أهمية الاستشارة القانونية
إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية تفرض على الإنسان المعاصر أن يبحث عن الأسباب التي تعينه على اتخاذ القرار الصحيح في معاملاته الاجتماعية والتجارية وغيرها. ومن أبرز هذه الوسائل الاستشارة التي أخذت بوصف عام حيزا من اهتمام الإنسان منذ القدم، فقد عبر القرآن الكريم بالأهمية البالغة للاستشارة في حياة الناس السياسية والاقتصادية ونحوها في قوله تعالى «قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون»، فملكة سبأ حينما احتارت في أمر سياسي بحثت عن الاستشارة عند أصحاب الاختصاص، وإضافة لذلك فالشريعة الإسلامية حثت على تلاقح العقول والاشتراك في الرأي، وهذا نجده واضحا في عدة مواضع في القرآن الكريم في قوله تعالى «وشاورهم في الأمر».

وبما أن القانون أصبح ضرورة اجتماعية، فلا مجتمع بلا قانون ولا قانون بلا مجتمع، وأن هذا العلم مقصور على أربابه، فمن غير المتصور أن تستشير مهندسا أو طبيبا في مشكلة قانونية أو قضائية!

وعلى ضوء ذلك برزت أهمية الاستشارة القانونية في الحياة العامة والحياة العملية للناس، ليدركوا حقوقهم والواجبات التي عليهم، وما هي المسؤوليات التي ترتب على تصرفاتهم.

وإننا حينما ننظر إلى غالب النزاعات بين الأفراد والمؤسسات، خصوصا في المعاملات التجارية، نجد من أسباب نشوئها عدم معرفة القانون، وعدم أخذ الحيطة والحذر في توثيق الحقوق أو معرفة الطريقة الصحيحة في توثيقها، وهذا يعطينا دلالة على أنه ليس هناك رؤية واضحة عند بعض الناس نحو الأخذ بالاستشارة القانونية وأهميتها.

فمن غير المنطقي أن تدخل في شراكة مع مجموعة من زملائك لتأسيس شركة دون أن تعرف ما هي الالتزامات القانونية التي يترتب عليها تأسيس الشركة، وهذا لا يكون ما لم تسأل محاميا يوضح لك آلية التعامل في مثل هذا النوع من العلاقات التجارية.

كذلك من المغامرة أن تبرم صفقة بمبالغ ضخمة وتصيغ عقدا لها دون أن تطلع عليه محاميا يبحث لك فيما هل بنود العقد تخدمك في المستقبل وتضمن لك حقك أم إنها مليئة بالغرر والعموميات التي تصبح في المستقبل فخا يستطيع من خلاله الطرف الآخر أن يحتال عليك، ويحرف الكلم عن مواضعه لصالحه.

أيضا من الظلم لنفسك أن تقبل حكما صدر ضدك دون أن تعرف ما إذا كان هذا الحكم صدر وفق الأصول القضائية أم عليه ملاحظات تستوجب الاستئناف لتصحيحه، فحينما تستشير محاميا يرشدك إلى الأسباب الصحيحة لاستئناف الحكم، ويدلك على ضمانات حقوقك كمتهم.

للأسف أن القانون وضع لتنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع وضبط مصالحهم المتشابكة وحفظها من الاعتداء، ولكن هنالك من يستغفل الآخرين، الذين هم على نياتهم، في المعاملات، ويوظف عدم معرفتهم للقانون لصالحه أو للاحتيال عليهم.

وما نريد أن نصل إليه أن الاستشارة القانونية لها أهمية كبيرة في الحياة المعاصرة، وتوصف بالضرورة التي لا غنى عنها خصوصا للأشخاص الذين يشتغلون بالتجارة، أو من وقع في مشكلة قانونية، فدائما احرص على الأسباب التي تعينك على الأخذ بالقرار الصحيح.

عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت