إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير:

إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير تتلخص في أمرين: إعلان وإبلاغ – أما الإعلان فهو قيام الدائن بإعلان ورقة (عن طريق المحضر) إلى الشخص الثالث الذى يوجد تحت يده مال المدين، وهذه الورقة تسمى (إعلان الحجز): وفيها ينهى الدائن ذلك الشخص الثالث (ويسمى المحجوز لديه) عن الوفاء بما في ذمته إلى المدين أو عن تسليم المنقولات التي عنده. ولا يلزم أن يسبق هذه الورقة إعلان الحكم أو العقد الرسمي الذى يستند إليه الدائن في إجراء الحجز، ولكن يجب أن تتضمن هذه الورقة صورة ذلك الحكم أو العقد الرسمي، وان يورد فيها الدائن بعد ذلك بيان المبلغ المستحق له الذى يجرى الحجز من أجله (وملحقاته).

ولما كان الدائن لا يعلم مقدار ما في ذمة المدين لدى الغير فإن إعلان الحجز يتضمن عادة تكليف ذلك الغير المحجوز لديه بأن يقرر بما في ذمته خلال 15 يوماً. ولما كان قلم الكتاب لا يتلقى ذلك التقرير إلا إذا دفع الرسم المستحق إليه، وكان تكليف المحجوز لديه بدفع ذلك الرسم أمراً لا مبرر له، فقد أوجب القانون على الحاجز أن يقوم بإيداع ذلك الرسم في خزانة المحكمة ويؤشر على أصل ورقة الحجز بما يفيد ذلك الإيداع.

وجزاء عدم إيداع رسم التقرير ألا يقوم المحضر بإعلان الحجز، فقد أوجب القانون على قلم المحضرين ألا يقوم بإعلان الحجز إلا إذا تحقق من حصول ذلك الإيداع. على أنه إذا لم يتضمن إعلان الحجز تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة فإن الحجز لا يكون لذلك باطلاً، ويجوز للحاجز أن يتدارك ذلك بإعلان المحجوز لديه بورقة أخرى لاحقة يكلفه فيها بالتقرير بما في الذمة. وهذه الخطوة الأولى في الحجز، وهى إعلان الشخص الثالث (الغير) بحجز ما لديه للمدين تعقبها بداهة خطوة أخرى وهى اخطار المدين نفسه (المحجوز عليه) بهذا الحجز أو إبلاغه به.

وقد أوجب القانون أن يتم ذلك الأخطار (أو الابلاغ) في خلال الثمانية أيام التالية لإعلان الحجز إلى المحجوز لديه – وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن. ويتم ذلك الاخطار بنفس ورقة إعلان الحجز بعد إعلانها إلى المحجوز لديه. وفى إبلاغ المحجوز عليه بالحجز يجب أن يذكر الدائن أنه قد أوقع الحجز على مال المدين لدى الغير، وتاريخ إعلان ورقة الحجز إلى المحجوز لديه، وأن يبين سند التنفيذ والمبلغ المطلوب.

بهذا تتم إجراءات الحجز، في صورته البسيطة وهى تتلخص في كلمتين: إعلان وإبلاغ. ثم يعقب ذلك إجراءات أخرى المقصود منها أن يتوصل الدائن إلى اقتضاء حقه فعلاً.

فرض آخر- حالة عدم وجود سند تنفيذي:

ولكن الأمور لا تجرى دائماً بهذه البساطة، بل أن الدائن الذى يريد أن يحجز ما للمدين لدى الغير قد لا يكون بيده حكم أو سند تنفيذي، وقد يكون دينه غير معين المقدار. وفى هذه الحالة أجاز القانون له أن يحجز ما لمدينه لدى الغير، ولكنه أوجب عليه قبل ذلك الالتجاء إلى قاضى التنفيذ لاستصدار إذن منه بذلك أي بإيقاع الحجز أو لاستصدار أمر منه بتعيين مقدار الدين، بصفة مؤقتة، وتعلن ورقة الحجز مشتملة على صورة من إذن القاضي ثم يتم إبلاغ المدين (المحجوز عليه) بورقة الحجز خلال الثمانية أيام التالية لإعلانها إلى المحجوز لديه.

كما أوجب عليه من ناحية أخرى أن يشفع الحجز برفع دعوى أمام المحكمة المختصة ضد المحجوز عليه (تسمى دعوى صحة الحجز) تهدف إلى تزويد الدائن بحكم يثبت الدين الذى له عند المدين، والذى من أجله أوقع الحجز على ما لهذا المدين لدى الغير، كما يتقرر بهذا الحكم صحة إجراءات الحجز.

ويجب أن ترفع هذه الدعوى خلال الأيام الثمانية التي تلى إعلان الحجز للمحجوز لديه، أي خلال مدة الابلاغ، وترفع هذه الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى أي بصحيفة تودع قلم الكتاب في الميعاد المذكور.

وعلى هذا، فإن الدائن الذى يكون دينه غير معين المقدار (ولو كان ثابتاً بحكم أو سند تنفيذي) يجب أن يتقدم إلى قاضى التنفيذ بعريضة يطلب فيها اصدار الأمر بتقدير دينه تقديراً مؤقتاً – والإذن للدائن بتوقيع الحجز بمقتضى ذلك الدين.

والدائن الذى لا يكون بيده حكم أو سند تنفيذي يجب أن يتقدم إلى قاضى التنفيذ بعريضة يطلب فيها الأذن بتوقيع الحجز على ما للمدين لدى الغير، وعند صدور الأمر أو الإذن بذلك من القاضي يتسلم الدائن صورة من العريضة التي قدمها، مذيلة بأمر القاضي، ويعلن هذه الصورة (من العريضة والأمر الصادر عليها) إلى الشخص المراد الحجز لديه (البنك أو المستأجر في أثملتنا السابقة) مع إعلانه بأن يحجز تحت يده ما عساه يكون للمدين من أموال، ونهيه عن وفاء هذه الأموال للمدين، وإلا كان مسئولا، وتكليفه بالتقرير بما في الذمة مع بيان المبلغ المحجوز من أجله.

ثم يعقب ذلك إبلاغ الحجز للمدين، مع إقامة دعوى صحة الحجز عليه، ويتم ذلك خلال ثمانية أيام من إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه.

تفرقة بين حالتين

ومما تقدم يبين لنا أنه يجب أن نفرق بين حالتين:

الحالة الأولى:

وهى اني كون بيد الدائن حكم (ولو كان غير واجب النفاذ) أو سند تنفيذي، وان يكون دينه معلوم المقدار. الحجز بإعلان الغير (المحجوز لديه) ثم إبلاغ المدين (المحجوز عليه) بذلك خلال الثمانية أيام التالية للإعلان.

الحالة الثانية:

وهى أن يكون الدين غير معين المقدار ولا يكون بيد الدائن حكم أو سند تنفيذي، فيضطر إلى استصدار أمر الحجز، أو بالحجز وتعيين مقدار الدين بصفة مؤقتة، ثم يعلن الحجز إلى الغير (المحجوز لديه) وعندئذ يعلنه بصورة من أمر القاضي الصادر بالحجز، ثم يبلغ الحجز إلى المدين (المحجوز عليه) مع دعوى صحة الحجز خلال ثمانية أيام.

ملاحظات إجرائية:

ولا يفوتنا أن نذكر أن من بين البيانات التي استلزمها المشرع في إعلان الحجز (للمحجوز لديه) وفى ورقة إبلاغ الحجز (للمحجوز عليه) بيانا مقتضاه أن يعين الحاجز لنفسه موطناً مختاراً في البلدة التي بها محكمة مقر المواد الجزئية التي يتبعها المحجوز لديه (بالنسبة لإبلاغ الحجز) والغرض من هذا الإجراء تيسير إعلان الحاجز بالأوراق المتعلقة بالحجز. ولكن لا يترتب على إغفاله بطلان الحجز، وغاية الأمر أنه يجوز عندئذ إعلان الحاجز بالأوراق المتعلقة بالحجز في قلم الكتاب.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .