المواد النظامية في شأن منع الاختلاط بين الجنسين

من الأمور الشائعة في دول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية منع الاختلاط بين الجنسين في العمل والأماكن العامة، ولكن يحدث الاختلاط في لقاءات أولي الأمر وداخل مجلس الشورى، ولكنها حالات استثنائية تتطلبها الضرورة القصوى وتعد اجتهادًا سائغًا ولا تقصد إقرار الاختلاط كواقع دائم، ما يخالف الأحكام الشرعية والأنظمة الأساسية في شأن منع الاختلاط داخل المملكة.

وبداية نصّ النظام الأساسي على أن الكتاب والسُنة وأحكام الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع الرئيسي لجميع أنظمة البلاد، وفقاً لما نصّت عليه المادة السابعة والتي تقول (يستمد الحكم في المملكة العربية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة)، كما جاءت المادة الثانية والعشرون من النظام ذاته بتشريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نظاماً واعتباره من الواجبات؛ إذ نصّت على أن (تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله).

ورغم حماية النظام حقوق الإنسان إلا أنه قيد ذلك بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، فجاء نصّ المادة السادسة والعشرين من النظام بأن (تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية) وهذه المواد الثلاث لبيان المرجعية وأنها للكتاب والسُنة ولأحكام الشريعة الإسلامية في جميع الأحوال، وأنه لا يحتج على الشريعة ولا على الكتاب والسنة بعرف عام أو خاص أو اتفاقية إقليمية أودولية.

ومع كل ذلك درجت السلطة التنظيمية والمتمثلة في الإرادة الملكية على أن ما يتعلق بالشأن الديني العام فإنه واجب على الحكومة والشعب الالتزام بما يصدر فيه من هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء؛ وذلك ما استقر العمل عليه منذ تأسيسهما، وقد أفصح الأمر الملكي رقم 113876/ ب في 1431/9/2هـ عن ذلك بقوله (…. وقد تابعنا هذا الأمر بكل اهتمام ورصدنا تجاوزات لا يمكن أن نسمح بها ، ومن واجبنا الشرعي الوقوف إزائها بقوة وحزم حفظاً للدين…… ورعاية لوحدة الكلمة وحسماً لمادة الشر…… كما نفرق بين مسائل الدين التي تكون بين المرء وربه في عبادته ومعاملته ليعمل فيها بخاصة نفسه بما يدين الله تعالى به دون إثارة أو تشويش وبين الشأن العام مما لا يسعه الخوض فيه بما يخالف ما تم حسمه بآلته الشرعية التي تستند على أقوال العلماء بالدليل والتعليل…..

وما زال أهل العلم قديماً وحديثاً يوصون باجتماع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الفرقة ويدخل في هذا : الاجتماع على أمر الدين….؛

وترتيباً على ما سبق وأداءً للواجب الشرعي والوطني فنرغب إلى سماحتكم قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء والرفع لنا عمن تجدون فيهم الكفاءة والأهلية التامة للاطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك في مشمول اختيارنا لرئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء… ويستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول… وكل من يتجاوز هذا الترتيب سيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع كائناً من كان).

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بأنه (لا يجوز للمرأة أن تشتغل مع رجال ليسوا من محارمها لما يترتب مع وجودها معهم من المفاسد… والواجب على المسؤولين في الجهة التي يوجد فيها اختلاط أن يعملوا على جعل النساء على حدة والرجال على حدة  لما في الاختلاط من المفاسد الأخلاقية التي لا تخفى على من له أدنى بصيرة).

كما جاء في فتوى أخرى رقم 14782 أن (الاختلاط بين الرجال والنساء غير المحارم وكشف النساء وجوههن وبعض أجسادهن منكر لا يجوز).

بالإضافة إلى بيان اللجنة الدائمة بشأن تحريم الاختلاط الصادر بناءً على المعاملة المحالة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 32601419 بتاريخ 1432/6/28هـ ونصّه (يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء فيما ذكر سابقاً سواء كان ذلك بخلوة أو من دونها ولا يجوز أن تعمل المرأة مع الرجال كأن تكون سكرتيرة لمكتب الرجال أو في الاستقبال لمكان غير خاص بالنساء أو عاملة في خط إنتاج مختلط أو محاسبة في مركز أو محل تجاري أو صيدلية أو مطعم يختلط في العاملون من الرجال والنساء لما يترتب على ذلك من آثار سيئة على الأسرة والمجتمع).

وأما بشأن النصوص التنظيمية الخاصة الصادرة في بيان حكم العمل المختلط، فجاءت الأوامر السامية والقرارات الوزارية لتمنع الاختلاط بين الجنسين في العمل وتشترط لعمل المرأة أن تؤديه في مكان منفصل عن الرجال، ومن ذلك قرار مجلس القوى العاملة رقم 1/م19/1405 في 1408/4/1هـ المبني على الأمر السامي رقم 111/8 في 1408/2/10هـ بشأن تنظيم عمل المرأة؛ إذ نصّت الفقرة (ثانيا/أ-4) على أن (تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تمامًا عن الرجال).