الاستغلال مصدر عام للالتزام في الشريعة الإسلامية

دليل هذا الافتراض :

الكتاب : 1- الكتاب: قوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) (النساء:29) .

يستدل بهذه الآية الكريمة أن الشارع الحكيم قد حرّم استغلال المؤمنين لبعضهم البعض وجعل هذا التصرف باطلاً وهو{يشمل كل طريقة لتداول الأموال بينهم لم يأذن بها الله،أو نهى عنها}.[1]2- السنة: عن أبي سعيد {سعد بن سنان}الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{لا ضرر ولا ضرار}.[2]

وجه الاستدلال بهذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم على المسلم أن يضر المسلم أو يلحق به مفسدة والضرار مقابلة الضرر بالضرر ،ولعل الاستغلال ضرر فادح يدخل ضمن أحكام هذا الحديث.

3- فقه المذاهب: ففي فروع فقه المذاهب نجد أن الفكر الفقهي عند هذه النظرية ولعل خير دليل على ذلك بطلان بعض البيوع القائمة على الاستغلال مثل بيع المسترسل ،بيع النجش ،بيع الحاضر للبادي ،بيع تلقي الركبان.[3]

ففي بيع المسترسل نجد أن البائع يستغل عدم خبرة المشتري في البيع والشراء فيغبنه غبناً فاحشاً ويستغله استغلالاً بشعاً، أما النجش فإن البائع يستغل المشتري عن طريق المكر والخداع ليغبنه غبناً فاحشاً ويستغله استغلالاً بشعاً وكذلك الأمر في بيع الحاضر للبادي وبيع تلقي الركبان ،وسوف ندرس نماذج ثلاث في هذه البيوع في المبحث الرابع من هذا الفصل إن شاء الله تعالى.

وبهذا نجد في الفقه الإسلامي صوراً واضحة لنظرية الاستغلال القريبة من نظرية الاستغلال المعروفة في الفقه الغربي.

[1] -قطب ،سيد،في ظلال القرآن،دار الشروق، بيروت ،الطبعة الشرعية السابعة عشرة 1412هـ /1992م مج2 ،مج5 ص693

[2] -رواه مالك ابن ماجه والدار قطني وغيرهما مسنداً وهو حديث حسن ورواه مالك في الموطأ مرسلاً وله طرق يقوي بعضها بعض انظر متن الأربعين البنووية للإماما النووي ،محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف ،مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة 198هـ/1987م ص74

4-لبهوتي ،منصور بن ادريس ،كشاف القناع عن متن الامتناع ،دار الفكر بيروت 1402هـ/1982م ،مج2/211 وانظر ابن حزم المحلى 89/449