دور الشركات الجديد
هي كلمة أصبح يرددها الكل، وكل له معناه الخاص. إننا نتحدث اليوم عن المعنى الذي حقق على مدار سنوات ماضية نجاحات عدة لكبريات الشركات العالمية وأدى إلى زيادة ولاء عملائها مما أدى إلى تحقيق أحد أهم أهداف الشركة وهو النمو على المدى البعيد لها، وأسهم في الوقت نفسه في حل العديد من التحديات التنموية الوطنية لتلك الدول.

وإذا ما أردنا أن نجمل كل ما سبق، فإن استدامة الشركات هي مشاركة القطاع الخاص في تحقيق التنمية ولا بد في هذا السياق ألا ننسى أن هذا الدور لا يمكن أن يخرج بالوجه الأكمل إلا إذا كان يتسم بالمبادرة والابتكار، إن العديد من الشركات التي قامت بتبني الاستدامة كفكر، قامت بتحقيق العديد من المكاسب منها بناء حقوق المساهمين على المدى الطويل، توسيع قاعدة العملاء، الترويج للشركة بأنها راعية للاستثمار المسؤول. فعلى سبيل المثال عندما قامت شركة مثل تاتا ببناء نموذجها للاستدامة ركزت مساهماتها على أن تشمل جميع ذوي المصالح، لذلك راعت تعدد المبادرات لتشملهم جميعا ابتداء من:

الموظفين داخل الشركة حيث قامت بإنشاء برامج لتحسين بيئة العمل. كما امتدت لتشمل المجتمع الذي تعمل فيه، حيث قامت بالعديد من الاستثمارات في مجال التعليم في الأحياء النائية. هذه المساهمات التي حققت مردودا إيجابيا للشركة قامت في الوقت نفسه بمعالجة أحد أهم التحديات التنموية وهو التعليم مساهمة بذلك في تحقيق التوازن الاجتماعي.

على صعيد آخر فإن أحد أبرز المواضيع التي أصبحت مطروحة على أجندة الاستدامة هي جودة الإفصاح وبخاصة في الشركات المساهمة ودور مجالس الإدارات الحديثة. فالأسواق المالية تعاني اليوم أزمات كثيرة من نقص في السيولة مما يؤدي إلى ضعف المصادر التمويلية للشركات وبالتالي عدم قدرة العديد من الشركات على المضي قدما في خططها التوسعية، لذا كان من المحتم أن تقوم المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية ببعض التغييرات على العديد من المعايير ابتداء من عام7102، وبناء العديد القرارات على مبدأ القيمة العادلة. كما تعزز دور التقارير غير المالية وقامت العديد من الجهات الرقابية بوضع المحفزات من أجل إصدار هذه التقارير والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من النشاط الإفصاحي للعديد من الشركات.

أما على صعيد دور مجلس الإدارة في بيئة الأعمال الحديثة فإنه يتعدى الإشراف على نشاطات الشركة والمصادقة على القوائم المالية ليشمل دورا أعمق يؤكد على استمرارية الشركة على المدى البعيد والانتقال السلس لإدارتها إلى الأجيال المقبلة. قرارات كبيرة من مراقبة الإفصاح والعمل الدائم على الارتقاء به، غرض الشركة على المدى الطويل، قيم الشركة المتأصلة في طريقة عملها، علاقات الشركة مع عملائها، أفضل ممارسات الحوكمة. كل هذه أدوار جديدة باتت من أهم المسؤوليات المطروحة على مجالس الإدارات الحديثة. تشكو الكثير من الشركات أن الدافع من وراء السعي خلف المكاسب السريعة على حساب المكاسب الطويلة الأمد والذي يعزز من استمرارية الشركة في القطاع الذي تعمل به، بل ويعمل على دفعها للمزيد من التقدم والريادة القطاعية هو الرغبة في تحقيق نتائج مرضية لملاك الأسهم. أن هذا الفكر ولو كان صحيحا للمضاربين والذين تتميز استثماراتهم بقصر المدىالاستثماري وعدم الاكتراث بنتائج الشركة، فإن الأزمات المتتالية والتي كانت المضاربات العشوائية أكبر مشعلاتها لأكبر دليل على أن هذا الفكر لا يمكن أن يعد بحال تفكيرا بناء.

أما على صعيد واقعنا، فإننا نشهد حراكا حثيثا من العديد من الشركات والتي تحاول جاهدة بناء نموذج تنموي يحقق المنفعة المتبادلة لجميع ذوي المصالح، إلا إننا نلحظ أن العديد من المساهمات تفتقد للتوجيه، كما أن هناك حاجة لتبني فكر الاستدامة في جميع نشاطات الشركة التشغيلية وغيرها. إن مبادرات خدمة المجتمع وإن كنا لا نقلل من شأنها إلى أن افتقادها للفعالية وبعد النظر وعدم وجود معايير القياس الواضحة لنتائجها على الأمد البعيد، يجعلنا نناشد الشركات أن تجعل هذه النشاطات جزءا وليس كلا من نموذجها للاستدامة.

من أجل مناقشة كل هذا وأكثر نعقد اليوم في مدينة الرياض في مقر مجلس الغرف مؤتمرا بعنوان “المؤتمر الدولي لاستدامة الشركات”. وكلنا أمل أن اجتماعنا هذا سيتجاوز مرحلة طرح الأفكار إلى إنشاء مظلة تلعب دور المرجعية للاستدامة في المملكة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت