الاستاذ خميس يونس

حرص المشرّع في السنوات الأخيرة على إيلاء الشركة التجارية أهمية كبيرة نظرا لترّسخ القناعة بأهميتها في الحياة الإقتصادية والإجتماعية وهو ماحدى به إلى مراجعة بعض الأحكام الخاصة المتعلقة بالإجراءات الجّماعية وتخصيص القواعد القانونية للشركات التجارية بمجلّة قانونية مستقلّة حتى تكون تشريعاتنا في هذا المجال مواكبة للإنفتاح الإقتصادي المدروس خاصّة ونحن في عهد العولمة الإقتصادية والشراكة وتأهيل المؤسسات لجعلها قادرة على خوض غمار المنافسة في إطار المنظومة التجارية العالمية.

لكن أمام هذا التطوّر التشريعي لقانون الشركات والأحكام المرتبطة بالإجراءات الجماعية حافظ المشرّع على بعض المؤسسات القانونية مع تطوير قواعدها حتى تتلائم مع الظروف الجديدة وقد أبقى في هذا الإتجاه على بعض القواعد الحمائية لما لهذا الموضوع من تأثيرات مباشرة على الإئتمان خاصّة على مؤسّستنا الإقتصاديّة.

ومثلما يعدّ ميلاد الشركة حدثا اقتصاديا واجتماعيا هامّا يعدّ زوالها حدثا اقتصاديا واجتماعيا بالغ الخطورة على العمال والشركاء بصورة خاصّة وعلى الإقتصاد والمجموعة الوطنية بصورة عامّة[1].

لذلك رأت أغلب التشريعات أن للمسيّرين دورا هامّا في نجاح الشركة أو إخفاقها وإفلاسها وأنه في غالب الأحيان يكون هذا الإفلاس نتيجة أخطاء تصرّف أو أعمال إجرامية تجاه الشركة وتجاه دائنيها، وبالتالي أقرّت معظم تلك التشاريع تسليط جزاء على مسيّري الـشــركــات الـذيـن يلحقون ضررا بها سواء بسحب الفلسة عليهم (الفصل 596 م تجارية) أو تحميلهم العجز المالي لشركة.

ويختلف تسديد العجز عن سحب الفلسة فالشخص المحمول عليه تسديد العجز يعتبر مسؤولا مسؤولية مالية، وهي في حقيقتها مسؤولية ينجرّ عنها التعويض إذ تمثل درجة أولى من الشدّة الحزم تجاه مسيّري الشركات تمكّن من زجر المخافات المرتكبة أثناء سير الشركة المفلسة لكن هاته الصّرامة تبقى نسبيّة إذ أنها لا تتعدّى الجانب المالي “التعويض” كما أنّها لا تتصرف إلاّ إلى جزء من الذمّة المالية للمسيّر[2]، على خلاف دعوى سحب الفلسة التي هي جزاء أكثر خطورة تفيد بالإضافة إلى تحميله بالعجز تسليط العقوبات عليه بما فيها تحاجير التفليس.

إن مسؤولية المسير في الشركات التجارية تبقى مختلفة بحسب الشكل القانوني للشركة وبحسب مشاركته في رأس مال الشركة من عدمه.

فالشركاء في شركات الأشخاص مسؤولون بالتضامن مسؤولية لا محدودة بديون الشركة بينما الشركاء والمساهمون في شركات الأموال وخاصّة في الشركات ذات الخطر المحدود لا يكونوا ملزمين بما على الشركة من ديون إلاّ بقدر ما ساهموا به من المال[3] وفي مثل هذه الشركات يعمد بعض المسيّرين إلى التخفي ورائها واستعمالها غطاء للتستر بها بما يؤدّي إلى إنهيارها في بعض الأحيان.

ومنذ سنة 1959 أخذ المشرع بعين الإعتبار لهذا الخطر تأثرا بالقانون الفرنسي ووضع آليتين لزجر مثل تلك التصرّفات سواء عبر دعوى سحب الفلسة الواردة بالفصل 596 من المجلة التجارية ودعوى تسديد العجز الواردة بالفصلين 74 و 160 فقرة 2 من نفس المجلة المتعلقين بالشركة الخفية الإسم والشركة ذات المسؤولية المحدودة، وهاتين الآليتين يمكن إعتمادها في كلّ مرّة يقع الحكم فيها بتفليس الشّركة المستهدفة.

هذين الفصلين الأخيرين وقع تنقيحهما بمقتضى القانون عـ93-2000ـدد المؤرخ في 3 نوفمبر 2000 الصّادرة به مجلة الشركات التجارية وتم تعويضهما بالفصل 121 من المجلة الجديدة بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة والفصل 214 بالنسبة للشركة خفية الإسم ذات مجلس الإدارة والفصل 254 بالنسبة لشركة خفية الإسم ذات هيئة الإدارة الجماعية ومجلس المراقبة.

كما وقع التوسع في مجال هذه الدعوى المالية ليطال الشركة حتى في صورة فتح إجراء ات التسوية القضائية ضدها. وبالتالي أصبحت دعوى تسديد العجز استثناء لمبدأ الفصل بين الذمة المالية للشخص والذمة المالية للشركة الذي أتى به قانون 17 أفريل 1995[4] ذلك أن هذه الدّعوى أعطت للدّائن فرصة استخلاص دينه مباشرة من الذمة المالية للمسيّر[5]. وهذه الدعوى لم يبتكرها القانون التونسي بل تأثر في تحديد قواعدها بالقانون الفرنسي وهي إجراء يقترب من وضعية الشريك في الشركات الأشخاص الذي يتحمل مسؤولية تضامنية لا محدودة بالديون لكن تختلف عنه في بعض النقاط أهمها أن:

– تحمل الديون بالنسبة للشريك في شركات الأشخاص هو التزام قانوني مباشر بينما تسديد العجز لا يتم إلا بحكم قضائي وفقا لإجراءات دعوى المسؤولية المدنية.

– كما أن الفصول 121 و 214 و 254 لا تحمل العجز إلاّ بالنسبة للمسريين فقط عند فتح إجراء جماعي ضد الشركة المستهدفة بينما تتعلق المسؤولية اللاّ محدودة بالشركاء حتى وإن كانو من غير الوكلاء.

اخـتــلـف الــفـقه حول الأساس القانوني لهذه الدّعوى و قد اعتبرالأستاذ لاقــــارد (Mr. Lagarde) أنه جزاء لإخلال المسير بالشركة يقترب من صبغته الجزائية[6].

بينما اعتبر آخرون أن الأساس يقوم على مفهوم التصرّف[7] بمعزل عن الخطأ أي تمارس الدّعوى ضد المسيّر الذي أساء التصرف بالشركة أي أن الدعوى لا تشمل فقط من أخطأ ولكن كل من أساء تسيير الشركة سواء مارس مهمة التصرف أو التسيير حتى بصورة غير قانونية أو وهمية.

لكن فقه القضاء يعود في كلّ مرّة لمفهوم الخطأ لتأسيس أحكامه.

إنّ أهمية دراسة هذه الدعوى تكمن في معطيين:

لقد بقيت دعوى تسديد العجز مرتهنة للدراسات الفقهية ولم تستوف حضها من الناحية العملية والتطبقية رغم قدم المؤسسة بالتالي فإن دراستها من جديد تعيد الإهتمام بمؤسسة قانونية هامة.

كما تمكن أهميتها العملية في كونها دعوى مالية غايتها التعويض و أن ندرة العمل القضائي بهذه الدعوى يعود إما لجهل أمناء الفلسة بوجودها أو لعدم وضوح طبيعتها القانونية وبالتالي نظامها القانوني مقارنة بدعاوى المسؤولية الأخرى مما يؤدي إلى التساؤل التالي ماهي دعوى تسديد العجز؟

رغم التشعب الناشىء عن عدم وضوح الطبيعة القانونية لدعوى تسديد العجز إلا أن الفقه وفقه القضاء مجمع على أن دعوى تسديد العجز هي من دعاوى المسؤولية المدنية (I) تتسم بنظام قانوني متميّز(II).

الجزء الأول : دعوى تسديد العجز من دعاوى المسؤولية

ينبغي توفر الشروط الأساسية للدعوى نظرا لأن دعوى تسديد العجز من دعاوى المسؤولية المدنية وهاته الشروط تنقسم :

شرط ذاتي متعلق بمقترف الخطأ وهو المسير والذي توسع مفهومه إلى كل شخص يمارس مهمة التسيير القانوني أو الفعلي (I) أما بقية الشروط فتكتسي طابعا موضوعيا تتمثل في الخطأ والضرر ومتعلقين أساسا بالخطأ في التصرف وعجز الأصول (II)

قسم (1) : توسّع مفهوم المسيّر :

تمتد الدعوى إلى كل مسير شركة تجارية مفتوح ضدها إجراء جماعي (1) سواء كان مسيرا قانونيا أو مسيرا فعليا (2).

فرع (1) : مسير شركة في طور إجراء جماعي :

إنّ القواعد المتعلقة بدعوى تسديد العجز وارتباطها بالشركات التجارية يكشف توسعا في مجال هذه الدّعوى انطلاقا من بروز أشكال جديدة لشركة التجارية ومنها شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة والشركة الخفية الإسم ذات هيئة الإدارة الجماعية التي أصبح مسيروها يخضعون لقواعد تسديد العجز مثلهم مثل الوكلاء في الشركة ذات المسؤوليات المحدودة والمسيّرون في شركة خفية الإسم الكلاسيكية[8] (فقرة1)

وكما توسع المشرّع في مجال هذه الدّعوى لتشمل بالإضافة إلى الشركات الخاضعة لإجراءات التفليس (2) (فقرة 2) الشركات المتمتعة بإجراءات قانون الإنقاذ.

الفقرة 1 – الشركات التجارية المشمولة والمستثناة من مجال الدعوى

تقترن دعوى تسديد العجز ببعض الشركات -أ- مع إستثناء البعض الآخر–ب-

أ- الشركات التجارية المشمولة بدعوى تسديد العجز:

بدراسة قواعد مجلة الشركات التجارية يتضح أن مسيري الشركات التجارية المشمولة بدعوى تسديد العجز هم مسيروا الشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركات الخفية الإسم بنوعيها الكلاسيكي و الحديث كيفما تبينه الفصول 121 و 214 و 254 من مجلة الشركات.

لكن مجال هذه الدعوى قد يتسع ليشمل شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة وشركة المقارضة بالأسهم و ذلك إعتمادا على قواعد الفصلين 148 من مجلة الشركات التجارية الذي يحيل على الفصل 121 من نفس المجلة وكذلك الفصل 391 الذي يقر بانطباق القواعد المتعلقة بشركات المقارضة البسيطة وقواعد الشركات الخفية الإسم المتلائمة مع الأحكام الخاصة بهذا العنوان على شركات المقارضة بالأسهم.

وبالتالي فإنّ الشركات التجارية التي يخضع مسيروها لدعوى تسديد العجز يجب أن تتمع بالشخصية المعنوية الناشئة بمجرد ترسيمها بالسجل التجاري ذلك أن الشركة التجارية في طور التأسيس لا يمكن أن تتمتع بفتح إجراء جماعي ضدها لذلك لا يمكن تتبع الذمّة الماليّة للمؤسسين على أساس دعوى تسديد العجز[9] بينما الشركة التي هي في طور التصفية يمكن أن تشملها الدعوى في صورة استحالة خلاص ديونها وذلك عند طلب المصفي فتح إجراء جماعي ضدها عملا بأحكام الفصل 592 من المجلة التجارية الذي جاء فيه أن الشركة في طور لتصفية يمكن تفليسها.

كما أن الشركة المرسمة بالسجل التجاري والتي يتضح أنها باطلة تعد شركة فعلية تنطبق عليها اجراءات التسوية القضائية أو التفليس وذلك لأن التصريح ببطلان الشركة ينتج آثار التصفية القضائية عليها وبالتالي يمكن إثارة دعوى تسديد العجز في صورة فتح إجراء جماعي ضدها بطلب من المصفي.

ب- التجمعات المستثناة :

لا تشمل دعوى تسديد العجز مسيري شركات المفاوضة وتجمع المصالح الإقتصادية لأن هؤلاء محمولين على خلاص الديون بالتضامن وبصورة لا محدودة.

كما لا تشمل دعوى تسديد العجز مسيري الشركات التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية مثل شركات المحاصة كما لا تشمل أيضا الدعوى مسيري تجمع الشركات التجارية لعدم تمتعه بشخصية معنوية مستقلة ولكن قد تشمل الدعوى المسير في كل شركة على حدة بمعزل عن الشركات الأخرى في ذلك التجمع.

الفقرة 2 الشركات الخاضعة للتسوية القضائية

حتى إصدار مجلة الشركات التجارية في 3 نوفمبر 2000 بقيت دعوى تسديد العجز مقترنة فقط بالشركات الخاضعة للتفليس أي إلى قواعد المجلة التجارية في هذا المجال التي لا تسمح بتتبع المسير من أجل تسديد العجز إلاّ في صورة إعلان تفليس الشركة.

وهذا الإتجاه الجديد من المشرع حتمته الظروف الإقتصادية الجديدة والأهداف التي سن من أجلها قانون الإنقاذ لا سيما تلك الواردة بالفصل الأوّل منه. كما أقر الفصل 54 من نفس القانون الخضوع الوجوبي للشركة لهذا القانون قبل تفليسها.مما يعني أن السياسة التشريعية تهدف من ورائه إلى المحافظة على الشركة عوض إنهائها وأصبح التفليس نتيجة ذلك إجراء إستثنائيا قـلّما يقع تطبيقه مما جعل المشرّع يوسع مجال دعوى تسديد العجز لتشمل الشركات الخاضعة لهذا القانون لكي تتمكن من تجاوز الصعوبات المارة بها عبر دعم ذمتها المالية.

لكن قد يطرح التساؤل في خصوص تنصيص المشرّع بالفصل 121 من مجلة الشركات المتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة لحالة التسوية القضائية وسكوته عن ذلك في الفصول 214 و254 المتعلقين بالشركات خفية الإسم هل يعني إقتصار دعوى تسديد العجز في حالة التسوية القضائية على الشركات ذات المسؤولية المحدودة؟ يبقى التساؤل مطروحا مرتبط بأهمية الشركات ذات المسؤولية المحدودة في النسيج الإقتصادي والعدد الكبير من هذه الشركات الخاضع للتسوية القضائية نتيجة سوء تصرف مسيريها سواء كانو قانونين أو فعليين.

فرع (2) : المسيّر القانوني أو الفعلي :

حددت الفصول 121 و 214 و 254 صنفين من المسيرين الذين يتحملون النتائج المالية لدعوى تسديد العجز وهما المسير القانوني (فقرة 1) والمسير الفعلي (فقرة 2)

الفقرة 1 : المسيّر القانوني :

المسيّر القانوني هو كلّ شخص يمارس وظائف التسيير بمقتضى تعيين قانوني[10] وهويتحمل العجز الحاصل بأصول الشركة سواء كان شخصا طبيعيا ( أ ) أو شخصا معنويا (ب) وسواء كان بأجرا أو بدون أجر (ج) أو أثناء مباشرته للتسير من عدمها (د).

– أ – المسير شخص طبيعي

يتخذ المسير صفة مختلفة بحسب نوع الشركة ففي الشركة ذات المسؤولية المحدودة يتخذ صفة المسير الوكيل أما في الشركة الخفية الإسم المسير هو الرئيس المدير العام أو المدير العام في صورة الفصل بين مهام رئيس مجلس الإدارة والمدير العام[11] والمديرون، وأعضاء مجلس المراقبة، مثلما يتبين في الفصل 214 من مجلة الشركات.

وبالتالي تمتد دعوى تسديد العجز ضمن تشريعنا الحالي إلى الوكيل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة الشخص الواحد ذات المسؤولية وشركة المقارضة بالأسهم، ومديري الشركة الخفية الإسم باستثناء وكلاء شركات الأشخاص ومديري تجمع الشركات التجارية وتجمع المصالح الإقتصادية.

1- وكيل شركة ذات مسؤولية محدودة :

يتحمل العجز كل من وكيل شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة والشركة ذات المسؤولية المحدودة ذلك وفقا للفصل 121 من مجلة الشركات التجارية.

2- مسيّر الشركة الخفية الإسم :

* في الشركة خفية الإسم الكلاسيكيّة : ( ذات مجلس الإدارة ) حسب الفصل 214 من مجلة الشركات مسيروا الشركة المحمولين بتسديد العجز هم : الرّئيس المدير العام، المديرون العامون المساعدون، أو أعضاء مجلس الإدارة.

وبالنسبة لرئيس مجلس الإدارة[12] يلعب هذا الأخير دورا هاما في الشركة ومن المنطقي أن تكون مسؤوليتة كبيرة نتيجة ذلك الدور بما في ذلك تحميله العجز في صورة إعلان تفليس الشركة وحصول عجزبها. كما أن أعضاء مجلس الإدارة أيضا لهم صلاحيات كبيرة[13] ويمكن تتبعهم من أجل تسديد العجز.

ويمكن الإشارة إلى أنّ الفصل 214 من مجلة الشركات التجارية أضاف المديرون العامون المساعدون مقارنة بالفصل 74 قديم في المجلة التجارية الذين يمكن أن تمتد إليهم الدعوى.

وقد كان هذا المنحى مواكبا لموقف فقه القضاء الذي أقر بمسؤولية المدير العام المساعد في تسديد العجز[14].

أما بالنسبة للمدير العام فقد أجاز الفصل 218 من مجلة الشركات تطبيق مقتضيات الفصل 214 في صورة تفليس الشركة و يمكن تحميله مسؤولية عجز الشركة وبالتالي مطالبة بتسديده.

* الشركة خفية الإسم ذات هيئة الإدارة الجماعية : تعتبر هيئة الإدارة الجماعية في هذا النوع من الشركات المسير القانوني للشركة وقد أجاز الفصل 254 من مجلة الشركات التجارية تحميل رئيسها أو أعضائها بالعجز. ولا يعتبر أعضاء مجلس المراقبة مسيرون و لا يمكن تحميلهم بالعجز لأنّهم يمارسون نشاط الرّقابة دون التّسيير أو التصرف، لكن قد يقعون تحت دائرة دعوى تسديد العجز إذا تدخلوا في نشاط التسيير ويقع ذلك بوصفهم مسيرين فعلييــن.

– ب – المسير شخص معنوي :

مبدأ تسيير شركة لشركة أقره القانون[15] وقد اعتمدت مجلة الشركات التجارية ما يسمى بالممثل الدائم للشخص المعنوي وقد فرضت مجلة الشركات التجارية على الأشخاص المعنوية المسيرة تعيين ممثل دائم لها في الشركة حتى يتمكن مسيروا الشركة من التعامل مع شخص طبيعي ممثل للشخص المعنوي المسير وبالتالي يمكن مطالبة الممثل الدّائم للشخص المعنوي بتسديد العجز بصفته مسيرا اعتمادا على مقتضيات الفصل 214 من المجلة التجارية.

لكن عادة ما يكون هذا الممثل الدّائم أجير للشركة المسيرة وتصبح مطالبته بتسديد العجز إجراء عقابيا أكثر منه إجراء تعويضيا.

– ج – المسيّر المؤقت :

يمكن تعويض المسير القانوني بمسير مؤقت يتولى إدارة الشركة وقد يطرح تساؤل بخصوص من هو المسؤول بالخطأ في التصرف خلال فترة التعويض؟.

مدبئيا لا يمكن للمسير القانوني التفصي من مسؤوليته عن الخطأ في التصرف بتعلة عدم مباشرته للتسيير خلال فترة التعويض (1). لكن قد يفوض مجلس الإدارة في صورة العجز الوقتي لرئيسه أو في صورة وفاته لأحد أعضائه مهمة الرئاسة (الفصل 210 من م الشركات تجارية) كما يجوز للمدير العام إذا حصل له مانع أن يفوض كامل وظائفه أو بعضها إلى مدير عام مساعد (الفصل 217 م شركات ) في مثل هذه الصور يمكن تحميل هؤلاء المسيرين المؤقتين بتسديد العجز عملا مقتضيات الفصل 214 من نفس المجلة.

– د – المسيّر غير المأجور :

قد نتسائل هل يحمل المسير غير المأجور بتسديد العجز، يمكن أن يكون الجواب بنعم لأن المجانية لا يمكن أن تكون سببا للإعفاء من المسؤولية لكن قد تكون سبببا مخففا يمكن معه للمحكمة مراعاته عند تقديرها لقيمة التعويض المحمول على هذا المسير.

– هـ – المسيّر المنسحب :

يمكن تتبع المسير في صورة مغادرته الشركة أو في صورة وفاته قبل إفلاس الشركة أو فتح التسوية القضائية ضدها.

بالنسبة لانسحاب المسير فإن الفصل 221 من مجلة الشركات أجاز في صورة استقالة المسير عن سوء نية للتهرب من الصعوبات التي تمر بها الشركة تحميله مسؤولية الضرر المترتب عن استقالته تلك.

وقد سبق لفقه القضاء أن حمّل الرئيس المدير العام العجز اللاّحق بالشركة اعتمادا على مقتضيات الفصل 74 قديم من المجلة التجارية معتبرا أن مغادرة مسير الشركة لا يعفي من مسؤوليته عن الأخطاء المقترفة أثناء ممارسته لنشاط التسييّر[16].

أما في صورة وفاة المسير هل يتحمل الورثة نتائج دعوى تسديد العجز يمكن من خلال الفصل 241 من مجلة الإلتزمات والعقود الجواب بالإيجاب ضرورة أن دعوى تسديد العجز تتعلق بالذمة المالية للمورث.

الفقرة 2 : المسيّر الفعلي :

لئن إعترف به المشرع صراحة ضمن مجلة الشركات تماشيا مع موقف فقه القضاء فإنه لم يعرفه وقد تولى الفقه تعريفه[17] وقد كرست الفصول 121، 214 و 254 إمكانية تتبع المسير الفعلي من أجل تسديد العجز ويكتسب الشخص صفة المسيّر الفعلي إذا توفرت فيه بعض الشروط التي يجب إثباتها وهي :

أولا : ممارسة نشاط إيجابي :

ثانيا : نشاط إيجابي في التسيير والتصرف

ثالثا : نشاط إيجابي في التسيير والتصرف بكل حرية واستقلالية.

رابعا : مقدار المساهمة في رأس مال الشركة ومراقبة التصرف وهو شرط ربطه الفقه بتجمع الشركات التجارية الذي يمكن معه وصف الشخص المعنوي بالمسير الفعلي إذا اقترن ذلك بعومل أخرى.

وهاته الشروط الأربعة خاضعة للقواعد العامة والإثبات.

قسم (2) : الشروط الموضوعية :

تفعيل المسؤولية المدنية للمسير تقتضي إثبات العلاقة بين الخطأ و الضرر والعلاقة السببيّة.

لكن إن كان الخطأ أو الضرر لايثيران إشكالا على مستوى الإثبات فإن إثبات العجز في الأصول يكفي لإثبات الخطأ في التصرف والعلاقة السببية في آن واحد لذلك ارتأى فقه القضاء أن يتجاوز مسألة إثبات العلاقة السببية إذ يكفي إثبات الخطأ في التصرّف حتى يقع تحميل المسير المسؤول بالعجز.

لذلك تقوم دعوى تسديد العجز على توفر شرطين، وجود عجزفي أصول الشركة (جزء 1) ناشئ عن سوء تصرّف (جزء 2).

فرع (1) : عجز الأصول :

سنحاول تحديد مفهوم عجز الأصول (الفقرة 1) ثمّ معايير تقديره والإثبات (فقرة 2)

الفقرة 1 : مفهوم عجز الأصول :

لم يضع المشرع تعريفا دقيقا لعجز الأصول رغم تداول المفهوم واعتماد دعوى خاصة به تهدف إلى تعويض الدائنين عن الخسائر الناجمة عن أخطاء المسيرين.

لكن في ظل غياب تعريف دقيق ورغم إرتباط دعوى تسديد العجز بالإجراءات الجماعية،فإنه يمكن التفريق بين مفهوم عجز الأصول ومفهوم التوقف عن الدفع الذي يتمثل في عدم القدرة على مجابهة الديون التي حل أجلها بماهو موجود لدى المؤسسة من سيولة ومن موجودات قابلة للتصرف على المدى القصير[18].كما يختلف عجز الأصول عن الوضعية التي يمكن فيها للمحكمة التصريح بختم عمليّات الفلسة[19]

لعدم كفاية مال المفلس لأنه في هذه الصّورة لا يوجد أي أصول يمكن من خلالها خلاص الدائنين إضافة إلى إنتهاء مهمة أمين الفلسة القائم الوحيد بدعوى تسديد العجز.

وبالتالي فإن العجز الذي يكون مدعاة للقيام بدعوى التسديد من قبل أمين الفلسة هو العجز الذي ظهر عند التفليس كيفما اقتضى ذلك الفصل 74 من م ت وليس العجز الذي يخول كل دائن القيام به على إنفراد إثرالحكم بختم عمليات الفلسة كما جاء ذلك بالفصل 546 وما بعده من المجلة التجارية[20].

إن الصياغة الجديدة للفصل 121 من مجلة الشركات التجارية وسعت من نطاق تطبيق دعوى تسديد العجز التي لم تعد تقتصر على ميدان التفليس وإنما أيضا على ميدان التسوية القضائية.

وبالتالي أصبح بالإمكان رغم إصدار حكم بالتفليس إعمال دعوى تسديد العجز ويمكن استنتاج ذلك من خلال الفصول 214 و 254 من مجلة الشركات التجارية التي مكنت المحكمة بطلب من أمين الفلسة أن تقر أن ديون الشركة يتحملها المسير إذا أظهر التفليس عجزا في الأصول.

كما يمكن أن تكون دعوى تسديد العجز سببا في إعادة تكوين اصول الشركة وذلك عبر الضغط على المسيرين المخطئين.

الفقرة 2 : تقدير العجز و إثباته.

يمكن ملاحظة العجز انطلاقا من المقارنة بين الأصول والديون في تاريخ الحكم بفتح الإجراء الجماعي ضد الشركة. ويقع احتساب العجز إنطلاقا من المعطيات المحاسبية للشركة وعملا بالموازنة بين الموجودات والمطلوبات وفي هاته الصورة يجب أن يكون العجز ثابتا ولا يكون ذلك إلا وفق إختبار يحدد نسبة العجز وأسبابه وقيمته. ويحمل اثبات عجز الأصول على القائم بالدعوى وهو مرتبط بالقواعد العامة في الإثبات.

فرع (2) : سوء التصرف :

تعتبر دعوى تسديد العجز في الحقيقية جزاء عن خطأ في التصرف بمناسبة إجراء جماعي تصيب المسيّر الذي يتحمل نتائج سوء تصرّفه وأخطائه الضارة بالشخص المعنوي.

بالتالي لابد من تحديد مفهوم الخطأ في التصرف ومعاييره قبل التطرق لكيفية إثباته (فقرة 2 ).

الفقرة 1 : مفهوم الخطأ في التصرف

لا بد من التمييـز بين الخطأ في التصرّف Faute de Gestion والخطا الداخل في التصرّف Faute dans la gestion وقد اعتبر الفقه أن الخطا في التصرف يشمل الخطأ الداخل في التصرف فالمديرون وأعضاء مجلس المراقبة لا يمكن أن يقع تتبعهم من أجل الخطأ الداخل في التصرف لأن هؤلاء لا يشاركون في التصرف اليومي للشركة وبالتالي فإن الخطأ في التصرف يشمل الإدارة العامة للشركة.

فمثلا عدم دعوة الجلسات العامة للإنعقاد عند فقد نسبة كبيرة من رأس مال أو عدم تسمية مراقب حسابات أو القيام بعمليات تخرج عن نطاق الغرض الإجتماعي للشركة ناجم عنها خسائر للشركة أو غياب مسك محاسبة تعتبر جميعها أخطاء في التصرّف[21].

بالتالي يتخذ الخطأ في التصرف مفهوما موسعا يشمل الخطأ داخل التصرف، وخرق القوانين والمواثيق بمعنى كل عمل أو فعل ناشئ عن مغامرات المسير أو إهماله أو حتى خرقه لقانون الشركات.

ويلعب قاضي الأصل دورا فعالا في تقدير خطأ المسير ونسبته إليه ذلك أن التصرفات الخاطئة متعددة.

وتختلف باختلاف الظروف وقد حاول الفقه تحديد معايير تستوعب مختلف الأخطاء في التصرف التي تقود لقيام مسؤولية المسير لعلّ أهمها معيار المصلحة التي يهدف إليها المسير بفعله.

وقد كرّس الفقه المعاصر معيار وحيد لتقدير الخطأ في التصرّف وهو معيار مصلحة الشركة وهو معيار مرتبط أساسا بواجب العناية والنزاهة وهو واجب يتسم بالجدوى والفاعلية وقد أكدت على ذلك الفصول 214 و 254 من مجلة الشركات التجارية.

الفقرة 2 : إثباته

تقوم دعوى تسديد العجز على فكرة أن توقف الشركة عن الدفع نابع من خطأ مسيّريها وبالتالي فكلما دخلت الشركة في إجراء جماعي يعتبر ذلك قرينة على سوء تصرف مسيرييها وهو توجه سانده التشريع[22] والفقه[23] وفقه القضاء[24].

ولئن لم تؤكد الفصول 121 و214 من مجلة الشركات على وجوب إثبات الخطأ تماشيا مع الموقف السائد فإن الفصل 254 من نفس المجلة أقر ان يكون طلب أمين الفلسة لتسديد العجز معللاّ، مما يوحي بان عليه إثبات سوء التصرف. لكن هذا الرأي لم يقع الأخذ به ولافائدة منه إذ تبقى دعوى تسديد العجز قائمة على قرينة خطأ في التصرف وهذه القرينة هي بسيطة يمكن دحضها بإثبات أن المسير بذل في إدارة الشركة من النشاط والعناية ما يبذله صاحب المؤسسة المتبصر والوكيل النزيه.

الجزء الثاني: نظام قانوني متميز لدعوى تسديد العجز

تهدف الدعوى كما أسلفنا إلى تحميل المسير بكل أو جزء من العجز أثناء فتح إجراء جماعي ضد الشركة كالتسوية القضائية أو التفليس لكن هذه الدعوى لئن كانت تنصهر ضمن دعاوى المسؤولية إلا أن إجراءاتها تبقى مختلفة عن إجراءات القانون العام للمسؤولية ( I ) وهي مختلفة أيضا بالنظر إلى الدور الممنوح للقاضي ومآل المبلغ المحكوم به ( II ).

القسم 1 : على المستوى الإجرائي :

تتسم دعوى تسديد العجز بنظام إجرائي خاص للقيام فرع (1) يجعلها متميزة عن غيرها فرع (2)

الفرع 1 : إجراءات القيام بالدّعوى :

يقــتصر القـيام بالدعوى على بعض الأشخاص (فقـرة 1) أمــــام المحكــمة التي فتحت الإجــراء الجماعي (فقـرة 2) في آجال محددة (فقـرة 3)

الفقرة 1 : حق إثارة الدّعوى :

ليس كلّ من يتضرر من عجز أصول الشركة يمكنه إثارة الدعوى على خلاف ماهو معمول به في القانون العام ذلك أن هذا الإستثناء نابع من مبدأ إيقاف التتبعات الفردية لأن دعوى تسديد العجز ليست موجهة ضد الشركة المفتوح ضدها إجراء جماعي وإنما تجاه المسيرين الذين يعتبرون غير بالنسبة للشركة. في مرحلة أولى كان أمين الفلسة هو المخوّل فقط لإثارة دعوى تسديد العجز ضد المسير[25] (- أ -) لكن توسع الأمر ليشمل آخرين بصدور مجلة الشركات التجارية[26]

– أ – أمين الفلسة :

في صورة تفليس الشركة ورغم سكوت الفصل 121 من مجلة الشركات التجارية وبقراءة الفصول 214 و 254 من مجلة الشركات التجارية يتضح أن أمين الفلسة هو وحده المخول بالقيام بدعوى تسديد العجز لأنه هو الممثل الوحيد لجماعة الدّائنين[27]

عند الحكم بتفليس الشركة، وفي هذه الصورة أمين الفلسة له سلطة تقديرية في القيام بالدعوى بسحب ظروف التفليس ومدى نجاح الدعوى من عدمه لذلك تبقى ممارسة دعوى تسديد العجز كدعوى مالية بالأساس تستجيب للقواعد الأساسية لقانون التفليس وخاصة لمبدأ المساواة بين الدائنين وبالتالي لا يمكن لأي دائن القيام بها منفردا حماية لمصالح جماعة الدائنين.

لكن من جهة أخرى تبقى هذه الحماية نسبية إذ أنها تقتصر على الدائنين داخل جماعة الدائنين الممثلين في أمين الفلسة، ولا تشمل دائني جامعة الدائنين أو الدائنين خارج جماعة الدائنين[28] لكن في ظل قانون 17 أفريل 1995 وبعد أن أصبح تفليس الشركات إجراء إستثنائيا إنتفى موجب قيام جماعة للدائنين نظرا لمرور الشركة مباشرة إلى إجراءات التسوية القضائية قبل التفليس وأصبح بالإمكان القيام بدعوى تسديد العجز عند فتح إجراءات التسوية القضائيّة[29]

– ب – هياكل التسوية القضائية :

توسع مجال دعوى تسديد العجز ليشمل ميدان التسوية القضائية إلى جانب ميدان التفليس وهو توجه تشريعي جديد يتلائم مع مفهوم مواصلة النشاط وأساس فكرة إنقاذ الشركات التجارية.

لكن الفصل 121 من مجلة الشركات التجارية بقي مبهما في تحديد الأشخاص الذين يمكنهم القيام بالدعوى في هذا الإطار وهذا السكوت التشريعي إما أن يكون مجرد سهو عن ذكرهم أو أنه ضمنيا يهدف إلى توسيع دائرة القائمين بالدعوى ليشمل كل شخص له مصلحة في القيام بها.

ولعله في ظل قانون 17 أفريل 1995 وخاصة عند إفتتاح التسوية القضائية حددت مجموعة من الهياكل المتدخلة في إجراءات التسوية القضائية خاصّة تلك التي تستجيب لشروط القيام بالدعاوي بما في ذلك دعوى تسديد العجز.

قبل قانون 1995 كان أمين الفلسة هو ممثل جماعة الدائنين وهو الوحيد المخول بالدفاع عن مصلحتها. أما بعد القانون أصبح بإمكان هذه الهياكل القيام بالدّعوى وهم : ممثل الدائنين، القاضي المراقب، المتصرف القضائي، مراقب تنفيذ برنامج الإنقاذ لكن وفي ظل سكوت النصوص يبقى تدخل المشرع أساسيا في حصر قائمة القائمين بالدعوى على غرار المشرع الفرنسي[30].

الفقرة 2 : المحكمة المختصة :

تختص المحكمة التي قررت فتح إجراء جماعي ضد شركة ما بجميع الدعاوي المرتبطة به بما في ذلك دعوى تسديد العجز وهو مبدأ نابع من قاعدة الفصل 446 فقرة 3 من المجلة التجارية الذي يقر إختصاصا حصريا للمحكمة الإبتدائية لذلك نص الفصل 40 من مجلة الإجراءات المدنية والتجارية[31]، على أن الدائرة التجارية في صورة وجودها تنظر في النزاعات المتعلقة بتكوين الشركات وتسييرها أو حلها أو تصفيتها أو النزاعات المتعلقة بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية أو تفليسها”.

وهذا الإختصاص الموسع نابع من مبدأ وحدة اختصاص المحكمة التي فتحت الإجراء الجماعي بمعنى محكمة التفليس أو التسوية تنظر في جميع الدعاوي المرتبطة به.

الفقرة 3 : آجال قصيرة لسقوط الدعوى :

طبقا للفصول 214 و 254 تسقط دعوى تسديد العجز بمضي ثلاثة سنوات مثلها مثل بقية دعاوى المسؤولية الموجهة ضد وكلاء الشركة ذات المسؤولية المحدودة (الفصل 120 م ش ت)، المديرون وأعضاء هيئة الإدارة الجماعية في الشركة خفية الإسم (الفصول 220 و 234 م ش ت) لكنها تختلف عنهم على مستوى احتساب نقطة إنطلاق هذه الآجال إذ تبدأ من تاريخ الحكم بالتفليس وليس من تاريخ إرتكاب الفعل الضار أو الكشف عنه. لكن قاعدة بداية إحتساب آجال السقوط بالفصول 214 و 254 من المجلة التجارية المتعلقة بشركة خفية الإسم لا نجد مثيلا لها بالفصل 121 من نفس المجلة المتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة هل هو مجرد سهو أم سهو مقصود؟.

القانون الفرنسي المؤرخ في 24 جويلية 1867 تضمن آجال سقوط قصيرة بالنسبة للمسيرين في الشركة الخفية الإسم وأبقى على آجال السقوط الواردة بالقانون العام بالنسبة للوكيل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

ربما يكون المشرع أراد من خلال سكوته عن تحديد آجال سقوط الدعوى بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة تبنى نفس الحل أي إعتماد آجال سقوط بخمسة عشر سنة طبقا لقواعد القانون العام المسؤولية.

الفرع 2 : خصوصية الدعوى

في اطار الإجراءات الجماعية يطرح الجمع بين دعوى تسديد العجز وغيرها من الدعاوى مثل دعوى المسؤولية في قانون الشركات أو دعوى المسؤولية في القانون العام تساؤلات كبيرة في ظل غياب حلول تشريعية واضحة وعدم حسم الفقه وفقه القضاء في الموضوع بصفة نهائية.

الإتجاه الغالب يميل إلى منع الجمع بين دعوى تسديد العجز وغيرها من الدعاوى (فقرة 1) لايمكن للقائم بها إبرام صلح مع المسير المستهدف (فقرة 2).

الفقرة 1 : عدم الجمع بين دعوى تسديد العجز وغيرها من الدعاوى :

في إطار الإجراءات الجماعية يطرح الجمع بين دعوى تسديد العجز ودعوى المسؤولية في قانون الشركات ودعوى المسؤولية في القانون العام تساؤلات كثيرة في ظل سكوت تشريعي وفقدان حلول فقهية وفقه قضائية حاسمة في الموضوع لكن الإتجاه الغالب يميل إلى منع الجمع بين دعوى تسديد العجز وغيرها من الدعوى وذلك لعديد الإعتبارات.

طرح هذا التساؤل في القانون المقارن وخصوصا في القانون الفرنسي لكن محكمة التعقيب الفرنسية أقرت مبدأ عدم الجمع بين دعوى تسديد العجز ودعوى المسؤولية في قانون الشركات ودعوى المسؤولية في القانون العام إذ أنه عند فتح التسوية القضائية وعند وجود عجز في أصول الشركة لا يمكن لدائن ما ممارسة دعوى تعويض ضرر ناشىء عن عدم خلاص دينه عند ثبوت خطأ في تصرف الوكيل[32].

لذا وفي صورة عجز أصول الشركة يفقد الدائنون حقهم في القيام مباشرة بدعوى المسؤولية على المسيرين لأن الضرر الناشىء عن عدم خلاص ديونهم أصبح من مشمولات الدعوى الجماعية التي لا يمكن مباشرتها إلاّ ن طرف هياكل الإجراءات الجماعية المؤهلين لممارسة تلك الدعوى.

لكن يبقى التساؤل قائما في خصوص دعوى سحب الفلسة هل يمكن الإختيار بين دعوى تسديد العجز ودعوى سحب الفلسة مادامت كل منها تتعلق بميدان الإجراءات الجماعية؟.

إن الطبيعة العقابية لدعوى سحب الفلسة التي تهدف بالأساس إلى إقصاء بعض الأشخاص من عالم الأعمال وذلك للحفاظ على النظام العام الإقتصادي جعلت فقه القضاء يميل إلى تطبيق مقتضيات الفصل 596 من المجلة التجارية على حساب مقتضيات الفصول 74 و160 من المجلة التجارية ومن بعدها الفصول 121 و 214 و254 من مجلة الشركات التجارية.

إن دعوى سحب الفلسة ذات طابع عقابي بينما دعوى تسديد العجز هي دعوى متصلة بالذمة المالية للمسير لذلك فإن القيام بما يهدف إلى تعويض ضرر جماعي متصل بعجز أصول الشركة لا يسمح معه للقائم بها إبرام صلح بين المسير المستهدف.

الفقرة 2 : عدم إمكانية إجراء صلح :

يهدف الصلح إلى تنازل أحد طرفي خصومة عن بعض حقوقه للآخر ربحا للوقت والتكاليف وتلافي نتائج غير محسوبة لنزاع قضائي وبالتالي للصلح إيجابيات كثيرة سواء بالنسبة للمسير أو القائم بدعوى تسديد العجز لذاك يطرح التساؤل حول الأساس القانوني للصلح في مادة تسديد العجز.

ينصّ الفصل 496 من المجلة التجارية ” أنه يمكن للأمين بترخيص من الحاكم المنتدب وبعد استدعاء المفلس كما يجب بمكتوب مضمون الوصول مع الإخطار بتبليغه المصالحة في جميع النزاعات التي تهم جماعة الدائنين”.

هذا النص لا يمكن أن يكون أساسا قانونيا للصلح في مادة تسديد العجز لأن المصلحة التي يرمي إليها متعلقة بالنزاعات المتعلقة بأصول الشركة وليس النزعات المتعلقة بالمسيرين المستهدفين بتسديد العجز.

لذلك في غياب أساس قاوني للصلح في مادة تسديد العجز مجموعة أخرى من العقبات تحول دون إعمال هذا الإجراء ضرورة أن دعوى تسديد العجز ليست مرتبطة بأشخاص المتضررين بعجز أصول الشركة رغم أنها ذات طبيعة مالية تعويضية كما ليس لهؤلاء إمكانية التنازل عنها لأأن الهياكل المعينة من القضاء هي وحدها المؤهلة للمارسة تلك الدعوى حفاظا على المصلحة الجماعية.

إن إحترام القواعد الخاصة للإجراءات الجماعية يهم النظام العام الإقتصادي ومن شأن إعتماد مبدأ الصلح في هذه الظروف الإخلال بمبدأ التوازن بين مصالح الدائنين وحقوق وواجبات مسيري الشركة لذلك فإجراء الصلح من طرف الوكيل القضائي في هذه الصورة إخلال بمبدأ يهّم النظام العام[33].

القسم 2 : على مستوى الدور الممنوح للقاضي ومآل المبلغ المحكوم به

على خلاف قواعد القانون العام للمسؤولية المدنية يتمتع القاضي في دعووى تسديد العجز بسلطة مطلقة في تقدير عجز الأصول ونسبته للمسير المستهدف (فرع 1) ويبقى المبلغ المحكوم به مرتبطا إما بخلاص الدائنين داخل الجماعة أو لإعادة ما نقص من أصول الشركة (فرع 2).

الفرع 1 : الدور الهام للقاضي :

منحت الفصول 214 و 254 و 121 من مجلة الشركات التجارية للقاضي سلطة كبيرة في تقدير العجز ونسبته للمسير وبالتالي يمكن للقاضي أن يحكم بتعويض الضرر من عدمه (فقرة 1) وتحديد قيمة العجز (فقرة 2) وشخص المسير المتحمل له (فقرة 3).

الفقرة 1 : سلطة موسعة في التتبع:

يجب توفر ثلاثة شروط لقيام المسؤولية وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية الرابطة بينهما حتى يقوم واجب التعويض وهو أمر غير مطلوب في دعوى تسديد العجز، لأن القاضي حر في تتبّع المسير من عدمه رغم ثبوت عجز أصول الشركة[34] و يمكن للقاضي تقدير الأخطاء في التصرف التي تنسب للمسيرين موضوع التتبع لكنه لا يحملهم آليا بالتعويض، لأن ذلك مرتبط بطبيعة الظروف الإقتصادية التي تمارس فيها الشركة نشاطها ونوعيّة القطاع وغيرها لتي قد تكون ظروف معفية للمسير رغم وجود عجز بالشركة.

لكن هذه السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي في نسبة العجز للمسير بحسب الظروف الإقتصادية ونوعية القطاع وغيره قد يؤول في بعض الأحيان إلى إفلات بعض المسيرين وتتبع آخرين عند توفر نفس الظروف هذا علاوة على إمكانية التناقض في الأحكام بين المحاكم لذلك لم يخل منح تلك السلطة التقديرية المطلقة للقاضي والطابع الإختياري لتحميل المسير بتسديد العجز من النقد.

لكن رغم ذلك فإن قاضي الأصل عند إصداره حكما بتحميل ذلك العجز للمسير من عدمه يجب أن يكون معللاّ وهو خاضع لرقابة محكمة التعقيب[35].

لكن عمل القاضي لا يتوقف على تتبع المسير المستهدف فقط بل يمتد إلى تقدير قيمة العجز المراد تسديده.

الفقرة 2 : حرّيّة تقدير العجز :ï Liberté de fixer le montant

يبقى تقدير قيمة العجز كذلك خاضع لسلطة التقديرية للقاضي خلافا لمبدأ التعويض الكامل للضرر في القانون العام للمسؤولية وقد أكدت الفصول 121 -، 214 و 254 من مجلة الشركات أنه يمكن للمحكمة أن تقرر أن ديون الشركة يتحملها كليّا أو جزئيا المسير، وتحديد قيمة التعويض في دعوى تسديد العجز من طرف المحكمة غير مرتبط بقيمة الضرر الناشئ، أي أن قيمة العجز تبقى خاضعة لتقدير القاضي في نسبته للمسير، كما أن تعويض قيمة العجز غير مرتبط بما يطرحه القائم بالدعوى بل يمكن للقاضي تحديد قيمة عجز تقل أو تكبر من تلك القيمة.

لكن هذه الحرية الممنوحة للقاضي تبقى مقيّدة لأن سقف التعويض غير مرتبط بقيمة الضرر اللاحق بالشركة من جراء تصرف المسير بل من قيمة العجز الثابت في أصولها.

لذلك يبقى تقدير المحكمة لتحميل المسير بجزء أو بالكلّ من ديون الشركة خاضع لعدة إعتبارات مثل خطورة الأخطاء المقترفة عند التصرف و طبيعة المهام الموكولة للمسير.

الفقرة 3 : حرية إختيار المسير المستهدف :

تمتد السلطة التقديرية للقاضي إلى إختبار بعض المسيرين عن غيرهم في الشركة وتحميلهم بالعجز دون غيرهم بحسب خطورة تصرفاتهم و حساسية المهام الموكولة لهم أو حتى الأخذ بعين الإعتبار وضعية المسير الإجتماعية عند البدأ بممارسة مهامه بالشركة[36].

ويمكن سواء بطلب من أحد المسيرين أو بطلب من المحكمة إدخال حتى المسير الذي لم يقع ذكره من طرف أمين الفلسة عملا بأحكام الفصول 224 و 225 من م م م ت.

على أنه في صورة تحميل مجموعة من المسيرين بالتضامن بينهم بتسديد العجز يمكن لمن قام بالخلاص الرجوع على البقية عملا بمقتضيات الفصلين 189 و 1505 من م إ ع.

كما أن الحرية الممنوحة للقاضي في تتبع المسيرين المتحملين للعجز بالتضامن تنطبق على المسيرين القانونين أو الفعليين.

لكن لئن كانت قاعدة تحميل المسيرين بالعجز بالتضامن فيما بينهم تبقى خاضعة لتقدير القاضي حسب الفصل 214 من مجلة الشركات إلاّ أن قاعدة التضامن تبقى مفترضة في علاقة المسير كشخص معنوي بممثله الدائم عملا بمقتضيات الفصل 191 من نفس المجلة.

الفرع 2 :مآل المبلغ المحكوم به :

يجب على المسيّر الصادر ضده حكم بتسديد العجز أن يقوم بخلاص مبلغ التعويض إلى الشركة أو إلى جماعة الدائنين بحسب نوع الإجراء الجماعي المفتوح تجاه تلك الشركة سواء كان تسوية قضائية أو تفليس لذلك يتجه النظر في مآل التوزيع (فقرة1) ثم المستفيدون منه (فقرة2) والعقوبات المسلطة علىالمسير عند تقاعسه أو عجزه في تسدبد عجز الشركة (فقرة 3).

الفقرة 1 : مآل التوزيع.

قبل قانون 17 أفريل 1995 كان أصحاب الديون السابقة لفتح إجراء التفليس يمثلون بموجب القانون في جماعة تسمى جماعة الدّائنين، التي تنتفع مباشرة بمحصول دعوى تسديد العجز الموجهة مباشرة إلى الذّمة المالية للمسيّر المستهدف.

لكن بدخول إجراء التسوية القضائية إلى جانب إجراء التفليس لم يشر قانون الإنقاذ إلى جماعة الدّائنين مما يؤدي إلى التساؤل عن المآل أو المستفيدون من محصول دعاوى المسؤولية المقامة ضد مسيري الشركات المنضوية تحت لواء ذلك القانون بما فيه دعوى تسديد العجز كما لم يعط الفصل 121 من مجلة الشركات التجارية المؤسس لدعوى تسديد العجز في مادة التسوية وكذلك قانون 17 أفريل 1995 جوابا صريحا في الموضوع.

يمكن من خلال قراءة الفصل 56 من قانون الإنقاذ الذي يحيل إلى الفصول 462 و463 من المجلة التجارية التي ترمي إلى الدفع ببطلان أعمال المدين من قبل جماعة الدائنين أن نعتبر أن مفهوم جماعة الدائنين لا يزال معمولا به في مادة التسوية القضائية هذا علاوة على أن وجود جماعة للدائنين هو نتيجة لمبدأ إيقاف التتبعات الفردية وهو مبدأ معمول به أيضا في مادة التسوية القضائية لكن من جهة أخرى يبدو أن الاخذ بمفهوم لجماعة الدائنين في قانون الإنقاذ يخالف الأهداف التي صدر من أجلها ذلك القانون ضرورة أنه جاء لإنقاذ المؤسسات وليس بالضرورة لحماية الدائنين، مما يعني انتفاء المصلحة في وجود جماعة للدائنين هذا زيادة على أن القيام بدعوى تسديد العجز في إطار إجراءات التسوية يرمي إلى مصلحة الشركة وليس لمصلحة الدائنين وجريان العمل القضائي يقر مبدأ مواصلة النشاط لمصلحة المؤسسة بقطع النظر عن مصلحة الدائنين.

لذلك وفي ظل فراغ موقف تشريعي واضح يمكن القول أنه لم يعد هناك مفهوم لجماعة الدائنين في ظل قانون الإنقاذ وأن محصول دعاوى المسؤولية المقامة ضد المسيرين بما فيه دعوى تسديد العجز يؤول حتما إلى الذمة المالية للشركة[37].

الفقرة 2 : المستفيدون من المبلغ المحكوم به.

يدخل مبلغ التعويض أو محصول تسديد العجز في الذمة المالية لجماعة الدائنين لكن يطرح تساؤل حول مكونات جماعة الدائنين حتى يمكن تحديد المستفيدين من محصول تلك الدعوى.

لا تشير المجلة التجارية إلى مكونات جماعة الدائنين لكن يمكن ضمنيا تحديد مكونات تلك الجماعة خاصة وأن إنشاء جماعة للدائنين من شأنه تجميع حقوق هؤلاء ضمانا لمبدأ المساوة بينهم[38] ومن الطبيعي أن يقع تعطيل كل تتبع فردي بمجرد صدور حكم بالتفليس.

وقد جاء بالفصل 459 من المجلة التجارية أن الحكم بالتفليس يعطّل على الدّائنين ذوي الديون المجرّدة.

و الدائنين ذوي الإمتياز العام القيام بالمطالبة منفردين وبالتالي تتكون جماعة من الدائنين من ذوي الديون المجردة والدائنين ذوي الإمتياز العام إذا كانت ديونهم سابقة لحكم التفليس. وبالتالي ليس من جماعة الدّائنين الدائن صاحب رهن أو إمتياز خاص والدائن العادي والدائن صاحب إمتياز عام إذا كان دينه لاحق لحكم التفليس وقد حاول المشرع إحترام نفس المبادىء حتى ضمن قانون الإنقاذ وخاصة وأنه نص على مبدأ تعطيل التتبعات الفردية[39] ومبدأ تسجيل الديون حتى أن محصول دعاوى تسديد العجز يدخل ضمن الذمة المالية للشركة وينتفع به جميع الدائنين الذين رسموا ديونهم وكانت سابقة لفتح إجراءات التسوية.

وبالتالي يستفيد من محصول التوزيع : الدائنون داخل الجماعة وليس دائني الجماعة أي الدائنون العاديون وأصحاب الإمتياز العام وذلك حسب قائمة الدائنين المحددة ضمن الفصل 199 من مجلة الحقوق العينية.

وفي صورة التسوية القضائية يدخل المبلغ المحكوم به في الذمة المالية للشخص المعنوي لأن المشرع منح الأولوية لمواصلة نشاط تلك الشركة على حساب خلاص الدائنين إنجاحا لبرنامج إنقاذها لكن يطرح التساؤل حول الجزاء الذي ينتظر المسير عند رفضه أو تقاعسه أو عجزه عن تسديد عجزأصول الشركة.

الفقرة 3 : العقوبات

لم يخص المشرع دعوى تسديد العجز بإجراءات خاصة في صورة تقاعس أو رفض أو عجز المسير المطلوب تسديد العجز أي تنفيذ الحكم الصادر فيها وباتالي تبقى إجراءات التنفيذ العادية سارية العمل إضافة إلى أنه يمكن في مادة التسوية القضائية للمحكمة في صورة إبعاد مسير المؤسسة أن تحجر عليه القيام بأي عملية تفويت أو رهن في أسهمه أو في حصصه دون إذن منها[40] “ممّا يمثل ضمانا لإمكانية القيام ضده بدعوى في تسديد العجز أو غيرها” وفي المقابل أقر المشرّع الفرنسي عقوبات خاصة مثل امكانية فتح تسوية قضائية ضد المسير شخصيا (الفصل 4-624 L من المجلة الجديدة) أوإعلان تفليسه مباشرة (الفصل 6-625 L من نفس المجلة) كما يمكن تتبعّه من أجل جريمة التسبب في الإفلاس (الفصل 14-626 L من نفس المجلة).

لذلك يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 288 من المجلة الجزائية عند قيام المسير بأعمال من شأنها عرقلة خلاص المبلغ المحكوم به في الدعوى هذا علاوة على إمكانية تطبيق مقتضيات الفصل 596 من المجلة التجارية وذلك بسحب الفلسة عليه.

الخـــاتـمــة

تندرج دعوى تسديد العجز ضمن دعاوى المسؤولية المرفوعة ضد مسيري الشركات التجارية وهي منضوية ضمن القواعد العامة للمسؤولية المدنية لجبر المسيرين على تعويض الضرر الناشىء عن أخطائهم في التصرف إذا اسفر فتح إجراء جماعي ضد الشركة عن عجز فيما لها من الاموال .

ولدحض هذا الجزاء أو للتخلص من هذه المسؤولية يجب على المسيرين المذكورين إقامة الدليل على أنهم بذلوا في إدارة أعمال الشركة ما يبذله الوكيل المأجور من العناية و الحرص.

نظم المشرع في البداية هذه الدعوى ضمن الفصول 74 و160 من المجلة التجارية ثم بصدور مجلة الشركات التجارية اصبحت هذه الدعوى منظمة بالفصل 121 الخاص بالشركة ذات المسؤولية المحدودة الذي وسع من مجالها لتشمل ميدان التسوية القضائية والفصلين 214 و254 المتعلقين بالشركة خفية الإسم.

لكن هذه الدعوى لئن كانت من بين دعاوى المسؤولية إلا أن إجراءاتها تبقى مختلفة عن إجراءات القانون العام للمسؤولية خاصة في مستوى إجراءات القيام بالدعوىمما يجعلها دعوى متميزة في هذا الإطار وقد اعطى المشرع كامل الحرية للقاضي في توزيع هذه المسؤولية وحتى في إبعادها و إن توفرت الشروط الموضوعية.

لكن على مستوى النتائج نلاحظ بالإظافة للدور الهام الممنوح للقاضي أن محصول الدعوى ينصرف سواء إلى الدائنين الممثلين في جماعة الدائنين في صورة تفليس الشركة أو إلى الشركة المقرر إنقاذها عند فتح التسوية القضائية وفي هذه الصورة يؤول محصول الدعوى للشركة لاستعادة قدرتها المالية لمواصلة نشاطها بقطع النظر عن خلاص الدائنين.

وتعتبر دعوى تسديد العجز دعوى مالية بالأساس تنصرف إلى الذمة المالية للمسير وهي تعد درجة أولى من الشدة والحزم تجاه مسيري الشركات التجارية قبل تسليط جزاء أكثر شدة وهو سحب التفليس عليهم.