العقد الطبي عقد إذعان

” إن المريض الذي ينصاع للعقد الطبي و يخضع لما يراه الطبيب مناسبا له يطلق يد الطبيب في عمل ما يراه أنسب لجسمه و جسده و أن حالة عدم المساواة الطبيعية تؤدي حتما إلى عدم المساواة القانونية “.

إن هذا الرأي الذي جاء به الفقيه ” روني سافاتيي ” الذي يجعل فيه الطبيب صاحب المعرفة و الدراية فهو الذي يهيمن على العلاقة التعاقدية فلا يشاركه المريض في تحديد نتيجة الفحص و التشخيص و تقرير الدواء المناسب فهو يقع بشكل سلطة أبوية.

إلا أننا إذا جئنا لتعريف عقود الإذعان نجدها :

من حيث الطبيعة القانونية : أن طرفا فيه يقوم باحتكار السلعة التي تكون ضرورية يحتاج إليها كل فرد, فغالبا ما يكون هذا الطرف المحتكر ذا سلطة (الدولة أو شخصا طبيعيا ذا نفوذ غير متناه ) ، فيلزم محتاج السلعة الضرورية المحتكرة إلى اللجوء إلى هذا الطرف حتى يلبي حاجته ، في حين أن العقد الطبي هو عقد يقوم على أساس الحرية في اختيار الطبيب و نصوص التشريع دالة على ذلك حيث نصت المادة 44 من مدونة أخلاق الطب على أنه ” يخضع كل عمل طبي فيه خطر جدي على المريض لموافقة المريض موافقة حرة … ” فالمريض عندما يتوجه للطبيب بغية طلب العلاج يكون ذلك بمحض إرادته بعيدا عن كل تأثير أو ضغط ، و أن هدف المريض هو الشفاء و هو اعتبار أساسي يحمل المريض على قبول أو رفض العلاج فهو يقوم بالتالي على توافق الإرادتين.

أما إذا جئنا لمعالجة موضوع عقد الإذعان فهو مرتبط بسلعة أو خدمة تكون ضرورية يحتاجها كل الناس ، في حين أن محل أو موضوع العقد الطبي ليس مرده سلعة أو خدمة بل يتعلق بجسم الإنسان , بالإضافة إلى الهدف من عقود الإذعان هو إثقال كاهل الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية ؛ العقد الطبي المريض فيه يرجى شفاؤه ليس إلا.

كذلك نجد اتساع الهوة حول وصف العقد الطبي أنه عقد إذعان ، فحوى المادة : 110 من القانون المدني الجزائري التي تنص على أنه : ” إذا تم العقد بطريق الإذعان و كان قد تضمن شروطا تعسفية ، جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط ، أو أن يعفي الطرف المذعن منها و ذلك وفقا لما تقضي به العدالة ، و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك “.

فيجوز للقاضي أن يعدل الشروط الخاصة بعقد الإذعان و له سلطة تفسير العبارات الغامضة سواء كان الطرف المذعن دائنا أم مدينا ؛ و هي الأحكام التي لا تنطبق على العقد الطبي.