الخطف بالقوة بقصد هتك العرض وهتك العرض بالإكراه

خطف
محكمة التمييز
حكم رقم203/2002
صادر بتاريخ4/2/2003م.
(الدائرة الجزائية)
هيئة المحكمة: برئاسة السيد المستشار كاظم محمد المزيدي رئيس الجلسة وعضوية السادة المستشارين عمار ابراهيم ومحمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار

1. – خطف- هتك عرض- إكراه- قصد جنائي- محكمة الموضوع / سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي *جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 180 جزاء. تحققها: بإبعاد المجني عليه عن المكان الذي خطف منه بإحدى الطرق المشار إليها في تلك المادة ومنها القوة بقصد ارتكاب أي فعل من الأفعال المذكورة بها ومن بينها هتك العرض. القصد الجنائي فيها يتوافر باتجاه إرادة الجاني إلى إبعاد المجني عليه عن البقعة التي جعلها مراداً له من هو تحت رعايتهم وتعمده قطع صلته بأهله قطعاً جدياً. إعادة الجاني المجني عليه إلى المكان الذي أُختطف منه. لا يؤثر في قيامها. مادام أن الإعادة حدثت بعد تمام الجريمة. تقدير توافر القصد الجنائي. موضوعي. مادام سائغاً.

2. – إثبات / شهود- محكمة الموضوع / سلطتها في تقدير أقوال الشهود- دفاع / الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره- تمييز / سبب لا محل له- تمييز / سبب قائم على جدل موضوعي* وزن أقوال الشهود وتقديرها. لمحكمة الموضوع. أخذها بشهادتهم واطمئنانها وأخذها بأدلة الثبوت. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات لحملها على عدم الأخذ بها. النعي بهذا السبب. لا محل له. تناقض أقوال الشهود أو تضاربها في بعض التفصيلات. لا يعيبها مادامت المحكمة استخلصت الحقيقة منها بغير تناقض. الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها. إثارته أمام التمييز. غير جائز.

3. – هتك عرض- إثبات / خبرة- حكم / تسبيب غير معيب- تمييز / سبب غير مقبول- جريمة / أنواع من الجرائم* هتك العرض. هو كل فعل مخل بالحياء العرضي يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية. لا يشترط لتوافره أن يترك أثراً بالمجني عليه. مثال.

4. – إجراءات التحقيق- إجراءات المحاكمة- نيابة عامة- تمييز /سبب غير مقبول* النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه. غير جائز. تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصلح أن يكون سبباً للطعن.

5. – عقوبة / العفو عنها- عفو أميري- تمييز / سبب غير مقبول* العفو عن العقوبة. ظرف شخصي. لا يستفيد منه إلا من صدر بشأنه. اختلافه عن العفو عن الجريمة المنصوص عليه في المادة 238 ق جزاء* مناط المحاجة بانطباق القواعد التي حددها مرسوم العفو الأميري عن العقوبة على المحكوم عليهم. يكون أمام الجهة المنوط بها تطبيق تلك القواعد. التحدي به لدى محكمة الموضوع أو إثارته أمام التمييز. لا مجال له.

الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 28/1/2001 بدائرة مخفر شرطة الأندلس محافظة الفروانية:- أولاً: خطفوا فيصل…. بالقوة حال كونه لم يتم الحادية والعشرين من عمره بأن حملوه على الانتقال إلى مكان ناء بالصحراء لم يعتاده وحجزوه به قاصدين بذلك هتك عرضه. ثانياً: هتكوا عرض المجني عليه سالف الذكر بالإكراه بأن طرحوه أرضا وأوثقوا يديه فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذا الوسيلة من حسر ملابسه عنه عنوة وقام كل منهم بإيلاج قضيبه في دبره وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهم بالمواد 47/ أولاً وثانيا، 178، 180، 191/1 من قانون الجزاء. حكمت محكمة الجنايات بمعاقبة كل منهم بالحبس لمدة عشر سنوات مع الشغل لما أسند إليه. استأنف المحكوم عليهم. وبتاريخ 12/5/2002 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن طعن كل من الطاعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتى الخطف بالقوة بقصد هتك العرض وهتك العرض بالإكراه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن القصد الجنائي في جريمة الخطف لم يتوافر في حقهما لعدم ثبوت انتوائهما قطع صلة المجني عليه بذويه قطعا جديا بدلالة إعادته إلى المكان الأول الذي التقيا معه فيه. وهو مما قام عليه دفاعهما الذي أشاح عنه حكم أول درجة وأطرحه الحكم المطعون فيه برد غير صحيح. واستند الحكم في قضائه إلى أدلة قاصرة ومتناقضة ومتهاترة قوامها أقوال المجني عليه والشاهدين مهند… ومحمد…، برغم عدم صدق الأول وعدم معقولية تصويره للواقعة، فلم يثبت من التقرير الطبي الشرعي الخاص به – وجود أثار عنف أو تشابك أو تجاذب تشير إلى استعمال القوة أو العنف ولم يقل المذكور أنه كان مكبل اليدين أو الرجلين، فضلاً عن أنه كان يحمل هاتف نقال لم يزعم أنه حيل بينه وبين استخدامه في الاتصال بذويه أو بالشرطة كما عجز عن الإرشاد عن المكان المدعى بحدوث الواقعة فيه،

وجاءت أقواله متناقضة مع ما قرره الشاهدان اللذان تناقضت أقوالهما بشأن تحديد مكان وجود المجني عليه وشخص من قام من المتهمين بأخذه إلى السيارة ودفعه إلى داخلها وما دار بينهم وبين المجني عليه من حديث وهو ما قام عليه دفاعهما أمام محكمة الموضوع بدرجتيها إلا أن محكمة أول درجة أمسكت عنه وتناوله الحكم المطعون فيه برد قاصر وغير سائغ. هذا إلى أن الأوراق قد افتقرت إلى ثمة دليل على صحة هتك عرض المجني عليه يؤيد مزاعمه غير المعقولة عن كيفية حدوثها إذ يدحضها تقرير الطب الشرعي الذي نفى حدوث هتك عرض للمجني عليه بالقوة لا سيما وأنه لم يقرر باستعمال مزلجات في سبيل ذلك، ولم يقطع تقرير المختبرات الجنائية بنسبة آثار الحيوانات المنوية المعثور عليها للطاعنين. إلى ذلك فإن الطاعنين قد تمسكا لدى درجتى التقاضى بقصور التحقيقات عن إجراء معاينة لمكان الواقعة للتحقق من صدق أقوال الشهود ومن حيث مدى إمكانية رؤيتهم لموقع السيارة في مكان تواجدهم. وأخيرا فإنه على الرغم من طلب الطاعنين من محكمة الاستئناف تطبيق أحكام مرسوم العفو الأميرى عليهما – أسوة بالمتهم الآخر في الدعوى الذي طبق عليه وشمله العفو- بالنظر إلى تماثل الظروف بينهم خاصة وأن ولى أمر المجني عليه قد أقر بالتصالح والتنازل عن شكواه. إلا أن الحكم المطعون فيه قد تنكب هذا السبيل دون سند من صحيح القانون. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله: ” أنه في يوم الواقعة 28/1/2001 وحال تواجد المجني عليه فيصل… أمام إحدى المجمعات التجارية بمنطقة الرقعى وبصحبته الشاهدين الثاني والثالث فوجئى بالمتهمين الثلاثة يقتربون منه ويسألونه عما إذا كان قد سرق هاتفا نقالا مملوكا لأحدهم فأجابهم نفيا فطلبوا منه مرافقتهم لمحادثته في شأن ذلك، وفوجئ بالمتهم الأول – الطاعن الأول – يمسك به وقام الثالث بتشغيل السيارة وبعد أن أدخلوه إليها وانطلقوا بها إلى منطقة بر الجهراء حيث توقفوا به عند أحد المخيمات ثم أدخلوه إلى أحد الخيام بالقوة واحتجزوه فيه وتمكنوا أيضا من شل مقاومته وحسر ملابسه عنه وقام كل منهم بهتك عرضه بأن أولج قضيبه في دبره. “

وساق الحكم المطعون فيه على ثبوت الواقعة لديه على تلك الصورة أدلة استمدها مما شهد به المجني عليه وفهد … ومحمد … وسعد…، ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي، ومن تعرف المجني عليه والشاهدين الثاني والثالث على المتهمين، وما قرره المتهمون بالتحقيقات، وما بان من الاطلاع على جواز سفر المجني عليه – وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 180 من قانون الجزاء تتحقق –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– بإبعاد المجني عليه عن المكان الذي خطف منه بإحدى الطرق المشار إليها فيها ومنها القوة بقصد ارتكاب أى فعل من الأفعال المذكورة بها ومن بينها هتك العرض،وأن القصد الجنائي في تلك الجريمة يتحقق بإتجاه إرادة الجاني إلى إبعاد المجني عليه عن البقعة التي جعلها مرادا له من هو تحت رعايتهم وتعمده قطع صلته بأهله قطعا جديا،

كما أنه لا يؤثر في قيام هذه الجريمة أن يقوم الجاني بإعادة المجني عليه إلى المكان الذي أُختطف منه مادام أن هذه الإعادة قد حدثت بعد تمام الجريمة،وكان تقدير توافر القصد الجنائي مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب مادام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في صورة الواقعة – على السياق المتقدم – تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الخطف بطريق القوة بقصد هتك العرض بالإكراه – ومن بينها القصد الجنائي- كما هى معرفة به في القانون.

وكان ما ساقه الحكم رداً على دفاع الطاعنين بانتفاء القصد الجنائي لديهما – يستند إلى النظر القانوني سالف البيان – فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع بغير معقب وأنها متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض أقوال الشهود أو تضاربها في بعض التفصيلات لا يعيبها مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها بغير تناقض. وكان الحكم المطعون فيه من بعد إفصاحه عن الإطمئنان لأقوال المجني عليه والشاهدين فهد … ومحمد … التي أورد مضمونها واستخلص مؤداها بما يتفق وما حصله في بيان الواقعة. وكان لا يبين مما ساقه الحكم فيما انصبت عليه جوهر شهاداتهم ثمة تناقض فيما بينهما مجتمعة ولا مماراة من الطاعنين في أن لها أصلها الثابت بالأوراق،

فإن ما يثيراه من منازعة في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها مما لا يجوز أثارته أمام محكمة التمييز. ولا تثريب على المحكمة أن هى لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنين في هذا الصدد إذ أن مفاد إطمئنانها وأخذها بأدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ويكون ما ينعاه الطاعنان بهذا السبب لا محل له.لما كان ذلك، وكان من المقر أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء العرضى يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية،ولا يشترط لتوافره أن يترك الفعل أثرا بالمجني عليه كإحداث إحتكاك أو إيلاج يترك أثرا.

وكان الحكم قد استخلص حصول واقعة هتك عرض المجني عليه على الصورة التي اعتنقها استخلاصاً سائغاً مما اطمأن إليه وأخذ به من أقواله التي ضمنها أن الطاعنين والمتهم الثالث قد أرغموه على الدخول إلى أحد المخيمات وبعد أن شلوا مقاومته وحسروا عنه ملابسه قام كل منهم بهتك عرضه بإيلاج…، كما نقل الحكم عن تقرير الطب الشرعي أن فحص المجني عليه أظهر وجود تلوثات منوية بالمسحة الشرجية له وما تبين من الفحص المختبرى من وجود تلوثات منوية بسرواله من الممكن أن تكون للطاعنين، وكان ما استخلصه الحكم واستقر في عقيدته بشأن قيام الطاعنين بهتك عرض المجني عليه لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى ولا يتعارض مع ما أخذ به الحكم من تقرير الطب الشرعي. وليس من شأنه نفى تصوير المجني عليه لواقعة هتك عرضه. ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير مقبول.

لما كان ذلك، ولئن كان الطاعنان قد تحدثا لدى محكمة الموضوع عما شاب تحقيقات النيابة العامة من قصور، إلا أنهما لم يطلبا إليها إجراء ثمة تحقيق في شأنه، ولم تر المحكمة من جانبها حاجة لإجرائه. فإنه ليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلباه ولم تر هى حاجة إليه، ومن ثم يضحى ما يثيراه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 239 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على أن ” للأمير بعد صدور حكم بالعقوبة ضد شخص معين، وقبل تنفيذ هذا الحكم أو أثناء التنفيذ أن يصدر أمرا بالعفو عن العقوبة المحكوم بها أو تخفيضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها…”

مفاده أن العفو عن العقوبة في حقيقته ظرف شخصى لا يستفيد منه إلا من صدر بشأنه، وهو بذلك يختلف عن العفو عن الجريمة المنصوص عليه في المادة 238 من القانون سالف الذكر. وكان الطاعنان لا يدعيان أن مرسوم العفو الأميرى قد شملهما. وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاعهما في هذا الخصوص. وانتهى إلى رفضه تأسيسا على النظر المتقدم فإنه يكون قد التزم التطبيق الصحيح لأحكام القانون. ولا محل للنعى عليه بهذا السبب. ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعنان من إنطباق القواعد التي حددها مرسوم العفو الأميرى عليهما – لتماثل ظروفهما مع المتهم الثالث الذي شمله ذلك المرسوم ولتصالحهما مع المجني عليه – إذ أن مناط المحاجة بذلك تكون أمام الجهة المنوط بها تطبيق تلك القواعد ولا مجال للتحدى به لدى محكمة الموضوع أو إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.