دور الاعلام في دعم استقلال القضاء / الكاتب سيف محمد

يعد القضاء من اهم الثوابت الاجتماعية والسياسية ذات الصلة بدوام كينونة الدولة ووحدتها اذ يجب توفير كل السبل من اجل دعم هذا الاستقلال ليس لأنه مفصل من مفاصل تكوين الدولة بوصفه السلطة الثالثة وانما لكونه حقاً يتعلق بالإنسان وان استقلاله هدف خالد يسعى الى تحقيق العدالة في المجتمعات والشعوب الحرة التي نادت به ان استقلال القضاء له مفهومان الاول مفهوم شخصي وهو توفير الاستقلال للقضاة كأشخاص وعدم وضعهم تحت رهبة أي سلطة من السلطات الحاكمة وان يكون خضوعهم لسلطة القانون فقط، اما الثاني فهو مفهومه الموضوعي ويقصد به استقلال القضاء كسلطة وكيان مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وعدم السماح لأي جهة بإعطاء أوامر او تعليمات او اقتراحات للسلطة القضائية تتعلق بتنظيم السلطة، كما يعني عدم المساس بالاختصاص الأصلي للقضاء وهو الفصل في المنازعات بتحويل الاختصاص في الفصل لجهات اخرى كالمحاكم الاستشارية والمجالس التشريعية او اعطاء صلاحيات القضاء الى الإدارات التنفيذية كذلك باعتبار القضاء سلطة وليس وظيفة .

لذا فان الاستقلال الحقيقي للقضاء يتحقق بتوافر ثلاثة أمور اولهما الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات، وثانيهما الاخذ بمبدأ عدم جواز عزل القاضي الا عن طـريق السلطة القضائية ولأسباب غاية في التشديد، وثالثهما الاستقلال المالي والإداري والفني للقضاة .

وعندما تأسس مجلس القضاء الاعلى بموجب الامر رقم 35 في 18/9/2003 ليكون مسؤولا ومشرفا على النظام القضائي في العراق وبشكل مستقل عن وزارة العدل أي عن السلطة التنفيذية.

كان لابد من تحقيق وترسيخ هذا الاستقلال أي بنشر ثقافة القانون وايصال الحقيقة وهذا يتم خلال حلقة وصل بين المواطنين والسلطة القضائية وان هذه الحلقة تتمثل بالإعلام اذ ان للإعلام دوراً مهماً وفعالاً في استقلال القضاء وترسيخ المبادئ القضائية ويكمن هذا الدور في عدة مبادئ منها توظيف المعلومة بطريقة مهنية وبحيادية وشفافية تامة والتقيد أسلوبيا باحترام الجهات والأشخاص وعدم المساس بالشخصية المعنوية للقضاء وشخصية العاملين فيه، وتخصيص صفحات حقوقية يحررها إعلاميون بمشاورة قانونيين، عدم بث المعلومات الخاصة بالقضايا التي لم تكتسب الدرجة القطعية وتجنب التعقيب على الإحكام الاولية، توعية القارئ (المواطن) بأهمية استقلالية القضاء بوصفها حصنا منيعا ضد مصادرة حقوقه الدستورية المشروعة وتحصينه ثقافيا من مصادرة تلك الحقوق من القوى المختلفة التي تحاول فرض هيمنتها على مقدرات المجتمع وتحقيق هذه المبادئ يتطلب حلقة وصل ثانية بين السلطة القضائية والإعلام وان هذه الحلقة تتمثل بالمركز الاعلامي للسلطة القضائية الذي يقوم بدوره بمهام عدة منها تزويـد وسائل الاعلام المختلفة بمعلومات واضحة وشفافه وتسهيل عمل الإعلاميين بكتابة الاخبار ونشر المقالات ذات العلاقة بالقضاء وتنسيق القضاة واعضــــاء الادعاء العام مع وسائل الاعلام وإدارة المقابلات مع المسؤولين في المؤسسات القضائية، وتلخيص الاخبار والمقالات ذات الصلة بالقضاء وتقديمها للشخص المسؤول، وبهذا يتحقق التعاون المنشود لتحقيق الاستقلال للسلطة القضائية وترسيخ مبادئها لان العلاقة وطيدة بين الطرفين لاسيما ان هناك ثوابت يشترك فيها القضاء والأعلام أهمها ان القضاء والاعلام كلاهما يبحث عن الحقيقة وكلاهما يتصفان بالحياد.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت