اختلاف الطبيعة القانونية للإقرار
إن الشريعة الإسلامية وضعت للإقرار أهمية كبيرة نظرا لما يلعبه من دور مهم في ساحة القضاء، ولهذه الأهمية أطلق عليه الفقهاء اسم سيد الأدلة من شدة خطورته، حيث من البدهي أن إقرار المتهم على نفسه غالبا يكون أقرب إلى الصدق منه إلى الكذب، لهذا السبب سنتحدث في مقالنا عن الطبيعة القانونية للإقرار من حيث اختلافه في الدعوى الجزائية والمدنية، فإن الإقرار في الدعوى الجزائية تخضع قيمته إلى تقدير قاضي الموضوع، فلا يعتبر حجة بالإثبات طالما يخضع لتقدير القاضي استنادا إلى مبدأ قناعة القاضي.

فللقاضي أو الهيئة القضائية أن تأخذ بإقرار المتهم وأن تصدر حكمها بالاستناد عليه أو أنها تقدر بألا تلتفت إليه لاعتبار الإقرار في الموضوع الجنائي لا يعتبر حجة إذا كان هنالك أدلة أخرى يتشوف القاضي النظر إليها على العكس من الإقرار في النزاعات المدنية التي يعتبر إقرار أحد أطراف الخصومة حجة على المقر، حيث إن الإقرار المدني تتجه نية المقر فيه إلى تحمل الالتزام وترتيب آثاره القانونية في حين أن نية المتهم في الإقرار أو الاعتراف في الدعوى الجزائية لا دخل ولا أهمية لها.

ونضيف أن سلطة القاضي لا تقف عند هذا الحد فله تجزئة الإقرار في القضايا الجنائية إذا لم يكن هو الدليل الوحيد للدعوى الجزائية، أما إذا كان الإقرار هو الدليل الوحيد للدعوى الجزائية فإن القاضي لا يستطيع تجزئته بل عليه الأخذ بما ورد فيه – بكامله – فالمتهم الذي يقر بحقيقة ارتكابه جريمة قتل لا يجوز تجزئة ما أقر به، أما الإقرار في الواقعة المدنية فإنه لا يقبل التجزئة مطلقا وعلى الهيئة القضائية أن تأخذ به بكامله ولا يجوز لها تجزئته، كذلك لا يقبل الإقرار في الدعوى الجزائية من المحامي فلا بد أن يصدر من المتهم شخصيا، بينما في المدني تقبل المحكمة إقرار الموكل عن وكيله.

ونؤكد أن الفقهاء صرحوا بأن يكون الإقرار في الدعوى الجزائية صريحا لا لبس فيه، أي إن المتهم يقر صراحة بارتكابه الجريمة أو أنه ساهم فيها، فمجرد سكوت المتهم لا يعتبره الفقه والقضاء إقرارا منه أو دليلا ضده على ارتكاب جريمة، في حين يؤكدون أن الإقرارات في النزاعات المدنية يؤخذ بها صريحة أو ضمنية – على أي حال.

كثيرا ما نسمع بالإقرار كوسيلة للإثبات، ولكن لا نعرف طبيعته القانونية واختلافه في الدعوى الجزائية أو المدنية.

عبدالله قاسم العنزي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت