قد ترتب الجريمة كعمل غير مشروع ضرراً لأحد الافراد – المجني عليه او المضرور من الجريمة – وقد يكون هذا الضرر مادياً او معنوياً . ويترتب على هذا الضرر حق للمضرور في التعويض عنه ، ذلك ان سبب الدعوى المدنية ( دعوى التعويض ) وان كان ناشئاً عن ارتكاب الجاني لجريمته ، الا أن الاساس الذي تستند اليه هو الفعل الضار الذي يوجب القانون ازالة اثره بالتعويض المالي ، وعلى ذلك نصت المادة 202 من القانون المدني العراقي بان (( كل فعل ضار بالنفس من قتل او جرح او ضرب او أي نوع آخر من انواع الايذاء يلزم بالتعويضات من احدث الضرر )) .

ولئن كانت المحكمة المدنية هي صاحبة الولاية في دعوى المطالبة بالتعويض ، فان وحدة اساس ومنشأ الدعوى الجزائية ودعوى المطالبة بالتعويض رغم اختلاف طبيعة الحق الذي يحميه كل منهما جعل للمحاكم الجزائية ، بصورة استثنائية ، حق النظر في الدعوى المدنية وذلك تبعاً للدعوى الجزائية وفق شروط نص عليها القانون(1).ولا تختلف احكام المسؤولية المدنية في جريمة تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف عن الاحكام العامة في شيء . الا ان التساؤل الذي يمكن اثارته هنا لتعلق المسألة بالوظيفة العامة هو مدى احقية المضرور بمطالبة الدولة بتعويض الضرر الذي لحق به ؟ .ان الاصل في المسؤولية المدنية ، ان الشخص يسأل مدنياً عما يقع منه شخصياً من افعال ضارة ، فاذا امكن مساءلته عن غير ذلك فتكون مسؤوليته عندئذ مسؤولية خاصة فيها خروج عن الاصل(2).

ومن هنا فقد نظر المشرع العراقي الى وضع القاعدة العامة في المسؤولية على مسؤولية المرء عن فعله الشخصي وذلك في نص المادة 202 من القانون المدني والمشار اليها سابقاً ، الا ان المشرع وعلى الطرف المقابل من ذلك يثبت مسؤولية بعض الاشخاص مدنياً وان لم يكن لهم يد مباشرة في ارتكاب الفعل الخاطئ المسبب اضراراً للغير ، ومن هؤلاء مسؤولية الشخص عن تابعيه ، حيث نصت المادة 219/1 من القانون المدني العراقي على أن (( الحكومة والبلديات والمؤسسات الاخرى التي تقوم بخدمة عامة وكل شخص يستغل احدى المؤسسات الصناعية او التجارية مسؤولون عن الضرر الذي يحدثه مستخدموهم ، اذا كان الضرر ناشئاً عن تعد وقع منهم اثناء قيامهم بخدماتهم ))(3). فهذا النص يقرر مسؤولية المتبوع عن اعمال تابعة بتوافر ثلاثة شروط

اولا : قيام علاقة التبعية بين المتبوع والتابع .

ثانياً : يجب ان يسند الى التابع عمل غير مشروع يعاقب عليه القانون ويترتب عليه وقوع ضرر يصيب الغير .

ثالثاً : ان يكون الفعل الذي يعاقب عليه القانون والذي ادى الى احداث ضرر للغير قد وقع اثناء العمل او بسببه(4).

وبناء على ما سلف فانه يحق للمضرور من جرائم التعذيب والاكراه للحصول على الاعتراف ان يطالب جهة الادارة بتعويض عن الضرر الذي لحق به .

_________________________

1- تنص المادة 10 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي على (( لمن لحقه ضرر مباشر مادي او ادبي من ايه جريمة ان يدعي بالحق المدني ضد المتهم والمسؤول مدنياً عن فعله مع مراعاة ما ورد في المادة التاسعة بعريضة او بطلب شفوي يثبت في المحضر اثناء جمع الادلة او اثناء التحقيق الابتدائي امام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية في اية حالة كانت عليها حتى صدور القرار فيها ولا يقبل ذلك منه لاول مرة عند الطعن تمييزاً )) .

2- د.سامي النصراوي ، دراسة في اصول المحاكمات الجزائية ، ج1 ، مصدر سابق ، ص271 .

3- على انه وان كان اساس مسؤولية المتبوع عن تابعه قائم على الخطأ المفترض في اختيار التابع او سوء رقابته وتوجيهه الا ان المشرع العراقي اعتبر هذا الفرض قابلاً لاثبات العكس حيث نصت المادة 219/2 من القانون المدني العراقي على (( ويستطيع المخدوم ان يتخلص من المسؤولية اذا ثبت انه بذل ما ينبغي من العناية لمنع وقوع الضرر او أن الضرر كان لا بد واقعاً حتى لو بذل هذه العناية )) .

4- انظرفي تفصيل ذلك د.سامي النصراوي ، دراسة في اصول المحاكمات الجزائية ، ج1 ، مصدر سابق ، ص276 .

المؤلف : عباس فاضل سعيد العبادي
الكتاب أو المصدر : الاكراة في القانون الجنائي العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .