التأثير السلبي للاحتيال الضريبي على الموازنة العامة

مجيد اللامي
يعد الاحتيال الضريبي من الجرائم الماسة بقانون الضريبة باعتباره وسيلة غير شرعية يلجأ اليها بعض المكلفين من اجل التهرب من اداء الضريبة المترتبة عليهم باتباع وسائل واساليب التضليل والخداع وباتخاذ مظاهر كاذبة يحاولون من خلالها ايهام السلطة المالية بوضع ظاهر غير حقيقي وحملها على اعفائهم من الضريبة المترتبة عليهم كلا او جزءاً او التقليل منها..

ومنها صنع قوائم شراء سلع وخدمات وهمية، ذكر مصروفات غير حقيقية او تضخيمها، اتلاف قوائم بيع او شراء او بيانات حسابية، اخفاء عناصر من الدخل تمثل ايراداً للمكلف، التعمد في احداث الخطأ في السجلات والدفاتر التجارية الخاصة بالمكلف، الاتفاق على ابرام عقود صورية غير حقيقية يترتب بموجبها التزامات مالية على المكلف تقلل من حجم الوعاء الضريبي، ذكر ثمن البيع او العوائد اقل من الحقيقة، تواطؤ صاحب المشروع الصناعي او التجاري مع احدى الجمعيات الخيرية على مباشرة نشاطه تستمر تحت اسمها كونها معفاة من الضريبة مقابل حصول صاحب المشروع على نسبة من الدخل، تعمد الافلاس او الاعسار الاحتيالي، تعمد مسك نوعين من السجلات او الدفاتر احدهما صحيحة والثانية مزورة تقدم للسلطة المالية.

عد المشرع العراقي جريمة الاحتيال من الجرائم الخطرة وان مرتكبها يكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة وتحرم الخزانة العامة من مورد مهم من مواردها العامة المستمدة من سلطتها في السيادة على رعاياها والاشخاص القاطنين ضمن رقعتها الجغرافية. لماذا الاحتيال؟

تنامت الظاهرة المذكورة خلال السنوات الاخيرة خاصة ان المجتمع يعامل الاحتيال كجريمة غير ضارة لاسيما انها مرتكبة ضد جهات لا تثير الشفقة (السلطة المالية) لذا يعد الاحتيال الضريبي مظهراً من مظاهر التهرب من الضريبة ووسيلة من وسائلها يتخذه بعض المكلفين لاسباب ودوافع عدة بعضها مرجعه اسباب شخصية في نفس المكلف تدعوه الى التهرب من الضريبة بشتى الوسائل والاساليب او لاسباب تشريعية تتمثل بعدم دقة الصياغة للنصوص القانونية وانعدام الاستقرار القانوني وارتفاع اسعار الضرائب ونسب معدلاتها وغياب العدالة والمساواة في النظام الضريبي المطبق في الدولة والمغالاة في فرض الضريبة وتعددها وازدواجها فضلا عن ضعف الجزاءات الضريبية اسباب تاريخية!

وقد يرجع الاحتيال الى اسباب تاريخية محضة تمثل بما علق في نفوس المكلفين واذهانهم من ذكريات مرة تتعلق بالاجحاف والظلم الفاحش الذي نالهم ابان العهود الاستعمارية والدكتاتورية الظالمة الامر الذي اضعف الوعي السياسي والمالي لافراد الشعب وقضى على المظاهر الحضارية حتى باتت مسألة التهرب من الضريبية والاحتيال على القانون امراً محبذاً لدى البعض منهم باعتباره نوعاً من انواع الشطارة فضلاً عن ضعف السلطة المالية في تطبيق القوانين الضريبة والرقابة عليها وعدم مراعاتها للاساليب العلمية في حصر المكلفين وعدم توفر سبل العمل المادية والمعنوية لدى السلطة المالية. توصيات… بصدد مكافحة جريمة الاحتيال الضريبي نوصي باعتماد الاجراءات الوقائية والعلاجية.. ففيما يخص الوقائية:

التأكيد على انشاء قاعدة معلومات وبيانات مشتركة بين دوائر الدولة ومؤسساتها العامة وتدريب العاملين في دوائر الضريبة المختصة على ضبط وسائل الاحتيال والخداع وكشفها باتباع المهارات والوسائل الحديثة في الكشف عن الجرائم الاقتصادية والمالية.
*تشكيل وحدات تحر وتحقيق متخصصة في دوائر الضريبة تعمل على التنسيق مع السلطة الحكومية الاخرى مثل (مديرية التسجيل العقاري والمصارف ومؤسسات الدولة وغيرها) باعتبارها وحدات دعم للكشف عن الاحتيال الضريبي .
*التأكيد على حملات التوعية والارشاد بمختلف وسائل الاعلام لمكافحة الاحتيال الضريبي والتوجيه بالمخاطر والاثار السلبية له وتوفر خطوط هاتف ساخنة سرية وسريعة للابلاغ عن حالات التهرب الضريبي…

اما الاجراءات العلاجية فتدعو الى تشديد العقوبة المقررة على ارتكاب المكلف الاحتيال الضريبي باتخاذ المظاهر الكاذبة بتعديل نص المادة (58) من قانون ضريبة الدخل النافذ وذلك بجعل العقوبة الحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة اشهر الى خمس سنوات اسوة بجريمة الاحتيال المقررة في قانون العقوبات العراقي.

كما دعت الاجراءات العلاجية الى تعديل قانون ضريبة العقار رقم 162 لسنة 1959 وقانون ضريبة العرصات رقم 26 لسنة 1962 بما يتضمن معاقبة المكلف الذي يرتكب جريمة الاحتيال الضريبي لعدم وجود نص يشمله.