المرجعية القانونية للعمل النقابي وفقا للقانون اليمني

المرجعية القانونية للعمل النقابي
تمثل النقابات أرقى مؤسسات المجتمع المدني، وتعتبر مهمتها في المجتمعات النامية أخطر، ومسئولياتها أكبر، من حيث الدفاع عن مصالح أعضائها وحماية حقوقهم وصيانة مكتسباتهم.

بل تزيد مهمة النقابات أكثر أهمية في الدفاع عن أعضائها ضد أي صورة من صور الانحراف والسيطرة عليها وانتهاك حقوق أعضائها من قبل جهات تحاول إساءة تفسير الدساتير والقوانين والأنظمة بما يضر بمصالح أعضاء هذه النقابات من عمال ومهنيين.

كما أن هذه المنظمات دائماً تشارك في وضع جميع القوانين واللوائح المنظمة لعملها مع أن الأصل في أن القانون الذي يجب تطبيقه على النقابات هو نظامها الأساسي ولوائحها الداخلية التي هي بدورها يجب أن تكون متلائمة مع الدستور والقوانين النافذة في البلد ولمعرفة المرجعية القانونية التي يستند إليها العمل النقابي في اليمن نجد أن الدولة قد فرقت في تعاملها مع النقابات عبر معيارين من حيث التنظيم كالتالي:
1- نقابات مهنية (نوعية) مثل نقابة الأطباء- المحامين – المهندسين –الصحفيين وتعتبر هذه النقابات من ضمن القطاع الخاص وتمول نفسها ذاتياً.
2- منظمات شعبية وعمالية مثل الاتحادات والنقابات والعمالية وتعتبر هذه المنظمات إلى حد ما إحدى قطاعات الدولة حيث تقع تحت الهيمنة المباشرة للدولة كما أنها تعتمد في تمويلها على الدولة.
إلا أنه من حيث الواقع وفي كلتا الحالتين يبقى كلا الشكلين متساوي في انتهاك حقوق أعضاءه من قبل السلطة.
المرجعية القانونية للعمل النقابي:
أولاً: النقابات في الدستور والقانون اليمني:
أقر الدستور حق كل مواطن في الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث جاء في المادة(42) منه: (لكل مواطن الحق في الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون)

كما أقر الدستور نصوص خاصة بالنقابات حيث جاء في المادة(58) منه: (للمواطنين في عموم الجمهورية بما لا يتعارض مع نصوص الدستور الحق في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنية بما يخدم أهداف الدستور- تضمن الدولة هذا الحق، كما تتخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية.

ومع أنه في البلدان النامية بشكل عام في المنطقة العربية بشكل خاص دائماً يتم استغلال عبارة “في حدود القانون” “وفقاً للقانون” التي تذكر في النصوص الدستورية استغلالاً سيئاً بسن وإصدار قوانين تفرض الكثير من القيود وتحد من حرية العمل النقابي وتخضعه لوصاية الحكومات بالرغم من عدم وجود قانون خاص بالنقابات المهنية والنوعية عدا القانون رقم(35) لسنة 2002م بشأن تنظيم النقابات العمالية الذي نص في المادة الرابعة الفقرة(3) على أن القانون لا يسري على النقابات النوعية التي تنشأ وفقاً لقوانين خاصة بها كما أصدرت قوانين أخرى تنظم مهن معينة مثل مهنة المحاماة والصحافة إلا أنه من حيث الإطار العام لا يوجد قانون خاص بالنقابات المهنية والنوعية إلا بعض القوانين الخاصة بتنظيم أعمال بعض المهن كما ذكرنا أنفاً.

وقد لوحظ ان السلطة ممثلة بوزارة الشئون الاجتماعية أصبحت ندس أنفها في كل ما يتعلق بالنقابات على الرغم أن ذلك ليس من اختصاصها فبدأ من عملية الانتخابات النقابية حيث ربطت شرعية أي نقابة بحضور ممثل الوزارة وبالتالي النقابات التي لا يحضر فيها مندوب من الوزارة تصبح هذه النقابة في نظر السلطة والحزب الحاكم نقابة غير شرعية وهذا أمر مخالف لأحكام الدستور والقانون الذي تدعى السلطة أنها ملتزمة بالعمل به كما أنه مخالف لأحكام العهود والمواثيق الدولية بشان الحق في تكوين والانضمام للنقابات التي نصت على أن شرعية النقابات ستحد من أعضاءها (الجمعية العمومية) وليس بقرار سياسي وبالتالي فإن ما تقوم به السلطة من تدخل في أعمال النقابات وفرض رقابة على أنشطتها وتفرغ هذه النقابات يتناقض كليا مع الدستور ومع ما صادقت عليه بلادنا من عهود ومواثيق دولية هي ملزمة بتطبيقها والالتزام بكل ما جاء فيها.
ثانياً: الحق في الحرية النقابية وفقاً للتشريعات الدولية:
أ- يعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أهم المواثيق الدولية الذي صادقت عليه جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والذي نص صراحة على هذا الحق بشكل عام في المادة (201) حيث جاء فيها:-
1- لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية .
2- لا يجوز إرغام احد على الانتماء إلى جمعية ما.
ب- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نص صراحة وبما لا يدع مجال للشك ومفصلاً تفصيلاً واضحاً فقد نص في المادة (8) منه على :
1- تتعهد الدول الاطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:
أ- حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الإنضمام إلى النقابة التي يختارها دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية بقصد تعزير مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها ولا يجوز اخضاع ممارسة هذا الحق لاية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي والنظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم :
ب- حق النقابات في انشاء اتحادات أو اتحادات حلافيه قومية وحق هذه الاتحادات في تكوين منظمات نقابية دولية او الانضمام اليها.
ج– حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية دونما قيود غير تلك التي ينص عليها القانون .. الخ.
د- حق الإضراب شريطة ممارسته وفقا لقوانين البلد المعني.
2) لا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة أو رجال الشرطة أو موظفي الإدارات الحكومية لقيود قانونية على ممارستهم هذه الحقوق.
3) ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة سنة 1948م بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي باتخاذ تدابير تشريعية من شأنها ، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها، أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.
ج) اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي رقم (87).
د) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية نص في المادة (22) منه على هذا الحق بقوله :
1- لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين بما في ذلك حق انشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
وبذلك يكون الدستور والعهدين من أهم المراجع القانونية الرئيسية لكفالة الحق في الحرية النقابية وحمايته من أي تدخل من شأنه فرض قيود وتطبيق على ممارسته.

كما يجب على الدولة العمل على ضمان ممارسة هذا الحق وتيسير مزاولته نظرا لما يشكله هذا الحق من ضمان لعدم تجاوز انتهاك الحقوق والحريات العامة.
والله الموفق
المحامي/ أحمد عرمان
إعادة نشر بواسطة محاماة نت