النظام القانوني لمنطقة الجرف القاري وفقاً للقانون الدولي العام

المحامية: منال داود العكيدي
عرف فقهاء القانون الدولي الجرف القاري على انه ( قاع و باطن ارض المساحات المغمورة التي تمتد الى ما وراء البحر الاقليمي ) وبموجب المادة الاولى من اتفاقية جنيف لعام 1958 فقد عرف بانه( مناطق قاع البحر وما تحته من طبقات متصلة بالشاطئ تمتد خارج البحر الإقليمي إلى عمق مئتي متر أو إلى ما يتعدى هذا الحد إلى حيث يسمح عمق المياه باستغلال الموارد الطبيعية لهذه المنطقة ) .

و قد كان من الضروري افراد نظام قانوني يحكم منطقة الجرف القاري وذلك لانها تشكل مساحة تصل الى نحو مليون كيلو متر مربع تضم ثروات هائلة من الغاز والماس والمنغنيز وغير ذلك من المعادن الثمينة المستقرة في قاع البحر والتي تمتد الى ما وراء البحر الاقليمي.

و للدقة فان الاهتمام بدا بالجرف القاري بعد الحرب العالمية الثانية على اثر تصريح صدر عن الرئيس الامريكي ترومان في عام 1945 والذي جاء فيه ( ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية تعتبر الموارد الطبيعية لباطن وقاع الجرف القاري تحت البحر العالي والملاصقة لسواحل الولايات المتحدة تابعة لها ومحلا لسلطتها وادارتها).

و تبع هذا التصريح اعلان الكثير من الدول سلطاتها على الجرف القاري كمنطقة تابعة لها وتحت سلطتها لاسيما بعد اكتشاف النفط وغيره من المعادن الاخرى التي كانت مستقرة في قاع البحار ومن تلك الدول المكسيك 1945 والارجنتين 1946 والاكوادور 1947 وغيرها الكثير من الدول الاخرى .

و تعد اتفاقية جنيف لعام 1958 اول تنظيم قانوني دولي عالمي ينظم استغلال هذه المنطقة على الرغم من انها كانت قاصرة عن حل جميع الاشكالات المتعلقة بهذه المساحة من البحر لاسيما فيما يتعلق بتحديد مداها الا ان هذه الاتفاقية لها الفضل في وضع تحديد لحقوق الدول الشاطئية مع الاحتفاظ بالطبيعة القانونية للمنطقة باعتبارها جزءا من البحر العام لذلك حددت حقوق الدول الشاطئية بحق اكتشاف الثروات الطبيعية التي تضمها منطقة الجرف القاري ولها كذلك ان تقيم المنشآت التي تتخصص بدراسة تلك المنطقة كما ان لها اقامة مناطق امن تمارس داخلها الاختصاصات المختلفة التي ترتبط بهدف الاكتشاف والاستغلال المشار اليه مع الاخذ بنظر الاعتبار حقوق الدول الاخرى بالملاحة والصيد والبحث العلمي والطيران وغيرها.

ثم جاءت اتفاقية جامايكا التي وضعت قانون البحار لعام 1982 والتي توسعت في تحديد نطاق امتداد الجرف القاري وذلك في المادة 76 والتي تنص على ( يشمل الجرف القاري لاية دولة ساحلية قاع وباطن ارض المساحات المغمورة التي تمتد الى ما وراء بحرها الاقليمي في جميع انحاء الامتداد الطبيعي لاقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية او الى مسافة 200 ميل بحري من خط الاساس التي يقاس منها عرض البحر الاقليمي اذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد الى تلك المسافة ) .

و يتضح من ذلك ان اتفاقية جماياكا او قانون البحار اخذت بمعيار المسافة وتوسعت في تحديد الجرف القاري متخلية عن معايير القرب والعمق والقابلية على الاستغلال التي اخذت بها اتفاقية جنيف للجرف القاري لعام 1958 وحسب تعريف الجرف القاري الوارد في المادة الاولى الانفة الذكر.

و قد تضمنت المادة 77 من اتفاقية قانون البحار حقوق الدولة الساحلية على الجرف القاري وهي : ان من حق الدولة الساحلية ان تمارس سيادتها لاغراض استكشافه واستغلال موارده الطبيعية ويكون هذا الحق خالصا للدولة الساحلية اي في حالة عدم قيام الاخيرة باستكشافه فلا يجوز لاية دولة اخرى القيام بذلك من دون موافقة صريحة من الدولة الساحلية التي يجب ان تراعي في ممارسة حقوقها حقوق وحريات الدول الاخرى.

و كذلك فقد حددت ذات المادة من اتفاقية قانون البحار الموارد الطبيعية التي تكون حقا خالصا للدولة الساحلية والتي هي الموارد غير الحية مثل الموارد المعدنية والتي لها في سبيل الحصول عليها حفر الانفاق ايا كان ارتفاع المياه فوق باطن الارض فضلا عن ان لها اية الدولة الساحلية استغلال الموارد الطبيعية الحية التي تنتمي الى الانواع الابدة اي الكائنات التي تكون في المرحلة التي يمكن جنيها فيها.