مفهوم الدعوى الجنائية :

للدعوى الجنائية مكاناً مهماً لا يمكن لقواعد الإجراءات الجنائية أن تستغني عنه، والقول على خلاف ذلك سيجعل الهدف من وجود قانون لإجراءات يفتقر إلى وسيلة الوصول إليه في حالة عدم وجود الدعوى الجنائية، وبانعدام وسيلة الوصول إلى الهدف تنعدم الحكمة من وجود نصوص القانون أصلاً. وفي تحديد طبيعة الدعوى الجنائية قد اختلف الفقهاء(1)، فقد ذهب البعض إلى اعتبارها سلطة إجرائية وقال البعض الآخر بأنها تعتبر حقاً شخصياً، وتوسط البعض الآخر فقال بأنها حق شخصي عام تجاه القاضي يفرض عليه التزاماً بإصدار الحكم.

فالدعوى الجنائية هي التي تقرر مدى سلطة الدولة في عقاب المتهم، فبقدر ما تملك الدولة من حق موضوعي يتمثل في عقاب الجاني، فإنها تملك حقاً إجرائياً في مطالبة القضاء بتطبيق هذا الحق ضد المتهم باقتراف الجريمة، وبدون هذا الحق الإجرائي فإن الدولة لا تستطيع على الإطلاق ممارسة سلطتها في العقاب، في حين أن الأمر في القانون المدني ليس كذلك، فلصاحب الحق الحصول على حقه دون اللجوء إلى إقامة الدعوى ولا يلجأ إليها إلا في الحالات الاستثنائية، وتطبيقاً لـ (مبدأ العقوبة بغير دعوى جنائية) فإنه لا يمكن معاقبة المتهم قبل رفع الدعوى الجنائية أمام القضاء مما يؤدي إلى القول بأن الحق في الدعوى الجنائية أمراً تحتمه سلطة الدولة في العقاب(2). تعرف الدعوى الجنائية بأنها حق الدولة ممثلة في سلطة الاتهام في ملاحقة مرتكب الجريمة وتقديمه للقضاء لتوقيع الجزاء الجنائي عليه، وهي بهذا المعنى توجد منذ اللحظة التي تقع فيها الجريمة، ولا يتوقف وجودها على مباشرة أي إجراء فيها، ويستند هذا الرأي(3) على أن تقادمها يبدأ من هذا الوقت، ويعرفها البعض الآخر(4) “بأنها حق في حكم قضائي، أي في وسيلة الحماية، وليس الحصول على الحماية القضائية”، كما عرفت بأنها “المطالبة بالحق عن طريق القضاء”(5). وبما أن مبدأ الشرعية الإجرائية ينص على أن الأصل براءة المتهم، لذا فإن الهدف من الدعوى الجنائية يتحدد بالدفاع عن المصالح الأساسية في المجتمع، فمصلحة المجتمع تتحقق بضمان حقوق أفراده وحرياته دون أن تتحقق هذه المعاني بإدانة الأبرياء والمساس بالحريات وإهدارها، يضاف إلى ذلك أن سلطة العقاب لا تبلغ هدفها في إصلاح المحكوم عليه عن طريق إعادة دمجه وتكيفه مع أبناء مجتمعه ما لم يتم تطبيق هذا العقاب على المجرم الحقيقي، وهذا بدوره ما يوجب على الدعوى الجنائية بأن تبقى مقيدة بهدف الوصول إلى الحقيقة المتمثلة بتبرئة البريء ومعاقبة المجرم الحقيقي، لان السعي إلى ضمان حرية المتهم البريء وحقوقه هدف جوهري ينبغي أن تبقى الدعوى الجنائية قاصدة له، فإذا تهاوت أدلة الاتهام أثناء سير الدعوى، كان لزاماً على الادعاء العام (النيابة العامة) أن تطالب بتبرئة المتهم، أو تفوض الرأي للمحكمة على أقل تقدير(6)، فالدعوى الجنائية هي المطالبة بالحق أمام القضاء، كما تعني الحق في الحصول على حكم بمضمون معين لمصلحة المجني عليه، وبهذا كان من حق المتضرر أن يحرك دعواه أمام القضاء للحصول على حكم لمصلحته. وما ينبغي التنبيه إليه هو أن الدعوى الجنائية ليست الخصومة الجنائية ذاتها فالأولى هي الطلب الموجه من الدولة (الادعاء العام) إلى القضاء الإقرار حقها في العقاب عن طريق إثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى متهم معين، أما الخصومة فتشمل هذا الطلب وجميع الإجراءات الجنائية المتخذة بعده حتى تنقضي بصدور حكم بات أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء، وعلى هذا الأساس قد يتلاقى تحريك الدعوى الجنائية مع نشوء الخصومة الجنائية إذا كان التحريك ضد متهم معين، وقد يتم هذا التحريك قبل نشوء الخصومة إذا كان المتهم لا زال مجهولاً، وفي هذه الحالة تتحرك الدعوى الجنائية دون أن تكتمل الخصومة، وهذا التصور يقتصر على مرحلة التحقيق الابتدائي فقط، أما بصدد الانقضاء فإن الخصومة والدعوى ينقضيان في وقت واحد بصدور حكم بات أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء(7). فالخصومة الجنائية تبدأ من وقت تحريك الدعوى الجنائية للمطالبة باقرار حق الدولة في العقاب في مواجهة شخص معين (المتهم)، لذا فإن الإجراءات التي تسبق تحريك الدعوى الجنائية لا يمكن عدها من إجراءات الخصومة الجنائية، حيث ثار البحث عما إذا كانت إجراءات جمع الاستدلال والتحقيق الابتدائي تعد من إجراءات الخصومة الجنائية أم أنها غير ذلك؟

فقد ذهب اتجاه(8) إلى أن الخصومة الجنائية تشمل سائر إجراءات اقتضاء حق الدولة في العقاب بما فيها إجراءات جمع الاستدلالات حرصاً منه على سحب الحماية الجنائية للخصومة من تأثير النشر على مرحلة جمع الاستدلالات، ولكن هذا الرأي لا يقر به جانباً كبيراً من الفقه الجنائي(9)، لأن إجراءات الاستدلال التي يقوم بها مأموري الضبط القضائي لا تمثل تحريكاً للدعوى الجنائية وبالتالي جزء من الخصومة الجنائية، لأن تحريك الدعوى الجنائية لا يصدر في الأصل إلا من الجهة التي تملك ذلك نيابة عن المجتمع وهي الادعاء العام (النيابة العامة)، ومن جهة أخرى يتعين مباشرة الدعوى أمام جهة قضائية وكل ذلك لا يتوافر في إجراءات الاستدلال، فإجراءات الاستدلال تباشر استناداً للسلطة التنفيذية للدولة والتي تهدف إلى التحري عن الجرائم، فهي تختلف عن الإجراءات الجنائية التي تباشر من قبل سلطات الدعوى بناءاً على السلطة القضائية للدولة، ومع ذلك فقد خول القانون مأمور الضبط القضائي في أحوال استثنائية سلطة تحريك الدعوى الجنائية عن طريق مباشرة بعض إجراءات التحقيق وهي القبض والتفتيش.

أما الاتجاه الآخر(10) فيجعل من نطاق الخصومة الجنائية يشمل إلى جانب ذلك مرحلة التحقيق، لكون قاضي التحقيق يعد طرفاً قضائياً في الخصومة أي حكماً بين المتهم والمجني عليه أو من يمثله قانوناً ويستندون في ذلك إلى أن قرار قاضي التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى يحوز حجية بصدد عدم جدية الادعاء، بينما قرار سلطة الادعاء بالحفظ لا يحوز حجية بهذا الصدد، كما يعتبر هذا الرأي أن التحقيق الذي تجريه السلطة الاتهامية في الجنايات يعد بمثابة درجة أولى من درجات التقاضي، وهو لازم قبل الإحالة إلى محكمة الجنايات، فهذا هو السبب في أن حكم محكمة الجنايات لا يقبل استئنافاً لا لكون قضاء الجنايات على درجة واحدة وإنما لأن المشرع يعتبر التحقيق في الجنايات بوجه خاص بمثابة درجة أولى من درجات التقاضي. وقد عارض هذا الرأي الدكتور عبد الفتاح الصيفي باعتباره موسعاً لنطاق الخصومة الجنائية(11)، ومن جانبنا نعتقد أنه يجب التمييز بين التحقيق الذي يقوم به أعضاء الضبط القضائي في الأحوال الاستثنائية(12)، فإجراءات هذا التحقيق يسري عليها حكم الاستدلالات كونها خارج نطاق الخصومة الجنائية لأن الدعوى الجنائية لم تحرك بعد، وبين التحقيق الذي يقوم به قاضي التحقيق أو المحقق أو الذي يباشره أعضاء الضبط القضائي بناءاً على انتداب سلطة التحقيق المختصة، حيث تعد إجراءات هذا التحقيق من ضمن إجراءات الخصومة على أساس أنه متى بدأت سلطة التحقيق سواء بنفسها أو بواسطة من تنتدبه في أداء واجبها تحركت الدعوى الجنائية ونشأت الخصومة الجنائية وأساس التفرقة بين النوعين من أعمال التحقيق هو تحريك الدعوى الجنائية، فكل إجراء من إجراءات التحقيق سبق ذلك يخرج من نطاق الخصومة، وكل إجراء تحقيقي نشأ مع تحريك الدعوى الجنائية يدخل في إطارها(13)، باستثناء التحقيق الذي يجري تجاه متهم مجهول لكون الخصومة لم تكتمل بعد لفقدان تحديد إحدى أطرافها. وبسبب عدم تمييز المشرع العراقي والمشرع المصري بين الخصومة والدعوى الجنائية لأن الخصومة هي استمرار لإجراءات الدعوى، كما أن رأي الفصل بين مفهوم الدعوى والخصومة محل نظر فقهي لا يمكن التعميم في إتباعه، فقد آثرنا إتباع الأسلوب الشائع وهو اعتبار الدعوى الجنائية تشمل الطلب المقدم من الجهات المختصة بذلك إلى القضاء، كما تشمل الحق في الحصول على حكم وما يستلزم الوصول إلى هذا الحكم من إجراءات جنائية (الخصومة).

___________________

1- للتفصيل في كل هذه الآراء ينظر: Santoro، manuale.pag:130-134، Leno Istituzioni، v.1، P.19 أشار إليه د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المجلد الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، ص212.

2- ينظر: د. ممدوح خليل البحر، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1998، ص45.

3- ينظر: د. عوض محمد عوض، المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 1999، ص21.

4- ينظر: د. ممدوح خليل البحر، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1998ص45.

5- ينظر: د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، ط12، مطبعة جامعة عين شمس، القاهرة 1978، ص35.

6- ينظر: د. ممدوح خليل البحر، المرجع السابق، ص46.

7- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية، المجلد الاول ، دار النهضة العربية، القاهرة 1981، ص29-30.

8- ينظر: د. جمال الدين العطيفي، الحماية الجنائية للخصومة من تأثير النشر، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق/جامعة القاهرة 1964، ص149 وما بعدها، اشار إليه د. عبد الفتاح الصيفي، النظرية العامة للقاعدة الإجرائية الجنائية، دار المطبوعات الجامعية’، الإسكندرية، (بلا سنة طبع).، ص37.

9- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، نظرية البطلان في قانون الإجراءات الجنائية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1959، ص31-32، ولنفس المؤلف، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص30-31، د. ممدوح خليل البحر، المرجع السابق، ص43.

10- ينظر: د. سليمان عبد المنعم، د. جلال ثروت، أصول المحاكمات الجزائية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت 1996، ص348.

11- ينظر: د. عبد الفتاح الصيفي، النظرية العامة للقاعدة الإجرائية الجنائية، المرجع السابق، ص37.

12- ينظر: المواد (49-50) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.

13- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، نظرية البطلان في قانون الاجراءات الجنائية ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة 1959، ص32.

خصائص الدعوى الجنائية :

تتميز الدعوى الجنائية بعدة خصائص تعطيها ذاتية خاصة عن غيرها من الدعاوى وهذه الخصائص تتحدد بما يأتي:

أولاً: عمومية الدعوى الجنائية ورسميتها

الدعوى الجنائية هي ملك للدولة لحماية حقها في العقاب، تهدف من ورائها تحقيق المصلحة العامة التي تتوقف على تحديد شخصية مرتكب الجريمة، وإقرار حق الدولة في معاقبته، وبناءاً على ذلك فقد أطلق على الدعوى الجنائية اسم (الدعوى العمومية) وأصبح هذا الاسم مرادفاً لاسمها الأصلي لكونها تستهدف المصلحة العامة وإشارة إلى نسبتها للدولة(1). فقوام الدعوى الجنائية هو الحق العام للدولة بأسرها، وليس الحق الخاص لأحد أفرادها، على النقيض من ذلك نجد أن الدعوى في القانون الخاص هي حق شخصي بحت، فهي ملك يمين المتضرر، وبمعنى آخر أن لصاحب الحق أن يقيم دعوى للحصول على حقه أو أن يتخذ موقفاً سلبياً من الاعتداء على حقه(2)، وصفة العمومية هذه هي أمر ثابت لا يتأثر بالأحوال الاستثنائية التي منح فيها المشرع المجني عليه حق رفع الدعوى الجنائية، لأن الدعوى الجنائية ذاتها حق للادعاء العام (النيابة العامة) كممثل للدولة بصرف النظر فيما سمح للمجني عليه البدء في إجراءاتها، لكون صفة العمومية للدعوى الجنائية متعلقة بصاحب الحق في هذه الدعوى لا بصفة القائم بتحريكها(3)، ونتيجة لذلك فإن تحريك الدعوى الجنائية من غير الادعاء العام لا يعني أن الذي قام بتحريكها قد أصبح ممثل الاتهام، بل يبقى الادعاء العام هو المالك لسلطة الاتهام دائماً، فمجرد التحريك يلزم الادعاء العام بقوة القانون على مباشرة الدعوى الجنائية(4). وقد حاول الفقيه الألماني أهرنج(5) (Ihering) في كتابه (La Luttle Pourle Drot) أن يقرر بأن على المعتدى عليه واجب قانوني في رفع الدعوى، وإن هذا الواجب يقع عليه دفاعاً عن القانون وحماية للمجتمع لأن احترام القاعدة القانونية في المجتمع لن يتأتى إلا إذا حرص كل شخص على حماية حقوقه، إلا أن هذه الفكرة قد انتقدت بحق على أنها مجرد فكرة خيالية غير واقعية، لأن الفرد المعتدى على حقه الخاص لا يتحرك إلا للدفاع عن هذا الحق وليس دفاعاً عن القانون، لان الدعوى المدنية تتطلب إجراءات طويلة وتكاليف باهظة قد يرى الفرد تجنبها والتصالح ولو على جزء من الحق مع المعتدي، ولهذا كانت فكرة (أهرنج) فكرة مرفوضة عملياً ونظرياً حيث لم يأخذ بها أي قانون وضعي ولم يعمل بها عملياً في أي دولة، فهي لا تتفق إلا مع الدعوى الجنائية ولهذا فإنه لا يمكن تطبيقها إلا عليها فقط. ومن خصائص ومظاهر ذاتية الدعوى الجنائية أيضاً أنها دعوى رسمية، أي أنها تقام وتباشر باسم الدولة في جميع الأحوال حتى عندما يعلق القانون تحريكها على قيد سواء أكان يتمثل بشكوى أو أذن أو طلب، ففي الأحوال التي يجيز فيها القانون للمضرور من الجريمة أن يرفع الدعوى الجنائية بالطريق المباشر فإنه يجب عليه أن يختصم الادعاء العام في صحيفة الدعوى وإلا كانت غير مقبولة، كما أن دوره لا يتعدى تقديم الصحيفة للقلم الجنائي في المحكمة المختصة، أما مباشرة الدعوى فيكون من قبل الادعاء العام(6)، كما تعد مظهراً من مظاهر ذاتية الدعوى الجنائية فيما يتعلق بهذه الخاصية هو أن الدعوى المدنية التي ترفع بالتبعية للدعوى الجنائية تخضع لما تخضع له الدعوى الجنائية من أحكام إجرائية حتى في الأحوال الاستثنائية(7)، التي تكون فيها الدعوى المدنية قائمة وحدها أمام المحاكم الجنائية، عملاً بنص المادة (20) من قانون أصول المحاكمات العراقي والتي تنص على أن: “يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحكمة الجزائية الإجراءات المقررة بهذا القانون”(8). واستناداً لما تقدم فإن الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية يستتبعه الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها، فقد كان من منطق القواعد العامة وعملاً بأحكام قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية أن الدعوى المدنية لا يقضى بعدم قبولها إلا في الأحوال المقررة في قانون المرافعات، بحيث إذا تخلفت هذه الحالات فإن المحكمة المدنية تستمر في نظر الدعوى، إلا أن ذلك لا يجوز العمل به عندما ترفع الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية، حيث يسري عليها ما يسري على الدعوى الجنائية.(9). فالدعوى المدنية التبعية تكون ذات طبيعة جنائية وإن اتخذت اسم الدعوى المدنية، لسريان أحكام الدعوى الجنائية عليها(10)، وهذا كله نتيجة لما تتمتع به الدعوى الجنائية من ذاتية خاصة تميزها عن غيرها من الدعاوى.

ثانياً: شرعية الدعوى الجنائية وخضوعها لمبدأ الملائمة

تمثل شرعية الدعوى الجنائية تطبيقاً لمبدأ الشرعية بوجه عام والذي يسود المجتمعات المتمدنة، ويعني أن الدولة بجميع أفرادها ومؤسساتها إنما تخضع لحكم القانون الصادر من السلطة المختصة طبقاً لأحكام الدستور(11). أما شرعية الدعوى الجنائية فتعني عدم جواز إقامتها ولا اتخاذ إجراءات فيها في غير حالات الجريمة كما حددها قانون العقوبات وطبقاًَ لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون(12)، وهذه خاصية تنفرد بها الدعوى الجنائية وبالتالي تبرز ذاتيتها وذلك لكون دعوى التعويض في القانون الخاص يمكن رفعها دون خطأ ينسب إلى المسؤول كما هو الحال في المسؤولية عن الأشياء، ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة والتي تقوم على الخطأ المفترض، وبدون خطأ أصلاً كما هو الحال في المسؤولية عن المخاطر التي ابتدعها القضاء الإداري الفرنسي في بادئ الأمر وتلقفها منه القانون المدني، في حين أن الدعوى الجنائية لا يمكن رفعها ولا اتخاذ إجراءات فيها إلا إذا كان هناك سلوك معين نص قانون العقوبات على تجريمه، فالواقعة غير المجرمة جنائياً كالكذب الذي أدى إلى الاستيلاء على أموال الغير ولم يتوفر بشأنه طرق الاحتيال ولم يكن تزويراً لا يمكن رفع الدعوى الجنائية بصدده، كما لا يمكن اتخاذ أية إجراءات جنائية أخرى. أما بالنسبة لخضوع الدعوى الجنائية للملاءمة عند تحريكها فقد ثارت بشأنها مشكلة نالت اهتمام المؤتمرات الدولية منها مؤتمر الاتحاد الدولي لقانون العقوبات الذي عقد في بروكسل عام 1889(13)، والمؤتمر الدولي الخامس لقانون العقوبات الذي عقد في جنيف عام 1947، والمؤتمر الدولي التاسع الذي عقد في لاهاي عام 1964(14).

وقد تنازع حل هذه مشكلة مبدأن:-

الأول: هو مبدأ الشرعية وهو يحتم على الادعاء العام دائماً تحريك الدعوى الجنائية عند وقوع الجريمة، استناداً إلى مجموعة من الحجج:

كون مبدأ الشرعية يؤكد المساواة أمام القانون ويحقق فكرة العدالة(15).

إن الالتزام بتحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة يمثل الاحترام الواجب للقانون، وتخويل الادعاء العام سلطة تقدير الملاءمة يؤدي إلى مخالفة هذا المبدأ(16).

إن مبدأ الشرعية ليس إلا نتيجة لحق الدولة في العقاب وهو واجب مطلق يخضع له الجميع(17).

ذهب الاستاذ جراماتيكا (Gramatica) إلى أن سياسة الدفاع الاجتماعي تقتضي الأخذ بمبدأ الشرعية وعدم تخويل الادعاء العام سلطة البحث في مدى ملاءمة رفع الدعوى الجنائية، فيرى أن الدعوى التي تهدف إلى فرض تدابير الدفاع الاجتماعي يجب أن تكون إلزامية(18).

إن مبدأ الشرعية يرتكز أساساً على مبدأ الفصل بين السلطات، فالحكم بالبراءة هو من اختصاص السلطة القضائية لا سلطة الاتهام(19).

أما المبدأ الثاني: فهو مبدأ الملائمة وهو يخول الادعاء العام سلطة تحريك الدعوى الجنائية أو عدم تحريكها وفقاً لما تقتضيه اعتبارات الملائمة، وقد رد أنصار هذا المبدأ على حجج أنصار مبدأ الشرعية بما يأتي:

لا تنطوي الملائمة في تحريك الدعوى الجنائية على مساس بمبدأ المساواة أمام القانون، بل على العكس من ذلك تهدف إلى تأكيد هذه المساواة، فمن الخطأ النظر إلى المتهمين بوصفهم مجرد أرقام شأنهم في ذلك شأن مواد قانون العقوبات، بل يجب فوق ذلك تقدير ملامح شخصيتهم الإجرامية، والتي على أساسها سوف يتحقق وزن الجزاء الجنائي بالقدر اللازم لعلاج هذه الشخصية وإعادة تهذيبها(20).

عدم صحة القول بأن السلطة التقديرية للادعاء العام في تحريك الدعوى الجنائية تمثل اعتداء على الاحترام الواجب للقانون، لكون استعمال هذه السلطة لن يكون إلا سعياً لتحقيق غاية مشروعة وهي المصلحة العامة، فبدون هذه الغاية يحيد الادعاء العام عن حدود المشروعية فيكون قراره بعدم تحريك الدعوى الجنائية باطلا(21).

لا يوجد أية تنافر بين تحريك الدعوى الجنائية طبقاً لمبدأ الملائمة، وبين واجب الدولة في العقاب، فهذا الواجب لا يعني وفقاً للسياسة الجنائية الحديثة توقيع العقاب على كل من يرتكب الجريمة، وإنما يجب تفريد العقوبة وفقاً لشخصية الجاني الإجرامية، وهذا التفريد يجب أن يقابله في مرحلة الاتهام تفريد مماثل يجنب بعض المتهمين مخاطر المحاكمة الجنائية متى اقتضت ذلك اعتبارات المصلحة العامة(22).

إن الدفاع الاجتماعي قد لا يقتضي تحريك الدعوى الجنائية في جميع الأحوال، بل على العكس قد تكون من مقتضياته التغاضي عن رفعها في حدود المصلحة العامة(23).

أما القول بأن مبدأ الشرعية يرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات، وممارسة سلطة الاتهام لسلطة الملائمة يمس بسلطات القضاء، فهذا انتقاد يقوم على أساس خاطئ وهو انتماء الادعاء العام للسلطة التنفيذية لا السلطة القضائية.

ونتيجة لاختلاف وجهات النظر ما بين أنصار المبدأين، فقد اتجهت تشريعات الدول اتجاهات مختلفة(24)، فحتى التشريعات التي أخذت بمبدأ الشرعية كأصل عام قد اعتنقت في الوقت ذاته مبدأ الملائمة في أحوال استثنائية ومنها القانون الألماني، أما قوانين الدول التي كانت تتبنى النظام الاشتراكي فإنها لا تحتاج إلى نص إجرائي يخول الادعاء العام سلطة تقدير ملائمة رفع الدعوى الجنائية لكون الجريمة في قانون عقوبات هذه الدول كانت لا تقوم بمجرد المخالفة الشكلية للقانون، بل تفترض بالإضافة إلى ذلك أن يكون السلوك خطراً اجتماعياً(25)، وهذا هو شأن التشريع العراقي، حيث لم ينص قانونه الإجرائي الجنائي على هذا التخويل رغم كونه معمولاً به عملياً في بعض الأحوال.

وصفة الملائمة هذه تظهر لنا بوضوح الذاتية التي تتمتع بها الدعوى الجنائية، فالدعوى المدنية لا تخضع لهذا المبدأ لأن من يحركها هو الفرد بصورة مباشرة، وهي متصلة بحقه وليس بحق المجتمع، فلا يجوز لأحد أن يتنازل عما لا يملكه.

ثالثاً: شفوية الدعوى الجنائية وعلانيتها

يلتزم القاضي الجنائي بالاستماع إلى الشهود الذين يتعين عليهم بالأصل إذا ما دعوا الإدلاء شهادتهم شفوياً أمامه، على الرغم من إدلائهم بها تحريرياً في محاظر الاستدلال أو التحقيق الابتدائي السابق للتحقيق الذي يمارس من قبل محكمة الموضوع(26)، لأن التلاقي بين الشاهد والقاضي وجهاً لوجه يتيح للقاضي فرصة التيقن من صحة ما يقول الشاهد وبالتالي أمكانية معرفة مدى إخلاصه للحقيقة، وهذا ما لا يتوافر للقاضي لو أنه اكتفى بقراءة أقوال الشاهد مكتوبة، كما أن مجرد إطلاع القاضي الجنائي على الأوراق والاكتفاء بها مثلما يفعل القاضي المدني يخشى منه أن يكون هناك نقص أو سوء في الإطلاع من جانب القاضي قد يحيد به عن الصواب، الأمر الذي يؤدي به إلى مجافاة العدالة التي يكون تأثيرها أشد في المجال الجنائي لتعلقها بحياة الإنسان واعتباره وشرفه وحريته الشخصية وأمواله(27). ولا تقتصر الشفوية على سماع الشهود، بل تمتد إلى سماع المتهم ومسائلته شفاهاً من قبل القاضي بأي سؤال يؤدي إلى كشف الحقيقة(28)، كما تمتد الشفوية إلى سماع الادعاء العام والمدعي المدني والمسؤول المدني في مناقشتهم للشاهد عن طريق المحكمة، وتمتد أيضاً إلى سماع محامي الدفاع ومحامي الإدانة في عرض أدلتهم الاقناعية. أما العلانية فهي خصيصة هامة للدعوى الجنائية مكفولة بنصوص الدستور، فقد نصت المادة (19/سابعاً) من الدستور العراقي لعام 2005 بأن: “جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية” وهو ذات النص الذي ورد في المادة (20) من الدستور العراقي الملغى لعام 1970، كما نصت عليها المادة (152) الأصولية على أنه: “يجب أن تكون جلسات المحاكمة علنية ما لم تقرر المحكمة أن يكون كلها أو بعضها سرية لا يحضرها غير ذوي العلاقة بالدعوى مراعاة للأمن أو المحافظة على الآداب ولها أن تمنع من حضورها فئات معينة من الناس”(29). والحكمة من جعل جلسات المحاكمة علنية هو أن الجزاء الجنائي المكون لموضوع الحكم بالإدانة شديد التأثير على شخص المحكوم عليه وسمعته، ولكي يتأكد لدى الرأي العام الإيمان بأن هذا الجزاء لا يوضع في غير موضعه وإنه يصيب من يستحقه حصراً، كما أن جعل جلسات المحاكم علنية وبمرأى ومسمع الجمهور يؤدي إلى سيادة الاطمئنان لديهم من حسن سير العدالة، والفضل في تقرير علانية المحاكمة الجنائية يعود إلى ما نادى به رواد الفكر الإيطالي في عهد النهضة، من أمثال (ماريو باجانو وتشيرازي بيكاريا)(30). وعلى هدي ما تقدم يتبين بأن الشفوية والعلانية خصيصتان تنفرد بهما الدعوى الجنائية دون سواها، وهذا كله نابع مما تتميز به الدعوى الجنائية من طبيعة خاصة، فالحكمة من الشفوية أو الإعلانية تكون شبه منعدمة في الدعوى المدنية، فالقاضي المدني محدد بالأخذ بأدلة حصرها قانون المرافعات (نظام الأدلة القانونية)، وإن كان من ضمنها الشهادة، لكن كما هو معلوم بأن القاضي المدني دوره – عموماً – سلبياً عموماً في الدعوى وليس لديه أية صلاحية تقدير شخصي لنفسية الشاهد أو المدعي عليه، وهذا ما يتعارض مع الحكمة من الشفوية في الدعوى المدنية، كما أن الغاية من العلانية لا يكون لها في الدعوى المدنية من الأهمية ما للدعوى الجنائية من ذلك، لكون الدعوى الأخيرة متصلة بمصلحة عامة يمتد أثرها إلى كافة فئات الشعب ولا تنحصر بمصلحة فرد معين في حقه في الحصول على حكم لمصلحته.

رابعاً: وحدة الدعوى الجنائية

المقصود بوحدة الدعوى الجنائية هو عدم قابليتها للتجزئة، فإذا كان الأصل العام المقرر في القانون الجنائي هو تقيد المحكمة بوقائع الدعوى وأشخاص المهتمين وفقاً لما ورد في قرار الإحالة أو ورقة التكليف بالحضور، وعلى الرغم من ذلك فإن الدعوى الجنائية يجوز أن تمتد تلقائياً إلى كل مساهم في الجريمة حتى وإن لم ترفع الدعوى عليه أصلاً(31)، وهذا ما يظهر بخاصة في حق محكمتي الجنايات والتمييز (النقض) في التصدي، وكذلك تعديل التهمة المسندة للمتهم بإضافة عنصراً وظرف جديد متصل بالواقعة أو الوقائع المرفوعة بها الدعوى الجنائية، كما يظهر في تغيير التهمة مع ضرورة تنبيه المتهم إلى هذا التعديل أو التغير في التهمة في جميع الأحوال سواءاً أكان من شأن هذا التغيير أن يؤدي إلى التخفيف من العقوبة أم تشديدها(32).

وهذا التوسع في حدود الدعوى الجنائية لا نجد له نظير في أي دعوى أخرى، فهو يستمد مبرراته من ذاتية الدعوى الجنائية وطبيعتها التي تتطلب هذه التوسعة، ففي الجرائم(33) التي يتوقف تحريك الدعوى الجنائية فيها على تقديم شكوى من المجني عليه او من يمثله قانوناً، تمتد فيها الشكوى إلى كل فاعل أو شريك في الجريمة حتى وإن لم يرد ذكره في الشكوى دون الحاجة إلى شكوى جديدة ضده، وهذا ما نصت عليه المادة (4/ب) الأصولية بأن “إذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم فتعتبر مقدمة ضد المتهمين الآخرين..”(34). ومن مقتضيات وحدة الدعوى الجنائية أيضاً هي أن تنازل مقدم الشكوى عنها بالنسبة لإحدى المشكو منهم يجب أن يمتد كذلك الى المتهمين الباقين على الرغم من عدم ذكرهم، وهذا ما يمكن أن ينتقد عليه المشرع العراقي عندما قرر في المادة (4/ب) الأصولية على امتداد الشكوى حتى إلى المتهمين الذين لم يرد ذكرهم في الشكوى التزاماً بفكرة وحدة الدعوى الجنائية، فهو لم يستثنى من ذلك إلا جريمة زنا الزوجية، حيث لا تحرك الدعوى ضد الشريك بالزنا ما لم تحرك الدعوى الجنائية ضد الزوج أو الزوجة الزانية، لكنه خرج عن وحدة الدعوى عندما نص في المادة (9/هـ) الأصولية على أنه “إذا تعدد المتهمون فإن التنازل عن أحدهم لا يشمل المتهمين الآخرين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”(35).

خامساً: عدم قابلية الدعوى الجنائية للتنازل (من النظام العام)

…أن الدعوى الجنائية تملكها الدولة لحماية حقها في معاقبة الجاني، وبهذا فهي تتصل بالمصلحة العامة ومتى ما تم تحريكها تعلقت بها مصلحة المجتمع وامتنع التنازل عنها، وقد عبرت عن ذلك المادة (2) الأصولية في نصها بأن: “لا يجوز وقف الدعوى أو تعطيل سيرها أو التنازل عنها أو عن الحكم الصادر فيها أو وقف تنفيذه إلا في الأحوال المبينة في القانون”(36).

فمتى ما رفعت الدعوى الجنائية لا يمكن التنازل عنها، حتى ولو كان من حركها هو المدعي بالحق المدني عن طريق الدعوى المباشرة، إذ تبقى الدعوى في حوزة المحكمة حتى يتم الحكم فيها، وبهذا تختلف الدعوى الجنائية عن الدعوى المدنية(37)، فالدعوى المدنية يملك المدعي أن يتركها أو يتنازل عنها(38) في أي وقت، كما تتعرض للسقوط والانقطاع، كما يمكن أن تنتهي الخصومة فيها بغير حكم في موضوعها(39)، في حين أن ذلك غير جائز بالنسبة للدعوى الجنائية المرفوعة، فتلزم المحكمة بالفصل فيها فلا يملك الادعاء العام سحبها من المحكمة أو التخلي عنها أو وقفها ما لم يطرأ سبب قانوني لانقضائها.

ومبدأ عدم جواز ترك الدعوى الجنائية أي التنازل عنها بعد تحريكها مبدأ مطلق لم يورد عليه المشرع أية استثناء، وكل الأحوال التي نص عليها القانون كالصلح والتنازل عن الشكوى(40) أو الطلب هي من أسباب انقضاء الدعوى الجنائية التي تتم بقوة القانون لا بالتنازل عنها من قبل الادعاء العام(41). ومن خصائص الدعوى الجنائية أيضاً هي سرعة الإجراءات في الدعوى وسعيها إلى كشف الحقيقة لرسم معالم العدالة إلى أقصى ما يمكن.

_______________

1- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية، المجلد الاول ، دار النهضة العربية، القاهرة 1981، ص218.

2- ينظر: د. رضا حمدي الملاح، ذاتية الدعوى الجنائية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق/جامعة القاهرة، 2003، ص106، د. عوض محمد عوض، المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 1999، ص21.

3- ينظر: د. ممدوح خليل البحر، مبادئ قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 1998، ص47.

4- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص219.

5- ينظر: د. رضا حمدي الملاح، المرجع السابق، ص106.

6- ينظر: د. رمسيس بهنام، الإجراءات الجنائية (تأصيلاً وتحليلاً)، منشأة المعارف، الإسكندرية 1977، ص155.

7- وهذه الحالات الاستثنائية تنحصر بثلاث حالات وهي:

الحالة الأولى: حالة انقضاء الدعوى الجنائية لسبب طرأ بعد رفع الدعوى المدنية بالتبعية لها.

الحالة الثانية: حالة الحكم بالبراءة مع وجود وجه للحكم بالتعويض.

الحالة الثالثة: حالة الطعن بالحكم الصادر في الدعوى المدنية دون الجنائية، وللتفصيل في هذه الحالات ينظر:
د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، الطبعة الثانية عشر، مطبعة جامعة عين شمس، القاهرة 1978، ص208-212، د. حسن صادق المرصفاوي، أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية 1972، ص267-273.

8- ويقابلها نص المادة (266) من قانون الإجراءات الجنائية المصري وبهذا الصدد فقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه “لما كانت المادة (266) من قانون الإجراءات تنص على أنه يتبع في الفصل الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون، وبذلك تخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في قانون الإجراءات الجنائية، ما دام يوجد فيها نصوص خاصة تتعارض مع ما يقابلها من قانون المرافعات المدنية…”، ينظر نقض جنائي في الطعن رقم 530 لسنة 48 ق من جلسة 21/1/1979، س30، ص130.

9- وبهذا الصدد فقد قضت محكمة النقض المصرية بأن: “الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها، والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها” ينظر نقض جنائي في الطعن رقم 4363 سنة 56 ق، جلسة 31/12/1986، مشار إليه في مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية السنة 37 لعام 1986، ص326.

10- فقد قضت محكمة النقض المصرية بأن: “لما كان المشرع قد نظم الدعوى المدنية وإجراءتها في المواد (251) وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة (266) منه تنص على أنه: “يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون، فإن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام القاضي الجنائي تخضع للقواعد الواردة في قانون الإجراءات فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها، ما دام يوجد في ذلك القانون نصوص خاصة بها، فإذا قبلت المحكمة الجنائية الادعاء المدني أصبح المدعي المدني خصماً في الدعوى المدنية، له جميع الحقوق المقررة للخصوم أمام المحكمة من حيث الإعلان وإبداء الطلبات شأنه في ذلك شأن المتهم”، ينظر نقض جنائي في الطعن رقم 1796 سنة 56ق، جلسة 5/6/1986، مشار إليه في مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية لسنة 37 لعام 1986، ص657.

11- ينظر د. رمسيس بهنام، الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً، المرجع السابق، ص155.

12- ينظر د. رضا حمدي الملاح، المرجع السابق، ص109.

13- ينظر: Bulletin de Iunion internationale de droit penal، t.1، 1890، p.138 ets.

أشار إليه د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص219.

14- ينظر: Revue internationale de droit penale، Trey baud، Paris، 1963، p.10

أشار إليه: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص219.

15- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص220.

16- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص220-221.

17- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص221.

18- ينظر: Gramatica، Principes de defense sociale، Paris، 1965، p.6.

19- 20- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص222.

21- ينظر د.أحمد فتحي سرور، نظرية البطلان في قانون الاجراءات الجنائية ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة 1959، ص326.

22- 23- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص223.

24- لقد اعتنق مبدأ الشرعية القانونية الألماني والإيطالي واليوناني والنمساوي وقوانين بعض المقاطعات السويسرية وقوانين الدول الاشتراكية، واعتنق مبدأ الملائمة القانون الفرنسي والقانون السويسري الفيدرالي وبعض المقاطعات السويسرية والقانون المصري، وهذا ما يدل عليه نص المادة (61) من قانون الإجراءات الجنائية المصري حيث نصت على أنه: “إذا رأت النيابة العامة أن لا محل للسير في الدعوى، تأمر بحفظ الأوراق”.

25- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص224.

26- حيث نصت المادة (61) من قانون أصول المحاكمات على أنه: “أ- تؤدي الشهادة شفاهاً ويجوز الاذن للشاهد بالاستعانة بمذكرات مكتوبة إذا اقتضت طبيعة الشهادة بذلك”، ينظر أيضاً نص المادة (168/ب) من ذات القانون.

27- ينظر: د. رمسيس بهنام، الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً، المرجع السابق، ص160.

28- وهذا ما نصت عليه المادة (179) من قانون أصول المحاكمات على أنه: “للمحكمة أن توجه للمتهم ما تراه من الأسئلة لكشف الحقيقة قبل توجيه التهمة إليه أو بعدها ولا يعد امتناعه عن الإجابة دليلاً ضده”.

29- ويقابل هذه المادة في القانون المصري المادة (268) من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150
لعام 1950.

30- ينظر: د. رضا حمدي الملاح، المرجع السابق، ص118.

31- وبهذا نصت المادة (155) أصول محاكمات جزائية عراقي على أنه: “أ- لا تجوز محاكمة غير المتهم الذي أحيل على المحاكمة، ب- وإذا تبين للمحكمة قبل الفصل في الدعوى أن هناك أشخاصاً آخرين لهم صلة بالجريمة بصفتهم فاعلين أو شركاء ولم تتخذ الإجراءات ضدهم فلها أن تنظر الدعوى بالنسبة للمتهم المحال عليها وتطلب إلى سلطات التحقيق اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأشخاص الآخرين، أو أن تقرر إعادة الدعوى برمتها إليها لاستكمال التحقيق فيها”.

32- ينظر: د. رضا حمدي الملاح، المرجع السابق، ص113.

33- حيث أوردها المشرع العراقي على سبيل الحصر في المادة (3) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

34- ويقابلها نص المادة (4) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.

35- وفعل حسناً المشرع المصري عندما نص في المادة (10) من قانون الإجراءات الجنائية على: “أن التنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلاً بالنسبة للباقين”، فقد ألتزم هذا المشرع بوحدة الدعوى الجنائية في حالة تقديم الشكوى وحالة التنازل عنها، على خلاف المشرع العراقي الذي التزم بوحدة الدعوى الجنائية في حالة تقديم الشكوى فقط دون التنازل عنها.

36- ويقابل هذا النص المادة (1/2) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.

37- ينظر: د. رمسيس بهنام، الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً، المرجع السابق، ص156.

38- حيث نصت المادة (88/1) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 على أن: “1- للمدعي أن يطلب إبطال عريضة الدعوى إلا إذا كانت قد تهيأت للحكم فيها، 3- يترتب على إبطال عريضة ا لدعوى اعتبارها كأن لم تكن”.

39- وهذا ما نصت عليه المادة (9) من قانون المرافعات المدنية بان: “يترتب على التنازل عن الحكم التنازل عن الحق الثابت فيه”.

40- انظر في الأحوال التي يجوز فيها الصلح المادة (194) من قانون أصول المحاكمات، وفي الأحوال التي يجوز فيها التنازل عن الشكوى المواد (8، 9) من ذات القانون.

41- ينظر: د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص226.

المؤلف : فاضل عواد محميد الدليمي
الكتاب أو المصدر : ذاتية القانون الجنائي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .