يشترط في غالبية الأعمال الإجرائية أن تعلن إلى الخصم الأخر أو إلى المحكمة ، سواء من قبل الخصم نفسه أم من قبل المحكمة، ومن التحليل الذي أجراه الفقه الإجرائي(1). للحالات التي يشترط فيها ذلك، يظهر لنا اختلاف الطبيعة القانونية لذلك الإعلان ومن حالة إلى أخرى وكما يلي :-

1-الإعلان عنصر من عناصر العمل الإجرائي ،حيث يعتبر الإعلان عنصر من عناصر العمل القانوني لا يتم العمل من دونه، وبالتالي يؤدي عدم القيام بالإعلان إلى تعيب ذلك العمل القانوني مثل إعلان صحيفة الاستئناف، ولا تشمل هذه الحالة إعلان صحيفة الطعن التمييزي حيث أنها تندرج تحت الحالة اللاحقة(2).

2- الإعلان كعمل أجرائي مستقل عن مضمون الإعلان نفسه، مثل إعلان الوفاة أو إعلان الحكم (3). في هذه الحالات توجد واقعة قانونية كاملة يريد بها القانون أن تبلغ إلى شخصٍ أخر فيشترط إعلانها، حيث تعتبر صحيفة الطعن هنا عملا قانونيا مستقلا عن مضمون هذا الإعلان إذ انه عنصر من عناصر الأخبار والتنبيه، فإذا ما حصل في الإعلان عيب أو انعدام أو مخالفة للقانون فان ذلك لا تؤثر على مضمون الطعن أو صحته حيث يرتب عند إذٍ جزاءات مالية(4). أو إدارية حسب الأحوال(5). ، كعقوبة لمن أهمل في ذلك الإعلان من موظفي المحكمة الملزمين بالقيام به كجزء مهم من عملهم، ويعود ذلك إلى اعتبار إعلان الطعن عملا إجرائيا تالياً لرفع الطعن الذي يتم بمجرد إيداع الطلب القضائي لقلم محكمة النقض وهذا ما ذهب إليه القضاء (6). والفقه (7). على النظر إلى مقتضيات صحة الإعلان مستقلة عن مقتضيات رفع الطعن0 فإذا تحققت الغاية من البيان المعيب في الإعلان صح الإعلان ولا يحكم ببطلانه

وعموما يفرض قانون المرافعات المصري في المادة(256 م0م0مصري) التزاماً على قلم محكمة النقض بان يقوم في اليوم التالي للإيداع بتسليم اصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إليها وعلى قلم المحضرين إعلان الصحيفة خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ تسليمها إلى كافة الخصوم الذين وجه الطعن إليهم (8). مع مراعاة المادة (214 م0م0مصري) التي تنص على ” ويكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في مواطنه ويجوز إعلانه في الموطن المختار في ورقة إعلان الحكم …” وقد بينت المواد(من10إلى13) كيفية الإعلان وحالاته ولمن تسلم الأوراق المراد إعلانها ، مع الأخذ بالاعتبار المواعيد الواردة في المادة(256 م0م0مصري) التي تنص “000وعليه في اليوم التالي على الأكثر أن يسلم اصل الصحيفة وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها ورد الأصل إلى قلم الكتاب ،وعلى قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الطعن خلال ثلاثين يوماً في الأكثر من تاريخ تسليمها إليه ، ولا يترتب على عدم مراعاة هذا الميعاد بطلان إعلان صحيفة الطعن ، فاليوم والثلاثين يوما هي مواعيد تنظيمية لا يترتب على عدم مراعاتها البطلان حيث تنص المادة256م0م0مصري ” 000 ولا يترتب على عدم مراعاة هذا الميعاد بطلان إعلان صحيفة الطعن “0 وإنما يمكن أعمال الجزاءات الواردة في المادة(257 م0م0مصري) حيث تنص ” تحكم محكمة النقص بغرامة لا تقل عن ثلاثة جنيهات ولا تتجاوز عشرين جنيها على من يتخلف من العاملين بأقلام المحكمة أو المحضرين عن القيام بأي أجراء من الإجراءات المقررة في المادتين السابقتين في المواعيد المحددة لها ” وهي مادة مستحدثة (9). وبهذا الجزاء يقترب المشرع المصري من المشرع العراقي من مفهومه لفكرة الطعن التمييزي إذ قد يحدث أن لا يعلن المطعون ضده بالطعن لحين صدور قرار محكمة النقض ولا يؤدي ذلك إلى بطلان القرار لعدم الإعلان، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض المصرية إذ جاء في أحد أحكامها ما نصه ” خلو صورة التقرير المعلنة من تاريخ الطعن وأسم الموظف الذي حصل أمامه لا يبطل الطعن (10). وفي حكمً أخر” لا يبطل الطعن أو إعلانه خلو الصورة من بيان المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه (11).

وهو ما يجري عليه العمل في التشريع العراقي بعد تعديله فقد كان يتم سابقاً إعلان الممييز عليه بعريضة الطعن وفق أحكام المادة(207 م0م0ع) وكان ذلك الواجب ملقى على عاتق المحكمة التي يقدم إليها الطعن إلا انه قد تم تعديل أحكام المادة 207 بالقرار المرقم 709 في 1979 المادة الاولى منه ، فقرة 34، 35، 36 0 وذلك تماشيا مع وجهة نظر المشرع في جعل خصومة الطعن التمييزي بين المحكوم عليه والمحكمة التي أصدرته بدعوى مخالفتها للقانون بكافة صوره وأنواعه ويتضمن ذلك فهما رائعا لخصوصية محكمة التمييز بكونها محكمة قانون لا محكمة موضوع وتجنب الدخول في متاهات الأسباب والطلبات الجديدة وما يعد تمييزاً متقابلا وما لا يعد كذلك 000 الخ من الأسباب الوجيهة 0وليس من الضروري أن تتضمن ورقة إعلان الطعن تكليف الخصوم بالحضور أو تقديم مستندات أو مذكرات بالدفاع في الميعاد المحدد قانوناً فهو واقع بقوة القانون (المادة 258م0م0مصري)0 وتجب الملاحظة إلى أن البطلان الذي يشوب عملية إعلان الطعن هو بطلان نسبي لا يجوز أن يتمسك به إلا من شرع البطلان لمصالحته(12). ويشترط للتمسك به ألا يكون صاحب التمسك به قد اسقط حقه به بان يكون قد قدم مذكراته ود فوعه مثلا(13). ولمحكمة النقض صلاحية محكمة الموضوع لتقدير صحة الإعلان وكفايته لتحقق الغاية المطلوبة منه (14). وبصدد الوفاة أو فقد الأهلية أو زوال الصفة وأثره على ميعاد الطعن فلا يؤخذ بالاعتبار نص المواد174 ،175 م0م0ع ،وفق الاتجاه الحديث للقانون العراقي 0 اما في مصر فيؤخذ بالاعتبار نص المواد216 ، 217 م0م0مصري الواردة في باب الأحكام العامة للطعن(15). والذي لفت نظرنا إليه عن شروط وإجراءات الطعن التمييزي هو الاتي:-

1- يختلف الطلب القضائي للطعن بالتمييز عن غيره من الطلبات الخاصة بالدعاوى أو الطعون الأخرى ، وهذا ما يؤكد لنا أن الخصومة هنا متميزة وخاصة جداً عن خصومة الدعوى ككل ، حيث أن المشرعين عموماً رسموا للطاعن ما يجب عليه فعله بصدد ممارسة هذا الطريق غير العادي للطعن ، ومما يؤكد لنا ذلك ، أنه لا تجوز الإحالة بأي حال من الأحوال إلى القواعد العامة في رفع الطعن من دون أن نتحفظ على تلك الإحالة 0

2-لا يتصور أن أسباب الحكم هي وحدها التي تكشف عن مدى صحته وسلامته ، ويمكن أن نقول هنا ، بأن وجود عيوب بصدد تسبيب الحكم لا تؤدي في كل الأحوال إلى نقضه لذا فيجب على من يريد الوصول إلى نتيجة مرضية له ، من أن يرفق بطلب الطعن المستندات التي تؤيده حتى تتمكن محكمة الطعن من أداء واجبها على الوجه الأكمل ، إذ أنها دليل حاضر على صحة ومصداقية أسباب الطعن 0 ومع ملاحظة أن الإخفاق في ذلك يمكن معالجته خلال ما تبقى من مدة الطعن وإلا سد الباب نهائياً لتلك المعالجة إلا إذا طلبت المحكمة تقديم تلك المستندات 0

3- تلزم المادة(207 م0م0ع) ضم ملف الدعوى إلى عريضة الطعن ، أما المادة(255 م0م0 مصري) فقد خولت محكمة النقض صلاحية طلب ضم الملف ، إذ أجازت المادة الأخيرة ذلك لها دون تقييد ، ونحن نذهب إلى تأييد ذلك ، ونبرره على أساس ما جاء في المذكرة التفسيرية للقانون المصري “ أن ضم ملف الدعوى الموضوعية – في ذاته من شأنه أن يبعد محكمة النقض عن أداء وظيفتها الأولى بوصفها محكمة قانون ، ويؤدي إلى أنفاق الوقت في قراءة ومراجعة أوراق تتصل بأمور موضوعية تخرج بطبيعتها عن مهمة النقض ، ولا يقتضيها الفصل في الطعن(16).

4-لقد أوجبت القوانين ضم صورة رسمية من الحكم المطعون فيه ، وقد يرد ذلك حتى على حكم البداءة إذا كان مكملاً له ، ولقد راعى المشرع المصري ما كان يواجه المواطنين من صعوبات في سبيل استخراج صور الأحكام والأوراق اللازمة لتقديمها لمحكمة النقض وخاصة فيما يتعلق بدفع الرسوم والمصاريف كافة قبل إعطاء نسخة الحكم لذا فقد جازت المادة 255م0م0مصري) للمحكوم عليه في أن يستحصل صورة خاصة من الحكم مختوم عليها ” للطعن بالنقض ” ولا يجوز تنفيذها ، استثناء من شرط دفع الرسوم والمصاريف ويا حبذا لو أتجه المشرع العراقي لذلك لتسهيل وتذليل الصعوبات السابقة(17).

5- نخالف ما يطالب به جانب الفقه المصري (18). من التشدد والتزمت في توفي صحة إجراءات الطعن بالنقض على اعتبار أنه طعن غير عادي ، وعلى أنه خاتمة إجراءات التقاضي ، ولا يقصد منه إلا مجرد التحقق من صحة تطبيق القانون في صدد قضاء الحكم المطعون فيه ، ونحن نقول أن الطاعن بشر معرض للخطأ والزلل والنسيان فلا تكفي الأسباب السابقة لتزمت بالشكلية وقيودها لحرمان حق ممارسة طريق وحيد في مصر دون العراق للنظر في قانونية الحكم

_______________________

1- -Redenti:( Enrico ) : Diritto Processuale Civile – OP . Cit . P . 223 . NO .59 ، Satta : Dir Proc . Civ – NO. 116 P. 178 .

Durma : these op.cit . NO. 58 . P . 82 .

2 – وذلك لخصوصية الطعن بالنقض نبيل إسماعيل – النظرية – المرجع السابق –ص334

3 – تكلمنا عنه سابقا في موضوع مدة الطعن التمييزي وتبليغ الحكم 0

4 -انظر المادة 257 م0م0مصري 0

5- وقد نصت المذكرة الإيضاحية “أن ترتيب الجزاءات المالية بموجب المادة257 م0م0مصري قد صدف المشروع عن الأخذ بتقرير جزاء البطلان على عدم تمام الإجراءات والإعلان بخصوص صحيفة الطعن ومواعيدها “مشار إليه في احمد ابوالوفا–التعليق- المرجع السابق ص584 هامش (2)0

6 – انظر نقض مدني 8 ديسمبر 1983 –طعن رقم 597 لسنة 49 ق ونقض 16 / 12/ 1976 في الطعن 533 لسنة 40 ق مشار إليه فتحي والي – الوسيط – المرجع السابق – ص805 0وكذلك نقض مدني 31 مايو 1975 – مجموعة النقض – مصدر سابق سنة 26 ص1132 و27 فبراير 1973 – مجموعة النقض المصرية المرجع السابق سنة 24 ص342

7 – فتحي والي – مبادئ – المرجع السابق – ص653 -نبيل إسماعيل – النظرية – المرجع السابق – ص333 0

8 – انظر ما سبق ذكره عن إعلان الحكم 0

9 – أبو ألوفا – التعليق – المرجع السابق ص586 0 وتنص المادة 214 م0م0 مصري ” ويكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في مواطنه ويجوز إعلانه في الموطن المختار في ورقة إعلان الحكم …” وقد بينت المواد 10 إلى 13 كيفية الإعلان وحالاته ولمن تسلم الأوراق المراد إعلانها 0

0- نقض مدني 22 أكتوبر 1974 – مجموعة النقض المرجع نفسه – س25 – ص 1153 0

1-مشار إليه فتحي والي – الوسيط – المرجع السابق – ص806 0

2 – فتحي والي – المبادئ – المرجع السابق – ص654 ، نبيل إسماعيل عمر – النظرية – المرجع السابق- ص337

3 – نقض مدني 17/2/1971 مجموعة النقض المصرية المرجع السابق – س22 ، ص202 ، نقض مدني 27/2/1973 مجموعة النقض المرجع نفسه- س24، ص342، نقض مدني27/12/1972– مجموعة النقض – المرجع نفسه – س 23 – ص 479 0

4 – وهو ما جرى عليه قضاء النقض نقض مدني 9/4/1970 مجموعة النقض المصرية – المرجع السابق – س 21 ، ص587 نقض مدني 11/3/1971 مجموعة النقض المرجع نفسه ، س22 ، ص282 0

5 – وقد سبق وأن تناولناها في مدة الطعن التمييزي 0

6-أنظر المذكرة التفسيرية للقانون رقم 13 لسنة 1973 والذي عدل بموجبه أحكام المادة 255 م0م0 مصري 0

7 – أنظر ما جاء من توصيات في المذكرة التي رفعتها نقابة المحامين إلى وزارة العدل بخصوص ارتفاع الرسوم العدلية وأثرها على حق التقاضي – الفقرة الخامسة منها وذلك في الكتاب رقم 7169 في 12/11/2000 0

8 – أبو الوفا – نظرية الدفوع – المرجع السابق – ص 423 بند 229 0

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .