الحماية المدنيه للمال العام في التشريع المصري

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

اولا : اساس قاعده عدم جواز التصرف فى الاموال العامه :

يرجع اساس هذه القاعده الى ضروره حمايه التخصيص للمنفعه العامه وعلى ذلك فاساس هذه القاعده لايكمن فى طبيعه الاموال العامه باعتبارها غير قابله للملكيه الخاصه وانما يكمن هذا الاساس فى فكره التخصيص لذلك فان قاعده عدم جواز التصرف فى الاموال العامه تدور وجودا وعدما لبقاء التخصيص او زواله فهى تبقى ما بقى التخصيص وتزول بزواله . واذا كان اساس هذه القاعده يكمن تبعا لمنطق النظريه التقليديه للاموال العامه فى فكره التخصيص للمنفعه العامه وضمان بقاءه ، فان اساسها يكمن فى قوانين الدول الاشتراكيه ،الى فكره اساسيه اخرى وهى اعتبار الدوله هى المالك بل والمالك الوحيد لجميع الاموال الاشتراكيه او العامه وتحريم الملكيه الخاصه لبعض هذه الاموال [ ادوات ووسائل الانتاج ] . 

ثانيا : مدى قاعده عدم جواز التصرف فى الاموال العامه :

اذا كان اساس هذه القاعده يكمن فى حمايه الاموال العامه واستمرار تخصيصها فان هذا الاساس هو الذى يحدد نطاق تطبيقها :

1- قاعده عدم جواز التصرف تسرى على التصرفات المدنيه دون التصرفات الاداريه :

تسرى هذه القاعده على التصرفات المدنيه التى يترتب على ابرامها انتهاء تخصيص هذه الاموال للمنفعه العامه لخروجها من ذمه الاداره . ولا تنطبق هذه القاعده على التصرفات الاداريه التابعه للقانون العام . ومن امثله التصرفات الاداريه التى لا تخضع لهذه القاعده :

_ المبادلات التى تتم بين الاشخاص الاداريه العامه بشان هذه الاموال فيجوز للدوله ان تتنازل لغيرها من الاشخاص الاداريه عن جزء من الاموال العامه المملوكه لها بمقابل او بدون مقابل كما يجوز لها ايضا ان تتلقى ملكيه مال عام مملوكا لهذه الاشخاص بعوض او بغير عوض .

_كما قد يتخذ التصرف الادارى شكل عقد الامتياز فيكون المال محلا لامتياز تمنحه الاداره لاحد الافراد لتسيير المرافق العامه .

_وقد يتخذ التصرف الادارى شكل الترخيص الادارى بالانتفاع بالاموال العامه باعتباره تصرف مؤقت وقابل للرجوع فيه من جانب الاداره .

والذى يميز التصرفات الاخيره [الاداريه] عن التصرفات الاولى [المدنيه] ان الثانيه تتسم بطابع الدوام والاستقرار وهو ما يتعارض مع بقاء التخصيص للمنفعه العامه . اما التصرفات الاداريه فانها لا تتعارض بطبيعتها مع التخصيص لما تتميز به من طابع التأقيت .

2- تسرى هذه القاعده على جميع اموال الاداره التى تكون لها صفه المال العام “عقارات كانت هذه الاموال او منقولات ” :

وهو ما يستفاد من عباره نص الماده 87 من التقنين المدنى بقولها ” تعتبر اموالا عامه ، العقارات والمنقولات التى للدوله .”

3- تسرى قاعده عدم جواز التصرف على الاموال العامه وحدها دون الثمار او المنتجات التى قد تغلها هذه الاموال:

ذلك ان الثمار والمنتجات لا تكون مخصصه للمنفعه العامه ومن ثم لجهه الاداره حريه التصرف فيها .

4- قاعده عدم جواز التصرف ليست بقاعده مطلقه وانما هى قاعده نسبيه :

ان تطبيق قاعده عدم جواز التصرف موقوت بطيله فتره تخصيص الاموال للمنفعه العامه . فاذا ما انتهى التخصيص المذكور انفكت عن هذه الاموال صفتها العامه وتحولت الى اموال خاصه وجاز للاداره التصرف فيها بعد ذلك .

ثالثا :جزاء مخالفه قاعده عدم جواز التصرف فى الاموال العامه :

البطلان كجزاء على التصرف فى الاموال العامه ”

الاداره قد تتصرف فى بعض مفردات الاموال العامه على الرغم من احتفاظها بالصفه العامه فاذا تم ذلك كان تصرفها فى هذا الشان باطلا .وتستطيع الاداره التحدى بهذا البطلان تجاه المتصرف اليه اما بطريق الدفع واما بطريق الدعوى .

رابعا : النتائج المترتبه على تقرير قاعده عدم جواز التصرف :

1- منع تجزئه حق الملكيه على الاموال العامه :

نصت الماده 661 من التقنين المدنى الفرنسى على ان ” كل مالك يتصل ملكه بحائط له ايضا الحق فى ان يجعل الحائط مشتركا كله او بعضه اذا دفع لصاحب الحائط نصف قيمته او نصف قيمه الجزء الذى يريد ان يجعله مشتركا ونصف قيمه الارض المبنى عليها هذا الحائط ” .

ويرى الفقه والقضاء فى فرنسا وبلجيكا ان هذا النص وان كان يجد مجالا لتطبيقه بصدد للملكيات الخاصه المتجاوره الا انه لا يجوز التحدى به ازاء الاموال العامه اذ لا يستطيع المالك المتاخم لمبنى عام ان يطالب الاداره بالتخلى عن نصف ملكيه الحائط المشترك ” المال العام ” لما ينطوى عليه ذلك من تجزئه فى ملكيته وهو ما يتنافى مع مبدأ عدم جواز التصرف فى الاموال العامه ولم نجد عندنا نص مقابل للنص السابق ومن ثم فان المالك المجاور لا يكون له حق فى المطالبه بشراء ملكيه الحائط المشترك سواء كان هذا الحائط مالا خاصا ام مالا عاما مملوكا للاداره .

2- عدم جواز تقرير حقوق ارتفاق مدنيه على الاموال العامه :

ذهب بعض الفقه الفرنسى الى ان الاموال العامه لا يجوز تحميلها بحقوق ارتفاق مدنيه وسواء اكانت هذه الارتفاقات قانونيه بنص القانون ام اتفاقيه . غير ان هذا النظر لم يعد مقبولا اليوم فذهب مجلس الدوله الفرنسى بهذا الشان الى انه يجب التمييز بين “الارتفاقات القانونيه ” وبين “الارتفاقات الاتفاقيه ” وقرر انه لا يجوز تحميل الاموال العامه بالارتفاقات الاولى لانها تنطوى فى حقيقه الامر على تجزئه حقيقيه فى ملكيه هذه الاموال .

اما بالنسبه للارتفاقات الثانيه ” الاتفاقيه ” فذهب المجلس الى وجوب التفرقه فيها بين نوعين :

الاولى :يكون تقريرها لاحقا لاكتساب المال صفته العامه

الثانيه : يكون تقريرها سابقا على اكتساب هذه الصفه

فبالنسبه للاولى فانه لا يجوز تقريرها على الاموال العامه لما يتضمنه ذلك من تجزئه حقيقيه لحق ملكيه الاداره الثابت على هذه الاموال وهو ما يتنافى وقاعده عدم التصرف فى الاموال العامه .

اما بالنسبه للثانيه فهى تظل موجوده وان كانت مباشرتها يتوقف على عدم تعارض هذه الارتفاقات مع التخصيص للمنفعه العامه .

اما محكمه النقض الفرنسيه فذهبت -على خلاف مجلس الدوله – الى جواز تقرير حقوق الارتفاق الاتفاقيه بشرط ان لا يتعارض تقرير مثل هذه الحقوق مع تخصيص الاموال للمنفعه العامه سواء كانت هذه الحقوق قد تم تقريرها بعد او قبل تخصيص الاموال للمنفعه العامه .

اما فى القانون المصرى فقد قطع المشرع براى حاسم فى هذا الشان حيث نص فى التقنين المدنى الجديد على انه ” يجوز ان يترتب الارتفاق على مال عام ان كان لا يتعارض مع الاستعمال الذى خصص له هذا المال ” .