الاتفاق الجنائي
القاضي عماد عبد الله
عرّف المشرع العراقي جريمة الاتفاق الجنائي في المادة 55 عقوبات “يعد اتفاقاً جنائياً اتفاق شخصين او أكثر على ارتكاب جناية او جنحة من جنح السرقة والاحتيال والتزوير سواء كانت معينة او غير معينة او على الأفعال المجهزة او المسهلة لارتكابها متى كان الاتفاق منظماً ولو في مبدأ تكوينه، مستمراً ولو لمدة قصيرة”.

ويعد الاتفاق جنائياً سواء كان الغرض النهائي منه ارتكاب الجرائم او اتخاذها وسيلة للوصول إلى غرض مشروع.

كما نصت المادة 56 عقوبات على أن ((يعاقب كل عضو في اتفاق جنائي ولو لم يشرع في ارتكاب الجريمة المتفق عليها بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا كانت الجريمة المتفق على ارتكابها جناية. وبالحبس مدة لا تزيد على سنتين او بغرامة …إذا كانت الجريمة جنحة. وذلك ما لم ينص القانون على عقوبة خاصة للاتفاق……)).

ومن هذا النص يتضح أن المشرع العراقي اعتبر الاتفاق الجنائي جريمة قائمة بحد ذاتها مستقلة عن الاتفاق كوسيلة من وسائل الاشتراك وهذا الأمر يتحقق من خلال قيام أحد المساهمين بالتعبير سواء بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة أو بالإيحاء بحيث يصل التعبير إلى سائر المساهمين ويلقي قبولاً لديهم . فلا بد من قبول سائر المساهمين على نحو يمكن معه القول بوجود اتفاق.

إن جريمة الاتفاق الجنائي لا يتصور فيها الشروع وذلك لأن الاتفاق حالة نفسية تتم بتلاقي الإرادات ولا تحتمل بداية ونهاية فهذه جريمة أما أن تقع أو لا تقع، إن جريمة الاتفاق الجنائي تنعقد بمجرد الاتفاق على ارتكاب جناية أو جنحة وبالتالي فالعدول بعد هذا لا يعفي من العقوبة لأن الركن المادي لهذه الجريمة قد أكتمل به.

وليس هناك تعارض بين جريمة الاتفاق الجنائي والاتفاق كصورة من صور الاشتراك السابق لاختلاف مجال تطبيق كل منهما، فالمساهمون بالاتفاق لا يعتبرون شركاء إلا إذا وقعت الجريمة محل الإتفاق سواء وقعت بشكل تام أو بشكل الشروع فيها، وذلك بخلاف الاتفاق الجنائي التي يتوافر بمجرد الانعقاد سواء وقعت الجريمة أو لم تقع.

وبناء على ما سبق فمن المتصور أن يكون هناك تعدد مادي بين جريمة الاتفاق الجنائي والجريمة محل الاتفاق فيها لو وقعت تامة أو في صورة الشروع بها. وغاية المشرع في ذلك هو القضاء على الاتفاق وهو في بداء تكوينه ولا يريد الانتظار الى حتى مرحلة التحضير للجريمة اما جهل اعضاء الاتفاق الجنائي بأنهم لا يعلمون بان القانون يجرم الاتفاق الجنائي فلا يعتد بذلك لان الجهل بالقانون ليس بعذر وهذا مانصت عليه المادة 37/1 عقوبات. ويعفى عضو الاتفاق الجنائي من العقوبة في حالة الإخبار بوجود اتفاق جنائي قبل وقوع الجريمة اما اذا حصل الإخبار بعد قيام السلطات بالبحث والاستقصاء فلا يعفى المخبر من العقاب الا اذا كان الاخبار قد سهل القبض على الجناة.