التقادم الصرفي – تقادم الأوراق التجارية “الكمبيالة ، السند الأذني ، الشيك” – قرينة الوفاء – حالات الدفع بالتقادم – حالات عدم قبول الدفع بالتقادم.

التقادم الصرفي

تمهيد:

يقصد بالتقادم مرور الزمن الذي يمنع من المطالبة أو الرجوع. وتتقادم الحقوق والديون والسندات التنفيذية وسائر الالتزامات – وفقاً للقواعد العامة – بمضي 15 سنة على نشوء تقادم الدين، وأساس فكرة يستند إلى قرينة الوفاء، فمن يسكت عن المطالبة بالحق أو استيفاء الدين مدة طويلة من الزمن، يفترض فيه أنه قد استوفى ذلك الحق أو قبض ذلك الدين أو إنه متنازلاً عنه.

وهكذا الحال بالنسبة للتقادم الصرفي (أي تقادم الورقة التجارية: سواء أكانت كمبيالة أو سند أذني أو شيك) فالتقادم فيها مبني أيضاً على قرينة الوفاء، وإن كان المشرع قد جعل مدد التقادم الصرفي (أي تقادم الأوراق التجارية) مدداً أقصر بكثير من التقادم المدني (العادي)، والمقصود منه التهوين على الملتزمين في الورقة التجارية حتى لا تظل ذممهم مشغولة بالالتزام طوال مدة التقادم الطويل، كما أن المشرع يهدف إلى حث الدائنين على المبادرة إلى المُطالبة بحقوقهم في أقرب وقت، لأن هذه السرعة تقتضيها طبيعة المعاملات التجارية، فضلاً عن أنه من غير المألوف أن يسكت الدائن في الورقة التجارية عن المطالبة بحقه لمدة طويلة.

النصوص القانونية:

وقد نص المشرع – في قانون التجارة – على مدد مختلفة (وكلها قصيرة) لتقادم الأوراق التجارية، وتفصيلها كالتالي:

بالنسبة للكمبيالة و السند الأذني

نص المشرع في المادة 465 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن تتقادم الدعاوى الناشئة عن الكمبيالة:
– تجاه قابلها بمضي “ثلاث سنوات” من تاريخ الاستحقاق.

– وتتقادم دعاوى الحامل قِبل المظهرين وقِبل الساحب بمضي “سنة” من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد القانوني أو من تاريخ الاستحقاق إذا اشتملت الكمبيالة على شرط الرجوع بلا مصاريف.

– وتتقادم دعاوى المظهرين قِبل بعضهم البعض وقِبل الساحب بمضي “ستة أشهر” من اليوم الذي أوفي فيه المظهر الكمبيالة أو من يوم إقامة الدعوى عليه.

– وتنص المادة 470 من قانون التجارة على أن: “تسري على السند لأمر أحكام الكمبيالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه ما ماهيته، وتسري بوجه خاص الأحكام المتعلقة بالمسائل الآتية: … التقادم …”.

وبالنسبة للشيك

نص المشرع في المادة 531 من قانون التجارة على أن:

– تتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمة الشيك بمضي “ستة أشهر” من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه.

– وتتقادم دعوى حامل الشيك على المسحوب عليه بمضي “ثلاث سنوات” من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه.

– وتتقادم دعاوى رجوع الملتزمين بعضهم على البعض الآخر بمضي “ستة أشهر” من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم قيمة الشيك أو من يوم مطالبته قضائياً بالوفاء.

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون التجارة الجديد (رقم 17 لسنة 1999) ما نصه: “عالج المشرع في المادة 531 مسألة تقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على نحو مساير لطبيعة الشيك باعتباره أداة وفاء، فإذا لم يتمكن الحامل من ذلك، كان عليه أن يستعمل حقه في الرجوع في مواعيد قصيرة، لذلك خفض المشرع مدة تقادم دعاوى رجوع الحامل على الساحب والمُظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمة الشيك، إذ حددها بستة أشهر، تحسب من تاريخ تقديمه للوفاء إذا تقدم به الحامل، أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه إذا لم يتقدم به”.

وينتج عن تقادم الدين أو السند انقضاء الالتزام القانوني، وإن كان ينشأ عنه التزام طبيعي، وفقاً للقواعد العامة (ولكنه لا يجوز المطالبة به قانوناً).

وبالنسبة للشيك، فإنه يجوز لحامل الشيك – رغم تقادم دعوى المطالبة بقيمته وفقاً للتقادم الصرفي القصير – أن يرجع على الساحب بدعوى مدنية بأصل الدين للمطالبة برد ما أثرى به الساحب على بغير وجه حق على حساب حامل الشيك. حيث تنص المادة 532 من قانون التجارة على أنه: “يجوز لحامل الشيك رغم تقادم دعوى المطالبة بقيمته أن يطالب الساحب الذى لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم استرده كله أو بعضه برد ما أثرى به بغير وجه حق، وكذلك يجوز للحامل توجيه هذه المطالبة إلى كل مظهر يحقق إثراء بغير وجه حق”.

التقادم مبني على قرينة الوفاء:

حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 378 من القانون المدني (الشريعة العامة للمعاملات) على أن: “ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم … أن يحلف اليمين على انه أدى الدين فعلاً. وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصراء بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء”.

فحقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها، تتقادم بسنة واحدة، والتقادم هنا مبني رأساً على قرينة الوفاء. ومن ثم فقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 378 مدني على المدين الذي يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة، أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، فإن نكل، فقد انقضت قرينة الوفاء، وبقى الحق قائماً للدائن أن يستوفيه. وكذلك التقادم الخاص بالدعاوى الناشئة من الكمبيالات والسندات الأذنية ونحوها من الأوراق التجارية، فهو يقوم على قرينة الوفاء. (لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث – بند 592 – صـ 809 وهامش 1 بذات الصفحة).

ولكن لما كان القانون يفرض هنا – نظراً لقصر مدة التقادم – أن المدين قد وفى الحق في خلال سنة من وقت استحقاقه، فقد جعل هذه القرينة قابلة لإثبات العكس عن طريق توجيه القاضي لليمين، من تلقاء نفسه، إلى المدين، فيحلف على أنه أدى الدين فعلاً، فإذا حلف سقط الدين بالتقادم، وإذا نكل عن الحلف، ثبت الدين في ذمته، ووجب عليه وفائه، ولا يتقادم هذا الدين بعد ذلك إلا بخمس عشرة سنة من وقت صدور الحكم أو من وقت النكول إذا لم يصدر حكم. (لطفاً، المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 608 – صـ 855).

فالتقادم الصرفي يقوم على “قرينة الوفاء” المستفادة من السكوت عن المطالبة طوال المدة المقررة. ولكن هذه القرينة يجوز دحضها وإثبات عكسها بإقرار المدين بعدم الوفاء، إذ أن هذا الإقرار يفضي إلى سقوط دلالة قرينة الوفاء، وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمدين أن يتمسك بالتقادم إذا أقر بوجود الدين وعدم الوفاء به، وهذا الإقرار قد يكون صريحاً أو ضمنياً، ويُستخلص الإقرار الضمني بوجه خاص: إذا أنكر المدين وجود الدين أو إذا تمسك بأي دفع لا يتفق مع قرينة الوفاء، كالدفع بالإبراء أو المقاصة أو البطلان أو صورية الدين. (لطفاً، المرجع: “الأوراق التجارية” – للدكتور/ عبد الحميد الشواربي – صـ 380).

وقد كان قانون التجارة القديم يسلك نفس نهج القانون المدني حيث كان يبني التقادم في الأوراق التجارية على قرينة الوفاء، حيث كانت المادة 194 من قانون التجارة الملغي تنص على أن: “كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو السندات التي تحت إذن وتعتبر عملاً تجارياً، أو بالسندات التي لحاملها أو بالأوراق المتضمنة أمراً بالدفع، أو بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الإطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية يسقط الحق في إقامتها بمضي خمس سنين اعتباراً من اليوم التالي ليوم حلول الدفع أو من يوم عمل البروتستو أو من يوم آخر مرافعة بالمحكمة إذا لم يكن صدر حكم أو لم يحصل اعتراف بالدين بسند منفرد، وإنما على المدعى عليهم تأييد براءة ذمتهم بحلفهم اليمين على أنه لم يكن في ذمتهم شيء من الدين إذا دعوا للحلف، وعلى من يقوم مقامهم أو ورثتهم أن يحلفوا يميناً على أنهم معتقدون حقيقة أنه لم يبقى شيء مستحق من الدين”.

ومؤدى ذلك، أن المشرع بنى التقادم في الأوراق التجارية على قرينة الوفاء، شريطة أن يحلف الملتزم أو من يقوم مقامه أو ورثته ببراءة ذمته إذا دعي إلى ذلك. فمن أغراض التقادم أن يكون قرينة على الوفاء، فالدين الذي مضت عليه مدة التقادم يغلب في الواقع أن يكون قد وفي، والمشرع يجعل من هذا الواقع الغالب حقيقة قانونية، فالتقادم طريق للإثبات، أو بالأحرى طريق إعفاء من الإثبات (إعفاء المدين من إثبات أنه أوفى الدين)، أكثر منه سبباً لانقضاء الالتزام.

من أحكام محكمة النقض في التقادم الصرفي وقرينة الوفاء

* “بناء التقادم المصرفي المنصوص عليه فى المادة 194 من قانون التجارة على قرينة الوفاء، مشروط بعدم وجود ما ينفى هذه القرينة، وتقدير ما إذا كان المدين قد صدر منه ما ينقض قرينة الوفاء هو من مسائل الواقع التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع. ومتى كانت المطعون ضدها – وارثة المدين – قد تنازلت عن الدفع بالجهالة واقتصرت على التمسك بالدفع بتقادم الدين وانتهت إلى استعدادها لحلف اليمين المنصوص عليها فى المادة 194 من قانون التجارة فان – الدائنة – إذا لم تطلب توجيه اليمين فى هذه الحالة، وقضت المحكمة بسقوط الديون بالتقادم فلا وجه لتعييب حكمها فى هذا الخصوص “.
(نقض مدني رقم 30 لسنة 30 قضائية – جلسة 26/11/1964 مجموعة المكتب الفني – السنة 15 – صـ 1082).

* “تقدير ما ينقض قرينة الوفاء التى يقوم عليها التقادم الصرفي ـ هو على ما جرى به قضاء محكمة النقض – من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع”.
(نقض مدني في الطعن رقم 227 لسنة 31 قضائية – جلسة 22/3/1966 مجموعة المكتب الفني – السنة 17 – صـ 618 – فقرة 3).

* “مفاد نص المادة 194 من قانون التجارة أن التقادم الخمسي المنصوص عليه فيها إنما يقوم على قرينة قانونية هي أن المدين أوفى بما تعهد به، ويُشترط لقيام هذه القرينة ألا يصدر من المدين ما يُستخلص منه أن ذمته لا تزال مشغولة بالدين، كأن يعترف صراحة أو ضمناً بأنه لم يسبق له الوفاء بالدين. وتمسك المدين ببطلان التزامه لعدم مشروعية سببه يتضمن إقراراً منه بعدم وفائه بهذا الدين، ومن ثم فإنه لا يجوز له مع إبدائه هذا الدفاع أن يدفع بسقوط حق الدائن في المطالبة بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة”.
(نقض مدني في الطعن رقم 199 لسنة 35 قضائية – جلسة 24/4/1969 مجموعة المكتب الفني – السنة 20 – صـ 685).

* “من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة بني على قرينة الوفاء، فإن ذلك مشروط بعدم وجود ما ينفي هذه القرينة”.
(نقض مدني في الطعن رقم 30 لسنة 36 قضائية – جلسة 30/4/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 756).

* “من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة بني على قرينة الوفاء، فإن ذلك مشروط بعدم وجود ما ينفي هذه القرينة”.
(نقض مدني في الطعن رقم 28 لسنة 36 قضائية – جلسة 11/6/1970 مجموعة المكتب الفني – السنة 21 – صـ 1038).

* “الدفاع بالتقادم الصرفي دفع موضوع يدفع به المدين فى الورقة التجارية مطالبة الدائن بحق تنشئة هذه الورقة، فلا يقبل من الطاعن وهو المستفيد – وليس المدين – أن يتمسك بهذا الدفع”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1675 لسنة 56 قضائية – جلسة 30/10/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 597 – فقرة 2).

* “من المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة بني على قرينة الوفاء، فإن ذلك مشروط بعدم وجود ما ينفي هذه القرينة”.
(نقض مدني في الطعن رقم 3026 لسنة 61 قضائية – جلسة 4/1/1993).

* “التقادم الصرفي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 نوفمبر 1883 – المنطبق على وقائع الدعوى – يقوم على قرينة قانونية هي أن المدين أوفى بما تعهد به، باعتبار أنه من الملتزمين في الورقة التجارية الذين توجه إليهم دعوى الصرف، ويكون من حقه التمسك بالتقادم الصرفي تأييد دفاعهم ببراءة ذمتهم بحلف اليمين على أنه لم يكن في ذمتهم شيء من الدين إذا دعوا للحلف، وعلى من يقوم مقامهم أو ورثتهم أن يحلفوا يميناً على أنهم معتقدون حقيقة أنه لم يبق شيئاً مستحقاً من الدين، مما لازمة أنه يشترط لإعمال هذه القرينة ألا يصدر من أي منهم ما يستخلص منه عدم حصول الوفاء بالدين”. (نقض مدني في الطعن رقم 698 لسنة 69 قضائية – جلسة 26/6/2001).

* “الأصل فى الالتزام – مدنياً كان أو تجارياً – أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني، إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية، ويستند هذا التقادم الخمسي على قرينة الوفاء، إذ قدر المشرع أن سكوت حامل الورقة التجارية عن المطالبة بحقه مدة خمس سنوات يفترض معه أنه أستوفى حقه، وهذا التقادم أوردته المادة 194 من قانون التجارة التى مفادها أن التقادم الخمسي الوارد فيها يقتصر تطبيقه على الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية وهي الكمبيالة بدون قيد والسند الأذني والسند لحامله والشيك متى أعتبر كل منها عملاً تجارياً. أما عبارة “و غيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية” و التى وردت بهذا النص فهي – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تعنى الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجارى لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجارى. وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول أي ورقة مستقلة بنفسها وأن يبين منها بمجرد الإطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً للمنازعة والتي يتداولها التجار بينهم تداول النقد بدلاً من الدفع النقدي فى معاملاتهم التجارية أي تتضمن دفع مبلغ معين من النقود فى أجل معين ويمكن نقل ملكيتها من إنسان لآخر بتظهيرها أو بتسليمها بغير حاجة إلى إجراء آخر يعطل تداولها أو يجعله متعذراً، وينبني على ذلك أن التقادم الخمسي لا ينطبق على الفواتير التى تحمل بياناً لقيمة البضاعة التى اشتراها التاجر ومذيلة بتوقيع المدين فقط ولا على السند الأذني أو السند لحامله إذا كان الدين الثابت بهما معلقاً على شرط واقف، فى حين أنه ينطبق على الأوراق التجارية المعيبة أو الناقصة التى تتوافر فيها خصائص الورقة التجارية وتكون صادرة لأعمال تجارية، لأنها تعتبر أوراقاً تجارية طبقاً للمادة 108 من قانون التجارة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر وأعتبر الإيصال موضوع الدعوى المتضمن استلام الطاعن من مورث المطعون عليها مبلغاً معيناً من النقود لاستغلاله فى الأعمال التجارية ليس من قبيل الأوراق المحررة لأعمال تجارية بالمعنى المقصود فى المادة 194 من قانون التجارة وقضى برفض الدفع بسقوط الحق فى المطالبة بقيمته فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون”.
(نقض مدني في الطعن رقم 535 لسنة 45 قضائية – جلسة 23/3/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – الجزء الأول – صـ 852 – الفقرة 1).

نفس الحكم في قانون التجارة الكويتي

من المُقرر أن التقادم في سائر الأوراق التجارية، إنما يقوم على “قرينة الوفاء”، أي أن المشرع افترض أن الدائن قد استوفى حقه من المدين، وإن كان المشرع قد اعتبر “قرينة الوفاء” هذه دليلاً غير كامل فرأى تعزيزها باليمين المُتممة الذي يحلفها المدين على أن ذمته بريئة من الدين المطالب به.

حيث نص المشرع في المادة 505 من قانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 على أنه: “يجب على المدعى عليهم بالدين، رغم انقضاء مدة التقادم، أن يعززوا – باليمين – براءة ذمتهم من الدين إذا طُلِبَ إليهم حلفها”.

ومؤدى ذلك، إن من أغراض التقادم أن يقوم قرينة على الوفاء، فالدين الذي مضت عليه مدة التقادم يغلب في الواقع أن يكون قد وُفِىَ، والمشرع يجعل من هذا الواقع الغالب حقيقة قانونية، فالتقادم طريق للإثبات أو بالأحرى طريق “إعفاء من الإثبات” (إعفاء المدين من إثبات أنه أوفى الدين) أكثر منه سبباً لانقضاء الالتزام. لذا، فالتقادم الخاص بالدعاوى الناشئة من الكمبيالة والسندات الأذنية ونحوهما من الأوراق التجارية إنما تقوم على “قرينة الوفاء”، فإذا نقضت، بقي الحق قائماً للدائن أن يستوفيه. (لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث – بند 592 – صـ 809 وهامش 1 بذات الصفحة).

فالتقادم الصرفي يقوم على “قرينة الوفاء” المستفادة من السكوت عن المطالبة طوال المدة المقررة. ولكن هذه القرينة يجوز دحضها وإثبات عكسها بإقرار المدين بعدم الوفاء، إذ أن هذا الإقرار يفضي إلى سقوط دلالة قرينة الوفاء، وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمدين أن يتمسك بالتقادم إذا أقر بوجود الدين وعدم الوفاء به، وهذا الإقرار قد يكون صريحاً أو ضمنياً، ويُستخلص الإقرار الضمني بوجه خاص: إذا أنكر المدين وجود الدين أو إذا تمسك بأي دفع لا يتفق مع قرينة الوفاء، كالدفع بالإبراء أو المقاصة أو البطلان أو صورية الدين. (لطفاً، المرجع: “الأوراق التجارية في القانون الكويتي” – للدكتور/ حسني حسن المصري – الطبعة الأولى – بند 366 – صـ 594 وما بعدها).

من أحكام محكمة التمييز الكويتية في التقادم الصرفي وقرينة الوفاء

* “لا يُقبل دفاع المدين بالتقادم إذا تناقض هذا الدفاع مع ما افترضه المشرع بمقتضى قرينة الوفاء، كأن ينكر الدين أصلاً أو يطعن عليه بالبطلان لأي سبب من الأسباب التي لا تتفق مع حصول الوفاء، كانعدام السبب أو عدم المشروعية أو الدفع بالتزوير أو الإنكار. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن وإن كان قد تمسك بتقادم الالتزام إلا أنه أسس ذلك على إنكار الدين المطالب به لانتفاء علاقته بالمطعون ضده الدائن، وهو يناقض قرينة الوفاء، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه برفض الدفع بالتقادم لقيامه على غير قرينة الوفاء، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس”.
(الطعن بالتمييز رقم 39 لسنة 1982 تجاري – جلسة 7/7/1982.
والطعن بالتمييز رقم 130 لسنة 1983 تجاري – جلسة 12/6/1985.
والطعن بالتمييز رقم 242 لسنة 1996 تجاري – جلسة 24/3/1997).

* “إذا تناقض دفاع المدين مع ما افترضه المشرع بمُقتضى قرينة الوفاء، كأن ينكر الدين أصلاً أو يطعن عليه بالبطلان لأي سبب من الأسباب التي لا تتفق مع حصول الوفاء، كان دفعه بانقضاء الالتزام بالتقادم غير مقبول”.
(الطعن بالتمييز رقم 42 لسنة 1995 تجاري – جلسة 7/1/1996).

* “المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التقادم الصرفي يقوم على قرينة الوفاء بالدين، أي افتراض أن الدائن قد استوفى حقه من مدينه، وأن المشرع اعتبر هذه القرينة دليلاً غير كامل فرأى تعزيزها – إذا طلب الدائن ذلك – بيمين متممة يحلفها المدين على أنه ليس في ذمته شيء من الدين. وعلى ذلك إذا تناقض المدين مع ما افترضه المشرع بمقتضى هذه القرينة، كأن ينكر الدين أصلاً أو يطعن عليه بالبطلان لأي سبب من الأسباب التي لا تتفق مع حصول الوفاء، كان دفعه بانقضاء الالتزام الصرفي بالتقادم غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن وإن كان قد تمسك بالتقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 550 من قانون التجارة إلا أنه أسس ذلك على إنكار الدين المطالب به مدعياً إنه لم يسبق له الحصول على أي قرض من المطعون ضده الأول وإنه كان وقت تحرير الشيكين خارج الكويت وإنه يطعن على وجود القرض بالبطلان لعدم استلامه أية مبالغ مما يبطل هذين الشيكين وهو أمر يناقض قرينة الوفاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدفع بالتقادم الصرفي لقيامه على ما يناقض قرينة الوفاء فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس”.
(الطعن بالتمييز رقم 364 لسنة 2004 تجاري/2 – جلسة 13/4/2005).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .