حقوق اللاجئين في القانون الدولي و مدى التزام الدول بتطبيقها

آلاء عوض
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

بدأت عملية وضع مجموعة من القوانين والاتفاقيات والمبادئ التوجيهية التي تستهدف حماية اللاجئين، في النصف الأول من القرن العشرين في ظل عصبة الأمم، وبلغت ذروتها يوم 25 تموز/ يوليو 1951، عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، وكانت مقتصرة على توفير الحماية بصفة أساسية للاجئين الأوروبيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، غير أن بروتوكول عام 1967، وسّع -بدرجة كبيرة- من نطاق الولاية المنوطة بالمفوضية، بعد أن انتشرت مشكلة النزوح في مختلف أرجاء العالم.

تُحدّد الاتفاقية الحقوق والواجبات للاجئين، في البلدان التي لجؤوا إليها، وينص أحد الأحكام الرئيسة في هذه الاتفاقية على عدم جواز إعادة اللاجئين إلى بلدهم، الذي من الممكن أن يتعرضوا فيه للخطر، كما أنها تحدّد مجموعات الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية، وهم الذين ارتكبوا جرائم ضد السلام أو جرائم حرب.

تُعرّف المادة الأولى من الاتفاقية -بوضوح- من هو اللاجئ، وهو “شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف، له ما يبرره من التعرّض للاضطهاد؛ بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع -بسبب ذلك الخوف- أو لا يريد أن يستظل/ تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه؛ خشية التعرّض للاضطهاد”.

تقع حماية اللاجئين أساسًا على عاتق الدول، أما دور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الممنوح لها من قبل نظامها الأساسي، فلا يمكن أن يكون بديلًا للعمل الفعال والإدارة السياسية والتعاون التام من قبل الدول، ومهمة الحماية الدولية المنوطة بالمفوضية، لا يمكن تنفيذها بطريقة فعالة، إلا عن طريق الدعم الكامل من حكومات الدول المستضيفة، وخاصة من خلال توفير حلول دائمة لقضايا اللاجئين.

تُعدّ الدول العربية من أقل دول العالم تأثرًا بموجات التحوّل نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي اجتاحت العالم منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وهنا تكمن أهم معوّقات تطبيق مبادئ الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية العام 1951، وبروتوكول العام 1967 حول اللاجئين في العالم العربي.

وعلى الرغم من كثافة أعداد اللاجئين في العالم العربي، وتكاثرها في السنوات الأخيرة؛ بسبب أزمة لجوء السوريين الكبيرة، حيث تجاوز عدد اللاجئين السوريين الـ 4 ملايين لاجئ، بحسب الإحصاءات الأخيرة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومعظمهم يقيمون في لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا، فإن التشريعات الوطنية لأغلب الأقطار العربية شحيحة بالقوانين التي تتناول وضع اللاجئين.

في هذا السياق، نرى أن معظم دول الجوار، التي لجأ إليها السوريون منذ بداية الثورة، لم تلتزم ببنود اتفاقية عام 1951، على الرغم من توقيعهم عليها، ومن هذه الدول (مصر والأردن)، فمارست عمليات ترحيل عدّة بحق سوريين، ومن حسن الحظ، أن هذا الترحيل لم يعد أولئك السوريين إلى سورية، واستطاع قسم منهم السفر إلى تركيا أو إلى بلدان أوروبية بحرًا، إلا أن التطورات الأخيرة التي حصلت في تركيا، فيما يخص فرض تأشيرة على السوريين لدخول أراضيها، بالإضافة إلى الحد من الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية عبر بحر إيجه، من الممكن أن يشكل خطرًا على اللاجئين في هذه الدول ويتم ترحيلهم إلى سورية.

كما لم تلتزم الدول العربية التي لجأ إليها السوريون بقواعد اللجوء المُتضمّنة في الاتفاقية، من توفير التعليم والعمل والضمانة الصحية، ولم الشمل، فكانت محاولات مساعدة بالاتفاق مع حكومات الدول المستضيفة، من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكنها غير مقوننة.

كذلك الأمر بالنسبة لتركيا، فعلى الرغم من مصادقتها على اتفاقية اللاجئين أيضًا، إلا أنها لم تتعامل مع السوريين على أساسها، بل عدّتهم ضيوفًا، وهذا ليس له أي وجود في القانون الدولي، وليس له أساس قانوني في التشريع التركي.

قامت الحكومة التركية عام 2014 باعتماد نص قانوني يتعلق بحماية الأجانب، يسمح للضيوف الذين تم تسجيلهم قانونيًا عند دخول الأراضي التركية، ومن بينهم السوريين، بالحصول على حماية اجتماعية ورعاية صحية وكذلك على حق التعليم، لكن البيروقراطية أعاقت أحيانًا تنفيذ هذا القانون في بعض المدن التركية.

على الرغم من عدم توقيع بعض الدول لاتفاقية اللاجئين ولبنان مثالًا، إلا أنها مُلزمة بالتمسّك بمعايير الحماية الأساسية التي تعد جزءًا من القانون الدولي العام، ومنها الامتناع عن إعادة لاجئين إلى أراض من الممكن أن تتعرض فيها حياتهم وحريتهم للتهديد.