بحث قانوني شامل عن الإطار القانوني لتنظيم العمل الداخلي للبرلمان المغربي

تقديم

أولى المشرع الدستوري المغربي مؤسسة البرلمان، من بين من المؤسسات التي نص عليها الدستور، أهمية خاصة, فقد تناولها بطريقة مباشرة وغير مباشرة في أكثر من خمسين فصلا من فصوله الثمانية والمائة، أي بنسبة تقارب 50 %، ومن تم كان البرلمان هو المؤسسة الوحيدة التي تناولها المشرع الدستوري بكثير من التفصيل، ودقق في مقتضيات عديدة تتعلق بتنظيمها، من حيث تكوين البرلمان ووضعية أعضائه وطريقة انتخابهم ومدة عضويتهم وحصانتهم ،وانتخاب رئيسه ومكتبه وصلاحيتهما ودوراته العادية والاستثنائية افتتاحها واختتامها ،ولجانه الدائمة والمؤقتة، وطبيعة جلساته ،وبتحديد سلطات البرلمان وبيان كيفية ممارساته التشريعية من حيث تحديد مجال اختصاص القانون ومسطرة وضعه وإحالته و تعديله و المصادقة والتصويت عليه ،وبيان سلطاته الرقابية من حيث تخصيص جلسة أسبوعية بالأسبقية لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وجواز تشكيله لجانا نيابية لتقصي الحقائق, ثم بعلاقات البرلمان بالملك والحكومة وبغيره من المؤسسات الدستورية. وعلى الرغم من أن تلك الأحكام في عمومها لا تدخل بطبيعتها في نطاق المسائل التي تعتبر دستورية بطبيعتها وجوهرها، بل هي من الاختصاصات الطبيعية للمجالس التشريعية، فقد عمل المشرع الدستوري على دسترتها، وقد هدف المشرع الدستوري ”من إدماج مثل هذه الموضوعات في صلب الوثيقة الدستورية هو إضفاء الاستقرار والثبات على تلك الموضوعات “. ، بحيث لا تتعرض للتغيير والتبديل إلا وفقا لمسطرة تعديل الدستور، حيث إن مراجعة الوثيقة الدستورية تخضع لمسطرة أكثر تعقيدا من تلك التي تتبع سواء في تعديل القوانين التنظيمية والعادية أو اللوائح التنظيمية.

ومن جهة ثانية، أوكل المشرع الدستوري لبعض القوانين التنظيمية، من حيث كونه يتطلب لإصدارها وتعديلها إجراءات خاصة أشد من تلك التي يتطلبها لإصدار القوانين العادية – تحقيقا لغاية ضمان الاستقرار والثبات نفسها- بيان وتحديد مسائل وقضايا كثيرة أخرى ترتبط بالعمل البرلماني، سواء في طريقة تأليف مجلسيه وصحة انتخاب أعضائه,أو أسلوب وطريقة عمله ،أو تنظيم علاقاته مع مجالس دستورية أخرى, على الرغم من كون بعض تلك المسائل هي اختصاصات ذات طبيعة داخلية. ومن جهة ثالثة، فإن المشرع الدستوري نص على وجوب وضرورة أن يضع كل من مجلسي البرلمان نظامه الداخلي الخاص به، ففي الفصل 44 من الدستور نص على أن”يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقته لأحكام هذا الدستور”، ومن تم يعتبر البرلمان هو المؤسسة الدستورية الوحيدة، التي خصها المشرع الدستوري المغربي بهذا الحكم،أي وجوب وضع النظام الداخلي، وقد توخى المشرع الدستوري من ناحية، بيان أهمية النظام الداخلي لمجلسي البرلمان، من حيث هو الأداة الأساسية لتنظيم وحسن سير عمل المجلس الداخلي، ولضبط العلاقات بين الفاعلين السياسيين (الأغلبية والمعارضة )، فالنظام الداخلي هو الذي يقننها ويحقق التوازن المطلوب بينهم، كما أنه يضمن حقوق الأقليات البرلمانية، ويحدد الواجبات ويبين المخالفات ويضع لها الجزاءات والعقوبات، وأخيرا وليس آخرا يحتكم إليه لفض النزاعات والخلافات، لكن من ناحية أخرى، وهي الأكثر اعتبارا، توخي النص على ضرورة إخضاع النظام الداخلي لمجلسي البرلمان لمراقبة الدستورية، من حيث هو امتداد للدستور والقوانين التنظيمية ومكمل لهما ومفسر لهما، ومن تم يجب أن يكون مطابقا للقانون الأساسي وللقوانين التنظيمية. وتأسيسا على ما سبق، تتبين خصوصية المصادر القانونية، ممثلة في كل من الدستور والقوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية، المنظمة للعمل الداخلي للبرلمان، في التطبيق المغربي، وقوتها وحجيتها وحجم المجال الذي أطره كل منها.. وهذه الورقة ستعمل على بيان الإطار القانوني لتنظيم العمل الداخلي للبرلمان، من خلال المباحث التالية:

– المبحث الأول: العضوية في البرلمان.
– المبحث الثاني: حقوق العضوية والحصانة البرلمانية.
– المبحث الثالث: دورات انعقاد البرلمان.
– المبحث الرابع: اختصاصات المكتب في مجلسي البرلمان.
– المبحث الخامس: اللجان البرلمانية.
– المبحث السادس: الفرق البرلمانية.

المبحث الأول: العضوية في البرلمان وواجباتها

أولا: مجلس النواب

ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات؛ وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس. وقد بين القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب أن عدد أعضاء مجلس النواب هو 325 عضوا، ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة، وفق الشروط التالية:

– 295عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحدثة؛

– 30 عضوا ينتخبون على الصعيد الوطني، وقد تم التوافق بين الأحزاب على تخصيص هذه اللائحة للنساء.

– يجري الانتخاب بالتمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي.

كما تولى القانون التنظيمي أيضا، بيان أن الناخبين المؤهلين هم كل المغاربة ذكورا وإناثا المقيدين في اللوائح الانتخابية العامة، وتحديد شروط القابلية للانتخاب، في اشتراط ألا يقل سن المرشح في تاريخ الاقتراع عن 23 سنة شمسية كاملة، كما بين أنه لا يؤهل للترشح للانتخاب، المتجنسون بالجنسية المغربية وفق شروط خاصة، والأشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين، والأشخاص المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة حبس من أجل إحدى الجنايات أو الجنح المنصوص عليها في القانون التنظيمي، و الأشخاص الذين يزاولون بالفعل وظائف حددها أو الذين انتهوا من مزاولتها منذ أقل من سنة في تاريخ الاقتراع، وأشخاص ذكرهم، في كل دائرة تقع داخل النفوذ الذي زاولوا فيه مهامهم منذ أقل من سنتين في تاريخ الاقتراع، وأشخاص و ذكرهم، في أية دائرة تقع داخل النفوذ الذي يزاولون فيه مهامهم بالفعل أو انقطعوا عن مزاولتها منذ أقل من سنة واحدة في تاريخ الاقتراع والأشخاص الذين أسندت إليهم مهمة أو انتداب ولو كان مؤقتا كيفما كانت تسميتهما أو مداهما، بعوض أو دون عوض، والذين يعملون بتلك الصفة في خدمة الدولة أو الإدارات العمومية أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة أو في خدمة مصلحة ذات طابع عمومي والذين رخص لهم بحمل السلاح أثناء أدائهم مهامهم، وأنه يجرد بحكم القانون من صفة نائب كل نائب كل شخص تبين أنه غير مؤهل للانتخاب..

بالإضافة إلى كل ذلك، حدد حالات التنافي بين العضوية في مجلس النواب و العضوية في مجلس المستشارين، أو العضوية في المجلس الدستوري أو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أو مع أكثر من رئاسة واحدة لجماعة محلية أو مجموعة حضرية أو غرفة مهنية، أو مع مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية – باستثناء المهام الحكومية – في مصالح الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة، أو مهام رئيس مجلس الإدارة أو متصرف منتدب وكذلك مهام مدير عام أو مدير وعند الاقتضاء مهام عضو في مجلس الإدارة الجماعية أو عضو في مجلس الرقابة المزاولة في شركات المساهمة التي تملك الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة أكثر من نسبة 30% من رأسمالها، أو مع صفة نائب مزاولة مهام تؤدي عنها الأجرة دولة أجنبية أو منظمة دولية. ويجرد بحكم القانون من صفة نائب الشخص الذي يقبل أثناء مدة انتدابه مهمة تتنافى مع العضوية في مجلس النواب.

كما نص على أنه يجب على النائب أن يصرح خلال مدة انتدابه لمكتب المجلس بكل نشاط مهني جديد يزمع ممارسته، وعلى أنه يمنع على كل نائب أن يذكر اسمه أو يسمح بذكر اسمه مشفوعا ببيان صفته في كل إشهار يتعلق بمقاولة مالية أو صناعية أو تجارية.

وقد نص القانون المتعلق بإقرار أعضاء مجلس النواب بالممتلكات العقارية، وبين النظام الداخلي لمجلس النواب، أن على النواب أن يقدموا إلى رئيس المجلس عند افتتاح الولاية التشريعية قائمة مفصلة لما يملكون هم و أولادهم القاصرون من عقارات أو قيم منقولة، من خلال تصريح بالشرف يحررونه و يوقعونه.

ثانيا: مجلس المستشارين

يتكون ثلاثة أخماس مجلس المستشارين من أعضاء تنتخبهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة تتألف من ممثلي الجماعات المحلية، ويتكون خمساه الباقيان من أعضاء تنتخبهم أيضا في كل جهة هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة تتألف من ممثلي المأجورين. وينتخب أعضاؤه لمدة تسع سنوات، ويتجدد ثلث المجلس كل ثلاث سنوات. وقد حدد القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس المستشارين ، عدد أعضائه في 270 عضوا، كما بين نظام انتخابهم وعدد الأعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة وتوزيع المقاعد على مختلف جهات المملكة وشروط القابلية للانتخاب وحالات التنافي وطريقة إجراء القرعة في التجديدين الأول والثاني، ثم تنظيم المنازعات الانتخابية، وهذه المقتضيات في عمومها لا تختلف كثيرا، عن ما سبق بيانه بالنسبة لمجلس النواب.

المبحث الثاني: حقوق العضوية والحصانة البرلمانية

نظم المشرع المسؤولية الجنائية لأعضاء البرلمان في الفصل 39 من الدستور، حيث نص على أنه ” لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عنه ولا إلقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك. وأنه، لا يمكن في أثناء دورات البرلمان متابعة أي عضو من أعضائه ولا إلقاء القبض عليه من أجل جناية أو جنحة غير ما سبقت الإشارة إليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل إلا بإذن من المجلس الذي ينتمي إليه ما لم يكن العضو في حالة تلبس بالجريمة. وأنه، لا يمكن خارج مدة دورات البرلمان إلقاء القبض على أي عضو من أعضائه إلا بإذن من مكتب المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب. يوقف اعتقال عضو من أعضاء البرلمان أو متابعته إذا صدر طلب بذلك من المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب. وقد تولى القانون رقم 17.01متعلق بالحصانة البرلمانية تفصيل مقتضياتها، ومن بنها على الخصوص، تحديد المسطرة التي يجب على النيابة العامة سلوكها لإحالة طلب الإذن على مجلسي البرلمان، وكذا المسطرة التي تمكن المجلس المعني من طلب توقيف المتابعة أو إطلاق سراح أحد أعضائه. كما اختص النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان، تحديد مسطرة وآجال دراسة طلب رفع الحصانة أو توقيف الاعتقال أو المتابعة، بعد إحالة الطلب على المجلس المعني، وسأعرض المقتضيات الواردة في النظام الداخلي الخاص بمجلس النواب مجملة، بسب التجديد الذي عرفه، كما يلي: – تودع طلبات رفع الحصانة لدى رئيس المجلس من لدن وزير العدل. – يعهد بالنظر في طلبات إيقاف اعتقال أحد النواب أو التدابير الرامية إلى حرمانه أو الحد من حريته أو متابعته إلى لجنة الحصانة البرلمانية،التي تتألف على أساس التمثيل النسبي، من ثلاثة عشر عضوا من بينهم رؤساء الفرق النيابية. – يحيل مكتب مجلس النواب الطلبات المودعة لديه فور التوصل بها. – يجب على اللجنة أن تستمع إلى النائب المعني بالأمر، الذي له الحق في أن ينيب عنه أحد النواب لتمثيله و إبداء وجهة نظره أمام اللجنة. – تبت اللجنة في الطلب المعروض عليها خلال الدورة نفسها. – يصدر المجلس قراره في طلب رفع الحصانة في الجلسة نفسها التي يعرض فيها الطلب، و ذلك بعد مناقشة لا يشارك فيها إلا مقرر اللجنة و الحكومة و النائب المعني بالأمر أو عضو آخر يمثله من أعضاء المجلس، و خطيب واحد مع الطلب و خطيب آخر ضده وفق ما قررته ندوة الرؤساء. – في حالة رفض المجلس الطلب، لا يمكن تقديم أي طلب جديد يهم نفس الوقائع ما لم تقدم معطيات جديدة. – في حالة اختتام الدورة التشريعية دون أن تبت اللجنة في طلب الإذن بإلقاء القبض، يحال الطلب على مكتب المجلس، الذي عليه أن يبت في الطلبات المعروضة عليه داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التوصل بها، و يتخذ قراره بالأغلبية النسبية لأعضائه. – إذا افتتحت الدورة التشريعية و لم يبت المكتب في الطلبات المعروضة عليه، فإنها تحال مباشرة على لجنة الحصانة البرلمانية للدراسة و البت وفق المسطرة المنصوص عليها في هذا النظام. – ترفع طلبات إيقاف الاعتقال أو المتابعة إلى مجلس النواب من لدن المعني بالأمر أو من ينوب عنه. – تبت اللجنة في الطلبات داخل أجل عشرة أيام من تاريخ توصلها بها، فإذا انتهى الأجل يدرج الطلب في جدول أعمال أقرب جلسة يعقدها المجلس من غير جلسة الأسئلة الشفوية. – يوجه رئيس مجلس النواب القرار الصادر عن المجلس إلى وزير العدل مع بيان الأسباب والتصريح بالأفعال التي يطبق عليها.

المبحث الثالث: دورات انعقاد البرلمان العادية والاستثنائية وطبيعة الجلسات

بين المشرع الدستوري، أن البرلمان يعقد جلساته في دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر وتفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل.

وأنه إذا استمرت جلسات البرلمان ثلاثة أشهر على الأقل في كل دورة جاز ختم الدورة بمقتضى مرسوم. كما بين أنه، يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية إما بطلب من الأغلبية المطلقة لأعضاء أحد المجلسين وإما بمرسوم، وأنها تعقد على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في المسائل التي يتضمنها جدول الأعمال تختم الدورة بمرسوم. وقد أوضح المشرع، أن جلسات مجلسي البرلمان عمومية، وينشر محضر المناقشات برمته بالجريدة الرسمية، وأن لكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية بطلب من الوزير الأول أو بطلب من ثلث أعضائه.

المبحث الرابع: مكتبا مجلسي البرلمان واختصاصاتهما

لكل من مجلسي البرلمان رئيس ومكتب، وقد بين المشرع الدستوري بعضا من اختصاصاتهما، كما بينت القوانين التنظيمية والنظامين الداخليين لكل من مجلسي البرلمان اختصاصات إضافية لها، وذلك كما يلي:

أولا: الانتخاب ومدة الانتداب

نص الدستور المغربي، أن رئيس مجلس النواب ينتخب مرتين، الأولى في مستهل الفترة النيابية، والثانية في دورة أبريل للسنة الثالثة من هذه الفترة، وذلك لما تبقى منها.

وينتخب أعضاء مكتب المجلس لمدة سنة على أساس التمثيل النسبي لكل فريق. وقد بين النظام الداخلي لمجلس النواب أن المكتب يتألف من الرئيس ونواب للرئيس ومحاسبين وأمناء، كما فصل في كيفية انتخاب الرئيس وفي حال خلو منصبه، وكذا في كيفية انتخاب المكتب، وذلك كما يلي: – ينتخب الرئيس عن طريق الاقتراع السري كتابة بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهم المجلس في الدور الأول؛ وبالأغلبية النسبية في الدور الثاني؛ وعند تعادل الأصوات، يعتبر المرشح الأكبر سنا فائزا؛ فإن انتفى فارق السن مع التساوي في الأصوات يتم اللجوء إلى القرعة لتعيين الفائز.و إذا كان المرشح واحدا فبالأغلبية النسبية في دورة واحدة. – في حالة خلو منصب رئيس مجلس النواب لسبب من الأسباب، يتم انتخاب رئيس جديد لما تبقى من الفترة الأولى أو الثانية في أجل حسب الحالة، حيث إذا وقع الشغور و كانت الدورة منعقدة، ففي مدة أقصاها خمسة عشر يوما،أما إذا وقع خارج الدورات، فعند افتتاح أول دورة تلي حالة الشغور. و إلى حين انتخاب الرئيس الجديد، يقوم مقام الرئيس أحد نواب الرئيس السابق حسب ترتيبهم ويمارس كل اختصاصات الرئيس باستثناء الاختصاصات المنصوص عليها في الفصول 21 و35 و71 و79 و81 من الدستور. – أما انتخاب مكتب المجلس فيخضع لمسطرة الأغلبية النسبية في دورة عادية. أما بالنسبة لمجلس المستشارين، الرئيس وأعضاء مكتبه يتم انتخابهم في مستهل دورة أكتوبر عند كل تجديد لثلث المجلس، ويكون انتخاب أعضاء المكتب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق، وعند تنصيب مجلس المستشارين لأول مرة أو بعد حل المجلس الذي سبقه ينتخب رئيسه وأعضاء مكتبه في أول دورة تلي انتخاب المجلس ثم يجدد انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب في مستهل دورة أكتوبر عند تجديد ثلث المجلس. وفيما يخص انتخاب رئيس مجلس المستشارين، فإن النظام الداخلي الخاص بالمجلس، قرر أنه يجري في دورتين بالأغلبية المطلقة وبالأغلبية النسبية في الدورة الثالثة.

ثانيا: اختصاصات رئيسي البرلمان الدستورية الخاصة.

وأقصد بها، الاختصاصات التي لا يمكن تفويتها لنواب الرئيس في حال غيابه أو شغور منصبه، وندرجها مختصرة منسوبة إلى مصادرها كما يلي: – عضوية مجلس الوصاية، الذي أوكل إليه المشرع ممارسة اختصاصات العرش وحقوقه الدستورية باستثناء مراجعة الدستور، والعمل كهيئة استشارية بجانب الملك حتى يدرك تمام السنة العشرين من عمره.( الفصل 21 من الدستور) – امكانية استشارة الملك لهما قبل الإعلان عن حالة الاستثناء. (الفصل 35 من الدستور) – استشارة الملك رئيسي مجلسي البرلمان قبل حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير شريف. (الفصل 71 من الدستور) – تعيين ستة أعضاء المجلس الدستوري من أصل اثنا عشر عضوا، يعين رئيس مجلس النواب ثلاثة، ويعين رئيس مجلس المستشارين ثلاثة آخرين، لمدة تسع سنوات بعد استشارة الفرق، (الفصل 79 من الدستور). – إمكانية إحالة القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور(الفصل 81 من الدستور)

ثالثا: اختصاصات أخرى

-إرسال رئيس مجلس المستشارين على الفور بنص التنبيه إلى الوزير الأول. (الفصل 77 من الدستور). – إحالة النظامين الداخليين والتعديلات المدخلة عليهما إلى المجلس الدستوري، (المادة 21 من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري). – استدعاء المجلس للاجتماع، وترأس اجتماعاته. – تمثيل المجلس في جميع اتصالاته بالهيئات الأخرى داخليا وخارجيا.

رابعا: اختصاصات هيئة المكتب

تختص هيئة المكتب في كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، بما يلي: – وضع جدول أعمال المجلس، (الفصل 56 من الدستور). – تلقي مشاريع ومقترحات القوانين، وإحالتها على اللجان البرلمانية المختصة،( الفصلان 52 و54 من الدستور). – تلقي مشاريع المراسيم بقانون، وإحالتها على اللجان المختصة، (الفصل 55 من الدستور). – إعطاء الإذن بإلقاء القبض على أي عضو من أعضاء المجلس المعني خارج مدة دورات البرلمان،(الفصل 39 من الدستور). – تقديم طلب التجريد من صفة نائب أو مستشار كل شخص تبين أنه غير مؤهل للانتخاب بعد إعلان نتيجة الانتخاب وبعد انصرام الأجل الذي يمكن أن ينازع خلاله في الانتخاب أو كل شخص يوجد خلال مدة انتدابه في إحدى حالات عدم الأهلية للانتخاب، أو في حالات التنافي، المنصوص عليها في القانونين التنظيميين لمجلس النواب ومجلس المستشارين.(المادتان 9 و16 من القانون التنظيمي لمجلس النواب) ومثله القانون التنظيمي لمجلس المستشارين. – تلقي تصاريح النواب أو المستشارين حسب المجلس المعني، خلال مدة انتدابهم بالأنشطة المهنية التي يعتزمون ممارستها.( المادة 15 من القانون التنظيمي لمجلس النواب) – تقديم طلب إلى المجلس الدستوري للفصل، في حالة وجود شك في تنافي المهام المزاولة مع الانتداب في مجلس النواب، أو في حالة نزاع في هذا الشأن. ( المادة 16 من القانون التنظيمي لمجلس النواب) – طلب إقالة النائب أو المستشار، المكلف من لدن الحكومة بمأمورية مؤقتة استمرت بعد انصرام أجل ستة أشهر المنصوص عليه، ( المادة 17 من القانون التنظيمي لمجلس النواب) – حفظ النظام وتوفير الأمن داخل المجلس. – إعداد مشروع ميزانية المجلس. – وضع الأنظمة الخاصة والإشراف على تنظيم التسيير الإداري والمالي للمجلس.

المبحث الخامس: اللجان البرلمانيةالدائمة والاستثنائية

اللجان التي تنتظم في هيكلة العمل البرلماني في التطبيق المغربي ثلاثة أنواع، هي:

1. اللجان الدائمة:
وهي التي عناها المشرع حين نص على أن مشاريع واقتراحات القوانين تحال لأجل النظر فيها على لجان يستمر عملها خلال الفترات الفاصلة بين الدورات، ( الفصل 54 من الدستور)، وقد نص النظامين الداخلين لكل من مجلسي البرلمان على ستة لجان دائمة ، تختلف من حيث توزيع الاختصاصات بين المجلسين.

2. اللجان المؤقتة:
وفي مقدمتها اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق، حيث إن المشرع الدستوري أجاز ، أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من المجلسين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة وإطلاع المجلس الذي شكلها على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها، كما نص على أنه، لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت هذه المتابعات جارية؛ وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها، وأن هذه اللجان مؤقتة بطبيعتها وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها، وقد حدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق، من حيث هيكلتها وطبيعتها وطريقة جمعها للمعلومات ووضع تقريرها، وقد بين النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان، أن تشكيل هذه اللجان يكون على أساس التمثيل النسبي للفرق، وأنه لا يجوز أن يشارك في أعمالها كل من سبق أن اتخذت في حقه إجراءات تأديبية من أجل عدم احتفاظه بأسرار مماثلة. ومنها أيضا، لجنة تصفية الحسابات المالية للمجلس، و تسمى بلجنة “مراقبة صرف الميزانية” في مجلس النواب، وبلجنة”العشرين” في مجلس المستشارين. ومنها أيضا، ما اختص به مجلس النواب، حيث شكل لجنتين خاصتين هما لجنة “الحصانة البرلمانية” و”لجنة النظام الداخلي”.

3. اللجان الثنائية المختلطة:
وهي لجان تشريعية مؤقتة وتتألف من أعضاء المجلسين، يتم تأليفها بناء على طلب من الحكومة، إذا ما أعلنت الاستعجال، في حالة إذا لم يتأت إقرار مشروع أو اقتراح قانون بعد مناقشته مرتين في كلا المجلسين، وتتحدد مهمتها في اقتراح نص بشأن الأحكام التي ما زالت محل خلاف بين المجلسين،( الفصل 58 من الدستور)، وإذا تعلق الأمر بمشروع قانون المالية ووفقا للقانون التنظيمي للمالية، ، يتحتم على اللجنة المختلطة أن تنهي أشغالها وتضع تقريرها في أجل لا يزيد على سبعة أيام.

المبحث السادس: الفرق البرلمانية

ذكر المشرع الدستوري الفرق البرلمانية باعتبارها بنية من بنيات العمل البرلماني الأساسية، في ثلاثة مواضع، هي:

1. لبيان أن مكتب مجلس النواب، ينتخب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق، (الفصل 37 من الدستور).

2. لبيان أن مكتب مجلس المستشارين، ينتخب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق، (الفصل 38 من الدستور).

3. في سياق الحديث عن تأليف المجلس الدستوري، حيث قرر أن رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين يعين كل منهما ثلاثة أعضاء في المجلس الدستوري باستشارة مع الفرق البرلمانية، (الفصل 79 من الدستور). هذا، وقد تناول كل من النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، بيان وتفصيل مقتضيات تنظيم عمل الفرق البرلمانية:

– من حيث تشكيلها: فقد نص النظام الداخلي لمجلس النواب أنه”لا يمكن أن يقل عدد كل فريق عن عشرين عضوا”، في حين اختار مجلس المستشارين أن لا يقل عدد كل فريق عن اثني عشر عضوا.

– من حيث الإعلان عنها: في بدية الدورة الأولى من كل سنة تشريعية، بالنسبة لمجلس النواب، وعند كل تجديد ثلث بالنسبة لمجلس المستشارين، يعلن رئيس المجلس المعني، عن تشكيل الفرق، ويعلن عن أسماءها ورؤسائها الناطقين باسمها.

– وقد اختص مجلس النواب بمقتضى جديد يقضي بأن الفرق التي تشكلت بعد انتخاب أعضاء المكتب ورؤساء اللجان الدائمة لا يؤخذ في الاعتبار إلا في بداية السنة التشريعية الموالية.

– من حيث الإمكانات المرصودة لها:

نص النظامان الداخليان على أنه ينبغي أن تتوفر الفرق البرلمانية على إمكانيات مادية وموارد بشرية داخل مقر المجلس، من مقر وموظفين لتنظيم مصالحها.

– يشار إلى أن التمثيل النسبي لكل فريق، هو الأساس الذي يعتمد في توزيع العضوية في اللجان البرلمانية المختلفة، وحصة في المشاركة في المناقشة العامة، والمشاركة في حصة الأسئلة الشفوية، والمشاركة في تمثيل المجلس المعني في المنظمات الدولية وحضور الملتقيات والمؤتمرات.

الخاتمة:

هذه مقاربة أولية، للمرجعية الدستورية والقانونية والنظامية للعمل الداخلي للبرلمان المغربي، وأعترف أن هناك جوانب أخرى لم تستوعبها هذه الورقة، لعله تتاح الفرصة في القريب العاجل لاستكمالها وتطويرها، ولعل ما تبدونه من ملاحظات بشأنها يكون عونا على إنضاجها وإتمامها.