أسس مذهب التضامن الإجتماعي

ينطلق ((ديجي)) في نظريته من المنهج العلمي الواقعي الذي يعتمد على المشاهدة والتجربة ،فهو لا يعترف إلا بالحقائق الواقعية التي يمكن ملاحظتها والتحقق منها أما ما عدا ذلك فيعتبر نوعا من الخيال يقوم على مجرد الإفتراض وهذا ما أدى بالفقيه ((ديجي)) إلى القول بقيام القاعدة القانونية على أساس من الواقع التجريبي ،وقد اعتمد على حقائق واقعية إتخذها كأساس لمذهبه تتمثل في :

أولا : أن الإنسان كائن إجتماعي لا يمكن أن يعيش إلا في مجتمع .

ثانيا : أن الأفراد في المجتمع تربطهم رابطة تعاضد وتضامن … إذ أن لهم حاجات مشتركة لايمكن تحقيقها إلا بالحياة المشتركة ،فالأفراد إذن مرتبطون بنوع من التضامن بالإشتراك أو التشابه في نفس الحاجات أو بنوع من تضامن تقسيم العمل… ولتحقيق هذا التضامن لابد من تنظيم سلوك الأفراد ،ومن خلال هذه الحقائق الواقعية المتسلسلة تولد فكرة الأصل أو الحد الإجتماعي وهو يعني الحد الفاصل بين الأعمال التي يجب القيام بها والأعمال التي يجب الإمتناع عنها ،فالقانون عند ((ديجي)) ليس من وضع الدولة بل من وضع المجتمع فالأصل أو القاعدة الإجتماعية تصبح قاعدة قانونية عندما تدرك الجماعة أن إحترامها ضروري لحفظ التضامن الإجتماعي فالشعور بالتضامن عند ((ديجي)) هو أساس القاعدة القانونية .

غير أنه فيما بعد تبين له عدم كفاية الشعور بالتضامن الإجتماعي كأساس للقاعدة القانونية لذلك أضاف إليه أساسا آخر يتمثل في الشعور القائم عند الأفراد بما هو عدل أو الشعور بالعدالة وليس المثل العليا للعدل أو فكرة العدل في حد ذاتها ،إذن فالقاعدة القانونية عند ((ديجي)) ليست هي القاعدة التي توضع وفقا لمثل أعلى كما تذهب إليه فلسفة القانون الطبيعي ولا تلك القاعدة التي تكفل الدولة قيامها و إحترامها كما تذهب إليه فلسفة القانون الوضعي {المدارس الشكلية} بل هي القاعدة التي يشعر الأفراد المكونين للمجتمع أنها ضرورية لحماية التضامن الإجتماعي ومن العدل تسخير قوة الإجبار في الجماعة لكفالة إحترامها .