حكم تمييز (اختصاص)

محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 19/ 12/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ فهمي الخياط – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد هاشم، وعزت عمران، ومحمد وليد الجارحي، ومحمود محمد محيي الدين.

(61)
الطعن رقم731/ 2004 مدني
1 – إجراءات التقاضي – حكم (بدء ميعاد الطعن في الحكم) – طعن (ميعاد الطعن).
– بدء ميعاد الطعن في الحكم – الأصل أنه من تاريخ النطق بالحكم – الاستثناء – من حالاته تخلف المحكوم عليه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى وعدم تقديمه مذكرة بدفاعه وفي جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد امتناع السير فيها ولو كان قد حضر في الجلسات السابقة عليها – بدء ميعاد الطعن من تاريخ إعلان الحكم – مثال لتخلف المحكوم عليه عن الحضور بعد التعجيل من الشطب.

2 – اختصاص (اختصاص نوعي) و(اختصاص قيمي) – حكم (حجيته) إثبات (قرينة قوة الأمر المقضي) – قوة الأمر المقضي – حجية (حجية الأحكام) – نظام عام.

– مسألة الاختصاص النوعي أو القيمى – تعتبر قائمة دائماً في الخصومة ومطروحة على محكمة الموضوع – وجوب أن تقضي المحكمة فيها من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بها أمامها – صدور قضاء منها في الدفع بعدم الاختصاص بالقبول أو الرفض – يحوز حجية الشيء المحكوم فيه – عدم استئنافه يحصنه بقوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام – مثال.
3 – استئناف (إعلانه) و(وتعجيله من الشطب) و(مواعيد الحضور) – إعلان (الإعلان بالتعجيل من الشطب) و(ميعاد الإعلان) و(ميعاد الحضور) – إجراءات التقاضي.

– ميعاد الإخطار – امتداده إلى أول يوم عمل إذا صادف آخر يوم فيه عطلة رسمية – م (17) مرافعات.
– حضور الطاعن بنفسه وعدم تمسكه بأنه لم يمنح ميعاداً للحضور عند إعلانه بصحيفة الاستئناف أو أن طلباً جديداً وجه إليه بعد تعجيل الاستئناف من الشطب – حجز الاستئناف للحكم بعد التأكد من صحة إعلانه – لا عيب.
– عدم مراعاة ميعاد الحضور – لا يرتب البطلان – م (48) مرافعات.

1 – النص في الفقرة الأولى من المادة (129) من قانون المرافعات على أن: (يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك. ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى, ولم يقدم مذكرة بدفاعه. وكذلك إذا تخلف المحكوم عليه عن الحضور وعن تقديم مذكرة في جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد امتناع سيرها سيراً متسلسلاً لأي سبب من الأسباب) – مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع جعل الأصل العام في بدء ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ النطق به، إلا أنه استثني من هذا الأصل بعض الحالات جعل الميعاد فيها يبدأ من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه، وليس من تاريخ النطق به، ومن هذه الحالات تلك التي يتخلف المحكوم عليه فيها عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولا يقدم مذكرة بدفاعه، وفي جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد امتناع السير فيها لأي سبب من الأسباب، ولو كان قد حضر في الجلسات السابقة على ذلك.

وإذ كان الثابت في محاضر الجلسات التي نظر فيها الاستئناف أن المحكمة قررت شطبه في جلسة 3/ 1/ 2004، وأن المطعون ضده عجله من الشطب لجلسة 6/ 3/ 2004 حيث تخلف الطاعن عن الحضور ولم يقدم مذكرة بدفاعه فحجزت المحكمة الاستئناف للحكم، فإن ميعاد الطعن في هذا الحكم يبدأ من تاريخ إعلان الطاعن به. وإذ أُعلن بتاريخ 25/ 10/ 2004 ورَفَع الطعن في 24/ 11/ 2004 خلال مدة الثلاثين يوماً المقررة قانوناً، فإن الطعن يكون مرفوعاً في الميعاد، ويكون الدفع على غير أساس.

2 – إذ كانت مسألة الاختصاص النوعي أو القيمي تعتبر قائمة دائماً في الخصومة ومطروحة على المحكمة ويتعين عليها أن تقضي فيها من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بها أمامها، إلا أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه إذا فصلت المحكمة في الدفع بعدم الاختصاص بالقبول أو الرفض، فإن حكمها يحوز في هذا الخصوص حجية الشيء المحكوم فيه ولو كان مخالفاً للنظام العام، فإذا لم يُستأنف فإنه يتحصن بقوة الأمر المقضي لأنها تعلو على قواعد النظام العام، لما كان ذلك , وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده رفع دعواه ابتداء أمام محكمة الفروانية الجزئية فقضت بعدم اختصاصها قيمياً بنظرها، وبإحالتها إلى المحكمة الكلية فالتزمت هذه الأخيرة بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (78) من قانون المرافعات، وأن ذلك الحكم لم يستأنف فإنه يكون قد حاز قوة الأمر المقضي وتحصن بها، ولا يجوز إهدار هذه الحجية أو قبول دليل ينقضها على سند من أن الحكم السابق خالف قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.

3 – إذ كان يومي 4، 5 / 3/ 2004 صادفا عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الإخطار يمتد إلى أول يوم عمل بعدهما إعمالاً لما نصت عليه المادة (17) من قانون المرافعات. وهو مردود في شقه الثاني بما هو ثابت في الأوراق من أن الطاعن حضر بنفسه جميع الجلسات التي نظر فيها الاستئناف بدءاً من جلسة 9/ 11/ 2003 حتى جلسة 6/ 3/ 2004 وأبدى دفاعه، ولم يقل أنه لم يمنح ميعاد حضور عند إعلانه بصحيفة الاستئناف، أو أن طلباً جديداً وجه إليه بعد تعجيل الاستئناف من الشطب. وإذ كانت الفقرة الأخيرة من المادة (48) من قانون المرافعات تنص على أن (لا يترتب البطلان على عدم مراعاة مواعيد الحضور) وكان الطاعن قد تخلف عن حضور الجلسة التي نظر فيها الاستئناف بعد تعجيله، فلا على المحكمة أن حجزت الاستئناف للحكم فيه بعد أن تحققت من صحة إعلانه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 147/ 2003 مدني جزئي الفروانية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع إليه مبلغ ثلاثة آلاف دينار. وقال شرحاً لدعواه إنه اشترى من الأخير قطعة الأرض المبينة في الصحيفة بعقد بيع مؤرخ 29/ 7/ 2001 نص في البند الثاني منه على أنه دفع مبلغ ألف وخمسمائة دينار كعربون، وفي البند الرابع على أن العقار خال من الحقوق العينية والتبعية، وإذ كان العقد من العقود الملزمة للجانبين، وكان المطعون ضده قد أخل بالتزامه الوارد في بنده الرابع مما يجيز له طلب فسخه طبقاً للمادة (209) من القانون المدني، كما يجيز له المطالبة بالعربون الذي دفعه ومثله، فقد أقام الدعوى.

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظرها وبإحالتها إلى الدائرة الكلية حيث قيدت برقم 644 لسنة 2003 مدني كلي فحكت الدائرة برفضها. استأنف المطعون ضده الحكم فيما قضى به في الموضوع. وبتاريخ 31/ 3/ 2004 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون ضده المبلغ المطالب به. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز. أودع المطعون ضده مذكرة دفع فيها بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ورفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها صممت الحاضرة عن الطاعن على طلباته، ولم يحضر المطعون ضده رغم إخطاره، والتزمت النيابة رأيها.

وحيث إنه عن الدفع المبدي من المطعون ضده بسقوط الحق في الطاعن لرفعه بعد الميعاد، فإنه في غير محله، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة (129) من قانون المرافعات على أن: (يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك. ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التي يكون فيه قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى, ولم يقدم مذكرة بدفاعه. وكذلك إذا تخلف المحكوم عليه عن الحضور وعن تقديم مذكرة في جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد امتناع سيرها سيراً متسلسلاً لأي سبب من الأسباب) – مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع جعل الأصل العام في بدء ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ النطق به، إلا أنه استثني من هذا الأصل بعض الحالات جعل الميعاد فيها يبدأ من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه،

وليس من تاريخ النطق به، ومن هذه الحالات تلك التي يتخلف المحكوم عليه فيها عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولا يقدم مذكرة بدفاعه، وفي جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد امتناع السير فيها لأي سبب من الأسباب، ولو كان قد حضر في الجلسات السابقة على ذلك. وإذ كان الثابت في محاضر الجلسات التي نظر فيها الاستئناف أن المحكمة قررت شطبه في جلسة 3/ 1/ 2004، وأن المطعون ضده عجله من الشطب لجلسة 6/ 3/ 2004 حيث تخلف الطاعن عن الحضور ولم يقدم مذكرة بدفاعه فحجزت المحكمة الاستئناف للحكم، فإن ميعاد الطعن في هذا الحكم يبدأ من تاريخ إعلان الطاعن به. وإذ أُعلن بتاريخ 25/ 10/ 2004 وَرَفع الطعن في 24/ 11/ 2004 خلال مدة الثلاثين يوماً المقررة قانوناً، فإن الطعن يكون مرفوعاً في الميعاد، ويكون الدفع على غير أساس.

وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية، فإن المحكمة تقضي بقبوله شكلاً.

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وبياناً لذلك يقول أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى من النظام العام وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضي به من تلقاء نفسها، وإذ التفتت عنه رغم أن قيمة الدعوى لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار، مما كان يوجب الحكم بعدم الاختصاص والإحالة، فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك إنه وإن كانت مسألة الاختصاص النوعي أو القيمي تعتبر قائمة دائماً في الخصومة ومطروحة على المحكمة ويتعين عليها أن تقضي فيها من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بها أمامها، إلا أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه إذا فصلت المحكمة في الدفع بعدم الاختصاص بالقبول أو الرفض، فإن حكمها يحوز في هذا الخصوص حجية الشيء المحكوم فيه ولو كان مخالفاً للنظام العام، فإذا لم يُستأنف فإنه يتحصن بقوة الأمر المقضي لأنها تعلو على قواعد النظام العام، لما كان ذلك, وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده رفع دعواه ابتداء أمام محكمة الفروانية الجزئية فقضت بعدم اختصاصها قيمياً بنظرها، وبإحالتها إلى المحكمة الكلية فالتزمت هذه الأخيرة بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (78) من قانون المرافعات، وأن ذلك الحكم لم يستأنف فإنه يكون قد حاز قوة الأمر المقضي وتحصن بها، ولا يجوز إهدار هذه الحجية أو قبول دليل ينقضها على سند من أن الحكم السابق خالف قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه البطلان. وفي بيان ذلك يقول أن مندوب الإعلان أعلنه بصحيفة تعجيل الاستئناف من الشطب في المخفر بتاريخ 30/ 3/ 2004 بيد أنه لم يخطره بذلك خلال مدة الأربع وعشرين ساعة المقررة قانوناً، وإنما في 6/ 3/ 2004 وهو تاريخ الجلسة التي حددت لنظر الاستئناف بعد تعجيله مما ترتب عليه أن تخلف عن حضورها، ولم يتمكن من إبداء دفاعه. وإذ اعتبرت محكمة الاستئناف الإعلان صحيحاً، ولم تراع ميعاد الحضور الذي حددته المادة (48) من قانون المرافعات بخمسة أيام، فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن يومي 4، 5 / 3/ 2004 صادفا عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الإخطار يمتد إلى أول يوم عمل بعدهما إعمالاً لما نصت عليه المادة (17) من قانون المرافعات. وهو مردود في شقه الثاني بما هو ثابت في الأوراق من أن الطاعن حضر بنفسه جميع الجلسات التي نظر فيها الاستئناف بدءاً من جلسة 9/ 11/ 2003 حتى جلسة 6/ 3/ 2004 وأبدى دفاعه، ولم يقل إنه لم يمنح ميعاد حضور عند إعلانه بصحيفة الاستئناف، أو أن طلباً جديداً وجه إليه بعد تعجيل الاستئناف من الشطب. وإذ كانت الفقرة الأخيرة من المادة (48) من قانون المرافعات تنص على أن (لا يترتب البطلان على عدم مراعاة مواعيد الحضور) وكان الطاعن قد تخلف عن حضور الجلسة التي نظر فيها الاستئناف بعد تعجيله، فلا على المحكمة أن حجزت الاستئناف للحكم فيه بعد أن تحققت من صحة إعلانه، ومن ثم فإن النعي بهذين السببين يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.