حددت المادة 26 من الدستور المؤقت شروط انتخاب رئيس الجمهورية، بأن يكون مصريا من أبوين مصريين وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخري، وألا يكون متزوجا غير مصري، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية كاملة.. الخ، وألا يقل سنه عن أربعين سنة ميلادية، ويشوب هذه الشروط الغموض والنقص، فشرط الجنسية المصرية، قد اقتصر علي المرشح وأبويه فقط، وقد كان الأصلح بالنسبة لهذا الشرط أن يكون من أبوين وجدين مصريين وقد كان هذا الشرط مقررا في دستور سنة 1964

وحذف من دستور سنة 1971 اشتراط مصرية الجدين بسبب أن جدة السادات لم تكن مصرية، وحظر النص حمل المرشح وأبويه جنسية أخري، يشوبه الغموض فهل المقصود بذلك المرحلة الآنية وأية مرحلة سابقة!! فهل المقصود توفر الشرط فقط وقت الترشيح، والصحيح أنه لم تكن ثمة حاجة للنص علي حظر حمل جنسية أخري، لأن اشتراط الجنسية المصرية يعني وفقا لقضاء مجلس الدولة عدم حمل أي جنسية أخري وقت الترشيح للرئاسة، كذلك فإنه ليس مفهوما السبب في اشتراط الجنسية المصرية في الزوجة، وحدها دون أبويها، وقد كان أحد أبوي زوجة كل من الرئيس المخلوع وكذلك الرئيس ناصر والسادات غير مصري الجنسية وقد يؤكد التاريخ أن ذلك ليس مصادفة!! الخ، وعلي كل حال فإن شرط «المصرية» والوطنية في رئيس مصر، يتحتم أن يكون متوفرا في زوجته أو في زوج المرشحة للرئاسة!!!

أما شرط أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية فإنه يقتضي ألا يكون قد تحقق في المرشح مانع دستوري أو قانوني يحرمه من كل أو بعض هذه الحقوق طبقا لأحكام القانون الخاص بمباشرة الحقوق السياسية والقانون المدني مثل «المرض العقلي» أو إسقاط عضويته البرلمانية طبقا لقانوني مجلسي الشعب والشوري أو يصدر حكم في جناية أو في جريمة انتخابية أو في جريمة مخلة بالشرف قبل رد اعتباره قضائيا أو يصدر قانون بالعفو الشامل عن العقوبة وآثارها، وكان قد تم العفو منذ أيام عن كل من المهندس الشاطر والدكتور نور!! وليس يكفي ذلك الشرط بالنسبة لصلاحية المرشح الصحية بدنيا وعقليا ونفسيا!! حيث يجب أن يكون المرشح خاليا من الأمراض الخطيرة التي تجعله عاجزا أو غير قادر علي أداء مسئولية الرئاسة وواجباتها بكفاءة!! ومن الغريب أن يشترط ذلك بالنسبة لأي موظف صغير في الدولة ولا يشترط توفر الصحة والصلاحية والسلامة العقلية والنفسية في المرشح للوظيفة السياسية الأولي في الدولة!!، وجدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي ميتران استمر يخفي مرضه بالسرطان حتي انتهاء مدة ولايته!! ويشترط قانون مباشرة الحقوق السياسية في الناخب والمرشح أن يكون حسن السمعة وهذا الشرط معياره أن يكون معروفا· عنه الكفاءة والنزاهة وحسن الخلق… الخ!

ولم يتضمن الدستور المؤقت أو القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية النص علي حد أقصي لسن المرشح، رغم أن القانون الطبيعي يفرض حتما حظر تجاوز عمر المرشح السن التي يصاب فيها الإنسان حتما بأمراض الشيخوخة التي تجعله ناقص الكفاءة والقدرة علي أداء واجبات ومسئوليات منصبه،وبالتالي فإنه كان لازما النص علي ألا يتجاوز عمر المرشح السبعين عاما علي الأكثر، وليس يكفي في هذا الشأن أن يترك الشرط المتعلق بالقدرة العقلية والصحية والبدنية للرئيس لتقدير الناخبين وميولهم لأن ذلك يرتبط بالمصالح العليا للوطن المصري وهي وثيقة الصلة بالأمن القومي فالرئيس هو القائد الأعلي للقوات المسلحة وضعف قدراته تلك يؤثر علي قراراته وتصرفاته بشأن الحرب والسلام، والعلاقات الدولية عموما! ولم يرد أيضا نص يشترط في المرشح للرئاسة الحصول علي مؤهل محدد وترك الباب مفتوحا لترشيح من ليس لديه أي مؤهل أو حتي القدرة علي إجادة القراءة والكتابة وهذا أمر عجيب ونقص غريب، إذ إن تعيين أي موظف صغير في أدني درجات الكادر الإداري أوالفني يجب أن يكون حاصلا علي مؤهل عال مناسب، ولابد أن يتوفر فيمن يشغل المنصب الأعلي في الدولة الكفاءة العلمية والمعرفية الضرورية لأداء واجباته ومسئولياته ولابد أن يكون حاصلا علي مؤهل عال!! كذلك إهمال هذا الشرط شديد الغرابة!!

ولقد أدي النقص في الشروط الواردة في المادة (26) من الدستور المؤقت وكذلك في قانوني مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات الرئاسية علي النحو السالف بيانه في الرئيس أن تقدم للترشيح إلي اللجنة المختصة بالانتخابات الرئاسية ما ينوف علي ألف متقدم للحصول علي بيان شروط ومستندات الترشح وتضمن هذا العدد ليست فقط من لا يحملون مؤهلا عاليا أو لديهم أية خبرات سياسية أو إدارية، بل أيضا العديد من المضطربين نفسيا وعاشقي الشهرة والظهور!! وقد أثار هؤلاء العديد من التعليقات والأسئلة عن المساس بكرامة وهيبة منصب الرئيس، فقد تقدمت سيدة بمشروع «كتكوت لكل مصري» وتقدم رجل يتعهد بأن يجعل كل مصري أغني من أي فرد في أغني دولة بالعالم!!! وقام مرشح بتنظيم زفة من مئات السيارات وآلاف المؤيدين من غرب القاهرة إلي شرقها، مما عطل المرور، وسبب الازعاج وضجة من الدعاية بالمخالفة لقواعد الدعاية الانتخابية الرئاسية، وقد كان واجبا أن يفرض قانون دفع تأمين مالي مناسب لا يقل عن ألفي جنيه لكل من يتقدم إلي اللجنة المذكورة لكفالة الجدية ومراعاة لهيبة المنصب!!

ويتضح من هذه الملاحظات جميعا مدي أهمية مهمة اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وحتمية توفر الوطنية والكفاءة والموضوعية والحيادية فيمن يتم انتخابهم لعضوية هذه اللجنة المنوط بها القيام بمهمة تاريخية شديدة الخطورة في حياة الوطن والمواطنين – ويحتاج ما تثيره تشكيل هذه اللجنة التأسيسية ونظام وإجراءات العمل فيها، من مسائل ومشاكل، وملاحظات لم يورد نص المادة 60 من الدستور ذكر لها في ظل الخلاف والاحتقان الذي حدث مؤخرا بشأن احتكار التيار الإخواني مع حزب النور عضويتها – إلي أكثر من مقال آخر، والله ولي التوفيق.

بقلم المستشار/ محمد حامد الجمل

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .