المسئول الحكومى فيتخذ قرارات تعسفية استنادا إلى تفسيرةه وتاويله للنص الغامض ومن ثم يجب على الصائغ أن يكتب القواعد التي يصيغها في شكل واضح ودقيق بما يكفى للتاكد من أن من بخاطبهم مشروع القانون بعرفون كيف ينبغى عليهم أن يتصرفوا.

2. الإحاطة الكاملة بالمعلومات المتعلقة بالموضوع المطلوب تنظيمه أي المطلوب استصدار تشريع أو قواعد منظمة له. من المعلوم أن أي قانون لا يصدر إلا لتنظيم موضوع محدد أو مجموعة من الموضوعات المتجانسة والتى يمكن أن تدخل في إطار واحد وتتنوع الموضوعات التي تحتاج إلى تنظيم وفقاً لحاجة كل مجتمع أي أن النص القانونى لايصاغ لتدوين فكرة ما وردت على خاطر صاحب السلطة أو المسئول وانما تأتي تلبية لحاجة يتطلبها المجتمع لتنظيم مساره ولضبط حركته في كافة مناحي الحياة. ولإعداد الصياغة الجيدة لتشريع جيد يجب أن يكون الصائغ ملما بكافة ابعاد هذا الموضوع وأن يستعين ليس فقط بالخبراء والمتخصصين بل للمخاطبين باحكامة وبكل اصحاب العلاقة وذلك لسبر أغواره والإحاطة بكافة جوانبه تجنباً لإصدار قانون ناقص غير متكامل مما يضطر المشرع إلى تعديله بالإضافة أو بالحذف أو بالتغيير كلما ظهر له جانب من الجوانب التي لم يشملها التشريع أو بدى له أن النص يخالف الواقع ومن ثم نكون امام ظاهرة ما يسمى بالإسهال التشريعى وبظاهرة تجزئة التشريع ولما ففي ذلك من سلبيات سبق عرضها في هذا البحث.

3. تعزيز القدرة التنافسية للتشريع: فالتشريع الجيد هو الذي يتمتع بقدرة تنافسية في مواجهة العالم المعاصر ومن ثم يجب أن يسبق إعداد التشريع اجراء دراسات مقارنة مع القوانين المحيطة بنا للتعرف على التطور التشريعى الحادث في العالم والتى لها تاثيراتها على الدول المحيطة بها ولا يملك احد كائنا من كان أن يدبر أموره بنفسه ناسياً ما يجري حوله في العالم من تغيرات وتطورات هائلة على الصعيدين التقنى والاجتماعي أو الانسانى ويسعى للاستفادة من تجارب الدول والاخذ منها ما يتوافق مع ظروف مجتمعاتنا فالتنافس مثلاً بين الدول حول جذب الاستثمارات الأجنبية يقتضى التعرف على قوانينالدول المنافسة للوصول إلى الميزات النسبية التي يمكن أن يتضمنها التشريع الوطني.

4. النظر إلى التشريع بالمقارنة بالاتفاقيات الدولية المتعلقة به وتكون الدولة طرفا فيها حيث ينبغي أن يكون التشريع متوافقا مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدولة حتى يكون هناك انسجام تشريعى والتزام من قبل الدولة نحو هذه الاتفاقيات.

5. النظر إلى دستورية المشروع وتنقيته من شبهة عدم الدستورية: حيث أنه وكما أسلفأ بأن الدستور هو الوثيقة الأساسية للمجتمع وهو يسمو ويعلو كل التشريعات ومن ثم ينبغى أن يوضع نص تشريعى يخالف الدستور وكما قلنا فان هذه المخالفة الدستورية تأتي اما على شكل مخالفة لنص صريح أو مخالفة لمبدأ من مبادئهفعلى المشرع أو الموكل اليه صياغة النص التشريعى أن يتوخى الحذر عند صياغته للنصوص التشريعية وأن يتحرى مواضع التماس مع الدستور ويزيل ما يصيبها من عوار دستورى والا تعرض نصه للإلغاء والبطلان من قبل الجهة الرقابية على دستورية القوانين.

6. النظر إلى تشابه مشروع القانون مع القوانين الأخرى السارية: يجب على من يعهد اليه عملية إعداد التشريع امعان النظرفى مجمل القواعد القانونية السارية بالدولة والتعمق في دراسة التعارض الذي من الممكن أن يحدث بين التشريع الذي بصدد إعداده وبين التشريع السارى لإزالة هذا التناقض ولتفادي الازدواجية والتكرار إذا ماكان هناك تشريع ساري يعالج المسألة المطلوب صياغة القاعدة القانونية لها.

[1]
هيثم الفقى” الصياغة القانونية – منشور فى موقع د/ شيماء عطالله اللإكتروني

[2]
عبد الحى حجازى المدخل لدراسة العلوم القانونية 10 القانون الكويت 1972 ص 404

المطلب الثانى: تجربة مجلس وزراء الصحة العرب فى إعداد التشريعات الصحية الاسترشادية

أولا: نبذه تاريخية:
صودق على ميثاق جامعة الدول العربية في مدينة القاهرة بتاريخ 8 ربيع الثانى سنة 1463 هـرالموافق 22 مارس 1945 ونصت المادة الثانية من ميثاق الجامعة على مايأتى:
“الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها وتنسيق خططها السياسية نص على تاليف لجنة صحيتحقيق للتعاون بينهاصيانة لاستقلالها وسيادتها والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربومصالحها” وكذلك من أغراضها تعاون الدول المشتركة فيها تعاونا وثيقا بحسب نظم كل دولة منها واحوالها في العديد من المجالات ومن بينها مجال الشئون الصحية.

ونصت المادة الرابعة من الميثاق على ما ياتى. ” تؤلف لكل من الشئون المعينة في المادة الثانية لجنة خاصة تمثل فيها الدول المشتركة في الجامعة وتتولى هذه اللجان وضع قواعد التعاون ومداه وصياغتها في شكل مشروعات اتفاقات تعرض على المجلس للنظر فيها تمهيدا لعرضها على الدول المذكورة ويجوز أن يشترك في اللجان المتقدم ذكرها أعضاء يمثلون البلاد العربية الأخرى ويحدد المجلس الأحوال التي يجوز فيها اشتراك أولئك الممثلين وقواعد التمثيل”

ثانيا: اللجنة الصحية الدائمة لجامعةالدول العربة
تشكلت اللجنة الصحية الدائمة بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم 12 الصادر عن الدورة الثانية المنعقدة بتاريخ 12/11/1945 الذي نص على ما يلى ( بناء على ما جاء في الميثاق من النص على تاليف لجنة صحية وبمناسبة اجتماع عدد كبير من أطباء الدول العربية في مصر الآنه ولأسباب اخرى يوافق المجلس على اقتراح الوفد العربي السعودى تعيين اعضاء اللجنة الصحية وتكليفهم مباشرة العمل والاجتماع في هذه الفرصة المواتية ) وبتاريخ 27/3/1947 صدر قرار مجلس الجامعة العربية رقم 168 بتحديد مهام ونظام اللجنة الصحيةت اللجنة الصحية منذ انشائها في عام 1945 حتى عام 1976 وعقدت طوال هذه المدة العديد من الاجتماعات واتخذت العديد من التوصيات التي صادق عليها مجلس الجامعة.

ثالثا: إنشاء مجلس وزراء الصحة العرب
بتاريخ 26/4/1975اوافق مجلس الجامعة بقراره رقم 3275 المتخذ بدورته 63 على إنشاء مجلس وزراء الصحة العرب ونصت الفقرة 1 من هذا القرار على ما يلى: (الموافقة على إنشاء مجلس لوزراء الصحة العرب ال ذى قرره المؤتمر الرابع لوزراء الصحة العرب المنعقد في بغداد في فبراير 1975 على أن يعرض على مجلس الجامعة في دورته المقبلة النظام الأساسي للمجلس المشار إليه). وبتاريخ 4/9/1975 وافق مجلس الجامعة بقراره رقم 3306 بدورته 64 على المواد من 1-11 من مشروع النظام الأساسي لمجلس وزراء الصحة العرب الذي نصت المادة الأولى منه على أن ينشا في نطاق جامعة الدول العربية مجلس يتألف من وزراء الصحة في الدول العربية يسمى” مجلس وزراء الصحة العرب”

وحددت المادة الثانية من هذا النظام أهداف مجلس وزراء الصحة العرب ومن بينها البند العاشر والذى ينص على العمل على توحيد التشريعات ونظم الادارة الصحية والمصطلحات العربية. وفى 21/3/1976 وفى دورته الخامسة والستين بحث مجلس الجامعة العربية العلاقة بين اللجنة الصحية الدائمة المنصوص عليها في ميثاق الجامعة ومجلس وزراء الصحة العرب وأصدر بشأن الموضوع القرار رقم 343 االذي نص على ما يلي (يقرر المجلس الموافقة على توصية لجنة الشئون القانونية الأتية:

“ترى اللجنة أنه بالنظر لقيام مجلس وزراء الصحة العرب بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية فانه لم يعد للجنه المذكورة وجود فعلى وبالتالى لا محل لبحث العلاقة بيمها وبين مجلس وزراء الصحة العرب ) ومنذ قيام مجلس وزراء الصحة العرب كان المجلس مستقلا في قراراته التي يتخذها باعتباره مجلس يتألف من وزراء مختصين يعملون في جهاز عربي مقر من دولهم ويمثلون أعلى سلطة صحية في الوطن العربى. ومن هذا المنطلق نهج المجلس خلال مسيرته هذه الاستقلالية دون الحاجة إلى الرجوع إلى مجلس الجامعة العربية وكان هناك تفكير في إنشاء أمانة فنية لهذا المجلس وبعد التباحث انتهى الأمر إلى أن يعهد بأعمال المجلس إلى الادارة الصحية بالأمانة العامة للجامعة العربية وسميت بالأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب وعُين مسئول فنى لإدارة شئونها وقد ثبت أن هذا النظام الذي أحدثه مجلس وزراء الصحة العرب وسارت عليه فيما بعد المجالس الوزارية المتخصصة الأخرى هو أنجح نظام حيث يحقق وحدة القرار وسرعة التنفيذ وسهولة المتابعة ووحدتها.

رابعاً: اللجنة المختصة بإعداد التشريعات الصحية بمجلس وزراء الصحة العرب
أنشئ مجلس وزراء الصحة العرب لجنة تسمى اللجنة الفنية الاستشارية للتشريعات الصحية في البلدان العربية وهى لجنة دائمة إلا أن أعضاءها غير دائمين حيث تشكل سنوياً من ممثلي وزارات الصحة بالدول العربية حيث تقوم الأمانة الفنية للمجلس بدعوة وزراء الصحة العرب إلى ترشيح ممثلين للجنة بصفة سنوية ويتولى وزراء الصحة العرب تسمية مرشحيهم سنوياً وإبلاغ الأمانة الفنية للمجلس بالأسماء لمتابعة التنسيق معهم وإبلاغهم بموعد انعقاد اللجنة.

§ كيفية تشكيل اللجنة: تشكل اللجنة من أعضاء فنيين من الأطباء والصيادلة وغيرذلك من التخصصات الصحية بالإضافة إلى المستشارين القانونيين ويتم انتخاب رئيس للجنة ونائب للرئيس ومقرر للجنة بالتصويت من قبل باقى اعضاء اللجنة في أول جلسة قبل البدء في جدول أعمال اللجنة و يراعى غالباً في عملية الانتخاب عنصرين هما كفاءة العضو واتاحة الفرصة لتنناوب الدول الأعضاء على قدر الامكان وإن كان العنصر الثاني لايعد شرطاً لازماً في كل الأحوال.

§ جدول أعمال اللجنة: في أغلب الأحوال يتم تحديد الموضوعات التي تحال إلى اللجنة من قبل مجلس وزراء الصحة العرب في اجتماعه السنوى وتتولى الأمانة الفنية للمجلس تحضير جدول الأعمال وارساله إلى أعضاء اللجنة المرشحين من وزارت الصحة مع تحديد موعد انعقاد اللجنة ومكان الانعقاد الذي قد يكون بمقر الجامعة العربية بالقاهرة أو في استضافة أي من الدول الأعضاء وترسل كل هذه المعلومات إلى أعضاء اللجنة قبل الموعد المحدد لانعقادها بفترة تكفى لقيام الأعضاء بدراسة هذه الموضوعات على ضوء التشريعات الوطنية لكل دولة وبالمزيد من الرؤى والأفكار التي تساهم في إعداد تشريع متطور في الموضوع المعروض على ضوء المعطيات العملية وتجارب الدول العربية ويتم إرسال أية وثائق أو مستندات تساعد على دراسة الموضوع وفهم كافة جوانبه إلى الأمانة الفنية التي تتولى بدورها توزيعها على باقي الأعضاء قبل موعد انعقاد اللجنة. ومع ذلك أحياناً ما يطلب ممثلي إحدى الدول العربية مناقشة موضوع معين ويتم مناقشة الاقتراح من قبل أعضاء اللجنة وإذا ما حاز الموضوع إجماع أو غالبية موافقة أعضاء اللجنة يتم إدراج الموضوع بمحضر اجتماع اللجنة ويعرض على مجلس وزراء الصحة العرب في أول اجتماع له للنظر في الموافقة على إحالته للجنة في أول اجتماع لها.

§ آلية عمل اللجنة الفنية الاستشارية في إعداد مشروعات القوانين والنظم الصحية: تتولى اللجنة في أول اجتماع لها وبعد اختيار رئيس اللجنة ونائب الرئيس والمقرر وبحضور مدير الإدارة الصحية بالأمانة الفنية بالجامعة العربية بصفته منظم ومراقب مناقشة الموضوع الأول المدرج على جدول الأعمال ويتولى الأعضاء طرح آرائهم وتجارب دولهم والسلبيات التي تواجه تطبيق التشريعات الوطنية لتلافيها عند إعداد مشروع القانون أو النظام الخاص بالموضوع المعروض وتستعرض اللجنة الوثائق المقدمة من الأعضاء ثم تقوم اللجنة بتشكيل فريق عمل من بين أعضاء اللجنة الفنيين والقانونيين لإعداد مسودة أولية لمشروع القانون أو النظام وذلك بعد أن تحدد اللجنة في اجتماعها بكامل أعضائها المبادئ الأساسية والتوجهات الرئيسية التي يجب أن تتضمنها المسودة الأولية والتى يجب على فريق العمل الالتزام بها باعتبار أن هذه المبادئ قد تم الاتفاق عليها من جميع الوفود العربية ممثلى وزارت الصحة العربية بعد المناقشة المستفيضة من جانب اللجنة بكامل تشكيلها. يتولى فريق العمل المكلف بإعداد المسودة الأولية بصياغة مشروع أولي للقانون أو النظام المعروض في عمل جماعى يتم تبادل الآراء والمناقشات داخل الفريق إلى أن يكملوا المسودة الأولية وتعرض على اللجنة الفنية الاستشارية للتشريعات الصحية بكامل تشكيلها حيث يتولى رئيس اللجنة قراءة المسودة الأولية مادة مادة ويتولى الأعضاء ابداء ارائهم في كل مادة سواء من حيث الصياغة ومن حيث المضمون وفي حالة وجود اختلاف في وجهات النظر يتم التصويت ويعتمد النص الذي توافق عليه الأغلبية. تتولى الأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب تحرير مشروع القانون أو النظام في صيغته النهائية ويرفق مع محضر اجتماع اللجنة للعرض على مجلس وزراء الصحة العرب في اول اجتماع له للنظر في اقراره كمشروع قانون استرشادى. تتولى الأمانة الفنية للمجلس توزيع مشروعات القوانين الاسترشادية التي تم اعتمادها من مجلس وزراء الصحة العرب على وزارات الصحة بالدول العربية للاستعانة والاسترشاد بها عند وضع تشريعاتها الوطنية.

المعايير التي تتبعها اللجنة عند إعداد مشروعات التشريعات الصحية الاسترشادية: 

1. عدم تبنى تشريع دولة بعينها من الدول الأعضاء: نظراً لأن الهدف من اللجنة هو الاستفادة من الخبرات القانونية والفنية من مختلف الدول العربية والاستفادة من تجارب كافة هذه الدول ومفاداة السلبيات التي اكتنفت التطبيق العملي للتشريعات الوطنية بالبلدان العربية لذا لاتتبنى اللجنة تشريعا وطنيا بعينه فضلاً عن أن التشريعات الوطنية تتميز ببعض الخصوصية التي تلائم الدولة صانعة التشريع وقد لاتلائم غيرها من الدول العربية.

2. الصياغة العامة: وتعني الصياغة العامة أي تلك التي تستخدم فيها مفردات ومصطلحات لغوية معروفة ومتداولة في كافة البلدان العربية وتجنب استخدام مفردات خاصة ببلد محدد أو أكثر بعيداً عن اللهجات المغرقة في المحلية ويسري ذلك سواء بالنسبة لصياغة مشروع التشريع بصفة عامة أو بالنسبة لمسميات الجهات والأجهزة والوزارات المعنية بتنفيذ التشريع حيث غالباً ما تختلف المسميات وحتى التخصصات بين دولة وأخرى فمسمى وزارة أو وزير غير مستخدم في بعض الدول كذلك قد تختص وزارة الصحة في دولة باختصاص محدد يكون ذات الاختصاص لجهة أخرى في بلد آخر كالبلديات أو أجهزة أخرى بمسميات مختلفة.

3. تجنب تحديد العقوبات: حيث يقتصر عمل اللجنة عند إعداد مشروع التشريع الاسترشادي على تحديد المواد التي تشكل مخالفتها عقوبة جنائية ويترك تقدير حجم العقوبة ونوعها للتشريعات الوطنية حيث أن السياسة العقابية قد تختلف من دولة إلى أخرى.

4. ألا يتضمن مشروع التشريع مخالفة لحكم صحيح من أحكام الشريعة الإسلامية: حيث تتحرى اللجنة عند إعدادها للتشريع عدم مخالفة أي حكم قطعي متفقاً عليه من أحكام الشريعة الإسلامية وعلى سبيل المثال مشروع القانون الذي أعدته اللجنة عن حظر الاستنساخ البشري وكذلك إعلان حظر عمليات الاستنساخ البشري تصدر الإعلان بالإشارة إلى ما انتهت إليه الندوة التي انعقدت في إطار المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.

خامساً: التشريعات الاسترشادية التي أعدتها اللجنة الفنية الاستشارية للتشريعات الصحية منذ عام 1998 حتى عام 2010م:

§ المسئولية الطبية
§ تنظيم صناعة واستيراد وتسجيل وتسويق وترويج الأدوية والمنتجات الدوائية والمستلزمات الطبية
§ ميثاق شرف مهنة الطب البشرى
§ حظر عمليات الاستنساخ البشرى
§ احداث لجنة عربية للاخلاقيات الطبية
§ الصحة العقلية وشروط الايواء في المستشفى بسبب اضطرابات عقلية
§ مكافحة التدخين
§ مكافحة الأمراض السارية
§ نظام التامين الصحى ونظام الرعاية الصحية التامينية
§ تنظيم الرقابة والتفتيش على الأغذية
§ نظام الاستدعاء للتحقيق مع الأطباء بمعرفة النيابة العامة ورجال الشرطة
§ مزاولة مهنة العلاج البديل
§ الإنجاب الطبي المساعد
§ النفايات الصحية
§ تشجيع وحماية الرضاعة الطبيعية
§ الزامية الفحص الطبى قبل الزواج
§ المواليد والوفيات
§ مكافحة الغش الدوائي
§ إنشاء الهيئة العامة للاختصاصات الطبية تعتبر تجربة مجلس وزراء الصحة العرب في إعداد التشريعات الصحية تجربة رائدة يحتذى بها وذلك لما أسفرت عنه من تطبيقات عملية على مستوى الدول العربية حيث كانت مرشداً ودليلاً هاما لوزارات الصحة في الوطن العربي حيث كثيراً ما يستعان بها عند وضع تشريعاتها المحلية وعلى مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة كانت مصرا هاما من المصادر التي تم الاستعانة بها عند إعداد قانون المسئولية الطبية وقانون مكافحة التبغ وقانون ترخيص مراكز الاخصاب بالدولة وقانون تنظيم المواليد والوفيات رقم لسنة ومشروع قانون تداول المنتجات الطبية ومشروع قانون الأمراض السارية. ….وغيرها من مشروعات القوانين والنظم التي مازالت قيد الإعداد