المسؤولية القانونية على الطبيب عن خطئه في التشخيص

للتشخيص أثره البالغ في نتائج العلاج أو العمل الجراحي ، وذلك إن أي خطأ فيه لا بد أن ينعكس على العلاج أو العمل الجراحي .
وللوصول إلى التشخيص السليم الأقرب إلى الحقيقة لا بد من الاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة كالتحليل والتصوير .

1-كيف يبدأ العلاج أو العمل الجراحي :

في بحث سابق تحدثنا عن رضا المريض بالعلاج أو العمل الجراحي ، وأثره في مسئولية الطبيب بشكل عام ، وإذا اقترن ذلك بنتيجة سلبية ( موتا أو إيذاء ) بشكل خاص .
ونعود الآن إلى البحث من حيث وقفنا سابقا ، وذلك أن العلاج أو العمل الجراحي يبدأ أول ما يبدأ بالتشخيص .
إذ لا بد للطبيب قبل أن يباشر علاج المريض أو يجري عملا جراحيا له أن يشخص المرض الذي أصيب به هذا المريض .
وللتشخيص أثره البالغ في نتائج العلاج أو العمل الجراحي ، وذلك أن أي خطأ فيه لا بد أن ينعكس على العلاج ، وقد يؤدي هذا الخطأ في التشخيص إلى خطأ في العلاج ، وإلى إزهاق روح المريض ، أو إصابته بعلة يطول أمدها أو يقصر ، والطبيب مسئول عن ذلك مدنيا وجزائيا حسب الحال .

2-هل يكفي خطأ التشخيص في مسئولية الطبيب ؟
وليس هذا فحسب ، بل إن إثبات أن الطبيب أخطأ في تشخيص المرض قد يغني عن البحث عن أخطائه في العلاج ، اللهم إلا إذا كان العلاج هو الوحيد في الحالتين ، حالة التشخيص الخاطئة ، وحالة المرض الفعلي الذي يعانيه المريض .

3-مسئولية الطبيب في التشخيص :
لذا كان على القضاء أن يبحث بادئ ذي بدء ، وفي كل مرة يمثل فيها أمامه طبيب لخطأ ارتكبه ، ما إذا كان الطبيب مصيبا أو مخطئا في تشخيصه ، فلو بتر طبيب يد مريض بداعي أن حالته الصحية كانت تستوجب هذا البتر ثم تبين أن هذا التشخيص خاطئ ، وأن حالة المريض ما كانت تستدعي إجراء عملية البتر ، كان الطبيب مسئولا عن عملية البتر دون البحث فيما إذا كانت عملية البتر صحيحة أو لا .
لذا يتوجب على الطبيب أن يعنى بالتشخيص .
وللوصول إلى التشخيص السليم الأقرب إلى الحقيقة ، على الطبيب الاستعانة بالوسائل العلمية ، وأهمها التحاليل والتصوير بالأشعة ، وغير ذلك من وسائل تساعد على التشخيص ، وإن تقصير الطبيب في الاستعانة بهذه الوسائل هو إهمال من الطبيب يسأل عنه إذا كان التشخيص الذي وصل إليه بعيدا أو مخالفا لواقع الأمر .
ولكن الأمر يختلف إذا كان هناك قصور في الإمكانات المتاحة للطبيب ، مثل عدم وجود مخابر مستعدة للقيام بالتحاليل المطلوبة أو الصور اللازمة ، أو أن إمكانات التصوير بالأشعة قاصرة عن إعطاء المطلوب ، مثل تصوير الأوعية الدموية بالصبغة وغير ذلك من إمكانات ، وعلى المحكمة حين تقدير المسؤولية في مثل هذه الأحوال تقرير أهمية أو عدم جدوى مثل هذه التحاليل الطبية ، أو التصوير بالأشعة بأجهزة معينة بغية التوصيل إلى التشخيص الحقيقي للمرض ، كما أن من الأهمية بمكان البحث فيما إذا كان الطبيب قد طلب الاستعانة بهذه الوسائل ولم تسعفه الإمكانات المتاحة ، وهل كان في إمكانه التوصل إلى تشخيص سليم من دون اللجوء إليها ، وما جدوى تلك الفحوص ؟

4-الاستعانة بأطباء آخرين اختصاصيين أو غير اختصاصيين :
كما أنه يجب على الطبيب المعالج إجراء الاستشارة الطبية إذا تطلبت ظروف المعالجة ذلك ، وعليه أن يقبل إجراء الاستشارة إذا طلب المريض أو أهله إجراءها ، وفي كلتا الحالتين فإن للطبيب المعالج أن يقترح استشارة الطبيب الذي يراه أهلا لذلك ، مع الأخذ بعين الاعتبار رغبات المريض ، والقبول مبدئيا بالالتقاء بكل طبيب مسجل في سجل النقابة إذا لم تكن لديه أسباب هامة تبرر عدم القبول .
أما إذا رأى الطبيب المداوي أنه لا ضرورة لإجراء الاستشارة ، فيمكنه الانسحاب من المعالجة دون أن يكون لأحد حق تفسير لذلك منه ، وفي بعض البلاد ، مثل مصر ، حيث يوجد نظام الطبيب المستشار ، يضع الأطباء المستشارون تقريرا كتابيا بنتيجة الفحص يوقع عليه منهم ومن الطبيب المعالج إذا كانت تلك النتيجة لا تتفق مع العلاج الذي قام به الطبيب المعالج ، وإذا رفض الطبيب المعالج القيام بعلاج المريض وفقا لما قرره الأطباء المستشارون ينسحب الطبيب المعالج ، وفي هذه الحالة يجوز لأحد الأطباء المستشارين القيام بمباشرة العلاج .

5-اختلاف وجهات النظر بين الأطباء :
إذا ما اختلفت وجهات النظر في أثناء الاستشارة في أمر لم يمكن التغلب عليه ، يحق للطبيب المعالج أن يرفض تطبيق أسلوب المستشار في المعالجة ، وإذا كانت الاستشارة مقبولة من قبل المريض فللطبيب المعالج الحق بالتخلي عن رعاية المريض طيلة مدة علاجه ، أما إذا استمر الطبيب المعالج في العلاج فلا يحق للطبيب المستشار زيارة المريض خلال الفترة المرضية التي تمت بشأنها الاستشارة إلا بعلم الطبيب المعالج وموافقته .
وبالخبرة يمكن الوصول إلى معرفة ما إذا كان التشخيص حقيقيا أو أقرب إلى الحقيقة للحالة المرضية ، وهذا يرفع عن كاهل الطبيب المعالج المسؤولية كلها أو بعضها .

6-تشخيص الحالات المستعصية :
وهناك حالات طبية يستعصى فيها الوصول إلى تشخيص يطمئن إليه الطبيب المعالج ، فيقوم بإجراء عملية استكشاف ، وتكون أكثر ما تكون في فتح البطن أو شق الرأس أو محاولة الوصول إلى سحايا المخ لإزالة الشك باليقين في حالات إصابات الرأس .
وقد يجد الطبيب المعالج نفسه في وضع شائك ، إذا نتج عن هذه العمليات الجراحية مضاعفات ، أو إذا تراءى للمريض أو ذويه إنه كان من غير المستعصي الوصول إلى تشخيص باستعمال وسائل طبية أخرى دون تعريض المريض لأخطار تداخل جراحي ، ولم يكن المريض أو ذووه قد وافقوا على قيام الطبيب بالعمل الجراحي المذكور على نحو ما أوضحناه في بحثنا السابق .
وعلى الرغم من أن هذه المسائل هي عادة محل تقدير شخصي من الطبيب المعالج ، الذي يحاول في الكثير من الأحيان الاستعانة برأي زملائه ذوي التخصص والخبرة ، فإن الخبرة هي التي تقرر ما إذا كان قد أخطأ في ذلك أم لا ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطبيب المعالج هو صاحب القرار في الأحوال المستعجلة التي لا سبيل معها للانتظار والاستئناس برأي الآخرين ، أو إجراء المزيد من الفحوص .

7-أمثلة على المسؤولية وعدم المسؤولية :

غبر أنه لا يمكن اعتبار عدم اللجوء إلى استعمال طريقة جديدة للإشراف والتحقق من التشخيص – التي لم تزل موطنا للخلاف حول صحة نتائجها – خطأ من الطبيب يوجب التعويض ، كما لا يكون الغلط في التشخيص ملزما بالتعويض إلا إذا كان هو السبب في تفاقم المرض وسوء حالة المريض ، أو سبب للمريض ضررا مهما كان هذا الضرر .

8-وضع خاص للطبيب المتخصص :

وفي فرنسا ، ذهب القضاء إلى وجوب التشديد بالنسبة إلى الطبيب المختص في أمر يتعلق بميدان اختصاصه أكثر من غيره من الأطباء عندما تكون المعالجة ضمن حدود أبحاثه وتقصياته ، ولا يكون هذا التشدد إلا عندما تكون الحالة متعلقة بهذه الأبحاث والتقصيات ، وعلى عكس ذلك ، فإن هذه المحاكم قد قضت بعدم اعتبار هذا الطبيب مسئولا ، بدعوى أنه لم يستطع – دون أي إهمال منه – كشف مرض خارج عن النطاق الذي حدد فيه تشخيصه ، ولكنها لم تعتبر أبدا عدم اختصاص الطبيب سببا لإعفائه من المسؤولية ، فيجب على الأطباء – في هذا المضمار – أن يستعملوا كل الوسائل التي يكون في مقدورهم استعمالها للتحقق من صحة تشخيصهم للمرض ، وعندما يقام الدليل على خطأ الطبيب ويجري الإثبات بأن هذا الخطأ قد كان السبب في إيقاع الضرر بالمريض ، فإنه يتوجب على الطبيب حينئذ أداء تعويض كامل ، وأما إذا أتى من جانب المريض خطأ شارك في إيقاع الضرر بها فإنه يكون في هذه الحالة مجالا لتوزيع المسؤولية .
على أنه لا بد لنا من القول بأنه كانت المعالجة أو العمل الجراحي يبدآن بالتشخيص فإن وضع الطبيب في مرحلة التشخيص ومسؤوليته لابد فيها من ملاحظة بعض الأمور ، ومنها :

9-أثر المعيار الشخصي والظروف المختلفة في تحديد المسؤولية :

وفي نطاق البحث في مسؤولية الطبيب في التشخيص أو في العلاج ، لابد من البحث في عدد من النقاط :
-أن الأطباء ليسوا جميعا على مستوى واحد من الفهم والدراية والعلم ، وحتى إذا استوى فهم الطبيب مع سواه فإن اختصاصه في ناحية معينة يجعله في درجة أعلى من المسؤولية ، كما أن مسؤوليته تزداد إذا مارس ما هو خارج عن اختصاصه ، إلا في حالات الإسعافات الضرورية التي تعرض المريض للخطر ، شريطة عدم وجود الاختصاصي في المنطقة .
-أثر مراعاة الطبيب أو إهماله للوسائل العلمية الحديثة .
-المكان والزمان اللذان يمارس الطبيب عمله فيهما ، وأثر ذلك في تحديد المسؤولية .

10-المعيار الشخصي :
فمن الناحية الأولى ، ناحية فهم الطبيب وعلمه ودرايته واختصاصه ، يرى البعض أنه عند تقدير مسؤولية الطبيب يراعى أن الأطباء يقسمون إلى ثلاث فئات : الأولى هي فئة الطبيب العام ، والثانية الطبيب الاختصاصي ، وهو الطبيب الحاصل على المؤهل الخاص والفحص اللازم لممارسة الطب في اختصاص معين في نوعية المرض الذي يقوم بعلاجه ، ويوجد في بعض البلاد الطبيب المستشار ، وهو الطبيب الحاصل على درجة الدكتوراه ، ويشغل عادة منصبا علميا ( أستاذ جامعي ) ، وهذا التقسيم المشار إليه يتمشى مع ما ذهب إليه بعض الفقهاء من وجوب الأخذ بالتقدير الشخصي الواقعي ، وأن أحدا لا يلتزم بأن يبذل من العناية أكثر مما تتحمله طبيعته وثقافته وخبرته الشخصية ، ويؤخذ بالتقدير الشخصي أو الواقعي للطبيب ودرجة تجربته في تقدير العقاب ، ومن ثم يجب أن يلاحظ عند تمثيل الرجل الحريص الذي يقارن بتصرفه تصرف المتهم أن يوضع هذا الرجل في وسط المتهم ومهنته ومركزه .
ويرى البعض أنه على الطبيب الاختصاصي عند مباشرته لحالة مريض ألا يخرج عن دائرة تخصصه ، إلا في حالات الضرورة القصوى من إسعافات سريعة ، لأن في خروج مثل هؤلاء الأطباء عن اختصاصهم ودخولهم في اختصاص آخر هو مثل جراح العيون الذي يقوم بإجراء عملية جراحية دقيقة في البطن ، وتعوزه الدراية والخبرة الكافية ، ففي هذا مؤاخذة على الطبيب المعالج ، لأنه تصدى لحالة خارج مستواه ودرجته العلمية الدقيقة ومرانه وخبرته .
وهذا الكلام إذا كان يبقى مقبولا ومعقولا في الحالات العادية فإن غير وارد في حالات الخطر المحدق بالمريض ، حيث لا مجال للتفريق بين التشخيص والعلاج أو الفصل بينهما ، وحيث يبدأ الطبيب علاجه أو عمله الجراحي بعد التشخيص مباشرة .

11-الظروف والأدوات :
ومما يؤخذ به بعين الاعتبار الظروف الزمانية والمكانية التي فيها الطبيب لممارسة عمله ، وكأن يكون المكان مستشفى مزودا بأحدث الآلات والأدوية ، أو في مكان منعزل لا تتوافر فيه الإمكانات ، بل قد لا يتوافر فيه الماء والكهرباء ، وذلك أن الأدوات العلمية في الطب ، فضلا عن اعتبارها ظروفا تضاف إلى المعيار المجرد ، إلا أنها كذلك تجعل أي خطأ يسير من جانب الطبيب محاسبا عليه ، إذ يفترض أن الاستعانة بها في العلاج تجعله أكثر دقة وانضباطا .

12-حالة المريض الصحية :
ولحالة المريض هنا أهمية بالغة ، فقد يكون في وضع صحي لا يساعد على نقله من مكانه ، أو أن عامل الوقت يشكل خطرا على حياته إذا لم يجر إسعافه فورا وفي مكانه .

13-بين كفاءة الطبيب وقدرته على المبادرة :
ومهما يكن من أمر ، فإن كفاءة الأطباء متفاوتة ، ولكل طبيب حجة أنه يقوم بجهوده بما يتفق وأصول العلم الثابتة ، ولكن هنا علينا أن ندرك بأن خروج الطبيب عن هذه الأصول الثابتة في بعض الأحيان لن يضر الطبيب إذا رأى نفسه مضطرا – تحت ظروف معينة – للقيام بعمل خرج عن القاعدة لغرض إنقاذ حياة مريضه ، ما دامت الضرورة تملي عليه ذلك ، والطبيب في كل الأحوال ملزم بألا يتخلى عن واجبه الإنساني ، وألا يمتنع عن علاج المريض في الوقت الذي يدرك فيه أنه بإمكانه تقديم المساعدة الممكنة له ، وتمشيا مع المبادئ الإنسانية المعروفة ، وهذا ويعتبر التخلي عن المريض تحت هذه الظروف خطأ سلبيا من جانب الطبيب قد يسأل عليه أمام القانون .

14-الموازنة بين الأخطار :
وعلى الطبيب الموازنة بين أخطار العلاج وأخطار المرض ، واستبعاد الوسائل العلاجية التي تشكل خطرا على حياة المريض كلما أمكن ذلك ، إلا إذا اقتضت الحاجة المجازفة باستعمال علاج معين أو إجراء جراحة مستعجلة كان القصد من ورائها إنقاذ حياة المريض ، ما دامت تقرها المبادئ الطبية الثابتة .

15-تقدير وقوع الخطأ ، ومعرفة فنية :
وفي كل الأحوال ، فأن مما لا شك فيه أن تقدير ما إذا كان الطبيب قد أخطأ في التشخيص أو لا هو مسألة تستلزم معرفة فنية ، فلا يملك القاضي أن يفصل فيها من تلقاء نفسه ، ولا بد من الاستعانة بالخبرة في هذا المجال وفي كل الأحوال ، خلافا لما ذهب إليه البعض من أنه يمكن للقضاء الأخذ بالغلط في التشخيص دون اللجوء إلى الخبرة ، وإذا كان الغلط في التشخيص فاضحا بشكل ظاهر وواضح .

16-صعوبة التشخيص في بعض الأحوال ولبعض الأشخاص :
ثم أن هناك أمراضا نادرة الحدوث ، مما يصعب التوصل إلى تشخيصها ، وقد تكون هذه الأمراض شائعة الحدوث في بلد دون الآخر ، ومثل هذه الأمراض قد يمكن تشخيصها من مستشار طبي دون الاختصاصي أو الممارس العام ، ويحتاج مثل هذا التشخيص إلى درجة عالية من الاطلاع والخبرة ، ثم الكثير من التحاليل الطبية ، وقد تتشابه مع أمراض أخرى شائعة ، مما يدفع الطبيب المعالج إلى التشخيص الخاطئ ، ومن ثم علاج خاطئ قد تسوء معه حالة المريض ، إضافة إلى تطور الحالة المرضية ذاتها ومضاعفاتها ، مثل أمراض بعض الغدد الصماء ، كما أن الأمراض والمظاهر الطبية لمرض معين قد تظهر بطريقة من غير المتوقع حدوثها ، مما ينتج عنها تشخيص خاطئ وعلاج غير مثمر .

17-أمراض أخرى غير ظاهرة الأعراض :

وهناك حالات أخرى قد يفوت على الطبيب المباشر الحالة اكتشافها ، مثل طبيب التخدير الذي عليه تقدير مدى لياقة مريض لتخدير عام ، وفاته اكتشاف مرض حاد بالجهاز التنفسي – وخاصة الأطفال – في أطواره الأولى ، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة ، وتظهر هذه الأمراض بطريقة بينة في أثناء تشريح الجثة ، ويقدر خطأ الطبيب المباشر للحالة بمدى حرصه ودرجته العلمية ، وتقدير ما إذا كانت أعراض مثل هذا المرض واضحة أو غير واضحة بطريقة يسهل تشخيصها أو يتعذر ، أو خفية يصعب اكتشافها .

18-قبل البحث في خطأ العلاج لابد من البحث في خطأ التشخيص :

ونخلص من هذا إلى القول : أنه حين يلاحق طبيب مدنيا أو جزائيا لعلة التقصير أو الإيذاء أو التسبب في الموت ، لابد قبل البحث فيما إذا كان قد أخطأ في العلاج ، من البحث فيما إذا كان قد أخطأ في التشخيص ، لما لذلك من أثر في تقرير المسؤولية .

19-هل تنفصل مسؤولية التشخيص عن مسؤولية العلاج :
صحيح أن الطبيب حين يفحص المريض لا يفحصه غالبا من أجل تشخيص المرض ثم يذهب كل واحد في سبيله ، بل إن الطبيب غالبا ما يباشر العلاج بعد تشخيص المرض وفي الأحوال العادية غير المستعجلة ، بل ويباشر العمل الجراحي حتى من دون موافقة المريض ، إذا كانت ظروف المريض لا تسمح بالانتظار ، ولا تمكن من أخذ الموفقة .
ومعنى هذا أن التشخيص يترافق مع العلاج من الناحية العلمية .
بل أكثر من هذا ، إن خطأ الطبيب في التشخيص لا يمكن أن تترتب عليه أية مسؤولية ، لأن مجرد التشخيص لا يمكن أن يترتب عليه ضرر إن لم يقترن بالعلاج أو العمل الجراحي .
لذا يمكن أن نخلص إلى القول : إن الخطأ في التشخيص ، وإن كان لا ينفصل عن الخطأ في العلاج أو العمل الجراحي ، إلا أنه يبقي موجبا للمسؤولية إذا ترتب عنه ضرر للمريض .