يشترط ان تكون الواقعة محل الاستجواب متعلقة بموضوع الدعوى ومنتجة في الاثبات ومن الجائز اثباتها (1). وعلى هذا نصت المادة (73 / أولاً) من قانون الاثبات (اذا رأت المحكمة ان الدعوى ليست في حاجة الى استجواب، او ان الوقائع التي يراد استجواب الخصم عنها غير منتجة او غير جائزة الاثبات رفضت طلب الاستجواب)(2).

المطلب الأول : تعلق الواقعة بموضوع الدعوى :

يراد بهذا الشرط ان تكون الواقعة المراد اثباتها ذات صلة قوية بموضوع الدعوى (3). فاذا كانت الواقعة محل الاثبات هي مصدر الحق المدعى به فان تعلقها بهذا الحق لا يكون في حاجة الى بيان، اذ لا توجد علامة اقوى من العلاقة بين الحق ومصدره (4)، اما اذا كانت الواقعة المراد استجواب الخصم عنها غير متعلقة بموضوع الدعوى، فلا يجوز اثباتها ومن ثم فلا يجوز توجيه الاستجواب بشأنها، كان تقام دعوى تخلية المأجور بسبب احداث المستأجر ضررا جسميا بالمأجور، ويطلب المدعى عليه (المستأجر) من المحكمة استجواب خصمه المؤجر (المدعي) بقصد اثبات ان الاضرار المدعى بها كانت موجودة في المأجور عند تسلمه له وانها لم تحدث بسبب خطأ منه في استعمال المأجور على خلاف المعتاد، فالاستجواب يتعلق بموضوع الدعوى، اما اذا اراد المدعى عليه (المستأجر) استجواب خصمه (المؤجر) لغرض اثبات كونه يدفع بدل الايجار بصورة منتظمة ومستمرة ولم يتأخر قط عن ادعاء اي قسط منه، فطلب الاستجواب هذا يرفض لعدم تعلقه بموضوع الدعوى المعروضة امام القضاء، وان تقدير تعلق الاستجواب بموضوع الدعوى او عدم تعلقه يخضع لتقدير محكمة الموضوع (5).

المطلب الثاني : الواقعة منتجة في الاثبات :

يشترط ان تكون الواقعة منتجة في الاثبات، اي يساعد اثباتها على الفصل في الدعوى (6). فلا يجوز لشخص ان يثبت وفاء بدين عن طريق اقرار صادر من الوكيل غير المخول بالإقرار، لان هذا الاقرار لا يقيد الموكل (الدائن) ومن ثم فلا يكون منتجاً في الاثبات (7). وكون الواقعة منتجة في الاثبات يقتضي حتما ان تكون متعلقة بموضوع الدعوى، ذلك انه من غير المتصور ان تكون الواقعة منتجة في الدعوى دون ان تكون متعلقة بها، ولكن العكس غير صحيح، فقد تكون الواقعة متعلقة بالدعوى ولكنها غير منتجة في الاثبات (8). فاذا طالب شخص بملكية عقار بالتقادم الطويل، وطلب اثبات حيازته لهذا العقار عشر سنوات، فلا يمكن اجابة في هذه الحالة، لان الواقعة المراد اثباتها رغم تعلقها بموضوع الدعوى الا انها غير منتجة في الاثبات، ذلك ان مدة الحيازة تقل عن المدة القانونية لكسب ملكية العقار بالتقادم (9). ويفهم من نص المادة (73 / أولاً) من قانون الاثبات، ان الواقعة المراد استجواب الخصم عنها اذا كانت غير منتجة، فان المحكمة ترفض طلب الاستجواب.

المطلب الثالث : الواقعة جائزة الاثبات :

يشترط ان تكون الواقعة محل الاستجواب جائزة الاثبات قانونا، اي لا يوجد مانع قانوني من اثباتها، وهذا المنع يعود لا سباب تتعلق بالنظام العام والآداب او قد يرجع لاعتبارات الصياغة القانونية. ومن الأمثلة على المنع المتعلق بالنظام العام والآداب، عدم جواز اثبات ولد الزنا نسبه من أبيه، وذلك باثبات المعاشرة غير الشرعية بين الابوين مدة الحمل، لأن هذه الواقعة تمنع الشريعة الاسلامية اثباتها، ولا يصح لشخص بأن يثبت حقه في دين ويطالب به عن طريق اثبات ان هذا الدين نشأ من القمار، ومن يدعي انه اشترى مخدرات ويطلب تسليمها إليه، فلا يقبل منه اثبات عقد شراء هذه المخدرات، ولا يجوز للدائن ان يدعي الربا الفاحش ويطلب اثباته (10). أما اذا كان المراد اثباته هو عدم مشروعية الواقعة، فيجوز قبول الاثبات بشأنها توصلا الى ابطال كل اثر قانوني لها، لان هذا هو الذي يتفق مع النظام العام والآداب، لذلك للمدين ان يثبت الربا الفاحش توصلا لالغاء الزيادة (11). وتتحقق اعتبارات الصياغة القانونية التي لا تجيز اثباته الواقعة في الحالات الآتية :

1-اذا كان الاستجواب يستهدف اثبات خلاف ما تم اتباعه عن طريق اليمين الحاسمة سواء كان ذلك في حالة الحلف او النكول عنها صراحة او ضمنا، فلا يجوز الاستجواب في هذه الحالة، لان اليمين الحاسمة تحسم النزاع بين الخصمين ولا يجوز اللجوء الى الاستجواب بعد ذلك لنفي الوقائع موضوع اليمين الحاسمة.

2-اذا كان الغرض من الاستجواب نقض امر من الأمور التي أثبتها الموظف العام في سند رسمي باعتبار أنه رآها أو سمعها او باشرها بنفسه، فهذه الأمور لا يجوز اثبات عكسها الا عن طريق التزوير، فقد نصت المادة (22 / أولاً) من قانون الاثبات على ان (السندات الرسمية حجة على الناس بما دون فيها من امور قام بها موظف عام او شخص مكلف بخدمة عامة في حدود اختصاصه او وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا) مع الاشارة الى ان الادعاء بالتزوير يرد على السندات الرسمية والعادية (م 34).

3-اذا كان الغرض من الاستجواب نفي ما تضمنه حكم جاز قوة الشيء المحكوم فيه، فهذا الحكم لا يجوز نقضه بأي دليل من أدلة الاثبات، فقد نصت المادة 106 من قانون الاثبات على انه لا يجوز قبول دليل ينقض حجية الأحكام الباتة.

4-اذا كان الاستجواب يستهدف اثبات عقد يشترط القانون استيفاء شكلية معينة كعقد الرهن التأميني للعقار. فهذا العقد يتطلب القانون تسجيله في دائرة التسجيل العقاري كركن من أركان انعقاده (12).

وان موضوع كون الواقعة جائزة الاثبات قانونا او لا، يعد من المسائل القانونية التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة التمييز، لان مسألة جواز او عدم جواز اثبات الواقعة يرجع الى القانون (13). مع ملاحظة ان الخطأ في فهم الوقائع يخضع لرقابة محكمة التمييز في القانون العراقي (م 203 / 5 مرافعات مدنية).

المطلب الرابع : الواقعة الشخصية :

يشترط ان تكون الواقعة محل الاستجواب شخصية بالنسبة للخصم المستجوب، اي متعلقة بشخصه (14). فاذا كانت الواقعة غير شخصية فلا يجوز استجواب الخصم بشأنها، فاذا حرر عقد بين شخصين من غير الخصوم، فلا يجوز استجواب الخصم بشأن هذا العقد، لان اقراره لا يقيده ولا يؤثر في حقوقه، وإنما يطلب على انه شاهد مع مراعاة قواعد الاثبات بالشهادة، وبالنسبة للشخص المعنوي، يقصد بالوقائع الشخصية، تلك الوقائع المتعلقة بالشخص المعنوي (شركة، هيئة مثلا) وليس بشخص ممثله القانوني، ونصت المادة (75/ ثانياً) من قانون الاثبات على ان (تستجوب المحكمة الاشخاص المعنوية عن طريق من يمثلها قانونا).

_______________________

1-الاستاذ ضياء شيت خطاب. بحوث ودراسات، ص218. مرقس. من طرق الاثبات ج2 فقرة 203 ص100.

2-انظر (3) بينات سوري و م(4) بينات اردني وم(2) اثبات مصري.

3-مرقس. من طرق الاثبات ج2 فقرة 20 ص53.

4-تناغو. نظرية الالتزام. فقرة 461 ص636.

5-قيس. الاقرار ص 469 – 470. محمد وعبد الوهاب العشماويان ج2 فقرة 1017 ص616.

6-العامري ص21. مرقس. من طرق الاثبات ج2 فقرة 21 ص54 – 55.

7-عبد الودود يحيى ص15. قيس، الاقرار ص470.

8-السنهوري، فقرة 43 ص63. توفيق حسن فرج ص48.

9-السنهوري، فقرة 43 ص63. عبد الودود يحيى ص15.

10-السنهوري، فقرة 44 ص64. الشرقاوي ص20. توفيق حسن فرج ص49 – 50.

11-السنهوري ص64 هامش رقم (3). خليل جريج ج3 ص13.

12-انظر المادة (1286) من القانون المدني العراقي والمادة (305 / 2) من قانون التسجيل العقاري.

13-السنهوري فقرة 44 ص64. توفيق حسن فرج ص51.

14-العلام، شرح ج2 ص507.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .