بين المشرع الضريبـي العراقي موقفه من تنـزيل الخسائر التي يتعرض لها المكلف في أحد مصادر الدخل العائدة له مع تحقيق أرباح في المصادر الأخرى العائدة لنفس المكلف، وهذا في حالة لو كان المكلف يملك عدة مصادر للدخل، فسمح المشرع للمكلف بالمطالبة بتنـزيل خسارته وبشروط معينة لا بد من توافرها لجواز هذا التنـزيل وهي: –

أولاً: أن تكون الخسارة التي لحقت بالمكلف خسارة حقيقية أي خسارة متحققة فعلاً:

فالخسارة التي تعتبر تكليفاً على الأرباح وواجبة الخصم هي الخسارة التي تكون ناتجة عن نفقة فعلية ومتحققة وهذا ما يمكن التأكد من حصوله من خلال النقص الذي يصيب الأصول العائدة للمنشأة أو المشروع وكل ما يتعلق بحقوق المنشأة أو المشروع وما عليها من التزامات، ويخرج من نطاق ذلك الاستهلاكات المتعلقة بالمكلف شخصياً وما هو محتمل الحدوث(1).

ثانياً: أن تكون الخسارة ثابتة بوثائق ومستندات رسمية مقبولة من الناحية القانونية وتقتنع بها السلطة المالية(2):

فلكي يسمح للمكلف بتنـزيل الخسارة التي تعرض لها، يجب على المكلف إثبات هذه الخسارة وذلك من خلال إبراز المكلف لوثائق وحسابات منتظمة قانوناً وتقتنع بها السلطة المالية وبما يؤيد ويؤكد تعرض المكلف للخسارة، كالدفاتر التجارية. وتجدر الملاحظة إلى أن هناك رأياً يتجه إلى أن (الأحكام القضائية الصادرة بالحجز وإشهار الإفلاس لتقوى على أن تكون حججاً يستند إليها في عدم إخضاع المكلف للضريبة على الأقل إن لم يكن بالإمكان تحديد مقدار الخسارة وتدويرها)(3). ويرد على هذا الشرط أمران هما(4):

– الأمر الأول: إن هذا الشرط يستفيد منه الأشخاص الملزمون بمسك الدفاتر التجارية المنتظمة قانوناً والتي من خلالها يستطيعون إثبات الخسارة التي يتعرضون لها، أما الأشخاص الذين لا يملكون مثل هذه الدفاتر فإن التقدير الخاص بدخولهم يكون تخميناً من قبل السلطة المالية استناداً للإقرارات (5). التي يقدمها ويدلي بها المكلفون أمام السلطات المالية عند تقدير دخولهم وفرض الضريبة عليها، وهؤلاء الأشخاص عادة هم الأشخاص غير الملزمين بمسك الدفاتر التجارية وما يتطلبه القانون من حسابات أصولية(6)

– الأمر الثاني: إن الخسارة التي يتعرض لها المكلف لا يمكن إثباتها إلا إذا كانت موثقة ويمكن التأكد من صحتها ومدعمة بمستندات غير قابلة للطعن، كما هو الحال في أحكام المحاكم وتصريحات الكمارك. وفي هذا المجال يثور التساؤل التالي:

ما الحكم لو كانت هناك حسابات ودفاتر تجارية خاصة بالمكلفين، إلا أن هذه الدفاتر التجارية والحسابات قد تم تنظيمها بشكل مخالف لأحكام القانون؟. الجواب على ذلك هو إن السلطة المالية تقوم بتقدير دخول هؤلاء المكلفين، فالسلطة المالية يتعذر عليها قبول إدعاء المكلف بوجود خسارة مع تعذر تحديد مقدار الخسارة التي لحقت المكلف(7). ويشير الباحث في هذا الصدد إلى أن المشرع الضريبـي العراقي لم يبين الحكم في حالة ضياع أو تلف هذه الوثائق لسبب خارج عن إرادة المكلف (كالسرقة أو الحريق) ، فهل يكون للمكلف الحق بخصم خسارته استناداً لقواعد العدالة واقتناع السلطة المالية بسبب ضياع أو تلف هذه الوثائق، أم لا يسمح للمكلف بذلك على أساس إن المشرع الضريبـي العراقي قد قيد إثبات الخسائر بإبراز المكلف لوثائق وحسابات أصولية بما يؤيد تعرضه إلى خسارة. ونعتقد إن حالة ضياع أو تلف الوثائق التي تثبت تعرض المكلف إلى خسارة تمنع من خصم هذه الخسارة من جانب السلطة المالية، السبب في ذلك هو إن السلطة المالية مقيدة عادةً بنص خاص يحكم الخسائر، وهذا النص قد عبر فيه المشرع عن إرادته لإثبات الخسائر لتكون عندها واجبة الخصم من قبل السلطة المالية، فشرط إثبات الخسائر بوثائق ومستندات هو الأساس الذي يمكن من خلاله إثبات خسارة المكلف. وإن عدم توافره يمنع من خصمها فلا ينظر إلى ضياع هذه المستندات لسبب خارج عن إرادة المكلف. وحقيقة القول إن تطبيقات الهيئة العامة للضرائب تتجه إلى خصم الخسائر إذا ما ثبت لها وجود مثل هذه الخسائر فعلاً أي أن المسألة متروكة في هذه الحالة لقناعة السلطة المالية وعلى المكلف إثبات هذه الخسارة، كما هو الحال في قيام السلطة المالية بإجراء الكشف على الموقع أو المكان الذي احترقت فيه البضاعة مما سبب ضرر وخسارة للمكلف. إضافة إلى ذلك إن اشتراط المشرع إبراز المكلف وتقديمه لوثائق قانونية لإثبات خسارته يمكن أن تكون هذه الوثائق (دفاتر تجارية ، تصريحات كمركية، قوائم حسابية، أحكام المحاكم …).

ثالثاً: أن تكون مصادر الدخل العائدة للمكلف والتي يتولد عنها الدخل خاضعة للضريبة وفقاً لأحكام القانون(8).

إن مصادر الدخل منها ما هو خاضع للضريبة بحيث يتكون منها وعاء الضريبة ومنها ما هو غير خاضع للضريبة أو معفي منها، ولكي يتم تنـزيل الخسارة التي تعرض لها المكلف لا بد أن تكون المصادر المتولد عنها دخل المكلف خاضعة للضريبة. حدد المشرع الضريبـي العراقي المصادر التي تكون خاضعة بطبيعتها للضريبة والتي يتكون منها وعاء الضريبة وذلك في المادة الثانية من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل(9). فكل مكلف يتعرض إلى خسارة في مصدر غير خاضع للضريبة مع تحقيقه لأرباح في مصادر أخرى خاضعة للضريبة قانوناً لا يجوز له تنـزيل خسارته، وكذلك الحال فيما لو تحققت للمكلف خسارة في مصادر خاضعة للضريبة مع تحقيق أرباح في مصدر معفي من الضريبة. وبعبارة ثانية ، لكي يتم تنـزيل خسارة المكلف لا بد أن تكون الأرباح والخسائر قد تحققت في مصادر تكون جميعها خاضعة للضريبة. ولتوضيح ذلك نعرض الأمثلة التالية:

لو كانت هناك جمعية تملك مطعماً تحققت فيه خسارة وكانت هذه الجمعية تقوم بفعاليات ثقافية وعلمية وقد حصلت من ورائها على أرباح ، ولما كانت الفعاليات الثقافية والعلمية وما يتولد عن هذا النشاط معفي من الضرائب، فلا يجوز للجمعية المطالبة بتنـزيل خسارتها في المطعم من الأرباح المتحققة من الفعاليات الثقافية والعلمية. إلا إنه يجوز للجمعية المطالبة بنقل تغطية هذه الخسائر من الأرباح التي تتحقق من المطعم العائد لها والتي تتحقق في سنوات لاحقة لسنة الخسارة، وعلى العكس من ذلك فإذا تولدت للجمعية أرباحاً من المطعم العائد لها وتعرضت إلى خسارة في فعالياتها الثقافية والعلمية، فلا يجوز للجمعية أيضاً المطالبة بتنـزيل خسارتها في الفعاليات الثقافية والعلمية باعتبار إنها معفية من الضرائب(10). وكذلك فيما لو تعرض المكلف لخسارة في تجارة الأراضي والعقارات وهو مصدر تخضع أرباحه للضريبة، وحقق ذات المكلف أرباحاً في مصدر معفي من الضريبة كالأرباح المتولدة من الاستغلال الزراعي، فلا يجوز في هذه الحالة أيضاً خصم خسارة المكلف الناجمة من تجارة الأراضي والعقارات من الأرباح المتولدة عن الاستغلال الزراعي والعكس صحيح. ونرى في هذا المجال ضرورة شمول التشريع الضريبـي للأرباح المتولدة عن الاستغلال الزراعي واعتبارها مصدراً من مصادر الدخل الخاضعة للضريبة نظراً لأهميتها في توفير موارد يمكن الاستفادة منها في مجال الإنفاق العام بشكل عام وفي خصم الخسائر بشكل خاص. هذا وقد صدر قرار عن لجنة الاستئناف والذي يؤكد عدم جواز خصم وتنـزيل الخسائر التي يتعرض لها المكلف في مصدر دخل معفي من الضريبة من الأرباح المتحققة في المصادر الأخرى، فقد جاء في نص القرار ما يلي(11): (… وتجد اللجنة إن المكلف قد تمسك بالمادة 11 من ق. ض. د. رقم 95 لسنة 1959 المعدل وعند رجوع اللجنة إلى نص هذه المادة وجدت إنها قد أشارت إلى تنـزيل خسائر المكلف في بعض مصادر الدخل الناجم في العراق والثابت حسابها بوثائق مقبولة قانوناً من الأرباح الناجمة من المصادر الأخرى الخاضعة للضريبة وإن نفس القانون قد عرف بالفقرة 2 من المادة 11 الدخل بأنه إيراد المكلف الصافي الذي حصل عليه من المصادر المبينة في المادة 2 من نفس القانون وقد عددت المادة 12 المعطوف عليها تلك المصادر كما أشارت المادة 7 إلى الدخول المعفاة من الضرائب وتجد اللجنة إن تلك النصوص يقتضي الأخذ بها والتي استند إليها المستأنف ذاته من فحوى المادة 11 تبين للجنة إن في حالة إعفاء خسائر المكلف التي ترتبت على أحد مصادر دخله من أرباحه التي تحققت في مصادر دخله الأخرى أن يكون مصدر الدخل أو مصادر الدخل خاضعة للضريبة فإن كان أحد المصادر قد أعفي فإنه لا يجوز للمكلف أن يتمسك بإعفاء خسائره وتنـزيلها من أرباح هذه المصادر الأخرى، وإن المكلف لو حقق ربحاً من المشروع الذي تحققت خسارته فإن السلطة المالية ليس لها أن تحاسبه على أرباحه التي تحققت من هذا المصدر بشكل تصاعدي من المصادر الأخرى الخاضعة للضريبة، عليه ولما كانت ليس للسلطة المالية أن تحاسبه عن أرباحه عن مصدر الدخل المعفي من باب أول ليس للمكلف أن يتمسك بطلب تنـزيل خسائره من المشروع المعفي وهو الخط الاستراتيجي بين الرميلة وحديثة من مصدر دخله الآخر الذي نجمت له من حفر آبار نفط الرميلة، وعليه قرر رد الاستئناف وتأييد قرار السلطة المالية بعدم احتساب الخسائر للمستأنف في المشروع المنوه له للسنوات من 1975 لغاية 1979 وصدر القرار بالاتفاق…).

رابعاً: أن يكون المكلف شخصاً واحداً وممارساً لأكثر من نشاط(12).

لكي يتم تنـزيل خسارة المكلف لا بد أن يكون هذا المكلف ممارساً لأكثر من نشاط واحد أو أكثر من حرفة واحدة، أي أن يكون للمكلف أكثر من مصدر دخل واحد، وأن يتحقق في أحد هذه المصادر خسارة وفي المصادر الأخرى أرباح. وبعبارة ثانية ، أن يكون هناك نشاطان يمارسان من قبل شخص واحد ويتحقق في أحد هذين النشاطين خسارة وفي الآخر أرباح وسواء كان هذا المكلف شخص طبيعي أو معنوي. ويلاحظ إن الشركة بفروعها المتعددة تعتبر شخصاً معنوياً واحداً، فإذا تعرض أحد فروع الشركة إلى خسارة وتحققت في الفروع الأخرى أرباح كان للشركة (المكلف) الحق بالمطالبة بتنـزيل هذه الخسارة التي تعرض لها أحد فروع هذه الشركة من الأرباح المتحققة في الفروع الأخرى والتي تمارس أوجه نشاط متباينة . وأخيراً وليس آخراً نشير إلى أن شرط ممارسة المكلف لأكثر من مهنة أو حرفة لتغطية الخسارة التي تعرض لها المكلف، يستوي في ذلك كافة أوجه النشاط سواءً أكانت اقتصادية أو تجارية أو صناعية أو مهن غير تجارية(13).

خامساً: أن تكون الخسارة قد أثقلت كاهل المكلف بدفع الضريبة(14).

ويعني ذلك بأن لا يكون المكلف قد حصل على تعويض مقابل الخسارة التي تعرض لهان فمثلاً لو كانت البضاعة العائدة للمكلف قد تعرضت للغرق مما سبب خسارة للمكلف وكانت هذه البضاعة مؤمناً عليها لدى شركة التأمين، وقد حصل المكلف على مبلغ التأمين أو التعويض عن غرق البضاعة، فإن وعاء الضريبة لا يتأثر بالخسائر التي أصابت المكلف بالنسبة لغرق البضاعة، أي لا تخصم خسارة المكلف في هذه الحالة. إضافة إلى ذلك يجب أن يكون التعويض مساوياً ومعادلاً للخسارة التي تعرض لها المكلف، وبعبارة ثانية أن يكون مبلغ التعويض مساوياً للنقص الذي أصاب أموال المكلف أي الأصول المادية والمعنوية المخصصة لإنتاج دخله.

وثمة سؤال يرد في هذا الصدد هو :ما الحكم لو كان مبلغ التعويض الذي حصل عليه المكلف مقابل الخسارة التي تعرض لها أقل من هذه الخسارة؟.

الجواب على ذلك هو إن الفرق بين مقدار الخسارة التي تعرض لها المكلف والثابت حسابها بوثائق رسمية ومبلغ التعويض الذي دفع فعلاً للمكلف يكون بمثابة خسارة لحقت بالمكلف، ويكون هذا الفرق واجب الخصم، أي يأخذ هذا الفرق حكم الخسائر التي يتعرض لها المكلف من حيث الخصم من وعاء الضريبة(15). فلو تعرض أحد المكلفين إلى خسارة نتيجة السرقة مثلاً مقدارها (1000000) دينار، وقد أقام المكلف الدعوى على السارق وحصل على تعويض مقداره (900000) دينار، فالفرق بين مقدار الخسارة ومقدار التعويض الذي حصل عليه المكلف هو بمقدار (100000) دينار ، يعتبر خسارة ويكون واجب الخصم من وعاء الضريبة. وقد صدر قرار من هيئة التمييز والذي يؤيد خضوع التعويض الذي يحصل عليه المكلف مقابل الخسارة التي تعرض لها للضريبة، فقد جاء في قرارها ما يلي(16): (لدى التدقيق والمداولة وجد إن القرار المميز غير صحيح ومخالف للقانون وذلك لأن قرارها بتخفيض مبلغ الضريبة بنسبة (30)% لا سند له من القانون وإن فرض الضريبة من قبل السلطة المالية على المبلغ المقبوض من قبل المشتري عما لحق به من خسارة بسبب النكول صحيح وموافق للقانون فقرر إلغاء القرار الاستئنافي وإعادة الأوراق إلى اللجنة للسير فيها وفق ما ذكر أعلاه …). كذلك صدر قرار من الهيئة التمييزية والذي يذهب بنفس الاتجاه وذلك بإخضاع التعويض الذي حصل عليه المكلف نتيجة الخسارة التي تعرض لها إلى الضريبة، إذ جاء في نص القرار(17): (قدرت المميز عليها بربح قدره (4000000) دينار، عن فسخ عقد بيع العقار المرقم 29/50م22 راغبة خاتون بموجب قرار محكمة بداءة الأعظمية المرقم 910 /ب/1996 في 7/11/1996 وبلغت الضريبة (1868750) مليون دينار، استأنفت المميز عليها تقدير المميزة لدى اللجنة الاستئنافية الأولى التي أصدرت قرارها المؤرخ في 20/5/1998 والذي تضمن إلغاء التقدير المشار إليه أعلاه مستندة إن التعويض الذي حكم به للمستأنف هو الفرق بين البدلين بمقتضى أحكام قرار مجلس قيادة الثورة رقم 1198 لسنة 1977 والذي يمثل الفرق بين البدلين هي الخسارة التي تعرض لها نتيجة نكول البائع وعوض عن هذه الخسارة بتعويضه الفرق بين قيمة العقار بموجب عقد البيع وقيمته وقت النكول، وهذا التعويض لا يعتبر ربحاً للمتضرر وإنما يعتبر تعويضاً لها لما أصابها من ضرر وخسارة نتيجة النكول. طعنت المميزة بالقرار تمييزاً طالبة نقضه وتأييد إجراءاتها … القرار : لدى التدقيق والمداولة وجد إن الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ولدى إمعان النظر في القرار المميز وجد إنه غير صحيح ومخالف للقانون فقرر إلغاؤه وإخضاع البدل المقبوض عن النكول إلى ضريبة الدخل وفق الضوابط المعمول بها وإشعار الهيئة العامة للضرائب بذلك وصدر القرار بالاتفاق في 17/جمادي الأولى/1419هـ الموافق 8/9/1998 ).

سادساً: أن يكون المكلف قد تعرض إلى خسارة في أحد مصادر دخله الخاضعة للضريبة داخل القطر (العراق)(18).

فالخسارة التي يتعرض لها المكلف في أحد مصادره المخصصة لإنتاج الدخل خارج العراق لا يسمح له المطالبة بتنـزيلها من الأرباح المتحققة للمكلف من مصادر دخله الموجودة داخل العراق. ونرى عدم وجود ضرورة لهذا الشرط، فإذا كان للدولة الحق بفرض الضريبة على الأرباح المتحققة للمكلف من مصادر دخله الموجودة خارج العراق فإن العدالة تقتضي أيضاً السماح للمكلف بالمطالبة بخصم وتنـزيل خسارته التي تعرض لها خارج العراق أيضاً من الأرباح التي يحققها المكلف من مصادر دخله والموجودة داخل القطر، وذلك استناداً لنص المادة الخامسة من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ حالياً(19). إضافة إلى ذلك طالما كان القانون يسمح بخصم خسارة المكلف بشكل مطلق استناداً لنص المادة الحادية عشرة من التشريع الضريبـي العراقي والتي تناولت معاملة الخسائر الضريبية، فإن العدالة تقتضي خصم الخسارة التي تعرض لها المكلف خارج القطر، فالمشرع الضريبـي العراقي لم يحدد مكان الخسارة واجبة الخصم سواء أكانت داخل العراق أو خارجه.

سابعاً: أن تكون الخسارة متعلقة ومتصلة بنشاط المكلف.

ويعني ذلك إن الخسارة التي يتعرض لها المكلف يجب أن تكون قد حصلت عند قيام المكلف بممارسة نشاطه الاقتصادي وتنصب على الأصول والأموال العائدة للمكلف والتي تخصص عادة لإنتاج الدخل(20). فإذا تعرضت إحدى الشركات إلى خسارة فلا بد من أن تكون هذه الخسارة قد وقعت أثناء قيام هذه الشركة بممارسة نشاطها وعدم الاعتداد بالخسائر المتعلقة بأحد الأشخاص أو الأفراد الذين يساهمون في تكوين هذه الشركة، أي أن هنالك فرقاً بين الأموال العائدة للشركة وبين الأموال الخاصة بالأفراد المؤسسين لها، فإذا كانت الخسارة قد أصابت أموال المؤسسين للشركة فلا تخصم هذه الخسارة من وعاء الضريبة، وهذا ما يتعلق بالشركة ذاتها ومحاسبتها ضريبياً ، أما إذا كانت الخسارة قد أصابت أموال الشركة عند ممارستها لنشاطها الاقتصادي فتكون هذه الخسارة واجبة الخصم والتنـزيل(21). فمثلاً لو تعرض أحد المؤسسين للشركة إلى خسارة بسبب احتراق الأثاث المنـزلية العائدة له فلا تنـزل من وعاء الضريبة عند محاسبة الشركة ضريبياً، ذلك لأن الخسارة متعلقة بنشاط غير خاضع للضريبة ولا علاقة له بنشاط الشركة.

ثامناً : أن يكون خصم الخسائر والمطالبة بتنـزيلها من مصادر الدخل الأخرى في نفس السنة التي تفرض فيها الضريبة(22).

فإذا كان المكلف يملك عدة مصادر للدخل وتعرض في أحد هذه المصادر إلى خسارة مع تحقيق أرباح في المصادر الأخرى العائدة له أيضاً فإن المطالبة بتنـزيل الخسارة من هذه الأخيرة إضافة إلى توافر الشروط الأخرى السالفة الذكر لا بد أن يكون ذلك في نفس السنة التي يتم فيها تقدير دخل المكلف وفرض الضريبة عليه، أي لا بد أن تكون هذه الخسارة قد حصلت في نفس السنة التي تحققت فيها الأرباح من مصادر الدخل الأخرى العائدة للمكلف والتي تخصم منها الخسارة بالتنـزيل.

__________________________

1- مدحت عباس امين، نظرية التكاليف…، مصدر سابق، ص547-548.

_كذلك أنظر بنفس المعنى د. محمود رياض عطية ، الوسيط في تشريع الضرائب، مطبعة الشاعر، 1965، مصر، ص 728 .

وللاستدلال على ذلك فقد صدر قرار لمحكمة الاسكندرية الابتدائية في هذا الصدد، وقد جاء في القرار: (من المقرر إن جميع التكاليف الجائزة الخصم من جميع المصروفات التي تنفقها المنشأة في سبيل تسيير أعمالها وإدارة المشروع أو المحافظة على قوته الإنتاجية، فيجب والحالة هذه أن يتوافر في كل مصروف وجه للصرف ويتحقق بصفة فعلية فلا يجوز خصم التكاليف أو الخسائر المحتملة الحدوث ما دامت لم تحقق بالفعل). مشار إلى ذلك لدى د. السيد عبد المولي، التشريع الضريبـي المصري، الضرائب على الدخل والثروة، دار الفكر العربي، 1976، ص126.

2- هشام العمري، اتجاهات المشرع العراقي في قانون ضريبة الدخل، مصدر سابق، ص241.

– صادق الحسني، ضريبة الدخل ، الطبعة الثانية، مصدر سابق، ص257.

3- هشام العمري، نفس المصدر السابق، ص242.

4- د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، مصدر سابق، ص69.

5- هشام العمري، نفس المصدر السابق، ص241.

6- تجدر الملاحظة إلى إن هناك اتجاهاً يرى إن عدم وجود دفاتر تجارية لدى المكلف لا يمنع من خصم الخسائر طالما كان بإمكان المكلف إثبات خسارته بأي وسيلة من وسائل الإثبات، مشار إلى ذلك لدى : نوح محمد عبد الرحيم، المحاسب الضريبـي ، مصدر سابق، ص183، عبد الحميد الرفاعي، الضرائب المباشرة – دراسة مقارنة، مكتبة عبد الله وهبة، جامعة فؤاد الأول، عابدين، 1942، ص347، زكريا محمد بيومي، قانون الضرائب على الدخل رقم (157) لسنة 1981 وتعديلاته حتى آخر سنة ، 1987، مطبعة جامعة القاهرة، والكتاب الجامعي، 1987، ص275-276، أحمد ثابت عويضة ، ضريبة الأرباح التجارية والصناعية في القانون المصري – دراسة مقارنة، الطبعة الثانية ، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1967، ص320-321.

7- صدرت العديد من القرارات عن لجان الاستئناف ومحكمة التمييز بما يؤيد قيام السلطة المالية بتقدير دخل المكلف الذي يمسك حسابات ودفاتر منظمة بشكل يخالف القانون ومنها القرار الاستئنافي رقم (187) الصادر بتاريخ 11/6/1977 ، والقرار التمييزي رقم (27) الصادر بتاريخ 2/4/1969، مشار إلى ذلك لدى: د.عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، مصدر سابق، ص69. د. هشام العمري، اتجاهات المشرع العراقي … ، مصدر سابق، ص87.

8- د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسائر الضريبية، مصدر سابق، ص68.

9- لمزيد من التفاصيل راجع نص المادة المشار إليها من نفس القانون.

0[1]- د. صالح يوسف عجينة ، مصدر سابق، ص384.

1[1]- القرار الاستئنافي رقم (31) الصادر بتاريخ 12/2/1983، المنشور في الكتاب السنوي لسنة 1985 ، مصدر سابق، ص49.

2[1]- د. صالح يوسف عجينة، مصدر سابق، ص386.

3[1] -محمد طه بدوي، محمد حمدي النشار، أصول التشريع الضريبـي المصري، الطبعة الأولى، دار المعارف بمصر، 1959، ص1037.

4[1]- صادق الحسني، ضريبة الدخل، الطبعة الثانية، مصدر سابق، ص257-258.

5[1]- حسن عداي الدجيلي، مصدر سابق، ص167.

6[1]- القرار التمييزي بالعدد 24/ الهيئة التمييزية/ 1996 الصادر بتاريخ 20/5/1997 ، (غير منشور).

7[1]- القرار التمييزي بالعدد 36 / الهيئة التمييزية/ 1998، الصادر بتاريخ 8/9/1998 ، (غير منشور).

8[1]- عبد الرسول شاكر الخفاجي، نظرية الدخل في التشريع الضريبـي العراقي، رسالة ماجستير ، كلية الإدارة والاقتصاد، الجامعة المستنصرية، 1988، ص134.

9[1]- نصت الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل على ما يلي : (تفرض الضريبة على دخل الشخص المقيم العراقي الذي يحصل عليه في العراق أو خارجه بصرف النظر عن محل تسلمه).

20- صادق الحسني، ضريبة الدخل، الطبعة الثانية، مصدر سابق، ص257-258.

– زكريا محمد بيومي، قانون الضرائب على الدخل، مصدر سابق، ص275.

[1]2- د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي …، مصدر سابق، ص69-70.

– د. مدحت عباس أمين، نظرية التكاليف ، مصدر سابق، ص353.

– حيدر راضي محسن، مصدر سابق، ص38.

– صادق الحسني، نفس المصدر السابق.

22-هشام العمري، الضرائب على الدخل، مصدر سابق، ص88.

_د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، مصدر سابق، ص71-72.

المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص65-74

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .