الاجتهادات القضائية الصادر بخصوص الاحتيال وسائر ضروب الغش

الفصل الثاني : في الاحتيال وسائر ضروب الغش

1 ـ الاحتيال

المادة 641

1 ـ كل من حمل الغير على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناداً تتضمن تعهداً أو إبراء فاستولى عليها احتيالاً:
إما باستعمال الدسائس.
أو بتلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث ولو عن حسن نية.
أو بظروف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.
أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة للتصرف بها.
أو باستعماله اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة.
عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة إلى خمسمائة ليرة.
2 ـ يطبق العقاب نفسه في محاولة ارتكاب هذا الجرم.
المادة 642

تضاعف العقوبة إذا ارتكب الجرم في إحدى الحالات الآتية:
1- بحجة تأمين وظيفة أو عمل في إدارة عمومية0
2- بفعل شخص يلتمس من العامة مالاً لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق لشركة أو لمشروع ما0
المادة 643

كل من استغل احتياجات أو عدم خبرة أو أهواء قاصر دون الثامنة عشرة من عمره أو مجذوب أو معتوه فحمله على إجراء عمل قانوني من شأنه الإضرار بمصالحه أو مصالح الغير عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة توازي قيمة الضرر ولا تنقص عن مائة ليرة0
2 ـ ما جرى مجرى الاحتيال
المادة 644

كل من حمل الغير على تسليمه بضاعة مع حق الخيار أو لوعده وهو ينوي عدم دفع ثمنها أو كان يعرف أنه لا يمكنه الدفع عوقب بالحبس حتى ستة أشهر وبغرامة حتى مائة ليرة إذا لم يردها أو لم يدفع ثمنها بعد انذاره0
المادة 645

من وفر لنفسه منامة أو طعاما أو شرابا في محل عام وهو ينوي عدم الدفع أو يعلم أنه لا يمكنه أن يدفع عوقب بالحبس التكديري وبالغرامة من خمسة وعشرون إلى مائة ليرة0
المادة 646

يقض بالعقوبة نفسها على كل من اخذ بالغش واسطة للنقل برية أو بحرية أو جوية دون أن يدفع أجرة الطريق0
اجتهاد النقض :
51ـ قبض مبلغ للقيام بمساع قصد تخليص الغير من الخدمة العسكرية يشكل جرمين، جرم الاحتيال وجرم التلاعب المعاقب عليه بالمادة 109 / عقوبات عسكري. ولا تنطبق عليه أحكام المادة 347 / عقوبات عام ويؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 180 / من القانون الأخير فقد جاء فيها أنه إذا انطبق الفعل على نص خاص ونص عام أخذ بالنص الخاص ومؤدى ذلك أن قانون العقوبات العسكري يترجم على غيره في التطبيق وهو أولى من أي نص آخر.
(نقض سوري ـ جنحة 4383 قرار 1670 تاريخ 13 / 5 / 1963)
52ـ إن الرد كما عرفته المادة 130 / ق.ع (عبارة عن إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة) أي إعادة الأشياء المعينة كالبضائع التي سرقت أو الأموال التي دفعت نتيجة الاحتيال أو الأموال التي كانت مع القتيل واستلبها القاتل، ويشمل الرد أيضاً إبطال العقد الذي انتزع التوقيع عليه بالقوة وإبطال الأوراق المزورة وإبطال العقود التي حصل عليها الفاعل نتيجة الغش والخديعة وإذا تقررت براءة المدعى عليه فإن له أن يطلب (إعادة الحال إلى ما كانت عليه) أي أن يطالب بالأشياء التي احتجزتها المحكمة بناء على طلب المدعي الشخصي وكلما كان الرد بالإمكان وجب الحكم به عفواً.
(نقض سوري ـ جنحة 3767 قرار 355 تاريخ 10 / 3 / 1982)
53ـ لا يشترط وقوع الضرر بل يكفي إمكانية حصوله.
ـ استعمال السند المزور وجرم الاحتيال.
إن المادة 443 من قانون العقوبات لا تشترط وقوع الضرر المادي حتماً إنما نصت على إمكانية حصول ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي من التزوير المعاقب وكان استعمال السند المزور وقبض المال بسببه يشكل احتيالاً لكن وقوعه بمثل هذه الوسيلة الجنائية يجعل هذا العمل ذا عدة أوصاف وبمقتضى المادة 180 المشار إليها يجب إنزال العقوبة الأشد بحقه وإدغام العقوبة السابقة بها أو جمعها معاً وهي العقوبة الجنحية الناجمة عن عمله الاحتيالي الأول باستعماله السند قبل التزوير رغم بطلانه بالعقد اللاحق.
(نقض سوري ـ جناية 347 قرار 529 تاريخ 20 / 10 / 1959)
54ـ الأسباب المخففة تصبح حقاً مكتسباً للمحكوم عليه حتى بعد نقض الحكم الأول إن كان لمصلحته.
لما كانت المحكمة العسكرية هي التي منحت المحكوم عليه عبد القادر الأسباب المخففة التقديرية عندما كانت تعتبر عمله جنائياً كما هو مدرج في حكمها المؤرخ في 5 / 12 / 1955 رقم 290 وهي التي اتبعت النقض الأول في جلسة 9 / 3 / 1956 المتعلق بالخطأ في التطبيق القانوني للأسباب الواردة في الإعلام التمييزي المؤرخ في 8 / 2 / 1956 ذي الرقم 122 واعتبرت تلك الأفعال احتيالاً كما هو واضح من حكمها المؤرخ 21 / 3 / 1956 المنقوض ثانية 21 / 5 / 1956 لذهولها عن الأسباب المخففة التقديرية ثم أصرت حكمها هذا بتاريخ 21 / 5 / 1956 لذهولها عن الأسباب المخففة التقديرية ثم أصرت حكمها هذا بتاريخ 4 / 7 / 1956 بداعي أن لها أن تعود عن هذا التنزيل عند تغيير وصف الجريمة من الجناية إلى الجنحة في حين أن المحكوم عليه لم يتبدل وقد حكم عليه بجريمة جنحية وأصبح أجدر بالاستفادة من التخفيف التقديري لاسيما وأن هذا التخفيف التقديري صار حقاً مكتسباً له لأن النقض لم يكن ضده إنما كان لمصلحته.
(نقض سوري ـ هيئة عامة 19 قرار 125 تاريخ 5 / 3 / 1967)
55ـ إن قبض أحد أعضاء اللجنة الطبية مبلغاً من المال من أحد المكلفين الذي سعى إليه استعمال نفوذه لدى اللجنة لإعفائه من خدمة العلم لا يشكل جرم الاحتيال لعدم توفر أحد عناصره وهو حمل الغير على تسليم المبلغ احتيالاً، وإنما يشكل جرم صرف النفوذ المنصوص عنه في المادة 347 / عقوبات.
(نقض سوري ـ عسكرية 1000 قرار 1348 تاريخ 31 / 12 / 1975)
56ـ يجب أن يكون العمل المطلوب من المرتشي داخلاً في وظيفته والقانون هو الذي يحدد عمل الموظف.
إن المادة 342 من قانون العقوبات قد نصت على عقاب الموظف الذي يلتمس أو يقبل لنفسه ولغيره أية منفعة ليعمل عملاً منافياً لوظيفته أو يدعي أنه داخل في وظيفته.
وكان ظاهراً من ذلك أن الرشوة لا تتم إلا إذا توفرت عناصرها المكونة لها وأهم هذه العناصر أن يكون العمل المطلوب من المرتشي داخلاً في وظيفته فإذا لم يكن الأمر كذلك فلا مجال لتطبيق هذه المادة.
ولما كان القانون وحده هو الذي يحدد فعل الموظف وما يجب أن يقوم به ولا يمكن أن يكلف أحد بأمر لم يجعله القانون من واجبات الوظيفة.
وكانت وظيفة المراقب في وزارة الشغال العامة هي مراقبة أعمال المتعهد للتأكد من مطابقتها لدفاتر شروط التعهد وتعليمات الإدارة وذلك تحت إشراف مهندس التنفيذ ومديرية الأشغال العامة في المحافظة كما يدل على ذلك جواب وزير الأشغال العامة المؤرخ 19 / 11 / 1963 أي أن المراقب لا يقوم بعمله لوحدة وليست له وظيفة مستقلة وإنما هو يعمل تحت إشراف المهندس الذي تتجه إليه المسؤولية في كل ما ينتج عن المراقب من مخالفة للتعهد ودفتر الشروط ولا عبرة لتشدده وتساهله ما دام الأمر منوطاً برئيسه الذي يعمل تحت إشرافه ولذلك فإن جرم الرشوة ـ على فرض ثبوته ـ لم يكن في سبيل عمل مناف للوظيفة ولا محل بعد ذلك لتطبيق المادة 342 من قانون العقوبات بل يمكن أن يعد الجرم من نوع الاحتيال وفقاً للمادة 641 من قانون العقوبات وقد مهد له بظروف مناسبة واستطاع أخذ نقود المشتكي كما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض في اجتهادها المستمر.
(نقض سوري ـ جناية 750 قرار 802 تاريخ 3 / 12 / 1963)
57ـ إن إقدام الموظف على تنظيم أذونات سفر وقبض بدلاتها دون أن يغادر مركز عمله يشكل جرم الاحتيال لا الاختلاس.
إن أحكام المادتين 350و349 عقوبات المستند إليهما في اتهام المميز تشترط لتكوين جرم الاختلاس الجنائي (أن يكون الموظف اختلس ما وكل إليه أمر إدارته أو جبايته بحكم الوظيفة من نقود أو خلافها بطريق التحريف أو إتلاف الحسابات والأوراق أو غيرها من الصكوك أو بدس كتابات غير صحيحة في الفواتير أو الدفاتر وعلى صورة عامة بأية حيلة ترمي إلى منع اكتشاف هذا الاختلاس).
ولما كان يتبين من مضمون الوقائع المشار إليها أن الاختلاس المعزو إلى المتهم المميز لم يقع على ما وكل إليه أمر صيانته أو إدارته أو جبايته كما تقدم بيانه بل جرى بواسطة تنظيم إذن سفر من قبله لجولة تفتيشية وزعم مغادرته المركز في حين أنه لم يغادر مقر وظيفته. ثم نظم أر قبض بموجب هذا الإذن واستوفى بموجبه ثلاث مياومات احتيالاً / الأمر الذي يخرج الجرم على الوجه المبين عن وصفه الجنائي الملمع إليه في الاتهام ويدخل عند الثبوت ضمن نطاق أحكام المادة 641 من قانون العقوبات التي تبحث عن الاحتيال بصورة مفصلة.
(نقض سوري ـ جناية 769 قرار 779 تاريخ 16 / 10 / 1958)
58ـ العمل في نطاق دائرة رسمية يمنع العمل في أي دائرة رسمية أخرى لقاء أجر أو تعويض من أحد الناس. وهو إذا ما فعل فإما أن يكون من قبيل الرشوة إذ أن العمل مما ينطبق على المادة / 341 / وما يليها عقوبات أو على المادة 366 / عقوبات إذا تجرد فعله من الاحتيال على أرباب المصالح بانتحال اسم الوظيفة التي لا علاقة له بها.
(نقض سوري ـ جنحة أساس 353 قرار 396 تاريخ 3 / 3 / 1955)
59ـ إن جرم انتحال الصفة الكاذبة واستعمالها بهدف الحصول على المال يعتبر عنصراً من عناصر جرم الاحتيال كما هو صريح أحكام مادة 641 ق.ع.
(نقض سوري ـ عسكرية أساس 1066 قرار 1092 تاريخ 26 / 10 / 1981)
60ـ التعديل الذي يدخل على القطع النقدية يخرجها به عن مفهوم النقود ويجعلها في عداد الحلي الذي يعتبر تزييفها من قبيل الاحتيال.
المناقشة:
يتضح من وقائع الدعوى التي اعتمدتها محكمة الموضوع أن القطع المعدنية المزيفة التي وجدت مع المحكوم عليه كانت ذات (عروة) تشبه الليرة العثمانية القديمة.
إن وجود الحلقات عليها مزيفة كانت أم غير مزيفة إنما يخرجها عن مفهوم النقود ويجعلها في عداد الحلي تباع وتشرى كسائر أدوات الزينة فقط ولا تدخل ضمن نطاق أحكام المادة 430 من قانون العقوبات، كما ذهبت إلى ذلك محكمة الموضوع لعدم توافر عناصرها القانونية.
وعليه، فإن فعل المحكوم عليه بالنسبة للأدلة التي أظهرها التحقيق إنما يعتبر من قبيل الاحتيال لانطباقه على أحكام المادة 641 من القانون الملمع إليه.
(نقض سوري ـ جناية 426 قرار 574 تاريخ 12 / 9 / 1957)
61ـ لا يشترط وقوع الضرر بل يكفي إمكانية حصوله.
ـ استعمال السند المزور وجرم الاحتيال.
(نقض سوري ـ جناية 347 قرار 529 تاريخ 20 / 10 / 1959)
62ـ إزالة الضرر وتفاهة المسروق سبب مخفف قانوني لا تقديري.
… ومن حيث يتضح من نص المادة 662 من قانون العقوبات أنها تضمنت سبباً مخففاً قانونياً يتناول جميع جنح السرقة والاحتيال وإساءة الأمانة والاختلاس وسائر الجنح الواردة في الفصول الأول والثاني والثالث من الباب المتعلق بالجرائم الواقعة على الأموال فيما إذا كان الضرر الناتج والنفع المقصود منها تافهاً أو إذا أزيل الضرر قبل إحالة الدعوى على المحاكمة أو أثناءها.
ولما كانت المادة 169 من قانون العقوبات العسكري قد أوجبت في الأحوال غير المنصوص عنها فيه أن تطبق القوانين الجزائية والأصول المنصوص عنها في القانون العام إذا كانت لا تتعارض مع أحكامه.
ولما كان من مقتضى هذا النص أن تطبق قاعدة التخفيف القانوني الواردة في المادة 662 من قانون العقوبات إذا وقعت على الأموال جنح مماثلة مما نص عليه قانون العقوبات العسكري.
ولما كان القاضي لم يلحظ تطبيق المبدأ الآنف الذكر واعتبر ضآلة المال المسروق سبباً مخففاً تقديرياً لا قانونياً فقد غدا قراره المطعون فيه مشوباً بمخالفة القواعد القانونية ومستوجباً للنقض.
(نقض سوري ـ عسكرية 1035 قرار 1562 تاريخ 21 / 5 / 1969)
63ـ يشترط في جريمة الاحتيال المنصوص عليها في المادة 641 / ق.ع أن يأتي الفاعل عملاً ايجابياً بأن ينتحل اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة، ليحمل الغير على تسليمه المال، أما إذا ترك الغير يعتقد ـ خطأ ـ في صفة ليست له، وتمكن من الحصول على المال فلا يعد فعله احتيالاً ويبقى الخلاف بينه وبين المجني عليه عند قبض المال، وعدم إنجاز ما وعد به أو تلكأ في إنجازه مدني الصفة لا عنصر جزائي فيه.
(نقض سوري ـ جنحة 3107 قرار 1983 تاريخ 20 / 10 / 1981)
64ـ جريمة الاحتيال من الجرائم المستمرة لا الآنية.
(نقض سوري ـ جنحة 3307 قرار 2067 تاريخ 31 / 10 / 1981)
65ـ إن جريمة الاحتيال تعتبر قائمة بمجرد العلم والتصرف.
حيث أن المادة 641 ق.ع تنص على عقوبة كل من حمل الغير على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناداً تتضمن تعهداً أو إبراء فاستولى عليها احتيالاً:
ـ إما باستعمال الدسائس.
ـ أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة التصرف بها.
وكان ظاهراً من ذلك أن عناصر جريمة الاحتيال بالتصرف بأموال الغير ـ المنقولة أو غير المنقولة ـ تتم حينما يتصرف الفاعل بهذه الأموال مع قيام الركنين المذكورين وهما التصرف والعلم، أي أنه يكفي أن يكون الفاعل عالماً بأنه غير مالك لهذا المال وأنه لا يحق له التصرف فيه، ولا حاجة في ذلك لاستعمال الدسائس وأنواع الغش والتدليس. لأن القانون نص على هذا التصرف بفقرة خاصة من المادة المذكورة، واعتبر الجريمة قائمة بمجرد التصرف، وعلم الفاعل بأنه غير مالك ولا يحق له التصرف، وهذان العنصران يكفيان وحدهما لقيام الجريمة.
(نقض سوري ـ جنحة 727 قرار 2547 تاريخ 22 / 12 / 1982)
66ـ يعتبر مرتكباً لجريمة الاحتيال من يحصل على قرض باستعماله مناورات احتيالية ولو ثبت أنه مليء وقادر على الدفع.
(نقض سوري ـ جنحة 663 قرار 1924 تاريخ 20 / 10 / 1982)
67ـ من المقرر فقهاً واجتهاداً على أن استعمال المناورات الاحتيالية شرط أساسي لتحقيق جريمة الاحتيال وأن الوسيلة لتحقيق هذا الغرض يجب أن تكون منطوية على الغش والخديعة.
(نقض سوري ـ جنحة 2992 قرار 369 تاريخ 10 / 3 / 1982)
68ـ إن الأساليب الاحتيالية التي نصت عليها المادة 641 ق.ع يجب أن يهدف من استعمالها الاستيلاء على مال الغير فإذا فقدت لنية الجرمية وهي إرادة الاستيلاء على المال فإن الفعل لا يشكل جرماً معاقباً عليه.
(نقض سوري ـ جنحة 257 قرار 1588 تاريخ 28 / 8 / 1982)