تدخل الطبيب الشرعي في التحقيق في جريمة القتل

المؤلف : شيماء زكي محمد
الكتاب أو المصدر : مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

اولا:تحديد طبيعة الموت
مسألة تحديد طبيعة الوفاة ما اذا كانت طبيعية ،اجرامية، او مشكوكا فيها من المسائل التي لا تخلوا اية خبرة طبية منها، اذ غالبا مانجد هذا السؤال تصدر قائمة الاسئلة الموجهة من الادعاء العام او المحقق او جهة الحكم للطبيب الشرعي باعتبار ذلك احد لعناصر الرئيسية المشكلة لجريمة القتل في حد ذاتها ،فاذا ثبت بناء على خبرة طبية ان الموت كان طبيعيا فجريمة القتل غير قائمة طالما ان فعل ازهاق الروح المشكل لركنها المادي غير قائم، وعليه فان مصير الدعوى هنا سيكون حفظ الملف وانتفاء وجه الدعوى )1)
ثانيا:تحديد سبب الوفاة
لما كانت جريمة القتل تقتضي لقيامها توافر اركانها المكونة لها خصوصا ما يتعلق منها بالسلوك الاجرامي المتمثل في عمل ايجابي وازهاق الروح والعلاقة السببية بينهما باعتبارها من العناصر المكونة لركنها المادي، فانه من الطبيعي ان تبادر الجهة الامرة بالخبرة وخصوصا الادعاء العام المكلف بعبء الاثبات الى الاستعانة بالطبيب الشرعي لتكليفه بالاجابة عن السؤال المتعلق بتحديد السبب الذي ادى الى احداث الوفاة ،بمعنى ابراز الرابطة السببية، بين فعل الجاني والنتيجة التي هي الوفاة(2)
ثالثا:تعيين تاريخ الوفاة
اذا كان تاريخ الوفاة ليس عنصرا في الجريمة في حد ذاته اذ لا يدخل في تكوين اركان جريمة القتل فانه يشكل احد العناصر المساعدة في البحث عن الدليل الجنائي خصوصا اذا حامت الشكوك حول مشتبه معين اذ ان تحديد الفترة التي حدثت فيها الوفاة من شأنه ان يحصر نطاق البحث عن الدليل الجنائي، فكلما ضاق هذا النطاق كانت احتمالات الوصول الى الحقيقة اكبر وايسر بالنسبة للمحقق الذي من مصلحته ان يحصر مجال بحثه عن الدليل من حيث الزمان والمكان ،والخطأ في تحديد التاريخ التقريبي للوفاة من شأنه ان يساهم في افلات الجناة المشتبه فيهم من العقاب، والطبيب الشرعي يلاحظ العلامات الايجابية للموت ويكتبه في تقريره الطبي والتغيرات التي تطرا على الجثة كلما طالت مدة الوفاة على النحو الاتي:
– جسم ساخن، رطب، بدون تلونات ——- موت من 6الى 8 ساعات
– جسم دافيء ،تصلب ،تلون يزول بالضغط عليه ——- موت لاكثر من 12ساعة
– جسم بارد، صلب، تلون لا يزول مع الضغط ——— موت لا كثر من 24ساعة
– تصلب شديد ،بقع خضراء اللون ———– موت لاكثر من 36 ساعة (3)

رابعا :التعرف على الجثة
تاخذ مسالة التعرف على الجثة اهمية بالغة في الحالات التي يتم فيها اكتشاف جثث في حالة متقدمة من التعفن في غياب وثائق تثبت هويتها ،اذ كثيرا ما يطرح الطبيب الشرعي السؤال المتعلق بتحديد هوية القتيل ،ويكون الامر سهلا ان كانت الجثة حديثة ولم يبدأ فيها التعفن ،اذ يمكنه بسهولة اثبات هويتها من العلامات المميزة مثل الندب في الجلد ،ولون العينين ،والشعر ،وحالة الاسنان ، والوشمات، كما ان اخذ بيان تفصيلي دقيق عن الملابس وما يوجد عليها من او ا رق مهمة في الاستعراف، ومن الواجب التحفظ على الملابس وصاحبها ،اما اذا كانت الجثة في حالة متقدمة من العفن،فان عملية الاستعراف متوقفة على استخدام تقنية البصمة الوراثية. (4)

ويمكن استخدام بصمة المخ في المجال الجنائي ،وبصمة المخ هي عبارة عن موجات واشارات مخية تسمى ب p300للمعلومات عن الجريمة الموجودة في الذاكرة memer )الذاكرة الداخلية للانسان( والتي يتم تسجيلها وتحليلها عند استرجاع هذه المعلومات عن طريق الحاسب الالي ،وبالتالي يمكن التعرف على الشخص الفاعل الحقيقي ،فعندما يتم وضع المشتبه فيه امام شاشة كومبيوتر تعرض امامه حدثا ما ،وليكن مثلا كلمة او جملة او اداة الجريمة كالسكين التي استخدمها في القتل فتومض امامه على شاشة الكومبيوتر ،فان النشاط العصبي في دماغه سوف يكون متزامنا ،وسوف يصدر موجة كهربائية ،وهذه الموجة يمكن قياسها عن طريق وضع مجسات او اجهزة احساس على الراس وتكبير هذه الاجهزة ،ويطلق على هذه الموجة الكهربائية p300 (5) وهذه التقنية ليست مصممة للاستخدام اثناء الاستجواب،اذ انها لا تتطلب اية اسئلة ،او اية اجابات، اذ انها تكشف وبموضوعية ما اذا كانت معلومات معينة موجودة في مخ المتهم ام لا ،بغض النظر عن كذب او صدق الاقوال التي يدلي بها، فالمخ هو الذي يتحدث فهي بمثابة الشاهد الذي لا يخطيء.

وقد اثبتت التجارب انه من الممكن الحصول على ادلة من المخ او العقل ويتم الحصول عليها بأسلوب دقيق ويمكن الاعتماد عليه في الاجراءات الجنائية وبدون اللجوء الى اجراءات معقدة وعديدة او اساليب غير محرجة للإنسان او منتهكة كرامته الانسانية.ومن اهم مميزات بصمة المخ انها قليلة التكاليف ،كما انها لا تحتاج الى وقت في اجرائها والحصول على نتائج فورية.

كما ان امن المجتمع وحمايته على ضبط الجناة عند ارتكابهم الاعمال الاجرامية، وهذا الامر يقتضي ان يكون هناك نظام سليم وفعال للكشف عن الجرائم وضبط مرتكبيها بسرعة وبغير الاعتداء على حريات الافراد وكرامتهم الانسانية، وبهذا الصدد تعد بصمة المخ وسيلة فعالة في اثبات الجرائم، والكشف عن مرتكبيها حتى انه يمكن الوقاية من الجرائم الارهابية قبل وقوعها ،فيمكن من خلال بصمة المخ معرفة المخططات الاجرامية ،وما اذا كان الفرد له علاقة بمنظمة ارهابية ،او تلقى تدريبا في معسكرات تلك المنظمات ،ويمكن ان تعتمد عليها الدول لمكافحة الارهاب كوسيلة علمية دون اكراه او تعذيب للمتهم.

كما انها تستخدم في الكشف عن جرائم الرشوة، والتزوير ، والارهاب، وجرائم السرقة والقتل ،والاغتصاب ،وجرائم الارهاب. (6) وتستخدم بصمة المخ للتعرف على الجناة في الجرائم، وتعتمد هذه الطريقة على حدوث تغيرات في رسم المخ الكهربائي بعرض معلومات او صور او اصوات تتعلق بالجريمة عن طريق الكمبيوتر ،ويشترط ان تكون كل هذه المعلومات والصور غير معلومة للعامة ،وعلى سبيل المثال يتم اخبار المتهم المعرض للاختبار بانه سيعرض عليه سلاح الجريمة ثم يعرض امامه اسلحة مختلفة مثل مسدس ثم سكين وهكذا ،فعند عرض السلاح المستخدم في الجريمة تحدث تغيرات في رسم مخ الجاني (7) وهنا يبرز دور الطبيب الشرعي حيث من خلال بصمة المخ والبصمة الوراثية (8) والتي تحديدهما يكون من اختصاصه بان يقدم تقرير طبي الى القاضي والذي يؤدي اما بأثبات التهمة عن المتهم واما بنفيها عنه .
_____________
1- باعزيز احمد، الطب الشرعي ودوره في الاثبات الجزائي، رسالة ماجستير -قانون طبي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 2010-2011، ص 56.
2- المستشار القانوني عبد الاله الزركاني، تداخل الطب الشرعي في الادلة الجنائية، مقال متاح على الموقع الالكتروني 28/9/2014
www.omanews.net
3- باعزيز احمد مصدر سابق ،ص75
4- مقال بعنوان الطب الشرعي وكشف خيوط الجرائم، جريدة بلادي اليوم، العدد 239 ،السنة الثانية متاح على الموقع الالكتروني28/9/2014 www.beladitoday .com.
5- موقع الدكتور ضياء ،بحث بعنوان الطب الشرعي وعلم الطب الجنائي، متاح على الموقع
www.tbeeb.net الالكتروني6/10/2014.
6- بحث بعنوان البصمات كدليل علمي وحجيتها في الاثبات الجنائي متاح على الموقع الالكتروني 8/10/2014.
7- بحث بعنوان البصمات المعتمدة في البحث الجنائي متاح على الموقع الالكترونيwww.marocdroit.com.
8- ينظر ص 9 هامش 2 من البحث .