دراسة وبحث قانوني هام عن المؤسسات المالية الدولية

مقدمة:

تحضى الدراسات النقدية في الوقت الراهن باهتمام من قبل مختلق الإقتصاديين و الباحثين, و بشكل خاص بعد أن تأكدت أهمية السياسات النقدية و تأثرها الفعّال على مجرى النشاط الإقتصادي و معدل نموه (من خلال التأثير على مستوى الإنتاج, الأسعار, العمالة, أسعار الصرف, أوضاع موازين المدفوعات, توزيع و إعادة توزيع الدخول و الثروات في المجتمع و على المستوى الدولي…).

و أيضا علاقتها الوثيقة و المتبادلة بكافة أجزاء الخطة الإقتصادية العامة,و مما يزيدفي أهمية هذه الدراسات هو نتائج السياسات النقدية و نشاط المؤسسات النقدية و المالية لبعض الدول (ذات العملات الاحتياطية الدولية) لم تعد تنحصر بحدودها الجغرافية, بل تتعدى ذلك إلى اقتصاديات الدول الأخرى من خلال العلاقات النقدية الدولية (التي تتصف بدرجة كبيرة من الاضطراب و عدم الإستقرار في الوقت الحالي).

و في إطار اتجاهات العولمة و خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة بين الشرق و الغرب, و تفكك الإتحاد السوفياتي و التحولات السياسية في كل من أوروبا الشرقية و آسيا و إفريقيا و إبرام الإتفاقية العامة للتعريفة الجمركية–GATT-و توسيع عضوية البنك الدولي و صندوق النقد الدوليFMI …إلخ. سيطرت على الفكر الإقتصادي الحديث نتيجة للتأثير المتبادل الذي أثبتته تجارب الدول في مجال تعاملها مع المشكلات الإقتصادية التي واجهتها و ترابط حلولها, و اتجاهات قوية لإعادة النظر في طبيعة العلاقات الإقتصادية الدولية الحالية و أسلوب ممارستها بين الشمال و الجنوب, فظهرت حلول تقوم على التنازل الجزئي للديون الخارجية.

و علت الأصوات المطالبة بدعم و إصلاح المنظمات و الهيئات الدولية و زيادة فعاليتها في مواجهة مشكلات العالم و الحد من تحكم الدول الغنية في قراراتها, و زيادة معاوناتها المالية و الفنية للدول النامية بما يتفق و احتياجات التنمية فيها, و من هنا تندرج الإشكالية كما يلي:

ما هي هذه الهيئات و الأسواق المالية الدولية و آثارها على اقتصاديات الدول؟

حيث تتفرع الإشكالية إلى التساؤلات التالية:

1- ما هي أسباب ظهور هذه الهيئات و الأسواق المالية الدولية؟

2- ماذا نقصد بالهيئات و الأسواق المالية الدولية و ما دورها؟

3- ما هي الإصلاحات التي أتت بها هذه الهيئات, و من تخدم هذه الإصلاحات؟

فتتجلى أهمية البحث في التعرف على تطور المالية الدولية مع تسليط الضوء على البرامج و السياسات التي سطرتها الهيئات الدولية لخدمة الدول النامية. وقد اعتمدنا في بحثنا على مراجع بالغتين العربية و الفرنسية, و على مجلة التمويل و التنمية التي يصدرها شهريا صندوق النقد الدوليFMI.

-I المؤسسات المالية الدولية:

تميزت الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى و الثانية, بإتباع سياسات اقتصادية التي عرفت “بإفقار الجار” تلك السياسات استهدفت حل المشاكل الإقتصادية الداخلية مثل البطالة على حساب الدول الأخرى,و لقد تضمنت هذه السياسات إجراء تخفيضات تنافسية في قيمة العملات الوطنية, و ذلك لتحقيق تنافسية على حساب الدول الأخرى, و كما ساندت هذه السياسات فرض العديد من القيود على التجارة الدولية. [1]

كما تميزت الفترة ما بين الحربين ب:

1- إنهيار قاعدة الذهب و تحول البنوك المركزية من نظام الصرف بالذهب إلى نظام النقد الورقي الإلزامي.

2- الإعتماد على نظام أسعار الصرف المرنة لتصحيح العجز في موازين المدفوعات.

3- إتباع السياسات النقدية التضخمية من أجل إعادة بناء اقتصادياتها, مما أدى إلى ظهور ضغوط تضخمية شديدة.

4- فشل الدول الصناعية في العودة إلى نظام الذهب و ذلك في المحاولة للاستفادة مما يتمتع به من تلقائية في إعادة التوازن في موازين المدفوعات.

5- إنشاء العمل بنظام الرقابة على الصرف الأجنبي كأحد أدوات تقييد التجارة الدولية.

و لقد كان مؤتمر “بريتون وودز” بالولايات المتحدة الذي ضم مندوبين من44 دولة في عام1944م, و الذي مهدت له دراسات كل من الإقتصاديين كينز البريطاني, و هوايد الأمريكي, و الذي استمر لمدة03 أسابيع من أول يوليو إلى22 يوليو عام1944م لبحث أسس نظام النقد الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية, و قواعد التعاون الدولي و الذي انتهى بتوقيع اتفاقية “بريتون وودز” التي تعد بمثابة إعلان للنظام النقدي العالمي الجديد, و إنشاء أهم المؤسسات الإقتصادية في العالم: صندوق النقد الدولي و البنك العالمي.[2]

-1 صندوق النقد الدوليFMI:

تم تأسيس هذا الصندوق إثر اجتماع44دولة في سنة1944إثر اتفاقية “بريتون وودز/ أمريكا” الذي كان هدفها إعادة بناء نظام اقتصادي دولي الذي هُدَّم إثر الأزمة الإقتصادية العالمية سنة1929م و الحرب العالمية الثانية. [3]

أهداف الصندوق:

تنص المادة(1)من اتفاقية الصندوق على تحديد أهدافه و تحديد الأغراض المتوخاة من تأسيسه كما يلي:

أ‌- ترويج التعاون النقدي الدولي من خلال مؤسسة دائمة توفر الآلية للتشاور و التعاون حول المشاكل النقدية الدولية.

ب‌- تسهيل و توسيع النمو المتوازن للتجارة الدولية و المساهمة, بناء على هذا الأساس في تشجيع و إدامة مستويات عالية من الإستخدام (العمالة عكس البطالة) و الدخل الحقيقي, و باتجاه تطوير الموارد الإنتاجية لكافة الأعضاء في الصندوق كهدف أساسي للسياسة الإقتصادية.

ت‌- ترويج استقرار الصرف و دعم ترتيبات الصرف بين الأعضاء من الدول, و تجنب تخفيض قيمة صرف العملات التنافسي بين الدول.

ث‌- المعاونة في تأسيس نظام المدفوعات متعددة الأطراف بخصوص الصفقات الجارية بين الأعضاء و العمل على إلغاء قيود التحويل الخارجي التي تعيق التجارة الدولية.

ج‌- إعطاء الثقة للأعضاء بتوفير موارد الصندوق لهم, و عليه فالصندوق يقدم للدول الفرصة لتصحيح الإرتباكات و حالات سوء توازن و التعديلات التي تطرأ على موازين مدفوعاتهم.

ح‌- و وفقا لما تقدم أعلاه فإن الصندوق يعمل من أجل التقليل من حدة و درجة سوء التوازن في الموازين الدولية للدول الأعضاء.1َ

كما ورد في المادة07 التي هي عبارة عن تقوية لمادة01, الفقرة04 التي تطلب من الدول الأعضاء تفادي فرض القيود على المدفوعات الجارية و القيود في العملات, أي تفادي القيود التميزية لعملة.

كما أن هذه المادة أوضحت أيضا, بأن على الدول الأعضاء أن تزود الصندوق بالمعلومات المالية و الإقتصادية بكل أنواعها.[4]

ورغم أن الصندوق يعارض بقوة مسألة فرض القيود على الحساب الجاري إلا أنه يشجع الرقابة أو مراقبة رأس المال, كما تنص المادة06على أن الدول الأعضاء يمكن أن تستعمل موارد الصندوق لمواجهة حالة تدفقات لرأس المال كبيرة و مستمرة نحو الخارج. فالصندوق يمكن أن يطالب من الدول الأعضاء أن يمارسوا الرقابة في تدفقات رأس المال لمنع مثل هذا الإستخدام للموارد من الصندوق.

المادة06: بإمكان الأعضاء أن يطبقوا الرقابة كلما كانت ضرورية لتنظيم حركات رأس المال الدولية و النظرة و التوجه نحو تدفقات رأس المال قد كانت نتيجة تدفقات رأس المال التضاربية, (و هذه المادة جاءت في وقت أين الاعتقاد العام بأن المضاربة عملية تؤدي إلى عدم الإستقرار و سوء التوازن).

و حسبStanley Fischer “premier directeur adjoint” فمنذ سنة1946 فإن دورFMIقد واكب تطور الإقتصاد العالمي. [5]

التعاون الدولي:la coopération international

· يلعبFMI دور المستشار في التعاون الإقتصادي.

· محاولة تحسين المعايير البنكية الدولية.

· مساعدة الدول المهدمة من الحروب, أو الكوارث الطبيعية.

· القسط الكبر من نشاطاتFMIهي عبارة عن مراقبة, فإدارةFMIتعطي تقارير لدول الأعضاء عن حالة الإقتصاد العالمي و الإقتصاد داخل الدول لمدة تتمثل في06أشهر.

ترويج التجارة الدولية:

FMI يبحث دائما عن تحرير التجارة الدولية من كل القيود, النقطة التي لم ترضي العديد من الدول, إلا أنS.Fischer ردّ و قال أن التجارة بدون قيود هي مفروضة على كل الدول الأعضاء.

منح القروض من طرفFMI:

يقومFMI بمنح قروض للدول الأعضاء, خاصة و أن الأموال المكونة لهذا الصندوق هي أموال الدول الأعضاء. كذلك البرامج المقدمة من طرفه لم تحض بقبول كبير و السبب الرئيسي حسبS. Fischer هو أن FMI يتدخل إلا في حالة أزمات اقتصادية حادة الناتجة عن عدم الأخذ بعين الإعتبار الإنذارات من طرف السلطات العامة.

و حل الأزمة يكمن في أن الدولة يجب أن تعيش حسب إمكانياتها, الشيء الذي يعطي تكلفة سياسية على المدى القصير, أما النتائج فتكون على المدى الطويل, و غالبا اللوم ما يكون علىFMI و ليس على الدول أو السلطة المسببة لهذه الأزمة.

تطور دورFMI:

حتى و لو أن الأهداف الرئيسية للصندوق لم تتغير, إلا أن عدد الدول الأعضاء الذي ارتفع باختلاف الدول و تنوعها (مشاكل هذه الدول). فالمشاكل التي يطلب منه حلها لم تقف في مشاكل توازن ميزان مدفوعات فقط للدول المصنعة (المتطورة), بل كذلك مشاكل الدول النامية التي هي أكثر.[6]

حتى و لو أن صندوق النقد الدولي يبحث عن الاستقرار للإقتصاد على المستوى الكلي للدولة, إلا أن نشاطه يذهب إلى حد أبعد من ذلك, و ذلك بالتكامل و التشاور مع البنك العالمي, في تحسين نوعية المصارف و الاستهلاكات العمومية بدون الاستغناء عن وسائل الصحة, و الهياكل الكبرى هي مكلفة و لكن تخدم البعض أو القلية في المجتمع و ترك الباقي.

كما يبحث الصندوق عن الشفافية و زيادة المسؤولية الدولة و المؤسسات الخاصة حتى تنقص من التبذير الزائد للموارد المتاحة الوطنية. [7]

مصادر تمويل الصندوق:

تجدر الإشارة إلى كل من و.م.أ و إنجلترا قد تقدما بمشروعين مختلفين لفكرة إنشاء الصندوق, المشروع الأول تقدم به وزير الخزانة الأمريكي “Hary White”, و المشروع الثاني تقدم به الإقتصادي “كينـز” و الذي نادى بإقامة نظام نقدي, اتحاد التسوية يكون قادر على خلق السيولة الدولية.

فللصندوق قدر هام من الأموال, و تقدر ب215مليار$ في عام1995, و تتكون هذه الموارد من حصة الإعفاء و مصاريف العضوية, كما أن كل عضو من الأعضاء يساهم بحصة تتناسب مع حجمه لحصة الدول الغنية أكبر من حصة الدول الفقيرة.

حجم الصندوق:

يوجد به2300موظف على عكس البنك الدولي, فإن الصندوق ليس لديه فروع في دول العالم, حيث يعمل أعضاؤه في المركز الرئيسي في واشنطن إلى جانب ثلاثة مكاتب صغيرة في كل من باريس و جنيف, و مكتب الأمم المتحدة في نيويورك, و العاملين في الصندوق هما إما اقتصاديين أو خبراء ماليين.

-2 البنك الدولي:

هو أحد منظمات اتفاقية “بريتون وودز” و الذي أنشئ من أجل إعادة بناء اقتصاديات الدول التي تم تدميرها خلال لحرب العالمية الثانية, و تظهر هذه المهمة من الاسم الرسمي لهذا البنك و هو “البنك الدولي للإنشاء و التعمير”. و لقد كان أول قرض قدمه البنك في نهاية عقد الأربعينات من أجل إعادة تعمير الدول الأوروبية, و بعد أن تمكنت هذه الدول من الوقوف على قدميها تحول البنك إلى مساعدة الدول الفقيرة في العالم و التي عرفت بالدول النامية, و قد تحصلت الدول النامية منذ نهاية الأربعينات على أكثر من330مليار$. [8]

كما يطلق على هذا البنك اسم “بنك العالم”, و تتحد أهداف البنك الدولي في المادة(1) على ما يلي:

– المساعدة على إعادة بناء و تنمية اقتصاديات الدول الأعضاء.

– ترويج الاستثمارات الخاصة بالخارج.

– تشجيع الإستثمارات الدولية.

– التنسيق بين القروض المعطاة.

– تسيير العمليات و ذلك بأخذ بعين الإعتبار التأثيرات الإقتصادية للإستثمارات الدولية.[9]

مؤسسات البنك الدولي:

ينقسم البنك الدولي إلى قسمين رئيسيين هما: البنك الدولي للإنشاء و التعميرBIRD, و رابطة التنمية الدوليةIDA, التي أنشأت في عام1960م, لتقديم المساعدات المالية للدول النامية الفقيرة التي لا تستطيع الوفاء بشروط البنك الدولي, و عرفت بهاتين المؤسستين على الرغم من انفصالهما قانونيا و ماليا,[10]و هناك بعض المؤسسات الأخرى نذكر منها:

المؤسسات المعاونة للبنك الدولي للإنشاء و التعمير:

تعاونBIRD مع ثلاث مؤسسات هي, مؤسسة التمويل الدولية التي تأسست في عام1957م, و المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمارICSID, و الذي أنشأ عام1966, و هيئة ضمان الإستثمار متعددة الأطرافMIGA, الذي أنشأ في1988.

أ- مؤسسة التمويل الدوليةIFC:

أنشأ البنك الدولي للإنشاء و التعمير مؤسسة التمويل الدولية في يوليو عام1957, و تم إعلانها كوكالة متخصصة من وكالات هيئة الأمم المتحدة في فبراير1957, باعتبارها هيئة دولية ذات استقلال مالي و إداري كاملين, و إن ارتبط نشاطها بالبنك الدولي الذي تتعاون معه تعاونا وثيقا في برامجها الإستثمارية و التمويلية.[11]

و هذه المؤسسة هدفها الربح أي تحقيق الربح, و تقوم بتشجيع رؤوس الأموال للإستثمار في القطاع الخاص في الدول النامية, و تتكون من172عضواً.

ب- المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمارICSID:

و الذي أنشأ في عام1966, و ذلك بغرض تقديم وسائل فض المنازعات بين المستثمرين الأجانب من ناحية, و الدول النامية من ناحية أخرى, و يتكون المركز من127عضواً.

ج- هيئة ضمان الإستثمار المتعددة الأطرافMIGA:

و التي أنشأت في عام198, و ذلك بغرض تشجيع الإستثمار المباشر في الدول النامية, من خلال تقديم الضمانات ضد المخاطر الغير تجارية مثل الإضطرابات السياسية, بالإضافة إلى تقديم خدمة التسويق الدولي للمشروعات الإستثمارية للدول النامية, و تضم هذه الهيئة141عضواً.[12]

و رغم أن هيئة ضمان الإستثمار متعددة الأطراف مستقلة و لها كيان عالي متميز, بها جهاز خاص هو الجهاز الفني و القانوني الخاص, و تستعين بأجهزة البنك الدولي فيما يتعلق بالشؤون الإدارية و الخدمات الأخرى. [13]

يبلغ عدد العاملين في البنك الدولي7000فرد و هذا العدد هو بمثابة ثلاثة أمثال عدد العاملين في صندوق النقد الدولي, و يتميز العاملين في البنك بتنوع في تخصصاتهم (مهندسين, اقتصاديين, مخططين للمناطق العمرانية, محامين, مديرين لصناديق الإستثمار,…إلخ.)

رأس مال البنك:

يتكون رأس مال البنك من مساهمة الأعظاء, و يدفع كل عضو%20من قيمة حصته نقداً, و الباقي يعتبر ضمان للقروض التي يحصل عليها البنك, و تتحدد فترة كل دولة عضو في البنك على التصويت وفقا لحصتها في رأس ماله, و كما هو معلوم فإن (أمريكا, اليابان, ألمانيا, فرنسا, إنجلترا) تسيطر على أكثر من1/3 رأس مال البنك, و هو ما يجعلها تؤثر مباشرة على قرارات البنك و استراتيجيته.

حددت اتفاقية إنشاء البنك رأسماله الإسمي بحدود10مليار$ , يتوزع على100.000سهم, قيمة كل سهم100.000$.[14]

و تقوم الدول الأعضاء بسداد حصصها في رأس مال البنك على النحو التالي:

-%10تسدد بالذهب, أو بالدولار الأمريكي.

-%90تسدد بالعملة الوطنية للبلد العضو. [15]

مصادر التمويل:

يمكن النظر إلى البنك الدولي على أنه بنك استثمار يقوم بدور الوسيط بين المستثمرين و المودعين, و يقترض من طرف و يقرض للطرف الآخر, و المساهمين في البنك الدولي هم حكومات179دولة, حيث تحتفظ كل دولة بنصيبها في رأس مال البنك الذي يبلغ176مليار في يونيو1995, و تختلف مصادر التمويل لهيئات البنك الدولي حسب طبيعة نشاط كل مؤسسة. [16]

بالإضافة إلى رأس المال, يحصل البنك الدولي على الجزء الأكبر من موارده عن طريق الإقتراض من الأسواق المالية, أي أن البنك الدولي يقوم بالإقتراض من البنوك الدولية و المؤسسات المالية الأخرى ليتمكن من دوره من تقديم القروض لدول الأعضاء.

-3 المنظمة العالمية للتجارة:

في سنة1948 عقد مؤتمر “هافانا” في إطار الأمم المتحدة لمساهمة ميثاق “منظمة التجارة الدولية”ITO”, و ذلك بغرض تنظيم التجارة الدولية خلال الفترة ما بعد الحرب العالمية, إلا أن الكونغرس الأمريكي لم يوافق على توقيع على هذا الميثاق بالرغم من موافقة أغلب دول العالم عليه.

و كان نتيجة لذلك أن اتفق على عقد اتفاقية أول طموحا من منظمة التجارة الدولية, هذه الإتفاقية عرفت بالإتفاقية العامة للتعريفة و التجارةGATT, و كان الغرض من هذه الاتفاقية هو العمل على إلغاء القيود الجمركية على التجارة الدولية, و استمرار في إجراء المفاوضات متعددة الأطراف بصفة دورية لتحقيق هذا الغرض.[17]

مبادئ اتفاقيةGATT: تقوم على ثلاثة مبادئ:

1- عدم التمييز بين الدول الأعضاء, و الذي يعني القبول غير المشروط لمبدأ الدولة الأولى بالرعاية, و المقصود بهذا المبدأ ببساطة هو أن كل دولة عضو فيها تحصل على كافة المزايا التي يتم الإتفاق عليها بين باقي الأعضاء على مستوى الثنائي.

2- إزالة كافة القيود على التجارة, سواء كانت تلك القيود جمركية أو غير جمركية باستثناء تجارة السلع الزراعية, و تجارة الدول التي تعاني عجز جوهري و دائم فيميزان المدفوعات التي يحق لها فرض قيود على تجارتها.

3- اللجوء إلى التفاوض و ذلك بغرض فض المنازعات التجارية الدولية بدلا من اللجوء إلى الإجراءات الإتفاقية التي تتسبب في تقليل حجم التجارة الدولية.[18]

كما لاحظت الفترة بعد تأسيسOMC عدة جولات, و من بينها جولة جينيف التي عقدت سنة1947 و التي تعتبر كناجحة مقارنة على الجولات الأربعة التي تلتها, حيث تم الإتفاق على تخفيض الرسوم الجمركية على عدد كبير من السلع الداخلة في التجارة. كما شارك في هذه الجولة23دولة, كما أدرت المفاوضات ما قيمته10مليار$, أي ما يقارب%20 من حجم التجارة العالمية.[19]

كما تلت جولة جنيف جولة كنيدي بعد موافقة الكونغرس الأمريكي على السماح للرئيس الأمريكي بالدخول إلى مفاوضات للتخفيض الرسوم الجمركية, و شارك في هذه الجولة62دولة, و أهم الموضوعات التي تناولتها هي إجراء تخفيضات في الرسوم الجمركية, و إقرار إجراءات مكافحة الإغراق.

و هناك جولة طوكيو(1979-1973) التي تناولت القيود الغير جمركية التي لوحظ أنها تتزايد مع انخفاض الرسوم الجمركية. [20]

-II الأسواق المالية:

ماذا نقصد بالسوق المالي ؟ و ما هي الأسس التي تبنى عليها؟؟

– السوق المالي الدولية تعني وجود العديد من المؤسسات المالية و بنوتات الوساطة المالية أو مجموعاتها المختلفة, تلك التي توفر الخدمات المالية بين المقرضين و المقترضين.

– السوق الرأسمالية (سوق رأس المال) و هي: “سوق طلبات رأس المال الطويلة الأجل, ذات مواعيد الإستحقاق الأجل و لأكثر من سنة عادة”.

إن كافة الأعمال بشكل الشركات العامة المحدودة تتطلب و تحتاج إلى رأس مال دائم طويل الأجل لتمويل كل نشاطاتها المختلفة, أو أن تقوم بمشاريع توسيع, و في توجه مماثل فإن الحكومة مثلاً: كالبنك المركزي و البنوك المحلية تحتاج إلى كميات كبيرة من الأموال لتساعدها على تجهيز و توفير و توسيع خدماتها, كالدفاع و الصحة…, لذلك تعمد إلى الحصول على الأموال من الشركات العامة التي تقدم قروض رأس المال, و رأس مال المشارك, بينما تقدم الحكومة (الدولة) الأسهم المساهمة في رأس المال و البورصة في السوق المالية, تحل هذه المشكلة بتوفير سوق لبيع و شراء القروض و الأسهم الموجودة أو القائمة فعليا لشركات مختلفة.

و إضافة لهذه البورصة فإن هناك السوق الدولية لرأس المال و تشتمل على سوق السندات الأوروبية, و سوق العملات الأوروبية, و سوق الدولارات الأوروبية, و هناك شركات و مؤسسات التمويل, و هي شركات تؤسس لمواجهة المتطلبات المالية للعديد من نشاطات الأعمال التي تحتاج إلى مصادر رئيسية للأموال الطويلة الأجل, بينما البنوك تتعامل مع التمويل قصير الأجل أحيانا.

هناك العديد من المصادر الدولية المتوفرة لتقديم رأس المال في السوق الدولية لرأس المال, و أهمها طبعا الشركات الدولية العملاقة, و مؤسسات التمويل الدولية الأخرى التي تحضى بحصة جيدة من خلال تواجدها في السوق المالية الدولية, و في الحصول على شريحة جيدة في أسواق رأس المال الطويلة الأجل, أو الداخلية, إضافة إلى ممارسة أنشطتها من خلال فروعها و الشركات التابعة لها في مناطق العالم.[21]

-1الأسواق المالية و أسعار الفائدة:

لقد طرأت على الأسواق المالية عدة تطورات عبر الزمن, و من بين هذه الأسواق نجد سوق سندات الخزينة التي تبيعها, مثل “سندات الحكومة” التي يكتتب بها, من حيث المخاطر التي تكتنفها, فالعلاقة بين أسعار الفائدة القصيرة و الطويلة الأجل مهمة جدا في هذا السياق, لأنها تعتبر العوائد على الموجودات, قلما يجري عليها تعديلات بالمقارنة مع متطلباتها.

عندما تقدم المؤسسات المالية كشوف حساباتها مواجهة فيها مثل هذه مخاطر, و هذه المخاطر عادة ما يتم التوصل إلى إتباع صيغ جديدة في التقليل منها من خلال عمليات مبادلات الأوراق التجارية و شراء العملات و الصفقات المالية المستقبلية, و هما كالتالي:

أ-Swaps:

و التي تعني عملة معينة يتم بنفس الوقت شراؤها و بيعها في السوق و لكن مدة استحقاقات كل صفقة بيع و شراء مختلفة, و هناك نوعان هما: مبادلات سعر الفائدةInterest Rate, و هي تشكل نسبة كبيرة من الصفقات, و الثانية مبادلات العملةCurrency Swaps.

ب-Financial FutureContract:

فهو العقد الذي ينص على استلام الأسهم مستقبلا, و لا تشمل السلعية فحسب بل السندات التي تصدرها الخزانة, سندات الحكومة, و الدولارات الأوروبية (العقود بالدولار و العملات الأجنبية) مثل الين الياباني, و المارك الألماني الذي يحدد الأسعار المستقبلية, و هي أفضل تقديرات السوق لسعر المبادلة القصيرة الأجل بيومه, و هو تاريخ أو يوم الإستلام مثل سعر سندات الخزانة كل ثلاثة أشهر الذي يعتمد أيضا على سعر الفائدة.[22]

ج- عرف النظام المالي الأمريكي منذ فترة السبعينات تطورات عديدة, فكل قطاعات الإقتصاد الأمريكي قد أصبحت تسود ظاهرة المديونية الكثيفة, و أن أسعار الفائدة أصبحت متغيرة بشكل كبير, نجد أيضا أن الأسواق المالية أصبحت هي الأخرى مهتمة بمخاطر الإئتمان و أسعار الفائدة.[23]

و هناك استراتيجيات و وسائل و أدوات مالية للتخفيف منه, و معالجة هذه المخاطر سواء على مستوى المؤسسات المالية أو الزبائن, و أمثلة على ذلك تتضمن ظهور ما يطلق عليه بتقليل المخاطر باتخاذ موقف يمكن من خلاله التعرض حاليا أو مستقبليا, كما يتوقع للتغير في أسعار السوق أو عمليةHedging مع العقود المالية المستقبلية و الإعتماد المتزايد على الودائع و القروض ذات أسعار الفائدة المتغيرة و على بيع الرهانات المتزايدة (كضمانات), و القروض الأخرى التي تنشأ عن هذه المؤسسات المالية بحيث تختار استراتيجيات و أساليب أكثر خطورة, كما لا تخفي أهمية سوق السندات الخزينة, و الآليات أو طبيعة عمل المزايدات التي يديرها البنك الإحتياطي الفيدرالي (الإتحادي) نيابة عن الخزانة (وزارة المالية الأمريكية) لبيع الإصدارات الجديدة من السندات و ما له علاقة بالسيولة و عدم التنفيذ و الخصائص الأخرى المترابطة بالاستثمارات لسندات الخزانة تلك.

و هناك ظاهرة أخرى برزت هذه في النظرية المالية الحديثة التي ترتكز على المفاهيم المرتبطة بتوزيع العوائد و الإستثمارات, و العلاقة المحتملة بين المخاطر المتوقعة و العوائد و مفهوم كفاية السوق المالية, حيث أن التنويع ة الإستثمارات و العوائد تقلل من احتمال التعرض للمخاطر بدرجة كبيرة بل العكس يقلل منها, و بالتالي ارتفاع نسبة العوائد على الموجودات. [24]

-2 عمليات الصيرفة الدولية في العملات الأوروبية:

تعني الصيرفة الدولية بالعملات الأوروبية كونها العمليات التي تتم بموجبها تقديم القروض التي تسود بعملة هي أصلا أجنبية بالنسبة للدولة التي يتم الحصول على القرض فيها من خلال المصرف الموجود على أراضيها, و هو الذي يقدم القرض أو التسهيلات الإئتمانيةCredit Euro Currencey و لابد من معرفة تعبير اصطلاحي آخر هو “Eurodolla” و يعني في الأصل الودائع بالدولار في بنوك أوروبا بضمها الفروع لبنوك أمريكية في أوروبا, أيضا و مؤخرا يطلق على الدولارات أو ودائع بالدولارات في العالم خارج الولايات المتحدة, و بتعميم أكبر فإن هذا التعبير يستخدم لأغراض العملات الأوروبية و التي تمثل ودائعDeposit في أي بلد تسوده أي عملة في العمليات المصرفية, و لكن تستعمل قانونا هناك.

و هناك تعبير اصطلاحي آخر مهم هو “السند الأوروبي”Eurobond و هو السند الذي يكتتب به من قبل مجموعة بنوك دولية و يتم إصداره و اكتسابه دوليا.[25] و يتم التركيز على هذا النوع من الإقراض المصرفي الدولي في الخارج لأسباب أهمها:

أ- أنه يمثل البدائل المعومة للعمليات المصرفية التي تتم بالوساطة المصرفية الداخلية (داخل الدولة الواحدة)Substitudes fordomesticintermediation.

ب- عمليات العملات الأوروبية تعمل كبديل للسوق لما بين البنوك في التعامل المصرفي فيما بينها “Alternativeinteradinginterbank” .

ج- و أخرى بالنسبة لجانب العملة, حيث تنظر للبنوك الأوروبية بأن ترتبط بأسواق صرف العملات الأجنبية بالجملة.

د- و أخرى تربط بخصائص التعامل عبر الحدود الوطنية, لكون أن العمليات التي تقوم بها البنوك من هذا القبيل هي جزء من سوق الأموال العالمية و بعض المراكز المالية من الخارج.[26]

-3البنوك الأوروبية و صرف العملات:

من المعلوم أن الصفقات التي تتم بالعملات الأوروبية هي ليست نفسها في التعامل بصرف العملات, و ليس لها أي علاقة بها مطبقا, لأن التعامل بصرف العملات يشتمل على مشتريات و مبيعات من العملات, بينما في حالة التعامل بالعملات الأوروبية أو عمليات العملة الأوروبية, إن صحّ التعبير على النقيض من الأول, يشتمل على القروض و التمديدات لتلك القروض من المدفوعات المتوسطة و الطويلة الآجال.

بينما سعر معاملات العملات الأوروبية هو بمفهوم و تعبير سعر الصرف و معاملات أو صفقات العملات الأوروبية, هي بسعر فائدة و نظريا عندئذ يحصل أن سوق العملات الأوروبية مختلف تماما عن سوق صرف العملات. إذن من الناحية العملية أيضا نجد أن كلتا السوقين مرتبطان ببعضهما سوية و متداخلتان, و السبب هو كون كلا السوقين هما سوقان مصرفيان تسودهما العمليات المصرفية, فالطرف المرتبط بصفقة بالعملات الأوروبية لابد أن يكون بنكا أو مصرفا أو مؤسسة مالية, لأنه ليس دائما أن يكون كلا الطرفين بنكين.[27]

بعدما استعرضنا الهيئات الدولية و المؤسسات المالية المختلفة الدولية, دورها و مصادر تمويلها, تطورها التاريخي, سوف تقدم الإصلاحات التي أتت بها هذه الأخيرة, السياسات التي انتهجتها لمعالجة المشاكل الإقتصادية للدول الفقيرة, و هل هذه الإصلاحات حتمية على الدول النامية أم لا ؟؟

– III الإصلاح الإقتصادي و المالي:

-1 مفهوم المواءمة:

يتم استخدام مصطلحات متعددة للتعبير عن الجوانب المختلفة لعملية المواءمة الإقتصادية, ففي حين استخدام بعض الإقتصاديين مصطلح سياسات التكيف, و يذهب بعضهم الآخر إلى استخدام مصطلحات أخرى, مثل سياسات التكيف الهيكلي, أو سياسات التكيف طويل الأجل, و تنطوي المصطلحات السابقة منع إجراء التعديلات الإقتصادية اللازمة في بناء هيكل الإقتصاد القومي, على نحو يعظم من قدرته على مواجهة الصدمات الخارجية و الداخلية بمختلف أنواعها و أشكالها, و ذلك بانتهاج الدولة المعنية لمجموعة متكاملة من أدوات السياسة الإقتصادية التي تستخدم لتحقيق أهداف المجتمع الإقتصادية و الإجتماعية, و يعبر عن تلك الأهداف في صورة قيم مستهدفة لمعدلات الأداء الإقتصادي, سوءا على المستوى الداخلي (معدلات عجز الموازنة العامة, معدلات التضخم, معدلات نمو العرض النقدي, و كذلك معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي), أو على المستوى الخارجي (معدلات عجز ميزان المدفوعات, و مستوى المديونية الخارجية, و كذلك مستوى الإحتياطات النقدية الدولية).

و لكي نحدد مفهوما دقيقا لعملة المواءمة الإقتصادية يتطلب التفرقة بين سياسات جانب الطلب, و سياسات جانب العرض من ناحية, و كذلك التفرقة بين سياسات الإستقرار الإقتصادي و سياسات التصحيح الهيكلي, من ناحية أخرى, و هو ما سوف نتناوله فيما يلي:[28]

أ- سياسات جانب الطلب و سياسات جانب العرض:

تنطوي سياسات جانب الطلب الكلي, على كافة الإجراءات و التدابير التي تتبناها الدولة المعنية, بغرض التأثير في مستوى الطلب الإسمي و معدل نموه, و مستوى الاستيعاب المحلي, و تحتوي تلك السياسات على كافة الإجراءات و التدابير النقدية و المالية.

و تستهدف السياسات الخاصة بجانب العرض الكلي, زيادة حجم الناتج المحلي من السلع و الخدمات, بما يتوافق مع المستوى المحدد للطلب المحلي الإجمالي, و تنقسم إلى مجموعتين:

– الأولى: و تضم الإجراءات الموجهة لزيادة تيار الناتج المحلي من خلال رفع كفاءة تخصيص الموارد الإقتصادية و يتطلب ذلك التخلص من مظاهر الإنحراف في هيكل الأسعار الخاصة بالمنتجات المختلفة و أسعار الصرف, إلى جانب تعديل الهيكل الضريبي و أيضا تخفيف القيود التجارية.

– الثانية: تتمثل في تلك السياسات التي تستهدف تحفيز الطاقة الإنتاجية, بغرض رفع معدلات نمو الناتج المحلي في الأجل الطويل, و هي بذلك تضم كافة الإجراءات التي تساهم في زيادة معدلات الإدخار, و كذلك تعظيم عملية الإستثمار في رأس المال البشري من خلال توسيع و تطوير نطاق برامج التعليم و التدريب…إلخ.[29]

ب- سياسات الإستقرار الإقتصادي و سياسات التصحيح أو التكيف الهيكلي:

ب-1- سياسات الإستقرار الإقتصادي:

تهتم بعلاج المشاكل الإقتصادية قصيرة الأجل, مثل مشكلة التضخم و رصيد الإحتياطات النقدية, و كذلك هروب رأس المال الوطني إلى الخارج.

ب-2- سياسات التصحيح أو التعديل الهيكلي:

تنصرف إلى مواجهة الإختلالات التي تعترض مواصلة النمو في الأجل الطويل, مثل: الإنحراف في حوافز الإنتاج (أسعار الصرف المبالغ في تقويمها), الرقابة و القيود السعرية, الرسوم الجمركية الباهضة, … و في مفهومها الواسع تستهدف عملية التعديل الهيكلي إلى تحقيق توازن مستمر في ميزان المدفوعات, تحفيز الصادرات, تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي بالإعتماد على تكيف الهياكل الإقتصادية خاصة هيكل الإنتاج.[30]

-2 حتمية الإصلاح الإقتصادي في الدول النامية:

إن الحاجة لتبني سياسة المواءمة الإقتصادية في الدول النامية راجع إلى عدة مشاكل اقتصادية تعاني منها الدول, من بينها:

· الخصائص الإقتصادية و الإجتماعية المشتركة في الدول النامية, فخناك حد أدنى من الخصائص الإقتصادية و الإجتماعية التي تتسم بها اقتصاديات الدول النامية, و التي تساهم بصورة مباشرة في خلق الإختلالات الإقتصادية و تزايدها في هذه الدول, و ذلك بالرغم من وجود قدر كبير من عدم التجانس بين مجموعات الدول النامية من حيث هياكلها الإقتصادية و درجة تعقدها و تشابكها, و مدى ارتباط اقتصاديات تلك الدول بالعالم الخارجي, و أيضا وجود خصائص أخرى:

· تدهور مستوى الطاقة الإنتاجية.

· اختلال علاقات النمو بين القطاعات الإقتصادية الرئيسية.

· التخصص في إنتاج و تصدير المنتجات الأولية.

· تدهور مستوى المعيشة الحقيق للسكان.[31]

-3 السياسات المقترحة في برامج صندوق النقد الدولي:

يمكن حصر أهم أهداف سياسات البرامج المواءمة الإقتصادية في الدول النامية فيما يلي:

أ‌- خفض معدلات عجز الموازنة العامة للدولة.

ب‌- تحجيم العجز في ميزان المدفوعات, و حصره في أضيق الحدود الممكنة.

ت‌- تخفيض معدلات التضخم بما يضمن الحفاظ على مستوى معيشة مناسب للسكان.

ث‌- السعي إلى حفز الطاقة الإنتاجية, و تحسين تخصيص الموارد الإقتصادية باستخدام سياسات تعديل هيكلي ملائم, يسهم في رفع قيمة معامل مرونة الجهاز الإنتاجي.

ج‌- ترشيد برامج الإستثمار العام و رفع إنتاجيتها, من خلال تقليص الإستثمارات العامة في قطاعات الإنتاج المباشر, و تحويلها إلى قطاعات البنية الأساسية المادية و الخدمية.

ح‌- تطوير الفن التقني المستخدم بما يتلاءم و طبيعة الخصائص و المشاكل الإقتصادية.[32]

-4 الأدوات المستخدمة لعلاج الإختلالات:

-1-4 السياسات الموجهة للتأثير على صافي مدخرات القطاع الخاص:

تسعى هذه السياسات إلى تدعيم قدرة المستثمر في قطاع الأعمال المحلي و الأجنبي, على تكوين المدخرات و حفز ميله للإستثمار بما يؤدي إلى تحسين معدلات الأداء الإقتصادي الكلي, من خلال زيادة العرض الإجمالي لعوامل الإنتاج و زيادة الإنتاج المحلي. و يمكن حصر أهم السياسات المالية و النقدية المقترحة في هذا الصدد في:

1- تخفيض الضرائب على الدخول و عوائد رؤوس الأموال المستثمرة في قطاع الأعمال الخاص.

2- تقديم تيسيرات جمركية ملموسة على الواردات الإستثمارية و الوسيطية للمشروعات الجديدة بغرض تخفيض تكلفة الإنتاج و تعظيم معدلات العائد على الإستثمار فيه.

3- إلغاء الرقابة و التدخل الحكومي في مجال تسعير منتجات القطاع الخاص, و ترك آليات السوق تحدد هذه الأسعار, علاوة على رفع معدلات الفائدة على المدخرات المحلية, و إعفاء تلك الفوائد من الضرائب و كذلك تنمية و تدعيم دور القطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية الإقتصادية بالتوسع في عمليات الخوصصة.[33]

-2-4 السياسات الموجهة للتأثير على العجز المالي للحكومة:

و هي تستهدف خفض الإتفاق العام و زيادة الإيرادات العامة و حيث تتلخص الإجراءات فيما يلي:

1- إجراء تخفيضات ملموسة في بند النفقات التحويلية ذات الطابع الإجتماعي, و بصفة خاصة بند الدعم المتعلق بأسعار السلع الضرورية.

2- تجنب الدعم الإقتصادي الممنوح للوحدات الإقتصادية التي تحقق خسائر ضخمة في نطاق القطاع العام, و يتم ذلك بتصفية تلك الوحدات من خلال عملية الخوصصة.

3- ابتعاد الدولة عن الاقتحام في المجالات الإستثمارية التي تنافس القطاع الخاص المحلي و الأجنبي أو المشترك, و حصر دور الإستثمار في تدعيم مشروعات البنية الأساسية, أما الإجراءات المقترحة في مجال زيادة الإيرادات العامة و الإيرادات الضريبية بصفة خاصة يمكن إيجازها فيما يلي:

أ‌- زيادة أسعار موارد الطاقة خاصة المستخدم منها في أغراض الإستهلاك العائلي, زيادة رسوم الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة, مثل خدمات النقل و الإتصال… إلخ.

ب‌- رفع معدلات بعض الضرائب غير المباشرة, خاصة فيما يتعلق منها بالضرائب على السلع الكمالية, و منتجات الصناعات التحويلية و الخدمات المحلية.

ت‌- تبني برنامج زمني محدود لخوصصة مشروعات القطاع العام غير الرابحة بهدف التخلص من الأعباء المادية الناجمة عنها, و تحقيق إيرادات ضخمة تسهم في تمويل برامج التنمية.

الخاتمة:

شهد التعامل النقدي الدولي خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين(1939-1917) كثيرا من العراقيل و الصعوبات نتيجة لقيام التكتلات النقدية, و الهيئات الدولية, كالصندوق النقدي الدولي سنة1944, هذا النظام النقدي الدولي الجديد الذي أتى بموجب اتفاقيات “بريتون وودز” بهدف إضفاء بعض الإستقرار على أسعار الصرف في العملات و على العلاقات النقدية الدولية بشكل عام, و زيادة التعاون الدولي, و أيضا البنك الدوليBIRD, و ظهور كذلك التكتلات مثل المنظمة العالمية للتجارةOMC, والأسواق المالية (البورصة…) و سوق السندات.

إن الدول الأعضاء في هذه الهيئات استفادت من أموالها في رفع المستوى المعيشي الإقتصادي و الإجتماعي, و أصبح ضرورة حتمية على الدول النامية التعامل مع هذه الهيئات خاصة مع ظهور العولمة و التفتح على العالم, حيث قدمت هذه الهيئات المالية و الدولية سياسات و برامج حتمية على الدول النامية منها ما هو إيجابي, و منها ما هو سلبي, حيث تبقى الهيمنة و السيطرة و التبعية لهذه الهيئات المالية الدولية.

قائمة المراجع:

Ø الكتب العربية:

1- محمد سيد عابد, التجارة الدولية, مكتبة الإشعاع للطباعة و النشر و التوزيع,2001.

2- يونس أحمد البطريقة, السياسات الدولية في المالية العامة, الدار الجامعية للنشر و التوزيع, بدون سنة.

3- غازي عبد الرزاق النقاش, التمويل الدولي و العمليات المصرفية الدولية, دار وائل للنشر,1996.

4- مروان عطوان, الأسواق النقدية و المالية, (البورصات و مشكلاتها في عالم النقد و المال), مركز الإسكندرية للكتاب,1993.

5- سميرة إبراهيم أيوب، صندوق النقد الدولي, و قضية الإصلاح الإقتصادي و المالي, مركز الإسكندرية للكتاب,2000.

Ø الكتب الفرنسية:

vSid Ali Boukrami, Les mécanismes monétaires et financiers ; 1986 ; Ccpyright Enap Emal ; N° 45A86.

Ø المجلات:

مجلة التمويل و التنمية, جوان1998.

[1]محمد سيد عابد, التجارة الدولية, مكتبة الإشعاع للطباعة و النشر و التوزيع, 2001, ص 407.

[2]يونس أحمد البطريقة, السياسات الدولية في المالية العامة, الدار الجامعية للنشر و التوزيع, الإسكندرية, بدون سنة, ص 48.

[3]1َ غازي عبد الرزاق النقاش, التمويل الدولي و العمليات المصرفية الدولية, دار وائل للنشر, 1996, ص 83.

[4] نفس المرجع أعلاه, ص 84.

[5]مجلة التمويل و التنمية, جوان 98 ,Stanley Fischer, ص 02.

[6] , مجلة التمويل و التنمية, Stanley Fischer ,مرجع سبق ذكره, ص 04.

[7]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 420.

[8]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 409-420.

[9]Sid Ali Boukrami, « les mécanismes monétaires et financier , copyright Enap Emal ; N°45A86, 1986.

[10]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 409.

[11]يونس أحمد البطريقة, مرجع سبق ذكره, ص 53.

[12]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 410.

[13]يونس أحمد البطريقة, مرجع سبق ذكره, ص 59.

[14]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 411.

[15]مروان عطوان, الأسواق النقدية و المالية, (البورصات و مشكلاتها في عالم النقد و المال), ديوان المطبوعات الجامعية, 1993, ص 316.

[16]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 411.

[17]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 445.

[18]محمد سيد عابد, مرجع سبق ذكره, ص 445.

[19]محمد سيد عابد, ص 446.

[20]محمد سيد عابد, ص 447.

[21]غازي عبد الرزاق النقاش, التمويل الدولي و العمليات المصرفية, 1996, ص 59.

[22]نفس المرجع السابق, ص 22.

[23]نفس المرجع السابق, ص 63.

[24]نفس المرجع السابق, ص 66.

[25]نفس المرجع, ص 67.

[26]نفس المرجع السابق, ص 71.

[27]نفس المرجع السابق, ص 72.

[28]سميرة إبراهيم أيوب, صندوق النقد الدولي و قضية الإصلاح الإقتصادي و المالي, دراسة تحليلية و تقييمية, مركز الإسكندرية للكتاب, 2000, ص 12.

[29]سميرة إبراهيم أيوب, مرجع سبق ذكره, ص 13.

[30]سميرة إبراهيم أيوب, مرجع سبق ذكره, ص 14.

[31]سميرة إبراهيم أيوب, مرجع سبق ذكره, ص 28-29.

[32]سميرة إبراهيم أيوب, ص 64.

[33] سميرة إبراهيم أيوب, مرجع سبق ذكره, ص 68.