بحث عن مفهوم وأنواع الدستور

الدستــــور:
هو عبارة عن وثيقة تنظم عمل السلطات الثلاث والأقاليم , وترسم السياسية الخارجية للدولة , وتبين صفة السلطة وتضمن حقوق الشعب.

و يكون الدستور امّا مكتوباً أو عرفاً واحياناً يجمع مابين المكتوب والعرف، و المكتوب نوعين دائمي و مؤقت, امّا مواده امّا أن تكون ذو خاصيه مفصّلة او إجمالية ، و من ناحية التعديل يكون ذو سمه جامدة أو ذوسمة مرنة.

أنواع الدساتير:
النوع الاول: الدستور المكتوب.
وهو الذي يصدر من جهة صاحبة الاختصاص بذلك على شكل نصوص تشريعية رسمية قد تكون في وثيقة واحدة أو وثائق دستورية متفرقة.

امّا جهة الاختصاص التي يتم اختيارها لكتابة الدستور تخضع إلى طبيعة نظام الدولة الذي ينقسم إلى نظامين : نظام غير الديمقراطية ونظام الديمقراطية .

النظام غير الديمقراطية:
يعتمد نظام غير الديمقراطية على أسلوبين : أسلوب المنحة وأسلوب العقد.

الأسلوب الأول : يتنازل صاحب السلطة المطلقة عن بعض اختصاصاته (حقوقه) إلى الشعب , وينظم الدستور هذه الحقوق، ومن الدساتير التي صدرت وفقاً لهذه الطريقة (دستور فرنسا لسنة 1814، دستور اليابان لسنة 1889، ومصرلسنة1923)

الأسلوب الثاني : في هذا الأسلوب يولد الدستور نتيجة تلاقي إرادتين هي : إرادة الشعب والحاكم ، ويكون من ينوب عن الشعب مجلس تأسيسي او جمعية نيابية ولا يجوز تعديل الدستور او إلغائه إلا بموافقة الطرفين.

ولا يخلو من هذين الأسلوبين من علو صاحب السلطة على الدستور , وعلى الرغم من أن طريقة العقد تعد اكثر تطوراً من المنحة , إلا أنّها لم تصل إلى الحد الذي يجعل الشعب صاحب السيادة .

أمثلة من الدساتير لهذا الاسلوب دستور فرنسا لسنة 1830 واليونان لسنة 1844 وغيرهم .

النظام الديمقراطي:
يعتمد على طريقين وكلاهما مصدرهما هو الشعب.

الطريق الاول: الجمعية التأسيسية
ينتخب الشعب من ينوب عنه لكتابة الدستور ، وقد عرّف هذا الطريق في الولايات الامريكية بعد الاستقلال، ويعتبر دستور الولايات المتحدة الامريكية من أقدم الدساتير المكتوبة في العالم المعاصر.

الطريق الثاني : الاستفتاء الدستوري
في هذا الطريق يتم عرض مسودة الدستور على الشعب , فيقوم الشعب امّا بالموافقة او الرفض , رغم أن الشعب هو الذي اختار الجمعية أو البرلمان المرسوم له كتابة الدستور, ولكن صاحب القرار النهائي هو الشعب .

ومن الدساتير التي صدرت وفقاً لهذه الطريقة دستور فرنسا لسنة 1946و1958، ودستور مصر لسنة 1956و1971، ودستور العراق لسنة 2005.

رغم أن كلاً من الطريقين يكون للشعب فيها دوراً اساسياً في الدستور , ولكنها لاتخلو من تسلّط السياسيون ودورهم الكبير في نشأت الدستور ضمن سياستهم ورغباتهم الخاصة .

بعد إن وضعنا بين يدي القرّاء مقدمة موجزة حول طبيعة كتابة الدستور المدونة وكيفية خضوعها إلى نظام السلطة و دورهم في نشأتها حتى من خلال تبيان صفات الدستور هل هو دائمي أو مؤقت .

صفات الدساتير المكتوبة:
الدساتير الدائمية : إن الدساتير الدائمية التي توضع ليعمل بها دون تحديد مدة زمنية لها حتّى تظهر الحاجة لتعديلها آو إلغائها امّا عن طريق الدستور أو عن طريق الشعب .
من الملاحظ أن جميع الدساتير العراقية الدائمية قد كتبت تحت الاحتلال

كالقانون الأساسي العراقي لعام1925 تحت الاحتلال الانكليزي , ودستور العراق لسنة 2005م تحت الاحتلال الأمريكي !، فقد لعبت قوة سلطة الاحتلال دوراً في كيفية صفات الدستور.

الدساتير الموقتة: وضعت هذه الدساتير لفترةٍ زمنيةٍ معينةٍ , وذلك لمواجهة ظروفٍ طارئة ومحددة كأن تكون الدولة حصلت على استقلالها حديثا.

من يستقرأ دساتير العراق المؤقتة جميعها يجد أنها قد كُتِبَتْ في حالات الانقلابات العسكرية ومن ألأمثلة: (دستور العراق1958المؤقت و دستور العراق المؤقت1964م ودستور العراق المؤقت 1970 هو اطول الدساتير العراقية المؤقت والذي ظلَّ معمولاً به لغاية 2003/4/9).

أمّا الدساتير الدائمية تكون أمّا ذات سمات مرنه او جامدة , وان معيار التمييز بينهما يعتمد على كيفية تعديل الدستور .

الدساتير ذات السمه المرنة :
هي الدساتير التي تعدل احكامها أو يتم الغائها عن طريق البرلمان أو من خوّلهم الشعب وعدم الرجوع به إلى الشعب من اجل الاستفتاء ، كتعديل القوانين العادية.

من المعلوم إن الدساتير العرفية تعتبر من الدساتير المرنة, ومنها الدستور البريطاني .

ومن الدساتير المكتوبة ذات السمة المرنة هو الدستور الإيطالي لسنة 1848 ودستور الاتحاد السوفيتي سابقاً لسنة 1918.

أذن الدستور المرن يمتاز بسهولة التعديل، شرط الاحتفاظ بالمبادئ الأساسية للدستور حتى لا ينتهك الدستور من قبل المتسلطين باسم الأغلبية وتلغى المبادئ الأساسية الدستور وتنتهك حريات الآخرين وحقوق الإنسان والتدخل في عمل السلطات الثلاثة.

الدساتير ذات السمات الجامدة :
إن تعديل الدستور هو المعيار الأساسي للتمييز بين سمات الدساتير ، عندما يضع المشرّع اجراءات تعقديه في تعديل الدستور، يسمى دستوراً جامد.

وجمود الدساتير يكون على صورتين :
الصورة الأولى الجمود النسبي : يضع المشرّع شروط واجراءات قانونية لتعديل الدستور , ومن ثم يعدل الدستور بدون قيد.
الصورة الثانية الجمود المطلق : ويكون على أربعة انواع:
النوع الأول الجمود المطلق الكلي المؤقت : لايجوز تعديل نص من النصوص إلا بعد فترهٍ زمنيةٍ .
ومثال ذلك الدستور السوري القديم المادة 151 ((لايجوز تعديل الدستورقبل مرورثمانية عشر شهرا على تاريخ نفاذه))

النوع الثاني جمود المطلق الجزئي الدائمي : ينص الدستورعلى عدم جواز تعديل بعض موادها مطلقاً .
والمثال على ذلك ماورد في الدستور العراقي لسنة 1925م في المادة 22حيث تنص (( لا يجوز ادخال أي تعديل ما في القانون الأساسي مدة الوصاية بشان حقوق الملك وورثته) .

النوع الثالث جمود المطلق الجزئي المؤقت: ينص الدستور عدم تعديل المبادئ الاساسية او باباً من ابوابها او فصلاً من فصولها إلا بعد مرور فترة زمنية .

ومثالنا على ذلك ماورد في الدستور العراقي لسنة 2005 المادة(126) /ثانياً
((لايجوز تعديل المبادئ الاساسية الواردة في الباب الاول ….. إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين….))
النوع الرابع الجمود المطلق الكلي الدائمي : اختلف الفقه الدستوري في جمود المطلق الكلي الدائمي منهم من يذهب إلى جواز الجمود المطلق ومنهم لايجيز الجمود المطلق .
بعدما اتضحت صفات الدستور وسماتها وانواعها سوف نذهب إلى خصائصها.

يكون الدستور من ناحية الخصائص على نوعين :-
دساتير ذو خاصية تفصيلية :هي الدساتير التي تناقش وتنظم مسائل كثيرة ومتعددة وتفصيلية. مثال دستور الهند عام 1950 ودستور الاتحاد للسوفيتي 1077م

دساتير ذو خاصية اجمالية : هي الدساتير التي تقتصر على الموضوعات المهمة دون التطرق للتفاصيل. مثال دستور العراق لسنة 2005م.

النوع الثاني الدستور العرفي:
هو عبارة عن قواعد نتيجة العادة والتكرار في الشؤون التي تتعلق بنظام الحكم والعلاقة بين السلطات،التي اكتسبت مع الزمن قوة العرف الدستوري. وهو يعتبر من نوع الدساتير مرنه، وهذا نوع نادر في العصرالحديث إلا في بريطانيا لايزال يعتمد الدستور العرفي.

النوع الثالث الذي يجمع مابين الاثنين:
هذا النوع يجمع مابين المدون وغير المدون، حتى الدول التي لديها دستوراً مكتوباً تعتمد على العرف الذي اكتسبته من الحكومات السابقة ، وهذا ما نلاحظه حالياً ، في الحكومة العراقية التي اكتسبتها عرفاً إذ إن رئيس الجهورية من القومية الكردية ورئيس الحكومة من اهل الشيعة و رئيس البرلمان من اهل السنة ورغم أن الدستور لم ينص على ذلك .مثال على ذلك هو دستور العراق الذي لم ينص على أن يكون رئيس الجمهورية من القومية الكردية , ورئيس البرلمان من اهل السنة ورئيس مجلس الوزراء من الشيعة , ولكن عرفاً اعتمد عليه السياسيين .
المصادر

القانون الدستوري:الاستاذ الدكتور حميد حنون خالد.
المصدرنفسه :ص120 .
الاحكام الدستورية المنظمة , دراسة مقارنة: عبدالقادر القيسي :ص18-61
القانون الدستوري:ص122.
الاحكام الدستورية المنظمة:ص14.
القانون الدستوري:ص 124.
ينظر : القانون الدستوري:ص140.
ينظر:القانون الدستوري:138.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت