بقلم الدكتور حسن فتوخ
مستشار بمحكمة النقض

مقـــدمـــة:
جاء في الباب الثاني من القانون الجنائي أن الحجر القانوني يندرج ضمن العقوبات الإضافية بمقتضى التعداد الوارد في الفصل 36 من نفس القانون[1] مع فارق بسيط أن المشرع اعتبر المصادرة[2] كعقوبة إضافية في هذا الفصل، وكتدبير وقائي في الفصل 89 من نفس القانون.

وأن الحجر القانوني والتجريد من الحقوق الوطنية[3]، كعقوبتين تبعيتين، ينتجان عن العقوبات الجنائية وحدها.

ويتعين تطبيقهما بحكم القانون دون حاجة إلى النطق بهما في الحكم.إضافة إلى أن هذا النوع من العقوبات يحرم المحكوم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية.

وله في جميع الأحوال أن يختار وكيلا ينوب عنه في مباشرة تلك الحقوق تحت إشراف الوصي القضائي المعين في أحكام الفصل 39 الذي يجري سياقه على ما يلي:

” يعين وفق الإجراءات المقررة في شأن المحجورين القضائيين، وصي للإشراف على إدارة أموال المحكوم عليه أثناء وجوده في حالة الحجر القانوني.

فإذا كان المحكوم عليه قد اختار وكيلا لمباشرة تلك الإدارة، فإنه يكون تحت إشراف الوصي ومسؤولا أمامه. وفي غير هذه الحالة يتولى الوصي بنفسه مباشرة تلك الإدارة.

ولا يجوز طوال مدة العقوبة أن يسلم للمحجور القانوني أي مبلغ من مدخولاته ما خلا المقادير الخاصة بالمعيشة في حدود ما تسمح به إدارة السجون.

وعند انتهاء العقوبة، تعاد إلى المحجور أمواله، ويقدم له الوصي الحساب عما قام به مدة إدارته “.

ويستفاد من هذا المقتضى التشريعي أن الأشخاص المحكوم عليهم من بالحجر القانوني كعقوبة جنائية تبعية يفقدون الأهلية لمباشرة الحقوق والتحمل بالالتزامات، وذلك ابتداء من تاريخ صيرورة العقوبة الأصلية قطعية وحائزة لقوة الشيء المقضي به[4]، انسجاما مع مقتضيات المادة 618 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على ما يلي:

” لا يعتبر مدانا إلا الشخص الذي صدر في حقه مقرر قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به. يعتبر معتقلا احتياطيا، كل شخص تمت متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به… “.

فماهي المواقف الفقهية والقضائية حول التطبيق العملي لآثار هذه العقوبة على الأهلية في مباشرة التصرفات القانونية؟

المحور الأول:
المواقف الفقهية بشأن أهلية المحكوم عليه جنائيا
هناك جدل فقهي حول علاقة الحجر القانوني بالأهلية، نعرض له كما يلي:
الاتجاه الأول[5] من الفقه اعتبر أن ” الحجر القانوني يفقد المحكوم عليه أهليته المدنية فلا يجوز له إجراء التصرفات القانونية على أمواله بالبيع أو الشراء أو غيرها من التصرفات “.

الاتجاه الثاني من الفقه[6]: عرف الحجر القانوني بأنه حرمان المحكوم عليه ( في جناية ) من مباشرة حقوقه المالية طوال فترة تنفيذه للعقوبة الجنائية الأصلية.

وأضاف بأن الحجر القانوني يؤدي إلى الانتقاص من أهلية المحكوم عليه بعقوبة جنائية أصلية، لأنه يصبح بعد الحكم عليه فاقدا لأهلية الأداء بحيث لا يمكنه أن يتصرف في أمواله أو إدارتها شخصيا أو أن يقاضي عنها كمدع أمام القضاء، ولا أن يجيب على مطالبة قضائية تتناول التزاما عليه أو حقا له.

كما استطرد نفس الاتجاه قائلا أن المحكوم عليه بالحجر القانوني يحق له ممارسة كافة حقوقه غير المالية اللصيقة بشخصه كالزواج والطلاق الإقرار بالبنوة وتزويج من هم تحت ولايته.

الاتجاه الثالث من الفقه[7] يقول بأن: ” الحجر على المحكوم عليه لا يرجع لنقص أهليته فهو كامل الأهلية لأنه كامل التمييز وإنما وقع الحجر عليه لاستكمال العقوبة من جهة وللضرورة من جهة أخرى “.

وقد استند هذا الاتجاه في تبنيه لهذا الرأي على مقتضيات 109 من القانون المدني المصري التي تنص على أن: ” كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون “.

ونؤيد ما ذهب إليه الاتجاه الأول أعلاه من كون الحجر القانوني يؤثر سلبا على أهلية المحكوم عليه في مباشرة حقوقه المالية خلال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية، لأنه يتعذر عليه من الناحية الواقعية إدارة أمواله وتسييرها نتيجة سلب حريته وقضاءه لعقوبة جنائية بمقتضى قرار جنائي بدليل أنه يعين له تلقائيا وصيا طبقا للفصل 39 من القانون الجنائي أعلاه وفق الإجراءات المقررة في شأن المحجورين القضائيين المنصوص عليها في مدونة الأسرة.

أو بعبارة أخرى فإن هذا النوع من الحجر الذي يصيب أهلية السجين يختلف عن أسباب الحجر القضائي التي تنقص الأهلية أو تعدمها حسب المادة 212 من مدونة الأسرة.

إذ إن الحجر القانوني كعقوبة إضافية يقع بقوة القانون كلما تعلق الأمر بعقوبات جنائية، ويمنع السجين شخصيا من إبرام التصرفات القانونية، وينتهي فور انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها دون حاجة إلى استصدار حكم برفعه.

ونعتقد من خلال ما تم عرضه أعلاه، أنه يترتب عن الحكم بالحجر القانوني حرمان المحكوم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية بصفة شخصية، وإنما عن طريق وكيل ينوب عنه باختياره تحت إشراف الوصي القضائي المعين، مع العلم أن النائب الشرعي الذي يتم تعيينه من طرف المحكمة للنيابة عن شؤون المحكوم عليه يصطلح عليه بالمقدم وليس بالوصي تطبيقا لمقتضيات المادة 231 من مدونة الأسرة.

وجدير أن وزارة العدل سبق لها أن اعتبرت بمناسبة إصدارها لمنشور حول تنفيذ الأحكام الزجرية أن ” لكل معتقل الحق في التصرف في أمواله المودعة بالسجن – مع مراعاة الضوابط الخاصة لتسيير هذه الأموال داخل السجون – وكذلك في أمواله الغير المودعة كيفما كان نوعها، مالم يصدر في حقه حكم بعقوبة جنائية اكتسبت قوة الشيء المقضي به أو أمر بقضائي بحجزها.

ففي حالة الحكم بعقوبة جنائية اكتسبت قوة الشيء المقضي به يعين له القاضي المكلف بشؤون المحاجير وصيا يدير أمواله وللمعتقل في هذه الحالة الحق في اختيار وكيل له لإدارة أمواله تحت إشراف الوصي.

إن التصرف في أموال المعتقل ما دام احتياطيا يتوقف على استشارة النيابة العامة استنادا للفصل العاشر من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 11 جمادى الثانية 1333 موافق 26 أبريل 1915 الخاص بتنظيم السجون.

ويدخل في صنف المعتقلين الاحتياطيين المعتقل بمقتضى إلقاء القبض صادر عن دولة أجنبية والموجود في السجن في انتظار تسليمه “.

المحور الثاني:
موقف العمل القضائي بشأن أهلية المحكوم عليه
نشير في البداية إلى أن المحكوم عليه بعقوبة الحجر القانوني يفقد أهلية التصرف في إبرام التصرفات القانونية سواء تعلق الأمر بالإلزام أو الالتزام، ويجب خضوعها بالتالي لإذن ورقابة قاضي شؤون القاصرين تحت طائلة المطالبة بإبطالها حسب ما أكدته محكمة الاستئناف بسطات في أحد قراراتها مؤكدة ما يلي:

” المحكوم عليه بعقوبة جنائية يحرم من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية وأن له أن يختار وكيلا عنه لمباشرة أعماله، إلا أن جميع تصرفات هذا الوكيل في نطاق وكالته هذه تكون خاضعة لقاضي القاصرين. وأن مخالفة هذا الأخير تؤدي حتما إلى إبطال هذه التصرفات “[8].

كما أكدت محكمة الاستئناف ببني ملال[9]نفس الاتجاه معتبرة ما يلي:

“البيع الصادر من الزوجة نيابة عن زوجها أثناء فترة تنفيذ الزوج العقوبة الجنائية الأصلية المحكوم بها عليه، باطل بطلانا مطلقا لعدم إذن قاضي القاصرين في البيع وعدم مراعاة المسطرة الخاصة ببيع عقارات القاصرين”.

ويلاحظ من خلال حيثيات القرارين أعلاه، أن الأول قد اعتبر أن التصرفات المذكورة قابلة للإبطال، في حين اعتبر الثاني أنها باطلة، دون أن يقيما معا أي تمييز بين ما إذا كان الحكم القاضي بالعقوبة حائزا لقوة الشيء المقضي به أم لا، وهو ما تأتى للمحافظ العام أن يجيب عنه من خلال مقتضيات الفصلين 37 و39 المشار إليهما أعلاه، معتبرا في أحد دورياته التي أصدرها في هذا الصدد ما يلي:

” إن المحجور عليه لا يفقد الأهلية قبل صيرورة الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به، وبالتالي فتصرفاته خلال هذه الفترة صحيحة ويجب تقييدها بالرسوم العقارية، أما بعد ذلك فإن المحكوم عليه يقع تحت الحجر القانوني، وتخضع بالتالي تصرفاته لرقابة شؤون المحاجير تحت طائلة البطلان “.[10]

غير أن الإشكال الذي يطرح من الناحية العملية يتعلق بمدى صحة إجراءات الحجز العقاري الجارية على أموال المدين المعتقل الخاضع للحجر القانوني؟
نعتقد أن الحجر القانوني يمنع فقط المحكوم عليه من إدارة وتسيير أمواله بنفسه، وله ذلك بواسطة وكيله، أو الوصي القضائي المعين، أما فيما يتعلق بالأموال المحجوزة تنفيذيا التي تجري بشأنها إجراءات بيعها من طرف الدائنين بالمزاد العلني، فإن العون المكلف بالتنفيذ ملزم بالاحتفاظ بالمبلغ المتبقي من منتوج البيع لفائدة المدين المحكوم عليه.

بل ويمكن تسليمه إلى وكيل هذا الأخير، أو إلى الوصي القضائي بإذن من قاضي شؤون المحاجير.

وقد أثير هذا النقاش أمام المحكمة الابتدائية بمراكش[11]بشأن طلب إبطال إجراءات الحجز العقاري والإعلان عن البيع بالمزاد العلني، فقضت برفضه بعلة أن مقتضيات الفصلين 38 و39 من القانون الجنائي لا تنطبق على النازلة، لأن الأمر يتعلق بأموال محجوزة حجزا تنفيذيا ومعروضة للبيع عن طريق القضاء، وأن المدعي (المحكوم عليه) لا يحق له أصلا التصرف في العقار المحجوز لا عن طريق البيع ولا الرهن ولا الكراء.

وفي سياق آخر، طرحت للنقاش مسألة الاعتراف بالدين الذي يصدر عن المحكوم عليه بعقوبة جنائية، فأجابت محكمة النقض[12] في أحد قراراتها بما يلي:

” حيث يعيب الطاعن على المحكمة في وسيلته الوحيدة خرق مقتضيات الفصل 37 و 38 من القانون الجنائي وخرق حق الدفاع : من حيث أنه أثار في المرحلة الاستئنافية أن المطلوب في النقض معتقل بالسجن المدني ( …. ) لتورطه في جناية ، وأنه لا يمكنه مباشرة حقوقه بنفسه حسب مقتضيات الفصل 37 ق ج وأن الفصل 38 من نفس القانون ينص على أن الحجر القانوني يحرم المحكوم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية وأن المطلوب في النقض لم يعين وكيلا عنه في مباشرة حقوقه والمحكمة لم تجب على هذا الدفع مما يعرض القرار للنقض .
لكن حيث نص الفصل 37 من القانون الجنائي أن الحجر القانوني والتجريد من الحقوق الوطنية كعقوبة تبعية ينتجان عنه العقوبات الجنائية وحدها . ولم يدل الطاعن بما يفيد أن المطلوب في النقض وقت تقديمه لمقال الادعاء كان يقضي عقوبة جنائية والمحكمة غير ملزمة بالرد إلا على الدفوع المدعمة والتي لها تأثير على وجه الحكم فكان ما بالوسيلة غير جدير بالاعتبار”.

وغني عن البيان، فإنه يجوز استثناء للسجين المحجور عليه أن يتصرف مباشرة في أمواله المودعة بحسابه الاسمي ضمن الحدود المسموح بها من طرف إدارة السجون، ويسلم له رصيده المتبقي مباشرة فور الإفراج عنه، الشيء الذي يجعلنا نتساءل عن أثر الإفراج الشرطي على الحجر القانوني ومدى أحقية المحكوم عليه في استعادة أهليته لمباشرة حقوقه ؟
نعتقد أن مقتضيات المادة 629 من قانون المسطرة الجنائية المغربي لا تسعف في استعادة المحجور عليه لأهليته، لأن الإفراج الشرطي في حد ذاته مجرد إجراء وقتي يتم اتخاذه بناء على المعايير المنصوص عليها قانونا، بدليل أنه لا يصبح نهائيا إلا بعد انتهاء مدة العقوبة.

أما قبل ذلك فيمكن العدول عنه إذا ثبت سوء سلوك المتمتع به أو عدم احترامه للشروط المحددة في قرار الإفراج أعلاه. هذا مع العلم أن وزارة العدل سبق لها أن أكدت صراحة موقفها في هذا الصدد، والرامي إلى كون “الإفراج المقيد الذي ليس إلا طريقة خاصة من طرق تنفيذ العقوبة لا يؤدي إلا انقضاء الحجر القانوني”.[13]

وتجدر الإشارة إلى أن الحجر القانوني كعقوبة جنائية تبعية يدور وجودا وعدما مع العقوبة الأصلية، كما يمكن أن ينقضي الحجر القانوني باستفادة المحكوم عليه من عفو خاص[14] عن العقوبة الأصلية أو استبدالها بعقوبة جنحية أو بإبطال الحكم الجنائي القاضي بعقوبة جنائية من طرف محكمة النقض عن طريق المراجعة.

كما يطرح السؤال أيضا حول ما إذا كان المحكوم عليه غيابيا بعقوبة جنائية في حالة حجر قانوني أم لا؟

يجيبنا بعض الفقه[15]بالنفي لسببين، أولهما أن الحكم الجنائي الصادر غيابيا في جناية لا يكون نهائيا ويسقط كما هو معلوم بحضور المحكوم عليه أو إلقاء القبض عليهطبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 453 من ق م ج[16]. وثانيهما أن الحكم الغيابي لايفضي عمليا إلى تطبيق عقوبة الحجر القانوني ما دام لا يمكن تنفيذه.

وأضاف نفس الفقه بأن تصرفات المحكوم عليه غيابيا من أجل جناية تكون باطلة استنادا إلى مقتضيات قانون المسطرة الجنائية التي تجرده من جميع الحقوق القانونية ابتداء من استيفاء إجراءات الشهر للحكم الغيابي في الجريدة الرسمية.

ونعتقدأن هذه الآثار القانونية كان معمولا بها في إطار قانون المسطرة الجنائية الملغى، في حين أن مقتضيات قانون المسطرة الجنائية الجديد فقد تضمنت الإشارة صراحة إلى أن المتهم يوقفعن مزاولة حقوقه المدنية وتعقلأملاكهخلالمدةالتحقيقالغيابيويمنعمن رفع أية دعوى قضائية طيلة نفس المدة[17]. وبعد نشر الحكم الغيابي بالجريدة الرسمية يصبح التجريد من الحقوق التي ينص عليها القانون سارياًعلىالمحكومعليه[18].

[1]- نشير إلى أن الفصل 36 وقع تتميمه بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.03.207 صادر في 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 24.03.

[2]- وقد جاء في قرار لمحكمة النقض بالنسبة للمصادرة كعقوبة إضافية ما يلي:

” المعول عليه في تكييف الدعوى هو الطلب الأساسي فيها لا الطلبات الفرعية.

وعليه فإن الدعوى المرفوعة من طرف الطاعن أمام المحكمة الإدارية الرامية إلى الحصول على تعويض من الدولة وإلغاء قرار محافظ الأملاك العقارية بنقل ملكية عقاره لفائدة الأملاك المخزنية استنادا منه إلى قرار جنائي يقضي بمصادرة ممتلكاته المتحصلة من الاتجار في المخدرات، رغم عرضه أداء المبالغ المالية المحددة في منطوق الحكم كقيمة للممتلكات المصادرة، هي في حقيقتها دعوى تتعلق أساسا ببطلان إجراءات تنفيذ القرار الجنائي بمصادرة الممتلكات، بينما باقي الطلبات ذات الطبيعة العقارية والإدارية تعتبر دعاوى مستقلة وقابلة للتجزئة.

ولما كان البت في الإشكال المتعلق بتنفيذ القرار الجنائي يسبق حتما النظر في تلك الطلبات، فإنه يتعين إحالة الملف إلى غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف التي أصدرت المقرر الجنائي المراد تنفيذه قصد النظر في صعوبة التنفيذ “.

– القرار عدد 768 صادر بتاريخ 21 أكتوبر 2010 في الملف عدد 1211/4/1/2010 منشور بنشرة قرارات الغرفة الإدارية لمحكمة النقض العدد 6.

[3]- يلاحظ أن الفصل 36 من القانون الجنائي قد تضمن الإشارة إلى عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية، وهذا معناه قد اعتبرها عقوبة إضافية بعد أن اعتبرها عقوبة أصلية في الجنايات بمقتضى الفصل 16 من القانون الجنائي. وبذلك تكون عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية العقوبة الوحيدة التي تتصف بهذه الخاصية المزدوجة في القانون الجنائي المغربي بحيث لا تشاركها فيها أية عقوبة من هذه العقوبات.

– عبد الواحد العلمي : ” شرح القانون الجنائي المغربي ” – طبعة سنة 2002 – ص 410.
[4] ـ انظر: القانون الجنائي في شروح ـ وزارة العدل ـ المعهد الوطني للدراسات القضائي ـ منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ـ إعداد أدولف ريولط ـ تنسيق النص العربي: الأستاذة زينب الطالبي ـ الطبعة الثانية ـ سنة 1997 ـ دار نشر المعرفة ـ ص 38.

[5]- راجع: – أحمد الخمليشي : “شرح القانون الجنائي، القسم العام” ـ مكتبة المعارف للنشر والتوزيع الرباط ـ 1985ـ ص 302.
[6]- العلمي عبد الواحد : ” شرح القانون الجنائي المغربي ” – طبعة سنة 2002.

[7]- راجع: – عبدالرزاق أحمد السنهوري: “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” ـ المجلد الأول ـ دار النهضة العربية للقاهرة ـ ص 285.

[8] ـ قرار عدد 219/84 صادر بتاريخ 30 ـ 5 ـ 1984 منشور برابطة القضاة عدد 16 و 17 ـ ص 126.( أشار إليه كذلك المحافظ العام في دوريته الصادرة في هذا الشأن تحت عدد 324 المؤرخة في 29 نونبر 2004 ).

[9] ـ قرار رقم 890/84 بتاريخ 30/5/1984 الصادر في الملف المدني عدد 219/84 ـ منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 47 ـ 1987 ـ ص 35.
– انظر كذلك تعليق على هذا القرار:

– عبدالإله أبو عبدالله: ” تعليق على قرار استئنافية بني ملال في الملف عدد 219/84 ” – منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 47 ـ سنة يناير، فبراير ـ 1987 ـ ص 39 وما بعدها.

[10] ـ جاء في دورية للمحافظ العام رقم 342 بتاريخ 29 نونبر2004 موضحة مقتضيات الفصل 37 و 38 من القانون الجنائي كما يلي:

“… وتوضيحا لهذا الأمر، يشرفني أن أبين لكم ما يلي:… ومن هذين النصين يتبين أن شروط إخضاع السجين للحجر القانوني وهي كالتالي:

– أن يكون محكوما عليه بعقوبة جنائية لا بعقوبة جنحية.
– أن يكون الحكم الصادر ضده حازا لقوة الشيء المقضي به ولهذا لا يخضع للحجر القانوني من كان في حالة اعتقال احتياطي.

ولإثبات أن السجين يقضي عقوبة جنحية أو أن الحكم الصادر ضده لم يحز قوة الشيء المقضي به في تاريخ التصرف، فإنه يتعين على طالب التنفيذ أن يدلي إليكم بنسخة الحكم الصادر بالعقوبة الجنحية أو بالحكم القاضي بالعقوبة الجنائية مرفقا بشهادة من كتابة ضبط المحكمة تفيد أن هذا الحكم كان في تاريخ إنجاز التصرف محل تعرض أو استئناف أو نقض.

أما إذا كان السجين واقعا تحت حكم الحجر القانوني، فإن التصرفات المالية التي ينجزها هو أو وكيله تقضي لصحتها إذن قاضي المحاجير”.
[11] – حكم بتاريخ 17 أبريل 2007 في الملف العقاري رقم 97/9/2006 غير منشور.

وقد ردت المحكمة الطلب المذكور بناء على التعليل التالي:
“وحيث التمس المدعي من جهة ثانية الحكم ببطلان وإبطال جميع إجراءات الحجز والإعلان عن البيع بالمزاد لأنها مورست في حقه وهو في حالة الحجر القانوني بعد الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية من أجل ارتكابه فعلا جنائيا، وباعتبار أنه لم يعين في حقه وصي قضائي لتسيير أمواله طبقا للفصل 39 من القانون الجنائي.

وحيث إن مقتضيات الفصلين 38 و39 من هذا القانون لا تنطبق على النازلة لأن الأمر لا يتعلق بإدارة أموال يملكها المدعي ويمنع عليه تسييرها بنفسه أو بواسطة وكيله دون إشراف وصي قضائي، بل يتعلق الأمر بأموال محجوزة حجزا تنفيذيا ومعروضة للبيع عن طريق القضاء، فالمدعي لا يحق له أصلا أن يتصرف في العقار المحجوز لا عن طريق البيع ولا الرهن ولا الكراء ونحو ذلك، وليس له الحق حتى في التصرف في ثمار العقار التي تبقى من حق الدائنين المستفيدين من الحجز التنفيذي.

ومن ثم فإنه لا دور للوصي القضائي في ملف الحجز لأن الغاية منه هي تسيير أموال المحكوم عليه جنائيا واستيفاء ريعها وعدم تسليمها لهذا الأخير خوفا من أن تساعده على تدبير فراره من السجن أو استعمال هذه الأموال فيما لا يسمح به القانون بحيث إنه لا تعاد إلى المحجور أمواله إلا بعد انتهاء العقوبة ويقدم له الوصي الحساب عما قام به مدة إدارته. وحيث بذلك يتضح أنه لا وجه للاستدلال بأحكام الفصلين 38 و39 من القانون الجنائي، ومن ثم يكون الشق الثاني من الطلب غير مؤسس قانونا ويتعين رفضه “.

[12]- القرار عدد : 01 المؤرخ في : 2/1/2008 ملف تجاري عدد : 626/3/2/2007 غير منشور.

[13] ـ راجع: القانون الجنائي في شروح ـ وزارة العدل ـ م س ـ ص 38.
[14]- نشير إلى مميزات العفو الخاص تتجلى فيما يلي:
• هو حق مطلق للسلطة العليا في البلد، ولا يخضع لأي شرط أو رقابة.
• ينطلق منحه من صيرورة الحكم بالعقوبة مبرما ومستنفذا لكافة طرق الطعن.
• يلجأ إليه لتدارك الأخطاء القضائية، والتخفيف من قسوة العقوبة، وتحقيق التوازن بين العدل والرحمة.

أو لتشجيع المحكوم عليهم على إصلاح أحوالهم.
• له صفة شخصية، ويمنح لشخص أو أشخاص معينين في قرار العفو.
• لا يزيل الحكم، ولا الجريمة، ولا السوابق، ولا العود، وإيقاف التنفيذ، وإنما يمنع تنفيذ العقوبة كليا
أو جزئيا، ويعتبر من أسباب انقضاء العقوبة مع بقاء الإدانة.

• لا يوقف ـ كأصل عام ـ إلا تنفيذ العقوبات الأصلية وحدها، دون العقوبات الإضافية والتدابير الوقائية، إلا بنص صريح في القرار الذي يمنحه.

• لا يخل بحقوق الغير المترتبة عن الجريمة، كالتعويض عن الأضرار.
– ذ الطيب أنجار: مقال بعنوان” العفو وكيفية تعامل القضاء مع أوامره ومقرراته ” ص 1-2.
[15]- عبد الواحد العلمي – م س – ص 411.