منع الضامن الشخصي للقرض من السفر

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

بقلم شريك مكتب بن نخيرة ومشاركوه – الدكتور هيثم عبدالله

درجت البنوك فى دولة الإمارات العربية عند تقديم تسهيلات مصرفية للشركات على أن تقوم بتوقيع عقد كفالة/ أو ضمان شخصي مع الشريك الرئيسي في الشركة، يقر بموجبه بسداد مبلغ التسهيلات سواء كلياً أو جزئياً فى حالة تخلف الشركة التي تم منحها التسهيلات المصرفية عن الدفع، وتتجه معظم البنوك فى حال تعثرت الشركة فى السداد إلى اللجوء الى القضاء المستعجل وتقديم أمر منع من السفر فى مواجهة الضامن الشخصي للتسهيلات المصرفية خاصة اذا كان الضامن الشخصي من غير مواطني الدولة خشية هروبه، وذلك قبل أي إجراء آخر يتم إتخاذه مثل المطالبة بمبلغ المديونية،

ولا شك أن قيد حركة المستثمر/ الشريك الرئيسي في الشركة ومنعه من السفر قد يكون وسيلة فعالة للضغط عليه حتي يقوم بتسوية المديونية، غير أن أحكام محكمة التمييز دبي إستقرت على أنه ليس كافياً لإصدار أمر المنع من السفر كون الشخص مديناً للبنك ولو كان الدين محقق الوجود وحال الاداء أو كونه أجنبياً، بل يتعين على البنك الدائن أن يثبت توافر الأسباب الجدية التى يخشى معها فرار المدين وفقاً لما نصت عليه المادة 329 من قانون الإجراءات المدنية، وهو ما يتطلب أن تكون أسباب العريضة التى تقدم بها البنك لطلب الأمر تفيد فى ذاتها توافر الأسباب التى يخشي معها فرار المدين (الضامن الشخصي)، أو عقده العزم على الفرار أو أنه بات يُخشي فراره، مثل قيامه ببيع جزء من ممتلكاته، أو تصفيتها أو قيامه بإغلاق الشركة التى حصلت على التسهيلات، أو أن الضامن الشخصي أنهى إقامته فى الدولة تمهيداً لمغادرتها.

وخلو العريضة التى يتقدم بها الدائن من هذه الأسباب يجعل الأمر فاقداً لأحد شروطه المنصوص عليها فى المادة (329) من قانون الإجراءات المدنية الاتحادي، وللأسف فإن بعض البنوك عندما تتقدم بطلب منع من السفر أمام المحاكم في دولة الامارات تغفل عن الإيفاء بجزء من هذه الإشتراطات مما يجعل الأمر بالمنع من السفر معرضاً للإلغاء فى حال تقدم المدين بتظلم على الأمر أو إستئناف، وهو الأمر الذى يجعل عقد الكفالة المصرفية مجرداً من كل أثر لهروب الكفيل (الضامن الشخصي) خارج البلاد، ورغم أن القانون أجاز للقاضي بناء على المادة 329 من قانون الإجراءات المدنية،

أن يجرى تحقيقاً مختصراً إذا لم تكف المستندات المؤيدة للطلب المقدم بمنع المدين من السفر، إلا أن الممارسة العملية في دولة الامارات جرت على قيام قاضي الأمور المستعجلة بإصدار الأمر أو رفضه بمجرد تقديم طلب من البنك من ظاهر المستندات دون إجراء التحقيق المشار إليه، واستناد قضاة الأمور المستعجلة في ذلك على أن طلب المنع من السفر هو فى أصله أمر على عريضة، ويجب أن تكون هذه العريضة مشتملة في ذاتها على وقائع الطلب وأسانيده، ويصدر القاضي أو رئيس الدائرة حسب الأصول أمره كتابة فى اليوم التالي لتقديم العريضة دون تسبيب، وذلك بناء على نص المادة (140) إجرات مدنية.

وإستقر القضاء فى دولة الإمارات أن تقدير توافر الأسباب الجدية التى يخشي معها فرار المدين خارج الدولة قبل تنفيذ ما يصدر ضده من أحكام لصالح الدائن هو من سلطة محكمة الموضوع بغير رقابة عليها من محكمة التمييز، وقد منح المشرع البنك الدائن مهلة قدرها ثمانية أيام ليقدم ما يفيد رفع الدعوى بالدين، فإذا إنقضت هذه المدة دون أن يقدم الدائن ما يفيد رفع الدعوى بأصل الدين يأمر القاضي المختص بسقوط الأمر بالمنع من السفر وذلك بناء على المادة (330/5) من قانون الإجراءات المدنية، فالأمر بمنع المدين من السفر هو بالاصل إجراء تحفظي.

قضت محكمة التمييز دبي (المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لما تقضي به المادة (329) من قانون الاجراءات المدنية، ان تقييد حرية المدين بمنعه من السفر خارج الدولة مناطه أن تتوافر المقتضيات الجدية التي تخول للقاضي إتخاذ هذا الإجراء بما يستبينه من ظاهر الأوراق بشأن خشية الدائن من فرار مدينه قبل تنفيذ ما قد يصدر ضده من أحكام لصالحه فلا يكفي أن يكون الشخص أجنبياً أو مديناً لآخر بدين محقق الوجود وحال الأداء أو أن هناك إدعاء جدياً بالمديونية سندا لمنعه من السفر، بل لابد من توافر عامل الخشية من فقدان الدائن ضمان حقه, ويقع على هذا الدائن عبء إثبات الأسباب الجدية التي يخشى معها فراره، ومن المقرر أيضا أن تقدير مدى توافر هذه الأسباب أو نفيها هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع باستخلاصها من ظاهر الأوراق المطروحة عليها في الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة)(حكم محكمة التمييز – دبي بتاريخ 27-11-2005 في الطعن رقم 2005 / 119 طعن مدني)

من جماع ما تقدم نخلص إلى ان قيام البنوك فى دولة الإمارات العربية المتحدة بإشتراط توقيع عقد كفالة / أو ضمان شخصي من الشركاء الرئيسيين في الشركات التي ترغب في الحصول على تسهيلات مصرفية، يقوم بمثابة ضمانة لسداد مبلغ التسهيلات من قبل هؤلاء الشركاء، بل يجعلهم متضامنين مع شركاتهم في الوفاء بالمديونية في حال تقدم البنك الدائن بدعوي للمطالبة بالمديونية، ولكن ماذا عن الإجراءات التحفظية التي يمكن إتخاذها في مواجهة الضامن الشخصي؟

فالإجراءات التحفظية ومنها المنع من السفر كما أسلفنا إجراءات يمكن أن تكون مؤثرة وحاسمة، بل هي في غالب الأحيان تدفع الضامن الشخصي للتوصل إلى التسوية خوفاً من طول أمد الدعوي الموضوعية، إذ ان المنع من السفر يستمر ساري المفعول منذ تاريخ صدور الأمر وقيد الدعوي الموضوعية بالمطالبة خلال ثمانية أيام وحتي ينقضي إلتزام المدين بالسداد في مرحلة تنفيذ الحكم، وهي مدة قد تستمر إلى عام ميلادي على أقل تقدير وفقاً لما جرت عليه الممارسة في محاكم دولة الامارات، والمعلوم بالطبع ان أغلب الاستثمارات أو إدارة الشركات تتطلب سفر مديريها وشركائها الرئيسيين، مما قد يشكل ضربة قاصمة لهذه الشركات، غير أنه يتعين لاستفادة البنوك من هذه الضمانات الشخصية أن تكون إجراءات المنع من السفر أو أي إجراءات تحفظية أخرى يتم إتخاذها مستوفية ووفقاً لمتطلبات القانون حتي لا تكون عرضة للإلغاء في حالة تقديم المدين تظلم من الأمر بناء على المادة (141) من قانون الإجراءات المدنية مما يهدد تأمينات الدين بالضياع.