سياسة الإنتقال

الدكتور حسن بلا.

مقدمة:

يستعمل مصطلح الانتقال لوصف تغيير في النظام السائد ،أ وحتى قيام تعديلات عميقة في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية[1]، أستعمل المصطلح عند المركسيين للحديث عن الانتقال نحو الاشتراكية، كما استعمل لدلالة على مسار تحول الأنظمة الشمولية إلى الديمقراطية ،ويمكن إجمالا تحديد مفهوم الانتقال السياسي بتدبير مرحلي بين حالتين سياسيتين نحو مسار سياسي ما ، تحول نحو الديموقراطية مثلا.

2- السياسة موضوع الانتقال:

على اعتبار السياسة فن الاختيار فإنه لا يمكن إلا التأكيد على أن الانتقال من أهم الإستراتجيات في السياسة ، دون الحديث عن الحالات الاستثنائية التي تعتبر من أهم سياسات الانتقال كما هو الحال في الانقلابات العسكرية والتوترات الاجتماعية[2] .
و حالة الانتقال تعبر عن عجز المكنز مات السياسية العادية على تأطير العملية السياسية، لاعتبارات كثيرة يمكن إجمالها في ثلاثة:

أولا: قواعد اللعبة السياسية أصبحت متجاوزة

خاصة عندما يقع تحول كبير في ميزان القوى في البلاد ، لكن هدا التحول لا يترجم مؤسساتيا ،خاصة في الأنظمة الشمولية ، وعوض فتح الحوار السياسي لإعادة ترتيب قواعد اللعبة السياسية يتمادى النظام في غلق الأبواب أمام كل تحول سلمي للسلطة ، وتؤدي هده الحالة إلى إنفجار اجتماعي أو تحول سياسي جدري في البلاد، ويمكن هنا أن نعطي مثال نظام تشاوسكو في رومانيا حيث لم يستطع الطاغية الروماني أن يعي أن قواعد اللعبة القديمة لم تعد تصلح ، واستمر في نفس النهج الديكتاتوري ، رغم ملاحظاته للتغييرات الاجتماعية العميقة في المجتمع ، وأدى دلك كله إلى إنهيار سريع للنظام الاشتراكي الروماني.

ثانيا: السياسة تمارس خارج المؤسسات الرسمية

من المفروض ان تقوم المؤسسات السياسية والدستورية الرسمية بدور ترجمة والتعبير عن القوى السياسية والاجتماعية المتواجد في المجتمع ، فهده المؤسسات تكون المكان الدي تطرح في المطالب وتتم ترجمتها عن طريق قرارات من خلال سياسات وقوانين .
لكن تراجع هده المؤسسات عن القيام بدلك الدور يِؤدي إلى انتقال السياسية إلى فضاءات عامة أخرى ويؤدي إلى إفراغ هده المؤسسات من محتواها ،وتصبح بدلك بدون جدوى إلا إدماج أو بصريح العبارة إرشاء نخبة من الطبقة السياسية والأعيان …..
ويعطينا كل من النموذج الإيراني والزاييري الدرس الأمثل الدي يمكننا استخلاصه من التجربتين ، فنظام الشاه بعد أن ضاق درعا بالأحزاب السياسية داخل البرلمان ، قام بإلغاء التعددية السياسية وسمح بخزبين فقط ، وبعد سنوات لم يسمح إلا بقيام حزب وحيد وهدا ما عجل بتحالف قوى سياسية وإجتماعية من أجل الإطاحة بالنظام الاستبدادي القائم .
كما أن موبوتو سسيكو ألغى الأحزاب السياسية وقضى على نواة مجتمع مدني ، وفي المثالين السابقين ، أصبحت تمارس السياسة بشكل أخر ، في إيران لم تعد السياسة تمارس في البرلمان ، بل أصبحت تمارس في هوامش المجتمع ، وتم تحريك التقليد الشيعي للتعبير عن السياسة من خلال إحياء مراسيم التعزية بمقتل أل البيت .
أما في الزايير فإن إنتهاء السياسة سمح لمتمرد مغمور أن ينطلق في ثورة مسلحة أدت إلى الأطاحة بالنظام القائم .

ثالثا:ظهور قوى سياسية صاعدة تطمح للسلطة لكنها مهمشة

لا يمكن تجاهل تواجد قوى سياسية دات شعبية وتعبر عن طموحات فئات عريضة من المجتمع ومن الطبيعي ان يؤدي تهميش هده القوى إلى ضعف النظام السياسي ، فاستقرار الانظمة السياسية لا يقوم دائما على قوة القهر لكن على قدرتها الإدماجية سواء إدماج المطالب التي تقدم للمركز أو إدماج النخب في سيرورة النظام السياسي.
ولعل الدرس النيبالي بليغ، فأمام ازدياد قوة الثوريين الماويين أصر الملك على التنكيل بهم وإغلاق كل أبواب الحوار أمام اية حلول سياسية بإمكانها أن تجنب البلاد كوارث كبيرة وماكان ردفعل الماويين إلا مزيد من الإحراج الذي سببته للحكم الذي أدى في النهاية ثمنه غاليا.

رابعا:التخوف من تفكك النظام السياسي

عندما تزداد وثيرة الاستبداد السياسي،خاصة بعد أن تتخلى الأحزاب السياسية عن دور تمثيل القوى الاجتماعية في المجتمع،و تصبح التعابير السياسية والاجتماعية لا تقدم من خلال المؤسسات وهدا ما يفقد هده الأخيرة الشرعية ويؤدي بشكل تدريجي إلى تأكل شرعية النظام خاصة إدا كان يرفع شعارات الديمقراطية.
وإن اقتران التآكل السياسي بتهميش اجتماعي كبير، قائم على نظام توزيع ثروات غير عادل، واجتماع الثروات في يد فئة اجتماعية قليلة، يؤدي إلى قيام معارضات راديكالية أو حتى انفصالية، بإمكانها في أية لحظة الاستفادة من الإطاحة بالنظام القائم، إلا أن تعقد المشاكل الاجتماعية والسياسية بإمكانه أن يهدد كيان الدولة وبالتالي إلى تفكك النظام السياسي.

3- الفاعلون في مرحلة الانتقال:

*القوى الاقتصادية:

تلعب القوى الاقتصادية دورا أساسيا في أي انتقال سياسي ويتميز هدا الفاعل الاقتصادي في أن له مصالح مادية يريد الحفاظ عليها، وهنا تكمن الرهانات التي تطرح على هدا الفاعل فصحيح ان ضمان مصالحه يعتبر المحرك الأساسي لفعله ، لكن لا ننسى ان الرأسمال الوطني والأجنبي كثير الارتباط بالسياسي خاصة في البلدان السائرة في طريق النمو والتي تكون فيها مند الإستقلال رأسمال تمتع بحماية النظام الحاكم وترعرع بين يده ويستفيد بشكل كبير من صفقات ومكرمات الدولة مقابل دلك فإنه يقدم خدمات عديدة للنظام وهدا مايجعل الفاعل الإقتصادي سيتضرر من كل تحول سياسي قد يعصف بمصالحه أو على الأقل سيضطره إلى التفاوض مع الوضع الجديد .
أما إدى كانت القوى الاقتصادية تتمتع بنوع من الاستقلالية ،أو أن قوتها الاقتصادية غير مرتبطة بالتحالف مع السلطة القائمة، فإنها تكون مستعدة للتفاوض والحفاظ على مصالحها الاقتصادية من خلال نوع من التوافق على قواعد اللعبة الاقتصادية ، خاصة إدا كانت مرحلة الانتقال ستِؤدي إلى القضاء على الضغوطات الاقتصادية والسياسية التي كان يفرضها النظام ، أو أن تفتح أسواق جديدة نتيجة التغيير السياسي التي تحمله مرحلة الانتقال السياسي ،ففي إسبانيا ورغم الخوف من وصول الشيوعيين للحكم ، فإن الانفتاح الاقتصادي الذي عرفته إسبانيا ساهم في ثقة رجال الأعمال في المسلسل السياسي الذي انطلق بعد وفاة فرانكو ومهد لوصول الاشتراكيين للحكم مع الانتخابات التشريعية لسنة 1981.

*الجيش:

غير خاف الدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في اللعبة السياسية ولا بد من الإشارة إلى أنها خاصة في الدول السائرة في طريق النمو المنظمة التي تتمتع بتنظيم محكم وتمويل دائم وقدرة على الاستقطاب لا نظير لها عند المنظمات المدنية .
ومن نافلة القول التأكيد على أن للجيش رأي إستراتيجي في التغيير ، وكما سنرى فيما مابعد فهو إما ساهم في التغيير ،كما هو الحال في البرتغال وموريتانيا، أو انه وافق وحمى المسلسل التغييري ومثال إسبانيا واضح،وأحيانا أخرى اضطر إلى التراجع عن الدور الدي يقوم به مقابل دور جديد يتلاءم مع طبيعة المرحلة كما حدث مع الانتقال السياسي الذي وقع في نيكراكوى بعد فترة طويلة من الحرب الأهلية لم يكن لينجح لولا تحديد دور الجيش بشكل جعل هده المنظمة تابعة للدولة من خلال قانون جديد للجيش صدر سنة 1994 أي بعد 4 سنوات من توقيع اتفاق الانتقال السياسي بين الأطراف المتصارعة.
كما أدت سياسة الرئيسة أنداك إلى تخفيض من عدد العسكريين من 86810 جندي سنة 1990 إلى حولي 14553 سنة 1994 كما ان الميزانية المخصصة للجيش عرفت تقليص من 180 مليون دولار إلى 31 مليون دولار 1995. [3] .
إن الجيش ليس بمنأى عن الإصلاحات السياسية التي تتطلبها مرحلة الانتقال السياسي خاصة إدا كان للجيش دور سياسي أو على الأقل كان اداة يستعمل من طرف السلطة الحاكمة في صراعاتها السياسية .
وهكذا فإن تحديد دور الجيش الدفاعي ، وحتى إشراكه في أدوار اجتماعية واقتصادية عند الضرورة ، مع تنظيم علاقته مع المدني يعتبر ركائز كل إصلاح ناجح يسمح للجيش بأن يبتعد عن كل التجادبات التي تؤدي إلى حالة عدم الاستقرار.

إن وعي الجيش بهده الحقيقة هو الذي يجعل المؤسسة العسكرية تدفع بالتغيير خاصة في دول العالم الثالث ، لأنها تستفيد منه من خلال الحصول على استقلاليتها، والدفع بها نحو الحياد عن التجادبات السياسية التي تنهكه.

ولولا الوعي بالدور الذي ينبغي ان يقوم الجيش في الدولة الحديثة لما فشلت محاولة نخبة من الحرس القديم قلب الأوضاع السياسية والعودة إلى حالة إسبانيا مع الحكم الفرنكي .
كما أن حركة الضباط الصغار في البرتغال كانت المحرك الأساسي للتغيير والدي أدى إلى إرساء نظام ديمقراطي سمح للقوى المجتمعية بالتعبير عن وجودها في الساحة العامة .

*القوى السياسية:

من أهم الرهانات في مرحلة الانتقال السياسي ما يمكن تسميته إعادة هيكلة الحقل السياسي بالبلاد على اعتبار أن هناك دائما رابطا ما بين القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وعادة ما تترجم الإنتظارات الاجتماعية والاقتصاد في شكل سياسي معين .
من خلال استقراء العديد من التجارب السياسية تبين لنا أنه مهما كانت قوة المجموعة السياسية التي تقود التغيير والانتقال فإنه لا يمكن إغفال أن لها دور ما في الانتقال السياسي ، خاصة إدا كانت تمثل قوى سياسية أو اجتماعية أو حتى جهوية،فتهميش أية قوى سياسية سيؤدي إلى إهدار الطاقات والجهود، خاصة أن الانتقال السياسي ماهو إلا مرحلة من مراحل البناء والإصلاح والتغيير وهدا كله يتطلب لكي ينجح نوع من التوافق النادر والدي لا يحصل إلا في مرحلة سياسية وتاريخية معينة ولا تتكرر دائما .
فإشراك الجميع في عملية البناء مسألة أساسية في الانتقالات السياسية فلولا السماح للحزب الشيوعي الإسباني بالعمل في العلن لما توقفت التوترات السياسية والاجتماعية التي كان يحركها هدا الحزب او بعض المجموعات اليسارية المتطرفة القريبة منه.

وعادة ما تلعب الأحزاب التي تنهج سياسة الوسط بين اليمين واليسار دورا أساسيا ، فهي قريبة من الاعتدال ويسمح تواجدها بالوسط من قيادة مسيرة الانتقال والتفاوض مع الأطراف وهكذا حملت أول انتخابات ديمقراطية بعد وفاة فرانكو حزب إتحاد الوسط الديمقراطي إلى المرتبة الأولى متبوعا بكل من حزب اليمين واليسار الإسبانيين .
إن عملية بناء النظام السياسي عملية إستراتجية ولا يمكن أن تنجح بدون أن يفتح الباب أمام جميع القوى السياسية والمجتمعية للمساهمة في هده المهمة التاريخية وأعتقد ن المثال العراقي لدليل واضح على أهمية الإشراك ووضع القواعد السياسية الأساسية للدولة والمجتمع ، فتهميش السنة في العراق من أهم العوائق التي تحول دون إنجاح التحول السياسي بهدا البلد.
كما لا يخفى ان المسألة الاجتماعية تاخد اهمية اساسية في مرحلة الانتقال فتدهور الاوضاع الاجتماعية للافراد يؤثر بشكل كبير على فرصة ادماجهم الاجتماعي والسياسي وكل تهميش اجتماعي يؤدي ثمنه التحول الى ديمقراطي.

4- التجارب :

سوف نستعرض تجربة سياسية فريدة تمثل تحول نظام ملكي حاكم إلى ملكية دستورية وتتمثل في التجربة الإسبانية ، كما سنعمد إلى استعراض التجربة النيبالية لكونها تمثل تحول نظام ملكي مستبد إلى نظام ديمقراطي،كما سنستعرض بإيجاز كبير التجربة البنينية على اعتبارها دولة إفريقية كانت من الدول الأولى السباقة إلى الانتقال نحو الديمقراطية .

*التجربة الإسبانية

مع وفاة الجنرال فرانكو وتعيين خوان كارلوس ملكا على إسبانيا لم تكن رؤية الملك الجديد لقيام تحول سياسي، بل إن إشارته الأولى كانت خجولة ولم تبدأ فعلا عملية التحول إلا بعد بروز نخبة من السياسيين المدعمين لمسار التحول السياسي الجديد.
فأول عمل سياسي قام به الملك هو تجديد الثقة في رئيس وزراء فرانكو السابق أرياس نفارو ولم تبدأ فعلا عملية الانتقال إلا بعد المظاهرات المطالبة بإلغاء المؤسسات التي أقامها النظام السابق وتخللت هده المظاهرات عنف ممارس من طرف بعض المجموعات اليسارية وأحيانا أخرى أدى الأمر إلى مقتل العديد من المناضلين السياسيين.
أمام هدا الوضع إضطر النظام إلى سن مجموعة من القوانين التي تسمح بحرية التجمع والتنظيم وقدم رئيس الوزراء استقالته وعوض ب ألفونسو سواريز الدي سرع من وثيرة الإصلاح فتم السماح بظهور الأحزاب السياسية وتم الإعلان عن عفو شامل للمعتقلي الرأي، كما تم إلغاء مجموعة من المؤسسات التي كان يستعملها النظام لقمع المعارضين كمحكمة النظام العام…..

كما تم إقرار قانون لإصلاح السياسي الذي حدد مكنز مات الانتقال السياسي وسمح بتحويل النظام إلى نظام ديمقراطي.
ولا بد من لإشارة انه رغم أن النظام لإسباني استعمل المؤسسات القائمة فهو سعى إلى إعطائها شرعية ديمقراطية ومصداقية عن طريق إعادة تكوينها بشكل ديمقراطي عن طريق الانتخاب النزيه.
إنتهى الإنتقال السياسي من خلل وصول الإشتراكيين للحكم بعد إنتخابات 1981.

*النيبال:

لابد من الإشارة إلى ان الحكم في النيبال ملكي يمارس في الملك السلطة بشكل مطلق ، كما أن هدا النظام عريق في التاريخ ، وشهد فترة طويلة من الصراعات السياسية من أجل تغيير النظام سواء إلى ملكية دستورية كما طمح اليمين على دلك أو إلى نظام جمهوري كما سعى اليسار المتطرف الماوي إلى تحقيقه .
وسنقتصر على السنوات الأخيرة والتي عرفت تحولا كبيرا في ميزان القوى ، ففي فبراير 2005 حل البرلمان من طرف الملك بعد صراعه طويل معه وقام بجمع كافة السلط بيده، وكان رد القوى السياسية قويا وتمثل في التظاهر ضد قرارات الملك مم جعل هدا الاخير يضطر للتخلي عن السلطة في ابريل 2006.
في 2 ماي سيتم الإعلان عن تشكيل حكومة مؤقتة مشكلة من مجموعة من الأحزاب المعارضة وستفتح مفاوضات مع الثوار الماويين من أجل إقرار السلام ..
وفي 18ماي 2006 يقرر البرلمان النيبالي الحد من السلطة الملكية وتأكيد مكانة كل من السلطة التشريعية للبرلمان والتنفيدية للحكومة وإعطائه سلطات واسعة مع الإقرار بدور البرلمان في مراقبة عمل الحكومة .
في 16 يونيو 2006 سيتم التوصل الى إتفاق مع المعارضة من اجل تسطير مرحلة انتقالية وإشراك الماويين في الحكومة .
وسيتم إقرار دستور جديد في 12 سبتمبر 2006 يحد من السلطات الملكية بشكل يحولها من ملكية حاكمة إلى ملكية دستورية وتم سحب حتى بعض الصلاحيات الرمزية والسيادية من الملك.

*بنين :

في ديسمبر 1989 إندلعت سلسلة من الاضطرابات الاجتماعية في البنين اضطر الرئيس الشبه العسكري ماتيو كريكو إلى الإعلان عن مرحلة إنتقال سياسي ، بعدما تم التخلي عن نظام لحزب الوحيد والسماح بتعددية سياسية حقيقية .
وفي 19و28 فبراير1990 سيتم الإعلان عن قيام عقد” الندوة الوطنية للقوى الحية للأمة”[4] تحت رئاسة رجل دين هو القس سوزا، وستتمتع الندوة بالسلطة التأسيسية للتقرير كما ستكون قراراتها نافدة .
وسيتم حل كل الهيئات ال”الثورية ” والتنفيذية التي كانت تشرف على تدبير شؤون البلاد وسيتم تعويضها بمؤسسات منتخبة .
في 21 مارس 1991 سيتم إنتخاب رئيس للبلاد لأول مرة في تاريخ البلاد في إقتراع نزيه .

5-خصائص سياسة الإنتقال:

1- استعمال المؤسسات القائمة لإحداث تغييرات جدرية :

لا يمكن البدأ من الصفر في عملية بناء أي نظام سياسي ، فحتى الثورة الإيرانية ومند بدايتها استعملت مؤسسات الشاه ، فبعد عودة الخميني بعد انتصار الثورة طلب من مهدي بازركان تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة ، قبل أن يتم إعداد دستور يعوض الدستور الملكي.
وكما هو حال الانتقال الديمقراطي في إسبانيا لم يتم محو البرلمان والكورتيس من الوجود بل استعملا في تقرير مجموعة من القوانين الممهدة الإصلاح السياسي الشامل وتحديد مكنز مات الانتقال الديمقراطي .

2- إدماج مختلف القوى السياسية والاجتماعية في النظام السياسي الجديد :

وهي من البديهيات الأساسية في الانتقال ، فلا معنى للإصلاح السياسي بدون قيام عملية سياسية نظيفة تسمح بمشاركة مختلف القوى السياسية والاجتماعية خاصة التي لم يسمح لها النظام القديم بالتواجد الرسمي ، ففي إسبانيا سمح للحزب الشيوعي المحظور بالتواجد الرسمي كما أصبحت القوى الجهوية والقومية تعبر عن نفسها من خلال أحزاب ومجموعات سياسية قومية أدمجت في النظام الديمقراطي الإسباني وفي المثال النيبالي تم إشراك الماويين في الحكومة من أجل إصلاح الأوضاع السياسية بالبلاد.
كما لا يخفى ان المسئلة الاجتماعية تاخد اهمية اساسية في مرحلة الانتقال فتدهور الاوضاع الاجتماعية للافراد يؤثر بشكل كبير على ولوجهم الى الصحة والتعليم وكل تهميش اجتماعي يؤدي ثمنه التحول الى ديموقراطي[5]

3- التوافق كآلية ضرورية لتأسيس الانتقال :

لو كانت المؤسسات والآليات السياسية سليمة لما سمعنا عن الانتقال السياسي، وبطبيعة الحال فإن عجز هده المؤسسات والآليات هو الذي يدفع إلى البحث عن إيجاد بدائل مقبولة وتسمح بتجاوز دلك العجز ،ولن نستطيع الوصول إلى هده النتيجة دون حصول نوع من التوافق بين مختلف القوى السياسية .
وهكذا استعملت هده الألية في العديد من التجارب السياسية كحالة الانتقال الديمقراطي في إسبانيا ، حيث سمح الحوار بين مختلف القوى السياسية من الاتفاق على طريقة الانتقال من خلال استعمال المؤسسات القائمة واللجوء إلى الاستفتاء الشعبي لإقرار كل ماتم الاتفاق عليه .
كما قمت لنا التجربة الهايتية نموذجا أخر للانتقال من خلال إقرار وثيقة سياسية تحدد بالضبط مراحل الانتقال السياسي والمؤسسات المؤقتة التي تدبر الإنتقال وفي الخير نهاية الانتقال من خلال نهاية مسلسل من الانتخابات يعطي الشرعية لمؤسسات بديلة وعرفت الوثيقة المنظمة للانتقال السياسي ب”توافق الانتقال السياسي”.
في الزايير تم إقرار وثيقة سياسية مماثلة سميت ب”الاتفاق السياسي لتدبير التوافقي للانتقال في الجمهورية الديمقراطية للكونكو”.
لا بد من الإشارة أيضا إلى ان التوافق هو آلية للحوار وللوصول إلى إجماع” تاريخي” فقط في حين يمكن الاختلاف حول التفاصيل إلا أن إقرار ما تم التوصل إليه عن طريق التصويت الشعبي يلغي التوافق ليصبح نص قانونيا أو دستوريا وجب احترامه.

شرعنة كل العمليات السياسية من خلال التصويت الشعبي:

رغم اتفاق كل القوى السياسية حول المسار السياسي لانتقال لا بد من منح هدا المسار شرعية تتم من خلال عرض نتائجه على الشعب لقبوله او رفضه ،فقانون الإصلاح السياسي في إسبانيا الذي يوضح مكنز مات الانتقال طرح على الاستفتاء في 15ديسمبر 1976.
كما أنه أحيانا أخرى يتم الاكتفاء بإقرار مرحلة الانتقال عبر مؤسسة منتخبة كما هو الحال في التجربة النيبالية من خلال منح البرلمان المنتخب السلطة التأسيسية لإقرار دستور ديمقراطي .
خاتمة:
سواء كان الانتقال نحو الديمقراطية او نحو نظام اقل استبدادا فإنه من خلال استقراء العديد من التجارب ، يمكن القول أن الانتقال السياسي هو بداية جديدة في حياة الدولة والمجتمع إدا كانت تتوفر الشروط السياسية والاجتماعية الملائمة يكمن استغلال هده الفرصة لبناء نظام سياسي متفق عليه يستطيع ان يستوعب جميع القوى السياسية في المجتمع وإلا سيعيد إنتاج استبداد جديد بآليات أخرى ربما أكثر تعقيد ا وأكثرا صمودا في وجه التغيير ولعل التجربة التونسية أمامنا واضحة على تحول نظام مستبد أقامه بورقيبة إلى نظام أخرى مستبد استفاد من مرحلة إنتقال سياسي من أجل تصفية القوى السياسية في المجتمع الواحد تلوة الأخر.
إن أهم مفاتيح نجاح الإنتقال السياسي تتركز في ثلاثة نقط أساسية وهي :

إشراك الجميع في تدبير الإنتقال
التوافق حول المبادئ والمسار العام لإنتقال
الرجوع إلى الشعب للحصول على موافقته على لمسار .
الادماج الاجتماعي عبر دعم السياسي بالاجتماعي.

مع الإشارة أخيرة أن الانتقال يهدف من بين ما يهدف إليه إنتاج مؤسسات قادرة على استيعاب المرحلة الجديدة التي تطمح مرحلة الانتقال إلى تأسيسها، وتنتهي بها سياسية الانتقال .

جدول يبين بعض التجارب الإنتقال السياسي.

الدولةصاحب المبادرةالفترة الزمنية لانتقالالنظام لسابقالنظام الحالي
البرتغالالجيش مع قوى سياسية متعددة.1974ديكتاتورية سلزارنظام رئاسي ديموقراطي
إسبانياالملك بدعم من قوى سياسية متعددة1975
إلى
1981.

الحكم الديكتاتوري و
سلطة إدارية ممركزة
ملكية دستورية ملك يسود ولا يحكم.
حكم محلي واسع في بعض الجهات
نيبالالملك بعد ضغظ سياسي من طرف المعارضة الرسمية المتواجدة بالبرلمان والمعارضة  الثورية الماوية  المسلحة18ماي 2006السلطة مجمعة في يد الملك .ملكية دستورية
بنينالحزب الحاكم
للرئيس
1989
إلى
21 مارس1991
حكم الحزب الوحيد .حكم جمهوري تعددي
موريتانياالجيش3 غشت 2005 11مارس2007.السلطة مجمعة في يد الرئيسنظام رئاسي

  

 

Nicolas Guilhot, revue future antérieur 1995. -[1] La science politique et la transition démocratique à l’Est. par

-[2] أنظر الإنتقال في مالي بعد الأحداث الدامية لسنة 1991 في
Un an de transition politique : de la révolte à la troisième République, Monique Bertrand
CNRS (Caenm)page 1

.
-[3] أنظر الإنتقال في نيكراكوى في
Transition et reconversion militaire au Nicaragua, Par Roberto Cajina
-[4] أنظر ا
Action collective et transition politique en Afrique. La conférence national du Bénin.
Cultures & Conflicts n° 17 (1995) pp.137, Richard Banegas
-[5] أنظر ا
Les aspects sociaux de la transition ,Bernard snoy. Revue d’économie financière , Année 2001 Volume 6 Numéro 1 pp. 501-518