حكم تمييز (ضرب – عاهة مستديمة )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 10/ 2/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار وجاب الله محمد جاب الله
(18)
(الطعن رقم 16/ 2003 جزائي)
1 – ضرب – قصد جنائي – جريمة (أنواع من الجرائم) و(أركانها) – حكم (تسبيب غير معيب).
– القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة – مناط تحققه.
– إثبات الحكم أن الطاعن تعمد صدم المجني عليهما عن إرادة وعلم بما يترتب على فعله من إلحاق الأذى بهما – يتوافر به القصد الجنائي في جريمتي إحداث أذى أفضى إلى عاهة مستديمة والضرب.
2 – إثبات (بوجه عام) – محكمة الموضوع (سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى).
– استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى – موضوعي – ما دام سائغًا.
3 – إثبات (شهود) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – حكم (تسبيب غير معيب) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب قائم على جدل موضوعي)].

– وزن أقوال الشاهد وتقديرها – موضوعي.
– أخذ المحكمة بشهادة الشاهد – مفاده.
– تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله – لا يعيب الحكم ما دام استخلاص الإدانة منها بما لا تناقض فيه.
– تجريح أدلة الدعوى – جدل موضوعي – غير جائز أمام التمييز.
4 – دفاع [(الإخلال بحق الدفاع)، (ما لا يوفره)] – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – استئناف (تسبيب الحكم الاستئنافي).
– عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة – إيرادها ما يدل على مواجهتها عناصر الدعوى – مفاده.
5 – استئناف (تسبيب الحكم الاستئنافي) – محكمة استئنافية – حكم (تسبيب غير معيب).

– كفاية إحالة المحكمة الاستئنافية على أسباب الحكم المستأنف – متى رأت تأييده لأسبابه – علة ذلك.
1 – القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته. وكان الحكم في تصويره لواقعة الدعوى – حسبما اقتنع بها – قد أثبت في حق الطاعن أنه تعمد صدم المجني عليهما عن إرادة وعلم بما يترتب على فعله من إلحاق الأذى بهما، وهو ما يتوافر به القصد الجنائي للجريمتين اللتين دانه الحكم بهما.

2 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.

3 – وزن أقوال الشاهد وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب. وهي متى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه. وكان الحكم قد أفصح عن إطمئنانه إلى أقوال المجني عليهما واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها وأيدها تقرير الطبيب الشرعي، وكان ما أورده سائغًا في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم من أقوال المجني عليهما والشاهدين لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تؤديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
4 – إذ كانت المحكمة لا تلزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بعد أن أوردت في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.

5 – إذ كانت محكمة الاستئناف إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف لأسبابه فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، فإن ما يثيره الطاعن في خصوص ذلك يكون لا محل له.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – ……… (طاعن) – 2 – ……… في الجناية رقم 27 لسنة 2001 الشرق بأنهما في يوم 24/ 1/ 2001 بدائرة مخفر شرطة الشرق محافظة العاصمة: – 1 – ضربا وآخرين مجهولين……. عمدًا فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي كسر غير ملتئم بجسم الفقرة القطنية الرابعة وندبه التئام متسعة نتيجة ترقيع جلدي بخلفية الكتف الأيسر وما نتج عن ذلك من آلام بالظهر وقيد بسيط بحركة الطرف العلوي الأيسر نتيجة الشد الجلدي بموضع الترقيع مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 10%. 2 – ضربا وآخرين مجهولين طارق……. عمدًا فأحدثا الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وكان ذلك على نحو محسوس.

وطلبت عقابهما بالمواد (47 أولاً)، 50/ 1، 160/ 1، 162/ 1 من قانون الجزاء، وادعى المجني عليه الأول قبل المتهمين بمبلغ 5001 دينار كويتي ومحكمة الجنايات – بعد أن قصرت الاتهام على المتهم الأول – الطاعن – حكمت غيابيًا: أولاً: بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة عشر سنوات مع الشغل والنفاذ وغرامة قدرها خمسمائة دينار كويتي عن التهمة الأولى وإلزامه بأن يؤدي للمدعي المدني مبلغ 5001 دينار كويتي على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريف الدعوى المدنية وعشرة دنانير أتعاب محاماة – ثانيًا: – بمعاقبة المتهم الأول بالحبس سنتين مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثانية – ثالثًا: – ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني مصاريفها. عارض المحكوم عليه الأول – الطاعن – في هذا الحكم. فحكمت ذات المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم الغيابي المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم خمس سنوات مع الشغل والنفاذ عما أسند إليه من اتهام وتأييده فيما قضى به بالنسبة للدعوى المدنية. استأنف، ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 17/ 12/ 2002 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث أذى أفضى إلى عاهة مستديمة والضرب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع – بدرجتيها – بانتفاء القصد الجنائي لديه. وبأن الواقعة في حقيقتها إصابة خطأ وذلك لأن إصابات المجني عليهما حدثت نتيجة محاولتهما إيقاف سيارته حال فراره بها من مكان الحادث ودلل على ذلك بما ورد بأقوال المجني عليهما وشاهديهما، بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع. وقد عول الحكم في إدانته على أقوال المجني عليهما وتصويرهما للواقعة رغم تناقضها ومخالفتها للواقعة ونفيها للتهمة، وأخيرًا فقد اكتفى الحكم المطعون فيه بالإحالة إلى حكم محكمة أول درجة دون أو يورد أسبابًا خاصة تحمل قضاءه أو يرد على ما أبداه من دفاع مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه بتاريخ 24/ 1/ 2001 وأثناء قيادة المجني عليه الأول……. سيارته وبرفقته المجني عليه الثاني……. اعترضتهم سيارة بها أربعة أشخاص طلب قائدها من مرافقه التوقف فاستجابا له وحالة توقفهما ترجل الأربعة أشخاص وتعدوا عليهما بالضرب وفرقهم المارة، ثم توجها إلى أبراج الكويت والتقيا بالشاهدين الثالث والرابع لاتفاق بينهم مسبقًا – وأثناء ذلك توقفت سيارة يستقلها اثنين استفسر أحدهما منهما عما إذا كان قد تشاجرا مع آخرين بينما كان الثاني يجري مكالمة تليفونية حضر على إثرها الأربعة أشخاص الذين سبق أن اعتدوا عليهما وعاودوا الاعتداء عليهما. ثم استقل المتهم الأول – الطاعن – سيارة المتهم الثاني وقادها بسرعة وصدم بها المجني عليهما فأطرح الثاني جانبًا بينما علق الأول بالسيارة من أسفل حيث قام المتهم بسحبه لمسافة مترين محدثًا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أفضت إلى عاهة مستديمة وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة مما شهد به المجني عليه وشاهدي الإثبات ومن تقرير الطبيب الشرعي وما قرر به المتهمان بالتحقيقات. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم الضرب عامة ومنها الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة يتحقق متى ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته.

وكان الحكم في تصويره لواقعة الدعوى – حسبما اقتنع بها – قد أثبت في حق الطاعن أنه تعمد صدم المجني عليهما عن إرادة وعلم بما يترتب على فعله من إلحاق الأذى بهما، وهوما يتوافر به القصد الجنائي للجريمتين اللتين دانه الحكم بهما. واستند في قضائه إلى أسباب سائغة لها معينها الصحيح بالأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشاهد وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب. وهي متى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه.

وكان الحكم قد أفصح عن إطمئنانه إلى أقوال المجني عليهما واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها وأيدها تقرير الطبيب الشرعي، وكان ما أورده سائغًا في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم من أقوال المجني عليهما والشاهدين لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تؤديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بعد أن أوردت في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف لأسبابه فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، فإن ما يثيره الطاعن في خصوص ذلك يكون لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.