الفرق بين الشرط الجزائي و غرامة التأخير في العقود الإدارية

أجابت اللجنة الثالثة علي هذا التسأل بفتواها الصادرة في ملف رقم 73/57-بجلسة 26/2/2003م:

طلب إبداء الرأي القانوني فيما إذا كان هناك حد أقصي للغرامات التي يتم توقيعها على شركة ……… وفقا للعقد رقم 2/99 مترو .

وتخلص وقائع الموضوع حسبما يبين من الأوراق – أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر – جهاز تشغيل مترو الأنفاق – أبرمت العقـد رقم 2/99 مع شركة……..للقيام بعملية نظافة خطوط المترو حلوان/ المرج ، شبرا الخيمة / الجيزة ، والقطارات ، ومحطات التبريد والتهوية وملحقاتها ، ومدة التعاقد تبدأ من 1/12/1999 وتنتهي في 31/1/2004 ، وطبقا للبند الثاني من العقد فان الشركة المذكورة تلتزم بتنفيذ أعمال النظافة الموضحة بكراسة الشروط والمواصفات باستخدام أعداد العمالة اللازمة وبما لا يقل عن 700 عامل وكذلك الماكينات والخامات اللازمة ، وحددت هذه المادة الأعمال المطلوب تنفيذها بموجب هذا العقد فتتناول ” أولا ” نظافة محطات الركاب وتقسيمها إلى مجموعات وتحديد بنود الأعمال المطلوب تنفيذها يوميا وتلك المطلوب تنفيذها أسبوعيا والأعمال الممنوعة ثم تناول البند ” ثانيا ” نظافة القطارات وتقسيمها إلى أعمال نظافة القطارات التي يتم تخزينها ليلا على رصفة المحطات في نهاية الخدمة وأعمال نظافة القطارات التي يتم تخزينها بالأحواش ، وأعمال النظافة أثناء تشغيل القطارات ، والبنود الفرعية لكل من تلك الأعمال ، تناول البند ” ثالثا ” نظافة محطات التبريد بالخطين الأول والثاني ، وفي البند ” رابعا ” نظافة محطات التهوية بالخطين الأول والثاني ، ثم ” خامسا ” نظافة محطات الطرد بالخطين الأول والثاني ، ثم ” سادسا ” نظافة السيارات ، ثم ” سابعا ” نظافة مبني الشئون المالية ، وغرف العاملين بمبني رقـم ( 8 ) بورش شبرا الخيمة ، ونظافة غرف كنترول تشغيل طلمبات الصرف الثلاثة بورش شبرا الخيمة .

ثم نص البند الخامس من العقد بشأن الغرامات على أنه للطرف الأول الحق في التفتيش على جميع أعمال النظافة وليس للطرف الثاني الحق في المطالبة بأي أجر عن أعمال نظافة لم تتم ، ويكون للطرف الأول توقيع غرامة قدرها مائة جنيه عن كل بند يثبت فيه تقصير الطرف الثاني في أعمال النظافة المسندة إليه بموجب هذا العقد .

ثم تلاحظ لجهاز المترو أن هناك خطأ في تطبيق بند الغرامات على تقصير الشركة في القيام بالتزاماتها واستمر هذا الخطأ منذ بداية العقد وحتى شهر يوليو 2001 ويتمثل هذا الخطأ في توقيع غرامة مقدارها خمسة جنيهات عن كل قطار يثبت تقصير الشركة في نظافته فتم تدارك هذا الخطأ تطبيقا للبند الخامس من العقد وتوقيع غرامة مقدارها مائة جنيه عن كل قطار يثبت أن هناك أوجه قصور في نظافتــه

وقد اعترضت الشركة على ما قام به الجهاز في شأن تطبيق البند الخامس من العقد استنادا إلى أن قيمة الغرامة ومقدارها مائة جنيه إنما تنصرف إلى تقصيرها في جميع البنود الفرعية للبند الرئيسي الواحد أي توقيع غرامة مقدارها مائة جنيه عن كل المخالفات التي تقع في إلىوم الواحد في نطاق البند الواحد من بنود الأعمال السبعة المشار إليها بالبند الثاني من العقد وان تكون فئة الغرامة خمسة جنيهات بالنسبة للقطارات باعتبار أن هذا هو ما جري عليه منذ بداية العقد تفسير لارادة الطرفين واتفاق ضمني بينهما على ذلـك.

وطلب جهاز المترو رأي إدارة الفتوى ، والتي انتهت إلى أن التطبيق الصحيح للبند الخامس من العقد هو أن تكون فئة الغرامة مائة جنيه عن كل مخالفة لأي بند من البنود الأساسية والفرعية الواردة بالمادة الثانية من العقـد .

ثم ثار التساؤل عما إذا كان هناك حد أقصي للغرامات التي يتم توقيعها على لشركة من عدمه .

ونظرا لأهمية الموضوع واختلاف الرأي فيه فقد ارتأي السيد الأستاذ المستشار / نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس الإدارة إعداد تقرير بشأنه للعرض على هيئة اللجنة الثالثة لقسم الفتوى عملا بنص المادة ( 61 ) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 م .

ونفيد بأن الموضوع عرض على هيئة اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 26/2/2003 حيث استعرضت اللجنة النصوص الآتية : ــ

القانون المدني : المادة ( 147 / 1 ) منه تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقرها القانون ” وتنص المادة ( 148/1) من ذات القانون على أنه ” يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية .

كما ينص في المادة ( 150 / 3 ) على أنه ” إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين .

القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات : ــ ” المادة ( 23 ) منه تنص على أنه إذا تأخر المتعاقد في تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له جاز للسلطة المختصة لدواعي المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لاتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير وطبقا للأسس وبالنسب وفي الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية بحيث لا يجاوز مجموع الغرامة ( 3% ) من قيمة العقد بالنسبة لشراء المنقولات وتلقي الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية 00000 ” .

وتنص المادة ( 94 ) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية 1367 لسنة 1998 على أنه ” اذا تأخر المورد في توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها في الميعاد المحدد بالعقد ويدخل في ذلك الأصناف المرفوضة – فيجوز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاءه مهلة إضافية للتوريد على أن توقع عليه غرامة تأخير عن هذه المهلة بواقع (1%) عن كل أسبوع تأخير أو جزء من أسبوع من قيمة الكمية التي يكون قد تأخر في توريدها وبحد أقصي (3%) من قيمة الأصناف المذكورة .

وتنص المادة (138) من اللائحة المذكورة على أنه ” تسري على عقود تلقي الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية ومقاولات النقل جميع الأحكام الوارد بهذه اللائحة بشأن شراء المنقولات وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة كل من هذه العقود ”

وقد تبين لهيئة اللجنة أنه من الأمور المستقر عليها أن حقوق المتعاقد مع جهة الإدارة والتزاماته إنما تتحدد طبقا للعقد الذي وقعه باعتباره يمثل ما انعقدت عليه النية المشتركة للمتعاقدين كما أنه من الأصول المقررة في مجال العقود الإدارية أن تنفيذها يجب أن يكون بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النيـة ، وأنه مع وضوح عبارات العقد وصراحتها فلا مجال للتفسير والتأويل والانحراف عن عبارة العقد بغرض الوصول إلى النية المشتركة للمتعاقدين إذ لا يحدث إلا في حالة غموض نصوص العقد وعدم دلالتها على ما قصده طرفا العقد.

(في هذا الشأن فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أرقام 32/2/1903 جلسة 1/3/1992 ، 32/2/2724 جلسة 24/12/1997 ، وكذلك أحكام المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام 295 لسنة 27 ق جلسة 21/2/1995 ، 2419 لسنة 34 ق جلسة 28/3/1995 ، 1773 لسنة 33 ق جلسة 13/6/1995 ).

وحيث إن الشرط الجزائي اتفاق مسبق بين المتعاقدين على تقدير قيمة التعويض المستحق في حالة عدم تنفيذ المدىن لالتزامه أو التأخير فيه. فهو تقدير للتعويض يتفق عليه قبل حدوث الإخلال بالالتزام يرد عادة في صورة بند في العقد كما أنه يمكن أن يرد في اتفاق لاحق ، وإذا تعلق الشرط الجزائي بالتزام معين وجب التقيد به واعماله في حالة الإخلال بهذا الالتزام أيا كان الوصف الصحيح للعقد الذي تضمنـه 0

( في هذا المعني حكم محكمة النقض 26/3/70 س 26 ص 513 ، ونقض 12/5 مجموعة س ص 264 قاعدة 241 ) .

وبتطبيق ما تقدم على لعقد الماثل يبين أن المادة الخامسة منه تنص على حق جهاز المترو في توقيع غرامة مقدارها مائة جنيه عن كل بند يثبت فيه تقصير الطرف الثاني في أعمال النظافة المسندة إليه بموجب هذا العقد . وفي ضوء هذا النص يتضح أن الغرامة المنصوص عليها هي شرط جزائي للاتي :

الغرامة المنصوص عليها تتعلق بإخلال المتعاقد مع جهاز المترو بالتزامه وآية ذلك كلمة ” تقصير ” فهي تعني عدم أداء المتعاقد لالتزامه على النحو المتفق عليه ( إخلال بالالتزام ).

كذلك الفقرة الأولي من المادة الخامسة من العقد وهي ” للطرف الأولي الحق في التفتيش على جميع أعمال النظافة ” ومن ثم فهي تمنح جهاز المترو حق الرقابة والتفتيش على جميع أعمال النظافة التي يقوم بها الطرف الثاني وذلك بهدف التأكد من أداء التزامه على النحو المتفق عليه والتأكد من أنه لا يوجد ثمة إخلال به ، وهذا يتبين من عبارة ” حق التفتيش ” أما غرامة التأخير فلا شأن لجهة الإدارة بالتفتيش على لمتعاقد حال أداء الالتزام .

أن فكرة الشرط الجزائي هي التي تتفق وطبيعة العقد الماثل إذ أن الهدف من إبرام جهاز المترو لهذا العقد هو نظافة خطوط المترو والتي يجب أن تؤدي على فضل وجه وبصفة مستمرة إذ يتعين أن يكون جهاز المترو قائما وبصفة مستمرة على رقابة أعمال النظافة موضوع العقد الماثل للتأكد من أدائها على لوجه المتفق عليه فإذا تبين لجهاز المترو في رقابته لقيام المتعاقد بأعمال النظافة إخلاله بالتزامه أو تقصيره فيه استوجب ذلك إعمال الشرط الجزائي 000 أما إذا قلنا بغرامة التأخير فلا يستطيع جهاز المترو مجابهة تقصير أو إخلال المتعاقد بأعمال النظافة حيث أنها تتعلق بتأخير المتعاقد في أداء التزامه وليس بإخلاله بذات الالتزام وعدم تنفيذه أصلا .

ان فكرة غرامة التأخير تتنافي مع الغرض من العقد الماثل من ناحية أخري. إذ لو سلمنا بها فسيكون هناك حد أقصي للغرامة الموقعة من جهاز المترو وهي 3% على النحو المتقدم إعمالا لنص المادة 23 من القانون 89 لسنة 1998 المشار إليه والمادة 94 من لائحته التنفيذية ، ومعني ذلك أن المتعاقد إذا وصلت قيمة مخالفاته إلى هذا الحد فسيعبث بجهاز المترو وسيخل بالتزاماته طالما أنه لن يوقع عليه أي جزاء 0، وهذا يتنافي تماما مع غرض العقد الماثل.

المادة الخامسة من العقد تناولت الشرط الجزائي من ناحيتين :الأولي : ــ وهي توقيع غرامة مقدارها مائة جنيه عن كل بند يثبت فيه تقصير الطرف الثاني في أعمال النظافة ( إخلال بالالتزام ) 0

الثانية : ــ أنه لا يحق للطرف الثاني المطالبة بأي أجر عن أعمال نظافة لم تتم والشرط الجزائي في هذه الحالة – وهي حالة عدم قيام المتعاقد بأداء التزامه أصلا – هو عدم حصول المتعاقد على جر الأعمال التي لم يقم بها وهذا ما أشارت إليه المادة الخامسة ” 000 وليس للطرف الثاني الحق في المطالبة بأي أجر عن أعمال نظافة لم تتم ” .

لــــذلــــــك

انتهت اللجنــة إلى أن الغرامة المنصوص عليها في المادة الخامسة من العقد الماثل ما هي إلا شرط جزائي ومن ثم لا ترتبـط هذه الغرامة بحد اقصي طالما كانت في نطاق ما هو متفق عليه بالعقد على نحو ما سلف بيانـــــه .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت