بحث قانوني هام حول أحكام الحضور و الغياب فى الأنظمة القضائية السعودية

أحكام الحضور والغياب في الأنظمة القضائية
إعـــداد
هتـــلان بن علي الهتــــلان
القاضي بالمحكمة الجزئية بالخبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين . أما بعد

فإن حضور الخصمين لدى القاضي من أعظم أسباب سرعة البت في القضايا وإنهائها ، كما أن تخلفهم وكثرة غيابهم واستمالهم من أكبر وأكثر أسباب تأخر الحكم في القضايا وكثرتها وتراكمها في المكاتب القضائية .

وقد عني الفقه الإسلامي عناية فائقة بما يتعلق بحضور الخصوم ووجوب ذلك ، إذ هو من علامات الإيمان ، كما قال الله تعالى ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وتحدث الفقهاء – رحمهم الله – في أحكام الغياب ، وبينوا كيفية معاملة الغائبين والممتنعين عن الحضور . ولن أتعرض في هذا البحث لذلك … بل سيقتصر الكلام في هذه الأوراق على كيفية معالجة موضوع حضور الخصوم وغيابهم في نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية . حيث عني هذان النظامان بأحكام الحضور والغياب وأحوال ذلك والإجراءات اللازم اتباعها نظاماً في تلك الأحوال ، بدءاً بنوعية التبليغ وكيفيته وماهيته ، ومن ثم نظر الدعوى وضبطها وصدور الحكم فيها وما يتبع ذلك من تمييز ونحوه …

وهذه المواد المتعلقة بالحضور والغياب نجدها مبسوطة ومتناثرة في هذين النظامين ، لا سيما نظام المرافعات الشرعية . فهذا البحث لعله أن يُسهم في جمع شتات تلك المواد وتصنيفها وتبويبها حسب الموضوع . ومن ثم جاءت خطة البحث كالتالي :

أولاً : المقدمة .
ثانياً : تمهيد ببيان معنى الغياب والحضور .
المبحث الأول : غياب المدعي عن الجلسة وحضور المدعى عليه .
المبحث الثاني : غياب المدعى عليه عن الجلسة وحضور المدعي.
المطلب الأول : إذا كان المدعى عليه الغائب عن الجلسة واحداً.
أولاً : تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً عن الجلسة في الدعوى الحقوقية.
الحالة الأولى : أن يكون المدعى عليه تبلغ لغير شخصه.
الحالة الثانية : أن يكون المدعى عليه تبلغ لشخصه .
ثانياً : تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً عن الجلسة في الدعوى الجزائية .
المطلب الثاني : إذا تعدى المدعى عليهم وتغيبوا أو تغيب بعضهم عن الجلسة .
أولاً : تغيب المدعى عليهم أو بعضهم عن الجلسة في الدعوى الحقوقية.
ثانياً : تغيب المدعى عليهم أو بعضهم عن الجلسة في الدعوى الجزائية.
المبحث الثالث : غياب المدعي والمدعى عليه عن الجلسة معاً.
المبحث الرابع : غياب الخصوم عن الحضور عن المعاينة.
المطلب الأول : غياب الخصم عند معاينة محل النزاع.
المطلب الثاني : غياب ذوي الشأن عن الحضور لإثبات الحالة .
المبحث الخامس : غياب الخصم عن أداء الشهادة .
المطلب الأول : غياب المشهود عليه.
المطلب الثاني : غياب المشهود له .
المبحث السادس : تخلف عن وُجهت له اليمين عن الحضور لأدائها أو تخلف طالبها عن الحضور عند أدائها .
المطلب الأول : تخلف من وجهت إليه اليمين عن الحضور لأدائها .
المطلب الثاني : تخلف طالب اليمين عن الحضور عند أدائها .
المبحث السابع : غياب الخصوم أو أحدهم عن الحضور في الوقت المحدد لقيام الخبير بمهمات عمله.
المبحث الثامن : الفرق بين الحكم الحضوري والحكم الغيابي.
المبحث التاسع : الفرق بين الحكم في الدعاوى الحقوقية والحكم في الدعاوى الجزائية.( )
التمهيد :
بيان معنى الغياب والحضور
أولاً : معنى الغياب
الغياب مشتق من غاب الشيء . والغيب : يقول ابن فارس : الغين والياء والباء أصل صحيح يدل على تستر الشيء عن العيون.( )
ومن ذلك تغيب : ما غاب مما لا يعلمه إلا الله . والغيب كل ما غاب عنك .( )
قال أبو إسحاق في قوله تعالى ( يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)( ) : أي يؤمنون بما غاب عنهم مما أخبرهم به النبي  من أمر البعث والجنة والنار وكل ما غاب عنهم ، مما أنبأهم به فهو غيب ( ) . ويقال غابت الشمس تغيب غيبة وغيوباً وغيباً ، وغاب الرجل عن بلده وأغابت المرأة فهي مغيبة ، إذا غاب بعلها . ووقعنا في غيبة وغيابة أي هبطة من الأرض يُغاب فيها . قال الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام (وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ) . وسميت الغابة غابة لأنه يغاب فيها ( ).
ثانياً : معنى الحضور :
الحضور : مصدر مشتق من حضر يحضر حضوراٍ وحِضارة والحضور نقيض المغيب والغيبة . وأحضر الشيء وأحضره إياه وكان ذلك يحضره فلان وحِضرته وحَضره وكلمته بحضرة فلان وبمحضر منه أي بمشهد منه ( ).
قال ابن فارس : ( حضر : الحاء والضاد والراء إيراد الشيء ووروده ومشاهدته وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً . فالحضر خلاف البدو ).( )

المبحث الأول : غياب المدعي عن الجلسة وحضور المدعي عليه

إذا غاب المدعي عن الحضور عن جلسات نظر الدعوى في المحكمة ولم يتقدم بعذر تقبله المحكمة فإن دعواه تُشطب ( ) بعد انتهاء المدة المحددة للجلسة ( ) . وناظر القضية يقدر العذر المقبول في الغياب ( ) .
ويجب على الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله ( ) ، ويُودع وثيقة وكالته مصدقة من مصدرها ومن ناظر القضية ، لدى الكاتب في مكتب مواعيد المحكمة ( ) عند مراجعته لها أول مرة ( ) .
أما إذا لم يقدم وكيل المدعي وكالته في أول جلسة حضرها ، فإنه يعتبر في حكم الغائب ( ) وتشطب الدعوى .
وإذا قدم الوكيل وكالة لا تخوله الإجراء المطلوب ، فيُفهمه القاضي بإكمال المطلوب ، فإن لم يُكمل المطلوب في الجلسة اللاحقة فتُشطب الدعوى ( ) .
والمراد بالشطب استبعاد القضية من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها ، ولا تنظر إلا بإعلان جديد يوجه للخصم ( ) . ويُبنى على ما سبق ضبطه فيها متى أعيد السير فيها ( ) .

وللمدعي بعد الشطب الأول طلب استمرار النظر فيها ، وتحدد المحكمة موعداً لنظرها ويبلغ المدعى عليه بذلك . فإن غاب المدعي عن الجلسة الثانية المحددة ولم يتقدم بعذر تقبله المحكمة فتشطب الدعوى للمرة الثانية . ولا تُسمع بعد ذلك إلا برفع المعاملة من قبل المحكمة لمجلس القضاء الأعلى مباشرة مع صورة الضبط لاستصدار قرار من المجلس بهيئته الدائمة بسماع الدعوى المشطوبة للمرة الثانية ( )
فإذا صدر قرار من المجلس بسماعها ثم شطبت للمرة الثالثة لغياب المدعي ، فلا تُسمع إلا بقرار من مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة ، وبعد أخذ التعهد على المدعي من قبل ناظر القضية بعد تكرار ما حصل منه ( ).
وللمدعى عليه فيما سبق إذا حضر الجلسة التي غاب عنها المدعي أن يطلب من المحكمة عدم شطب الدعوى ، والحكم في موضوعها إذا كانت صالحة للحكم فيها ، وعلى المحكمة أن تحكم فيها ويُعدُّ هذا الحكم غيابياً في حق المدعي ( ) . ولا يخلو الأمر حينئذ من حالين :

(أ‌) فإن حكم للمدعي بجميع طلباته فلا يكون خاضعاً للتمييز ( ) ، ما لم يعترض المحكوم عليه على الحكم ( ) ، أو يكون الحكم ممن لا يُعتدُّ بقناعته كناظر الوقف والولي والوصي ونحوهم فيكون حينئذ خاضعاً للتمييز ( ) .
(ب‌) ألا يُحكم للمدعي الغائب بشيء أو حكم له ببعض طلباته فيكون الحكم خاضعاً للتمييز ( ) .
وفي جميع ما سبق يستوي في تلك الأحكام إذا كان المدعي شخصية حقيقية أو اعتبارية حكومية أو أهلية ( غير حكومية ) .

إما إذا كانت الدعوى معارضة جهة حكومية في حجة استحكام ، وغاب مندوبها عن الحضور بعد إبلاغها بالموعد المحدد لسماع معارضتها بكتاب رسمي ، فتشطب المحكمة دعواها وتكمل اللازم حيال دعوى التملك … فإن ثبت التملك يرفع الصك لمحكمة التمييز مع صورة الضبط لتدقيقه ( ).
ولا يمنع تصديق الحكم من طلب الجهة الحكومية نظر دعواها بعد ذلك.
على أن يُراعى عند تحديد جلسة نظر معارضة الجهة الحكومية أن لا تقل المدة بين التبليغ وموعد الجلسة عن شهر ، وذلك بعد مضي ستين يوماً على آخر الإجراءين من إبلاغ الجهات الحكومية المختصة بصورة من إعلان طلب الحجة ، أو نشر الإعلان في إحدى الصحف ( ) .
ويستثنى من ذلك إذا كانت الدعوى في حق عام ، فإن كانت كذلك لم يلزم المدعي العام أن يحضر جلسات المحكمة إلا في ثلاث حالات ، وهي :

 أن تكون الدعوى في جريمة كبيرة .
 أن يطلب ناظر القضية منه الحضور .
 أن يظهر للمدعي العام ما يستدعي حضوره. ( )
على أنه يلزم أخذ قناعة المدعي العام من عدمها عند صدور الحكم. ( )
ويُكتفى لتفويض الجهة الحكومية بخطاب رسمي من صاحب الصلاحية إلى المحكمة التي تقام لديها الدعوى. ( )

المبحث الثاني : غياب المدعى عليه عن الجلسة وحضور المدعي

المطلب الأول : إذا كان المدعى عليه الغائب عن الجلسة واحداً :

أولاً : تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً عن الجلسة في الدعوى الحقوقية :

لا يخلو الحال في الدعوى الحقوقية من أن يكون قد تبلغ لشخصه أو لغير شخصه ، والمراد بتبليغ المدعى عليه لشخصه ، أن يكون تبليغ المدعى عليه مباشرة أو بوساطة وكيله الشرعي في القضية نفسها. ( )
أما تبليغ المدعى عليه لغير شخصه ، فهو أن يُبلغ من يوجد في محل إقامته من الساكنين معه من أهله وأقاربه وأصهاره ، أو من يوجد ممن يعمل في خدمته ، أو عمدة الحي أو قسم الشرطة ونحوهما ممن يقع في محل إقامته في نطاق اختصاصهم. ( )
على أن تُبليغ الأجهزة الحكومية والأشخاص ذوي الشخصية المعنوية ، كالشركات والمؤسسات ونحوها يُعد من التبليغ لغير شخص المدعى عليه. ( )
فعندنا حالتان يختلف الإجراء فيهما عن بعض ، وتفصيل ذلك كالتالي :

الحالة الأولى : أن يكون تبليغ المدعى عليه لغير شخصه :

فإذا بلغ المدعى عليه لغير شخصه ، فغاب عن الجلسة ولم يودع مذكرة بدفاعه للمحكمة قبل الجلسة ، فُيؤجل القاضي النظر في القضية إلى جلسة لاحقة ، ويُعاد تبليغه مرة أخرى ، فإن غاب عن الجلسة الثانية ، أو جلسة بعدها دون عذر تقبله المحكمة ، فتحكم المحكمة في القضية. ( )

ويُستثنى من ذلك الدعاوى المستعجلة ، وهي المنصوص عليها في المادة (234) من نظام المرافعات ، وكذا الدعاوى التي يعطيها النظام صفة الاستعمال ( ) . فلا يتم إعادة الإعلان مرة أخرى إذا تم صحيحاً ، بل تنظر المحكمة في الدعوى وتحكم
فيها ( ) . سواء أكان التبليغ لشخص المدعى عليه ، أم لغير شخصه ، ويُستثنى من ذلك إذا نقص الميعاد عن أربع وعشرين ساعة – وهي المدة الأقل لطلب المدعى عليه في الدعاوى المستعجلة – فلابد في هذه الحالة أن يكون التبليغ لشخص المدعى عليه ، أو وكيله في الدعوى نفسها ، وإلا أُعيد الإعلان. ( )
وحكم وكيل المدعى عليه في الغياب حكم الأصيل ، فإذا حضر وكيل المدعى عليه الجلسة الأولى ، ولم يقدم وكالته فيُؤجل إلى جلسة ثانية ليحضر الوكالة ، ويُفهم بذلك ، ويدون في ضبط القضية ، فإذا تخلف عن الحضور ، أو لم يحضر الوكالة يعتبر غائباً. ( )
وإن قدم الوكيل وكالة لا تخوله الإجراء المطلوب ، فيُفهمه القاضي بإكمال المطلوب من قبل موكله ، وأنه إذا لم يقدم وكالة مكتملة في الجلسة المحددة ، فيُعتبر في حكم الغائب .( )

– صدور الحكم في هذه الحالة :
إذا أصدر القاضي حكمه في هذه الحالة فإنه يُعدُّ الحكم في حق المدعى عليه غيابياً ، إن بُلغ المدعى عليه في المرة الثانية لغير شخصه ( ) . ويلزم تدوين محضر التبليغ في ضبط القضية قبل الحكم فيها غيابياً ، ويخضع لتعليمات التمييز ( ) . والغائب على حجته متى حضر ( ) .

فللمحكوم عليه غيابياً المعارضة في الحكم لدى المحكمة التي أصدرته خلال المدة المقررة ( ).وهي ثلاثون يوماً ( ) ، تبدأ من تاريخ تسلميه شخصياً أو لوكيله الشرعي نسخة من الحكم في محل إقامته أو عمله ، وفق إجراءات التبليغ ، فإذا استلم نسخة الحكم ولم يقدم اعتراضه خلال المدة المقررة نظاما ، فيكتسب الحكم القطعية ، وفق المادة (1078) ( ) ويُهمش ضبط الدعوى وصك الحكم بذلك ، وتُرسل المعاملة رفق الصك للتنفيذ .
وإذا تعذر تسليم نسخة صك الحكم الغيابي إلى المحكوم عليه أو وكيله ، رُفع الحكم إلى محكمة التمييز بدون لائحة اعتراضية ، ولا يمنع ذلك من التماس إعادة النظر لمحكمة التمييز ( ).

فإن قدم المحكوم عليه غيابياً اعتراضه إلى المحكمة في المدة النظامية نظر القاضي في اعتراضه ، فإن وجد ما يُؤثر استأنف النظر وبلغ الخصوم بما يلزم ، فإن لم يظهر له خلاف ما أجره دون ذلك في ضبط القضية بما يفيد اطلاعه على اللائحة ، وأنه لم يظهر له خلاف ما أجراه ، وأرسل المعاملة رفق صورة الضبط والصك لمحكمة التمييز ( ).
وينبغي أن يعلم أنه يثبت للمحكوم عليه غيابياً مع الاعتراض أمران هما :

(أ‌) طلب وقف نفاذ الحكم وله حكم القضاء المستعجل وفق الفقرة (ز) من المادة (234) وينظره مصدر الحكم أو خلفه (*).
ويكون الحكم الغيابي موقوفاً في حالتين هما :
1. صدور حكم بوقف نفاذه من القاضي بطلب المحكوم عليه .
2. صدور حكم معارض له يلغيه .( )
أما وقت إمكانية سماع طلب المحكوم عليه غيابياً وفق نفاذ الحكم ، هل يكون بعد صدوره أم بعد تصديقه من محكمة التمييز ؟
من المعلوم أن الأحكام القابلة للتنفيذ هي الأحكام القطعية . وأما الحكم الغيابي فلا يكون قطعياً إلا بعد تصديقه من محكمة التمييز .( )

لكن هناك حالات معينة يجب أن يشمل الحكم فيها التنفيذ المعجل بكفالة أو بدونها حسب تقدير القاضي قبل اكتساب الحكم القطعية ، وذلك كالأحكام الصادرة في الأمور المستعجلة ( ) ، أو الحكم الصادر بتقدير نفقة ، أو أجرة رضاع ، أو تسليم صغير لحاضنة أو تفريق بين زوجين أو أداء أجرة خادم ونحوها ( ) . وللتنفيذ المعجل أحكامه في نظام المرافعات وليس فيها ما يستثنى الحكم الغيابي .
فالظاهر أن طلب وقف تنفيذ الحكم يشمل الحكم قبل تصديقه من محكمة التمييز إذا كان التنفيذ معجلاً مأموراً به في الحكم ، ويشمل الحكم المصدق في محكمة التنفيذ .

(ب‌) طلب التماس إعادة النظر في الحكم الصادر ضده غيابياً بعد اكتسابه القطعية ( ) ، ويرفع لمحكمة التمييز وفقاً للمادة (194) من نظام المرافعات .

ومدة طلب التماس إعادة النظر ثلاثون يوماً ، تبدأ من تاريخ تبليغ الحكم النهائي إلى الشخص المحكوم عليه أو وكيله ( ) ، ويكون التبليغ للمحكوم عليه أو وكيله نسخة من الحكم وفق إجراءات التبليغ ( ) . ويشمل الحكم النهائي :

1) الأحكام في الدعاوى اليسيرة التي لا تخضع للتمييز .
2) الأحكام التي قنع بها المحكوم عليه .
3) الأحكام التي فات آخر ميعاد للاعتراض عليها .
4) الأحكام المصدقة في محكمة التمييز .
5) الأحكام الصادرة من محكمة التمييز .( )

ويرفع الالتماس بإعادة النظر بإيداع صحيفة الالتماس لمحكمة التمييز ، ويجب أن تشتمل الصحيفة على بيان الحكم الملتمس إعادة النظر فيه وأسباب الالتماس.( )
ويُلاحظ هنا أن القاضي لا ينظر في طلب إعادة النظر ، ولا يملك فتح المرافعة في القضية ، وإنما يُقَدَم ذلك لمحكمة التمييز مباشرة ، وهي تفصل في هذا الطلب وتصدر قراراً متى اقتنعت بذلك ، وتبعثه للمحكمة المختصة للنظر في ذلك.( )

الحالة الثانية : أن يكون تبليغ المدعى عليه لشخصه :

إذا بُلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله الشرعي في القضية نفسها بموعد الجلسة ، أو أودع هو أو وكيله مذكرة بدفاعه للمحكمة قبل الجلسة ، فغاب عن الجلسة نظرت المحكمة الدعوى وحكمت فيها دون تأجيل.( )
وهذا مفهوم الفقرة 56/6 من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات في حال تعدد المدعى عليه ، فقد جاء فيها ما نصه ( إذا تغيب من أعلن لشخصه ، وحضر من لم يعلن لشخصه فعلى المحكمة نظر القضية والحكم فيها ) . فنصت على نظر الدعوى والحكم فيها دون إعادة التبليغ لمن بلغ لشخصه .
وهو مفهوم الفقرة 55/2 من اللوائح التنفيذية ، حيث ذكرت تأجيل النظر لجلسة ثانية في حق من بُلِّغ لغير شخصه ليُبلَّغ ثانية ، مما يعني أنه إذا تبلغ لشخصه لا يعاد التبليغ .

كما نصت الفقرة 55/1 من اللوائح التنفيذية على أنه ( إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله الشرعي في القضية نفسها بموعد الجلسة … فيُعد الحكم في حقه حضورياً … ) فلم تشر الفقرة إلى إعادة الإعلان .
كما نصت المادة (56) من نظام المرافعات على أنه ( إذا تعدد المدعى عليهم وكان بعضهم قد أعلن لشخصه وبعضهم الآخر لم يعلن لشخصه ، وتغيبوا جميعاً أو تغيب من لم يعلن لشخصه ، وجب على المحكمة في غير الدعاوى المستعجلة تأجيل الدعوى إلى جلسة تالية ، يُعِلن المدعي بها من لم يُعلَن لشخصه من الغائبين ).
فنصت على أن إعادة الإعلان لمن أعلن لغير شخصه ، ومفهومها أن من أعلن لشخصه لا يعاد إعلانه .

– صدور الحكم :
إذا أصدر القاضي حكمه في هذه القضية ، فإن الحكم يُعدُّ في حق المدعى عليه حضورياً ، ويُشير لذلك عند الحكم . لكنه يكون خاضعاً لتعليمات التمييز ( ) .
ومفهوم ذلك أن يُمكَّن من تقديم الاعتراض على الحكم خلال المدة النظامية للاعتراض ، وهي ثلاثون يوماً ، ويلزم على هذا فيما يظهر أن يبلغ المدعى عليه أو وكيله بنسخة من الحكم ، لعموم الفقرة (176/4) ، حيث ذكرت أن إذا كان الحكم غيابياً ، فيكون تبليغ المحكوم عليه أو وكيله نسخة في محل إقامته أو عمله وفق إجراءات التبليغ ، ويبدأ ميعاد الاعتراض على الحكم من تاريخ التبليغ ، وإذا لم يقدم اعتراضه خلال المدة المقررة نظاماً ، فيكتسب الحكم القطعية وفق المادة (178) ، فالمقصود من كلمة ( غيابياً ) هنا جنس الغيابي أي من صدر الحكم ضده ولم يحضر مجلس الحكم ، سواءً كان قد بلغ لشخصه فاعتبر الحكم في حقه حضورياً . أو لم بُلغ لغير شخصه فاعتبر الحكم في حقه غيابياً .
والذي جعلنا نحمل هذه الفقرة على هذا العموم ما ورد في الفقرة (55/2) من أن الحكم في كلا الحالتين الحضوري والغيابي يخضع لتعليمات التمييز ، وقد جاءت تعليمات التمييز بإبلاغ المحكوم عليه الغائب بنسخة من صك الحكم . ولا شك أن هذا مقتضى العدالة لا سيما وقد صدر الحكم على المدعى عليه بعد تبليغه من أول مرة … فمن مقتضى العدالة وتحقيقاً لنزاهة القضاء أن يمكن من الاعتراض بإبلاغه صدور الحكم عليه من المحكمة . وهذا ما عليه العمل في محكمة التمييز .

هناك صور أربع يُعد الحكم فيها على المدعى عليه الغائب حضورياً وهي :
(1) إذا بلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله الشرعي في القضية نفسها بموعد الجلسة فتغيب .
(2) إذا أودع المدعى عليه أو وكيله مذكرة بدفاعه للمحكمة قبل الجلسة من ثم تغيب عنها.
(3) إذا كان غياب المدعى عليه ، أو وكيله بعد قفل باب المرافعة .( )
(4) إذا تعدد المدعى عليهم في الدعوى الحقوقية وتغيبوا جميعاً ، وكان كل واحد قد أعلن لشخصه ، أو تغيب منهم من أعلن لشخصه ، فعلى المحكمة نظر القضية والحكم فيها ويُعد الحكم في حقهم حضورياً .
فإن تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً ، وكان بعضهم قد أعلن لشخصه ، وبعضهم قد أعلن لغير شخصه ، أو تغيب منهم من لم يعلن لشخصه ، فيجب على المحكمة في غير الدعاوى المستعجلة تأجيل الدعوى إلى جلسة تالية يعلن بها من لم يعلن لشخصه من المدعى عليهم الغائبين ، ويعد الحكم حضورياً في حق المدعى عليهم جميعاً. ( )
والمحكوم عليه الغائب إذا عد الحكم في حقه حضورياً ليس له طلب التماس إعادة النظر بعد اكتساب الحكم القطعية ، كما هو مفهوم الفقرة (158/1) (أ) حيث أثبتت ذلك لمن عُد الحكم في حقه غيابياً فقط ، وكما هو مفهوم الفقرة (د) من المادة (192) من نظام المرافعات ، بل هو منطوق الفقرة (56/5) . كما أنه ليس له طلب وقف نفاذ الحكم كما هو مفهوم الفقرة (58/1) .
ويكون الحكم هنا قطعياً بتصديقه من محكمة التمييز كما هو نص
الفقرة (56/5).

ثانياً : تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً عن الجلسة في الدعوى الجزائية :

إذا تغيب المدعى عليه عن الجلسة في الدعوى الجزائية ، سواء كان المدعي فيها الادعاء العام أم المدعي بالحق الخاص ، دون عذر تقبله المحكمة رغم إبلاغه بالموعد إبلاغاً صحيحاً ، ولم يرسل وكيلاً ينوب عنه في الأحوال التي يسوغ فيها التوكيل ، فيسمع القاضي دعوى المدعي وبياناته ، ويرصدها في ضبط القضية ، ويحدد جلسة أخرى يبلغ فيها المدعى عليه ، وللقاضي أن يصدر أمراً بإيقافه. ( )
ولا فرق بين أن يبلغ لشخصه أو لغير شخصه في ذلك ( ) . ولكن لا يحكم القاضي على المدعى عليه غيابياً ، بل لابد من إحضاره ، حيث خول له النظام إيقافه والحكم عليه حضورياً حقيقة ، سواء كان المدعى عليه واحداً أو أكثر من ذلك. ( )
على أنه إذا اعترض طالب التمييز في الدعوى الجزائية على الحكم ولم يقدم اعتراضه عليه في المدة النظامية ، وهي ثلاثون يوماً من تاريخ تسلم صورة الحكم ، أو من تحديد المحكمة بعد النطق بالحكم موعداً أقصاه عشرة أيام لتسلم صورة الحكم بإثباته في ضبط القضية ( ) ، فإن المحكمة ترفع الحكم رفق كامل المعاملة مع صورة من ضبط القضية مصدقة لمحكمة التمييز خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ النطق بالحكم . وإذا كان الحكم صادراً بالقتل أو الرجم أو القطع
أو القصاص فيما دون النفس ، فيجب تمييزه ولو لم يطلب أحد الخصوم تمييزه ، وعلى المحكمة أن ترفعه إلى محكمة التمييز خلال المدة المذكورة آنفاً. ( )
وللمحكوم عليه في الدعوى الجزائية طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية بالعقوبة ( ) برفع طلبه في صحيفة يقدمها للمحكمة التي أصدرت الحكم مشتملة على بيان الحكم المطلوب إعادة النظر فيه وأسباب الطلب ( ) ، ويجب على المحكمة النظر في طلب إعادة النظر ، وتفصل أولاً في قبول الطلب من حيث الشكل ، فإذا قبلته حددت جلسة للنظر في الموضوع ، وعليها إبلاغ أطراف الدعوى ( ) . وهذا بخلاف طلب إعادة النظر في الدعوى الحقوقية فإنه يقدم لمحكمة التمييز مباشرة كما سبق .

المطلب الثاني : إذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا أو تغيب بعضهم عن الجلسة :

أولاً : تغيب المدعى عليهم أو بعضهم عن الجلسة في الدعوى الحقوقية :

المقصود بتعدد المدعى عليهم في الدعوى الواحدة أن يكونوا شركاء في أموال ثابتة أو منقولة ، بحيث يكون الحكم لأحدهم أو عليه حكماً للجميع أو عليهم ( ) ، فإن تغيب المدعى عليهم أو بعضهم عن الجلسة في الدعوى الحقوقية فلا يخلو الأمر من حالتين :
الحالة الأولى : إذا تغيبوا جميعاً ، وكان كل واحد قد أعلن لشخصه ، أو تغيب منهم من أعلن لشخصه ، وحضر من أعلن لغير شخصه فعلى المحكمة نظر القضية والحكم فيها ، ويعد الحكم في حقهم حضورياً. ( )
الحالة الثانية : إذا تعدد المدعى عليهم وتغيبوا جميعاً ، وكان بعضهم قد أعلن لشخصه ، وبعضهم قد أعلن لغير شخصه ، أو تغيب منهم من لم يعلن لشخصه ، فيجب على المحكمة في غير الدعاوى المستعجلة تأجيل الدعوى إلى جلسة تالية يُعلن المدعي بها من لم يعلن لشخصه من الغائبين ، ويُعد الحكم حضورياً في حق المدعى عليهم جميعاً. ( )

ثانياً : تغيب المدعى عليهم أو بعضهم عن الجلسة في الدعوى الجزائية :

لا تختلف الإجراءات هنا عما إذا تغيب المدعى عليه إذا كان واحداً في الدعوى الجزائية ، وقد سبق الكلام عليه في الفقرة (ثانياً) من المطلب الأول من المبحث الثاني ، فما قيل هناك يقال هنا .

المبحث الثالث : غياب المدعي والمدعى عليه عن الجلسة معاً :

إذا غاب المدعي والمدعى عليه معاً عن الحضور في جلسة من جلسات المحاكمة ولم يحضر وكلاء عنهم ، ولم يتقدم المدعي بعذر تقبله المحكمة شطبت الدعوى ( ) ، بعد انتهاء المدة المحددة للجلسة ( ) . ويرجع في تقدير العذر المقبول لناظر القضية( ).
وللمدعي بعد شطب الدعوى للمرة الأولى طلب استمرار النظر فيها ، وحينئذ تحدد المحكمة جلسة لنظرها ، ويبلغ المدعى عليه بذلك ، فإن غاب المدعي والمدعى عليه عن الجلسة المحددة الثانية ، ولم يتقدم المدعي بعذر تقبله المحكمة شطبت الدعوى للمرة الثانية ، ولا تسمع بعد ذلك إلا بقرار من المجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة ( ) ، وإذا شطبت للمرة الثالثة بعد حضور المتداعين فلا تسمح إلا بقرار من مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة ، وبعد أخذ التعهد على المدعي من قبل ناظر القضية بعدم تكرار ما حصل منه ( ).

المبحث الرابع : غياب الخصم عن الحضور عند معاينة محل النزاع( )

المطلب الأول : غياب الخصم عن الحضور عند معاينة محل النزاع :

يجوز للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها ، أو بناء على طلب أحد الخصوم معاينة المتنازع فيه بجلبه إلى المحكمة إن كان ذلك ممكناً ، أو بالانتقال إليه ، أو ندب أحد أعضائها لذلك ، على أن يذكر في القرار الصادر بذلك موعد المعاينة ، ولها أن تستخلف في المعاينة المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المكاني الشيء المتنازع فيه ، وفي هذه الحالة يبلغ قرار الاستخلاف القاضي المستخلف على أن يتضمن هذا القرار جميع البيانات المتعلقة بالخصوم وموضع المعاينة ، وغير ذلك من البيانات اللازمة لتوضيح جوانب القضية ، ويدون ذلك في ضبط القضية .( )
وتدعو المحكمة أو القاضي المنتدب أو المستخلف الخصوم قبل الموعد المعين بأربع وعشرين ساعة على الأقل – عدا مهل المسافة – بمذكرة ترسل بوساطة إدارة المحكمة تتضمن بيان مكان الاجتماع ، واليوم والساعة التي سينعقد فيها ، ويتم التبليغ وفق المادتين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من نظام المرافعات .( )
( وللمحكمة أو القاضي المنتدب أو المستخلف للمعاينة تعيين خبير أو أكثر للاستعانة به في المعاينة )( ).
فإن لم يحضر الخصوم أو أحدهم في الوقت المحدد للمعاينة ، فيقوم القاضي بإجراء ما يلزم حيال المعاينة ، كما أن له سماع شهادة الشهود والخبراء حال المعاينة ، ولم يحضر الخصوم أو أحدهم ( ) ، إذا بلغوا بالموعد تبليغاً صحيحاً .

المطلب الثاني : غياب ذوي الشأن عن الحضور لإثبات الحالة

( يجوز لكل صاحب مصلحة في إثبات معالم واقعة تحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء مستقبلاً أن يقدم للمحكمة المختصة بها محلياً بدعوى مستعجلة لمعاينتها بحضور ذوي الشأن ، وإثبات حالتها ).( )
ويرجع في تحديد الشأن لناظر القضية ( ) ، ويتم إبلاغ ذوي الشأن قبل الموعد المعين بأربع وعشرين ساعة على الأقل – عدا مهل المسافة – ويتم التبليغ وفق المادتين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من نظام المرافعات ( ).
فإن حضر صاحب المصلحة ، ولم يحضر ذوو الشأن في الوقت المحدد للمعاينة سمعت دعوى المعاينة ، ويتم إثبات الحالة ، إذا بلغ ذوو الشأن بالموعد تبليغاً
صحيحاً ( ).

المبحث الخامس : غياب الخصم عند أداء الشهادة ( )

المطلب الأول : غياب المشهود عليه :

إذا حضر الشاهد في الجلسة المحددة لسماع شهادته ، وحضر المشهود له ، ولم يحضر المشهود عليه ، ولا وكيل عنه في الأحوال التي يسوغ فيها التوكيل ، فيتم سماع شهادة الشاهد وضبطها ، فإذا حضر المشهود عليه في جلسة تالية تليت الشهادة عليه سواء أكانت الدعوى حقوقية ، أم جنائية ( ).

المطلب الثاني : غياب المشهود له :

إذا حضر الشاهد في الجلسة المحددة لسماع شهادته ، وحضر المشهود عليه ، ولم يحضر المشهود له ، فلا يخلو الأمر من حالتين :
الحالة الأولى : أن تكون الدعوى في حق خاص ، فلا تسمع الشهادة ، وتشطب الدعوى إذا كان تخلف المدعي لغير عذر مقبول ، كما سبق بيانه .( )
الحالة الثانية : أن تكون الدعوى في حق عام فتسمع الشهادة ، ولا يؤثر غياب المدعي العام في سير القضية كما سبق بيانه .( )

المبحث السادس : تخلف من توجهت إليه اليمين عن الحضور لأدائها ، أو تخلف طالبها عن الحضور عند أدائها ( )

المطلب الأول : تخلف من وجهت إليه اليمين عن الحضور لأدائها

إذا توجهت اليمين إلى الخصم – بعد سماع الدعوى – فيبلغ بذلك حسب إجراءات التبليغ ، ويشعر بوجوب حضوره لأداء اليمين ، وأنه إذا تخلف لغير عذر تقبله المحكمة عُد ناكلاً ، وأنه يُقضي عليه بالنكول ( ) ، فإن تخلف دون عذر مقبول عد ناكلاً ، وقضي عليه بالنكول .
أما إن كان له عذر يمنعه من الحضور تقبله المحكمة ، فينتقل القاضي لتحليفه ، أو تندب المحكمة أحد قضاتها ( ) ، أو أحد الملازمين القضائيين فيها ، فإذا كان من وجهت إليه اليمين يقيم خارج نطاق المحكمة المكاني فلها أن تستخلف في تحليفه محكمة محل إقامته ، وفي كلا الحالتين يحرر محضر بحلف اليمين يوقعه الحالف والقاضي المستحلف أو المندوب والكاتب ومن حضر من الخصوم ( )

المطلب الثاني: تخلف طالب اليمين عن الحضور عن أدائها .

يجب أن يكون طالب اليمين في مواجهة طالبها ، إلا إذا قرر تنازله عن حضور أدائها ، فإن قرر تنازله عن حضور أدائها دون ذلك في ضبطه ، وسمعت دون حضوره.
فإن تخلف عن الحضور عند أداء اليمين ، ولم يقرر تنازله عن حضور أدائها ، سمعت دون حضوره إذا كان عالماً بالموعد المحدد لسماعها ، وكان تخلفه دون عذر مقبول( ).

المبحث السابع : غياب الخصوم أو أحدهم عن الحضور في الوقت المحدد لقيام الخبير بمهمات عمله

للمحكمة أن تقرر ندب خبير أو أكثر ، سواء أكانوا من التابعين لها ، أم غيرهم ، وتحدد في قرارها مهمة الخبير ، وأجلاً لإيداع تقريره ( ) ، وعلى الخبير أن يحدد لبدء علمه تاريخاً لا يتجاوز الأيام العشر التالية لتسلمه قرار الندب ، وأن يبلغ الخصوم في ميعاد مناسب بمكان الاجتماع وزمانه بكتاب مسجل ، وإذا تعذر ذلك فيكون التبليغ عن طريق المحكمة وفق المادتين الخامسة عشرة ، والثامنة عشرة من نظام المرافعات ( ).
فإن لم يحضر الخصوم أو أحدهم في الوقت المحدد ، فيقوم الخبير بمباشرة أعماله إذا كان الخصم المتغيب قد بلغ بالموعد تبليغاً صحيحاً ( ).
كما أن للمحكمة عند الاقتضاء أن تعين خبيراً لإبداء رأيه شفوياً في
الجلسة ( ) ، أو لإجراء مقارنة تحت إشرافها لخط أو إمضاء أو بصمة أو ختم حصل إنكاره على ما هو ثابت منها ( ) ، و ” على الخصوم أن يحضروا في الموعد الذي يعينه القاضي لتقديم ما لديهم من أوراق المقارنة … فإن تخلف الخصم المكلف بالإثبات بغير عذر جاز الحكم بسقوط حقه في الإثبات ، وإذا تخلف خصمه جاز اعتبار الأوراق المقدمة للمقارنة صالحه لها ” وفق ما نصت عليه المادة الرابعة والأربعون بعد المائة من نظام المرافعات .

المبحث الثامن : الفرق بين الحكم الحضوري والحكم الغيابي :

هناك عدة فروق بين الحكم الحضوري سواء كان حقيقياً أو حكيماً ، وبين الحكم الغيابي ، بيانها فيما يلي :
(1) أن الغائب على حجته متى حضر في الحكم الغيابي بخلاف الحكم الحضوري.( )
(2) أن للمحكوم عليه غيابياً طلب التماس إعادة النظر في الحكم الصادر ضده غيابياً بعد اكتساب القطعية ، بخلاف المحكوم عليه حضورياً فليس له ذلك. (وإن كان هذا الفرق هو مفهوم الفرق الأول ومقتضاه ).
(3) للمحكوم عليه غيابياً أن يطلب من المحكمة على وجه السرعة وقف نفاذ الحكم مؤقتاً ( ) ، وليس للمحكوم عليه حضورياً ذلك.

المبحث التاسع : الفرق بين الحكم في الدعاوى الحقوقية والحكم في الدعاوى الجزائية :

بتأمل نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية نجد هناك فروقاً بين الحكم إذا صدر في دعوى حقوقية عنه إذا صدر في دعوى جزائية ، سواء كانت في حق عام أو خاص ، ويمكن جمع هذه الفروق بينهما فيما يلي :
(1) أنه يسوغ الحكم في الدعوى الحقوقية غيابياً بعد تبليغ المدعى عليه لشخصه أو تبليغه لغيره ، في موعدين كما سبق بيانه تفصيلاً في المبحث الثاني ( ) ، فلا يُحضر المدعى عليه في القضايا الحقوقية جبراً . بينما لا يسوغ الحكم على المدعى عليه في الدعوى الجزائية إلا بعد حضوره شخصياً ( ) ، ولو أدى ذلك إلى توقيفه.
(2) إذا تبلغ المحكوم عليه أو وكيله الشرعي بنسخة من الحكم الصادر في القضايا الحقوقية أو كان حاضراً وقرر عدم قناعته وطلب التمييز … فإذا مضت المدة ولم يعترض سقط حقه في الاعتراض واكتسب الحكم القطعية ، ولا يرفع الحكم لمحكمة التمييز ، بل يهمش ضبط القضية وصك الحكم بذلك. ( )
بينما إذا اعترض المحكوم عليه أو وكيله الشرعي على الحكم الصادر في الدعوى الجزائية ولم يقدم لائحته الاعتراضية ، سواء استلم نسخة من الحكم أم لم يستلم ، فإنه لابد من رفع المعاملة مع الحكم لمحكمة التمييز لتدقيقه بدون لائحة ، ولا يكتسب القطعية حينئذ إلا بعد تصديقه من محكمة التمييز خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ النطق بالحكم .( )
(3) طلب التماس إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة في القضايا الحقوقية يكون بتقدم أو اتخاذ أي إجراء عليه إلا بعد رفعه لمحكمة التمييز ، وصدور قرار منها بهذا الشأن .( )
أما في القضايا الجنائية فإن المحكمة التي أصدرت الحكم تنظر ابتداء في طلب إعادة النظر في الحكم النهائي وتفصل في قبول الطلب من حيث الشكل ، فإن قبلته حددت جلسة للنظر في الموضوع ، وتبلغ أطراف الدعوى بذلك .( )

هذا ما تيسر جمعه في هذا المقام ، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى ، وللحكم بين عباده بالحق والعدل ، وأن يجعلنا من عباده المقسطين وأوليائه المتقين وحزبه المفلحين المقربين . إنه جواد كريم … والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .