دراسة وبحث قانوني مميز عن الجزاء في قانون العقوبات

المقدمة

إن من بين مظاهر سيادة الدولة هو إصدارها للقوانين بكل حرية دون تدخل أي دولة أخرى، وبالتالي فإن الدولة بحكم سيادتها لها الحق في إخضاع جميع الأشخاص، مواطنين كانوا أو أجانب لقواعد قانونها، وكل من يخالف أو يعارض هذه القوانين فإنها توقع عليه الجزاء.

ومن هنا نصل إلى طرح الإشكال التالي :

ما هو مفهوم الجزاء ؟ وما هي الصور التي يأخذها

في قانون العقوبات الجزائري ؟

المبحث الأول : مفهوم الجزاء الجنائي وصوره

المطلب الأول : تعريف الجزاء الجنائي وخصائصه

تعريف الجزاء الجنائي : هو الألم الذي يقرره قانون العقوبات والقانون الجنائي والذي تنطق به السلطة العامة بسبب المخالفة والجنوح ضد المخالف أو الجانح أو الذي يجب على أحدهما أو الآخر أن يتحمله بشخصه لحساب المصلحة العامة.(1)
ويمكن تعريف العقوبة على أنها جزاء يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تثبت مسؤوليته في ارتكاب جريمة، وتشكل العقوبة في إيلام الجاني بالإنقاص من بعض حقوقه الشخصية وأهمها الحق في الحياة والحق في الحرية.

خصائص الجزاء الجنائي :
للجزاء ثلاثة خصائص أساسية وهي : طابع الإيلام وطابع التحديد والطابع النهائي، فضلا عن شرعيتها وشخصيتها.

1- طابع الإيلام : تنطوي العقوبة على نص الإيلام بغير تفريط ولا إفراط، كما يقول الأستاذ محمود مصطفى، ويتمثل إيلام الجاني في الانتقاص من بعض حقوقه الشخصية كحقه في الحياة وحق الحرية والحق المالي، وغيرها من الحقوق.

2- الطابع المحدد للعقوبة : حتى تؤدي العقوبة أغراضها ووظائفها على أكمل وجه لاسيما وظيفتي الإيلام وإرضاء شعور العدالة، يجب أن تكون العقوبة محددة المدة.
إن تحديد العقوبة وتقديرها على أساس الاضطراب الاجتماعي الذي أحدثه الجاني والخطأ الأخلاقي الذي صدر عنه، يسمح للمعني والرأي العام على حد سواء معرفة ما ينتظر من يقدم على مثل هذا العمل كما يسمح بتحديد حقوق وواجبات الكل بوضوح ودقة.

فمن يوم النطق بالحكم يكون الجميع على دراية بتاريخ انتهاء العقوبة، وهذا ما يجعل المحكوم عليه في مأمن من تحكم المصالح المكلفة بتنفيذ العقوبة.
كما أن تحديد العقوبة ضروري لبولغ غرض التأهيل إذ يسمح بتقرير النظام المناسب حسب الوقت المتوفر.

3- الطابع النهائي للعقوبة : يصبح الحكم الجزائي الذي قضى بعقوبة نهائيا بمجرد استنفاذ طرق الطعن ويكسب بذلك قوة الشيء المقضي، وهذه القوة ضرورية لإرضاء شعور العدالة ولا تقبل العقوبة إدخال أي تعديل عليها، فهي التي تبقى مقيدة في سجل السوابق القضائية للفرد وما يترتب عن ذلك من حرمان وعدم الأهلية.
وإذا كان القانون قد أجاز بصفة استثنائية مراجعة العقوبة فقد حصر ذلك في حالة الخطأ القضائي وحده (المادة 531 ق إ ج).
وتثير العقوبة فضلا عما سبق بالطابع الشرعي والشخصي، تخضع العقوبة لمبدأ الشرعية فلا عقوبة بغير قانون يحدد المشرع العقوبة ويجعلها متراوحة بين حدين أدنى وأقصى ويترك للقاضي حرية التقدير والنطق بالعقوبة بين هذين الحدين فلا يتجاوز الحد الأقصى ولا ننزل عن الحد الأدنى إلا ما استثنى القانون كما في حالتي التشديد أو التخفيف من العقوبة.
كما تخضع العقوبة لمبدأ الشخصية، فلا توقع إلا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها، ونتيجة لذلك لا تمتد العقوبة إلى الغير مهما كانت صلته بالجاني، فلا تطبق على الولي أو الوصي أو المسؤول المدني ما لم يرتكب أحدهم خطأ شخصيا.

المطلب الثاني : صور الجزاء الجنائي(1)

يصنف الجزاء في قانون العقوبات الجزائري إلى نوعين : التصنيف النوعي والتصنيف الموضوعي.

I- التصنيف النوعي للعقوبات : تناول قانون العقوبات هذا التصنيف في المواد من 05 إلى 18، وهو قسمها إلى ثلاثة أقسام : عقوبات أصلية وأخرى تبعية وثالثة تكميلية.

أ- العقوبات الأصلية : تكون العقوبات أصلية إذا صدر الحكم بها دون أن تلحق بها أية عقوبة أخرى، ولكل من الجنايات والجنح والمخالفات عقوبتها الأصلية الخاصة بها، فالعقوبات الأصلية في مواد الجنايات هي :
– الإعدام
– السجن المؤبد
– السجن المؤقت لمدة تتراوح بين 05 سنوات و20 سنة.
أما العقوبات الأصلية في مادة الجنح فهي :
– الحبس مدة تتجاوز شهرين إلى 05 سنوات، ماعدا الحالات التي يقرر فيها القانون حدود أخرى.
– الغرامة التي تتجاوز 2000 دج.
والعقوبات الأصلية في مادة المخالفات فهي :
– الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر.
– الغرامة من 20 إلى 2000 دج.

ب- العقوبات التبعية : تكون العقوبات تبعية إذا كانت مترتبة على عقوبة أصلية ولا يصدر الحكم بها وإنما تطبق بقوة القانون، وهي لا تكون إلا في الجنايات والعقوبات التبعية حددتها المادة 06 بالحجر القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية.

1- الحجر القانوني : هو حرمان المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية عليه من مباشرة حقوقه المالية، وتكون إدارة أمواله طبقا للأوضاع المقررة في حالة الحجر القضائي.
2- الحقوق الوطنية : حصرتها المادة 08 فيما يلي :
o عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية في الحزب أو الدولة وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالخزينة.
o الحرمان من حق الانتخابات والترشيح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية والسياسية ومن حمل أي وسام.
3- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا على أي عقد أو أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال.
4- عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو ناظرا ما لم تكن الوصاية على أولاده.
5- الحرمان من حق في حمل الأسلحة وفي التدريس وفي إدارة مدرسة أو الاستخدام في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا.

ج- العقوبات التكميلية : وهي عقوبات تابعة لعقوبة أصلية، بحيث لا يجوز الحكم بها منفردة، وهي كما حددتها المادة 09 وشرحتها المواد التالية لها.
1- تحديد الإقامة : أي إلزام المحكوم عليه بأن يقيم في منطقة يعينها الحكم ولا يجوز أن تجاوز مدته 5 سنوات، ويبدأ تنفيذ تحديد الإقامة من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه، ويمكن لوزارة الداخلية أن تأذن للمحكوم عليه بالانتقال المؤقت داخل المنطقة، وإذا خالف المحكوم عليه أحد تدابير تحديد إقامته يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.
2- المنع من الإقامة : وهو الحظر على المحكوم عليه أن يوجد في بعض الأماكن ولا يجوز أن تجاوز مدته 5 سنوات في مواد الجنح وعشر سنوات في مواد الجنايات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويبدأ حساب المدة من اليوم الذي يفرج فيه عن المحكوم عليه وبعد أن يكون قرار المنع قد بلغ إليه، وإذا خالف أحد تدابير المنع فإنه يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاثة سنوات والمنع من الإقامة يكون مكملا لعقوبة جنائية أو جنحة.
3- الحرمان من مباشرة بعض الحقوق : وهي الحقوق المنصوص عليها في المادة 08 التي سبقت لمدة لا تتجاوز الخمس سنوات.
4- المصادرة الجزئية للأموال.
5- حل الشخص الاعتباري : وذلك بمنعه من ممارسة نشاطه ولو كان تحت اسم آخر أو مع مسيرين آخرين، ويترتب على ذلك تصفية أموال.
6- نشر الحكم، حيث أجازت المادة (18) للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تأمر في الحالات التي يحددها القانون ينشر الحكم بأكمله في جريدة أو أكثر، وذلك على نفقة المحكوم عليه التي يحددها الحكم حيث لا تتجاوز شهرا واحد.

II- التصنيف الموضوعي للعقوبات : تصنف العقوبات حسب الموضوع الذي تحل به العقوبة إلى عقوبات بدنية وأخرى سالبة للحرية ومالية.

أ- العقوبات البدنية : وهي العقوبات التي توقع على جسم الإنسان، وعرفت القوانين نوعين شهيرين من العقوبات وهما : عقوبة الإعدام وعقوبة السجن الجلد الذي انحصر نطاقها في قوانين قليلة جدا وإن كانت من أقدم العقوبات وجودا.
ولم تكن عقوبة الإعدام مثار جدل في التشريعات القديمة، فقد كانت شائعة في أغلب القوانين حتى القرن 18 حين بدأ الجدل يثور حول جداولها، فظهر اتجاه يطالب بإلغائها بدعوة إضفاء جانب من الإنسانية والتحضر على النظام العقابي، فألغتهم بعض الدول تبعا لذلك، ومازال الخلاف ناشئا بشأنها بين مطالب بإلغائها وآخر بإبقائها. ومع هذا الخلاف القائم في الفقه، فهناك اختلاف قائم بين التشريعات بين ملغ لها وبين مبق لها عليها، ومن موسع ومن مضيق، ففي التشريع المصري تنفذ في القتل العمدي والجرائم الماسة بأمن الدولة واستقلال البلاد، وتنفذ أيضا بوسائل وطرق مختلفة (أما القانون الجزائري فيأخذ بها في عدة جرائم مثل القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد وقتل الأصول والقتل العمدي بالتتميم، وجريمة الخيانة والتجسس وحمل السلاح ضد الدولة، وكذا الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية إذا كان القانون يعاقب على نظيرتها بالسجن المؤبد وأما كيفية التنفيذ فقد نص عليها قانون تنظيم الأسرة وإعادة تربية المساجين في المواد 196 وما بعدها، ونص أن عقوبة الإعدام تنفذ رميا بالرصاص على المحكوم عليه، كما نص المرسوم رقم 72/38 الصادر في 10فبراير 1972على أن يكون تنفيذها بدون حضور الجمهور، ونص على أنه يحضر حين تنفيذ الإعدام.
حيث الجهة القضائية التي أصدرت الحكم، ممثل النيابة العامة التي طلبت الحكم بها، موظف عن وزارة الداخلية، المدافعون عن المحكوم عليه، ريش السجن، كاتب الضبط ومهمته تحرير محضر تنفيذا الإعدام، رجل الدين، طبيب. والجرائم التي يعاقب عليها القانون الجزائري بالإعدام هي :

1- المحكوم عليه في جناية ثم ارتكب جريمة قتل عقوبتها السجن المؤبد.
2- حمل السلاح ضد الجزائر وكل عمل يشكل خيانة الدولة المادة 61 و المادة 63.
3- جريمة التجسس التي يقوم بها الأجانب ضد الجزائر المادة 64.
4- الاعتداء الذي يكون الغرض منه إما الفضاء على نظام الحكم أو تغييره.
5- تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد الدولة أو ضد بعضهم البعض أو المساس بوحدة التراب الوطني، ولا فرق بين تنفيذ الاعتداء ومحاولة تنفيذه.
6- تكوين قوات مسلحة أو تزويدهم بالأسلحة أو الذخيرة بدون أمر أو إذن من السلطة الشرعية.
7- تولي قيادة عسكرية بدون وجه حق أو بدون بسبب مشروع.
8- الاعتداء الذي يكون الغرض منه التثقيل والتخريب.
9- ترأس عصابات مسلحة، أو القيام بمهمة فيها بعقد الإخلال بأمن الدولة مع ارتكاب إحدى الجنايات الواردة في المادة 84، 77 أو بغرض نهب الأملاك أو مهاجمة القوة العمومية.
10- الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية (القتل وما يعاقب عليه في العادة بالسجن المؤبد).
11- كل من يحوز أسلحة ممنوعة أو ذخائر تتعلق بمواد متفجرة أو أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها دون رخصة من السلطة المختصة.
12- من قام بتزوير وتزييف وتقليد النقود المعدنية والأوراق النقدية والتراث والأسهم.
13- جريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد والقتل بالتسميم وقت الأصول.
14- الضرب والجرح والعنف الواقع على قاصر والمؤدي إلى وفاته من أحد الوالدين أو غيرهما من الأصول الشرعيين.

ب- العقوبات السالبة للحرية : وهي التي يتحقق الإيلام فيها عن طريق حرمان المحكوم عليه من حقه في التمتع بحريته إما نهائيا أو لأجل معلوم يحدده الحكم الصادر بالإدانة.
يأخذ القانون الجزائري بالعقوبات السالبة للحرية في أغلب الجرائم، وتتدرج مدة السجن من الجنايات إلى الجنح فالمخالفات، ونجد الحكم بالسجن المؤبد في المواد 54، 65، 83، 87.
أما السجن المؤقت فهو موضوع للجنايات أيضا، وللجنح التي توفرت على الظروف المشددة، وهو يتجاوز الخمس سنوات إلى عشرين سنة.
أما في الجنح فتكون مدة العقوبة السالبة للحرية من شهرين إلى خمس سنوات وفي المخالفات تكون العقوبة أقل من شهرين.

(1)منصور رحماني، الوجيز في القانون الجنائي العام، دار العلوم للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، سنة 2005، ص 233.

(1) بوسقيعة أحسن، الوجيز في القانون العام، دار هومة، الجزائر، 2003، ص220.
– العقوبات المالية : وهي إما أن تكون في شكل غرامة مالية أو مصادرة للأموال أو غلق المؤسسة.

1- الغرامة المالية : وهي مبلغ من المال يلزم به المحكوم عليه في الجنح والمخالفات وتعتبر من العقوبات الأصلية في مادة الجنح، وتتجاوز 2000 دج، كما تعتبر أيضا عقوبة أصلية في المخالفات إذا كانت أقل من 2000 دج، وتصل الغرامة المالية إلى 200.000 دج.

كما ورد في المادة 372/2، و378 ومليونين دج (المادة 119)، ولا يحكم بالغرامة منفردة وإنما يحكم بها مع عقوبة السجن أو الحبس وإذا حكم على عدة أشخاص في جريمة واحدة فإنهم يعتبرون متضامنين في الغرامة ورد الأشياء والمصاريف مع مراعاة ما نصت عليه المادة 310 و370 من قانون الإجراءات الجزائية، ولا يحكم بالغرامة المالية مضافة إلى عقوبتي الإعدام والسجن المؤبد.

2- المصادرة : عرفتها المادة 15 بالقول “المصادرة هي الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة حين تستولي السلطات العامة على أشياء ذات صلة بالجريمة قهرا عن صاحبها ودون مقابل، وهي من العقوبات التكميلية، وقد سبق الحديث فيها، وهذه هي المصادرة الخاصة والتي لا تكون إلا بحكم قضائي وهي جوازية في الجنايات إلا إذا ورد نص بإيجابها كما هو الشأن في المادة 263 الفقرة الأخيرة وفي جميع الحالات المنصوص عليها في هذه الفقرة يجب القضاء بمصادرة الأسلحة والأشياء والآلات التي استعملت في ارتكاب الجناية (القتل العمد) مع حفظ حقوق. أما في الجنح والمخالفات فلا يجوز الحكم بها إلا إذا نص القانون على ذلك.
أما المصادرة العامة فتصيب المحكوم عليه في كل أمواله أو في بعضها وقد تكون عديمة الصلة بالجريمة.

3- غلق المؤسسة : نصت عليها المادة 20 ضمن تدابير الأمن العينية إلى جانب مصادرة الأموال وهدف هذا الغلق هو منع المؤسسة المعنية من مواصلة النشاط سواء كان الغلق نهائيا أو مؤقتا، وعادة ما يكون الغلق راجعا إلى مخالفة القانون كأن تفتح مؤسسة بقارية بغير ترخيص، أو لكونها تؤدي إلى الجريمة حال استمرارها.
ويلحق بغلق المؤسسة والعقوبات المالية عموما حل الشخص الاعتباري وهي من العقوبات التكميلية.

د- العقوبات السالبة للحقوق : تنصب هذه العقوبات على بعض حقوق المحكوم عليه، حيث يمنع من ممارسة هذه الحقوق، وقد نصت على هذه العقوبات المادة 69 وتتعلق بتحديد الإقامة والمنع منها.

المبحث الثاني : تدابير الأمن في القانون الجزائري(1)

المطلب الأول : تدابير الأمن الشخصية

تنصب هذه التدابير على الشخص الجاني بخلاف التدابير العينية التي تنصب على ماله وهذه التدابير كما جاءت في المادة 19 كما يلي :

1- الحجر القضائي في مؤسسة نفسية : فالمحكوم عليه المضطرب أو المريض نفسيا والذي لمرضه النفسي علاقة بالجريمة المرتكبة أو أنه أصيب بهذا المرض النفسي بعد ارتكابه للجريمة فإنه يوضع في مؤسسة نفسية معدة لهذا الغرض ولا يجور أن يتم ذلك إلا بحكم قضائي بعد الخبرة الطبية ويعني ذلك أن المريض نفسيا إذا لم يرتكب جريمة ولم يمر أمام القضاء فلا سبيل في وضعه في هذه المؤسسة وبهذه الكيفية.

2- الوضع القضائي في مؤسسة علاجية : يخضع هذا التدبير أيضا إلى حكم القضاء ولا ينفذ إلا بناء على حكم أو قرار قضائي بوضع المحكوم عليه في مؤسسة علاجية وعادة ما تتناول هذه التدابير المجرمين المدمنين على الخمر والمخدرات والذين يرتكبون جرائم بسبب الإدمان ولا يمكنهم ترك الإدمان، فالقانون وضع لهم أسلوب للعلاج منه وقاية للمجتمع من إجرامهم فجاء بتدابير الوضع القضائي في مؤسسة علاجية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحجر القضائي في مؤسسة نفسية والوضع القضائي في مؤسسة علاجية ليس له مدة ثابتة بل تتغير وتختلف باختلاف أحوال المحكوم عليه.

المطلب الثاني : تدابير الأمن العينية

تنصب هذه التدابير كما أسلفنا على بعض أموال المحكوم عليه وحصرتها المادة 20 في تدبيرين هما : مصادرة الأموال وإغلاق المؤسسة. وقد سبق أيضا الحديث فيهما مع إضافة فقط أن المصادرة تتم في حالتين، الأولى عندما تكون الأشياء المضبوطة تشكل صناعتها أو استعمالها أو عملها أو حيازتها أو بيعها جريمة، والثانية عندما تكون الأشياء المصادرة قد استعملت في ارتكاب الجريمة أي أن حيازتها ليس جريمة وكذا بيعها أو صناعتها وإنما استمدت صفتها الإجرامية من الجريمة المقترفة فالحاسوب المستعمل في التزوير يمكن مصادرته والسيارة المستعملة في التهريب والسلاح المرخص المستعمل في القتل يمكن مصادرته أيضا.

الخــاتمــة :

ومن خلال كل ما قلناه سابقا، نستنتج بأن المشرع الجزائري حاول من خلال وضع هذه الجزاءات، القضاء على الجريمة بصفة نهائية ولكن الواقع ليس ذلك.

وخلاصة القول أن المشرع الجزائري لم يستطع القضاء على الإجرام بصورة كلية، وإنما تمكن من الحد منه.

المراجـــع

– منصور رحماني، الوجيز في القانون الجنائي العام، دار العلوم للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، سنة 2005.
– بوسقيعة أحسن، الوجيز في القانون العام، دار هومة، الجزائر، سنة 2003.
– عبد الله أوهايبية، شرح قانون العقوبات الجزائري، طبعة 06، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005.
– قانون العقوبات، وزارة العدل، الطبعة الرابعة، 2005.