قبل الخوض في موضوع التعريف بالاستثمار الاجنبي غير المباشر، لابد لنا من القول بان استعمال كلمة اجنبي للدلالة على راس المال الخارجي او الذي يكون مصدره من الخارج، هو لفظ مجازي أكثر منه حقيقي، ويكمن السبب في ذلك بان الجنسية تثبت للشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء دون الاشياء او الاموال المجردة ، الا انه الفكر القانوني قد تطور بحكم التطور الحضاري والصناعي ومن ثم استوجب هذا التطور الاعتراف للسفن والطائرات والمركبات الفضائية والاقمار الصناعية وغيرها ، بالجنسية ضمانا لتنظيم المركز القانوني لهذه الاشياء ومن ثم تحديد مالها وماعليها وكذلك لتحديد القانون الواجب التطبيق عليها، ومن ثم فقد الحق هذا التطور في الفكر القانوني ،المال القادم من الخارج واطلق عليه تسمية الاجنبي اعتباراً او الحاقاً بجنسية صاحب هذا المال وطني اً كان اي محلياً أم اجنبياً أو خارجياً .

وبالنسبة لتعريف الاستثمار الاجنبي من قبل الشراح والكتاب فقد عرًف البعض الاستثمار الاجنبي بانه انتقال لرأس المال الخارجي الى البلد المضيف ليوظف في مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة لكلا الطرفين(1) . وعرًفه الاقتصاديين بانه الاستثمار الناشئ عبر الحدود نتيجة لانتقال رؤوس الاموال الاستثمارية وشتى الموارد الاقتصادية بين البلدان المختلفة بهدف جني الارباح وتعظيم المنافع المتحققة من جراء تلك الاستثمارات (2) كما عرف بانه) سعي بلد تراكم فيه المال المدخر فضاقت به ميادين الاستثمار المحلي ولم يجد فيها توظيفا مجزيا الى توظيفه في بلد آخر يجد فيه هذا المال العاطل جزاء أوفى فيستفيد البلد الدائن مما يؤتيه البلد المدين من ريع المال المقرض ويستفيد البلد المدين من توظيف المال المقترض في تنمية ناتجه القومي ((3).

اما تعريفه اصطلاحاً فقد اختلف موقف التشريعات من تعريف الاستثمار الاجنبي، فالموقف الاول عرًف الاستثمار الاجنبي من خلال الاستعانة بالمال المستثمر حيث وضع بيان تفصيلي للمال المستثمر المراد استخدامه في مجالات الاستثمار المحددة بالتشريع (4) و يعاب على هذا الموقف على الرغم من كونه الموقف السائد ، بانه قد تستحدث انواع او طوائف اخرى من الاموال غير الواردة في البيان التفصيلي للمال المستثمر بسبب التطور الاقتصادي ، ولتفادي هذه العيوب اتخذت التشريعات الاخرى الموقف المعاكس والذي يتمثل بوضع معيار عام للمال المستثمر الذي تخضعه لاحكام هذا القانون (5).أما المشرع العراقي فانه لم يعرف الاستثمار الاجنبي على الرغم من انه عرَف الاستثمار بشكل عام، وان كنا لانجاري المشرع العراقي على هذا النهج ، ذلك ان العراق من الدول النامية التي تملك اسواقاً مالية نامية ايضا وناشئة وبالتالي فانه لابد من تعريف المال الاجنبي الذي يكون محلاً للاستثمار بدل من ان يترك للاجتهاد وخوفاً من ان يتم تفسيره لمصلحة المستثمر الاجنبي في بلد يوصف بكونه من الدول التي تحتل قائمة الصدارة بين الدول من ناحية الفساد الاداري والمالي وغسيل الاموال(6).

أما بالنسبة للمشرع القطري فانه قد عرًف الاستثمار الاجنبي من خلال تعريفه للمال الاجنبي المستثمر وذلك بالمادة 1من قانون رقم 31 لسنة 2000 ، الخاص بتنظيم استثمار راس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي التي نصت على ) راس المال غير القطري المستثمر : ما يستثمره المستثمرون غير القطريون من اموال نقدية أو عينية أو حقوق لها قيمة مالية في دولة قطر ..( ثم عمد الى البيان التفصيلي للمال الاجنبي المستثمر في المادة نفسها .

عليه بإمكاننا القول ان الاستثمار الاجنبي هو الاستثمار الذي يتم خارج الحدود الجغرافية لبلد المستثمر، اي في بلد اجنبي .او هو الاستثمار الذي يدخل عبر حدود الدولة من الخارج بما يحقق الفائدة الاقتصادية المرجوة لكلا البلدين. أن أنواع الاستثمار الأجنبي تختلف باختلاف المعيار الذي يستخدم في تصنيفها إلا ان أهم تقسيمات الاستثمار الأجنبي التي شغلت بال الاقتصاديين والقانونيين هو تقسيمه الى استثمار مباشر واستثمار غير مباشر، وان مناط التفرقة بينهما هو مدى الرقابة او السيطرة التي يباشرها المستثمر الأجنبي على المشروع الاستثماري(7).

_____________

1- عقيل كريم زغير ، المسؤولية المدنية للمستثمر الاجنبي ، مجلة كلية القانون ، جامعة كربلاء ، 2015 ، ص 18

2- طلال محمد مفضي ، تأثيرات الاستثمارات الاجنبية على التغييرات الهيكلية في الاقتصاد الاردني خلال عقدي الثمانينات والتسعينات ، اطروحة دكتوراه ، كلية الادارة والاقتصاد ، الجامعة المستنصرية ، بغداد، 2000 ، ص 17 وص 18

3- د. أحمد فهمي، العلاقات الاقتصادية الدولية ، مطبعة الرابطة ، بغداد، 1957 ،ص44

4- من هذه التشريعات قانون تنظيم الاستثمار المباشر لرأس المال الاجنبي في الكويت رقم 8 لسنة 2001 في المادة ) 1 البند ثالثاً( وكذلك قانون تشجيع الاستثمار في سوريا رقم 10 لسنة 1991 في المادة 23 منه ( وكذلك نظام الاستثمار في المملكة العربية السعودية لسنة 2000 ، 5- ومنها قانون الاستثمار اليمني رقم 22لسنة 1991في المادة (1/الفقرة 17) وكذلك قانون الاستثمار اللبناني رقم 161 لسنة 2011 .

6- وفق منظمة الشفافية الدولية فان العراق يعد في الصدارة في قائمة الدول التي يكثر فيها الفساد الادراي والمالي ، الموقع الرسمي لمنظمة الشفافية الدولية :ww.ngo-monitor.org

7- د.بلاسم جميل خلف ،وحدة البحوث الاقتصادية، كلية الادارة والاقتصاد ،جامعة بغداد، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد الخاص بمؤتمر الكلية، 2013،ص 47.

المؤلف : سمير عبد لله مصطفى
الكتاب أو المصدر : الاستثمار الاجنبي غير المباشر في سوق الاوراق المالية العراقي / مجلة كلية القانون…
الجزء والصفحة : ص765-768

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .