صورة المحامي في الذهنية الاجتماعية..
منصور الزغيبي 
بعد منتصف العقد الأخير أزداد حضور المحامين على أرض الواقع، وأصبح شبه طاغ ومؤثر بشكل لا بأس به مقارنة بالعقود الماضية على رغم أنه ليس على المستوى الذي يجب، ونظام المحاماة السعودي الصادر في عام 1422هـ في الحقيقة يحتاج إلى استحداث تجديدات عليه لأجل الإسهام في مواكبة حركة التنمية في الوطن، وحفظ حقوق الخصوم وتسهيل إجراءات التقاضي وإعطاء المحامي مكانته التي تليق به وتميزه عن غيره، وغير ذلك من الإيجابيات التي لا حصر لها.

إن هذا الحراك الذي يعتبر في بداياته يعبّر عن نمو الوعي القانوني المتأخر داخل المجتمع واجتهاد أهل المهنة في الميدان، ومن المعلوم أن العلاقة بين المحامين ورجال القضاء في الأصل علاقة تكامل وبناء يغذي روح العدل الاجتماعي، ويسرعون كثيراً من حركة القضايا ويعالجون زحامها من خلال أداء مهماتهم القضائية، وهم عنصر رئيس في العملية القضائية، وبهم ينهض الواقع القضائي الذي من خلاله الذي ينعكس إيجاباً على الحراك الاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي.

والمادة الأولى من نظام المحاماة السعودي نصت في تعريفها للمحامي أنه هو «من يترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها، ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية».

تُعد مهنة المحاماة من أشرف المهن، وانتسب لها كبار الشخصيات المؤثرة في الحياة البشرية قديماً وحديثاً في الشرق والغرب، والمحامون يعتبرون من أهم أعوان القضاة، وهم حبل متين بين القضاء والمجتمع. وكما هو مشاهد ومعلوم أن المحامي يلعب دوراً كبيراً في تسهيل عملية التقاضي على جميع العناصر المرتبطة بالسلسلة القضائية.

من ينزل للواقع يجد أن الصورة حول المحامي ما زالت عند بعضهم يعتريها شيء من الضبابية بحكم ضعف الوعي القانوني داخل المجتمع في ظل الجهود المبذولة والمحدودة، والنقص في معرفة مكانة المحامي التي تليق به كما يجب بحسب الأنظمة وتاريخ هذه المهنة في الحياة البشرية، غير أن هناك من يقصد التشويه وخلق الإشاعات وتضخيم خطأ الأفراد والتركيز عليها.

يجب على الجهات المعنية عدلية وتعليمية وكذلك المرتبطين بهذه المهنة الشريفة أن يسهموا في معالجة النظرة السلبية نحو مهنة المحاماة والمحامين من خلال تقديم البرامج والأعمال التطوعية التي تخدم الوطن وأهله، والمجتمعات الواعية تقدر ذلك كثيراً.

من الضروري وخصوصاً في ظل هذه الظروف التي تشهد توسع دائرة مشكلات الناس وكثرة قضاياهم والتعقيدات، أن تتطور العلاقة بين الجهات العدلية والمحامين بما يخدم المهنة وليس العكس، والحقوق والواجبات متقاسمة بينهما ويجب على المحامي أن يفرض نفسه على أرض الواقع بأعماله التي تنعكس على الوطن والواقع الاجتماعي، مثل الأعمال التطوعية التي تكون في صلب المهنة كمساعدة المظلومين والفقراء وغير القادرين على تسهيل مهماتهم من خلال الإجابة على استشاراتهم، وكتابة اللوائح لهم والترافع عنهم أمام المحاكم، وإقامة الندوات والمحاضرات التي تنشر الوعي القانوني.

وخلاصة القول، إن المحامي يعاني كثيراً ويحتاج إلى توسعة دائرة الاعتراف به كما يليق بمكانته ومهنته، ولما له من دور كبير في التأثير في عملية التنمية ومعالجة واقع الكثير من القضايا والملفات الاجتماعية والاقتصادية والمالية المتأخرة والعالقة وغيرها.

* كاتب سعودي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت