مصادر تمويل
نظام التأمين الإجتماعى
– وعـاء التمويل (الأجـور)
– مصادر التمويل والمبادئ الدولية لمبررات ومدى مساهمتها
– توزيع نسب الاشتراكات بين مصادر التمويل فى مصر

إعــــداد
دكتور سامى نجيب
أستاذ ورئيس قسم الرياضة والتأمين
جامعة القاهرة فرع بنى سويف
خبير التأمين الاستشاري
كبير أخصائيين أول التأمينات الاجتماعية سابقا

فى الفترة من 13-15 أكتوبر 2002م

الموضوع الأول
وعاء التمويل (الأجور)

من أهم الموضوعات التى تهتم بها نظم التأمين الإجتماعى للعاملين تلك المتعلقة بتحديد مفهوم الأجر.. ذلك أن الأجر هو وعاء الإشتراكات .. وحيث ترتبط به المزايا التأمينية (كما هو الحال فى مصر) فإنه يعتبر أيضا أساس حساب المزايا التأمينية …

ومع أن النظام الحالى والمقرر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قد أخذ بمبدأ تناسب المزايا والإشتراكات مع الأجور فنظرا لإهتمامه بمعالجة مشاكل التطبيق العملى فقد عدل جزئيا عن الأخذ بفكرة الأجر الإجمالى التى كانت تأخذ بها تشريعات التأمينات الإجتماعية السابقة،حين كانت تعتد بمفهوم الأجر كما جاء بقانون العمل وبالمادتين 683 و684 من القانون المدنى والذى يشمل- كما إنتهت محكمة النقض – كل ما يدخل فى ذمة العامل من مال أيا كان نوعه ومهما كانت تسميته طالما كان مقابل العمل موضوع العقد.

وهكذا فإن القانون الحالى للتأمين الإجتماعى قد نص على مفهوم خاص للأجر يعمل به فى تطبيق أحكامه نزولا على إعتبارات عديده منها مشاكل التطبيق (حيث يلاحظ أن بعض تطبيقات عناصر الأجر وفقا لقانون العمل والقانون المدنى يرتهن بأمور وشروط تعتد بالوقـائع ويثور النزاع عادة حول مدى توافرها وحول تكييفها) ونزولا على إرتفاع نسب الإشتراكات.

ووفقا لهذا المفهوم الضيق للأجر التأمينى إستبعدت من عناصر الأجر فى تطبيق نظام التأمينات المصرى المزايا العينية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن (رغم كونها من عناصر الأجر وفقا لقانون العمل) وما يجاوز حدا أقصى معين وكذا المنح والمكافآت التشجيعية والأجور الإضافية غير الدورية وغيرها تلافيا لمشاكل التطبيق العملى.

ومع ذلك فقد توسع النظام فى هذا المفهوم الضيق للأجر التأمينى بصورة ملحوظة فى إبريل 1984 حيث ضم عناصر عديدة تحت مسمى الأجر المتغير وبدأت به مدة إشتراك جديدة يحسب عنها معاشا مستقلا سمى بمعاش الأجر المتغير .. وهكذا فإنه وفقا لقانون التأمين الإجتماعى الصادر بالقانون رقم79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم47 لسنة 84 فإنه يقصد بالأجر كل ما يحصل عليه المؤمن عليه من مقابل نقدى من جهة عمله الأصليه لقاء عمله الأصلى ويشمل :

1- الأجر الأساسى ويقصد به :
( أ ) الأجر المنصوص عليه فى الجداول المرفقة بنظم التوظيف بالنسبة للعاملين بالقطاعين الحكومى والعام .

(ب) الأجر المنصوص عليه بعقد العمل وما يطرأ عليه من علاوات مستبعدا منه العناصر التى تعتبر جزءا من الأجر المتغير بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص مع مراعاة ألا يقل هذا الأجر عن الحد الأدنى للأجر المنصوص عليه فى الجداول المشار إليها فى البند (أ) وألا يزيد على 3000 جنيه سنويا .
ويلاحظ هنا أنه إذا كان الأجر كله محسوبا بالإنتاج أو بالعمولة فيعتبر هذا الأجر أجرا أساسيا وذلك فى حدود الحد الأقصى المشار إليه والبالغ 3000 جنيه .

2- الأجر المتغير ويقصد به:
“باقى ما يحصل عليه المؤمن عليه وعلى الأخص الحوافز، العمولات، الوهبة، البدلات والأجور الإضافية، التعويض عن جهود غير عادية، إعانة غلاء المعيشة، العلاوات الإجتماعية، العلاوة الإجتماعية الإضافية، المنح الجماعية، المكافأة الجماعية، نصيب المؤمن عليه فى الأرباح، ما زاد عن الحد الأقصى للأجر الأساسى.

وقد أضيفت إلى العناصر السابقه إعتبارا من 1/7/1987 العلاوات الخاصة.
هذا وفى مجال تحديد العناصر المشار إليها وبيان قواعد حسابها صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 679 لسنة 1984 المعدل بالقرار رقم 1662 لسنة 1987 كما صدرت قرارات وزير التأمينات أرقام 75 لسنة 1984 و54 لسنة 1987 فضلا عن القرار الخاص بالوهبة الصادر برقم 154 لسنة 1977 والقرارات الخاصة بضم العلاوات الخاصة للأجر المتغير أو للأجر الأساسى.

هذا وللأجر المتغير حدا أقصى قدره العام حاليا 6000 جنيه ويشمل:
1- حوافز الإنتاج أو مكافأة زيادة الإنتاج التى تستحق وفقا لنظام صادر من الجهة المختصة (مجلس الإدارة بالنسبة إلى شركات القطاع العام) وبشرط شموله لجميع القواعد والأسس الموضوعية المتعلقة بكمية الإنتاج أو جودته أو معدلات الأداء التى يستحق على أساسها الحافز سواء بالنسبة للعامل أو مجموع العاملين.

2- العمولات بذات المفهوم المعمول به قبل 1/4/1984م.

3- جميع البدلات المستحقه للعاملين عدا:
– البدلات التى تصرف للمؤمن عليه مقابل ما يتكلفه من أعباء تقتضيها الوظيفة (عدا بدل التمثيل الذى يعتبر بالتالى من عناصر أجر الإشتراك منذ 1/7/1981) ومثالها بدل السفر وبدل الإنتقال وبدل حضور الجلسات.

– البدلات التى تصرف مقابل مزايا عينيه وفقا للمعمول به قبل 1/4/1984 ومثالها بدل السكن وبدل الملبس وبدل السيارة.

– البدلات التى تستحق نتيجة ندب المؤمن عليه داخل جهة العمل الأصلية أو خارجها بعض الوقت .
4- الوهبة التى جرى العرف على أدائها متى كانت هناك قواعد تسمح بضبطها.

5- العلاوات الخاصة المقــررة للعامليــن بالقطاعين الحكومى والعام إعتبارا من 1/7/1987م.
6- المنح الجماعية : ويقصد بذلك تلك المنصوص عليها فى لوائح العمل أو التى يقررها صاحب العمل لجميع العاملين.

7- المكافأة الجماعية: وفقا لذات مفهوم المنح الجماعية.
8- التعويض عن الجهود غير العادية إذا تطلب العمل ذلك بصفة دائمة سواء على مستوى العاملين ككل أو بعض القطاعات أو الأجهزة أو الفروع على النحو.
9- إعالة غلاء المعيشة وذلك بعكس الأمر قبل 1/4/1984.
10- العلاوة الإجتماعية.

11- العلاوة الإجتماعية الإضافية.

12- الأجور الإضافية إذا كانت حاجة العمل بالمنشأه تتطلب تشغيلا إضافيا بصفة دائمة بالإضافة إلى ساعات العمل الأصلية.

13- ما زاد على الحد الأقصى لأجر الإشتراك الأساسى وقد نص على ذلك صراحة القرار الوزارى رقم 54 لسنة 1987 .

14- نصيب المؤمن عليه فى الأرباح: ويقصد بذلك ما يحصلون عليه علاوة على أجرهم

… ولنا أن نلاحظ أخيرا وفى ضوء ما سبق إنه لا تعتبر من عناصر الأجر المتغير العناصر الآتية:

– المنح والمكافآت التشجيعية الفردية وتلك التى لا تنص عليها لوائح العمل ما لم تصرف لجميع العاملين أو مجموعه منهم .

– المنح والمكافآت التشجيعية التى لا يلتزم صاحب العمل بأدائها كمقابل للعمل ومثالها منحة عيد الأضحى والمدارس التى تقررها الدولة وتلك المماثلة لها والتى يقررها القطاع الخاص .

– المبالغ التى تصرف للعامل لمواجهة متطلبات الوظيفة أو العمل خارج البلاد.

– الأجور الإضافية والجهود غير العادية غير الدائمة.
– ما يصرف للعامل من بدلات لقاء الإنتداب بعض الوقت أو لقاء نفقات فعلية (عدا بدل التمثيل) أو لقاء مزايا عينية.

هذا وفى أول يونيو 1992 صدر القانون رقم 29 لسنة 1992 ليعمل به إعتبارا من 1/7/1992 متضمنا خطة لضم العلاوات الخاصة المقررة بالقوانين 101 لسنة 1987 و149 لسنة 1988 و123 لسنة 1989 و13 لسنة 1991 فضلا عن تلك المستحدثة بالقانون رقم 29 لسنة 1992 وذلك لأى من الأجور الأساسية (ولو تجاوز العامل بها نهاية ربط الدرجه والمربوط الثابت المقررة لوظيفة أو منصبة) على النحو التالى :

– العلاوة المقررة بالقانون101 لسنة 87 إعتبارا من أول يوليو سنة 92 .
– العلاوة المقررة بالقانون149 لسنة 88 إعتبارا من أول يوليو سنة 93 .
– العلاوة المقررة بالقانون123 لسنة 89 إعتيارا من أول يوليو سنة 94.
– العلاوة المقررة بالقانون13 لسنة 90 إعتبارا من أول يوليو سنة 95.
– العلاوة المقررة بالقانون 13 لسنة 91 إعتبارا من أول يوليو سنة 96 .
– العلاوة المقررة بالقانون82 لسنة 92 إعتبارا من أول يوليو سنة 97.

وفى ذات الإتجاه وإعتبارا من أول يوليو 1998 بدأ العمل بالقانون رقم 94 لسنة 1998 والذى نص على أن تضاف إلى أجر الإشتراك الأساسى العلاوات الخاصة المقررة بالقوانين 174 لسنة 93 و203 لسنة 94 و23 لسنة 95 و85 لسنة 96 و82 لسنة 97 و90 لسنة 98 وذلك إعتبارا من التواريخ المحددة بهذه القوانين وبالتالى رفع الحد الأقصى لأجر الإشتراك المشار إليه سنويا بقيمة العلاوة الخاصة المقرر إضافتها (بند2) وذلك بحد أقصى يساوى قيمة العلاوة منسوبة إليه (أى منسوبة إلى الحد الأقصى لأجر الإشتراك الأساسى والبالغ 3000 جنيه سنويا أى 250 جنيه شهريا).

ولا يترتب على الضم وفقا للفقرة السابقة حرمان العامل من الحصول على العلاوات الدورية.

الموضوع الثانى
مصادر التمويل Financing
(تمويل نظم التأمين الإجتماعى بإشتراكات)
والمبادئ الدولية لمبررات ومدى مساهمتها

تمهيد :
تتميز نظم التأمين الإجتماعى، عن غيرها من صور الضمان الإجتماعى ، بتمويلها بإشتراكات توزع بطريقه أو أخرى بين مصادر ثلاثة هى المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال والدولة.

ومع ذلك فقد ثار جدل طويل ومتشعب حول عدالة وحتمية ومدى مساهمة كل من تلك المصادر فى تمويل كل من أنواع التأمين الإجتماعى، ولا تكاد تخلو وجهات النظر المتعارضه من وجاهة وجدية بحيث يصعب الإجماع على أيها افضل من حيث التحليل النهائى .

وإذا كانت المسئولية عن وقوع الخطر المؤمن منه والمصالح التى تترتب على قيام التأمين تعتبر العوامل الرئيسية فى تحديد مصادر التمويل، فإن خبرة الدول المختلفة تعكس تأثر حجم مساهمة كل من هذه المصادر بالعوامل الفكرية والإقتصادية وبنشأة وطبيعة كل من أنواع التأمين الإجتماعى.

ونهتم فيما يلى بمحاولة إستخلاص العوامل التى تحدد مصادر الإشتراكات والتى تحكم توزيع نفقات التأمين بينها مع محاولة التعرف على العلاقات التى تربط بين كل من هذه العوامل، وذلك على ضوء المستفاد من تحليل الجدل الذى يثور حول كل من مصادر التمويل وما يعكسه من آثار ملموسه على المبادئ الدولية وخبرة الدول المختلفة.

ولا شك أن النجاح فى هذا المجال يتيح التوصل إلى حلول عاجلة وعادلة لكثير من المشاكل التى تواجه نظم التأمين الإجتماعى بمختلف دول العالم حول كيفية تحديد مصادر التمويل ومدى مساهمة كل منها .

وفى هذا الشأن فإن من أهم المشاكل التى تواجهنا فى مصر ما يدور حول كيفية تمويل أية نفقات إضافية مستقبليه لنظم التأمين الإجتماعى وما يتعلق بمشاكل تحديد مدى مساهمة ذوى الدخول المنخفضة وذلك فضلا عن تحديد مصادر تمويل مدد الإعارة خارج الجمهورية وما فى حكمها ومدد الوقف عن العمل بدون أجر.

مصادر الإشتراكات (المؤمن عليهم أصحاب الأعمال الدولة)
أشرنا فى التمهيد إلى أن هناك مصادر تقليدية ثلاث لتمويل مزايا نظام التأمين الإجتماعى : المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال والدولة، كما أشرنا إلى أن هناك جدلا طويلا ومتشعبا حول حتمية وعدالة مساهمة كل من هذه المصادر فى تحمل نفقات المزايا المشار إليها .

ولعل من المناسب أن نتناول بقدر من التفصيل أهم وجهات النظر المؤيدة والمعارضة لمساهمة كل من مصادر التمويل بإعتبار أن ذلك أمرا ضروريا لتفهم المبادئ والخبرة الدولية وإستخلاص العوامل التى تؤثر فى توزيع الإشتراكات (أو نفقات المزايا) بين مصادرها .

أولا : المؤمن عليهم : المبررات ووجهات النظر المعارضة
أثار تقرير الإشتراكات على المؤمن عليهم جدلا طويلا فتحمس له البعض وساق العديد من الأدله على عدالته وضرورته وعارضه البعض الآخر بحجج لا يمكن التقليل من شأنها وبيان ذلك فيما يلى :

1- مبررات إشتراكات المؤمن عليهم :
يقال فى هذا الشأن أن التأمين الإجتماعى قد حل – ولو إلى حد معين – محل الإدخار أو التأمين الخاص ولذا فإن إعتبارات العدالة تقتضى أن يوجه للمؤمن عليهم جزءا من الأموال التى كانت على المؤمن عليهم إدخارها أو أدائها كأقساط تأمين، فى حالة عدم قيام نظام التأمين الإجتماعى، إلى تمويل مزايا هذا النظام وذلك فى صورة إشتراكات.

وإذا ما ساهم المؤمن عليهم فى التمويل فإن المزايا التى يحصلون عليها تستمد حينئذ من حق قانونى ويكون لها مستوى محدد فلا ترتبط بمدى حاجتهم أو بظروف الميزانية العامة، ولولا ذلك لأصبحت نوعا من المساعدات أو الإحسان مما يتعارض مع إحترام العامل لذاته .

ومن ناحية أخرى فإن مساهمة المؤمن عليهم فى تمويل نظام التأمين الإجتماعى تمكنهم من الإصرار على المشاركة فى إدارة هذا النظام وهو مطلب عمالى.

ومن أهم مبررات إشتراكات المؤمن عليهم ما يرجع للإعتبارات التمويلية فنظام التأمين الإجتماعى نظام ضخم وأعباؤه المالية ثقيلة ولذا فإن القدر الذى يمكن أن يساهم به العمال ييسر إمكانية شمول مزايا هذا النظام لأخطار عديدة وسخاء مستوى هذه المزايا والشروط المؤهلة لها.

ومن بين مبررات مساهمة المؤمن عليهم ما يقال من أن هذه المساهمة تحد من حالات الغش أو التلاعب، إذ سيشعر هؤلاء بأن إنتشار هذه الحالات ينعكس على معدلات الإشتراكات فترتفع أو على مستويات المزايا فتنخفض ولذا فإنهم لن يتجنبوا فقط المطالبات الصورية بل سيكونون أكثر إستعدادا لإحكام الرقابة على الآخرين للحيلولة بينهم وبين أى تلاعب .

وينظر أحيانا إلى مساهمة المؤمن عليهم فى التمويل كعامل يؤدى إلى إعادة توزيع الدخول، فإذا ما تناسبت الإشتراكات التى يؤدونها مع الأجور وإختلف الأمر بالنسبة للمزايا – وهذا شائع على الأقل بالنسبة للمزايا العينية – فإننا نلمس تحولا فى الدخول بين ذوى الأجور المرتفعة والمتوسطة وذوى الأجور المنخفضة .

وأخيرا يشير البعض إلى أن مساهمة المؤمن عليهم يسيرة التحصيل إذ تقتطع من أجورهم وبالتالى لا تستلزم نفقات إدارية كبيرة لتحصيلها ولا مجال للتهرب منها .

2- وجهات النظر المعارضة لإشتراكات المؤمن عليهم:
يشير البعض فى هذا المجال إلى أنه لم يكن بمقدور العمال تدبير أية مدخرات أو إبرام عقود تأمين وذلك إما لإنخفاض مستويات أجورهم أو لعدم إنتشار الوعى التأمينيى بينهم، وفى رأيهم أن المجتمع ككل هو المستفيد أولا وأخيرا من قيام التأمين الإجتماعى وبالتالى فيجب عليه – ممثلا فى الدولة – تحمل نفقات المزايا بالكامل،

وفى رأيهم أيضا أنه ليس هناك محل للقول بالشعور بالمذلة عند الحصول على المزايا دون مساهمة فى تمويلها فكافة الخدمات التى تقدمها الدولة إنما تستمد من حقوق أصيله للمواطنين، وفى ذات الإتجاه يرون أن إرتباط الحق فى إدارة النظام بالمساهمة فى تمويله أمر يكذبه الواقع فالنظام الإنجليزى مثلا يشرك العمال فى التمويل دون الإدارة وعلى العكس من ذلك نظام الإعانات العائلية الفرنسى.

ويتمثل الإعتراض الرئيسى على مساهمة المؤمن عليهم فى التمويل فى إنخفاض مستويات الأجور، ومن هنا فإن على النظام الصناعى توفير وسائل المعيشة للعاملين فى فترات عدم القدرة على العمل كما يوفرها فى فترات العمل، وبهذا تشتق مصادر التمويل من العمل بطريق غير مباشر وتستند المزايا إلى حق قانونى ويكون للعمال الحق فى إدارة نظام التأمين، كما أن على الدولة تمويل كافة مزايا التأمين الإجتماعى تأسيسا على أن ثروتها العامة ما هى إلا حصيلة عمل كافة المواطنين، وإعمالا لحق كل شخص فى حياة كريمة ولمبدأ التضامن الإجتماعى فى صورته العريضة.

ومن الناحية الضريبية فإن إشتراكات المؤمن عليهم قد يكون لها إتجاه رجعى خاصة إذا ما حددت بمبالغ موحدة ويكون لها بالتالى أثر إجتماعى غير مرغوب فيه وذلك بعكس الضرائب التقدمية.

وهناك من يرى أن إشتراكات المؤمن عليهم قد تحد من سيولة العمل وتؤثر على الأجور، إذ من المحتمل حينئذ إتجاه العمال- وأصحاب الأعمال – للإنتقال إلى المناطق التى يمتد أو لا يمتد إليها نظام التأمين .

ويعتبر البعض أن مساهمة المؤمن عليهم أمر مستعار من التأمين التجارى ، وإن كان ذلك ضروريا وأصليا فى ذلك التأمين فيجب عدم إعتباره كذلك بالنسبة للتأمين الإجتماعى الذى يهتم أساسا بحماية العمال ولا يهدف للربح .

وهناك من يرى أنه رغم أهمية مساهمة المؤمن عليهم من حيث تثبيت وتقوية المركز المالى للنظام فإن لها آثار إقتصادية ضارة إذ أنها تؤثر على مستويات معيشتهم وعلى قدرتهم الشرائية فينخفض الطلب على كثير من السلع والخدمات ويتأثر بالتالى الإنتاج والتشغيل .

ثانيا : أصحاب الأعمال : المبررات مدى المساهمة
تكاد تكون مساهمة أصحاب الأعمال فى التمويل مرغوبا فيها فى مختلف الدول ولا تثير ذلك الجدل الطويل والمتشعب الذى أثارته مساهمة المؤمن عليهم وهكذا تدور وجهات النظر فى هذا المجال حول مبررات إشتراكات أصحاب الأعمال ومدى هذه الإشتراكات وبيان ذلك فيما يلى :

1- مبررات إعتبار أصحاب الأعمال مصدرا للتمويل :
يقال فى هذا الشأن أن التأمين الإجتماعى تؤدى لرفع المستوى الصحى للعاملين وزيادة إنتاجيتهم وفاعليتهم وهو الأمر الذى يعود بالفائدة على أصحاب الأعمال وعلى ذلك فإن إشتراكاتهم تقابل المصالح التى تعود عليهم .
ومن ناحية أخرى يشير البعض لمسئولية النظام الصناعى عن معظم الأخطار التى يتعرض لها العاملون ولذا يتعين أن يتحملوا – كفئة وليس كأفراد – جزءا من تكلفة مختلف مزايا التأمين الإجتماعى وهكذا فإن من غير المستساغ أن يخصص صاحب العمل إعتمادات سنوية لصيانة الآلات والمعدات ولا يكون عماله – وقيمتهم أسمى- جديرون بصيانة وحماية مماثلة .
وهذا من ناحية أخرى فإن مساهمة أصحاب الأعمال تعتبر مقابلا لمساهمة العمال بمعنى أن العمال لن يتقبلوا مساهمتهم إن لم يلتزم أصحاب الأعمال – كندا لهم – بالمساهمة أيضا .

وفضلا عن ذلك فإن مساهمة أصحاب الأعمال تبرر بحقهم فى الإشتراك الفعلى فى إدارة النظام ذلك الحق الذى إكتسبوه ، منذ نشأة التأمينات الإجتماعية فى المانيا ، كمقابل لهذه المساهمة .

وأخيرا فإن مساهمة أصحاب الأعمال تساعد على إدراك بعض مزايا إشتراكات المؤمن عليهم فمساهمتهم فى التمويل – وعادة ما تكون كبيرة – تؤدى لإستقرار المركز المالى لنظام التأمين وعدم ربط المزايا التى يحصل عليها العمال بإختبارات لقياس درجة حاجتهم .

ولا شك أن مساهمة أصحاب الأعمال دورا فى توزيع أفضل للدخول بين فئات الشعب، وإن كان التحليل النهائى لهذا الأثر يرتبط بالتعرف على أولئك الذين يتحملون فى النهاية عبء هذه الإشتراكات إذ يحاول أصحاب الأعمال نقل عبء مساهمتهم إلى المستهلكين – وهم جميع أفراد المجتمع فى الغالب – فإذا ما أمكنهم ذلك فإن أثر إعادة توزيع الدخول يرتبط بمجال التأمين ، فإن إقتصر على ذوى الدخول المنخفضة والمتوسطة فإن إعادة التوزيع تحقق غرضها الإجتماعى .

2- مدى مساهمة أصحاب الأعمال :
يرى البعض أن إشتراكات أصحاب الأعمال تعتبر فى حقيقة الأمر بمثابة ضريبة تفرض على أصحاب الأعمال دون مراعاة ربحية مشروعاتهم وقد تؤدى بالتالى إلى إنخفاض العمالة ومن هنا يجب ألا يكونوا المصدر الوحيد لتمويل المزايا ما لم يكن إقتصاد الدولة ذا بنيان لا تلعب فيه درجة ربحيه المشروعات الفردية دورا أساسيا.

وهناك من يرى أن عبء هذه المساهمة – خاصة إذا ما كانت كبيرة – قد يحول دون إنشاء المشروعات الجديدة أو إتساع المشروعات القائمة وتحسين وسائل وأدوات الانتاج بل قد يؤدى الى توقف بعض المشروعات وهو ما يضر بالتقدم الاقتصادى .

ثالثا : المساهمة العامة :
1- مبررات المساهمة العامة :
لا تثير المساهمة العامة إعتراض جدى بين المهتمين بتوزيع نفقات نظم التأمين الإجتماعى، وإن كان من المرغوب فيه عدم الإعتماد على الدولة إعتمادا كليا أو شبه كلى فى تمويل هذا النظام .

وبيان ذلك أنه فضلا عن الضرورة التمويلية للمساهمة العامة فانها تبرر أيضا بمسئولية الدولة (أو المجتمع ككل) عن تحقيق أهداف نظام التأمين الإجتماعى وبالفوائد التى تعود عليها من قيام هذا النظام.

وهناك إتفاق على أهمية وعدالة المساهمة العامة فى نظام التأمين الإجتماعى وتمويل نفقاته خاصة من حيث توفير معاشات مناسبة لمن أشرفوا على السن المعاشى فى المراحل الأولى لتطبيق نظم المعاشات وفى إعداد وتجهيز المستشفيات والعيادات والمصحات والمراكز الطبية اللازمة لتطبيق التأمين الصحى وفى ملاءمة المعاشات مع التغير فى نفقات أو مستويات المعيشة خاصة اذا ما نشأ ذلك عن إصدار جديد أو موجه من التضخم .
ومن ناحية أخرى فإن مساهمة الدولة تبرر بالعديد من الإعتبارات التى تنبع من مسئوليتها عن تحقيق أهداف نظم التأمين الإجتماعى وبالفوائد العديدة التى تعود عليها من قيامها وإستمرارها وذلك باعتبار أن الدولة الحديثة تستهدف تأكيد السلام الإجتماعى وتحقيق رفاهية أفراد المجتمع وضمان رقى مستواهم الصحى والمعيشى.

ومن هنا إنتهى المهتمون بتمويل التأمين الإجتماعى إلى أهمية وعدالة المساهمة العامة فى تمويل مزايا الوفاة المبكرة والعجز المبكر وتمويل المعاشات الأساسية ومزايا ذوى الدخول المنخفضة.

ولنا أن نشير فى النهاية إلى أن هناك كثيرا من مجالات العمل المشتركة بين الدولة ونظم التأمين الإجتماعى مما يعنى أن قيام هذه النظم وإستمرارها يخفف من أعباء الدولة ، وفضلا عن ذلك فان الآثار الإقتصادية المرغوب فيها للنظم المشار اليها لا يمكن إنكارها سواء من حيث تحقيق التوازن بين العرض والطلب أو من حيث توجيه إحتياطيات ضخمة للإستثمارات العامة والخاصة.

2- مدى المساهمة العامة:
رغم تعدد مبررات المساهمة العامة فإنها يجب ألا يعتمد عليها إعتمادا كليا حتى يظل للتأمين الإجتماعى طابعه التمويلى المميز وحتى لا تقترب مزاياه من نظم المساعدات والإعانات الإجتماعية.

ومن ناحية أخرى فإن مدى المساهمة العامة يرتبط بالقدرة الإقتصادية للدولة أى لمواردها العامة.

المبادئ الدولية والخبرة الأجنبية فى مجال توزيع النفقات بين مصادر التمويل:

يتضح من إستعراضنا لوجهات النظر المختلفة فى مجال تحديد مصادر الإشتراكات أنه من الصعب الإجماع على إمكان الإعتماد على أى من مصادر التمويل الثلاثة بمفردها .

ولقد كانت وجهات النظر المتعارضة وراء الإتفاقيات والتوصيات الصادرة عن مؤتمرات العمل الدولية والتى تشكل المبادئ الدولية فى مجال تحديد مصادر التمويل وتوزيع أعباء التأمين الإجتماعى بينها.

وإنعكس ذلك كله علىخبرة الدول المختلفة فىهذا الشأن فتبين لها أن خير وسيلة لتمويل مزايا التأمين الإجتماعى- فيما عدا تأمين إصابات العمل – هى تلك التى تعتمد على تحقيق مزيج من مصادر التمويل الثلاثة بالطريقة التى تتفق مع المبادئ الدولية ومع الظروف المحلية.

وهكذا نتناول المبادئ الدولية وخبرة الدولة المختلفة فى مجال تحديد مصادر الإشتراكات وتوزيع نفقات التأمين بينها وفقا لما يلى:

المبادئ الدولية :
يقصد بالمبادئ الدولية تلك التى تضمنتها الإتفاقيات والتوصيات الصادرة عن مؤتمرات العمل الدولية ونبين فيما يلى المبادئ الدولية المستخلصة من هذه الإتفاقيات والتوصيات :

* فى مجال تحديد مصادر كل من أنواع التأمين الإجتماعى:
1- بالنسبة لتأمين إصابات العمل وأمراض المهنة :
يستفاد من جميع الإتفاقيات والتوصيات التى أشارت لتمويل هذا التأمين أنه لا يجوز أن يرتبط إستحقاق مزاياه بأداء أية إشتراكات من المؤمن عليهم بل يتحمل صاحب العمل إجمالى التكاليف.

2- بالنسبة لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة :
القاعدة فى هذا الشأن أن الموارد تتكون من إشتراكات يؤديها المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال -بشرط ألا يجاوز إشتراك المؤمن عليه إشتراك صاحب العمل – وأن على الدولة أن تساهم ماليا فى التمويل.

3- بالنسبة للتأمين الصحى والأمومة :
المبدأ أن تتكون الموارد المالية من إشتراكات يؤديها المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال فضلا عن مساهمة عامة من الدولة .

وقد إهتمت إحدى التوصيات بالإستقرار المالى لهذا التأمين فأوصت بمراعاة تخصيص إحتياطيات مناسبة لمواجهة التقلبات العكسية.

4- بالنسبة لتأمين البطالة :
يستفاد من التوصية رقم (1) مساهمة الدولة فى تمويل هذا التأمين، أما التوصـية رقـم (44) فقد إهتمت بفحص الحالة المالية للتأمين دوريا لضمان توازن إيراداته ونفقاته وقدرته على مواجهة التغيرات الطارئة فى معدلات البطالة .

* فى مجال توزيع نفقات التأمين بين مصادر التمويل بوجه عام :
حددت المبدأ العام فى هذا الشأن المادة 26من التوصية رقم (67) وذلك فى العبارة التالية :

“توزيع الأعباء المالية للمزايا -بما فى ذلك النفقات الإدارية- بين المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال ودافعى الضرائب بشروط عادلة وبحيث لا يتحمل المؤمن عليهم ذوى الدخل المتواضع أية أعباء مرهقة وأن لا يحدث إضطراب للإنتاج”.

ولقد رددت هذا المبدأ الإتفاقية رقم (12) فى العبارة التالية : “يجب تمويل مزايا التأمين الإجتماعى والمصاريف الإدارية جماعيا عن طريق الإشتراكات أو الضرائب أو كليهما بأسلوب لا يرهق ذوى الدخـل المحـدود ومع مراعاة الحالة الإقتصادية للدولة وللأشخاص الذين يشملهم التأمين”.

* فى مجال إشتراكات المؤمن عليهم بوجه عام :
وفقا للتوصية رقم 43 فانه لا يجوز أن يجاوز إشتراك المؤمن عليه إشتراك صاحب العمل .

ووفقا للإتفاقية رقم 102 بشأن المستويات الدنيا فانه لا يجب أن تتجاوز إشتراكات المؤمن عليهم العاملون50% من إجمالى نفقات المزايا التى تقرر لهم ولأسرهم مخصوما منها نفقات تأمين إصابات العمل .

* فى مجال ذوى الأجور المنخفضة :
إهتمت توصيات ضمان الدخل (التوصية 67) وإتفاقية المستويات الدنيا (الإتفاقية 102) بالنص على عدم إرهاق المؤمن عليهم .

وجاء بمقترحات تطبيق توصية ضمان الدخل أن على أصحاب الأعمال المساهمة بما لا يقل عن نصف نفقات المزايا المستحقة للعاملين -باستثناء نفقات إصابات العمل-خاصة بالنسبة لذوى الأجور المنخفضة.

وقد إهتمت بذلك أيضا إتفاقيات وتوصيات التأمين الصحى إذ قررت:

1- فى حالة مساهمة المؤمن عليهم فى نفقات الرعاية الطبية يجب ألا يشكل ذلك عبئا يضعف أثر هذه الرعاية .

2- يجب ألا تصل إشتراكات المؤمن عليهم الى المدى الذى يسبب لهم إرهاقا وضيقا .

3- على أصحاب الأعمال أداء إشتراكات المؤمن عليهم الذين لا تجاوز دخولهم الحد الأدنى للمعيشة .

كما إهتمت بذلك أيضا توصيات وإتفاقيات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إذ نصت على أنه :
1- يجوز إعفاء ذوى الأجور المنخفضة من الإشتراكات .
2- يتحمل صاحب العمل إشتراكات الصبية الذين لا تجاوز أجورهم قدرا معينا أو معظمها .

* فى مجال تمويل فترات التجنيد والخدمة العسكرية بوجه عام :
إهتمت التوصيات الدولية بمعالجة الإشتراكات المستحقة عن فترات التجنيد .
فقبل الحرب العالمية الثانية نصت توصية الشيخوخة والعجز والوفاة لسنة 1933 (التوصية رقم 43) على التزام الدولة بتحمل الإشتراكات المستحقة عن فترات التجنيد الإجبارى بالنسبة لمن تم التأمين عليهم قبل التجنيد .

وعلى أثر إنتهاء الحرب العالمية الثانية حظيت مدد الخدمة العسكرية والفترات المتعلقة بالخدمات العسكرية بتوصية خاصة يستفاد منها التزام الدولة بالأعباء المالية الناتجة عن تقرير المزايا التأمينية التالية للمسرحين من القوات المسلحة :

1- مزايا تأمين البطالة كما لو كانت قد سددت عنهم إشتراكات هذا التأمين طوال مدة التجنيد.

2- إحتساب مدة الخدمة العسكرية ضمن مدة الإشتراك فى تأمين الشيخوخة أو العجز أو الوفاة.

3- مزايا التأمين الصحى فى الفترة بين التسريح وإستئناف الحياة المدنية .
وقد أجيز إستقطاع جزء من الإشتراكات المستحقة لتأمين الشيخوخة من دخول العاملين أثناء الخدمة بشرط ألا تقل هذه الدخول عن مستوى الأجور السائد فى الصناعة .

وكما أشارت التوصية إلى عدم تحمل الدولة بأعباء تمويل تأمين الشيخوخة وتأمين المرض والأمومة فى الحالات التى يحصل فيها العامل – بمقتضى القوانين المعمول بها – على أجره أو على معظمه طوال فترة التجنيد إذ يلتزم العامل حينئذ بأداء الإشتراكات المستحقة عليه .

* فى مجال تحديد أوجه مساهمة الدولة :
1- تتحمل الدولة مسئولية عامة فيما يختص بتقديم مزايا التأمين الإجتماعى ولذا يتعين عليها إجراء الدراسات الإكتوارية اللازمة بشكل دورى وقبل تقرير أى تعديل فى المزايا أو معدلات الإشتراكات وذلك للتحقق من التوازن المالى لنظام التأمين .

2- تلتزم الدولة بنفقات الرعاية الطبية التى تجاوز الإشتراكات.

3- تتحمل الدولة الأعباء المالية التى لا يمكن تغطيتها عن طريق الإشتراكات ومن بينها:

– العجز فى الإشتراكات نتيجة لإمتداد التأمين للمتقدمين فى الأعمار ، ويجوز أن تقتصر مساهمة الدولة فى تمويل تأمين الشيخوخة والعجز والوفاه على تمويل المزايا المقررة للمواطنين وورثتهم الذين تجاوز أعمارهم حدا معينا فى تاريخ سريان التأمين الإجبارى .

– الأعباء المترتبة على توفير حد أدنى من المزايا فى حالات العجز والوفاة والمرض والأمومة .

– أعباء إستمرار أداء مزايا تأمين البطالة لفترة طويلة .
– الإعانات اللازمة لتأمين العاملين لدى أنفسهم ذوى الدخل المتواضع.

خبرة الدول المختلفة :
أولا : فى مجال تحديد مصادر الإشتراكات :
يستفاد من خبرة الدول المختلفة فى مجال تحديد مصادر الإشتراكات، أن الطريقة السائدة لذلك تتمثل بالنسبة لمختلف أنواع التأمين الإجتماعى – فيما عدا تأمين إصابات العمل – فيما يعرف بالتمويل المشترك الثنائى أو الثلاثى .

ويتمثل النظام الثنائى للإشتراكات bipartite System فى توزيع الإشتراكات بين مصدرين : العمال وأصحاب الأعمال أو العمال والدولة أو أصحاب الأعمال والدولة .

أما النظام الثلاثى للإشتراكاتTripartite System فيعنى تمويل نفقات المزايا من مختلف مصادر الإشتراكات .

ثانيا : فى مجال تمويل كل من أنواع التأمين الإجتماعى :
تشير خبرة الدول المختلفة فى مجال توزيع نفقات نظم التأمين الإجتماعى بين مصادر تمويلها إلى أن المساهمة العامة تعتبر أحد هذه المصادر بالغالبية العظمى من تلك النظم بمختلف دول العالم وبالنسبة لمختلف أنواع التأمين الإجتماعى، عدا تأمين إصابات العمل، وذلك إلى جانب إشتراكات العمال وأصحاب الأعمال، مع إرتباط ذلك بمدى تقدم الدولة الإقتصادى وبالأيدولوجية السائدة على النحو التالى :

1- بالنسبة إلى تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة :
تساهم الدولة فى تمويل نفقات هذا التأمين إلى جانب المـؤمن عليهم أو أصحاب الأعمال أو كليهما (هذا هو الغالب) وذلك فى أغلب دول العالم.

ويلاحظ فى هذا الشأن إرتباط المساهمة العامة بدرجة تقـدم الدولة وبأيدولوجيتها إذ توجد فى 90% من الدول المتقـدمة وفى جميع نظم دول المعسكر الإشتراكى السابق، أما فى الدول النامية فلا تتجاوز نسبة النظم التى تساهم فيها الدولة نصف النظم القائمة بهــذه الدول وتتضاءل نسبتها فى الدول الأقل نموا إلى حوالى الخمس .

2- بالنسبة إلى التأمين الصحى (تأمين المرض والأمومة):
تساهم الدولة فى تمويل نفقات هذا التأمين إلى جانب المؤمن عليهم أو أصحاب الأعمال أو كليهما (وهذا هـو الغالب) وذلك فى حوالى ثلثى نظم التأمين القائمـة فى مختلف دول العالم وهى نسبة أعلى من مثيلتها الخاصة بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة .

وشأن الملاحظ بالنسبة لتأمين الشيخوخة والعجز والوفـاة، بل وبصورة أوضح، فان إنتشار المساهمة العامة فى تمويل التأمين الصحى يرتبط بأيدولوجية الدولة ومدى تقدمها الإقتصادى.

هذا ولنا أن نشير إلى إنتشار النظم التى تقتصر على توفيـر مزايا الأمومة بالعديد من الدول النامية والأقل نموا حيث يعتمـد التمويل عندئذ على أصحاب الأعمال بمفردهم .

3- بالنسبة إلى تأمين إصابات العمل :
يكاد يقتصر تمويل تأمين إصابات العمل على أصحاب الأعمال بمفردهم أما ما يبدو من مساهمة الدولة أو المؤمن عليهم فى تمويل التأمين المشار اليه فى بعض الدول فيرجع فى بعض أسبابه إلى إمتداد التأمين إلى غير فئات العاملين لدى الغير وإمتداد مزاياه إلى غير حوادث العمل وفى أسباب أخرى إلى قيام الدولة بالعلاج من خلال برامج الصحة القومية أو إلى إتباع أسلوب الإشتراك المتحد الذى يمول كل أو بعض أنواع التأمين الإجتماعى القائمة

والذى يرجح فى ظله شمول نصيب صاحب العمل لقسط تأمين إصابات العمل، ففى كل من روسيا ورومانيا يختلف الإشتراك المتحد وفقا للصناعة، وفى بولندا يختلف فى المشروعات المؤممة وفى المشروعات الزراعية عنه فى غيرها، وفى ألمانيا الشرقية ينص صراحة على تحمل صاحب العمل لنسبة إضافية وفقا لدرجة الخطر فى الصناعة وذلك لتمويل إصابات العمل، وفى فنزويلا يختلف الإشتراك المتحد وفقا للصناعة .

4- بالنسبة إلى تأمين البطالة :

لا ينتشر هذا التأمين إلا فى الدول المتقدمة فلا يوجد إلا فى عدد محدود من الدول النامية، وحيث يوجد هذا التأمين فإن الدولة تساهم فى تمويل 75% من نظمه (21 نظاما من 28 نظام ) وهى نسبة مرتفعة عن مثيلتها الخاصة بنظم كل من تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة والتأمين الصحى بما يتفق مع الإعتقاد السائد بمسئولية الدولة عن حالات التعطل باعتبار أن للبطالة أسبابا عامة لا يمكن أن يكون المسئول عنها صاحب العمل بمفرده أو العامل بمفرده أو كليهما .

ثالثا : فى إستخلاص صور المساهمة العامة :
جاءت الخبرة العملية متفقة مع المبادئ الدولية فى تقرير ضرورة المساهمة العامة كأحد مصادر تمويل نفقات أغلب أنواع التأمين الإجتماعى مع إرتباط مدى هذه المساهمة بنشأة وطبيعة هذه التأمينات من ناحية وبأيدولوجية الدولة وتقدمها الإقتصادى من ناحية أخرى.

وأكدت إتفاقيات وتوصيات مؤتمرات العمل الدولية المسئولية العامة للدولة فى مجال ضمان الوفاء بمزايا التأمين الإجتماعى فضلا عن المساهمة فى تمويل نفقاتها إلى المدى الذى يتفق مع غنى الدولة وإعتبارات العدالة ، وإهتمت بعض الإتفاقيات والتوصيات ببيان أهمية تحمل الدولة لبعض نفقات العلاج والرعاية الطبية فى حالات المرض مع قيامها بتمويل فترات التجنيد الإلزامى وتغطية العجز فى الإشتراكات الناتج عن إمتداد تأمين الشيخوخة والعجز والوفاه لذوى الأعمار المتقدمة وكذا تحمل الأعباء المترتبة على توفير حدا أدنى لمزايا العجز والوفاة وأعباء إستمرار أداء مزايا تأمين البطالة لفترة طويلة .

وقد تتمثل المساهمة العامة فى القروض والإعانات السنوية أو فى تحمل النفقات الإدارية أو جزء من إجمالى نفقات التأمين أو نفقات بعض صور المزايا أو جزء منها أو فى نسبة من إجمالى الموارد أو الإشتراكات أو الأجور أو فى حصيلة ضريبة أو ضرائب معينة أو جزء منها ، وقد تتمثل فى ضمان تغطية العجز فى الموارد عن النفقات أو ضمان الحد الأدنى لعائد إستثمار الإحتياطيات .

وعادة ما تهتم المساهمة العامة بملاءمة المعاشات وحدودها الدنيا وبالعجز فى نفقات التأمين نتيجة لإمتداده لذوى الأعمار المتقدمة ولذوى الأجور المنخفضة فضلا عن نفقات العلاج والرعاية الطبية للتأمين الصحى خاصة بالنسبة لذوى المعاشات ولبعض الأمراض .

العوامل التى تؤثر فى إشتراكات كل من مصادر التمويل:
إذا ماإستعدنا فىأذهاننا وجهات النظر التىتدور حول عدالة ومدى مساهمة كل من مصادر تمويل نظم التأمين الإجتماعى والمبادئ الدولية وخبرة الدول المختلفة فى مجال توزيع الإشتراكات بين مصادر التمويل، أمكننا إستخلاص العوامل التى تتحكم فى توزيع نفقات التأمين الإجتماعى بين مصادر التمويل المختلفة والعلاقات التى تربط فيما بينها مما يساهم فى تحديد المبدأ أو الإطار العام الذى يجب أن يحكم توزيع الإشتراكات .
ونوضح تلك العوامل فيما يلى :

أولا : عوامل إقتصادية :
وهذه هى أهم العوامل التى تؤثر فى تحديد مدى مساهمة كل من مصادر التمويل ويمكننا فى هذا المجال تحديد العلاقات التالية :

1- كلما زاد غنى الدولة وتقدمها الإقتصادى كلما زاد دور المساهمة العامة وإرتفعت نسبة مساهمة المؤمن عليهم .

2- كلما زادت ربحية المشروعات كلما زادت إمكانية مساهمة أصحاب الأعمال .

3- كلما إرتفع مستوى الأجور كلما إرتفعت مساهمة العاملين .

4- كلما تقاربت مستويات الدخول وإرتفعت مستويات المعيشة كلما تناقصت أهمية المساهمة العامة ومساهمة أصحاب الأعمال .

5- كلما إحتاج البناء الإقتصادى لتنمية وتجميع المدخرات كلما إتضحت أهمية مساهمة المؤمن عليهم وأصحاب المشروعات الخاصة .

6- كلما تعددت المزايا وإتسع مجالها كلما ظهرت مجالات عمل مشتركة مع الدولة وأصبح من اليسيرتبرير رفع مستوى المساهمة العامة.

7- كلما أدت المزايا إلى رفع المستوى الصحى وزيادة الإنتاجية كلما كان من المنطقى تبرير مساهمة أصحاب الأعمال ورفع مستواها .

ثانيا : عوامل أيدولوجية :
وهذه لا تقل شأنا عن العوامل الإقتصادية، ويمكن فى هذا الشأن تحديد العلاقات التالية :
1- كلما ساد الإعتقاد بمسئولية المجتمع عن رفاهية أعضائه ورفع مستوى معيشتهم وأصبح ينظر إلى الدولة كمسئولة عن السلام الإجتماعى وضمان ورقى المستوى الصحى كلما زاد دور المساهمة العامة (خاصة بالنسبة للتأمين الصحى) وكلما إنخفضت مساهمة المؤمن عليهم .

2- كلما إهتمت الدولة برفع الحد الأدنى للمعيشة وحماية ذوى الدخول المحدودة كلما وضحت أهمية مساهمتها فى تمويل نفقات مزايا هؤلاء .

3- كلما كانت الدولة مسئولة عن توقف النشاط (كما فى التجنيد) كلما أمكن تبرير المساهمة العامة .

4- كلما سادت أهمية النظر للمزايا كحق كلما زادت أهمية مساهمة المؤمن عليهم .

ثالثا : عوامل تمويلية وإدارية :
1- كلما كانت الحاجة ماسة لضم مدد الخدمة السابقة وملاءمة المعاشات كلما زادت أهمية المساهمة العامة .

2- كلما كان من المرغوب فيه رفع مستوى المزايا كلما زادت أهمية مساهمة الدولة وأصحاب الأعمال .

3- كلما زادت نسبة المساهمة العامة فى الدول المتقدمة كلما إنخفضت نسبة مساهمة أصحاب الأعمال .

4- كلما زادت الحاجة لحماية النظام من حالات الغش كلما إتضحت أهمية مساهمة المؤمن عليهم .

5- كلما كان من المرغوب فيه مساهمة العمال وأصحاب الأعمال فى الإدارة كلما أمكن تبرير مساهمتهم فى تحمل نفقات التأمين .

رابعا : عوامل تاريخية :
1- كلما أعتبر النظام الصناعى مسئولا عن تحقق الخطر المؤمن منه (كما فى إصابات العمل) كلما كان من الضرورى مساهمة أصحاب الأعمال.

2- كلما حلت نظم التأمينات محل نظم الإدخار أو التأمين الخاص كلما أمكن تبرير مساهمة المؤمن عليهم .

3- كلما تعمقت الأيدولوجية والإشتراكية وساءت الإعتبارات الإجتماعية كلما تزايد الإهتمام بمدى مساهمة الدولة تأسيسا على مسئوليتها عن توفير الحدود الدنيا لمستويات المعيشة لمواطنيها فضلا عن العلاج والرعاية الطبية وتعويضات التعطل حيث يوجد تأمين للبطالة.

الموضوع الثالث
توزيع نسب الإشتراكات
بين مصادر التمويل فى مصر

إشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة:
تزايدت نسب إشتراكات هذا التأمين، سواء فى ذلك تلك التى يتحملها العمال أو أصحاب الأعمال، مع التطور المستمر والمتلاحق فى مزاياه

ومن هنا حـددت الإشتراكات الشهرية لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاه فى الفترة من 1/4/1956 وحتى 31/12/1961 بواقع 12.1% من الأجور الشهرية للعاملين توزع بين العمال وأصحاب الأعمال بحيث يقتطع من أجور العمال 5% منها كإدخار ويتحمل صاحب العمل نسبة مماثلة تحت حساب مكافأة نهاية الخدمة كما يتحمل 2% من الأجور الشهرية لحساب تأمين العجز والوفاه وذلك فضلا عن 0.1% من الأجور الشهرية لمواجهة الخسائر التى قد تتعرض لها الهيئة (مؤسسة التأمين والإدخار وقتئذ) نتيجة لعدم تمكنها من تحصيل مكافآت نهاية الخدمة وفروقها لإفلاس أصحاب الأعمال وما شابه ذلك.

وفى الفترة من 1/1/1962 وحتى 31/3/1964 حيث إستحدثت معاشات الشيخوخة وأدمج بالتالى تأمين الشيخوخة مع تأمين العجز والوفاه فى تأمين واحد يتم تمويله بإشتراكات حددت بواقع 21.1% من الأجور الشهرية للعاملين توزع بين العمال وأصحاب الأعمال بنسبة1: 2 حيث يقتطع من أجور العمال 7% منها شهريا ويتحمل الباقى أصحاب الأعمال .

وفى الفترة من 1/4/1964 وحتى 30/9/1971 (فترة العمل بالقانون رقم 63 لسنة 1964، قبل تعديله بالقانون رقم 63 لسنة 1971) إستحدث التأمين الإضافى ضد العجز والوفاه (ليوفر تعويضا نقديا للعمال والمستحقين عنهم يؤدى إلى جانب المعاش ويتناسب عكسيا مع السن مراعاة للعجز والوفاه فى سن مبكرة حيث يكون الأجر وبالتالى المعاش منخفض نسبيا) رفعت حصة العامل من الإشتراكات إلى 8% من أجره الشهرى بدلا من 7% منه وفى ذات الوقت رؤى إلغاء نسبة الـ0.1% من الأجور التى كان يتحملها أصحاب الأعمال مع تقرير إستحقاق مكافآت نهاية الخدمة وفروقها فى أول الشهر التالى لإنتهاء الخدمة.

وهكذا أصبحت إشتراكات التأمين فى هذه الفترة 22% من الأجور توزع بين العمال وأصحاب الأعمال بنسبة 4 : 7 (8% العامل، 14% صاحب العمل).

وقد رفعت حصـة صاحـب العمل فى الإشتراكات إلى 15% من الأجور إعتبارا من 1/10/1971 وحتى 31/12/1971 نتيجة للتعديل الذى أدخل على القانون رقم 63 لسنة 64 والذى أدى، فيما أدى اليه، إلى رفع معدل حساب كل من سنوات الإشتراكات فى تأمين الشيخوخة إلى 1/45 بدلا من 1/50 وكل من السنوات السابقة على الإشتراكات إلى 1/75 بدلا من 1%.

وفى الفترة من 1/1/1972 وحتى 31/8/1975 رفعت حصة صاحب العمل فى الإشتراكات إلى 9% من الأجور إتفاقا مع ما جاء بالبند السابق وبذلك أصبحت إشتراكات التأمين التى يتحملها العمال وأصحاب الأعمال، 24% من الأجور الشهرية.
وإتفاقا مع السخاء الملحوظ فى مستوى وهيكل مزايا تأمين الشيخوخة والعجز والوفاه والذى تضمنته أحكام قانون التأمين الإجتماعى رقم 79 لسنة 1975، رفعت حصة العامل فى إشتركات التأمين إعتبارا من 1/9/1975 إلى 10% من أجره الشهرى وبالتـالى أصبحـت إشـتراكات التأمين 25% من الأجور الشهرية (10% العامل ، 15% صاحب العمل).

وإعتبارا من 1/4/1984 إستحدثت إشتراكات نظام المكافآت وقد حددت بواقع 5% من الأجور الأساسية، يتحمل العامل 60% منها ويتحمل صاحب العمل الـ 40% الأخرى (3% و2% من الأجور على التوالى).

إشتراكات تأمين إصابات العمل :
إتفاقا مع نشأة تأمين إصابات العمل تكاد تتفق كافة دول العالم على تحميل صاحب العمل لكافة إشتراكاته.

ونظــرا لأن شركات التأمين الخاص كانت تباشر هذا التأمين فى الفترة السابقة على 1/4/1959 تاريخ بدء سريان القانون رقم 202 لسنة 1958 وإعتباره تأمينا إجتماعيا فقد تأثر المشرع بمبدأ تناسب القسط مع درجة الخطر السائد فى شركات التأمين الخاص ومن هنا حددت الإشتراكات فى الفترة من 1/4/1959 وحتى 31/7/1959 (فترة العمل بالقانون رقم 202 لسنة 1958) بنسب مئوية من الأجور تتراوح بين 1/2 ، 15% وفقا لدرجة الخطر فى الصناعة.

وفى خلال فترة العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959 (من 1/8/1959 وحتى 31/3/1964) تم العدول جزئيا عن تسعير الإستحقاق الذى يتناسب فيه القسط مع درجة الخطر وحددت إشتراكات التأمين بسعر موحد قدره 3% من الأجور يتم تخفيضه إلى 1/2% أو 1% أو 2% فى بعض المهن والصناعات التى تتميز بإنخفاض معدلات تكرار وشدة الإصابة بها بشكل ملحـوظ (وهذا ما يطلق عليه الباحث التخفيض النوعى)، كما يجوز تخفيضه إلى 0.75% من الأجور إذا قام صاحب العمل، وفقا لشروط وفى حالات معينة، بتقديم العلاج الطبى وصرف المعونة المالية (تعويض الأجر) لعمالة المصابين.

وفى فترة العمل بالقانون رقم 63 لسنة 1964 (من 1/4/1964 وحتى 31/8/1975) تم الأخذ بالسعر الموحد البالغ 3% من الأجور بشكل مطلق فالغيت التخفيضات النوعية وإقتصر الأمر على تخفيض الإشتراكات إلى 1% من الأجور فى الحالات التى أجيز فيها قيام صاحب العمل بعلاج عماله وصرف المعونة المالية لهم (تعويض الأجر ).

وإعتبارا من 1/9/1975، ومع شمول قانون التأمين الإجتماعى رقم 79 لسنة 1975 للعاملين بوحدات الجهـاز الإدارى للـدولة والهي

ئات العامة، تم تحديد إشتراكات تأمين إصابات العمل بواقع النسب الآتية :

أ – 1% من أجور المؤمن عليهم العاملين بالجهاز الإدارى للدولة بالهيئات العامة (وبالمؤسسات العامة)، على أن تقوم تلك الأجهزة والهيئات بأداء تعويض الأجر ومصاريف الإنتقال المستحقة لعمالها المصابين .

ب – 2% من أجور المؤمن عليهم العاملين بالقطاع العام، على أن تقوم وحدات هذا القطاع بأداء تعويض الأجر ومصاريف الإنتقال المستحقة لعمالها المصابين .

جـ – 3% من أجور المؤمن عليهم العاملين بالقطاع الخاص والتعاونى مع جواز تخفيض هذه النسبة إلى 2% متى رخص وزير التأمينات لصاحب العمل بتحمل قيمة تعويض الأجر ومصاريف الإنتقال المستحقة لعماله المصابين.

إشتراكات تأمين البطالة :
إستحـدث هـذا التأميــن بالقانــون رقم 63 لسنة 1964 ليبدأ العمل به إعتبارا من 1/10/1964 حيث حددت إشتراكاته الشهرية بـ 3% من الأجور توزع بين العمال وأصحاب الأعمال بنسبة 1 : 2.

على أنه نظرا لما أسفرت عنه العملية من ضآلة معدلات التعطل فقد الغيت حصة العامل من الإشتراكات إعتـبارا من 1/9/1975 (من بدء العمل بالقانون رقم 79 لسنة 1975)( ) وإقتصر الأمر على حصة صاحب العمل البالغة 2% من الأجور .

إشتراكات التأمين الصحى:
بدأ سريان التأمين الصحى تدريجيا إعتبارا من 1/10/1964 بالتطبيق للقانون رقم 63 لسنة 1964 حيث حددت إشتراكاته الشهرية بواقع 5% من الأجور توزع بين العمال وأصحاب الأعمال بنسبة 1 : 4.

وإعتبارا من 1/9/1975 ومع بدء العمل بقانون التأمين الإجتماعى رقم 79 لسنة 1975 تم تخفيض حصة وحدات الجهاز الإدارى للدولة والهيئات العامة ووحدات القطاع العام إلى 3% من الأجور، بدلا من 4% منها، وذلك مقابل التزامها بأداء تعويض الأجر ومصاريف الإنتقال لعمالها المرضى .

هذا ويجيز قانون التأمين الإجتماعى المصرى الحالى التصريح لأصحال الأعمال بالقطاعين العام والخاص بالتقديم الذاتى للعلاج والرعاية الطبية لعمالها فى حالات المرض وتحمل تعويض الأجر ومصاريف الإنتقال فى حالات العجز المؤقت عن العمل بسبب المرض مقابل تخفيض إشتراكات هذا التأمين إلى 1% فقط كنوع من المساهمة فى تنفيذ التأمين الصحى (والأمر ذاته فى حالات إصابات العمل وهنا تخفض بواقع 1% مقابل تحمل تعويض الأجر ومصاريف الإنتقال).

أحكام ومبادئ تحديد الإشتراكات :
من أهم أهداف نظام التأمينات الإجتماعية، فى مصر، المحافظة على مستوى دخول العاملين المؤمن عليهم عند تحقق أحد الأخطار المؤمن ضدها وبالتالى إنقطاع أو توقف هذه الدخول.

ولما كانت مزايا التأمينات الإجتماعية فى النظام المصرى ترتبط بالأجور التى تؤدى على أساسها الإشتراكات فإن إعتبارات العدالة تقتضى أن تدور الإشتراكات مع الأجور الفعلية المستحقة للعاملين .

على أنه نظرا لأن صاحب العمل هو الملتزم بتحديد الإشتراكات الشهرية، سواء فى ذلك حصته أو حصة العاملين لديه، وبأدائها فى مواعيد معينة وألا تحمل بفوائد تأخير ومبالغ إضافية .

ونظرا لإختلاط كبار أصحاب الأعمال بصغارهم ممن تتواضع إمكانياتهم وظروفهم .

لذا فقد حرص المشرع على أن تسود إعتبارات التبسيط والتيسير المبادئ والأحكام المتعلقة بقواعد تحديد وأداء الإشتراكات فنص على مبدأ الربط السنوى للإشتراكات المستحقة عن كل عامل ، ومبدأ إستحقاق الإشتراكات كاملة عن شهر الإلتحاق وعدم إستحقاقها عن الشهر الذى تنتهى خلاله الخدمة، ومبدأ التحديد الحكمى لعدد أيام الشهر بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهر وذلك فضلا عن مبدأ وجوب أداء الإشتراكات كاملة .

على أن وضعا جديدا نشأ فى بداية الستينات وعلى أثر التمصير والتأميم، حيث نشأت شركات القطاع العام التى تميزت بعديد من الخصائص، التى إهتم بها نظام التأمينات الإجتماعية، فمن ناحية فهى غير مملوكة ملكية خاصة وبالتالى فانها تخضع لإشراف أجهزة الرقابة العامة بالدولة كالجهاز المركزى للمحاسبات وأجهزة النيابة والرقابة الإدارية، ومن ناحية أخرى فإنها تأخذ شكل الشركات المساهمة ذات العمالة الكبيرة والتى توجد بها بالتالى أجهزة مختصة بالشئون المالية والإدارية ومنها جهاز للتأمين الإجتماعى، وأخيرا فإنها تخضع فى علاقتها بالعاملين بها لأحكام وقواعد صدرت بها لوائح وقوانين تنظم أحكام التعيين والترقيات والعلاوات والإعارات والإجازات وغيرها من شئون التوظف .
ومن هنا إنتفت الحكمة من تغليب إعتبارات التبسيط والتيسير على إعتبارات العدالة عند تحديد إشتراكات العاملين بوحدات القطاع العام.

وهكذا حرص قانون التأمين الإجتماعى رقم63 لسنة 1964 (الذى عمل به فى الفترة من 1/4/1964 وحتى 31/8/1975) على النص على حساب الإشتراكات الشهرية المستحقة على العاملين بشركات القطاع العام على أساس ما يتقاضونه من أجور فعلية خلال كل شهر وهو الأمر الذى يتفق كما ذكرنا مع مبدأ تناسب الإشتراكات (والمزايا) مع الأجور .

وبالطبع فإن تحديد الإشتراكات بالنسبة للعاملين بالقطاع العام على أساس الأجور الفعلية المستحقة لا يتعارض مع ما قرره القانون 63 لسنة 1964 من جواز تحديد طريقة حساب الأجر وشروط وأوضاع تحصيل وأداء الإشتراكات فى حالات معينة بقرار من وزير العمل بناء على إقتراح مجلس إدارة الهيئة وهو الأمر الذى إتبع فى معالجة إشتراكات العاملين بالقطاع الخاص فى مجالات المطاحن والمخابز والمقاولات والمحاجر والمناجم حيث تحدد إشتراكات أصحاب الأعمال حكميا بنسبة لكل جوال دقيق فى مجال المخابز وبنسبة من قيمة الأعمال فى مجال المقاولات كما تحدد حصة العامل فى الإشتراكات وفقا لأجور حكمية لكل فئة من فئاتهم.

وإتفاقا مع الإعتبارات السابقة فإنه رغم شمول قانون التأمين الإجتماعى رقم79 لسنة 1975 للعاملين بوحدات الجهاز الإدارى للدولة والهيئات العامة فضلا عن العاملين بالقطاعين العام والخاص، وإتجاهه لتوحيد أحكام نظام التأمينات الإجتماعية بالنسبة لهم، فقد روعى إستمرار إتباع إعتبارات التبسيط والتيسير بالنسبة لتحديد إشتراكات القطاع الخاص وتم تحديد قواعد تحديد إشتراكات باقى القطاعات مع أولوية إعتبارات العدالة ومبدأ تناسب الإشتراكات مع الأجور .

وعلى ضوء ذلك كله نتناول فيما يلى أحكام ومبادئ تحديد الإشتراكات الشهرية :

– بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص (وبالقطاع العام حتى 31/3/1964):
أولا : مبدأ ربط الإشتراكات الخاصة بكل عامل على أساس أجر شهر يناير من كل عام (أو أجر شهر الإلتحاق أو بدء سريان القانون إذا كان تاليا لشهر يناير) وحتى أجر يناير التالى:

وقـد قضت بهذا المبدأ مختلف تشريعات التأمينات الإجتماعية الصادرة منذ إبريل 1956، ومن مؤداه حساب الإشتراكات الشهرية على أساس الأجور الشهرية للعاملين فى شهر يناير من كل سنة فإذا ما التحق بعض العاملون بالخدمة بعد الشهر المذكور فتحسب إشتراكاتهم على أساس أجر الشهر الذى إلتحقوا فيه بالخدمة وذلك حتى يناير التالى، والأمر كذلك فى حالة سريان قانون التأمينات الإجتماعية على العاملين لأول مره فتحسب إشتراكاتهم على أساس أجر الشهر الذى بدأ فيه سريان هذا القانون وحتى يناير التالى .

ومؤدى هذا المبدأ فإنه، على سبيل المثال، إذا إلتحق أحد العاملين فى شهر مارس من إحدى السنوات، أو بدأ سريان قانون التأمينات الإجتماعية عليه فى هذا الشهر، حددت إشتراكات الشهور التالية وحتى إشتراكات شهر ديسمبر من عام الإلتحاق أو بدء سريان القانون على أساس أجر شهر مارس ولا يتم تغييرها إلا إعتبارا من إشتراكات يناير التالى بغض النظر عن ثبات أجر العامل أو تغيره فى الفترة السابقة على شهر يناير المذكور.

ومن الواضح هنا أن الإشتراكات المستحقة عن كل عامل هى التى تظل ثابتة على أساس أجر شهر يناير من كل سنة أما الإشتراكات المستحقة عن مجموع العاملين فقد تتغير من شهر لآخر نتيجة لحركة دخول وخروج العمال أو تجنيدهم إلى غير ذلك .

ثانيا : مبدأ إستحقاق الإشتراكات كاملة عن الشهر الذى تبدأ فيه الخدمة وعدم إستحقاقها كلية عن الشهر الذى تنتهى فيه الخدمة:

إتفقت تشريعات التأمينات الإجتماعية على إستحقاق الإشتراكات كاملة عن الشهر الذى تبدأ فيه خدمة العامل كما لو كان قد التحق بالعمل فى أول أيام هذا الشهر، وعلى عدم إستحقاق أية إشتراكات عن الشهر الذى تنتهى خلاله خدمة العامل، كما لو لم يعمل أى يوم خلال هذا الشهر.
ومن الواضح هنا، كما فى المبدأ تغليب إعتبارات التبسيط والتيسير على أصحاب الأعمال فى تحديد الإشتراكات التى يلتزمون بأدائها فى مواعيد معينة.

هذا وقد إستقر الرأى فى تطبيق المبدأ المشار اليه، على إستحقاق الإشتراكات كاملة عن الشهر الذى تنتهى الخدمة بنهايته إذ أن الخدمة هنا لا تنتهى خلال هذا الشهر وإنما فى اليوم الذى ينتهى به الشهر وهذا صحيح بإعتبار أن اليوم الذى تنتهى فيه الخدمة هو آخر أيام العمل وبالتالى لا يصبح من المتصور إلتحاق العامل بعمل جديد خلال الشهر الذى إنتهت الخدمة فى اليوم الأخير منه .

كما إنتهى الرأى إلى أنه إذا ما بدأت الخدمة فى أحد الشهور وإنتهت فى خلال نفس الشهر فإن الإشتراكات تستحق كاملة عن هذا الشهر وهو صحيح بإعتبار أن وقعة الإلتحاق أسبق زمنيا من واقعة إنتهاء الخدمة.

ثالثا : مبدأ التحديد الحكمى لعدد أيام العمل عند حساب الأجر الذى تحدد على أساسه إشتراكات المؤمن عليهم الذين يتقاضون أجورهم بغير الشهر:
ولم تختلف قوانين التأمينات الإجتماعية فى الأخذ بهذا المبدأ وإن كانت قد إختلفت فى العدد الحكمى لأيام العمل التى يحسب الإشتراك على أساسها .

ففى الفترة السابقة على أول إبريل سنة 1964 (فترة العمل القانونين 419 لسنة 1955، 92 لسنة 1959) يراعى حساب الأجر بالنسبة للذين يتقاضون أجورهم بغير الشهر على أساس أن عدد أيام الشهر 25 يوما .

وفى الفترة من 1/4/1964 وحتى 31/8/1975 (فترة العمل بالقانون رقم 63 لسنة 1964) حدد أجر الإشتراك بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهر بإعتبار أن الشهر 26 يوما .

وإعتبارا من1/9/1975 (بالتطبيق للقانون رقم 79 لسنة 1975) تم تحديد أجر الإشتراك بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهرعلى أساس أن الشهر30 يوما، إتفاقا مع ما قضت به تشريعات الحدود الدنيا للأجور الصادرة عام 1974( ) من إعتبار العطلات الأسبوعية مدفوعة الأجور .
من الواضح هنا أن أيضا تغليب إعتبارات التبسيط والتيسير .

رابعا : مبدأ وجوب أداء الإشتراكات كاملة :
نصت تشريعات التأمين الإجتماعى المختلفة على وجوب قيام أصحاب الأعمال بأداء الإشتراكات كاملة ، وبنيت هذا الحكم بالنسبة لحالات ثلاث وردت على بعضها بعض الإستثناءات وهى :

أ – حالة عدم كفاية أجور المؤمن عليهم .
إتفاقا مع المبدأ الأول الخاص بربط إشتراكات كل عامل على أساس أجر شهر يناير من كل سنة تستحق الإشتراكات كامة عن الشهور التالية لهذا الشهر حتى ولو لم تستحق عن بعضها أجر كما فى حالات العجز المؤقت عن العمل بسبب الإصابة، وإتفاقا مع الشق الأول من المبدأ الثانى والخاص بإستحقاق الإشتراكات كاملة عن الشهور الذى تبدأ فيه الخدمة تستحق الإشتراكات عن هذا الشهر حتى ولو التحق العامل فى نهايته، وهنا لا تكفى أجره المستحق فعلا للوفاء بحصته فى الإشتراكات المشار اليها .

ولذا فقد حرصت مختلف تشريعات التأمين الإجتماعى على النص صراحة على إلتزام صاحب العمل بأداء الإشتراكات كاملة حتى فى حالة عدم كفاية أجور المؤمن عليهم، وله بالطبع بعد ذلك أن يعود على العامل بحصتهم فى الإشتراكات، فى الحدود المنصوص عليها فى قانون العمل، بإعتبارها قرضا .

ب – وهنا نلاحظ إتجاهات ثلاثة يمكن الربط بينها وبين الحروب التى مرت بها البلاد وبالتالى يمكن تفسيرها فى ضوء الإعتبارات السياسية.

ففى فترات العمل بالقانون رقم 419 لسنة 1955 تقرر إستحقاق الإشتراكات كاملة، سواء فى ذلك حصة العمل أو حصة صاحب العمل إتفاقا مع مبدأ وجوب أداء الإشتراكات كاملة .

وفى فترة العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959 أعفى العامل من حصته فى الإشتراكات وإقتصر الأمر على حصة صاحب العمل فقط .

وإعتبارا من 1/4/1964، وبالتطبيق لأحكام كل من القانون رقم 63 لسنة 1964 ومن بعده القانون رقم 79 لسنة 1975 تقرر عدم إستحقاق أية إشتراكات، سواء فى ذلك حصة العامل أو حصة صاحب العمل عن الفترات التجديد إستثناء من مبدأ وجوب أداء الإشتراكات كاملة وبإعتبار أن العامل لا يستحق أجر فى هذه الفترات .

هذا والرأى الأرجح يحدد المقصود بالتجنيد بمدة الخدمة العسكرية الإلزامية ولا تمتد إلى فترات الإستبقاء والإستعداد بإعتبار إننا بصدد إستثناء من أصل عام وهو أداء الإشتراكات كاملة ويجب بالتالى تفسير الإستثناء فى أضيق الحدود وأول ما يتبادر للذهن بالنسبة للتجنيد هو الفترة الإلزامية .

ولتلافى مايثور من مشاكل فى مجال تحديد المقصود بمدد التجنيد، تلافى القانون رقم 79 لسنة 1975 الإشارة إلى الإعفاء من الإشتراكات فى فترات التجنيد مكتفيا بتقرير عدم إستحقاق أية إشتراكات عن الفترة التى لا يستحق فيها العامل أجرا ومن بينها بالطبع التجنيد الإلزامى .

ج – حالة وقف عقد العمل :
وقد عولجت هذه الحالة فى ظل القانون رقم 419 لسنة 1955 والقانون رقم 92 لسنة 1959 بذات معالجة فترات التجنيد الإلزامى فتم النص على أداء الإشتراكات كاملة فى فترة العمل بالقانون الأول وأعفى العامل من حصته فى فترة العمل بالقانون التالى .

على أنه إعتبارا من 1/4/1964 إهتمت قوانين التأمينات الإجتماعية بالنص على مبدأ وجوب أداء الإشتراكات كاملة فى حالة وقف عقد العمل وذلك بالطبع مع إعتبار حصة العمل فى الإشتراكات فى حكم القرض .

– بالنسبة للعاملين بالقطاع العام :

( أ ) فى الفترة من 1/4/1964 حتى 31/8/1975:
أولا : مبدأ حساب الإشتراكات وفقا للأجور الفعلية المستحقة للعاملين خلال كل شهر :

ومؤدى هذا فإن الإشتراكات الشهرية المستحقة عن كل من العاملين بالقطاع العام لا تربط على أساس أجر شهر يناير من كل سنة بل تتغير شهريا بتغير ما يستحقه كل منهم من أجر .

ولا تستحق الإشتراكات كاملة عن شهر الإلتحاق ولا تهمل عن الشهر الذى تنتهى خلاله الخدمة بل تحسب الإشتراكات على أساس ما يستحقه العامل من أجر عن أيام العمل الفعلية فى كل من شهر الإلتحاق وشهر إنتهاء الخدمة .

كذلك فإنه لا يتم التحديد الحكمى لعدد أيام الشهر بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهر وإنما تحسب الإشتراكات المستحقة عنهم على أساس ما يستحقونه فعلا من أجر خلال أيام العمل الفعلية .

وهكذا فإن مناط إستحقاق الإشتراكات هو إستحقاق الأجر ، ومن هنا تتداعى النتائج التالية :
( أ ) لا تعتبر الإستقطاعات من الأجور بسبب الجزاء الإدارى أو الغرامات أو خصم ساعات التأخيرأو أيام الغياب تخفيضا للأجر إذ لا تمس طبيعة إستحقاق العمل له، ومن هنا تحسب الإشتراكات عن الأجر المستحق قبل الإستقطاعات المشار اليها التى ترجع إلى خطأ العامل أو إهماله أو تجاوزه لحقه فى الإجازات وهو ما إستوجب توقيع الجزاء عليه.

(ب) على عكس البند السابق فإن العامل المصاب لا يستحق أجرا عن مدة التجنيد الإلزامى وكذلك عجزه المؤقت عن العمل بسبب الإصابة وبالتالى لا تستحق أية إشتراكات عن الفترة المشار اليها، والأمر كذلك بالنسبة للعجز المؤقت عن العمل بسبب المرض فى ظل التأمين الصحى حيث لا يستحق العامل أجرا أو تعويضا عن الأجر، أما فى حالة عدم سريان التأمين الصحى فقانون العاملين بالقطاع العام صريح فى أن ما يستحق للعامل هو أجر وبالتالى تستحق عنه الإشتراكات .

(ج) إذا توفى العامل خلال الشهر وقامت شركة القطاع العام بصرف أجره كاملا عن شهر الوفاه والشهرين التاليين، فإن الإشتراكات تستحق عن أيام العمل السابقة على الوفاة إذ يستحق أجرا عنها أما ما يزيد عن ذلك فهو منحة تؤدى بمناسبة الوفاه وليس مقابلا للعمل ولا تستحق عنها بالتالى أية إشتراكات .

ثانيا : مبدأ التزام الجهة التى تتحمل بالأجر، فى حالات الإعارة داخل الجمهورية، بأداء الإشتراكات :

وفقا لهذا المبدأ فإنه إذا ما أعير أحد العاملين بإحدى وحـدات القطاع العام إلى وحدة قطاع عام أخرى فإن الوحدة الأخـيرة تلـتزم بخصم حصة العامل من أجره وإضافة حصة صاحب العمـل اليهـا وأدائهما إلـى مكتب الهيئة الذى تتعامل معه دون توسيط صاحب العمـل الأصلى.

على أنه فى حالة الإعارة إلى جهة حكومية، فإنه نظرا لأن الجهات الحكومية كانت تخضع لنظام خاص تحسب إشتراكاته وتؤدى وفقا لأحكام وإجراءات مختلفة عن تلك الواردة بالقانون رقم 63 لسنة 1964 وقراراته التنفيذية .

ولذلك فيتم توسيط الشركة الأصلية فى عملية أداء الإشتراكات حيث تؤدى لها الجهة الحكومية تلك الإشتراكات فى المواعيد المحددة (بالقرار الوزارى رقم 71 لسنة 1968 وقتئذ) لتؤديها الجهة الأصلية إلى مكتب الهيئة المختصة فى المواعيد الدورية لأداء الإشتراكات (حتى ولو لم ترد لها من الجهة المعار اليها العامل) .

ومن المتفق عليه تحديد الإشتراكات فى حالات الإعارة داخل الجمهورية وفقا للأجر الذى لو لم يعار العامل لكان قد حصـل عليه أى دون بدل الإعارة الذى يرتبـط بالإعـارة ذات الطبيعـة الإستثنائية المؤقتة.

هذا ويعتبر القرار الصادر بتفرغ أحد العاملين بالقطاع العـام بمكـافأة تعادل أجره فى حكم الإعارة داخل الجمهورية وبالتالى تلتزم الجهة التى تتحمل بالمكافأة بأداء الإشتراكات على النحو الموضح بالفقرات السابقة .

ثالثا : مبدأ تأجيل أداء الإشتراكات المستحقة عن فترة الإعارة خارج الجمهورية وما فى حكمها ومدد الوقف عن العمل لحين عودة العامل إلى عمله أو إعادة صرف الأجر اليه :

لما كان عقد العمل يظل قائما، وإن كان موقوفا، خلال فترات إعارة العامل خارج الجمهورية وما فى حكمها وبالتالى تحسب تلك الفترات ضمن المدد المحسوبة فى المعاش .

ولما كان العامل لا يستحق أجرا خلال تلك الفترات أما فعلا (كما فى حالات الإجازات الخاصة أو الدراسية بدون أجر أو البعثات العلمية) أو حكما (كما فى حالة الإعارات خارج الجمهورية حيث لا يمتد القانون المصرى وفقا لقاعدة إقليمية القوانين) .

لذا فقد إستخدمت الرخصة (المخولة وقتئذ لوزير العمل) لتحديد طريقة حساب الأجر وشروط وأوضاع تحصيل وأداء الإشتراكات فى الحالات الخاصة، وإستصدرت القرار الوزارى رقم 65 لسنة 1976 الذى ينص على تأجيل أداء الإشتراكات المستحقة فى حالات الإعارة خارج الجمهورية (التى لا يتقاضى فيها العامل أجره من صاحب العمل الأصلى) وما فى حكمها (مدد الإجازات الإستثنائية بدون أجر ومدد البعثات ومدد الوقف عن العمل بدون أجر)

وذلك إلى حين عودة العامل إلى عمله أو إعادة صرف الأجر اليه وحينئذ، تؤدى حصة صاحب العمل دفعة واحدة أما حصة العامل فيخير بين أدائها فورا وبين تقسيطها على أقساط شهرية لمدة موازية للمدة التى توقف خلالها عن أداء الإشتراكات أو لضعف هذه المدة بشرط ألا تجاوز مدة التقسيط المدة المتبقية للعامل حتى بلوغ سن الستين .

هذا فإذا لم يبد العامل رغبته فى كيفية أداء حصته فى الإشتراكات خلال شهر من عودته للعمل أو إعادة صرف الأجر اليه أعتبر كما لو كان قد إختار تأديتها على أقساط شهرية لمدة موازية للمدة التى توقف خلالها عن أداء الإشتراكات .

ومن الواضح أنه إذا كان العامل قد بلغ سن الستين عند عودته إلى عمله أو إعادة صرف الأجر اليه فإنه يؤدى حصته فى الإشتراكات دفعة واحدة حتى ولو إستمر فى العمل .

أما إذا لم يعد العامل إلى عمله بعد إنتهاء إعارته أو إجازته أو بعثته وإعتباره بالتالى مستقيلا بإنقطاعه المدة المنصوص عليها بقانون العاملين بالقطاع العام، فإن صاحب العمل يلتزم بأداء حصته فورا أما حصة العامل فتثبت بصحيفة البيانات الأساسية بملف التأمينات الإجتماعية الخاص به حيث تعتبر دينا للهيئة على العامل تقتضيه منه عند عودته لأى عمل خاضع لنظام التأمين الإجتماعى أو بالحجز من مستحقاته لدى الهيئة عند إستحقاقه، أو المستحقين عنه، لها .

(ب) إعتبارا من 1/9/1975 :

أولا : مبدأ حساب الإشتراكات وفقا لما يستحقه المؤمن عليه من أجر (أو تعويض أجر) خلال كل شهر، مع التحديد الحكمى لعدد أيام الشهر بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهر :

ويعتبر هذا المبدأ إستمرارا لمثيله بالبند (ثانيا) والخاص بحساب الإشتراكات وفقا للأجور الفعلية المستحقة للعاملين خلال كل شهر، مع تقرير إستحقاق الإشتراكات عن تعويض الأجر ومع إستثناء التحديد الحكمى لعدد أيام الشهر بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهر.

وهكذا فإنه فى ظل هذا المبدأ فإن مناط إستحقاق الإشتراكات هو إستحقاق الأجر، ولا تستحق أية إشتراكات عن المدد التى لا يستحق عنها العامل أجرا كمدد التجنيد الإلزامى أو العجز المؤقت عن العمل بسبب الإصابة .

على أن الأمر يختلف عنه وفقا للمبدأ المماثل المشار اليه من حيث ما نص عليه القانون رقم 79 لسنة 1975 صراحة من تحديد الأجر الشهرى الذى تحسب على أساسه الإشتراكات بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بغير الشهر بإفتراض إن عدد أيام الشهر ثلاثين يوما.

وحتى لا يتعارض هذا الحكم مع مبدأ إستحقاق الإشتراكات وفقا للأجور المستحقة فإنه لا يتم إعماله إلا بالنسبة للشهور الكاملة أى دون شهر الإلتحاق وشهر إنتهاء الخدمة حيث تتحدد الإشتراكات المستحقة عنهما على أساس الأجر المستحق عن عدد أيام العمل الفعلية .

ثانيا : مبدأ إلتزام الجهة المعار اليها فى حالات الإعارة داخل الجمهورية، بأداء الإشتراكات المستحقة للجهة الأصلية التى تؤديها للهيئة فى المواعيد الدورية .

وهذا هو الحكم فى الفترة السابقة على 1/9/75 بالنسبة لحالات الإعارة داخل الجمهورية إلى جهة حكومية مع تعميمه ليشمل كافة حالات الإعارة داخل الجمهورية سواء لجهة حكومية أو لقطاع عام أو خاص.

ومؤدى ذلك تلتزم الجهة المعار اليها بحصة صاحب العمل فى الإشتراكات (محسوبة على أساس أجر المعار فى جهته الأصليه دون بدل الإعارة) وبإقتطاع حصة العامل من أجره وأدائهما إلى الجهة المعار منها فى المواعيد المحددة (الخمسة أيام الأولى من كل شهر) حيث تلتزم الجهة الأخيرة (جهة العمل الأصلية) بأداء الإشتراكات للهيئة فى المواعيد الدورية (سواء وردت لها من الجهة المعار اليها العامل أو لم ترد).

ثالثا : معالجة جديدة لمدد الإجازات الخاصة بدون أجر والإعارة خارج الجمهورية بدون أجر والإجازات الدراسية بدون أجر والبعثات العلمية :
عالجت أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 المدد المشار اليها معالجة جديدة سواء من حيث المتحمل بأعباء إشتراكاتها أو من حيث كيفية أداء تلك الإشتراكات، وذلك على النحو التالى :

( أ ) بالنسبة لمدد الإجازات الخاصة بدون أجر ومدد الإعارة الخارجية بدون أجر :
يلتزم المؤمن عليه هنا بحصته وبحصة صاحب العمل فى الإشتراكات التى تؤدى إما خلال مدة الإجازة أو الإعارة أو دفعة واحدة خلال سنة من إنتهاء مدة الإجازة أو الإعارة، أو بالتقسيط حتى سن الستين وفقا للجدول رقم (6) المرافق للقانون رقم 79 لسنة 1975 أو بالتقسيط على مدى 5 أو 10 أو 15 سنة وفقا للجدول رقم (7) المرافق للقانون المشار اليه .

هذا وتتحدد الإشتراكات المستحقة عن فترة الإعارة على أساس الأجر الدفترى بالشركة المصرية (أيا ما كان أجر العامل بالشركة الأجنبية) مع مراعاة عدم إستحقاق إشتراكات التأمين الصحى عن مدة الإعارة خارج الجمهورية .

وتستحق الأقساط إعتبارا من أول الشهر التالى لإبداء الرغبة فى التقسيط.

(ب) بالنسبة لمدد الأجازات الدراسية بدون أجر :
يلتزم صاحب العمل هنا بحصته فى الإشتراكات وتؤدى فى المواعيد الدورية ويلتزم المؤمن عليه بحصته ويؤديها على النحو المشار اليه بالنسبة لمدد الإجازات الخاصة بدون أجر ومدد الإعارة الخارجية بدون أجر.

(ج) بالنسبة لمدد البعثات العلمية :
تلتزم الجهة الموفدة للبعثة بحصة صاحب العمل وحصة المؤمن عليه فى الإشتراكات وتؤدى فى المواعيد الدورية .