المسؤولية الجنائية عن جرائم الانترنت
أصبحت الجرائم في ظل العصر المتطور في تزايد مستمر يستخدم مرتكبيها تكنولوجيا العصر الرقمي مثل ما يستخدمه الآخرون لخدمة الإنسانية ، والانترنت كوسيلة من وسائل التطور في العصر الحديث أصبح كإحدى وسائل الجرائم المرتكبة عن طريق استخدام الانترنت . والجرائم التي ترتكب عن طريق الانترنت أو بواسطة استخدام شبكة الانترنت كثيرة ومتنوعة ومنها الواقعة على الأموال ومنها الواقعة على الأشخاص بل كذلك الجرائم الواقعة على الملكيات ومنها حقوق المؤلفات والمخترعات .. والى أكثر من ذلك أصبحت الجرائم المستخدمة عن طريق الانترنت أكثر خطورة بدخول الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي وكذلك الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي وكذلك الجرائم التي تمس بالمعاهدات أو الجرائم ذات الطبيعة الدولية كالجرائم الإرهابية .
ولكن الذي يصعب في الجرائم المرتكبة عن طريق الانترنت إثبات المسؤولية بحق مرتكبيها وذلك لما تمتاز به الجريمة الالكترونية من سرعة الانتشار وسهولة التخفي فيستطيع شخص في اليابان القيام بجريمة عن طريق الانترنت في أفريقيا أو أوروبا أو أمريكيا .

ولقد توصلنا في هذه الدراسة ” المسؤولية الجنائية عن جرائم الانترنت ” إلى ما يلي :-
1- يعرف الانترنت بأنه ( الشبكة العنكبوتية ) مجموعة حاسبات آلية متصلة مع بعضها من خلال وصلات تشعبية تسمح للمستخدمين أن يتصفحوا العديد من صفحات النشاط وكذلك التنقل من موقع إلى آخر وكذلك استخدام البريد الإلكتروني وتبادل الملفات وإجراء المحادثات والألعاب والتجارة والإلكترونية وغيرها .وقد لاحظنا عدم وجود تعريف دقيق موحد بين المختصين جنائيا وحاسوبيا .

2- إن المجرم في جرائم الانترنت يستخدم الوسائل الفنية اللازمة لإتمام جريمته كأن يكون مرسل لها أو مستقبل . ويدخل في عداد المجرمين موصلي المعلومات أو متعهدي التوصيل ، وكذلك منشئي المواقع الالكترونية التي تعتبر إجرامية كالمواقع الخليعة والمواقع الإرهابية وغيرها .

3- تمتاز الجرائم المرتكبة عن طريق الانترنت بسرعة انتشارها وصعوبة اكتشاف مرتكبيها ومنها الجرائم الإباحية كجرائم نشر الأفلام والصور الخليعة وكذلك جرائم الاتجار بالسلع الوهمية وجرائم القرصنة وإرسال البرامج التخريبية على الأرصدة المصرفية وجرائم سحب الأموال من البطاقات الإلكترونية وجرائم السب والقذف وجرائم التجسس وجرائم التحريض ضد امن الدولة وجرائم نشر الأفكار الإرهابية والهدامة داخل المجتمع .

4- للجرائم المرتكبة عن طريق الانترنت خاصية تميزها من حيث الأركان بأن فيها ركن مفترض هو استخدام الحاسوب بالإضافة إلى الاتصال بشبكة الانترنيت.

5- إن من المشكلات العلمية والإجرائية في جرائم الانترنيت هي صعوبة إثبات وقوع الجريمة إذ يتم الفعل الإجرامي غالباً بدون علم المجنى عليه كدخول البرامج التخريبية وكذلك صعوبة التوصل إلى الجاني لأنه غالبا ما يستخدم الانترنيت تحت اسم مستعار وعن طريق المقاهي فبذلك يصعب التوصل إلى مكانه.

6- ومن المشاكل التي تثار في الإجراءات الجنائية هي صعوبة إلحاق العقوبة بالجاني المقيم خارج القطر وكذلك دخولنا في مشكلة تنازع القوانين الجنائية من حيث المكان وبالتالي نعود إلى مبادئ التحكيم في تطبيق القانون الجنائي من حيث مبدأ إقليمية القانون الجنائي أو عينيته أو شخصيته أو عالميته.

7- ومن الصعوبات أيضا مشكلة تحديد المسئول جنائيا عن الفعل الإجرامي كمن يدخل إلى موقع اباحي أو إرهابي فهل نسأل عن الجريمة عامل الاتصال أم مورد المنافذ أم مورد المعلومات أم منشئ الموقع. وكذلك صعوبة السيطرة على أدلة الإثبات للجريمة لأنها مما يمكن إتلافها بسرعة.

8- ولاحظنا عند دراستنا للجرائم الواقعة عن طريق الانترنيت القصور في القوانين الجنائية العربية وعدم مواكبة التشريع الجنائي للتطور الحديث للجريمة بتطور الوسائل الحديثة.

9- إن جرائم الإنترنت تنتج من حيث أثرها الاقتصادي خسائر جدية تقدر بمبالغ طائلة تفوق بنسب كبيرة الخسائر الناجمة عن جرائم المال التقليدية مجتمعة. ولو أخذنا على سبيل المثال بريطانيا ، التي تعد الدولة الثانية في حجم الخسائر التي تلحقها جراء جرائم الكمبيوتر بعد الولايات المتحدة، فانه ، وعلى لسان وزير التكنولوجيا البريطاني Lord Reay ” أعلن في عام 1992 أن الجرائم التي تتعرض لها أجهزة وأنظمة الحاسوب كالتطفل التشغيلي hacking والفيروسات Viruses تضر بأعمال أكثر من نصف الشركات الصناعية والتجارية في بريطانيا بتكلفة سنوية تقدر بحوالي (1.1) بليون جنيه إسترليني”..وفي الولايات المتحدة فقد بلغ معدل الخسارة بالنسبة للحالة الواحدة (833.279) دولار أما أقصى خسارة فقد بلغت (37) مليون دولار، وفي 6% من الحالات المذكورة كان مرد الخسارة هو الاحتيال (غش الكمبيوتر) للاستيلاء على المال .

10- إن من الحلول التي نجدها نافعة في مكافحة هذه الجرائم هو زيادة الوعي التقني لمستخدمي هذه الشبكة ووضع التشريعات الجنائية التي تكفل الحماية الجنائية للانترنت والتي تواكب حركة التطور خصوصا وان الدول الغربية قد حصنت نفسها بتشريعات جنائية ضد مرتكبي هذه الجرائم في حين ما زالت الدول العربية فقيرة في هذا المجال ، وكذلك توقيع الاتفاقيات بين الدول في مكافحة الجريمة الالكترونية عموما ومنها جرائم الانترنت وتسهيل أمور القبض على المجرمين وتبادل التعاون في تسليم المجرمين واثبات المسؤولية الجنائية بحق مرتكبي هذه الجرائم .

آدم سميان الغريري
أستاذ مساعد القانون الجنائي
كلية القانون – جامعة تكريت
العراق